• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نصائح متنوعة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    قصة موسى عليه السلام (خطبة)
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    خطبة: لا تغتابوا المسلمين (باللغة البنغالية)
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    مفهوم المعجزة وأنواعها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (8)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشافي، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    موانع الخشوع في الصلاة
    السيد مراد سلامة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (11)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    شموع (107)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    المنة ببلوع عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    أهمية التعلم وفضل طلب العلم
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    حديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    حقوق المسنين (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة النصر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    المرأة في الإسلام: حقوقها ودورها في بناء المجتمع
    محمد أبو عطية
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

مسائل في الإيمان

مسائل في الإيمان
الشيخ عادل يوسف العزازي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/4/2016 ميلادي - 28/6/1437 هجري

الزيارات: 31318

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مسائل في الإيمان


(1) في مسمى الإيمان:

الإيمان قول باللسان، وتصديق بالقلب، وعمل بالجوارح، وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة، وقد خالفهم في ذلك بعض الطوائف؛ فذهبت الكرامية والمرجئة إلى أن الإيمان ما يقوم باللسان فقط، وقالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب، وذهبت الجهمية إلى أن الإيمان ما يقوم بالقلب فقط، وكلاهما قد ضل الطريق، فإنهم أدخلوا - بمعتقدهم الفاسد هذا - المنافقين في دائرة الإيمان على مذهب الكرامية؛ لأنهم نطقوا بالإيمان، وإن كانوا يبطنون الكفر.

 

وأما على مذهب الجهمية فإنهم أدخلوا فرعون وأهل الكتاب، بل وإبليس في دائرة الإيمان؛ لأنهم عرفوا بقلوبهم، وإن كانوا لم ينطقوا بذلك، وهذا ضلال مبين وزيغ عن الحق، فنسأل الله السلامة.

 

وأما الخوارج فقد وافقوا أهل السنة في تعريفهم الإيمان، إلا أن الخلاف بينهم وبين أهل السنة أن الخوارج جعلوا الإيمان شيئًا واحدًا يستلزم من زوال بعضه زوال كله، وعلى مذهبهم ذلك أن من ترك عملًا واحدًا من الأعمال انتزع منه الإيمان كله.

 

وأما أهل السنة، فالأعمال عندهم شُعَبٌ، كما ورد في الحديث، وبعض هذه الشعب يزول الإيمان بزوالها؛ كالشهادتين، وبعضها لا يزول بزوالها؛ كإماطة الأذى عن الطريق، والمعتبر في ذلك الأدلة الشرعية، فإذا ورد الدليل على كفر من ترك عملًا ما، حكمنا بذلك بكفره بعد إقامة الحجة، وتحقق الشروط، وانتفاء الموانع.

 

(2) الإيمان يزيد وينقص:

أي: يزيد بالطاعات، وينقص بالمعاصي، والأدلة على ذلك:

أولًا: من القرآن:

قال تعالى: ﴿ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ﴾ [الفتح: 4]، ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمد: 17]، وغير ذلك من الآيات.

 

ثانيًا: من السنة:

قال الترمذي رحمه الله: باب في استكمال الإيمان والزيادة والنقصان، ثم ساق حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أكمل المؤمنين إيمانًا: أحسنهم خُلقًا))[1].

 

ومن الأدلة كذلك: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((رأيت الناس وعليهم قمصٌ، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك، وعرض عليَّ عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره))، قالوا: فما أوَّلت ذلك يا رسول الله؟ قال: ((الدين))[2].

 

ثالثًا: من الآثار:

قال معاذ بن جبل لرجل: (اجلس بنا نؤمن ساعة)[3].

وقال عمار: (ثلاثة من كن فيه فقد استكمل الإيمان: الإنصاف من نفسه، الإنفاق من الإقتار، وبذل السلام للعالم))[4].

 

(3) تفاضل أهل الإيمان:

وهذا مبني على ما تقدم، فإذا كان الإيمان يزيد وينقص، فإن أهله متفاضلون.

 

قال تعالى: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [فاطر: 32].

 

فقسم تعالى العباد الناجين إلى:

(1) مقتصدين: وهم الأبرار أصحاب اليمين، الذين اقتصروا على التزام الواجبات واجتناب المحرمات، فلم يزيدوا على ذلك، ولم ينقصوا منه.

 

(2) سابقين بالخيرات: وهم المقربون، الذين تقربوا إليه بالنوافل بعد الفرائض، وتركوا ما لا بأس به، خوفًا مما به بأس.

 

(3) ظالمين لأنفسهم: وهم عصاة الموحدين - على أصح الأقوال، الذين ظلموا أنفسهم، ولكن "ظلم دون ظلم"، لا يخرج من الدين، ولا يخلد في النار.

 

وعلى هذا، فأهل الجنة متفاوتون في الدرجات؛ كما قال تعالى في سورة الرحمن: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾ [الرحمن: 46]، فوصفهما، ثم قال: ﴿ وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ﴾ [الرحمن: 62]، فوصفهما كذلك.

 

وفي الآيات ما يفيد أن الجنتين الأُولَيين أفضل من الأُخريين من عشرة وجوه، ليس هذا موضع ذكرها.

 

وفي الحديث: ((جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن))[5].

 

قال الشيخ حافظ حكمي رحمه الله في "معارج القبول"[6]: (والآيات والأحاديث وآثار الصحابة والتابعين في هذا الباب أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، والمقصود بيان أن الناس متفاوتون في الدين بتفاوت الإيمان في قلوبهم، متفاضلون فيه بحسب ذلك، فأفضلهم وأعلاهم أولو العزم من الرسل، وأدناهم المخلطون من أهل التوحيد.

 

ثم قال: وبين ذلك مراتب ودرجات لا يحيط بها إلا الله الذي خلقهم ورزقهم، وكما يتفاوتون في مبلغ الإيمان من قلوبهم يتفاوتون في أعمال الإيمان الظاهرة، بل والله يتفاضلون في عمل واحد يعمله كلهم في آن واحد وفي مكان واحد؛ فإن الجماعة في الصلاة صافُّون كلهم في رأي العين، مستوون في القيام والركوع والسجود، والخفض والرفع، والتكبير والتحميد، والتسبيح والتهليل، والتلاوة، وسائر الأذكار والحركات والسكتات، في مسجد واحد، ووقت واحد، وخلف إمام واحد، وبينهم من التفاوت والتفاضل ما لا يحصى.

 

فهذا قرة عينه في الصلاة، يود إطالتها ما دام عمره، وآخر يرى نفسه في ضيق سجن، يود انقضاءها في أسرعَ من طرفة عين، أو يود الخروج منها، بل يندم على الدخول فيها، وهذا يعبد الله على وجه الحضور والمراقبة كأنه يشاهد، وآخر قلبه في الفلوات قد تشعبت به الضيعات، وتفرقت به الطرقات، حتى لا يدري ما يقول، ولا ما يفعل، ولا كم صلى، وهذا ترفع صلاته تتوهج بالنور تخترق السموات إلى عرش الرحمن، وهذا تخرج مظلمة؛ لظلمة صاحبها، وهذا يكتب له أضعافها وأضعاف مضاعفة، وهذا يخرج منها وما كتب له إلا نصفها، إلا ربعها، إلا ثمنها، إلا عشرها، وهذا يحضرها صورة ولم يكتب له منها شيء.

 

وهذا منافق يأتيها رئاء الناس، ولا يؤمن بالله واليوم الآخر، هذا والناظر إليهم مستوين في فعلها، ولو كشف له الحجاب لرأى من الفرقان ما لا يقدر قدره إلا الله، الرقيب على كل نفس بما كسبت، الذي أحاط بكل شيء علمًا، لا تخفى عليه خافية.

 

وكذلك الجهاد، ترى الأمة من الناس يخرجون فيه مع إمام واحد، ويقاتلون عدوًّا واحدًا، على دين واحد، متساوين ظاهرًا في القوى والعدد، فهذا يقاتل حمية وعصبية، وهذا يقاتل رياءً وسمعة لتعلم شجاعته ويرى مكانه، وهذا يقاتل للمَغنَم ليس له هم غيره، وهذا يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وذا هو المجاهد في سبيل الله لا لغيره، وهذا هو الذي يكتب له بكل حركة أو سكون أو نصب أو مخمصة عمل صالح، وهكذا الزكاة والصوم والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجميع أعمال الإيمان، والناس فيها على هذا التفاوت والتفاضل بحسب ما وقر في قلوبهم من العلم واليقين، وعلى ذلك يموتون، وعليه يبعثون، وعلى قدره يقفون في عرق الموقف، وعلى ذلك الوزن والصحف، وعلى ذلك تقسم الأنوار على الصراط، وبحسب ذلك يمرون عليه، ومن بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه.

 

وبذلك يتسابقون في دخول الجنة، وعلى حسبه رفع درجاتهم، وبقدره تكون مقاعدهم من ربهم تبارك وتعالى في يوم المزيد، وبمقدار ذلك ممالكهم فيها، ونعيمهم، والله يختص برحمته من يشاء، والله ذو الفضل العظيم).

 

(4) فاسقُ أهل القبلة مؤمن ناقص الإيمان:

فاسق أهل القبلة[7] لا ينفى عنه مطلق الإيمان، ولا يوصف بالإيمان الكامل، ولكن هو مؤمن ناقص الإيمان، فهو فاسق بكبيرته، مؤمن بأصل إيمانه، وقد سمى الشرع الذنوب فسقًا وكفرًا، ولكنه ليس الفسق أو الكفر الأكبر الذي يخرج صاحبه من دائرة الإيمان.

 

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((سِباب المسلم فسوق، وقتاله كفر))[8]، ومع ذلك فقد أثبت الله لهم الإيمان فقال تعالى: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الحجرات: 9]، فسماهم مؤمنين، وأمر بالإصلاح بينهما، ولو بقتال الباغية، ثم لم ينفِ عنهم أخوة الإيمان، فقال: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10].

 

وعلى هذا، فليس كل ما سُمِّي فسقًا أو كفرًا أو ظلمًا أو نفاقًا يخرج صاحبه من الملة، بل هو فسق دون فسق، وكفر دون كفر، وظلم دون ظلم، ونفاق دون نفاق.

 

قال تعالى في بيان الكفر الأكبر: ﴿ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 34].

 

وقال صلى الله عليه وسلم في بيان الكفر الأصغر: ((سِباب المسلم فسوق، وقتاله كفر))[9].

وقال تعالى في بيان الظلم الأكبر: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13].

وقال تعالى في بيان الظلم الأصغر: ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ [الطلاق: 1].

وقال تعالى في بيان الفسق الأكبر: ﴿ إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾ [الكهف: 50].

وقال صلى الله عليه وسلم في بيان الفسق الأصغر: ((سِباب المسلم فسوق)).

وقال تعالى في بيان النفاق الأكبر: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ﴾ [النساء: 145].

وقال صلى الله عليه وسلم في بيان النفاق الأصغر: ((أربع مَن كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خَصلة منهن، كانت فيه خَصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر))[10].

 

(5) صاحب المعصية لا يخلد في النار، وأمره إلى الله:

أي: إننا لا نحكم على صاحب معصية بكفر، مهما أسرف على نفسه، ولا نقول: إنه مخلد في جهنم، بل أمره إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء أدخله النار وعاقبه؛ وذلك لما ثبت في الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن رسول صلى الله عليه وسلم قال وحوله عصابة من أصحابه: ((بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا ثم ستره الله، فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه))، فبايعناه على ذلك[11].

 

قال الشيخ حافظ حكمي رحمه الله[12]: (إذا عرفت هذا، فاعلم أن الذي أثبتته الآيات القرآنية والسنة النبوية ودرج عليه السلف الصالح والصدر الأول من الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أئمة التفسير والحديث: أن العصاة من أهل التوحيد على ثلاث طبقات.

الطبقة الأولى: قوم رجحت حسناتهم بسيئاتهم، فأولئك يدخلون الجنة من أول وهلة، ولا تمسهم النار أبدًا.

 

الطبقة الثانية: قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم وتكافأت، فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة، وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار، وهؤلاء هم أصحاب الأعراف، الذين ذكر الله تعالى أنهم يوقفون بين الجنة والنار ما شاء الله أن يوقفوا، ثم يؤذن لهم في دخول الجنة.

 

الطبقة الثالثة: قوم لقُوا الله تعالى مصرين على كبائر الإثم والفواحش، ومعهم أصل التوحيد: فرجحت سيئاتهم بحسناتهم، فهؤلاء هم الذين يدخلون النار بقدر ذنوبهم، إلا أن يعفو الله عنهم، وهؤلاء الذين يأذن الله تعالى بالشفاعة فيهم لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولغيره من الأنبياء من بعده، والأولياء والملائكة، ومن شاء الله أن يكرمه).

 

(6) لا نكفر أحدًا بمعصية ما لم يستحلها:

ورد في العقيدة الطحاوية ما ملخصه:

(اعلم أن باب التكفير وعدم التكفير باب عظمت فيه الفتنة والمحنة، والناس فيه في جنس تكفير أهل المقالات والعقائد الفاسدة على طرفين ووسط، من جنس الاختلاف في تكفير أهل الكبائر العملية.

 

فطائفة تقول: لا نكفر من أهل القبلة أحدًا، فتنفي التكفير نفيًا عامًّا، مع أن في أهل القبلة المنافقين، الذين فيهم مَن هم أكفر من اليهود والنصارى، وبعضهم قد يظهر ذلك حيث يمكنه، وهم يتظاهرون بالشهادتين، وفيهم من يظهر إنكار بعض الواجبات أو المحرمات الظاهرة المتواترة، ولا خلاف في استتابتهم وقتلهم على الكفر إن أصروا.

 

ولهذا امتنع كثير من الأئمة عن إطلاق القول بأننا لا نكفر أحدًا بذنب، بل يقال: لا نكفرهم بكل ذنب، كما تفعله الخوارج؛ فالواجب هو نفي العموم، وليس النفي العام، مناقضةً لقول الخوارج الذين يكفرون بكل ذنب)[13].

 

وقال الشيخ حافظ حكمي رحمه الله: (ولا نكفر بالمعاصي التي قدمنا ذكرها، وأنها لا توجب كفرًا، والمراد بها الكبائر التي ليست بشرك ولا تستلزمه، ولا تنافي اعتقاد القلب ولا عمله... ولكن نقول: يفسق بفعلها، ويقام عليه الحد بارتكابها، وينتقص إيمانه بقدر ما تجرأ عليه منها، والدليل على فسقه ونقصان إيمانه قول الله: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 4])[14].

 

وأما إذا استحل المعصية فإنه يكفر بمجرد اعتقاده بتحليل ما حرم الله ورسوله، ولو لم يعمل به؛ لأنه حينئذ يكون مكذبًا بالكتاب، ومكذبًا بالرسول، وذلك كفر بالكتاب والسنة والإجماع).

 

(7) موقف أهل السنة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:

أهل السنة والجماعة يحبون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يناصبون أحدًا منهم العداء، وقد فصل شيخ الإسلام ابن تيمية منهج أهل السنة والجماعة تجاه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك في كتابه العقيدة الواسطية فقال:­

(ومن أصول أهل السنة والجماعة: سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما وصفهم الله به في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10]، وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ((لا تسبُّوا أصحابي؛ فوالذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أُحدٍ ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه))[15].

 

ويقبَلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم.

ويفضلون مَن أنفق من قبل الفتح، وهو صلح الحديبية، وقاتَل، على من أنفق من بعدُ وقاتَل.

ويقدمون المهاجرين على الأنصار.

 

ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر - وكانوا ثلاثمائة عشر وبضعة عشر -: ((اعملوا ما شئتم؛ فقد غفرت لكم)).

 

وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم[16]، بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة­.

 

ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كالعشَرة، وثابت بن قيس بن شمَّاس، وغيرهم من الصحابة.

 

ويقرون بما توافق به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر، ويثلِّثون بعثمان، ويربِّعون بعلي رضي الله عنهم، كما دلت عليه الآثار، وكما أجمع الصحابة على تقديم عثمان في البيعة، مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما بعد اتفاقهما على تقديم أبي بكر وعمر، أيهما أفضل؟ فقدم قوم عثمان وسكتوا، أو ربعوا بعلي، وقدم قوم عليًّا، وقوم توقفوا، لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان، ثم علي.

 

وإن كانت هذه المسألة - مسألة تفضيل عثمان وعلي - ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة.

 

لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة؛ وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم، ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء، فهو أضلُّ مِن حمار أهله).

 

(8) محبة أهل البيت:

ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم، ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال يوم غدير خُمٍّ: ((أُذكِّركم اللهَ في أهل بيتي))[17].

 

وقال أيضًا للعباس عمه وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم فقال: ((والذي نفسي بيده، لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي))[18].

 

وقال: ((إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم))[19]).

 

(9) موالاة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم:

ثم استطرد ابن تيمية فقال: (ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين، ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة، خصوصًا خديجة أم أكثر أولاده، وأول من آمن به وعضده على أمره، وكان لها منه المنزلة العالية.

 

والصِّدِّيقة بنت الصِّدِّيق رضي الله عنهما، قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ((فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام))[20].

 

ويتبرؤون من طريقة الروافض الذين يُبغِضون الصحابة ويسبونهم، ومن طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل.

 

(10) موقفهم من الخلاف الواقع بين الصحابة:

ثم قال رحمه الله: (ويمسكون عما شجر بين الصحابة، ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كاذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغُيِّر عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون؛ إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون، وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره، بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة.

 

ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، حتى إنهم يغفر لهم السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم.

 

وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير القرون، وأن المُدَّ من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أُحُدٍ ذهبًا ممن بعدهم.

 

ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب، فيكون قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له بفضل سابقته، أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم الذي هم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه، فإذا كان هذا في الذنوب المحققة، فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين، إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطؤوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور؟!

 

ثم إن القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم؛ من الإيمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيله، والهجرة، والنصرة، والعلم النافع، والعمل الصالح.

 

ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة، وما من الله عليهم به من الفضائل - علم يقينًا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوةُ من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم، وأكرمهم على الله.

 

(11) منهج أهل السنة في اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم:

ثم من طرق أهل السنة والجماعة: اتباع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم باطنًا وظاهرًا، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، واتباع وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((عليكم بسنَّتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور؛ فإن كل بدعة ضلالة))[21].

 

ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ويؤثرون كلام الله على غيره من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدي محمد صلى الله عليه وسلم، على هدي كل أحد؛ ولهذا سُمُّوا أهل الكتاب والسنة، وسموا أهل الجماعة؛ لأن الجماعة هي الإجماع، وضدها الفُرقة، وإن كان لفظ الجماعة قد صار اسمًا لنفس القوم المجتمعين، والإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين، وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة، مما له تعلُّق بالدين.

 

والإجماع الذي ينضبط: هو ما كان عليه السلف الصالح؛ إذ بعدهم كثُر الاختلاف وانتشر في الأمة)؛ انتهى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

 

وهذا ما يسر الله لي جمعه في هذا السفر لعقائد سلفنا رضي الله عنهم للناس، راجيًا من الله أن يجعله لي ذخرًا يوم المعاد، وأن يثقل الله به ميزاني، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.

 

والحمد لله أولًا وآخرًا، وصلِّ اللهم وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] الترمذي (1162)، وأبو داود (4682)، وأحمد (2/ 250).

[2] البخاري (23) (3691)، ومسلم (2390).

[3] البخاري تعليقًا (1/ 69)، ووصله ابن أبي شيبة (6/ 164).

[4] البخاري تعليقًا (1/ 113)، ووصله ابن أبي شيبة (6/ 172)، والبزار (4/ 232).

[5] البخاري (4878) (7444)، ومسلم (180).

[6] معارج القبول (2/ 340).

[7] المقصود بأهل القبلة (أهل الإسلام).

[8] البخاري (48) (6044) (7076)، ومسلم (64).

[9] انظر المرجع السابق.

[10] البخاري (34)، ومسلم (58).

[11] البخاري (18) (3892)، ومسلم (1709)، والترمذي (1439).

[12] معارج القبول (2/ 346).

[13] من مختصر الطحاوية للصاوي (ص26).

[14] معارج القبول (2/ 358).

[15] البخاري (3673)، ومسلم (2541)، وأبو داود (4658)، والترمذي (3861).

[16] رواه مسلم (2496)، وأبو داود (4653)، والترمذي (3860).

[17] رواه مسلم (2408).

[18] رواه أحمد (1/ 207)، وفي سنده ضعف، ويكفي في الاستدلال الحديث الذي قبله والحديث الذي بعده.

[19] مسلم (2276)، والترمذي (3606).

[20] البخاري (3769)، ومسلم (2431)، والترمذي (1834).

[21] أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (42)، وأحمد (4/ 126).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مسائل في باب الإمالة
  • مسائل في قنوت النوازل
  • مسائل في البيع بالتقسيط
  • مسائل في اللقطة
  • مسائل في الزكاة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • محاضرتان بعنوان: مسائل الإيمان والقدر، ومسائل الصفات في فتح الباري، ومنهج الأشاعرة فيها(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • مخطوطة المسائل البهية الزكية على المسائل الاثني عشرية (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المسائل البهية الزكية على المسائل الاثني عشرية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • المختصر في مسائل الإيمان بالقدر في ضوء الكتاب والسنة وعقيدة أهل الأثر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أريج المنشط في مسائل الإيمان الأوسط لشيخ الإسلام ابن تيمية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعريف بمخطوطة نفيسة لرسالة "الاجتماع والافتراق في مسائل الأيمان والطلاق" لشيخ الإسلام ابن تيمية "WORD"(كتاب - موقع الشيخ علي بن محمد العمران)
  • سيبويه وبعض مسائل المعاملات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف الإيمان وأنه يزيد وينقص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بلوغ المرام من مسائل الصيام: انتخاب خمسين مسألة من مسائل الصيام عند الإمام أحمد رحمه الله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مسائل الفقه ثلاث درجات(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 26/11/1446هـ - الساعة: 15:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب