• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آداب حملة القرآن: أهميتها وجهود العلماء فيها
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    السماحة بركة والجشع محق (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإمام محمد بن إدريس الشافعي (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة البنغالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    بيع وشراء رباع مكة ودورها
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    كيف يرضى الله عنك؟ (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    لطائف من القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    تفسير قوله تعالى: {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    من أخطاء المصلين (4)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    بركة التحصين النبوي عند الجماع
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: تجرده صلى الله ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    التلاعب بالمواريث (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    صفة المحبة
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    رعاية الله تعالى للخليل عليه السلام وكفايته
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    عندما تصاب بخيبة الأمل
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد
علامة باركود

غضب الله تعالى (خطبة)

غضب الله تعالى (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/8/2023 ميلادي - 7/2/1445 هجري

الزيارات: 38336

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

غضب الله تعالى


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى؛ ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى﴾ [الْأَعْلَى: 2-5]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ اتَّصَفَ بِصِفَاتِ الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ وَالْكَمَالِ، وَتَنَزَّهَ عَنِ الْأَشْبَاهِ وَالنُّظَرَاءِ وَالْأَمْثَالِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ يَسْعَى لِرِضَا اللَّهِ تَعَالَى وَرَحْمَتِهِ، وَيَخْشَى غَضَبَهُ وَنِقْمَتَهُ، وَهُوَ الَّذِي قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ فَإِنَّ تَقْوَاهُ وَطَاعَتَهُ أَمْنٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَفَوْزٌ أَكْبَرُ بِالْخُلْدِ فِي الْجَنَّةِ؛ ﴿لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 15].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: يُحَاذِرُ الْمَرْءُ فِي حَيَاتِهِ غَضَبَ الْآخَرِينَ عَلَيْهِ؛ اتِّقَاءً لِعِتَابِهِمْ أَوْ سِبَابِهِمْ أَوْ عِقَابِهِمْ. وَكُلَّمَا عَظُمَ شَأْنُ الْإِنْسَانِ، وَزَادَتْ قُوَّتُهُ؛ اتَّقَى النَّاسُ غَضَبَهُ وَنِقْمَتَهُ. قَالَتِ الْعَرَبُ: «لَا تُعَانِدْ مَنْ إِذَا قَالَ فَعَلَ».

 

وَإِذَا كَانَ الْمَخْلُوقُ يَتَّقِي غَضَبَ الْمَخْلُوقِ وَنِقْمَتَهُ فَكَيْفَ لَا يَتَّقِي الْمَخْلُوقُ غَضَبَ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَنِقْمَتَهُ، وَهُوَ تَعَالَى مُطَّلِعٌ عَلَى الْمَخْلُوقِ وَعَمَلِهِ، عَالِمٌ بِسِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ، قَادِرٌ عَلَيْهِ مَهْمَا كَانَتْ قُوَّتُهُ وَمَنَعَتُهُ، لَا يَسْتَطِيعُ الْمَخْلُوقُ دَفْعَ قَدَرِهِ، وَلَا الِاحْتِمَاءَ مِنْ بَطْشِهِ وَعَذَابِهِ، فَلَا فِرَارَ مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ، وَلَا مَلْجَأَ مِنْهُ إِلَّا بِهِ عَزَّ وَجَلَّ.

 

وَقَدْ أَخْبَرَنَا سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ أَنَّهُ غَضِبَ عَلَى الْيَهُودِ؛ لِأَنَّهُمْ تَنَكَبُّوا طَرِيقَهُ، وَحَرَّفُوا كُتُبَهُ، وَبَدَّلُوا شَرِيعَتَهُ، وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَهُ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 61]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ﴾ [الْبَقَرَةِ: 90]. وَلَمَّا اتَّهَمُوا الْمُؤْمِنِينَ أَتْبَاعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُمْ عَلَى شَرٍّ؛ كَانَ الْجَوَابُ عَلَيْهِمْ: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾ [الْمَائِدَةِ: 60]، وَفِي مَقَامٍ آخَرَ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ غَضِبَ عَلَيْهِمْ بِاتِّخَاذِهِمُ الْعِجْلَ إِلَهًا مِنْ دُونِهِ تَعَالَى فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ﴾ [الْأَعْرَافِ: 152]. وَقَدْ حَذَّرَهُمُ اللهُ تَعَالَى غَضَبَهُ فَقَالَ سُبْحَانَهُ ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى﴾ [طه: 81].

 

وَلَا جُرْمَ أَعْظَمُ مِمَّنْ بَلَغَتْهُ حُجَّةُ اللَّهِ تَعَالَى الْبَالِغَةُ، وَظَهَرَتْ لَهُ آيَاتُهُ الْبَاهِرَةُ، ثُمَّ هُوَ يُجَادِلُ فِيهَا بِالْبَاطِلِ لِيَرُدَّهَا، وَيَصُدَّ النَّاسَ عَنْهَا، كَمَا فَعَلَ الْيَهُودُ، فَهَذَا مُسْتَحِقٌّ لِغَضَبِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ [الشُّورَى: 16].

 

وَغَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ خَاصًّا بِالْيَهُودِ دُونَ سِوَاهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، بَلْ يُصِيبُ كُلَّ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاسْتَكْبَرَ عَنْ عِبَادَتِهِ، لَكِنَّ اخْتِصَاصَ الْيَهُودِ بِكَثْرَةِ ذِكْرِهِمْ فِي الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ عِلْمٍ وَكِتَابٍ، وَكَانَ تَكْذِيبُهُمْ عَنْ حَسَدٍ وَإِصْرَارٍ وَاسْتِكْبَارٍ؛ وَإِلَّا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغْضَبُ عَلَى سَائِرِ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النَّحْلِ: 106]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [الْفَتْحِ: 6].

 

وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ بِغَضَبِهِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الْكُفَّارَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الْمُجَادَلَةِ: 14-15]، وَنَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنْ تَوَلِّي الْكُفَّارِ سَوَاءً كَانُوا وَثَنِيِّينَ أَمْ أَهْلَ كِتَابٍ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾ [الْمُمْتَحَنَةِ: 13].

 

وَكَانَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يُحَذِّرُونَ أَقْوَامَهُمْ غَضَبَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُنْذِرُونَهُمْ عُقُوبَتَهُ؛ كَمَا أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ هُودٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ: ﴿قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾ [الْأَعْرَافِ: 71]، وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ: ﴿يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي﴾ [طه: 86].

 

وَالْمُؤْمِنُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ يُصَلِّيهَا يَدْعُو رَبَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَهْدِيَهُ صِرَاطَهُ الْمُسْتَقِيمَ، وَأَنْ يُجَنِّبَهُ سَبِيلَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَالضَّالِّينَ؛ لِئَلَّا يَحِلَّ بِهِ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الْفَاتِحَةِ: 6-7]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنَّ الْيَهُودَ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّ النَّصَارَى ضُلَّالٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

وَالذُّنُوبُ كُلُّهَا تَسْتَوْجِبُ غَضَبَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَكِنْ جَاءَ النَّصُّ عَلَى بَعْضِهَا لِخَطَرِهِ عَلَى الْعَبْدِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَتْلُ الْمُؤْمِنِ بِغَيْرِ حَقٍّ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النِّسَاءِ: 93]، وَمِنْهَا الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [الْأَنْفَالِ: 16]، وَمِنْهَا كَذِبُ الْمَرْأَةِ الزَّانِيَةِ فِي يَمِينِ الْمُلَاعَنَةِ: ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [النُّورِ: 9]، وَمِنْهَا التَّكَبُّرُ عَلَى الْخَلْقِ، وَظُلْمُهُمْ وَضَرْبُهُمْ بِغَيْرِ حَقٍّ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ إِنْ طَالَتْ بِكَ مُدَّةٌ أَنْ تَرَى قَوْمًا فِي أَيْدِيهِمْ مِثْلُ أَذْنَابِ الْبَقَرِ، يَغْدُونَ فِي غَضَبِ اللَّهِ، وَيَرُوحُونَ فِي سَخَطِ اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَا رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ بُرْدَيْنِ فَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَأَمَرَ الْأَرْضَ فَبَلَعَتْهُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَمِنْهَا الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ الَّتِي تُؤْكَلُ بِهَا الْحُقُوقُ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَكَذَلِكَ إِذَا دَعَا الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ إِلَى حَاجَتِهِ فَأَبَتْ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ، إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَحِينَ جُرِحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُحُدٍ قَالَ: «اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ فَعَلُوا بِنَبِيِّهِ، يُشِيرُ إِلَى رَبَاعِيَتِهِ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِمَّا يُوجِبُ غَضَبَهُ، وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ رِضَاهُ وَالْجَنَّةَ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ سَخَطِهِ وَمِنَ النَّارِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: يَحِلُّ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى بِكُلِّ نَفْسٍ تَمُوتُ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ، فَيُقَالُ لِرُوحِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ: «اخْرُجِي سَاخِطَةً مَسْخُوطًا عَلَيْكِ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ حِبَّانَ «اخْرُجِي إِلَى غَضِبِ اللَّهِ، فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ».

 

وَالرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يَعْلَمُونَ شِدَّةَ غَضَبِ اللَّهِ تَعَالَى وَآثَارَهُ؛ وَلِذَا فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ حِينَ تُطْلَبُ مِنْهُمُ الشَّفَاعَةُ فِي الْمَوْقِفِ الْعَظِيمِ: «إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ... نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. «وَالْعَذَابُ إِنَّمَا يَنْشَأُ مِنْ صِفَةِ غَضَبِهِ سُبْحَانَهُ، وَمَا سُعِّرَتِ النَّارُ إِلَّا بِغَضَبِهِ عَزَّ وَجَلَّ».

 

وَمِنْ لُطْفِهِ بِخَلْقِهِ أَنَّ رَحْمَتَهُ سَبَقَتْ غَضَبَهُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الْخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. «وَقَدْ أَنْزَلَ فِي هَذِهِ الدَّارِ رَحْمَتَهُ وَغَضَبَهُ، وَأَجْرَى عَلَيْهِمْ آثَارَ الرَّحْمَةِ وَالْغَضَبِ، وَيَسَّرَ لِأَهْلِ الرَّحْمَةِ أَسْبَابَ الرَّحْمَةِ، وَلِأَهْلِ الْغَضَبِ أَسْبَابَ الْغَضَبِ، ثُمَّ جَعَلَ سُبْحَانَهُ الْغَلَبَةَ وَالْعَافِيَةَ لِمَا كَانَ عَنْ رَحْمَتِهِ، وَجَعَلَ الِاضْمِحْلَالَ وَالزَّوَالَ لِمَا كَانَ عَنْ غَضَبِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ حِينِ قَامَتِ الدُّنْيَا إِلَى أَنْ يَرِثَهَا اللَّهُ وَمَنْ عَلَيْهَا أَنْ تَغْلِبَ آثَارَ غَضَبِهِ وَلَوْ فِي الْعَاقِبَةِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَغْلِبَ الرَّخَاءُ الشِّدَّةَ، وَالْعَافِيَةُ الْبَلَاءَ، وَالْخَيْرُ وَأَهْلُهُ الشَّرَّ وَأَهْلَهُ، وَإِنْ أُدِيلُوا أَحْيَانًا».

 

وَالْمُؤْمِنُ الْحَقُّ هُوَ مَنْ يَلْحَظُ رَحْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى فَيَرْجُوهُ، وَيَلْحَظُ غَضَبَهُ فَيَخْشَاهُ وَيَتَّقِي مَعْصِيَتَهُ. فَلَا يُوصِلُهُ رَجَاءٌ إِلَى الْإِرْجَاءِ وَالْفُسُوقِ، وَلَا يَسْتَبِدُّ بِهِ خَوْفٌ فَيَقْذِفُهُ فِي الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ. ﴿أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [الزُّمَرِ: 9].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • غضب الله تعالى وإهلاكه للمفسدين
  • أهمية التقوى لدفع غضب الله وعذابه
  • تفسير: (والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين)
  • النار أهون على المحب من غضب الله
  • غضب الله ورضاه (خطبة)
  • يوم الحسرة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • السماحة بركة والجشع محق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الله البصير (خطبة) - باللغة البنغالية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإمام محمد بن إدريس الشافعي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • كيف يرضى الله عنك؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التلاعب بالمواريث (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أمنا أم المؤمنين الطاهرة عائشة رضي الله عنها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة التوحيد بين الواقع والمأمول(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أدب التثبت في الأخبار (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من الديون (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم
  • آلاف المسلمين يجتمعون في أستراليا ضمن فعاليات مؤتمر المنتدى الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/5/1447هـ - الساعة: 20:27
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب