• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حكم السفر لبلاد يقصر فيها النهار لأجل الصوم بها: ...
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    تحريم التفكر في ذات الله جل وعلا
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    امتنان الله تعالى على الخليل عليه السلام بالهداية
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    التفاف الرعية بالراعي ونبذ الفرقة والشقاق (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    العفو في هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأثره
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    التسبيح هو أفضل الكلام
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    التحذير من الكسل (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    توهم إضاعة الدين بسبب الاختلاف في ثبوت بعض ...
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    سنة التدافع وفقهها (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    علة حديث: من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    لا تكونوا عجلا
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: صبره وثباته
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    {وجادلهم بالتي هي أحسن}
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    القمار والميسر... متعة زائفة، وعاقبة مؤلمة
    بدر شاشا
  •  
    ومضات نبوية: "يا حنظلة ساعة وساعة"
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    من تجالس؟ (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / خواطر إيمانية ودعوية
علامة باركود

ما جاء في القرآن الكريم من أمور مهمة يحبها المؤمنون

عبدالستار المرسومي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/1/2015 ميلادي - 8/4/1436 هجري

الزيارات: 16190

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ما جاء في القرآن الكريم من أمور مهمة يحبها المؤمنون

 

هنا أشياء اختَصَّ بحبها المؤمنون دون غيرهم، فهي أشياء مقدسة عندهم، ولها نتائج عظيمة، وإن حبها يصاحبه أمران، أمر يعبر عن الالتزام والجِدِّ، وصِدق النية مع الله سبحانه وتعالى، والأمر الثاني: النتائج الإيجابية التي تصاحب هذا الحب، وهذه الأمور هي:

1 - الإيمان: والإيمان في اللغة هو التصديق، والمؤمن هو المصدِّق بالله سبحانه وتعالى إلهًا وربًّا، وبأنبيائه وبالكتب التي ينزلها عليهم، وبما في هذه الكتب من عقائد وأنباء وأحكام وغيب؛ قال تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾ [الحجرات: 7].

 

وحتى يكون الإيمان دِينًا يَدين به المرء لله تعالى، فينبغي أن يحب المؤمن الإيمان، وتثبيتًا لهذا الأصل فإن الله سبحانه وتعالى هو من يكتب الإيمان في قلوب المؤمنين؛ قال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22]، والله سبحانه وتعالى هو من يحبِّب الإيمان للمؤمنين، ويزيِّنه في قلوبهم، من أجل ثباته وزيادته؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثٌ من كُنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان؛ أن يكون الله ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحبَّ المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكرَهَ أن يعود في الكفر كما يكره أن يُقذَفَ في النار))[1].

 

فمن أحب شيئًا ذاق حلاوته، فإن ذاق حلاوته عرف قيمته، وإذا عرف قيمته تمسَّك به، ولما كان الإيمان على شُعَبٍ ومراتب - فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الإيمان بضعٌ وستُّون شعبة، والحياء شعبةٌ من الإيمان))[2] - فإن الحب يكون وَفقًا لدرجات هذا الإيمان؛ فحب الله سبحانه وتعالى يكون في المرتبة الأولى، ثم حب رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم حب الصِّدِّيقين، ومنهم أبو بكر رضي الله عنه، ثم حب الشهداء، ومنهم عمر رضي الله عنه، وعثمان رضي الله عنه، وعلي رضي الله عنه، ثم حب الصالحين من الناس، ومنهم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين وتابعيهم؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69].

 

ولعظَمة الإيمان فقد اشتق الله سبحانه وتعالى له اسمًا منه؛ فالله سبحانه وتعالى هو المؤمِنُ؛ جاء في تفسير القرطبي: (المؤمن: أي المُصدِّق لرسله بإظهار معجزاته عليهم، ومصدق المؤمنين ما وعدهم به من الثواب، ومصدق الكافرين ما أوعدهم من العقاب، وقيل: المؤمن الذي يُؤمِن أولياءَه من عذابه، ويؤمن عباده من ظلمه، يقال: آمَنه من الأمان الذي هو ضد الخوف؛ كما قال تعالى: ﴿ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 4]؛ فهو مؤمِن؛ قال النابغة:

والمؤمِنِ العائذاتِ الطَّيرِ يمسَحُها
ركبانُ مكَّةَ بين الغِيلِ والسَّندِ

 

وقال مجاهد: المؤمن الذي وحَّد نفسه، بقوله: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ [آل عمران: 18]، وقال ابن عباس: (إذا كان يوم القيامة أخرج أهل التوحيد من النار، وأول من يخرج مَن وافق اسمُه اسمَ نبي، حتى إذا لم يبقَ فيها من يوافق اسمه اسم نبي، قال الله تعالى لباقيهم: أنتم المسلمون وأنا السلام، وأنتم المؤمنون وأنا المؤمن، فيخرجهم من النار ببركة هذين الاسمين)[3].

 

2 - الطهارة: قال تعالى: ﴿ لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾ [التوبة: 108]، إن الطهارةَ تكون في الماديات والرُّوحانيات؛ لأنها تعني البراءة من النجاسة؛ ولهذا فإننا نقول: إن المؤمن طاهر، بينما ذكر القرآن أن المشرك غيرُ طاهر، بل هو نجس؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ﴾ [التوبة: 28].

 

3 - المغفرة: والمغفرة هي الستر مع الإصلاح؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22]، جاء في المحكم والمحيط الأعظم لابن سِيده: (غفره يغفره غفرًا: ستَره، والعرب تقول: اصبغ ثوبك بالسواد؛ فهو أغفَرُ لوسَخه، وغفر المتاع في الوعاء يغفره غفرًا، وأغفره: أدخَله وستره، وكذلك غفر الشيب بالخضاب، وأغفره؛ قال الشاعر:

حتى اكتسيت مِن المَشِيب عمامةً
غفراءَ أغفِر لونها بخضابِ

 

والغَفور، والغفَّار: مِن صفاته جل ثناؤه وتقدست أسماؤه... وأغفَر الأمر بغُفْرته وغفيرته: أصلحه بما ينبغي أن يصلح به)[4]، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسـي بيده، لو لم تُذْنِبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقومٍ يُذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم))[5].

 

4 - النصر: قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 152]، وقال تعالى: ﴿ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الصف: 13]، جاء في المصباح المنير: (نصـره على عدوه، و"نصـرته" منه "نصـرًا" أعَنْته وقوَّيْته)[6]؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [آل عمران: 126].

 

وحصيلة الأشياء التي جاءت كقرينة لحب المؤمنين، وهي الإيمان والطهارة والمغفرة والنصر، فإنما هي مستلزمات أساسية لإقامة ما أمر الله سبحانه وتعالى أن يقام في الأرض، وهي شريعته.

 

فالإيمان هو أساس قيام أحكام الإسلام في داخل الفرد المسلم الذي يمثِّلُ لَبِنة في النسيج الاجتماعي للأمة الإسلامية، فلا يتصوَّر أن تؤدى أحكام الإسلام من غيرِ إيمان في القلب أولًا؛ فالإيمان هو البوصلة التي تحدد كل أقوال وأفعال الفرد المسلم، وبغيره يَتِيه الإنسان ويَجْنح بعيدًا عن طريق الله سبحانه وتعالى، ومن الإيمان ينبثق حبُّ الله سبحانه وتعالى، والخوف مِن عذابه وعقابه وناره، ورجاء رحمته وغفرانه وجنَّته.

 

وأما الطهارة فهي المنطلق الإيماني الذي يباشـر العبد منه عبادتَه لربه سبحانه وتعالى، ولا يمكِن للمؤمن أن يناجي ربه إلا وهو طاهر البدن، طاهر القلب، نقي الروح، فإن طهرت هذه الأشياء جاءت العبادات نقيَّةً طيبة مباركة، فيقبَلها الله سبحانه وتعالى من عبده، وهنا السـر في أن المؤمن يحبُّ الطهارة، فمن يحب اللهَ سبحانه وتعالى يحب أن يلقاه على حالٍ يحبها المحبوب، وعندما يكون المحبوب هو اللهَ سبحانه وتعالى، فإن الطهارة البدنية والقلبية ينبغي أن تكون حاضـرة وجوبًا؛ لأنه لا يليق بالعبد المؤمن أن يناجي سيده وهو ليس بطاهر.

 

وأما المغفرة فإن المؤمن يحبها؛ لأنه بحاجة إليها لأن تكون نقطةَ الشـروع بعد كل إخفاق، فبحُكم صفات النقص في الإنسان فإنه يَخْطَأ، ولا يحسن التقدير أحيانًا، وبحكم الشهوات التي فيه فإنه يستجيب لها أحيانًا، ويطمع أحيانًا أخرى، ويرتكب خلال هذا وهذا أخطاءً، وكل هذه الأخطاء التي يرتكبها الفرد المؤمن قد تسبب له إحباطًا وتلكؤًا؛ فلذلك إذا لم يُسعَفْ بالمغفرة من الله سبحانه وتعالى عما اقترفت يداه فإنه لن يستطيع أن يستمرَّ بدوره في الحياة.

 

وأما النصر فهو قرة عين المؤمن في الدنيا، ففيه عزُّه ورفعته؛ فالمؤمن يحب النصر؛ لأن فيه ارتفاعًا لراية المحبوب، وإثبات حبه له سبحانه وتعالى، كما أن فيه دليلًا على أن المؤمن يُضحِّي من أجل حبيبه الأول، وهو الله سبحانه وتعالى، كما أنه مُعبِّر عن حب الله سبحانه وتعالى لعبده؛ قال تعالى: ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 40].

 

5 - وأحيانًا وفي مواقف الاختبار وتثبيت الذات على الإيمان، فإن المؤمن يُعلِن عن حبه لشـيء ضارٍّ أو مخالف للفطرة، لا يحبه إلا بُغْضًا لضده، بمعنى أنه نتيجة لرفضه خيارًا لا يريده إلى درجة ينظر إلى قبوله بالضد من ذلك الخيار أنه بمرتبة الحب، كما اختار نبي الله يوسف عليه السلام السجن، وأعلن لربه سبحانه وتعالى أنه يحب السجن؛ لأنه يبغض معصية الله سبحانه وتعالى إلى درجة عالية جدًّا، ولكن السجن بعينه يعتبر سوءًا وضـرًّا، فإن من الفطرة الإنسانية ألا يحبه المرء؛ قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [يوسف: 33].

 

كما لا بد من الإشارة تحت هذا العنوان إلى أن حب الإنسان للأشياء يكون وفق رؤى شخصية قد يرى المحب أن فيها خيرًا، أو أن تتحقق مصلحة شخصية أو عامة من هذا الحب، ولكن الله سبحانه وتعالى يرى غير ما نرى؛ فهو علام الغيوب؛ قال تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]؛ فالحب البشري للأشياء قد تكون نتائجه سلبية، ويترتب عليه شـر؛ لذلك توجب الاستعانة بالله سبحانه وتعالى في الحب، وترك ما تجري به مقادير الله سبحانه وتعالى، والرضا بها؛ فإن معها الخير.

 

ثم إن القرآن الكريم يوجِّه بوصلة الحب نحو حب الكمال والجلال، وينبغي ألا يكون هذا الحب إلا لخالق الخَلْق، وقيُّوم السموات والأرض، وهو الله تعالى، أما الأشياء الناقصة التي تمرض وتهرم وتغيب، فينبغي ألا نعطيَها إلا حقَّها، ولا نقدرها إلا بقدرها؛ قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ﴾ [الأنعام: 76]، ولا بد من الانتباه هنا إلى أن نبي الله إبراهيم عليه السلام كان يحاجُّهم بما يلائم فطرتهم، وبما يقبَلونه من الكلام وفق المنطق وفقه الواقع؛ لذلك قال لهم: إنه لا يحب الآفلين، فخرسوا ولم يجادلوا؛ لأنهم يعلمون أنه - عليه السلام - قال الحقَّ.

 

وجاء السياق القرآني بنفس الطريقة حين خاطب القرآنُ الكريم المؤمنين في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ [الحجرات: 12]، فمن الطبيعي أن يكون الجواب بـ (لا)؛ فالمؤمن لا يحب أن يأكل لحم الشاة حين تموت، فكيف بلحم أخيه المسلم؟! فهو لا يحب أن يأكل لحمه لا حيًّا ولا ميتًا، قال الماوردي: (﴿ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا ﴾ [الحجرات: 12]، فيه وجهانِ:

أحدهما: أي: كما يحرُمُ أكلُ لحمه ميتًا، يحرُمُ غِيبتُه حيًّا.

 

الثاني: كما يمتنع أحدُكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا، كذلك يجب أن يمتنع عن غِيبته حيًّا؛ قاله قتادة، واستعمل أكل اللحم مكان الغِيبة؛ لأن عادة العرب بذلك جارية؛ قال الشاعر:

فإن أكَلوا لحمي وَفَرْتُ لحومَهم
وإن هدَموا مجدي بَنَيْتُ لهم مجدَا

 

﴿ فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ [الحجرات: 12] فيه وجهان:

أحدهما: فكرِهْتُم أكل الميتة، كذلك فاكرَهوا الغِيبة.

الثاني: فكرِهتم أن يعلَمَ بكم الناسُ، فاكرَهوا غِيبةَ الناس)[7].



[1] صحيح البخاري، باب حلاوة الإيمان، ج1، ص14، حديث: 16.

[2] صحيح البخاري، كتاب الإيمان، ج1، ص12، حديث 9.

[3] الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، ج18، ص 46 - 47.

[4] المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده، ج5، ص499.

[5] صحيح مسلم، باب: سقوط الذنوب بالاستغفار، ج4، ص 2106، حديث: 2749.

[6] المصباح المنير، المقري، ص 313.

[7] تفسير الماوردي (النكت والعيون)، الماوردي، ج5، ص335.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العدد والحساب في القرآن الكريم
  • من المنهج العلمي في القرآن الكريم: الأرض وسقفها
  • معالم القانون الأخلاقي في القرآن الكريم
  • أهمية دراسة ألفاظ الجنة في القرآن الكريم
  • مفاهيم ومصطلحات دراسة: ألفاظ الجنة في القرآن الكريم

مختارات من الشبكة

  • وقفات مهمة لتعظيم الله جل جلاله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قواعد مهمة في التعامل مع العلماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منظومة تنبيه الطلاب بمهمة علم الأنساب (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الأربعون المنتخبة المهمة لعامة الأمة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ما جاء في "القرآن الكريم" عن "منكري السنة"(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء التاسع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المترجم الدبلوماسي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • البحوث القرآنية في مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي (جامعة الوصل لاحقا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهمزة في قراءة { ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار } بين التحقيق والتسهيل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة دروب النجاح (10) الحافز الداخلي: سر الاستمرارية والنجاح الحقيقي(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/5/1447هـ - الساعة: 14:3
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب