• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    زيف الانشغال
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    خطبة الجمعة في يوم الأضحى
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    بهجةُ العيد 1446 هـ
    الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    فضل يوم عرفة
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    إحرام القلب
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    العمل إذا وافق العيد يوم الجمعة
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    هل تهيأت لكنوز يوم عرفة؟
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: لزوم الإيمان في الشدائد
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الرحيل؟
    د. وليد قصاب
  •  
    هل بجوز رمي الجمرات قبل الزوال؟
    الشيخ أ. د. سعد بن عبدالله الحميد
  •  
    شرح حديث (احفظ الله يحفظك) ابن رجب رحمه الله
    الشيخ أ. د. سعد بن عبدالله الحميد
  •  
    نفحات عشر ذي الحجة
    الدكتور مثنى الزيدي
  •  
    عناية النبي بضبط القرآن وحفظه في صدره الشريف
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    المعاني الاقتصادية للحج
    د. زيد بن محمد الرماني
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

العلم بالله تعالى (1) شرفه ولذته

العلم بالله تعالى (1) شرفه ولذته
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/8/2020 ميلادي - 1/1/1442 هجري

الزيارات: 31474

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العلم بالله تعالى (1)

شرفه ولذته

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ وَالْكَمَالِ، الْمُنَزَّهِ عَنِ الْأَنْدَادِ وَالْأَشْبَاهِ وَالْأَمْثَالِ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَخَالِقُ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَجَامِعُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لِلْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ يَوْمَ الدِّينِ، فَلَا مَفَرَّ مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ، وَلَا نَجَاةَ مِنْهُ إِلَّا بِهِ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَبِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَأَتْقَاهُمْ لَهُ، بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِيُعَرِّفَنَا بِهِ، وَيَدُلَّنَا عَلَيْهِ، وَيُعَلِّمَنَا مَا يَجِبُ لَهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَعَرَّفُوا إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ حَيَاتَكُمْ كُلَّهَا؛ فَإِنَّ آيَاتِهِ الدَّالَّةَ عَلَيْهِ مَبْثُوثَةٌ فِي خَلْقِهِ، وَإِنَّ أَسْمَاءَهُ وَأَوْصَافَهُ وَأَفْعَالَهُ مَزْبُورَةٌ فِي وَحْيِهِ؛ فَمَنْ أَدَارَ عَقْلَهُ فِي الْخَلْقِ تَفَكُّرًا أَدْرَكَ شَيْئًا مِنْ عَظَمَةِ خَالِقِهِ سُبْحَانَهُ، وَمَنْ أَدْمَنَ الْقُرْآنَ تِلَاوَةً وَتَدَبُّرًا امْتَلَأَ قَلْبُهُ بِمَعْرِفَةِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 190- 191]. فَذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ يَذْكُرُونَهُ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِمْ، وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِهِ سُبْحَانَهُ، وَالْقُرْآنُ أَفْضَلُ الذِّكْرِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: «الْعِلْمُ الْأَعْلَى هُوَ الْعِلْمُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْأَعْلَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الْأَعْلَى 1]، فَالْعِلْمُ بِهِ أَعْلَى الْعُلُومِ، وَإِرَادَةُ وَجْهِهِ أَفْضَلُ الْإِرَادَاتِ، وَمَحَبَّتُهُ أَفْضَلُ الْمَحَبَّاتِ». «فَالْعِلْمُ الْأَعْلَى عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ هُوَ الْعِلْمُ بِاللَّهِ تَعَالَى، الَّذِي هُوَ فِي نَفْسِهِ أَعْلَى مِنْ غَيْرِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَالْعِلْمُ بِهِ أَعْلَى الْعُلُومِ مِنْ كُلِّ وَجْهِ، وَالْعِلْمُ بِهِ أَصْلٌ لِكُلِّ عِلْمٍ».

 

وَاللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِالْعِلْمِ بِهِ سُبْحَانَهُ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَعَلَّمَنَا مَنْ هُوَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَهَاكُمْ جُمْلَةً مِنَ الْآيَاتِ ﴿ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 209]، ﴿ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 34]، ﴿ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 40]، ﴿ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [هُودٍ: 14]، ﴿ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 98]، ﴿ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الْحَدِيدِ: 17]، ﴿ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 97]، ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطَّلَاقِ: 12].

 

وَآيَةُ الْكُرْسِيِّ هِيَ أَفْضَلُ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا كَانَتْ أَفْضَلَ آيَةٍ إِلَّا لِأَنَّهَا أَكْثَرُ الْآيَاتِ تَعْرِيفًا بِاللَّهِ تَعَالَى ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 255].

 

وَالْفَاتِحَةُ هِيَ أَفْضَلُ سُورَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَنِصْفُهَا الْأَوَّلُ تَعْرِيفٌ بِهِ سُبْحَانَهُ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الْفَاتِحَةِ: 1 - 4].

 

وَسُورَةُ الصَّمَدِ تَعْدِلُ ثُلْثَ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهَا سُورَةُ وَصْفِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الْإِخْلَاصِ: 1 - 4].

 

«وَلَمَّا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْأَوَّلَ الَّذِي خَلَقَ الْكَائِنَاتِ، وَالْآخِرَ الَّذِي إِلَيْهِ تَصِيرُ الْحَادِثَاتُ؛ فَهُوَ الْأَصْلُ الْجَامِعُ؛ فَالْعِلْمُ بِهِ أَصْلُ كُلِّ عِلْمٍ وَجَامِعُهُ، وَذِكْرُهُ أَصْلُ كُلِّ كَلَامٍ وَجَامِعُهُ، وَالْعَمَلُ لَهُ أَصْلُ كُلِّ عَمَلٍ وَجَامِعُهُ. وَلَيْسَ لِلْخَلْقِ صَلَاحٌ إِلَّا فِي مَعْرِفَةِ رَبِّهِمْ وَعِبَادَتِهِ. وَإِذَا حَصَلَ لَهُمْ ذَلِكَ، فَمَا سِوَاهُ: إِمَّا فَضْلٌ نَافِعٌ، وَإِمَّا فُضُولٌ غَيْرُ نَافِعَةٍ؛ وَإِمَّا أَمْرٌ مُضِرٌّ. ثُمَّ مِنَ الْعِلْمِ بِهِ تَتَشَعَّبُ أَنْوَاعُ الْعُلُومِ، وَمِنْ عِبَادَتِهِ وَقَصْدِهِ تَتَشَعَّبُ وُجُوهُ الْمَقَاصِدِ الصَّالِحَةِ، وَالْقَلْبُ بِعِبَادَتِهِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِهِ مُعْتَصِمٌ مُسْتَمْسِكٌ، قَدْ لَجَأَ إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ، وَاعْتَصَمَ بِالدَّلِيلِ الْهَادِي وَالْبُرْهَانِ الْوَثِيقِ، فَلَا يَزَالُ إِمَّا فِي زِيَادَةِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ، وَإِمَّا فِي السَّلَامَةِ عَنِ الْجَهْلِ وَالْكُفْرِ. وَبِهَذَا جَاءَتِ النُّصُوصُ الْإِلَهِيَّةُ فِي أَنَّهُ بِالْإِيمَانِ يَخْرُجُ النَّاسُ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ؛ وَضَرَبَ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ -وَهُوَ الْمُقِرُّ بِرَبِّهِ عِلْمًا وَعَمَلًا- بِالْحَيِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ وَالنُّورِ وَالظِّلِّ. وَضَرَبَ مَثَلَ الْكَافِرِ بِالْمَيِّتِ وَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالظُّلْمَةِ وَالْحَرُورِ».

 

هَذَا؛ «وَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِنَ اللَّذَّاتِ أَعْظَمُ مِنْ لَذَّةِ الْعِلْمِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَذِكْرِهِ وَعِبَادَتِهِ؛ وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ»، وَلَمْ يَقُلْ: حُبِّبَ إِلَيَّ ثَلَاثٌ؛ فَإِنَّ الْمُحَبَّبَ إِلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا اثْنَانِ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَهِيَ أَعْظَمُ مِنْ ذَيْنِكَ، وَلَمْ يَجْعَلْهَا مِنَ الدُّنْيَا»، وَ«اللَّذَّةُ الَّتِي تَبْقَى بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَنْفَعُ فِي الْآخِرَةِ هِيَ لَذَّةُ الْعِلْمِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَالْعَمَلِ لَهُ». وَفِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ أَحَبَّ عَبْدًا لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ، بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَدْعُوهُ لِلْإِسْلَامِ: «مَا يُفِرُّكَ أَنْ تَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَهَلْ تَعْلَمُ مِنْ إِلَهٍ سِوَى اللَّهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا. قَالَ: ثُمَّ تَكَلَّمَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا تَفِرُّ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَتَعْلَمُ شَيْئًا أَكْبَرَ مِنَ اللَّهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا» ثُمَّ أَسْلَمَ عَدِيٌّ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ.

 

فَطَعْمُ الْإِيمَانِ وَحَلَاوَتُهُ وَبَشَاشَتُهُ مُتَفَاوِتٌ فِي الْمُؤْمِنِينَ بِحَسْبِ تَفَاوُتِهِمْ فِي الْعِلْمِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَعَمَلِهِمْ بِمُوجَبِ هَذَا الْعِلْمِ. فَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ أَكْثَرَ عِلْمًا بِاللَّهِ تَعَالَى، وَعَمَلًا صَالِحًا؛ كَانَ أَكْثَرَ اسْتِطْعَامًا لِلْإِيمَانِ وَحَلَاوَتِهِ وَبَشَاشَتِهِ. فَلْنَزِدْ طَعْمَ الْإِيمَانِ وَحَلَاوَتَهُ وَبَشَاشَتَهُ فِي قُلُوبِنَا بِمَزِيدِ عِلْمِنَا بِاللَّهِ تَعَالَى، وَإِتْبَاعِ الْعِلْمِ الْعَمَلَ.

 

أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ﴾ [مُحَمَّدٍ: 19].

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 123].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: «مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى هِيَ غَايَةُ الْمَعَارِفِ، وَعِبَادَتُهُ أَشْرَفُ الْمَقَاصِدِ، وَالْوُصُولُ إِلَيْهِ غَايَةُ الْمَطَالِبِ، بَلْ هَذَا خُلَاصَةُ الدَّعْوَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَزُبْدَةُ الرِّسَالَةِ الْإِلَهِيَّةِ».

 

«وَالْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ دَعَوُا النَّاسَ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَعِبَادَتُهُ مُتَضَمِّنَةٌ لِمَعْرِفَتِهِ وَذِكْرِهِ. فَأَصْلُ عِلْمِهِمْ وَعَمَلِهِمْ: هُوَ الْعِلْمُ بِاللَّهِ وَالْعَمَلُ لِلَّهِ... وَأَصْلُ الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ فِطْرِيٌّ ضَرُورِيٌّ وَهُوَ أَشَدُّ رُسُوخًا فِي النُّفُوسِ مِنْ مَبْدَإِ الْعِلْمِ الرِّيَاضِيِّ؛ كَقَوْلِنَا: إِنَّ الْوَاحِدَ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ، وَمَبْدَأُ الْعِلْمِ الطَّبِيعِيِّ؛ كَقَوْلِنَا: إِنَّ الْجِسْمَ لَا يَكُونُ فِي مَكَانَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَعَارِفَ أَسْمَاءٌ قَدْ تُعْرِضُ عَنْهَا أَكْثَرُ الْفِطَرِ، وَأَمَّا الْعِلْمُ الْإِلَهِيُّ: فَمَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تُعْرِضَ عَنْهُ فِطْرَةٌ».

 

وَأَقْبَحُ الْجَهْلِ الْجَهْلُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَالْجَهْلُ بِمَا يُرِيدُهُ مِنْ عِبَادِهِ، وَمَا عَبَدَ الْمُشْرِكُونَ سِوَاهُ سُبْحَانَهُ إِلَّا لِجَهْلِهِمْ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ، مَعَ قِيَامِ الْأَدِلَّةِ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ. وَأَشَدُّ جَهْلًا مِنْهُمْ مَنْ جَحَدَهُ مِنَ الْمَلَاحِدَةِ وَالْعَدَمِيِّينَ وَالشُّيُوعِيِّينَ، مَعَ أَنَّهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّ مَنَاهِجَهُمْ عِلْمِيَّةٌ، وَهِيَ مَنَاهِجُ الْجَهْلِ الْمُرَكَّبِ. وَلَا يُنْكِرُ دَلَائِلَ الرُّبُوبِيَّةِ وَالْأُلُوهِيَّةِ إِلَّا مُكَابِرٌ ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾ [النَّمْلِ: 14]، ﴿ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ ﴾ [غَافِرٍ: 56]، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَرَضِ قُلُوبِهِمْ، وَعَلَى أَنَّ شَقَاءَهُمْ يُحِيطُ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَالِهِمْ وَمَآلِهِمْ.

 

وَحَرِيٌّ بِأَهْلِ الْإِيمَانِ أَنْ يَزِيدُوا عِلْمَهُمْ بِاللَّهِ تَعَالَى؛ وَذَلِكَ بِالتَّفَكُّرِ فِي خَلْقِهِ سُبْحَانَهُ، وَالنَّظَرِ فِي آيَاتِهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ [فُصِّلَتْ: 53]، وَكَذَلِكَ بِكَثْرَةِ قِرَاءَةِ كِتَابِهِ الْكَرِيمِ؛ فَإِنَّ كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ غَيْرُ كَلَامِ الْبَشَرِ، وَهُوَ مِمَّا يَزِيدُ الْعِلْمَ بِهِ سُبْحَانَهُ. وَأَسْمَاؤُهُ وَصِفَاتُهُ وَأَفْعَالُهُ مَبْثُوثَةٌ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ.

 

وَكَذَلِكَ كَثْرَةُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ فَإِنَّهَا مِنَ الْإِيمَانِ، وَبِكَثْرَتِهَا يَطْمَئِنُّ الْقَلْبُ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْقُرْبِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ.

 

وَالْإِيمَانُ وَزِيَادَتُهُ هِبَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى يَسْتَحِقُّهَا مِنْ عِبَادِهِ مَنْ قَبِلَهَا وَأَقْبَلَ عَلَيْهَا، وَفَرِحَ بِهَا وَشَكَرَهَا، وَيُحْرَمُ مِنْهَا مَنْ رَفَضَهَا وَضَاقَ صَدْرُهُ بِهَا، وَأَعْرَضَ عَنْهَا وَكَفَرَهَا ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الْإِنْسَانِ: 3].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العلم بالله عز وجل
  • العلم الإلهي أو العلم بالله عند ابن تيمية (مقدمة)
  • العلم بالله تعالى (2) العلم بربوبيته سبحانه
  • العلم بالله تعالى (3) دلائل ربوبيته سبحانه
  • العلم بالله تعالى (4) من مظاهر ربوبية الله تعالى
  • العلم بالله تعالى (5) الأساليب القرآنية في إثبات الربوبية (خطبة)
  • العلم بالله تعالى (6) لوازم العلم بربوبية الله تعالى
  • العلم بالله تعالى (7) مواقف للأنبياء في تقرير الربوبية
  • العلم بالله تعالى (8) أقسام الناس في العلم بالربوبية
  • العلم بالله تعالى (9) الربوبية العامة.. والربوبية الخاصة
  • العلم بالله تعالى (10) من آثار العلم بربوبية الله تعالى

مختارات من الشبكة

  • لماذا نكرر العلم؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • نصف العلم لطالب العلم: بحث في علم الفرائض يشتمل على فقه المواريث وحساب المواريث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • طبيعة العلم من المنظور الإسلامي(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • نصائح مهمة للمبتدئين في طلب العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرف العلم وفضيلته في القرآن الكريم ودلالته الدينية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حث الطلاب على الجمع بين علم التفسير والحديث والفقه(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من أقوال السلف في أهمية السؤال وآدابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص كتاب: المجملات النافعات في مسائل العلم والتقليد والإفتاء والاختلافات - الثاني: العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • انطلاق دورة (العلم قوة العلم نجاح) للطلاب المسلمين في زينيتسا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أحاديث في فضل العلم: 110 حديثا وأثرا في فضل العلم وبيان آدابه (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- ‏موضوع: المعرفة بالله تعالى
البلعوشي يوسف - المغرب 23-04-2021 09:14 AM

‏هذا الموضوع أبكاني وزادني معرفة بالله تعالى..

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/12/1446هـ - الساعة: 12:20
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب