مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للخطيب الشربيني تحقيق عبد الرزاق النجم

مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للخطيب الشربيني تحقيق عبد الرزاق النجم

صدر حديثًا طبعة جديدة من كتاب "مُغنِي المُحتاجِ إلى معرفَةِ مَعَانِي ألفَاظِ المِنهَاجِ"، للإمامِ "شَمْسِ الدِّينِ الخَطِيبِ الشربينيِّ"، تحقيق: "عبدُ الرَّزَّاق النَّجم"، في ثمانية مجلدات، نشر: "دار الفيحاء للنشر والتوزيع"و"دار المنهل ناشرون".

وهذه الطبعة طبعة جديدة مزيدة ومنقحة ومقابلة على أصل خطي، وكذلك طبعة البابي الحلبي.

وهو كتاب في الفقه للشيخ "شمس الدين محمد بن الخطيب الشربيني" (ت 977هـ) شرحَ فيه كتاب "منهاج الطالبين" للإمام النووي (ت 676هـ). وهو من أهم كتب الشافعية وأشهرها، وأكثرها تناولًا عند طلاب الفقه على اختلاف مذاهبهم؛ فهو كتاب جامع لأحكام العبادات والمعاملات، متميز بدقة العبارة، وسلاسة الأسلوب، وحسن الترتيب، مدعومًا بالأدلة بدون مقارنة مع المذاهب الأخرى.

قال "الخطيب الشربيني" في مقدمة هذا الشرح:

"لَما يَسَرَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - وَلَهُ الْفَضْلُ وَالْمِنةُ الفراغَ مِنْ شَرْحِي عَلَى التَنْبِيهِ، لِلْعَلَّامَةِ الْقُطْبِ الرَبَانِيِّ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ، قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَنَوَرَ ضَرِيحَهُ، الْمُشْتَمِلِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ مُهِمَاتِ الشُّرُوحِ وَالْمُصَنفَاتِ، وَفَوَائِدِهَا وَنَفَائِسِهَا الْمُفْرَدَاتِ، حَمِدْتُ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عَلَى إتْمَامِهِ، وَسَأَلْتُهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ وَإِنْعَامِهِ. ثُمَّ سَأَلَنِي بَعْضُ أَصْحَابِي أَنْ أَجْعَلَ مِثْلَهُ عَلَى مِنْهَاجِ الْإِمَامِ الربانِيِّ الشَافِعِيِّ الثَّانِي: مُحْيِي الدِّينِ النوَوِيِّ، فَتَرَددْت فِي ذَلِكَ مُدةً مِنْ الزَّمَانِ، لِأَنِّي أَعْرِفُ أَنِّي لَسْتُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الشأْنِ، حَتَّى يَسرَ اللَّهُ لِي زِيَارَةَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى سَائِرِ النبِيِّينَ، وَالْآلِ وَالصحْبِ أَجْمَعِينَ، فِي أَولِ عَامِ تِسْعِمِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَخَمْسِينَ.

اسْتَخَرْت اللَّهَ ... وَسَأَلْتُهُ أَنْ يُيَسِّرَ لِي أَمْرِي، فَشَرَحَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - لِذَلِكَ صَدْرِي. فَلَما رَجَعْتُ مِنْ سَفَرِي، وَاسْتَمَر ذَلِكَ الِانْشِرَاحُ مَعِي، شَرَعْتُ فِي شَرْحٍ يُوَضِّحُ مِنْ مَعَانِي مَبَانِي مِنْهَاجِ الْإِمَامِ النوَوِيِّ مَا خَفَا، وَيُفْصِحُ عَنْ مَفْهُومِ مَنْطُوقِهِ بِأَلْفَاظٍ تُذْهِبُ عَنْ الْفَهْمِ جَفَاءً، وَتُبْرِزُ الْمَكْنُونَ مِنْ جَوَاهِرِهِ، وَتُظْهِرُ الْمُضْمَرَ فِي سَرَائِرِهِ، خَالٍ عَنْ الْحَشْوِ وَالتطْوِيلِ، حَاوٍ لِلدلِيلِ وَالتعْلِيلِ، مُبَيِّنٌ لِمَا عَلَيْهِ الْمُعَولُ مِنْ كَلَامِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْأَصْحَابِ، عُمْدَةٌ لِلْمُفْتِي وَغَيْرِهِ مِمنْ يَتَحَرى الصَّوَابَ، مُهَذَّبُ الْفُصُولِ، مُحَقَّقُ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ، مُتَوَسِّطُ الْحَجْمِ، وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا، لَا تَفْرِيطُهَا وَلَا إفْرَاطُهَا".

وينقسم الكتاب إلى أربعة أجزاء يتناول الجزء الأول فقه العبادات مثل الصلاة والصيام والزكاة، ويتناول الجزء الثاني فقه المعاملات مثل البيع والشراء والرهن، ويتناول الجزء الثالث فقه الأحوال الشخصية مثل الزواج والطلاق والإرث، بينما يتناول الجزء الرابع فقه الأحكام السلطانية وفقه العقوبات مثل عقوبة القاتل والزاني.

ونجد أن هذا الكتاب طبع بالمطبعة الميمنية بمصر 1308هـ في أربعة مجلدات، ثم تكرر طبعه مع زيادات وتعليقات على متنه.

وقد جمع فيه "الخطيب الشربيني" تحريرات شيوخه بعد شيخ الإسلام القاضي "زكريا الأنصاري".

ولأهمية هذا الكتاب اعتنى بتحقيقه "عبد الرزاق النجم" حيث عمل فيه على مدى عامين تحقيقًا وتدقيقًا وتمحيصًا وتصحيحًا معتمدًا في منهج تحقيقه على رد الآيات إلى سُورها الكريمة، مع التعريف بالعلاّمة الإمام النووي صاحب متن "منهاج الطالبين"، والتعريف بالإمام "محمد الشربيني الخطيب"؛ صاحب الشرح المسمّى بـ"مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج"، وقام بضبط المتن بالشكل الكامل مع إضافة علامات الترقيم المناسبة، واعتمد نسخة الدكتور "أحمد بن عبد العزيز الحدّاد" في ضبط المتن، ومن بعدها كان الاعتماد على نسخة البابيّ الحلبيِّ، وإصلاح الأخطاء التي وقعت فيها نسخة البابيِّ الحلبيِّ مع إثبات الصحيح المعتمد، وإثبات علامات الترقيم المناسبة له، وضبط الكلمات الغريبة التي وردت في الشرح بالشكل المناسب لها مع إيضاح معناها من أمّهات كتب اللغة المعتمدة عند المختصّين، وضبط الأحاديث الواردة في هذا السفر بالشكل الكامل، وتخريج أحاديث الكتاب كاملةً من مظانِّها، مع ذكر الأحاديث التي أومأ إليها الشارح، والتعليق على مسائل الكتاب بما هو شارح لها أو مقيّدٌ لمطلقها أو مخصّصٌ لعمومها، أو بما فيه زيادة على مسائل هذا السِّفْرٍ بما يتمِّمُ الفائدة ويغني الكتاب، وقام المحقق بعزو بعض الأحكام الفقهيّة إلى المذاهب الأخرى مع الإشارة إلى المراجع المعتمدة في ذلك توسيعًا للمدارك وتتميمًا للفائدة، ووَضعَ عناوين فرعيَّة للفقرات المهمَّة بين معقوفين تسهيلًا للبحث وإيضاحًا للمراد، مع التعريف بالرموز التي تكثر في شروح المذهب، ورموز المؤلِّفين، واصطلاحات السَّادة الشافعية في كتبهم وأسفارهم، وقام بصنع فهرس تفصيليِّ لمسائل الكتاب وذلك في نهاية كلِّ جزء منه ليسهل الرجوع إلى الموضوع المراد البحث فيه.

والمؤلف هو الإمام الخطيب الشربيني، "شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني" الشافعي القاهري الفقيه المفسر المتكلم، النحوي، ولد في شربين بمحافظة الدقهلية وإليها ينسب ثم انتقل إلى القاهرة واستوطنها حتى توفي.

كان الشيخ "الخطيب الشربيني" ممن أجمع أهل مصر على صلاحه وعلمه وعمله وزهده وورعه، مع كثرة النُسكِ والعبادةِ، كثير التواضع، شديد الحياء. وكان من عادته أن يعتكف من أول رمضان فلا يخرج من الجامع إلا بعد صلاة العيد. وكان إذا حج لا يركب إلا بعد تَعبٍ شديدٍ حيث كان يمشي كثيرًا وينزل عن الدابةِ، وكان أثناء طريق الحج يكثر من تعليم الناس المناسك، وآداب السفر، ويحثهم على الصلاة، ويعلمهم كيفية القصر والجمع، وكان يكثر من تلاوة القرآن في الطريق وغيره، وإذا كان في مكة أكثر من الطواف، ومع ذلك كان يصوم بمكة والسفر أكثر أيامه.

وله العديد من المؤلفات التي كتب الله لها القبول:

• "السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير". طبع في أربعة مجلدات ضخام بمطبعة بولاق 1285هـ ثم تكرر طبعه، ويعرف بتفسير الخطيب الشربيني. وقد كتبت دراسات عن منهج الشيخ في هذا التفسير.

• "شرح شواهد القطر". طبع على الحجر بمصر 1283هـ ثم تكرر طبعه.

• "مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج". وهو شرح "منهاج الطالبين" للنووي في الفقه الشافعي.

• "شرح التنبيه". وهو شرح على كتاب "التنبيه في فروع الشافعية" لأبى إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي الفقيه الشافعي المتوفى سنة 476 هـ.

• "تقريرات على كتاب المطول في البلاغة" للتفتازاني.

• "نور السجية في حل ألفاظ الآجرومية".

• "فتح الخالق المالك في حل ألفاظ ألفية ابن مالك".

• "الفتح الرباني في حل ألفاظ تصريف عز الدين الزنجاني".

• "كتاب شرح البهجة في الفقه" لابن الوردي.

وتوفي الخطيب الشربيني بعد العصر من يوم الخميس الثامن من شعبان سنة سبع وسبعين وتسعمائة 977 هـ الموافق 1570م.