• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الدعوات التي تقال عند عيادة المريض
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    الهمزة في قراءة { ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار } ...
    د. حسناء علي فريد
  •  
    تحريم تشبيه الله تبارك وتعالى بخلقه وضرب الأمثال ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    علة حديث: ((يخرج عنق من النار يوم القيامة له ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    خطبة: من تلعنهم الملائكة
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم بالسنوات الخداعات
    حسام كمال النجار
  •  
    السيرة النبوية وتعزيز القيم والأخلاق في عصر ...
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    وقفات تربوية مع سورة الكوثر (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    مناظرة رائعة بين عالم مسلم وملحد
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    إياكم ومحقرات الذنوب
    محمد أحمد عبدالباقي الخولي
  •  
    كلمتان حبيبتان إلى الرحمن
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    أحكام تكبيرة الإحرام: دراسة فقهية مقارنة (PDF)
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    القرآن ميزان المعاملات – 100 فائدة
    د. خالد بن حسن المالكي
  •  
    الأعمار تفنى والآثار تبقى (خطبة)
    رمضان خضير خضير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    صبغ الشعر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

تأييد الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالملائكة (خطبة)

تأييد الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالملائكة (خطبة)
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/1/2025 ميلادي - 12/7/1446 هجري

الزيارات: 2952

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تأييد الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالملائكة


الخطبة الأولى

الحمد لله الذي تفرَّد بجلال ملكوته، وتوحَّد بجمال جبروته، وتعزَّز بعلوِّ أحديَّته، وتقدَّس بسمو صمديَّته، وتكبَّر في ذاته عن مضارعة كل نظير، وتنزَّه في صفائه عن كل تناهٍ وقصور، له الصفات المختصة بحقه، والآيات الناطقة بأنه غيرُ مُشبَّه بخلقه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، شهادة موقن بتوحيده، مستجير بحسن تأييده، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه.

هذا النبي محمدٌ خيرُ الورى
ونبيُّهم وبه تَشرَّف آدمُ
وله البها وله الحياءُ بوجهه
كلُّ الغنى مِن نوره يتقسَّمُ
يا فوزَ مَن صلَّى عليه فإنه
في جنة المأوى غدًا يتنعَّمُ
صلى عليه الله جلَّ جلالُه
ما راح حادٍ باسمه يترنَّمُ

 

وعلى آله وأصحابه ومن سار على نَهْجه، وتمسَّك بسنته واقتدى بهديه، واتَّبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ونحن معهم يا أرحم الراحمين، أما بعد:

فيا أحباب الحبيب المحبوب حبيب علام الغيوب - صلى الله عليه وسلم - نقف في هذا اليوم الطيب المبارك مع النبي المبارك - صلى الله عليه وسلم - لنرى تأييد الله تعالى لنبيه وحبيبه بالملائكة المقرَّبين الذين هم جندٌ من جنود الله الذين يدافعون ويناصرون أولياءَ الرحمن على أولياء الشيطان، فأعيروني القلوب والأسماع.

 

العون الملائكي والرفق النبوي:

لما انطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل الطائف ليدعوهم إلى عبادة الله الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لا شريك له في ملكه ولا سند، قابلوا هذه الدعوة بالرفض، ولم يكتفوا بذلك، بل سلَّطوا عليه عبيدهم وسفاءَهم وصبيانهم؛ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -حَدَّثَتْهُ: «أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ: ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»[1].

 

من خلال رفض النبي - صلى الله عليه وسلم - لمقترح ملَك الجبال بإهلاك مَن تعرَّض له بالأذى، وضع لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - منهجه في التغيير، وهذا من الدروس الهامة من هذه الرحلة الشاقة؛ إذ كان مقترح ملَك الجبال أن يُطبق عليهم الجبلين، وهو يدخل تحت منهج الاستئصال، وقد نُفِّذ في قوم نوح وعاد وثمود ولوط؛ قال تعالى: ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [العنكبوت:40].

 

لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - رفض ذلك، ونظر إلى المستقبل بيقين، وبروح التفاؤل والرحمة والشفقة قائلًا: (بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم مَن يعبُد الله وحده لا يُشرك به شيئًا)، ومن ثم قرَّر الرجوع إلى مكة ليواصل دعوته بالحكمة والموعظة الحسنة، رغم ما يلقاه من تعبٍ ومشقة، وهذا هو المنهج النبوي في الدعوة إلى الله؛ كما قال تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل:125].

 

الدفاع الملائكي عن الحبيب النبي - صلى الله عليه وسلم -:

إخوة الإسلام، من صور الدفاع الملائكي عن الحبيب النبي تلك الصورة التي سوَّل الشيطان فيها لفرعون هذه الأمة أبي جهل أن ينال من النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن يطأ رقبته بقدميه، فجاء العون من الله وأرسل ملائكته ليدافعوا عن حبيبه ومصطفاه؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: « قَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ قَالَ: فَقِيلَ: نَعَمْ، فَقَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ، أَوْ لَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ، قَالَ: فَأَتَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُصَلِّي، زَعَمَ لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ. قَالَ: فَمَا فَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ، وَهَوْلًا وَأَجْنِحَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا نَدْرِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ شَيْءٌ بَلَغَهُ، ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى *إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى * أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴾ [العلق: 6 - 13]، يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ ﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى * كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلَّا لَا تُطِعْهُ ﴾ [العلق: 14 - 19]، زَادَ عُبَيْدُ اللهِ فِي حَدِيثِهِ قَالَ: وَأَمَرَهُ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ»[2].

 

قال النووي: "ولهذا الحديث أمثلة كثيرة في عصمته - صلى الله عليه وسلم - من أبي جهل وغيرِه، ممن أراد به ضررًا؛ قال الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة: 67]"[3].

 

قتال جبريل وميكائيل ودفاعهما عن النبي الخليل - صلى الله عليه وسلم -:

إخوة الإسلام، في غزوة أُحد لما انهزم المسلمون وولَّوْا الأدبار، ثبت النبي المختار في ميدان المعركة يقاتل القوم، وهنا أنزل الله جبريل وميكائيل عليهما السلام؛ ليدافعا عن النبي الخليل صلى الله عليه وسلم؛ عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه -: (رأيت عن يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن شماله يوم أُحدٍ رجُلَين عليهما ثيابٌ بَيَاض، ما رأيتهما قبلُ ولا بعد)؛ يعني جبريلَ وميكائيلَ عليهما السلام[4].

 

قال النووي: "فيه بيان كرامةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - على الله تعالى، وإكرامِه إياه بإنزال الملائكة تقاتل معه، وبيان أن الملائكة تقاتِل، وأن قتالَهم لم يَختصَّ بيوم بدر"[5].

 

شوق ملائكي للسلام والجلوس مع النبي - صلى الله عليه وسلم -:

إخوة الإسلام، إن الشوق إلى الحبيب يجده كلُّ مُحب له - صلى الله عليه وسلم - حتى الملائكة تشتاق إليه، فها هو ملك القطر يستأذن ربه ليسلِّم على حبيبه - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: «‌اسْتَأْذَنَ مَلَكُ الْقَطْرِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ: "لَا يَدْخُلْ عَلَيْنَا أَحَدٌ"، فَجَاءَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَدَخَلَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: هُوَ الْحُسَيْنُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "دَعِيهِ"، فَجَعَلَ يَعْلُو رَقَبَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَيَعْبَثُ بِهِ، وَالْمَلَكُ يَنْظُرُ، فَقَالَ الْمَلَكُ: أَتُحِبُّهُ يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: "إِي وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّهُ"، قَالَ: أَمَا إِنَّ أَمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ الْمَكَانَ، فَقَالَ بِيَدِهِ فَتَنَاوَلَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ، فَأَخَذَتْ أُمُّ سَلَمَةَ التُّرَابَ فَصَرَّتْهُ فِي خِمَارِهَا، فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ التُّرَابَ مِنْ كَرْبَلَاءَ»[6].

 

نزل ملك ليبشره - صلى الله عليه وسلم - بنورين:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ جِبْرِيلُ، إِذْ سَمِعَ نَقِيضًا فَوْقَهُ، فَرَفَعَ جِبْرِيلُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: هَذَا بَابٌ قَدْ فُتِحَ مِنَ السَّمَاءِ مَا فُتِحَ قَطُّ، قَالَ: فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ قَدْ أُوتِيتَهُمَا، لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ حَرَفًا مِنْهَا إِلَّا أَعْطَيْتَهُ"[7].

 

إخوة الإسلام، في هذا الحديث ما يدل على تكريم هذه الآيات بأن فتح لها بابًا لم يُفتح قبلُ، وأُرسل بها ملكٌ لم يُرسل قبلُ، وتسميتها بنورين، وأنه لم يُؤتها نبيٌّ قبل محمد - صلى الله عليه وسلم".

 

«وقوله: بنورين؛ أي: بأمرين عظيمين، نيِّرين، تبيِّن لقارئهما وتنوِّره، وخُصَّت الفاتحة بهذا؛ لما ذكرناه من أنها تضمنت جملة معاني الإيمان والإسلام، والإحسان، وعلى الجملة: فهي آخذة بأصول القواعد الدينية، والمعاقد المعارفية، وخُصَّت خواتيم سورة البقرة بذلك؛ لِما تضمنته من الثناء على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى أصحابه - رضي الله عنهم - بجميل انقيادهم لمقتضاها، وتسليمهم لمعناها، وابتهالهم إلى الله، ورجوعهم إليه في جميع أمورهم، ولِما حصل فيها من إجابة دعواتهم، بعد أن علموها، فخُفِّف عنهم، وغُفر لهم، ونُصروا، وفيها غير ذلك مما يطول تتبُّعُه»[8].

 

الحراسة الملائكية لخير البرية - صلى الله عليه وسلم -:

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: "كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْشُونَ أَمَامَهُ إِذَا خَرَجَ وَيَدَعُونَ ظَهْرَهُ لِلْمَلَائِكَةِ"[9]، وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تَمْشُوا بَيْنَ يَدَيَّ وَلَا خَلْفِي، فَإِنَّ هَذَا مَقَامُ الْمَلَائِكَةِ»[10].

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

أما بعد:

مَلك يستر النبي صلى الله عليه وسلم عن امرأة أبي لهب:

عنِ ابنِ عبَّاسٍ قَالَ: "لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ﴾ [المسد: 1]،جاءَتِ امرأةُ أَبِي لَهَبٍ ورسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ ومَعَهُ أَبُو بكرٍ، فقالَ لَهُ أبو بكرٍ [رضي اللَّه عنه]: لو تنحَّيتَ لا تُؤْذَيكَ يا رسولَ اللَّهِ [بشيء]، فقالَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّه سَيُحَالُ بَيْنِي وبَيْنَها"، فأَقْبَلَتْ حَتَّى وَقَفَتْ عَلَى أَبِي بكرٍ، فقالَتْ: يا أَبَا بكرٍ هَجَانَا صاحِبُكَ، فقالَ أَبُو بكرٍ: لا وَرَبِّ هذه البَنِيَّةِ، ما يَنطقُ بالشِّعْرِ ولا يَتَفَوَّهُ بِهِ، فقالَتْ: إِنَّك لمُصدَّقٌ، فلما ولَّتْ، قَالَ أَبُو بكرٍ [رحمه اللَّه تعالى]: ما رَأتْكَ؟! قَالَ: "لا، ما زَالَ مَلَكٌ يَستُرُنِي حتَّى وَلَّتْ"[11].

 

الملائكة تزور قبره كل يوم وليلة لتصلي عليه:

«عَنْ مُنَبِّهِ بْنِ وَهْبٍ، أَنَّ كَعْبًا، دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَرُوا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ كَعْبٌ: "مَا مِنْ فَجْرٍ يَطْلُعُ إِلَّا وَيُنَزَّلُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ حَتَّى يَحُفُّوا بِالْقَبْرِ يَضْرِبُونَ بِأَجْنِحَتِهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا أَمْسَوْا عَرَجُوا وَهَبَطَ سَبْعُونَ أَلْفًا حَتَّى يَحُفُّوا بِالْقَبْرِ يَضْرِبُونَ بِأَجْنِحَتِهِمْ فَيُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: سَبْعُونَ أَلْفًا بِاللَّيْلِ وَسَبْعُونَ أَلْفًا بِالنَّهَارِ حَتَّى إِذَا انْشَقَّتِ الْأَرْضُ خَرَجَ فِي سَبْعِينَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَزِفُّونَهُ"» [12].

 

اللهم استُرنا ولا تفضَحنا، وأكرِمنا ولا تُهنا، وكن لنا ولا تكُن علينا.

 

اللهم لا تدَع لأحدٍ منا في هذا المقام الكريم ذنبًا إلا غفَرته، ولا مريضًا إلا شفيتَه، ولا دَينًا إلا قضيته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا ميتًا إلا رحِمته، ولا عاصيًا إلا هديته، ولا طائعًا إلا سدَّدته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاحٌ إلا قضيتَها يا رب العالمين.

 

اللهم اجعَل جمعنا هذا جمعًا مرحومًا، وتفرُّقنا من بعده تفرُّقًا معصومًا، ولا تجعل فينا ولا منَّا ولا معنا شقيًّا أو محرومًا.

 

اللهم اهدِنا واهدِ بنا، واجعلنا سببًا لمن اهتدى.



[1] أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق: باب إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء.

[2] أخرجه مسلم (2797).

[3] شرح مسلم على صحيح النووي (17/ 140).

[4] رواه البخاري ح (4054)، ومسلم ح (2306).

[5] شرح صحيح مسلم (15/ 66).

[6] الطبراني الكبير 3/ 112 برقم 2813)، وفي مجمع الزوائد، 9/ 187 كتاب (المناقب) باب: مناقب الحسين بن على - رضي الله عنه - مع بعض اختلاف وزيادة ونقص، وقال الهيثمي: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني بأسانيد، وفيها عمارة بن زاذان وثَّقه جماعة وفيه ضعفٌ، وبقية رجال أبي يعلى رجال الصحيح.

[7] أخرجه مسلم (806)، والنسائي (8014)، وابن حبان (778)، والحاكم 1/ 558.

[8] «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (2/ 434).

[9] «مسند أحمد» (22/ 140 ط الرسالة)، «وأخرجه ابن ماجه (246)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"، (2075)، وابن حبان (6312)».

[10] أخرجه الحاكم (4 / 281) وقال: " صحيح على شرط الشيخين "؛ كذا قال! وفي " تلخيص الذهبي ": "صحيح الإسناد".

[11] أخرجه ابن أبي شيبة (11/ 498 - 499)، وأخرجه أبو نعيم في "الدلائل" (140)، ورواه البزار في مسنده (1 / 68)، وقال: وهذا الحديث حسن الإسناد، وكذا حسَّنه ابن حجر في " فتح الباري " (8 / 958).

[12] «فضل الصلاة على النبي لإسماعيل القاضي» (ص85)، وقال عنه الألباني في تحقيق هذا الكتاب صحيح الإسناد؛ كما رواه البيهقي في شعب الإيمان وأبو نعيم في حلية الأولياء، وابن كثير في التفسير وفي الفتن والملاحم عن طريقهما، ولم يعلق عليه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • علامات حب النبي صلى الله عليه وسلم
  • إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالمغيبات
  • وفاء النبي صلى الله عليه وسلم وعبادته
  • هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - مع زوجاته
  • رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد غنيا ثريا ولم يعش فقيرا
  • تحريم عداوة الملائكة ووصفهم بها
  • خذوا جنتكم فقد انطلقت الشياطين (خطبة عيد الفطر المبارك 1446)
  • نسبة القول أو الفعل إلى الله تعالى وهو قول أو فعل الملائكة بأمره
  • النظام في هدي خير الأنام صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • واجب أمة الإسلام نحو نبيها محمد عليه الصلاة والسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عصمة النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تأييد الله تعالى ونصرته لنبيه صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذب عن نبينا صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فيح الأزهار من كرم النبي المختار صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عيش النبي صلى الله عليه وسلم سلوة للقانع وعبرة للطامع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النبي القدوة -صلى الله عليه وسلم- في الرد على من أساء إليه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة النبي صلى الله عليه وسلم والشعر(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم المسجد المفتوح ببلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان
  • آلاف المسلمين يشاركون في إعادة افتتاح أقدم مسجد بمدينة جراداتشاتس
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/4/1447هـ - الساعة: 15:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب