• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مسابقة كاتب الألوكة الثانية   مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق   المسابقة الإلكترونية لجميع أفراد الأسرة   أنشطة دار الألوكة   مسابقة شبكة الألوكة (حياتنا توسط واعتدال)   أخبار الألوكة   إصدارات الألوكة   مسابقات الألوكة المستمرة   مسابقة الألوكة الكبرى للإبداع الروائي  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في محراب العلم والأدب: تحية إكبار وتقدير لشبكة ...
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    كلمة شكر وعرفان لشبكة الألوكة من أبي محمد فواز ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تهنئة بعيد الأضحى ١٤٤٠هـ
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في ظلال الألوكة
    د. سعد مردف
  •  
    بطاقة تهنئة بعيد الأضحى
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    الألوكة وجامعة السويس ينظمان مؤتمرا دوليا بعنوان ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    نتائج مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في حب الضاد شاركت الألوكة مجمع اللغة العربية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    شبكة الألوكة تشارك في فعاليات اليوم العالمي للغة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    إذاعات مدرسية مكتوبة - شبكة الألوكة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    دار الألوكة للنشر في معرض الرياض الدولي للكتاب ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    الألوكة.. لغة سماوية
    خالد يحيى محرق
  •  
    اللقاء الرمضاني السنوي لشبكة الألوكة في بلدة رغبة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    ترشيح د. خالد الجريسي لانتخابات الغرفة التجارية
    محمد بن سالم بن علي جابر
شبكة الألوكة / الإصدارات والمسابقات / مسابقات الألوكة المستمرة / مسابقة كاتب الألوكة الأولى / المشاركات التي رشحت للفوز في مسابقة كاتب الألوكة الأولى
علامة باركود

جوانب من حيطته وحذره صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد

منصور صالح الجادعي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/7/2009 ميلادي - 18/7/1430 هجري

الزيارات: 29326

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

جوانب من حيطته وحذره صلَّى الله عليه وسلَّم في غزوة أحد
(مادة مرشحة للفوز في مسابقة كاتب الألوكة)



الحمد لله ربِّ العالَمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسَلين، نبيِّنا محمَّد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين.

أمَّا بعدُ:

فإنَّ غزوة أحد مليئة بالدروس والعِظات والعِبر، التي يمكن أن يدركها القارئُ لسيرة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقد أحببتُ أن أجلي درسًا عظيمًا في هذه الغزوة، هذا الدرس هو: "الحيطة والحذر اللَّذان كان يتَّصف بهما - صلَّى الله عليه وسلَّم.


وسيرة الحبيب - صلَّى الله عليه وسلَّم - عندما يقرؤها المسلمُ يجدها مليئةً بهذا الجانب؛ ولكن سنقتصر على ما هو موجودٌ في غزوة أحد؛ ومن هذه الجوانب ما يلي:

1 - الاستعداد والتأهُّب لمواجهة الجيش القادم:

ذكر المؤرِّخون أنَّ سبب هذه الغزوة ما حَصَل لقُريش من هزيمة في بدر، وأنَّ قُريشًا كانت تجيش فيها نزعاتُ الانتقام وأخْذ الثأر، فقرَّرت أن تقوم بحرب شاملة ضدَّ المسلمين، تَشفي غيظَها، وتروي غلَّة حِقدها.


فلمَّا تحرَّك جيش المشركين من مكَّة متجهًا إلى المدينة، أرسل العباس بن عبدالمطلب - رضي الله عنه - رسالةً يخبر فيها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بخبر هذا الجيش، فظلَّتِ المدينة في حالة من الاستنفار العام، فكان الرِّجال لا يفارقون حملَ السِّلاح، حتَّى وهُم في الصلاة.


وكانت مفرزة من الأنصار - فيهم سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وسعد بن عبادة - يحرسون رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فكانوا يَبيتون على بابه، وعليهم السلاح - رضي الله عنهم.


وكلفت مفرزات تحرس مداخلَ المدينة وأنقابَها؛ خوفًا من أن يؤخذوا على غِرَّة، كما أنَّ هناك دورياتٍ من المسلمين كان دورها اكتشافَ تحرُّكات العدو، فكانت تتجوَّل حول طرق المدينة التي يحتمل أن يسلكها المشركون للإغارة على المسلمين[1].


2 - استشارته - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأصحابه وخطَّة الدفع التي كان يراها:

لَمَّا وصل جيش المشركين قريبًا من أُحد في مكان يُقال له: عينين، وعسكر بجنوده هناك، عقد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - مجلسًا استشاريًّا عسكريًّا؛ لسماع آراء المسلمين، وكان رأيه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ألَّا يخرجوا من المدينة، وأن يتحصَّنوا بها، فإن أقام المشركون بمعسكرهم أقاموا بشرِّ مقام، وبغير جدوى، وإن دخلوا المدينة قاتلهم المسلمون على أفواه الأزِقَّة والنِّساء من فوق البيوت، وكان هذا هو الرأي الأفضل.


ولكنَّ جماعة من فُضلاء الصحابة ممَّن فاته يوم بدر، وممَّن يريدون الشهادة في سبيل الله، أشاروا على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالخروج للقاء العدو، وألحوا عليه في ذلك، وقالوا: "اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يَروْن أنَّا جَبُنَّا عنهم وضعُفنا"، وكانوا هم الأغلبية، فاستقرَّ الرأي على الخروج من المدينة[2].


3 - لبس الدرعين والتدجج بالسلاح:

صلَّى النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالناس يوم الجُمُعة، وحضَّهم على الجد والاجتهاد، وأخبرهم بالنصر بما صبروا، وأمرهم بالتهيُّؤ للعدو، ثم صلَّى بهم العصر، وقد حشدوا، وحضر أهل العوالي[3]، ثم دخل بيته، ومعه أبو بكر وعمر، فعمَّماه وألبساه، فتدجج بسلاحه وظاهَرَ بين درعين[4]، وتقلَّد السيف، ثم خرج على الناس[5].


فلمَّا خرج قال له الذين ألحُّوا عليه بالخروج: يا رسول الله، ما كان لنا أن نخالفَك، فاصنع ما شئت، إن أحببتَ أن تمكث بالمدينة فافعلْ، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما ينبغي لنبيٍّ إذا لبس لأْمَتَه – وهي الدرع – أن يضعَها حتى يحكمَ الله بينه وبين عدوِّه))[6]..


4 - رد الصغار الذين لا يطيقون القتال من بين الجيش:

عندما وصل الجيش إلى مكان يُقال له: "الشيخان"، استعرض الجيش وردَّ الذين لا يُطيقون القتال من الصِّغار، وكان منهم عبدالله بن عمر بن الخطَّاب، وأسامة بن زيد، وأسيد بن ظُهَير، وزيد بن ثابت، وزيد بن أرقم، وعرابة بن أوس، وعمرو بن حزم، وأبو سعيد الخدري، وزيد بن حارثة الأنصاري، وسعد بن حبتة.


وأجاز رافعَ بن خديج، وسمرة بن جندب على صِغر سنهما، وذلك أنَّ رافع بن خديج كان ماهرًا في رِماية النبل، وسمرة كان أقوى من رافع؛ لأنَّهما تصارعا بين يدي النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فصرع سَمُرةُ رافعًا، فأجازه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم[7].


5 - اختيار خمسين رجلًا لحراسة المعسكر:

لَمَّا أدرك النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - المساء في المكان الذي استعرض فيه الجيش، بات هناك، واختار خمسين رجلًا لحراسة المعسكر، وجعل قائدَهم محمَّدَ بن سلمة، وكان هؤلاء يتجوَّلون حولَ المعسكر.


وتولَّى ذكوان بن عبد قيس حراسةَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كل هذا حيطةً وحذرًا منه - صلَّى الله عليه وسلَّم - على الجيش أن يُصاب بمكروه[8].


6 - سلوك طريق تخرج على القوم من كثب دون المرور بهم:

كان جيش المشركين يحول بين جيش المسلمين وبينَ أُحد في مناطقَ كثيرة، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن رَجلٌ يخرج بنا على القوم مِن كثب - أي: من قريب - من طريق لا يمرُّ بنا عليهم؟))، فقال أبو خيثمة: أنا يا رسول الله، ثم اختار طريقًا قصيرًا إلى أُحد يمرُّ بحرَّة بني حارثة وبمزارعهم، تاركًا جيشَ المشركين إلى الغرب، ونفذ الجيش الإسلاميُّ، حتى نزل من جبل أُحد في عُدوة الوادي[9].


7 - اختياره موضعًا مرتفعًا لمعسكره:

لَمَّا نزل من جبل أُحد وصل إلى عُدوة الوادي، فعسكر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بجيشه مستقبِلًا المدينة، وجعل ظهرَه إلى هضاب جبل أُحد، فصار جيشُ العدوِّ فاصلًا بين المسلمين وبين المدينة، وقد كان لهذا الترتيب فائدةٌ عظيمة، وهي حماية ظهر الجيش[10].


8 - اختيار خمسين من الرُّماة الماهرين، وجعلهم على جبل صغير:

عبَّأ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - الجيش وهيَّأه للقتال، وانتخب من الجيش خمسين من الرُّماة الماهرين، وأعطى قيادتَهم لعبدالله بن جبير بن النعمان الأنصاري، وأمرهم بالتمركُّز على جبل يقع على الضِّفة الجنوبيَّة من وادي قناة جنوب شرق المعسكر، على بعد حوالي مائة وخمسين مترًا من مقرِّ الجيش الإسلامي، عرف هذا الجبل بعد ذلك بجبل الرُّماة[11].


9 - وصاياه للرماة ألا يغادروا أماكنهم:

أوْصى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - الرُّماةَ بعدَّة وصايا، وذلك تأكيدًا عليهم بألا يُغادروا أماكنَهم، فقال لقائد الرُّماة: ((انضح عنَّا الخيل بالنبل، لا يأتوننا مِن خلفنا، إن كانت لنا أو علينا، فاثبت مكانَك لا نؤتين مِن قِبَلك))[12].


وقال للرُّماة: ((احموا ظهورَنا، فإن رأيتمونا نقتل، فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا قد غنمنا، فلا تشركونا[13]، وقال: إن رأيتمونا تخطَّفَنا الطير، فلا تبرحوا مكانَكم هذا، حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هَزمْنا القوم وأوطأناهم، فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم))[14].


فكان هذا التأكيدُ منه - صلَّى الله عليه وسلَّم - على الرُّماة، وهذا التحذير لهم بألا يبرحوا أماكنَهم مهما كانتِ النتيجة؛ حيطةً وحذرًا من أن تقومَ خيولُ المشركين بالالتفاف خلفَ الجيش الإسلامي وتطوقه، وبعد أن تَرَك الرُّماةُ أماكنَهم، حَصَل ما كان يحذرُه - صلَّى الله عليه وسلَّم.


10 - إشارة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لكعب بن مالك أن يصمت:

بعد عملية التطويق التي حلَّت بالجيش الإسلامي، استطاع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يشقَّ طريقًا إلى جيشه، فلمَّا وصل إليهم رآه كعبُ بن مالك فنادى بأعلى صوته: يا معشرَ المسلمين، أبشروا، هذا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأشار إليه أن اصمت؛ وذلك لئلاَّ يَعرِف موضعَه المشركون؛ وقد كان أُشيع في أوساطهم أنَّه قد قُتل[15].


11 - خطَّة الانسحاب المنظم:

بعد أن وصل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى جيشه المطوق تجمَّع حولَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - جماعةٌ من الصحابة؛ فيهم أبو بكر وعمر وعلي، وطلحة بن عبيدالله والزبير بن العوام والحارث بن الصمة، ورهط من المسلمين[16]، فأخذ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعملية الانسحاب المنظَّم إلى شعب الجبل، فشقَّ طريقًا بين المشركين المهاجمين لبقية الجيش، حتى ينسحبوا إلى الجبل، ويتخلَّصوا من عملية التطويق التي حلَّت بهم، وبهذه الطريقة انسحب الجيشُ، وفشلت عملية التطويق التي كان يُراد منها القضاءُ على ذلك الجيش[17].


12 - منع الصحابة من إجابة أبي سفيان:

لَمَّا انتهتِ المعركة، وأخذ جيشُ المشركين في التهيُّؤ للانصراف، أشرف أبو سفيان على الجبل، فنادى: أفيكم محمَّد؟ فقال: أفيكم ابن أبي قحافة؟ فلم يُجيبوه، فقال: أفيكم عمر بن الخطَّاب؟ فلم يجيبوه.

ولم يسألْ إلَّا عن هؤلاء الثلاثة؛ لعلمِه، وعِلم قومه أنَّ قوام الإسلام بهم.

فقال: أمَّا هؤلاء فقد كفيتموهم.


فلم يملك عمر نفسَه أن قال: يا عدوَّ الله، إنَّ الذين ذكرتهم أحياء، وقد أبقى الله لك ما يسوءك.

فقال: قد كان في القوم مثلة، لم آمر بها ولم تسؤني.

ثم قال: اعلُ هُبل.


فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ألَا تجيبونه؟ فقالوا: ما نقول؟ قال: قولوا: الله أعلى وأجلُّ.

ثم قال: لنا العُزَّى، ولا عزَّى لكم.

قال: ألا تجيبونه؟ قالوا: ما نقول؟ قال قولوا: الله مولانا، ولا مولى لكم..


فأمرهم بجوابه عند افتخاره بآلهته وبشِرْكه؛ تعظيمًا للتوحيد، وإعلامًا بعزَّة مَن عبده المسلمون، وقوَّة جانبه، وأنَّه لا يُغلب، ونحن حِزبُه وجنده، ولم يأمرْهم بإجابته حين قال: أفيكم محمد؟ أفيكم ابن أبي قحافة؟ أفيكم عمر؟


بل قد روي أنَّه نهاهم عن إجابته، وقال: لا تجيبوه؛ لأنَّ كَلْمَهم لم يكن بَرِدَ بعدُ في طلب القوم، ونار غيظهم بعدُ متوقِّدة، فلمَّا قال لأصحابه: أمَّا هؤلاء فقد كفيتموهم، حمي عمر بن الخطَّاب واشتدَّ غضبه، وقال: كذبت يا عدوَّ الله، فكان في هذا الإعلام من الإذلال والشجاعة، وعدم الجُبن والتعرُّف إلى العدوِّ في تلك الحال - ما يؤذنهم بقوَّة القوم وبسالتهم، وأنَهم لم يَهِنوا ولم يَضعُفوا، وأنَّه وقومَه جديرون بعدم الخوف منهم، وقد أبقى الله لهم ما يسوءهم منهم، وكان في الإعلام ببقاء هؤلاء الثلاثة وهلةٌ بعد ظنِّه وظن قومه أنَّهم قد أُصيبوا من المصلحة، وغيظِ العدوِّ وحزبه، والفَتِّ في عضده، ما ليس في جوابه حين سأل عنهم واحدًا واحدًا، فكان سؤالُه عنهم ونعيهم لقومه آخرَ سهام العدوِّ وكيده، فصبر له النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتى استوفى كيدَه، ثم انتدب له عمر، فردَّ سِهام كيده عليه، وكان ترك الجواب أوَّلًا عليه أحسن، وذِكْره ثانيًا أحسن[18].


13 - التثبت من موقف المشركين:

قال ابن إسحاق: ولمَّا انصرف أبو سفيان ومَن معه نادى: إنَّ موعدكم بدر للعام القابل، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لرجل من أصحابه قل: ((نعم، هو بيننا وبينكم موعد)).


ثم بعث رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - علي بن أبي طالب، فقال: ((اخرج في آثار القوم، فانظر ماذا يصنعون، وما يُريدون، فإن كانوا قد جنَّبوا الخيل وامتطوا الإبل، فإنَّهم يُريدون مكَّة، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل، فإنَّهم يريدون المدينة، والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرنَّ إليهم فيها، ثم لأناجزنهم)).


قال علي: فخرجتُ في آثارهم أنظر ماذا يصنعون، فجنَّبوا الخيل وامتطوا الإبل، ووجهوا إلى مكَّة[19].


14 - حالة الطوارئ بعد الرجوع:

رجع المسلمون إلى المدينة، وباتوا ليلة الأحد الثامن من شهر شوال سنة 3 هـ، وهم في حالة الطوارئ، باتوا وقد أنهكهم التَّعبُ، ونال منهم أيَّ منال، يحرسون أنقابَ المدينة ومداخلها، ويحرسون قائدَهم الأعلى رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - خاصَّة، إذ كانت تتلاحقهم الشُّبهات من كل جانب[20].


15 - غزوة حمراء الأسد:

بات الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - يفكِّر في الموقف، فقد كان يخاف أنَّ المشركين إن فكَّروا في أنَّهم لم يستفيدوا شيئًا من النصر والغلبة التي كسبوها في ساحة القِتال، فلا بدَّ من أن يندموا على ذلك، ويرجعوا من الطريق لغزو المدينة مرَّة ثانية، فصمَّم على أن يقوم بعملية مطاردة للجيش المكِّي.


قال ابن كثير: ولَمَّا أصبح يوم الأحد، ندب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - المسلمين إلى النُّهوض في طلب العدوِّ؛ إرهابًا لهم، وهذه غزوة حمراء الأسد، وأمر ألَّا يخرج معه إلَّا مَن حضر أحدًا، فلم يخرج إلَّا مَن شهد أحدًا، سوى جابر بن عبدالله؛ فإنَّه كان أبوه استخلفه في مهمَّاته، فقُتل أبوه يوم أحد، فاستأذن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الخروج إلى حمراء الأسد، فأذن له.


فنهض المسلمون كما أمرهم - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهم مُثْقلون بالجراح، حتى بلغ حمراءَ الأسد، وهي على ثمانية أميال من المدينة، فذلك قوله – تعالى -: ﴿ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 172].[21]


ولم يكن ما توقَّعه الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - من عودة المشركين إلَّا حقًّا، فإنهم لما نزلوا بالرَّوْحاء على بعد ستة وثلاثين ميلًا من المدينة تلاوموا فيما بينهم، قال بعضُهم لبعض: لم تصنعوا شيئًا، أصبتم شوكتَهم وحدهم، ثم تركتموهم، وقد بقي منهم رؤوس يجمعون لكم، فارجعوا حتى نستأصلَ شأفتهم[22].


وخالفهم صفوان بن أُمية قائلًا: يا قوم، لا تفعلوا، فإنِّي أخاف أن يجمع عليكم من تخلَّف من الخروج - أي: من المسلمين في غزوة أحد - فارجعوا والدولة لكم، فإنِّي لا آمن إن رجعتم أن تكون الدولةُ عليكم[23].


فرفض الأغلبية رأيَ صفوان، وأجمع جيش مكَّة على المسير نحوَ المدينة، وقبل أن يتحرَّك أبو سفيان بجيشه رأى معبد بن أبي معبد الخزاعي، فقال: ما وراءَك يا معبد؟ فقال معبد: محمَّد قد خرج في أصحابه، يطلبكم في جمع لم أرَ مثله قطُّ، يتحرَّقون عليكم تحرُّقًا، قد اجتمع معه من كان تخلَّف عنه في يومكم، وندموا على ما ضيَّعوا، فيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قطُّ.


قال أبو سفيان: ويحَك، ما تقول؟!

قال: والله، ما أرى أن ترتحل، حتى ترى نواصي الخيل، أو حتى يطلع أوَّل الجيش من وراء هذه الأكمة.


فقال أبو سفيان: والله، لقد أجمعنا الكرَّة عليهم لنستأصلَهم.

قال: فلا تفعل[24].


وحينئذٍ انهارتْ عزائمُ الجيش المكِّي وأخذه الفزع والرُّعب، فلم يرَ العافية إلَّا في مواصلة الانسحاب والرُّجوع إلى مكة.


ومرَّ بأبي سفيان ركبٌ من عبد القيس يريد المدينة، فقال: هل أنتم مبلِّغون عنِّي محمَّدًا رسالة، وأوقر لكم راحلتكم هذه زبيبًا بعكاظ إذا أتيتم إلى مكَّة؟

قالوا: نعم.

قال: فأبلغوا محمَّدًا أنا قد أجمعنا الكرَّة لنستأصله ونستأصل أصحابه.


فمرَّ الركب برسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو بحمراء الأسد فأخبروه بالذي قال أبو سفيان، فقال: حسبنا الله ونِعمَ الوكيل.


وأقام رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بحمراء الأسد بعد مقدمه يومَ الأحد، الاثنين والثلاثاء والأربعاء، ثم رجع إلى المدينة[25].


16 - إعدام أبي عزَّة الجمحي ومعاوية بن المغيرة:

روى البيهقي عن الإمام الشافعي - رضي الله عنه - أنَّه قال: كان من الممنون عليهم بلا فِدية يوم بدر أبو عزَّة الجمحي، تركه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لبناته، وأخذ عليه عهدًا ألَّا يقاتله، فأخفرَه وقاتله يوم أحد، فدعا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ألَّا يفلت، فما أُسِر من المشركين رجلٌ غيره، فقال: يا محمَّد، امنن علي ودعني لبناتي، وأعطيك عهدًا ألَّا أعود إلى قتالك.


فقال له رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تمسح على عارضيك بمكَّة، وتقول: قد خدعتُ محمَّدًا مرَّتين))، فأمر به فضُرِبت عنقُه[26].


أمَّا معاوية بن المغيرة بن أبي العاص، فإنه لَمَّا رجع المشركون يوم أحد جاء إلى ابن عمه عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فاستأمن له عثمانُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأمنه على أنَّه إن وجد بعد ثلاث قتله، فلمَّا خلت المدينة من الجيش الإسلامي أقام فيها أكثرَ من ثلاث يتجسَّس لحساب قريش، فلمَّا رجع الجيش خرج معاوية هاربًا، فأمر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - زيدَ بن حارثة وعمَّار بن ياسر، فتعقَّباه حتى قتلاه[27].


تلك المواقف والتدبيرات البارزة التي تجلَّت في تلك الغزوة تدلُّ دلالةً واضحة على ما كان عليه - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الحَيْطة والحذر والتيقُّظ ممَّا يدور حولَه، وما يدبِّر له أعداؤه، فكان يعدُّ لكلِّ حادثة ما يناسبها، فهل يأخذ المسلمون هذا الدرسَ، ويتفطَّنون لِمَا يُحاك ضدَّهم من مؤامرات، ويكونون على يقظةٍ تامَّة بما يُريده أعداؤهم منهم.



نسأل الله أن يُفقِّهَنا في دينه، ويجعلنا مِن أنصاره وحِزبه، والحمد لله ربِّ العالمين.

 


[1] - انظر المغازي للواقدي (1/ 204، 209)، وعيون الأثر (1/412).
[2] - دلائل النبوة للبيهقي (3/226)، وسيرة ابن هشام (2/63)، والسيرة النبوية لابن كثير (3/26).
[3] - سكَّان أعلى المدينة.
[4] - أي: لبس درعًا فوق درع.
[5] - عيون الأثر (1/412).
[6] - المستدرك (2/ 141)، وسنن البيهقي الكبرى (2/ 452).
[7] - المغازي للواقدي (1/215)، وعيون الأثر (1/410 - 411)، وزاد المعاد (3/172)، وسبل الهدى والرشاد (4/187).
[8] - الرحيق المختوم (ص: 253).
[9] - سيرة ابن هشام (2/ 64).
[10] - سيرة ابن هشام (2/65)، والسيرة النبوية لابن كثير (3/29).
[11] - سيرة ابن هشام (2/65)، ومختصر سيرة الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - (ص: 274).
[12] - سيرة ابن هشام (2/ 65).
[13] - رواه أحمد (2609)، والحاكم في المستدرك (2/ 324)، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 301)، وحسَّن إسنادَه شعيبٌ الأرناؤوط.
[14] - البخاري رقم (2874).
[15] - ابن هشام (2/ 83).
[16] - انظر: دلائل النبوة للبيهقي (3/ 237)، وسبل الهدى والرشاد (4/ 208).
[17] - انظر: الرحيق المختوم (ص: 243).
[18] - انظر زاد المعاد (3/201 - 202).
[19] - سيرة ابن هشام (2/94).
[20] - انظر الرحيق المختوم (ص: 284).
[21] - الفصول في سيرة الرسول (ص: 44).
[22] - انظر زاد المعاد (3/216).
[23] - انظر المغازي للواقدي (1/ 335)، وسبل الهدى والرشاد (4/ 308).
[24] - انظر: سيرة ابن هشام (2/102)، والسيرة النبوية لابن كثير (3/99).
[25] - سيرة ابن هشام (2/103).
[26] - سنن البيهقي الكبرى (9/65).
[27] - انظر: سيرة ابن هشام (2/104)، وعيون الأثر (2/6).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • محمد - صلى الله عليه وسلم - الإنسان الرقيق
  • رحمة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأسرى
  • بيان شيء من أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -
  • غزوة أحد
  • غزوة أحد (1) الآيات، والكرامات، والمعجزات
  • غزوة أحد (2) الابتلاءات والمصائب
  • غزوة أحد
  • غزوة أحد .. درس في أهمية الشورى والنظام
  • غزوة أحد نصر في البداية وابتلاء تمحيص النهاية
  • خذوا حذركم

مختارات من الشبكة

  • جوانب من عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جوانب بناء الشخصية الإسلامية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • جوانب خفية في الخلاف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جوانب العظمة في حياة أبي بكر الصديق رضى الله عنه قبل الإسلام وبعده(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • جوانب الاختلاف بيني وبين زوجي كثيرة(استشارة - الاستشارات)
  • جوانب هامة يجب أن تراعى في التعامل مع المواهب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • اهتمام ابن كثير بشتى جوانب اللغة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من جوانب التربية الإيمانية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • جوانب الحياة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • جوانب من البلاغة النبوية(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
4- شكر وتقدير
محمد سليم - أفغانستان 20-01-2023 01:34 PM

ما شاء الله تبارك الله
بحث رائع جدا بأسلوب ممتاز.
بارك الله فيکم أخي الکريم وزادکم علما وعملا.

3- ممتاز جداً
اليماني 16-07-2009 08:34 PM

بحث رائع بحق، كما أنه ممتاز جداً لأنه موضوعي وقيم، لذا أقول ما قال الذين من قبلي: زادك الله علماً ونفع بك الإسلام والمسلمين. وأسأل الله لك التوفيق والفوز في الدارين

2- بحث رائع
أسماء محمد - السعودية 11-07-2009 09:10 PM

رائع، وشكرا لك أيها الأخ الفاضل على بحثك الرائع.
وشكرا.

1- شكر وتقدير
أبو الفضل - اليمن 11-07-2009 10:35 AM

ما شاء الله بحث رائع، أين كنت أخانا الكاتب حين الحملة الشرسة على النبي صلى الله عليه وسلم؟
إن بحثك هذا يدل على أن لك غيره من الأبحاث؛ لأن الحسنة تدل على وجود حسنة مثلها..
وأود أن أجد لك أبحاثاً أخرى في مواجهة العلمانيين الطاعنين في الرسول الأمين..
فحقيقة كتابتك موضوعية قيمة، زادك الله علماً ونفع بك الإسلام والمسلمين.

كيف يمكن التواصل معك أخ منصور لنستفيد من أبحاثك الأخرى، أو أرشدنا أين نجدها إن كنت تشارك في مواقع أخرى... بارك الله فيك

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب