• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    رد القرض عند تغير قيمة النقود (PDF)
    د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن
  •  
    هل أنت راض حقا؟
    سمر سمير
  •  
    حين يرقى الإنسان بحلمه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطى المساجد (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    فوائد من حديث: أتعجبين يا ابنة أخي؟
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    مع سورة المعارج
    د. خالد النجار
  •  
    وقفات مع اسم الله السميع (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    من مائدة الحديث: التحذير من الظلم
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خطبة: ليس منا (الجزء الثاني)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    حقوق الخدم في الاسلام
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الصفات الفعلية
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    لقبول المحل لا بد من تفريغه من ضده
    إبراهيم الدميجي
  •  
    الإسلام يدعو لمعالي الأخلاق
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    كيف واجه العلماء فتنة السيف والقلم؟
    عمار يوسف حرزالله
  •  
    مغسلة صلاة الفجر
    خميس النقيب
  •  
    من صور الخروج عن الاستقامة
    ناصر عبدالغفور
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الموت والقبر واليوم الآخر
علامة باركود

نار الآخرة (9) أنواع العذاب في النار

نار الآخرة (9) أنواع العذاب في النار
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/2/2025 ميلادي - 14/8/1446 هجري

الزيارات: 7657

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نار الآخرة (9)

أنواع العذاب في النار


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْقَوِيِّ الْقَهَّارِ، الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ؛ شَدِيدِ الْمِحَالِ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَا يَحُولُ شَيْءٌ دُونَ انْتِقَامِهِ، وَلَا قُدْرَةَ لِأَحَدٍ عَلَى عَذَابِهِ؛ فَمَا ثَمَّ إِلَّا عَفْوُهُ وَرَحْمَتُهُ وَغُفْرَانُهُ، وَاللُّجُوءُ إِلَيْهِ بِاسْتِغْفَارِهِ وَدُعَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَخْبَرَ أُمَّتَهُ عَنِ الْجَزَاءِ فِي دَارِ الْقَرَارِ، وَبَشَّرَهَا بِنَعِيمِ الْجِنَانِ، وَأَنْذَرَهَا عَذَابَ النَّارِ؛ فَمَنْ أَطَاعَهُ نَجَا وَفَازَ، وَمَنْ عَصَاهُ عُذِّبَ وَخَسِرَ وَخَابَ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِهِ وَلَا تَعْصُوهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ حِسَابَهُ عَسِيرٌ، وَأَنَّ عَذَابَهُ شَدِيدٌ، وَأَنَّ الدُّنْيَا إِلَى زَوَالٍ، وَأَنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ؛ ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ ‌زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 185].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: لِلْجَنَّةِ طُلَّابُهَا، وَلِلنَّارِ وَقُودُهَا، وَالْبَشَرُ غَادِيَانِ «فَمُبْتَاعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا، وَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُوبِقُهَا»، وَكُلُّ عَامِلٍ يَجِدُ عَمَلَهُ إِذَا وَفَدَ عَلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالنَّارُ دَارٌ يَعِزُّ عَلَى الْوَاصِفِ وَصْفُهَا، وَيَعْجِزُ الْعَقْلُ عَنْ تَصَوُّرِهَا، وَفِيهَا مِنَ الْأَهْوَالِ وَأَنْوَاعِ الْعَذَابِ مَا فِيهَا، وَلَمَّا كُشِفَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَرَأَيْتُ النَّارَ ‌فَلَمْ ‌أَرَ ‌كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا قَطُّ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَمِنَ الْعَذَابِ فِي النَّارِ: حَرْقُ الْجُلُودِ وَنُضْجُهَا، وَإِعَادَتُهَا كَمَا كَانَتْ لِحَرْقِهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا ‌نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ﴾ [النِّسَاءِ: 56]، وَهَذَا الْجِلْدُ الَّذِي يَنْضُجُ لَيْسَ كَجِلْدِهِ فِي الدُّنْيَا، بَلْ أَغْلَظُ مِنْهُ؛ لِيَشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ؛ إِذْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ «‌غِلَظَ ‌جِلْدِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَمِنَ الْعَذَابِ فِي النَّارِ: لَفْحُ وُجُوهِهِمْ بِالنَّارِ عَوْذًا بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ، وَفِي الْوَجْهِ حَوَاسُّ الْإِنْسَانِ، وَفِي لَفْحِهِ بِالنَّارِ أَشَدُّ الْعَذَابِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَتَغْشَى ‌وُجُوهَهُمُ النَّارُ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 50]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ ‌وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 39]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ تَلْفَحُ ‌وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 104].

 

وَمِنَ الْعَذَابِ فِي النَّارِ: سَحْبُهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ، وَفِي الْوَجْهِ كَرَامَةُ الْإِنْسَانِ وَعِزُّهُ، وَفِيهِ حَوَاسُّهُ، فَيَكُونُ فِي سَحْبِهِ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ غَايَةُ ذُلِّهِ وَعَذَابِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى ‌وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 97]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى ‌وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 34]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ ‌وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النَّمْلِ: 90]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ ‌وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 66]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى ‌وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ ﴾ [الْقَمَرِ: 48].

 

وَمِنَ الْعَذَابِ فِي النَّارِ: الْعَذَابُ بِالْحَمِيمِ؛ وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ الَّذِي بَلَغَ الْغَايَةَ فِي حَرَارَتِهِ، فَيُصَبُّ الْحَمِيمُ عَلَى رُؤُوسِهِمْ فَيُذِيبُهُمْ مِنْ شِدَّةِ حَرَارَتِهِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ ‌الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ ﴾ [الْحَجِّ: 19-20]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ‌الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾ [الدُّخَانِ: 48-49]، وَيُسْحَبُونَ فِي ذَلِكَ الْحَمِيمِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ يُسْحَبُونَ * فِي ‌الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ ﴾ [غَافِرٍ: 71-72]، وَيُسْقَوْنَ مِنْهُ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَسُقُوا مَاءً ‌حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴾ [مُحَمَّدٍ: 15]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ ‌حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 70]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ ‌الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ﴾ [الْوَاقِعَةِ: 54-55]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا * إِلَّا ‌حَمِيمًا وَغَسَّاقًا ﴾ [النَّبَأِ: 24-25]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا ‌يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ [الْكَهْفِ: 29].

 

وَمِنَ الْعَذَابِ فِي النَّارِ: إِلْبَاسُهُمْ ثِيَابًا مِنْ نَارٍ، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الثَّوْبَ لِحِمَايَةِ الْجَسَدِ، وَالْإِنْسَانُ إِذَا تَأَذَّى بِخُشُونَةٍ فِي ثَوْبِهِ نَزَعَهُ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ ثَوْبُهُ مِنْ نَارٍ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ‌ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ ﴾ [الْحَجِّ: 19]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى ‌وُجُوهَهُمُ النَّارُ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 50]؛ أَيْ: ثِيَابُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ، «وَالْقَطِرَانُ هُوَ: النُّحَاسُ الْمُذَابُ، أَيْ: مِنْ نُحَاسٍ حَارٍّ قَدِ انْتَهَى حَرُّهُ»، وَقَالَ النّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ ‌وَدِرْعٌ ‌مِنْ ‌جَرَبٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمِنَ الْعَذَابِ فِي النَّارِ: إِيثَاقُهُمْ بِالْأَغْلَالِ، وَنَظْمُهُمْ فِي سَلَاسِلِ الْحَدِيدِ، وَسَحْبُهُمْ فِي النَّارِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ فِي ‌سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ ﴾ [الْحَاقَّةِ: 32]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «تُسْلَكُ فِي دُبُرِهِ حَتَّى تَخْرُجَ ‌مِنْ ‌مَنْخِرَيْهِ، حَتَّى لَا يَقُومَ عَلَى رِجْلَيْهِ»، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأُولَئِكَ ‌الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الرَّعْدِ: 5]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَجَعَلْنَا ‌الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [سَبَأٍ: 33]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ ‌أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ﴾ [يس: 8]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ ‌وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ﴾ [غَافِرٍ: 71-72]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ ‌سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا ﴾ [الْإِنْسَانِ: 4].

 

وَمِنَ الْعَذَابِ فِي النَّارِ: غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، وَحَجْبُهُمْ عَنْ رُؤْيَتِهِ سُبْحَانَهُ، وَهَذَا أَشَدُّ الْعَذَابِ وَأَنْكَاهُ؛ ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ ‌لَمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [الْمُطَفِّفِينَ: 15-17]، «فَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ مِنَ الْعَذَابِ: حِجَابَهُمْ عَنْهُ، ثُمَّ صِلِيَّهُمُ الْجَحِيمَ، ثُمَّ تَوْبِيخَهُمْ بِتَكْذِيبِهِمْ بِهِ فِي الدُّنْيَا، وَوَصْفَهُمْ بِالرَّانِ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَهُوَ صَدَأُ الذُّنُوبِ الَّذِي سَوَّدَ قُلُوبَهُمْ، فَلَمْ يَصِلْ إِلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ مِنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَلَا مِنْ إِجْلَالِهِ وَمَهَابَتِهِ وَخَشْيَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ، فَكَمَا حُجِبَتْ قُلُوبُهُمْ فِي الدُّنْيَا عَنِ اللَّهِ حُجِبُوا فِي الْآخِرَةِ عَنْ رُؤْيَتِهِ»، قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: «مَا حَجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَحَدًا عَنْهُ إِلَّا عَذَّبَهُ» نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَعَذَابِهِ.

 

﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ‌وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 16]، ﴿ رَبَّنَا ‌اصْرِفْ ‌عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 65-66]، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ‌وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 201].

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131-132].

 

وَمِنَ الْعَذَابِ فِي النَّارِ: التَّضْيِيقُ عَلَيْهِمْ مَعَ تَصْفِيدِهِمْ فِي الْأَغْلَالِ، وَشِدَّةِ الزِّحَامِ؛ حَتَّى يَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْوَيْلِ وَالْهَلَاكِ مِنْ شِدَّةِ مَا يَجِدُونَ مِنَ الْعَذَابِ؛ ﴿ وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ‌ثُبُورًا * لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 13-14].

 

وَمِنَ الْعَذَابِ فِي النَّارِ: عَذَابُ الْمُنْتَحِرِينَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَنْفُسَهُمْ بَغْيًا بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ ‌تَحَسَّى ‌سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَمِنَ الْعَذَابِ فِي النَّارِ: عَذَابُ مَنْ خَالَفَ قَوْلُهُ فِعْلَهُ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ ‌فَتَنْدَلِقُ ‌أَقْتَابُ بَطْنِهِ، فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى، فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ: يَا فُلَانُ، مَا لَكَ؟ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ: بَلَى، قَدْ كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَشَدُّ مِنْهُ مَنْ تَرَكَ الْمَعْرُوفَ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ، وَفَعَلَ الْمُنْكَرَ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَأَشَدُّ مِنْهُمَا مَنْ أَمَرَ بِالْمُنْكَرِ وَنَهَى عَنِ الْمَعْرُوفِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ.

 

وَعَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يُذَكِّرَ نَفْسَهُ بِعَذَابِ النَّارِ لِيَرْدَعَهَا عَنْ عِصْيَانِهَا وَغَيِّهَا وَظُلْمِهَا لِنَفْسِهَا وَغَيْرِهَا، وَيَقْهَرَهَا عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي بِهِ نَجَاتُهَا وَمَنْفَعَتُهَا وَفَوْزُهَا، وَيَتَدَبَّرَ آيَاتِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ؛ لِيَحْيَا قَلْبُهُ بِهَا، فَلَا يَنْغَمِسَ فِي الدُّنْيَا وَلَذَائِذِهَا، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: «الْخَوْفُ يَمْنَعُنِي مِنْ أَكْلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَمَا أَشْتَهِيهِ»، «وَأُتِيَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ لِيُفْطِرَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَدْنَاهُ إِلَى فِيهِ بَكَى وَقَالَ: ذَكَرْتُ أُمْنِيَّةَ أَهْلِ النَّارِ قَوْلَهُمْ: ﴿ أَنْ ‌أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ ﴾، وَذَكَرْتُ مَا أُجِيبُوا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 50]».

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نار الآخرة (6) شراب أهل النار
  • نار الآخرة (8) تفاوت العذاب في النار
  • نار الآخرة (10) سجر النار وتسعيرها

مختارات من الشبكة

  • شرح جامع الترمذي في (السنن) - الوضوء مما غيرت النار، وترك الوضوء مما غيرت النار(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • مشروع النجاة من النار في رمضان: 30 سببا لنجاتك من النار (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • العتق من النار في رمضان وقول الله تعالى: فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • العتق من النار في رمضان وقول الله تعالى: فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • العتق من النار في رمضان وقول الله تعالى: ( فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز )(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • وصف النار في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبد الرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تفسير: (إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحاديث المختار في وصف الجنة والنار: وصف للجنة وأهلها والنار وأهلها (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • الصلاة باتجاه النار أو المدفئة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نار لا تخبو(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية
  • مدينة كارجلي تحتفل بافتتاح أحد أكبر مساجد البلقان
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/6/1447هـ - الساعة: 21:0
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب