• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حرص الصحابة رضي الله عنهم على اقتران العلم ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الإقبال على الخير من علامات التوفيق
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: الوقت في حياة الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    إشراقة آية: قال تعالى: {ثم أدبر واستكبر}
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    شرح حديث: "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    خطبة: استسقاء
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    اللطيف الخبير
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    الذنوب وآثرها وخطرها (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    خطبة: التواضع
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    إجارة الحمام
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    مشروعية الزواج من واحدة فأكثر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    من مائدة الصحابة: سودة بنت زمعة رضي الله عنها
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    رحلة على مركب الأمنيات (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    سجين بلا قيود
    أ. محاسن إدريس الهادي
  •  
    الفضول وحب الاستطلاع
    أ. محاسن إدريس الهادي
  •  
    لمحة في بيان ما ذكر في القرآن في علو منزلة الخليل ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

استقيموا أيها الكبار، يستقيم الصغار

استقيموا أيها الكبار، يستقيم الصغار
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/9/2014 ميلادي - 20/11/1435 هجري

الزيارات: 16119

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

استقيموا أيها الكبار، يستقيم الصغار


أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مِن أَهَمِّ المُهِمَّاتِ الَّتي تَشغَلُ بَالَ كُلِّ مُسلِمٍ في كُلِّ زَمَانٍ، وَهِيَ في هَذَا الزَّمَانِ لِبَالِهِ أَشغَلُ، قَضِيَّةُ صَلاحِ الأَبنَاءِ وَفَلاحِهِم، وَأَن يَكُونُوا نَاجِحِينَ في حَيَاتِهِم، مُفلِحِينَ في دِينِهِم وَدُنيَاهُم، وَفي تَعَبُّدِهِم وَتَعَامُلِهِم، وَفي حَيَاتِهِمُ الفَردِيَّةِ وَالاجتِمَاعِيَّةِ، وَفي كُلِّ شَأنٍ مِن شُؤُونِهِمُ الخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ.

 

وَإِنَّ وُجُودَ هَذَا الهَمِّ وَالشُّعُورِ في ذِهنِ كُلِّ أَبٍ، لَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى وَعيِهِ بِعِظَمِ مَسؤُولِيَّتِهِ، وَإِحسَاسِهِ بِثِقَلِ أَمَانَتِهِ، وَفِقهِهِ بِشَيءٍ مِن أخصِّ مَا يَجِبُ عَلَيهِ نَحوَ أَبنَائِهِ، إِذ إِنَّ مِنَ النَّاسِ وَهُم كَثِيرٌ، مَن دَرَجُوا عَلَى أَن تَكُونَ تَربِيَتُهُم لأَبنَائِهِم مُجَرَّدَةً مِن كُلِّ مَعَاني التَّربِيَةِ الحَقِيقِيَّةِ، إِلاَّ مِن إِشبَاعِ الحَاجَاتِ وَالضَّرُورِيَّاتِ الَّتي يَكُونُ بها بَقَاءُ الحَيَاةِ، وَالَّتي يَشتَرِكُ فِيهَا الإِنسَانُ مَعَ الحَيَوَانِ، مِنَ الأَكلِ وَالشُّربِ، وَالإِيوَاءِ في المَسكَنِ وَتَوفِيرِ المَلبَسِ، وَعِلاجِ الأَمرَاضِ البَدَنِيَّةِ وَالأَدوَاءِ، وَأَمَّا التَّربِيَةُ عَلَى المَبَادِئِ الإِنسَانِيَّةِ وَالأُصُولِ الدِّينِيَّةِ، وَتَعزِيزُ القِيَمِ الصَّالِحَةِ وَتَعدِيلُ الاتِّجَاهَاتِ لِمَا هُوَ أَسمَى وَأَغلَى وَأَهَمُّ وَأَوجَبُ، فَلا يَعتَنُونَ بِهِ وَلا يُفَكِّرُونَ فِيهِ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ أَبنَاءَهُم في الحَقِيقَةِ، إِنَّمَا يَسبَحُونَ في بَحرٍ مُتَلاطِمِ الأَموَاجِ، فَإِمَّا أَن يُوَفَّقُوا لِمُعَلَّمٍ صَادِقٍ أَو إِمَامٍ مُصلِحٍ، أَو دَاعِيَةٍ نَاصِحٍ أَو صَدِيقٍ صَالِحٍ، فَيَصلُحُوا وَيَتَوَجَّهُوا لِلخَيرِ، وَإِمَّا أَن يَسقُطُوا في أَيدٍ شِرِّيرَةٍ آثِمَةٍ، تَتَلَقَّفُهُم تَلَقُّفَ الصَّيدِ الثَّمِينِ، لِيُستَخدَمُوا في قَضَاءِ مَآرِبَ خَبِيثَةٍ، وَتُنَالَ بِهِم مَقَاصِدُ دَنِيئَةٌ، أَو يُستَعمَلُوا لِلوُصُولِ بِهِم إِلى غَايَاتٍ شِرِّيرَةٍ.

 

أَجَلْ أَيُّهَا المُسلِمُونَ إِنَّ ثَمَّةَ آبَاءً عُظَمَاءَ، مُرَبِّينَ حُكَمَاءَ، صَالِحِينَ مُصلِحِينَ، وَآخَرِينَ إِنَّمَا هُم في بُيُوتِهِم مُشرِفُونَ عَلَى مَشرُوعَاتِ رَعيٍ وَتَسمِينٍ، لَوَّامُونَ مُنتَقِدُونَ، نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ إِنَّ مِنَ الآبَاءِ مَن هُوَ عَونٌ لأَبنَائِهِ عَلَى الصَّلاحِ بِصِلاحِهِ في نَفسِهِ، وَمِنهُم مَن هُوَ مُقَصِّرٌ في نَفسِهِ، دَائِمُ اللَّومِ لِغَيرِهِ، هَمُّهُ وَدَيدَنُهُ أَن يَسألَ: مَاذَا فَعَلَتِ المَدَارِسُ وَالجَامِعَاتُ؟! وَمَاذَا قَدَّمَ المُعَلِّمُونَ وَالمُرَبُّونَ؟! وَأَينَ هُمُ الدُّعَاةُ وَالمُصلِحُونَ؟! وَلِمَاذَا لا يُدَرَّسُ الطُّلاَّبُ كَذَا وَكَذَا؟! وَلِمَاذَا لا يُضبَطُونَ بِكَيتَ وَكَيتَ؟! وَهِيَ أَسئِلَةٌ وَإِن كَانَت في الصَّمِيمِ، إِلاَّ أَنَّهَا قَد لا تَكُونُ مَقبُولَةً مِمَّن أَهمَلَ وَاجِبَهُ، وَلا تَسُوغُ مِمَّن فَرَّطَ في مَسؤُولِيَّتِهِ، وَلا يَحِقُّ طَرحُهَا لِمَن هُوَ مُخفِقٌ في حَيَاتِهِ، سَيِّئَةٌ سِيرَتُهُ مَائِلَةٌ مَسِيرَتُهُ، يَقتُلُ بِفِعلِهِ كُلَّ مَا يُحيِيهِ المُعَلِّمُونَ وَالمُرَبُّونَ مِن مَعَاني الفَضِيلَةِ، وَيَهدِمُ بِإِهمَالِهِ كُلَّ مَا يَبنُونَهُ مِنَ حَسَنِ القِيَمِ وَالأَخلاقِ الجَمِيلَةِ، نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ إِنَّ عَلَى الأَبِ قَبلَ أَن يَسأَلَ عَن دَورِ غَيرِهِ في إِصلاحِ بَنِيهِ، أَن يَبنِيَ نَفسَهُ هُوَ أَوَّلاً بَنَاءً صَحِيحًا رَاسِخًا، وَيَستَعِدَّ استِعدَادًا جَازِمًا؛ لِيَكُونَ القُدوَةَ الصَّالِحَةَ وَالأُسوَةَ الحَسَنَةَ لأَبنَائِهِ في كُلِّ حَرَكَةٍ مِنهُ وَسُكُونٍ، بِحَيثُ لا يَرَونَ مِنهُ سُلُوكًا يُخَالِفُ مَا يَتَعَلَّمُونَهُ في مَدَارِسِهِم، وَلا يَلحَظُونَ عَلَيهِ تَصَرُّفًا يُضَادُّ مَا يَتَلَقَّونَهُ في جَامِعَاتِهِم، إِنَّ عَلَيهِ أَن يَكُونَ هُوَ النَّمُوذَجَ الحَيَّ الَّذِي يُشَاهِدُونَهُ فَيَقتَدُونَ بِهِ، فَإِذَا أُمِرُوا بِمَعرُوفٍ وَجَدُوهُ أَسبَقَ مَن يَفعَلُهُ، وَإِذَا نُهُوا عَن مُنكَرٍ رَأَوهُ أَبعَدَ النَّاسِ عَنهُ، وَإِذَا حُسِّنَت لَهُم فَضِيلَةٌ وَجَدُوا أَبَاهُم خَيرَ المُتَّصِفِينَ بها، وَإِن قُبِّحَت لَهُم رَذِيلَةٌ أَلْفَوهُ أَوَّلَ المُجَانِبِينَ لها، وَأَمَّا إِذَا كَانَ العَكسُ، وَهُوَ مَا يَحصُلُ في حَيَاةِ كَثِيرِينَ وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، فَأَنَّى لِلطَّالِبِ الصَّغِيرِ عَقلُهُ، القَلِيلِ استِيعَابُهُ الضَّيِّقُ فَهمُهُ، أَن يَجمَعَ بَينَ مَا يَسمَعُهُ في مَدرَسَتِهِ أَو يَتَلَقَّاهُ في جَامِعَتِهِ، وَبَينَ مَا يَرَاهُ عَلَى مَن يُفتَرَضُ أَن يَكُونَ هُوَ النَّمُوذَجَ الأَفضَلَ وَالمَثَلَ الأَعلَى، نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ كَيفَ يُرَادُ لِطِفلٍ صَغِيرٍ أَو فَتًى مُرَاهِقٍ، أَن يَهتَمَّ بِصَلاتِهِ وَأَبُوهُ لا يُقِيمُ لها وَزنًا؟! أَو يَذكُرَ رَبَّهُ وَأَبُوهُ لاهٍ غَافِلٌ؟! أَو يَصدُقَ وَأَبُوهُ يَكذِبُ؟! أَو يَفِيَ بِوَعدٍ أَو يَحفَظَ عَهدًا وَأَبُوهُ مُرَاوِغٌ غَادِرٌ؟! أَو يُؤَدِّيَ أَمَانَةً أَو يُحَافِظَ عَلَى مُقَدَّرٍ، وَهُوَ يَرَى قُدوَتَهُ وَأُسوَتَهُ خَلِيًّا مِن كُلِّ هَذَا؟!

 

إِنَّهُ لَشَيءٌ عَجِيبٌ جِدًّا، أَن نَلُومَ طُلاَّبًا صِغَارًا وَنَستَنكِرَ مِنهُم أَن يُخَالِفُوا مَا تَعَلَّمُوا، وَهُم مِن حِينِ أَن يَخرُجُوا مِن فُصُولِ مَدَارِسِهِم وَيُفَارِقُوا قَاعَاتِ جَامِعَاتِهِم، لا يَرَونَ مِن كِبَارِهِم إِلاَّ تَارِكًا لِلصَّلاةِ هَاجِرًا لِلجَمَاعَاتِ، وَآخَرَ إِن حَدَّثَ كَذَبَ وَإِن وَعَدَ أَخلَفَ وَإِن اؤتُمِنَ خَانَ، وَثَالِثًا مُتَكَبِّرًا عَلَى الآخَرِينَ يَحقِرُهُم وَيُسَفِّهُ أَحلامَهُم أَو يَستَهزِئُ بِهِم، وَرَابِعًا جَاحِدًا لِحُقُوقِهِم لا يَرَى لَهُم عَلَيهِ وَاجِبًا، وَخَامِسًا مَشغُولاً بِذَاتِهِ لا يُهِمُّهَ إِلاَّ نَفسُهُ، وَلا يُبدِي تَعَاوُنًا مَعَ غَيرِهِ وَلا يُحسِنُ إِلى سِوَاهُ، إِنَّهَا لأَزمَةٌ كَبِيرَةٌ جِدُّ كَبِيرَةٍ، أَن تُخَالِفَ الأَفعَالُ الأَقوَالَ، وَأَن تَنقَطِعَ الصِّلَةُ أَو تَضعُفَ، بَينَ مَا يُلَقَّنَهُ الصَّغِيرُ مِنَ المُرشِدِينَ وَالمُصلِحِينَ، وَمَا يَرَاهُ في الوَاقِعِ مِنَ المُتَهَاوِنِينَ المُتَسَاهِلِينَ، وَأَن يَظَلَّ هَذَا الخَلَلُ في ازدِيَادٍ جِيلاً بَعدَ جِيلٍ، كَيفَ نَستَنكِرُ أَلاَّ يَستَفِيدَ أَبنَاؤُنَا مِن تَربِيَةٍ وَلا يَنفَعَ فِيهِم تَعلِيمٌ، وَهُم لا يَكَادُونَ يَرَونَ مِنَّا الصِّدقَ!! وَصَدَقَ القَائِلُ:

مَتى يَبلُغُ البُنيَانُ يَومًا تَمَامَهُ
إِذَا كُنتَ تَبنِيهِ وَغَيرُكَ يَهدِمُ


وَصَدَقَ الآخَرُ حَيثُ قَالَ:

وَيَنشَأُ نَاشِئُ الفِتيَانِ مِنَّا
عَلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوهُ


إِنَّ المَعلُومَاتِ وَالمَعَارِفَ وَالفَوَائِدَ وَالنَّصَائِحَ، الَّتي تُلقَى في كُلِّ مَحضِنٍ مِن مَحَاضِنِ التَّربِيَةِ، أَو تُبَثُّ مِن عَلَى أَيِّ مِنبَرٍ مِن مَنَابِرِ الإِرشَادِ وَالإِصلاحِ وَالدَّعوَةِ، تَظَلُّ مَيتَةً لا رُوحَ فِيهَا، بَاهِتَةً لا لَونَ لها، ضَعِيفَةً لا أَثَرَ لها، حَتَّى تَجِدَ في الوَاقِعِ رِجَالاً كِبَارًا في عُقُولِهِم وَقُلُوبِهِم، كِبارًا في نُفُوسِهِم وَأَروَاحِهِم، كِبَارًا في نِيَّاتِهِم وَإِرَادَاتِهِم وَغَايَاتِهِم، يُرُونَ الأَجيَالَ النَّاشِئَةَ أَمثِلَةً حَيَّةً لِمَا يَجِبُ أَن يَكُونَ عَلَيهِ المُسلِمُ، وَيَرسُمُونَ لها نَمَاذِجَ مُشَاهَدَةً في حُبِّ الخَيرِ وَفِعلِهِ وَالدَّعوَةِ إِلَيهِ وَنَشرِهِ، وَكَرَاهِيَةِ الشَرِّ وَتَركِهِ وَالتَّحذِيرِ مِنهُ وَمُحَارَبَتِهِ، وَوَاللهِ لَو تَكَلَّمَ أَلفُ رَجُلٍ وَقَالُوا وَأَبلَغُوا في المَقَالِ، عَلَى أَن يُصلِحُوا فَردًا وَاحِدًا، لَمَا كَانَ لَهُم مِنَ الأَثَرِ الحَسَنِ كَمَا يَكُونُ لِمَقَامِ رَجُلٍ وَاحِدٍ صَادِقٍ، يَصلُحُ بِصَلاحِهِ آلافٌ مِنَ البَشَرِ، يَتَأَثَّرُونَ بِحُسنِ أَخلاقِهِ، وَيَملِكُ قُلُوبَهُم بِصِدقِ تَعَامُلِهِ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الكِبَارُ مِن آبَاءٍ وَإِخوَةٍ، وَكُونُوا قُدوَةً حَسَنَةً لِصِغَارِكُم وَنَاشِئَتِكُم، وَاحذَرُوا مِن أَن تَحُولُوا بَينَهُم وَبَينَ الخَيرِ، بِاعتِيَادِكُم سَيِّئَ الفِعَالِ أَوِ اتِّصَافِكُم بِقَبِيحِ الخِصَالِ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل: 125]

 

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ كُلاًّ مِنكُم رَاعٍ وَمَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، وَفي الصَّحِيحَينِ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا مِن عَبدٍ يَستَرعِيهِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ رَعِيَةً، يَمُوتُ يَومَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ رَعِيَّتَهُ، إِلاَّ حَرَّمَ اللهُ تَعَالى عَلَيهِ الجَنَّةَ " وَقَد وَرَدَ في وَصفِ عِبَادِ الرَّحمَنِ أَنَّهُم ﴿ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِن أَزوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعيُنٍ وَاجعَلْنَا لِلمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74] إِنَّ في هَذَا لأَعظَمَ إِشَارَةٍ إِلى أَنَّ مِن كَمَالِ عُبُودِيَّةِ المَرءِ لِرَبِّهِ وَتَوَاضُعِهِ وَطُمَأنِينَةِ نَفسِهِ، أَن يَكُونَ إِمَامًا في الخَيرِ قُدوَةً حَسَنَةً فِيهِ دَاعِيًا إِلَيهِ، لا أَن يَتَحَمَّلَ وِزرَ غَيرِهِ بِدِلالَتِهِ عَلَى الشَّرِّ أَو الحَيلُولَةِ بَينَهُ وَبَينَ الخَيرِ، رَوَى مُسلِمٌ وَغَيرُهُ أَنَّهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ قَالَ: " مَن دَعَا إِلى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجرِ مِثلُ أُجُورِ مَنِ اتَّبَعَهُ، لا يَنقُصُ ذَلِكَ مِن أُجُورِهِم شَيئًا، وَمَن دَعَا إِلى ضَلالَةٍ فَعَلَيهِ مِنَ الإِثمِ مِثلُ آثَامِ مَنِ اتَّبَعَهُ، لا يَنقُصُ ذَلِكَ مِن آثَامِهِم شَيئًا ".

 

وَإِنَّ مَا يُقَالُ في حَقِّ الآبَاءِ مِن وُجُوبِ كَونِهِم قُدُوَاتٍ حَسَنَةً لأَبنَائِهِم، يُقَالُ لِلمُعَلِّمِينَ وَالمُرَبِّينَ، فَإِنَّ مِن أَسوَأِ صِفَاتِ المُعَلِّمِ وَالمُرَبِّي أَن يَكُونَ قَوَّالاً غَيرَ فَعَّالٍ، هَادِمًا بِفِعَالِهِ مَا يَبنِيهِ بِمَقَالِهِ، لا يَزِنُ تَصَرُّفَهُ بِمَا يَدَّعِيهِ، وَلا يَقِيسُ حَالَهُ في الوَاقِعِ بما يَتَكَلَّمُ بِهِ لِسَانُهُ، بَل إِنَّ هَذَا سَبَبٌ مِن أَسبَابِ مَقتِهِ لِنَفسِهِ، وَتَعَرُّضِهِ لِغَضَبِ اللهِ وَعَذَابِهِ، قَالَ سُبحَانَهُ : ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3] وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " يُؤتَى بِالرَّجُلِ يَومَ القِيَامَةِ فَيُلقَى في النَّارِ فَتَندَلِقُ أَقتَابُ بَطنِهِ، فَيَدُورُ بها كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ في الرَّحَى، فَيَجتَمِعُ إِلَيهِ أَهلُ النَّارِ، فَيَقُولُونَ: يَا فُلانُ، مَالَكَ؟! أَلَم تَكُنْ تَأمُرُ بِالمَعرُوفِ وَتَنهَى عَنِ المُنكَرِ؟! فَيَقُولُ: بَلَى، كُنتُ آمُرُ بِالمَعرُوفِ وَلا آتِيهِ، وَأَنهَى عَنِ المُنكَرِ وَآتِيهِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الكِبَارُ مِن آبَاءٍ وَمُعَلِّمِينَ وَإِخوَةٍ وَمَسؤُولِينَ، وَعَلِّمُوا الصِّغَارَ الخَيرَ وَرَغِّبُوهُم فِيهِ بِفِعلِهِ أَمَامَهُم، وَحَذِّرُوهُمُ الشَّرَّ وَقَبِّحُوهُ في أَعيُنِهِم بِتَركِهِ وَهَجرِهِ، وَإِلاَّ فَلا تَنتَظِرُوا مِنهُم صَلاحًا وَقَد وَلَغتُم في الفَسَادِ، وَلا زَكَاءً لِنُفُوسِهِم وَقَد دَسَّيتُم نُفُوسَكُم، وَلا أَن يَستَقِيمَ الظِّلُّ مِنهُم وَالعُودُ مِنكُم أَعوَجُ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • استقيموا ولن تحصوا
  • استقيموا ولا تطغوا
  • احترام الأكبر سنا والأكثر علما
  • عدم احتقار الصغار

مختارات من الشبكة

  • الكلام على قول حذيفة: (يا معشر القراء استقيموا...إلخ)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: مواسمنا الإيمانية منهج استقامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الطلاق غير الطبيعي: حين تفشل البداية، لا تستقيم النهاية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استقيموا يرحمكم الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من يهد الله فهو المهتدي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعط البلاء حجمه فقط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النصب على الصرف مذهب الكوفيين(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تحريم إنكار مشيئة الله تعالى أو مشيئة المخلوق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة العصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحرش بإمام مسجد(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/5/1447هـ - الساعة: 12:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب