• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحريم النفاق الأكبر وهو إظهار الإسلام وإبطان ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    أوقات النهي عن الصلاة (درس 2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    المسلم بين النضوج والإهمال (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    ما ورد في معنى استغفار النبي صلى الله عليه وسلم
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    متى تزداد الطيبة في القلوب؟
    شعيب ناصري
  •  
    الثبات على الدين: أهميته، وأسبابه، وموانعه في ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (34) «من رأى ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    استشعار عظمة النعم وشكرها (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    فضل حلق الذكر والاجتماع عليه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الحياة مع القرآن
    د. مرضي بن مشوح العنزي
  •  
    فوائــد وأحكــام من قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    مرتكزات منهج التيسير في الشريعة الإسلامية
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    الجامع لغزوات نبينا صلى الله عليه وسلم
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    ومضة: ولا تعجز... فالله يرى عزمك
    نوال محمد سعيد حدور
  •  
    سلسلة آفات على الطريق (2): الإسراف في حياتنا ...
    حسان أحمد العماري
  •  
    نفحات تربوية من الخطب المنبرية (PDF)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

شهداء أحد (خطبة)

أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/5/2024 ميلادي - 2/11/1445 هجري

الزيارات: 4855

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شُهَدَاءُ أُحُدٍ


الخُطْبَةُ الأُوْلَى:

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمِدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70، 71]،

 

ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

فَمَا زَالَ الحَدِيْثُ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنِ السِّيْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَحَدِيْثِي مَعَكُمْ اليَوْمَ عَنْ «شُهَدَاءِ أُحُدٍ».

 

أَيُّهَا النَّاسُ، لَقَدْ وَاسَى اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - نَبِيَّهُ وَعَبْدَهُ وَخَلِيْهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ البَرَرَةَ الكِرَامَ، وَذَلِكَ عَقْبَ غَزْوَةِ أُحُدٍ بِهَذِهِ الآيَةِ الكَرِيْمَةِ: ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ * وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ [آل عمران: 140 - 143].

 

قَالَ ابْنُ سَعْدِي - رَحِمَهُ اللهُ -: « يَقُولُ - تَعَالَى - مُشَجِّعًا لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمُقَوِّيًا لِعَزَائِمِهِمْ وَمُنْهِضًا لِهِمَمِهِمْ: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا﴾ [آل عمران: 139]؛ أَيْ: وَلَا تَهِنُوا وَتَضْعُفُوا فِي أَبْدَانِكُمْ، وَلَا تَحْزَنُوا فِي قُلُوبِكُمْ، عِنْدَمَا أَصَابَتْكُمُ الْمُصِيبَةُ، وَابْتُلِيتُمْ بِهَذِهِ الْبَلْوَى، فَإِنَّ الْحُزْنَ فِي الْقُلُوبِ، وَالْوَهَنَ عَلَى الْأَبْدَانِ، زِيَادَةُ مُصِيبَةٍ عَلَيْكُمْ، وَعَوْنٌ لِعَدُوِّكُمْ عَلَيْكُمْ، بَلْ شَجِّعُوا قُلُوبَكُمْ وَصَبِّرُوهَا، وَادْفَعُوا عَنْهَا الْحُزْنَ وَتَصَلَّبُوا عَلَى قِتَالِ عَدُوِّكُمْ، وَذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي وَلَا يَلِيقُ بِهِمُ الْوَهَنُ وَالْحُزْنُ، وَهُمُ الْأَعْلَوْنَ فِي الْإِيمَانِ، وَرَجَاءِ نَصْرِ اللهِ وَثَوَابِهِ، فَالْمُؤْمِنُ الْمُبْتَغِي مَا وَعَدَهُ اللهُ مِنَ الثَّوَابِ الدُّنْيَوِيِّ وَالْأُخْرَوِيِّ لَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 139].

 

ثُمَّ سَلَّاهُمْ بِمَا حَصَلَ لَهُمْ مِنَ الْهَزِيمَةِ، وَبَيَّنَ الْحِكَمَ الْعَظِيمَةَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ﴾، فَأَنْتُمْ وَهُمْ قَدْ تَسَاوَيْتُمْ فِي الْقَرْحِ، وَلَكِنَّكُمْ تَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لَا يَرْجُونَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 104].

 

وَمِنَ الْحِكَمِ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ يُعْطِي اللهُ مِنْهَا الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ، وَالْبَرَّ وَالْفَاجِرَ، ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [آل عمران: 140]، فَيُدَاوِلُ اللهُ الْأَيَّامَ بَيْنَ النَّاسِ، يَوْمٌ لِهَذِهِ الطَّائِفَةِ، وَيَوْمٌ لِلطَّائِفَةِ الْأُخْرَى، لِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ الدُّنْيَا مُنْقَضِيَةٌ فَانِيَةٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ الدَّارِ الْآخِرَةِ، فَإِنَّهَا خَالِصَةٌ لِلَّذِينِ آمَنُوا.

 

﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [آل عمران: 140]، أَيْضًا مِنَ الْحِكَمِ أَنَّهُ يَبْتَلِي اللهُ عِبَادَهُ بِالْهَزِيمَةِ وَالِابْتِلَاءِ، لِيَتَبَيَّنَ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْمُنَافِقِ؛ لِأَنَّهُ لَوِ اسْتَمَرَّ النَّصْرُ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي جَمِيعِ الْوَقَائِعِ لَدَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ مَنْ لَا يُرِيدُهُ، فَإِذَا حَصَلَ فِي بَعْضِ الْوَقَائِعِ بَعْضُ أَنْوَاعِ الِابْتِلَاءِ، تَبَيَّنَ الْمُؤْمِنُ حَقِيقَةً الَّذِي يَرْغَبُ فِي الْإِسْلَامِ، فِي الضَّرَّاءِ وَالسَّرَّاءِ، وَالْيُسْرِ وَالْعُسْرِ، مِمَّنْ لَيْسَ كَذَلِكَ.

 

﴿وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ﴾ [آل عمران: 140]، وَهَذَا أَيْضًا مِنْ بَعْضِ الْحِكَمِ، لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عِنْدَ اللهِ مِنْ أَرْفَعِ الْمَنَازِلِ، وَلَا سَبِيلَ لِنَيْلِهَا إِلَّا بِمَا يَحْصُلُ مِنْ وُجُودِ أَسْبَابِهَا، فَهَذَا مِنْ رَحْمَتِهِ بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْ قَيَّضَ لَهُمْ مِنَ الْأَسْبَابِ مَا تَكْرَهُهُ النُّفُوسُ، لِيُنِيلَهُمْ مَا يُحِبُّونَ مِنَ الْمَنَازِلِ الْعَالِيَةِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ.

 

﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [آل عمران: 140] الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَقَاعَدُوا عَنِ الْقِتَالِ فِي سَبِيلِهِ، وَكَأَنَّ فِي هَذَا تَعْرِيضًا بِذَمِّ الْمُنَافِقِينَ، وَأَنَّهُمْ مُبْغِضُونَ لِلَّهِ، وَلِهَذَا ثَبَّطَهُمْ عَنِ الْقِتَالِ فِي سَبِيلِهِ.

 

﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾ [التوبة: 46].

 

﴿وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: 141]، وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْحِكَمِ أَنَّ اللَّهَ يُمَحِّصُ بِذَلِكَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَعُيُوبِهِمْ، يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ وَالْقِتَالَ فِي سَبِيلِ اللهِ تُكَفِّرُ الذُّنُوبَ، وَتُزِيلُ الْعُيُوبَ، وَلِيُمَحِّصَ اللهُ أَيْضًا الْمُؤْمِنِينَ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، فَيَتَخَلَّصُونَ مِنْهُمْ، وَيَعْرِفُونَ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْمُنَافِقِ، وَمِنَ الْحِكَمِ أَيْضًا أَنَّهُ يُقَدِّرُ ذَلِكَ، لِيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ، أَيْ: لِيَكُونَ سَبَبًا لِمَحْقِهِمْ وَاسْتِئْصَالِهِمْ بِالْعُقُوبَةِ، فَإِنَّهُمْ إِذَا انْتَصَرُوا، بَغَوْا، وَازْدَادُوا طُغْيَانًا إِلَى طُغْيَانِهِمْ، يَسْتَحِقُّونَ بِهِ الْمُعَاجَلَةَ بِالْعُقُوبَةِ، رَحْمَةً بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ.

 

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران: 142]؛ أَيْ: لَا تَظُنُّوا، وَلَا يَخْطُرْ بِبَالِكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ مِنْ دُونِ مَشَقَّةٍ وَاحْتِمَالِ الْمَكَارِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِهِ، ثُمَّ وَبَّخَهُمْ تَعَالَى عَلَى عَدَمِ صَبْرِهِمْ بِأَمْرٍ كَانُوا يَتَمَنَّوْنَهُ وَيَوَدُّونَ حُصُولَهُ، فَقَالَ: ﴿وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ [آل عمران: 143]، وَذَلِكَ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - مِمَّنْ فَاتَهُ بَدْرٌ يَتَمَنَّوْنَ أَنْ يُحْضِرَهُمُ اللهُ مَشْهَدًا يَبْذُلُونَ فِيهِ جُهْدَهُمْ، قَالَ اللهُ تَعَالَى لَهُمْ: ﴿فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ﴾ [آل عمران: 143]؛ أَيْ: رَأَيْتُمْ مَا تَمَنَّيْتُمْ بِأَعْيُنِكُمْ ﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ [آل عمران: 143].

 

وَفِي هَذَا دَلِيْلٌ على جَوَازِ تَمَنِّي الشَّهَادَةِ فِي سَبِيْلِ اللهِ، لَكِنَّ الشَّهَادَةَ اصْطِفَاءٌ وَاخْتِيَارٌ ﴿وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ﴾ [آل عمران: 140].

 

وَقَدْ اتَّخَذَا اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فِي مَعْرَكَةِ أُحُدٍ سَبْعِيْنَ شَهِيْدًا، مِنْهُمْ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بَلْ هُوَ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ، فَفِي مُسْتَدْرِكِ « الحَاكِمِ»، بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ، صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «الصَّحِيْحَةِ» [1]، مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَاسٍ -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ ».

 

وَأَمَّا قِصَّةُ اسْتِشْهَادِهِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فَكَمَا فِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ» [2]، مِنْ حَدِيْثِ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ عُبَيْدِ اللهِ ابْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا حِمْصَ قَالَ لِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَدِيٍّ: هَلْ لَكَ فِي وَحْشِيٍّ، نَسْأَلُهُ عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَكَانَ وَحْشِيٌّ يَسْكُنُ حِمْصَ فَسَأَلْنَا عَنْهُ، فَقِيلَ لَنَا هُوَ ذَاكَ فِي ظِلِّ قَصْرِهِ كَأَنَّهُ حَمِيتٌ، قَالَ: فَجِئْنَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَيْهِ بِيَسِيرٍ فَسَلَّمْنَا فَرَدَّ السَّلَامَ قَالَ: وَعُبَيْدُ اللهِ مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَتِهِ مَا يَرَى وَحْشِيٌّ إِلَّا عَيْنَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: يَا وَحْشِيُّ أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: لَا وَاللهِ إِلَّا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ عَدِيَّ بْنَ الْخِيَارِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ أَبِي الْعِيصِ، فَوَلَدَتْ لَهُ غُلَامًا بِمَكَّةَ، فَكُنْتُ أَسْتَرْضِعُ لَهُ فَحَمَلْتُ ذَلِكَ الْغُلَامَ مَعَ أُمِّهِ، فَنَاوَلْتُهَا إِيَّاهُ فَلَكَأَنِّي نَظَرْتُ إِلَى قَدَمَيْكَ.

 

قَالَ: فَكَشَفَ عُبَيْدُ اللهِ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا تُخْبِرُنَا بِقَتْلِ حَمْزَةَ، قَالَ: نَعَمْ إِنَّ حَمْزَةَ قَتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ بِبَدْرٍ فَقَالَ لِي مَوْلَايَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّي فَأَنْتَ حُرٌّ.

 

قَالَ: فَلَمَّا أَنْ خَرَجَ النَّاسُ عَامَ عَيْنَيْنِ، وَعَيْنَيْنِ جَبَلٌ بِحِيَالِ أُحُدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَادٍ، خَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ إِلَى الْقِتَالِ، فَلَمَّا أَنْ اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ خَرَجَ سِبَاعٌ فَقَالَ: هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ ؟ قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: يَا سِبَاعُ يَا ابْنَ أُمِّ أَنْمَارٍ مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ أَتُحَادُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ فَكَانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ - أَيْ صَيَّرَهُ عَدَمًا - قَالَ: وَكَمَنْتُ لِحَمْزَةَ تَحْتَ صَخْرَةٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي رَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي فَأَضَعُهَا فِي ثُنَّتِهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ وَرِكَيْهِ، قَالَ: فَكَانَ ذَاكَ الْعَهْدَ بِهِ فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ رَجَعْتُ مَعَهُمْ، فَأَقَمْتُ بِمَكَّةَ حَتَّى فَشَا فِيهَا الْإِسْلَامُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الطَّائِفِ، فَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَسُولًا فَقِيلَ لِي إِنَّهُ لَا يَهِيْجُ الرُّسُلَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: « آنْتَ وَحْشِيٌّ»؟ قُلْتُ نَعَمْ، قَالَ: «أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ؟»، قُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنْ الْأَمْرِ مَا بَلَغَكَ، قَالَ: « فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ وَجْهَكَ عَنِّي »، قَالَ: فَخَرَجْتُ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ، قُلْتُ: لَأَخْرُجَنَّ إِلَى مُسَيْلِمَةَ لَعَلِّي أَقْتُلُهُ، فَأُكَافِئَ بِهِ حَمْزَةَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، قَالَ: فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي ثَلْمَةِ جِدَارٍ كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ ثَائِرُ الرَّأْسِ، قَالَ: فَرَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي فَأَضَعُهَا بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، قَالَ: وَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى هَامَتِهِ»، وَأَسْتَغْفِرُ اللهُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ المُرْسَلِيْنَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَمَا زَالَ الحَدِيْثِ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنْ « شُهَدَاءِ أُحُدٍ »

 

وَمِنْ شُهَدَاءِ أُحُدٍ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فَفِي «الصَّحِيْحَيْنِ»[3]، مِنْ حَدِيْثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ: غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ الْمُشْرِكِينَ لَئِنْ اللهُ أَشْهَدَنِي قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ، لَيَرَيَنَّ اللهُ مَا أَصْنَعُ.

 

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ قَالَ: اللهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ -يَعْنِي أَصْحَابَهُ - وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ - يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ - ثُمَّ تَقَدَّمَ فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ: يَا سَعْدُ بْنَ مُعَاذٍ؛ الْجَنَّةَ وَرَبِّ النَّضْرِ إِنِّي أَجِدُ رِيحَهَا مِنْ دُونِ أُحُدٍ، قَالَ سَعْدٌ: فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا صَنَعَ، قَالَ أَنَسٌ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعًا وَثَمَانِينَ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ، أَوْ طَعْنَةً بِرُمْحٍ، أَوْ رَمْيَةً بِسَهْمٍ، وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِلَ، وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ، فَمَا عَرَفَهُ أَحَدٌ إِلَّا أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ، قَالَ أَنَسٌ: كُنَّا نُرَى أَوْ نَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي أَشْبَاهِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب: 23].

 

وَمِنْ شُهَدَاءِ أُحُدٍ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَبْدُ اللهِ بْنُ حَرَامٍ وَالِدُ جَابِر- رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - فَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ»[4]، مِنْ حَدِيْثِ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ:« لَمَّا قُتِلَ أَبِي جَعَلْتُ أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ أَبْكِي، وَيَنْهَوْنِي عَنْهُ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لاَ يَنْهَانِي، فَجَعَلَتْ عَمَّتِي فَاطِمَةُ تَبْكِي، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَبْكِينَ أَوْ لاَ تَبْكِينَ، مَا زَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ».

 

وَأَخْرَجَ الحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ، صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «صَحِيْحِ الجَامِعِ»[5]، مِنْ حَدِيْثِ جَابِرٍ بْنَ عَبْدِ اللهِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - يَقُولُ: لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو ابْنِ حَرَامٍ يَوْمَ أُحُدٍ، لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا؟»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ اسْتُشْهِدَ أَبِي وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا، قَالَ: «أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللهُ بِهِ أَبَاكَ؟»، قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:« مَا كَلَّمَ اللهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَكَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا، فَقَالَ: يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ»، قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَةً، فَقَالَ اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: سَبَقَ مِنِّي القَوْلُ ﴿أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ [يس: 31]، قَالَ: يَا رَبِّ فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ [آل عمران: 169].

 

وَمِنْ شُهَدَاءِ أُحُدٍ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَمْرُو بْنُ الجَمُوحِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - كَانَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ أَعْرَجَ شَدِيدَ الْعَرَجِ، وَكَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ بَنُونَ شَبَابٌ يَغْزُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا غَزَا فَلَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَجَّهُ إِلَى أُحُدٍ، قَالَ لَهُ بَنُوهُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَ لَكَ رُخْصَةً فَلَو قَعَدْتَ فَنَحْنُ نَكْفِيكَ فَقَدْ وَضَعَ اللهُ عَنْكَ الْجِهَادَ.

 

فَأَتَى عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ بَنِىَّ هَؤُلاَءِ يَمْنَعُونِي أَنْ أَخْرُجَ مَعَكَ، وَاللهِ إِنّي لأَرْجُو أَنْ أُسَتَشْهَدَ فَأَطَأَ بِعُرْجَتِي هَذِهِ فِي الْجَنَّةِ.

 

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَوَى ابْنُ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقِ وَبَعْضُهُ فِي «المُسْنَدِ»، بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ، صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «فِقْهِ السِّيْرَةِ» [6]، مِنْ حَدِيْثِ أَبِى قَتَادَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: « أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ وَضَعَ اللهُ عَنْكَ الْجِهَادَ ».

 

وَقَالَ لِبَنِيهِ: «وَمَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَدْعُوهُ لَعَلَّ اللَّهَ-عَزَّ وَجَلَّ-يَرْزُقُهُ الشَّهَادَةَ؟»، فَخَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا».

 

وَمِنْ شُهَدَاءِ أُحُدٍ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَبْدُ اللهِ بْنُ جَحْشٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فَفِي «مُسْتَدْرِكِ» الحَاكِمِ بِسَنَدٍ قَالَ عَنْهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «فِقْهِ السِّيْرَةِ» [7]، صَحِيْحٌ بِشَوَاهِدِهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَحْشٍ: «اللهُمَّ إِنِّي أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَنْ أَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا فَيَقْتُلُونِي، ثُمَّ يَبْقُرُوا بَطْنِي، وَيَجْدَعُوا أَنْفِي وَأُذُنِي، ثُمَّ تَسْأَلُنِي بِمَا ذَاكَ؟ فَأَقُولُ: فِيكَ»، قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَبَرَّ اللهُ آخِرَ قَسَمِهِ كَمَا بَرَّ أَوَّلَهُ.

 

وَمِنْ شُهَدَاءِ أُحُدٍ - أَيُّهَا النَّاسُ - مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ» [8]، مِنْ حَدِيْثِ خَبَّابٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: «هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ نَبْتَغِي وَجْهَ اللهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لِسَبِيلِهِ لَمْ يَأْكُلْ مَنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ: مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَمْ يَتْرُكْ إِلَّا نَمِرَةً، كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «غَطُّوا رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الْإِذْخِرِ»، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا.

 

اللهُمَّ كُنْ لِلْمُسْلِمينَ وَالمُسْتَضْعَفِينَ فِي كُلَّ مَكَانٍ؛ فَرِّجْ هَمَّهُم، وَنَفِّسْ كَرْبَهُم، وَأَقِلْ عَثْرَتَهُم وَتَوَلّى أَمْرَهُم، اللهُمَّ ارْفَعْ رَايَتَهُم، وَاكْبِتْ عَدُوَّهُمْ. اللهُمَّ وَحِّدْ صَفَّهُم، وَاجْمَعْ كَلِمَتَهُم، وَرُدَّهُم إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا.

 

 

 

 



[1] (صَحِيْحٌ) أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ (3/195)، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي«الصَّحِيْحَةِ» (374).

[2] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4072).

[3] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4048)، وَمُسْلِمٌ (1903).

[4] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1244).

[5] (َصَحِيْحٌ) أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ (2/204)، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي «صَحِيْحِ الجَامِعِ» (7905).

[6](صَحِيْحٌ)أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ (2/204)، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «صَحِيْحِ الجَامِعِ» (7905).

[7] (صَحِيْحٌ بِشَوَاهِدِهِ) أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ (3/199-220)، وَقَالَ الأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي «فِقْهِ السِّيْـرَةِ» (260) صَحِيْحٌ بِشَوَاهِدِهِ.

[8] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4047).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • منظومة شهداء بدر
  • تفسير قوله تعالى: {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت..}
  • تفسير قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس...}
  • الشهداء تحرسهم السماء أم تأكلهم الكلاب؟

مختارات من الشبكة

  • شهداء أحد(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من بركاته على أمته: أن الله تعالى جعلهم شهداء على بعضهم في الأرض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شهداء القراءة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تفسير: (لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المؤمنون شهداء الله في الأرض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل يعرف موضع قبور شهداء اليمامة رضي الله عنهم؟(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/3/1447هـ - الساعة: 7:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب