• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحلقة الثانية: لماذا أعرف الله؟
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    تفريج الهم.. وتنفيس الكرب
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    المرض الاقتصادي: أشكاله وآثاره
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    فقه مرويات ضرب الزوجة في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة (إنكم تشركون)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    طعام وشراب النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    آيات كونية مرئية ومنسية (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    التحذير من الكسل (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    العلاقات الزوجية والأسرة المسلمة (PDF)
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    السكينة وسط الضجيج: تأملات شرعية في زمن الصخب ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    إلى كل مشتاق لتحسين الأخلاق (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    الخليل عليه السلام (12) دعوات الخليل في سورة ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الحلقة الأولى: بداية رحلة السعادة
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

فاحشة قوم لوط عليه السلام (2) تزييف المصطلحات لتطبيع المنكرات

فاحشة قوم لوط عليه السلام (2) تزييف المصطلحات لتطبيع المنكرات
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/5/2022 ميلادي - 18/10/1443 هجري

الزيارات: 18401

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فاحشة قوم لوط عليه السلام (2)

تزييف المصطلحات لتطبيع المنكرات


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَفِيظِ الْعَلِيمِ؛ حَفِظَ عِبَادَهُ الْمُتَّقِينَ مِنْ قَذَرِ الشَّهَوَاتِ، وَسَلَّمَ قُلُوبَهُمْ مِنَ الشَّكِّ وَالشُّبُهَاتِ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ خَلَقَ الْخَلْقَ وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِهِمْ وَبِمَا يَصْلُحُ لَهُمْ، وَبِمَا يُصْلِحُهُمْ وَمَا يُفْسِدُهُمْ ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الْمُلْكِ: 14]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ بُعِثَ بِالْإِسْلَامِ دِينِ الطَّهَارَةِ وَالنَّقَاءِ، وَمُجَانَبَةِ الرَّذِيلَةِ وَالْفَحْشَاءِ، وَمِنْ أَوَائِلِ مَا تَنَزَّلَ عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ ﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ [الْمُدَّثِّرِ: 4]، وَوُصِفَ فِي الْكُتُبِ السَّابِقَةِ بِأَنَّهُ: ﴿ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 157]، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَمْسِكُوا بِدِينِكُمْ؛ فَإِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ، وَإِنَّكُمْ مَسْئُولُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 6].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: تَغْيِيرُ الْمُسَمَّيَاتِ وَالْمُصْطَلَحَاتِ لِتَسْوِيغِ الْبَاطِلِ، وَحَجْبِ الْحَقِّ؛ قَدِيمٌ فِي النَّاسِ، وَجَاءَ التَّحْذِيرُ مِنْهُ فِي الْقُرْآنِ، وَالنَّهْيُ عَنْهُ، وَالْحَذَرُ مِمَّنْ يَسْلُكُهُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إِضْلَالِ الْبَشَرِ وَخِدَاعِهِمْ ﴿ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 42]. وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اسْتِحْلَالَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَتَغْيِيرَ مُسَمَّيَاتِهَا سَيَقَعُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَبَوَّبَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: «بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ».

 

وَوَقَعَ مَا أَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِذْ سُمِّيَتِ الْخَمْرُ بِأَنْوَاعِهَا مَشْرُوبَاتٍ رُوحِيَّةً، وَسُمِّيَ الزِّنَا حُرِّيَّةً جِنْسِيَّةً، وَسُمِّيَتِ السُّخْرِيَةُ بِالدِّينِ، وَإِنْكَارُ أَحْكَامِهِ حُرِّيَّةً فِكْرِيَّةً، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ تَغْيِيرِ الْمُسَمَّيَاتِ الشَّرْعِيَّةِ، وَاسْتِبْدَالِ غَيْرِهَا بِهَا، وَإِحْلَالِهَا مَحَلَّهَا، وَتَرْوِيجِهَا عَلَى النَّاسِ؛ لِتُنْسَى الْمُصْطَلَحَاتُ الشَّرْعِيَّةُ، وَيَحِلَّ مَحَلَّهَا الْمُصْطَلَحَاتُ الْمُحْدَثَةُ.

 

وَمِمَّا غُيِّرَ مُسَمَّاهُ لِإِشَاعَتِهِ فِي النَّاسِ، وَتَحْسِينِهِ لَهُمْ، وَإِزَالَةِ النُّفْرَةِ وَالْوَحْشَةِ مِنْهُ لَدَيْهِمْ: فَاحِشَةُ قَوْمِ لُوطٍ. فَسُمِّيَتْ قَدِيمًا (لِوَاطًا) وَيَدُورُ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ حَوْلَ: الْحُبِّ، وَالْإِلْصَاقِ، وَالْإِلْزَاقِ. وَلُوطٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ اسْمُ عَلَمٍ لِنَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، مِنْ لَاطَ بِالْقَلْبِ، أَيْ: لَصَقَ حُبُّهُ بِالْقَلْبِ. وَأُرْسِلَ إِلَى قَوْمٍ يَشْتَهُونَ الرِّجَالَ مِنْ دُونِ النِّسَاءِ، وَيَفْعَلُونَ بِهِمُ الْفَوَاحِشَ. ثُمَّ صَارَ مَنْ يَفْعَلُ هَذَا الْفِعْلَ الشَّنِيعَ لُوطِيًّا، وَسُمِّيَ إِتْيَانُ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ لُوطِيَّةً صُغْرَى، وَاشْتُهِرَ هَذَا الْمُصْطَلَحُ عِنْدَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، نِسْبَةً إِلَى فِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ لِأَنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ أَتَى هَذِهِ الْفَاحِشَةَ النَّكْرَاءَ. وَلَمْ يَخْطُرْ فِي بَالِ مُؤْمِنٍ -وَلَنْ يَخْطُرَ- إِلْصَاقُ الْفِعْلِ بِنَبِيِّ اللَّهِ تَعَالَى لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَكِنَّ هَذَا الِاسْتِخْدَامَ أَدَّى إِلَى هَجْرِ اسْمِ لُوطٍ؛ لِأَجْلِ الْتِصَاقِ الِاسْمِ بِالْفَاحِشَةِ.

 

وَفِي الْحَضَارَةِ الْمُعَاصِرَةِ سُمِّيَتْ هَذِهِ الْفَاحِشَةُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ شُذُوذًا، وَالشَّاذُّ فِي اللُّغَةِ: مَا خَرَجَ عَنِ الْجَمَاعَةِ، وَهُوَ يُقَابِلُ مَا كَانَ مَعَ الْجَمَاعَةِ. قَالَ اللَّيْثُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْكِنَانِيُّ: «شَذَّ الرَّجُلُ إِذَا انْفَرَدَ عَنْ أَصْحَابِهِ؛ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ مُنْفَرِدٍ فَهُوَ شَاذٌّ». وَلَمَّا كَانَ الْبَشَرُ الْأَسْوِيَاءُ يَشْتَهِي رِجَالُهُمْ نِسَاءَهُمْ، وَتَرْغَبُ نِسَاؤُهُمْ فِي رِجَالِهِمْ؛ كَانَ الْخَارِجُ عَنْ هَذَا النِّظَامِ السَّوِيِّ شَاذًّا. وَلَكِنَّ هَذَا الْمُصْطَلَحَ -وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ- لَا يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ هَذَا الْمُنْكَرِ فِي لِسَانِ الشَّرْعِ؛ إِذْ كُلُّ شَاذٍّ فَهُوَ خَارِجٌ عَنِ الْمَأْلُوفِ أَوِ الطَّبِيعِيِّ أَوِ النَّسَقِ الْعَامِّ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ خُرُوجِهِ اسْتِبْشَاعٌ وَاسْتِفْظَاعٌ وَاسْتِعْظَامٌ. كَمَا أَنَّ وَصْفَ الْمُتَلَوِّثِ بِهَذِهِ الْفَاحِشَةِ بِالشَّاذِّ، أَوْ وَصْفَهَا بِالشُّذُوذِ فِيهِ تَعْطِيلٌ لِلْمُصْطَلَحِ الْقُرْآنِيِّ، وَإِحْلَالُ الْمُصْطَلَحِ الْعُرْفِيِّ مَحَلَّهُ، وَالْمُصْطَلَحُ الْقُرْآنِيُّ أَوْلَى بِالِاسْتِعْمَالِ.

 

وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الدُّعَاةَ الْجُدُدَ لِفَاحِشَةِ قَوْمِ لُوطٍ غَيْرُ رَاضِينَ عَنْ وَصْفِ فَاحِشَتِهِمْ بِالشُّذُوذِ، وَوَصْفِهِمْ بِالشَّوَاذِّ؛ لِأَنَّهُ يُوحِي بِالْخُرُوجِ عَنِ الْجِبِلَّةِ الطَّبِيعِيَّةِ، وَيَرَوْنَ أَنَّ فَاحِشَتَهُمْ لَيْسَتْ إِلَّا شَيْئًا طَبِيعِيًّا، وَيَجِبُ أَنْ يَرْضَى بِهِ الْبَشَرُ، وَأَنْ يَكُونَ مَأْلُوفًا فِي أَوْسَاطِهِمْ، فَعَمَدُوا إِلَى تَطْبِيعِ النَّاسِ عَلَى هَذَا الْمُنْكَرِ الْعَظِيمِ بِاعْتِمَادِ مُصْطَلَحِ (الْمِثْلِيَّةِ)؛ وَهِيَ تَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ يَمِيلُ إِلَى رَجُلٍ مِثْلِهِ، وَأَنَّ الْأُنْثَى تَمِيلُ إِلَى أُنْثَى مِثْلِهَا. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ شُذُوذٌ عَنِ الْجِبِلَّةِ الْبَشَرِيَّةِ، أَوْ أَنَّهُ خُرُوجٌ عَنِ الْمُيُولِ الطَّبِيعِيَّةِ. وَهَذَا مِنْ تَزْيِيفِ الْمُصْطَلَحَاتِ، وَإِلْغَاءِ الْقُرْآنِيَّةِ مِنْهَا، وَإِحْلَالِ الْمُحْدَثَةِ مَحَلَّهَا؛ لِلَبْسِ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ، وَإِبَاحَةِ فَاحِشَةِ قَوْمِ لُوطٍ، الَّتِي هِيَ مِنْ أَعْظَمِ الْكَبَائِرِ. وَتَشْجِيعِ أَرْبَابِ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ عَلَى الْإِعْلَانِ بِهَا فِي أَوْسَاطِ الْمُسْلِمِينَ، وَفَتْحِ الْبَابِ لِمَنْ يُرِيدُونَ التَّحَوُّلَ الْجِنْسِيَّ، عَبْرَ اسْتِئْنَاثِ الذُّكُورِ، وَاسْتِرْجَالِ الْإِنَاثِ، الَّذِي هُوَ مُنْدَرِجٌ فِي الْحَضَارَةِ الْمُعَاصِرَةِ تَحْتَ حَقِّ (الْحُرِّيَّةِ الشَّخْصِيَّةِ).

 

إِنَّهُ يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَعُوا خُطُورَةَ تَزْيِيفِ الْمُصْطَلَحَاتِ، وَإِلْغَاءِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْهَا، وَمَنْ نَظَرَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ يَجِدُ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ الشَّنِيعَ لَمْ يُسَمَّ فِي الْقُرْآنِ لِوَاطًا، وَلَا شُذُوذًا، وَلَا مِثْلِيَّةً، وَإِنَّمَا سُمِّيَ فَاحِشَةً، وَفُسِّرَ بِإِتْيَانِ الرِّجَالِ مِنْ دُونِ النِّسَاءِ. كَمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 80-81]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ ﴾ [النَّمْلِ: 54-55]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 28-29]. وَإِذَنْ فَاسْمُهَا فَاحِشَةٌ، وَتُنْسَبُ إِلَى قَوْمِ لُوطٍ.

 

وَفَوَائِدُ تَسْمِيَةِ هَذِهِ الْفَاحِشَةَ بِمَا سُمِّيَتْ بِهِ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرَةٌ؛ مِنْهَا: إِلْصَاقُ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِالْقُرْآنِ، وَالْحِفَاظُ عَلَى مُصْطَلَحَاتِهِ، وَالْبُعْدُ عَنْ لَبْسِ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ، وَتَنْفِيرِ أَوْلَادِهِمْ مِنْ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ؛ لِعِلْمِهِمْ بِبَشَاعَتِهَا فِيمَا يَقْرَءُونَ مِنْ آيَاتِ قِصَّةِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ قَوْمِهِ.

 

وَمِنْهَا أَيْضًا: قَطْعُ الطَّرِيقِ عَلَى الدُّعَاةِ الْجُدُدِ لِفَاحِشَةِ قَوْمِ لُوطٍ، وَالْمُسَوِّقِينَ لَهَا بِمُصْطَلَحِ الْمِثْلِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَنْ يَسْتَطِيعُوا تَغْيِيرَ آيِ الْقُرْآنِ، فَهُوَ مَحْفُوظٌ بِحِفْظِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ، وَأَهْلُ الْإِيمَانِ يَتْلُونَهُ فِي صَلَوَاتِهِمْ، وَيَجْهَرُونَ بِهِ فِي مَسَاجِدِهِمْ. وَمَا دَامُوا يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ وَيُقْرِئُونَهُ أَوْلَادَهُمْ، وَيَتَدَبَّرُونَ آيَاتِهِ، وَيَفْهَمُونَ مَعَانِيَهُ، وَيَعْمَلُونَ بِهِ؛ فَهُمْ أَبْعَدُ مَا يَكُونُونَ عَنِ التَّطَبُّعِ عَلَى الْخَبَائِثِ وَالْمُنْكَرَاتِ، وَعَنِ الْوُقُوعِ فِي هَذِهِ الْفَاحِشَةِ النَّكْرَاءِ، أَوْ قَبُولِهَا وَاسْتِسَاغَتِهَا، أَوْ تَهْوِينِ مُمَارَسَتِهَا. بَلْ سَتَظَلُّ فِي قُلُوبِهِمْ كَبِيرَةً مِنَ الْكَبَائِرِ، قَبِيحَةً مِنَ الْقَبَائِحِ، فِيهَا انْتِكَاسٌ لِلْفِطْرَةِ السَّوِيَّةِ، وَخُرُوجٌ عَلَى الشَّرِيعَةِ الرَّبَّانِيَّةِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ، وَنَسْأَلُهُ تَعَالَى الْعِصْمَةَ لَنَا وَلِأَوْلَادِنَا وَالْمُسْلِمِينَ مِنَ الْفَوَاحِشِ كُلِّهَا.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131-132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْمُصْطَلَحَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ بَاتَ ضَرُورَةً فِي هَذَا الزَّمَنِ الَّذِي تُزَيَّفُ فِيهِ الْمُصْطَلَحَاتُ، وَتُبَاحُ فِيهِ الْمُحَرَّمَاتُ، وَيُطْبَعُ النَّاسُ عَلَى الْمُنْكَرَاتِ.

 

وَالْفَوَاحِشُ يَجِبُ أَنْ تُسَمَّى بِاسْمِهَا كَمَا سُمِّيَتْ فِي الْقُرْآنِ؛ لِيَتَرَبَّى قَارِئُ الْقُرْآنِ عَلَى اسْتِعْظَامِ الْفَوَاحِشِ وَاسْتِفْظَاعِهَا وَالنُّفْرَةِ مِنْهَا؛ وَهِيَ: «كُلُّ مَا يَشْتَدُّ قُبْحُهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِى». وَفِي الْقُرْآنِ آيَاتٌ عِدَّةٌ تُحَذِّرُ مِنَ الْفَوَاحِشِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 151]، وَقَرَنَ تَحْرِيمَهَا بِالشِّرْكِ وَالْإِثْمِ وَالْبَغْيِ وَالْقَوْلِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِلَا عِلْمٍ، وَبَدَأَ بِهَا أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 33]. وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ فَظَاعَةَ عَذَابِ مَنْ يُحِبُّ إِشَاعَةَ الْفَوَاحِشِ فِي النَّاسِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾ [النُّورِ: 19]. وَإِذَا كَانَ هَذَا فِيمَنْ أَحَبَّ إِشَاعَةَ الْفَاحِشَةِ فِي الْمُؤْمِنِينَ، فَكَيْفَ بِمَنْ تَوَلَّى إِشَاعَتَهَا، وَالدَّعْوَةَ إِلَيْهَا وَتَزْيِينَهَا، وَتَطْبِيعَ النَّاسِ عَلَيْهَا.

 

وَمِنْ أَعْجَبِ الْآيَاتِ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [النُّورِ: 21]، وَتَأَمَّلُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فِي تَزْيِيفِ مُصْطَلَحِ فَاحِشَةِ قَوْمِ لُوطٍ، مِنَ اللِّوَاطِ إِلَى الشُّذُوذِ إِلَى الْمِثْلِيَّةِ؛ لِإِزَالَةِ مَا فِي النُّفُوسِ الْبَشَرِيَّةِ مِنْ قُبْحِ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ وَتَحْسِينِهَا لَهُمْ. وَمِنْ كَوْنِ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ مَمْقُوتَةً لَدَى جَمِيعِ الْبَشَرِ، وَتَرْفُضُهَا كُلُّ الشَّرَائِعِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَجَمِيعُ الْقَوَانِينِ الْوَضْعِيَّةِ؛ إِلَى كَوْنِهَا مَرَضًا نَفْسِيًّا وَهَوَسًا جِنْسِيًّا يَجِبُ النَّظَرُ لِفَاعِلِهِ بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَعِلَاجُهُ مِمَّا هُوَ فِيهِ، ثُمَّ إِلَى كَوْنِهَا مُبَاحَةً مُسْتَسَاغَةً تَحْتَ حَقِّ الْحُرِّيَّةِ الشَّخْصِيَّةِ، وَرَفْضِ كَوْنِهَا مَرَضًا نَفْسِيًّا أَوْ هَوَسًا جِنْسِيًّا، ثُمَّ إِلَى تَشْرِيعِهَا قَانُونًا يُحْمَى أَصْحَابُهُ، وَتُفْرَضُ لَهُمُ الْحُقُوقُ، وَيُعْتَرَفُ بِزَوَاجِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، ثُمَّ إِلَى فَرْضِ ذَلِكَ عَلَى سَائِرِ الْبَشَرِ بِقُوَّةِ السِّيَاسَةِ وَالِاقْتِصَادِ. إِنَّهَا خُطُوَاتُ الشَّيْطَانِ الَّتِي لَنْ تَنْتَهِيَ حَتَّى تُورِدَ الْبَشَرَ الْمَهَالِكَ، وَتَهْوِيَ بِهِمْ فِي الْإِثْمِ وَالضَّلَالِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (1) عظم المنكر.. وانتكاس الفطرة
  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (3) من الاستتار والتحريم إلى المجاهرة والتحليل
  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (4) الإسراف في الفواحش
  • لوط عليه السلام (1)
  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (5) الأسرة السوية.. والأسر البديلة
  • منكرات منتشرة في البيوت

مختارات من الشبكة

  • من أقوال السلف في فاحشة اللواط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن فاحشة اللواط والشذوذ والمثلية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • صلة السنة بالكتاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التطبيع مع الفواحش والمنكرات وخطره على الأمة الإسلامية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السخرية من الناس (لا يسخر قوم من قوم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم ...)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/5/1447هـ - الساعة: 17:35
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب