• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    هل يشرع قول: "ما شاء الله" عند رؤية نعمة غيرك أم ...
    الشيخ عايد التميمي
  •  
    نعمة الطعام ومحنة الجوعى (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    فضل الدعاء عند الرفع من الركوع
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (28) «وعظنا ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    خطبة: حقوق كبار السن في الإسلام
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    خطبة النبي صلى الله عليه وسلم والشعر
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تفسير سورة التكاثر
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    تفسير: (وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحفة الأنام بأهمية إدارة الوقت في الإسلام (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    النميمة مفتاح الفتن وباب للجريمة
    شعيب ناصري
  •  
    المفصل في المفضل في تلاوة صلاة الصبح
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    طهارة المرأة
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    الفرق بين الشبهة والشهوة
    عصام الدين أحمد كامل
  •  
    السجع في القرآن بين النفي والإثبات
    د. عبادل أحمد دار
  •  
    التوثيق القرآني لبيت المقدس
    د. محمد أحمد قنديل
  •  
    الهجرة النبوية: دروس وعبر (خطبة)
    مطيع الظفاري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

رمضان يمضي فأدرك نفسك (خطبة)

رمضان يمضي فأدرك نفسك (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/5/2018 ميلادي - 12/9/1439 هجري

الزيارات: 44331

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رمضان يمضي فأدرك نفسك

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، رَمَضَانُ عِندَ المُسلِمِ العَاقِلِ الحَصِيفِ، فُرصَةٌ لِلفَوزِ بِعَظِيمِ الأَجرِ وَنَيلِ جَزِيلِ الثَّوَابِ، وَبَابٌ وَاسِعٌ بَل هُوَ عِدَّةُ أَبوَابٍ، يَلِجُ مِنهَا المُوَفَّقُونَ زُرَافَاتٍ وَوِحدَانًا، مِمَّن يَبتَغُونَ فَضلاً مِنَ اللهِ وَرِضوَانًا. صَلَوَاتٌ مَفرُوضَةٌ وَنَوَافِلُ مَسنُونَةٌ، وَقِيَامٌ وَتَبَتُّلٌ وَكَثرَةُ سُجُودٍ، وَصِيَامٌ وَقِرَاءَةُ قُرآنٍ وَتَدَبُّرٌ، وَعُمرَةٌ وَزِيَارَةٌ وَذِكرٌ وَدُعَاءٌ، وَزَكَوَاتٌ وَصَدَقَاتٌ وَهِبَاتٌ، وَتَفرِيجُ كُرُبَاتٍ وَقَضَاءُ حَاجَاتٍ، وَتَفطِيرُ صَائِمِينَ وَإِطعَامُ فُقَرَاءَ وَمَسَاكِينَ، وَدَعمٌ لِمَشرُوعَاتِ خَيرٍ وَمُسَاهَمَةٌ في أَعمَالِ بِرٍّ، وَصِلَةُ أَرحَامٍ وَإِحسَانٌ إِلى جِيرَانٍ، وَإِصلاحٌ لِلبُيُوتِ لِمَن فِيهَا، وَأَمرٌ لَهُم بِالمَعرُوفِ وَنَهيٌ عَنِ المُنكَرِ.

 

وَإِنَّهُ مَا مِن مُسلِمٍ فَطِنٍ مُشرِقِ البَصِيرَةِ، حَيِّ القَلبِ مُتَيَقِّظِ الفُؤَادِ، إِلاَّ وَهُوَ يَستَشعِرُ أَنَّ رَمَضَانَ مَيدَانٌ لِلتَّسَابُقِ في الخَيرَاتِ، وَمِضمَارٌ لِلتَّنَافُسِ في الطَّاعَاتِ، وَسُوقٌ رَابِحَةٌ لاكتِسَابِ الحَسَنَاتِ، وَفُرصَةٌ لِلتَّوبَةِ وَالإِنَابَةِ وَتَغيِيرِ الذَّاتِ، وَمَجَالٌ لِلتَّدَرُّبِ على الأَخلاقِ الحَسَنَةِ وَالعَادَاتِ الجَمِيلَةِ، وَالتَّخَلُّصِ مِنَ الأَخلاقِ السَّيِّئَةِ وَالعَادَاتِ القَبِيحَةِ.

 

وَمَعَ هَذَا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - يَدخُلُ رَمَضَانُ وَتَمضِي مِنهُ لَيَالٍ وَأَيَّامٌ، وَيَظَلُّ النَّاسُ بَينَ مُتَهَاوِنٍ وَمُتَكَاسِلٍ، وَمُتَبَاطِئٍ وَمُتَثَاقِلٍ، وَمُؤَجِّلٍ عَمَلَهُ مُطَوِّلٍ أَمَلَهُ، وَمُتَمَنٍّ عَلَى اللهِ الأَمَانيَّ، في حِينِ يُرَى القَلِيلُ مُضَاعِفًا لِعَمَلِهِ الصَّالِحِ، مُتَزَوِّدًا مِنَ الخَيرِ مُتَعَرِّضًا لِلنَّفَحَاتِ، مُعمِلاً فِكرَهُ في جَمعِ الحَسَنَاتِ، حَرِيصًا عَلَى اهتِبَالِ الفُرَصِ وَاغتِنَامِ الأَوقَاتِ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، رَمَضَانُ سَائِرٌ وَلَن يَتَوَقَّفَ لِتَوَقُّفِ مُتَكَاسِلٍ، وَقَافِلَتُهُ مَاضِيَةٌ لا تَنتَظِرُ قَاعِدًا وَلا تُوقِظُ رَاقِدًا، وَمَا هِيَ إِلاَّ أَيَّامٌ قَلائِلُ وَيُعلَنُ هِلالُ العِيدِ، وَإِذْ ذَاكَ يَشعُرُ مَن عَمِلَ وَبَذَلَ بِغِبطَةٍ وَبَهجَةٍ، وَيَمتَلِئُ قَلبُهُ سَعَادَةً وَرَاحَةً، وَيُحِسُّ مَن تَكَاسَلَ وَأَهمَلَ بِحَسرَةٍ تَأكُلُ جَوَانِحَهُ، وَحُرقَةٍ تَلتَهِمُ فُؤَادَهُ. وَحَتَّى لا يَكُونَ أَحَدُنَا مِنَ المُحتَرِقِينَ عَلَى مَا فَاتَ، المُتَلَهِّفِينَ عَلَى مَا مَضَى وَانقَضَى، المُتَقَطِّعِينَ أَسَفًا وَحَسَرَاتٍ وَنَدَمًا، فَلْيَغتَنِمْ وَقتَهُ، وَلْيَنتَبِهْ لِنَفسِهِ، وَلْيَأخُذِ الأَمرَ بِالجِدِّ وَالاجتِهَادِ وَالعَزِيمَةِ، وَلْنَتَذَكَّرْ جَمِيعًا أَنَّ شَهرَنَا مَضَى مِنهُ ثُلُثُهُ أَو كَادَ، نَعَم وَاللهِ، مَضَى مِنهُ تِسعَةُ أَيَّامٍ وَكَأَنَّهَا سَاعَاتٌ بَل كَأَنَّهَا لَحَظَاتٌ، فَأَينَ أَنتَ أَيُّهَا المُؤمِنُ بِاللهِ المُوقِنُ بِلِقَائِهِ؟! أَلم تَتَذَكَّرْ أَنَّكَ خُلِقَت لِعِبَادَتِهِ، وَأَنَّهُ - تَعَالى - هُوَ الَّذِي فَرَضَ عَلَيكَ صِيَامَ رَمَضَانَ وَشَرَعَ لَكَ قِيَامَهُ، وَفَتَحَ لَكَ فِيهِ أَبوَابَ الجَنَّةِ وَنَوَّعَ لَكَ فِيهِ فُرَصَ الخَيرِ، وَأَغلَقَ أَبوَابَ النَّارِ وَصَفَّدَ مَرَدَةَ الشَّيَاطِينِ؟! أَلا تَعلَمُ أَنَّهُ - تَعَالى - لا يَشرَعُ لَكَ وَلا يَفرِضُ عَلَيكَ إِلاَّ مَا هُوَ خَيرٌ لَكَ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ؟! ثم أَلا تُؤمِنُ بِأَنَّهُ - سُبحَانَهُ - مُطَّلِعٌ عَلَيكَ وَمُشَاهِدٌ لِمَا في قَلبِكَ، وَيَعلَمُ سِرَّكَ وَجَهرَكَ، وَيُحصِي عَلَيكَ عَمَلَكَ، وَيَرَى أَفوَاجَ المُسَابِقِينَ وَجُمُوعَ المُتَكَاسِلِينَ، وَأَنَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَجزِيكَ عَلَى صِيَامِكَ وَقِيَامِكَ أَعظَمَ الجَزَاءِ، وَيُضَاعِفُ لَكَ الأُجُورَ عَلَى اليَسِيرِ مِنَ الأَعمَالِ؟! أَينَ إِيمَانُكَ بِالبَعثِ بَعدَ المَوتِ؟! أَينَ تَصدِيقُكَ بِالحَشرِ وَالحِسَابِ، أَينَ رَجَاؤُكَ الثَّوَابَ وَخَوفُكَ مِنَ العِقَابِ؟! أَفَلا تَنتَبِهُ فَتَطلُبَ الثَّوَابَ وَتَفِرَّ مِنَ العِقَابِ؟! أَلا تَستَقِيمُ عَلَى الطَّاعَةِ وَتَلتَزِمُ بِالفَرَائِضِ، وَتَستَكثِرُ مِنَ الخَيرِ وَالنَّوَافِلِ؛ لِتَنَالَ جَنَّةً عَرضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ، فَتَنعَمَ فِيهَا نَعِيمًا لا شَقَاءَ بَعدَهُ، وَتَكسِبَ رَاحَةً أَبَدِيَّةً وَسَعَادَةً سَرمَدِيَّةً؟! لَقَد نَادَى رَبُّنَا أَهلَ الإِيمَانِ وَلم يُنَادِ غَيرَهُم فَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183] وَنَبِيُّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ في الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ: " مَن صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ، وَمَن قَامَ لَيلَةَ القَدرِ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ " وَيَقُولُ في المُتَّفَقِ عَلَيهِ أَيضًا: " مَن قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ ".

 

أَلا فَأَيقِظْ إِيمَانَكَ - أَيُّهَا الأَخُ المُؤمِنُ - وَجَدِّدْهُ، جَدِّدْ إِيمَانَكَ وَتَعَاهَدْ قَلبَكَ، وَرَاقِبْ نِيَّتَكَ وَاحتَسِبْ، وَجَاهِدْ عَلَى ذَلِكَ نَفسَكَ، وَاصبِرْ وَصَابِرْ وَرَابِطْ، فَلَعَلَّكَ بِذَلِكَ تُهدَى وَتُفلِحُ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200].

 

أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - مَن أَرَادَ الهِدَايَةَ فَعَلَيهِ أَن يُجَاهِدَ نَفسَهُ وَيَبذُلَ الأَسبَابَ، وَلْيُقبِلْ عَلَى رَبِّهِ لِيُقبِلَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَيهِ، فَفِي الحَدِيثِ القُدسِيِّ المُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ: " يَقُولُ اللهُ - تَعَالى -: أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبدِي بي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَني، فَإِنْ ذَكَرَني في نَفسِهِ ذَكَرتُهُ في نَفسِي، وَإِن ذَكَرَني في مَلأٍ ذَكَرتُهُ في مَلأٍ خَيرٍ مِنهُم، وَإِن تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبرٍ تَقَرَّبتُ إِلَيهِ ذِراَعًا، وَإِن تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ بَاعًا، وَإِن أَتَاني يَمشِي أَتَيتُهُ هَروَلَةً " وَحَذَارِ حَذَارِ مِنَ الإِعرَاضِ عَن مَوَائِدِ الرَّحمَنِ وَقَد عُرِضَت وَبُسِطَت، فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَمَّنِ استَغنَى وَتَوَلَّى، وَفي الحَدِيثِ عَن أَبي وَاقِدٍ اللَّيثيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بَينَمَا هُوَ جَالِسٌ في المَسجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ، إِذْ أَقبَلَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقبَلَ اثنَانِ إِلى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ: فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرجَةً في الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلفَهُم، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " أَلا أُخبِرُكُم عَنِ النَّفَرِ الثَّلاثَةِ؟! أَمَّا أَحَدُهُم فَأَوَى إِلى اللهِ فَآوَاهُ اللهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاستَحيَا فَاستَحيَا اللهُ مِنهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعرَضَ فَأَعرَضَ اللهُ عَنهُ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّهُ لا يُقبِلُ عَلَى العَمَلِ الصَّالِحِ في رَمَضَانَ أَو في غَيرِهِ إِلاَّ مَن عَلَت هِمَّتُهُ، وَشَمَّرَ عَن سَاعِدَيهِ وَمَضَت عَزِيمَتُهُ، وَإِنَّ مِن كَمَالِ العَقلِ أَن تَعلُوَ الهِمَّةُ في مَوَاسِمِ الخَيرِ، وَأَمَّا الدُّونُ فَلا يَرضَى بِهِ إِلاَّ دَنِيءٌ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " المُؤمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وَأَحَبُّ إِلى اللهِ مِنَ المُؤمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيرٌ، اِحرِصْ عَلَى مَا يَنفَعُكَ وَاستَعِنْ بِاللهِ وَلا تَعجَزْ... " الحَدِيثَ رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَإِنَّهُ لَمِن أَعجَبِ العَجَبِ أَن يَعرِفَ المَرءُ فَضَائِلَ شَهرِ رَمَضَانَ وَمَزَايَاهُ، ثم لا تَعلُوَ هِمَّتُهُ وَلا يَزدَادَ حِرصُهُ، وَوَاللهِ لَو لم يَكُنْ في رَمَضَانَ إِلاَّ لَيلَةُ القَدرِ الَّتي هِيَ خيَرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ، لَكَفَى بها مُوقِدًا لِعَزِيمَةِ المُسلِمِ لِلجِدِّ وَالاجتِهَادِ وَالصَّبرِ، كَيفَ وَرَمَضَانُ كُلُّهُ فَضَائِلُ وَأُجُورٌ وَحَسَنَاتٌ؟! فَفِي الجَنَّةِ بَابٌ يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدخُلُ مِنهُ الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لا يَدخُلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيرُهُم، يُقَالُ: أَينَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لا يَدخُلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيرُهُم، فَإِذَا دَخَلُوا أُغلِقَ فَلَم يَدخُلْ مِنهُ أَحَدٌ. هَكَذَا أَخبَرَنَا الصَّادِقُ المَصدُوقُ كَمَا رَوَاهُ عَنهُ البُخَارِيُّ. كَمَا أَخبَرَنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَن صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ وَقَامَ لَيلَةَ القَدرِ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذنبه، وَأَخبَرَنَا - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - أَنَّ السَّحُورَ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ، وَأَنَّ اللهَ - عزَّ وجَلَّ - وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى المُتَسَحِّرِينَ، وَبَشَّرَنَا أَنَّ مَن فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثلُ أَجْرِهِ، وَأَنَّ مَن قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيلَةٍ، وَأَنَّ عُمرَةً في رَمَضَانَ تَعدِلُ حَجَّةً، وَأَنَّ للهِ عُتَقَاءَ في كلِّ يومٍ وَلَيلةٍ، لِكُلِّ عَبدٍ مِنهُم دَعوَةٌ مُستَجَابَةٌ، بِكُلِّ ذَلِكَ وَرَدَتِ الأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ وَالحِسَانُ، فَأَينَ أَهلُ اليَقِينِ وَالإِيمَانِ؟!

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَضرِبْ بِسَهمٍ فِيمَا نَستَطِيعُ مِن أَبوَابِ الخَيرِ، فَإِنَّ الخَسَارَةَ الَّتي لا تَعدِلُهَا خَسَارَةٌ، أَن تُفتَحَ كُلُّ هَذِهِ الأَبوَابِ، ثم يَخرُجَ رَمَضَانُ عَلَى عَبدٍ وَلم يُغفَرْ لَهُ فِيهِ، عَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - صَعِدَ المِنبَرَ فَقَالَ: " آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ " قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ صَعِدتَ المِنبَرَ فَقُلتَ: آمِينَ آمِينَ آمِينَ. فَقَاَل: " إِنَّ جِبرِيلَ أَتَاني فَقَالَ: مَن أَدرَكَ شَهرَ رَمَضَانَ فَلَم يُغفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبعَدَهُ اللهُ. قُلْ آمِينَ فَقُلتُ آمِينَ " الحَدِيثَ رَوَاهُ ابنُ خُزَيمَةَ وَابنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ وَاللَّفظُ لَهُ، وَقَالَ الأَلبَانيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ، اللَّهُمَّ إِنِّا نَسأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى، اللَّهُمَّ اهدِنَا وَسَدِّدْنَا وَيَسِّرِ الهُدَى لَنَا، وَأَقُولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ...

♦   ♦   ♦


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، شَهرُ رَمَضَانَ أَيَّامٌ سَرِيعَةُ الذَّهَابِ، وَلَيَالٍ قَرِيبَةُ الزَّوَالِ، وَقَد قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 183، 184]" بِالأَمسِ القَرِيبِ يُهَنِّئُ بَعضُنَا بَعضًا بِقُدُومِ الشَّهرِ، وَاليَومَ هَا قَد مَضَى ثُلثهُ أَو كَادَ، وَهَكَذَا الأَيَّامُ تَعمَلُ فِينَا، فَيَا لَخَسَارَةِ مَن لم يَعمَلْ فِيهَا، وَهَكَذَا العُمرُ يَمضِي كَأَنَّهُ سَاعَةٌ، فَيَا لَخَيبَةِ مَن مَضَى عُمرُهُ في غَيرِ طَاعَةٍ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَتَذَكَّرْ هَادِمَ اللَّذَاتِ، وَلْنَحذَرْ مِن أَخذِهِ عَلَى غِرَّةٍ، فَكَم مِمَّن أَدرَكَ رَمَضَانَ المَاضِيَ وَلم يُدرِكْ رَمَضَانَ الحَالِيَّ، وَوَاللهِ لَيَأتِيَنَّ يَومٌ عَلَى أَحدِنَا وَهُوَ في قَبرِهِ بَعِيدًا عَن أَهلِهِ، مَرهُونًا بِعَمَلِهِ، فَقِيرًا إِلى مَا قَدَّمَ غَنِيًّا عَمَّا خَلَّفَ، أَلا فَرَحِمَ اللهُ عَاقِلاً انتَبَهَ لِنَفسِهِ، وَجَعَلَ شُكرَ نِعمَةِ اللهِ عَلَيهِ بِبُلُوغِ رَمَضَانَ جِدًّا في الطَّاعَةِ وَاجتِهَادًا، وَحِرصًا عَلَى تَحصِيلِ الخَيرِ وَمُسَارَعَةً إِلَيهِ، وَمُسَابَقَةً لِلمُسَارِعِينَ وَمُنَافَسَةً لِلصَّالِحِينَ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 35].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • السباق النهائي في رمضان
  • إلى من أدركت رمضان
  • لماذا نخسر رمضان؟؟
  • طلائع رمضان (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في نهاية عامكم حاسبوا أنفسكم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحفة الأنام بأهمية إدارة الوقت في الإسلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القيم النبوية في إدارة المال والأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هضم النفس في ذات الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم الحلف بغير الله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عقيدة الحافظ ابن عبد البر في صفات الله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طاعة الزوج من طاعة المعبود، فهل أديت العهد المعقود؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مقاربات بيانية إيمانية لسورة الفجر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسماء العقل ومشتقاته في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/3/1447هـ - الساعة: 13:1
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب