• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بيع فضل الماء
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    بين هيبة الذنب وهلاك استصغاره
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    ثواب التسبيح خير من الدنيا وما فيها
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    كلام الرب سبحانه وتعالى (1) الأوامر الكونية.. ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    القواعد الأصولية المؤثرة في اللقاحات الطبية (PDF)
    د. إسماعيل السلفي
  •  
    صفة الصلاة
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير قوله تعالى: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    خطبة: التوحيد عليه نحيا ونموت
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن الفراسة
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات تربوية مع سورة النصر (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    خطبة: استشعار التعبد وحضور القلب (باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    وقفات ودروس من سورة آل عمران (6)
    ميسون عبدالرحمن النحلاوي
  •  
    ﴿ أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ﴾
    بدر شاشا
  •  
    الابتهاج في شرح المنهاج للإمام تقي الدين أبي ...
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    العفاف حصن المرأة وسياج المجتمع
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    حقوق الطفل العقدية في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

التحذير الشديد من آفة التقليد (خطبة)

التحذير الشديد من آفة التقليد (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/12/2023 ميلادي - 13/6/1445 هجري

الزيارات: 12860

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التَّحذِيرُ الشَّدِيد من آفَةِ التَّقْلِيد


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَالتَّقْلِيدُ: هُوَ أَنْ يَتْبَعَ الْإِنْسَانُ غَيْرَهُ فِيمَا يَقُولُ أَوْ يَفْعَلُ، مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَتَأَمُّلٍ فِي الدَّلِيلِ، وَكَأَنَّ هَذَا الْمُتَّبِعَ جَعَلَ قَوْلَ الْغَيْرِ أَوْ فِعْلَهُ قِلَادَةً فِي عُنُقِهِ. فَالتَّقْلِيدُ: هُوَ قَبُولُ قَوْلِ الْغَيْرِ بِلَا حُجَّةٍ، وَلَا دَلِيلٍ.

 

وَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَشْرَعْ لِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ أَنْ يَلْتَزِمَ بِقَوْلِ أَحَدٍ - يُوجِبُ مَا يُوجِبُهُ، وَيُحَرِّمُ مَا يُحَرِّمُهُ، وَيُبِيحُ مَا يُبِيحُهُ - غَيْرَ رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَهُوَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِاتِّبَاعِهِ، وَالْتِزَامِ قَوْلِهِ، وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ، وَتَصْدِيقِ خَبَرِهِ، وَأَمَّا سِوَاهُ فَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ، وَلَا يُجْعَلُ قَوْلُهُ حُجَّةً عَلَى دِينِ اللَّهِ؛ إِذِ الْحُجَّةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

وَلِذَا ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى أُنَاسًا قَلَّدُوا آبَاءَهُمْ وَزُعَمَاءَهُمْ وَسَادَتَهُمْ دُونَ حُجَّةٍ وَدَلِيلٍ: فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 170]، وَهَذِهِ عَادَةٌ لَمْ تَشِذَّ عَنْهَا أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ: ﴿ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 22-23].

 

وَقَالَ تَعَالَى – فِي ذَمِّ اتِّبَاعِ الرُّؤَسَاءِ وَالْكُبَرَاءِ وَتَقْلِيدِهِمْ بِلَا حُجَّةٍ، وَلَا بُرْهَانٍ: ﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَاْ * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 66-68]. وَالْآيَاتُ وَإِنْ كَانَتْ فِي شَأْنِ الْكُفَّارِ؛ إِلَّا أَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى ذَمِّ التَّقْلِيدِ، قَالَ الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَهَذِهِ الْآيَاتُ وَغَيْرُهَا مِمَّا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ ‌نَاعِيَةً ‌عَلَى ‌الْمُقَلِّدِينَ مَا هُمْ فِيهِ، وَهِيَ وَإِنْ كَانَ تَنْزِيلُهَا فِي الْكُفَّارِ، لَكِنَّهُ قَدْ صَحَّ تَأْوِيلُهَا فِي الْمُقَلِّدِينَ لِاتِّحَادِ الْعِلَّةِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا).

 

فَأَقْوَالُ الْآبَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ وَالْعُلَمَاءِ لَا تُؤْخَذُ عَلَى سَبِيلِ الْإِطْلَاقِ، وَإِنَّمَا تُقَيَّدُ بِالشَّرْعِ؛ إِذِ الْمَعْصُومُ الَّذِي تُؤْخَذُ أَقْوَالُهُ عَلَى إِطْلَاقِهَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النِّسَاءِ: 59]؛ فَقَدْ أَمَرَ سُبْحَانَهُ بِطَاعَتِهِ، وَطَاعَةِ رَسُولِهِ عَلَى إِطْلَاقِهَا، وَقَيَّدَ طَاعَةَ وُلَاةِ الْأَمْرِ – وَهُمُ الْعُلَمَاءُ وَالْأُمَرَاءُ – بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَهَذَا هُوَ سِرُّ عَدَمِ تَكْرَارِ الْفِعْلِ: "أَطِيعُوا" مَعَ وُلَاةِ الْأَمْرِ.

 

وَمِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ الذَّامَّةُ لِلتَّقْلِيدِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ:

1- قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (أَلَا ‌لَا ‌يُقَلِّدَنَّ ‌رَجُلٌ ‌رَجُلًا دِينَهُ، فَإِنْ آمَنَ آمَنَ، وَإِنْ كَفَرَ كَفَرَ).

 

2- وَقَالَ مُعَاوِيَةُ - لَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (‌أَنْتَ ‌عَلَى ‌مِلَّةِ ‌عَلِيٍّ؟ قَالَ: لَا، وَلَا عَلَى مِلَّةِ عُثْمَانَ، وَلَكِنِّي عَلَى مِلَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

 

وَأَمَّا أَقْوَالُ أَهْلُ الْعِلْمِ - مِنْ غَيْرِ الصَّحَابَةِ - فَكَثِيرَةٌ لَا تُحْصَى، وَمِنْ ذَلِكَ:

1- قَالَ ابْنُ حَزْمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ ‌التَّقْلِيدَ ‌لَا ‌يَحِلُّ ‌الْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا التَّقْلِيدُ أَخْذُ الْمَرْءِ قَوْلَ مَنْ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ لَمْ يَأْمُرْنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِاتِّبَاعِهِ قَطُّ، وَلَا يَأْخُذُ قَوْلَهُ؛ بَلْ حَرَّمَ عَلَيْنَا ذَلِكَ، وَنَهَانَا عَنْهُ).

 

2- وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ‌تَقْلِيدُ ‌شَخْصٍ ‌بِعَيْنِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي كُلِّ مَا يَقُولُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْتِزَامُ مَذْهَبِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ غَيْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ مَا يُوجِبُهُ وَيُخْبِرُ بِهِ؛ بَلْ كُلُّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

 

وَالتَّقْلِيدُ بِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ أُوجِدَتْ بَعْدَ الْقُرُونِ الْمُفَضَّلَةِ: اسْتَدْرَجَ بِهِ الشَّيْطَانُ فِئَةً عَظِيمَةً مِنَ الْأُمَّةِ، وَجَرَفَهُمْ عَنِ اتِّبَاعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى اتِّبَاعِ غَيْرِهِ مِنَ الْبَشَرِ، وَأَنْزَلَ أَقْوَالَهُمْ مَنْزِلَةَ الشَّرْعِ الْحَنِيفِ؛ حَيْثُ تُعَظَّمُ أَقْوَالُهُمْ وَتَقَدَّسُ، وَيُدَافَعُ عَنْهَا، وَيُبْغَضُ لِأَجْلِهَا وَيُحَبُّ!

 

وَمَا حَدَثَ التَّقْلِيدُ إِلَّا حِينَ ضَعُفَ الْعِلْمُ، وَتَمَسَّكَ بِهِ الْجُهَّالُ وَالْعَوَامُّ: وَعَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى عَلَى مَرِّ الدُّهُورِ فِي الْأَنَامِ، وَالَّذِي تَوَلَّى أَمْرَ التَّقْلِيدِ هُمُ الْجُهَّالُ، وَأَمَّا أَهْلُ الْعِلْمِ فَلَا يُقَلِّدُونَ؛ إِذِ التَّقْلِيدُ لَيْسَ عِلْمًا، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ النَّاسَ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الْعِلْمَ هُوَ الْمَعْرِفَةُ الْحَاصِلَةُ عَنِ الدَّلِيلِ، وَأَمَّا بِدُونِ الدَّلِيلِ ‌فَإِنَّمَا ‌هُوَ ‌تَقْلِيدٌ... وَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ وَرَثَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَجْهَدُ وَيَكْدَحُ فِي رَدِّ مَا جَاءَ بِهِ إِلَى قَوْلِ مُقَلِّدِهِ وَمَتْبُوعِهِ، وَيُضَيِّعُ سَاعَاتِ عُمْرِهِ فِي التَّعَصُّبِ وَالْهَوَى، وَلَا يَشْعُرُ بِتَضْيِيعِهِ؟ تَاللَّهِ إِنَّهَا فِتْنَةٌ عَمَّتْ فَأَعْمَتْ، وَرَمَتِ الْقُلُوبَ فَأَصْمَتْ، رَبَا عَلَيْهَا الصَّغِيرُ، وَهَرِمَ فِيهَا الْكَبِيرُ).

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. إِنَّ الْأَخْذَ بِالدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ هُوَ الْحَقُّ الْعَاصِمُ مِنَ الزَّيْغِ: وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِ مَنْ خَالَفَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مَهْمَا كَانَتْ مَنْزِلَتُهُ، فَنَحْنُ مُتَعَبِّدُونَ بِكَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا بِأَقْوَالِ الْبَشَرِ، وَمِنْ هُنَا كَانَ التَّقْلِيدُ مَزْلَقًا مِنَ الْمَزَالِقِ الَّتِي تَحْرِفُ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَالْمَنْهَجِ الْحَقِّ، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَإِنَّمَا كَثُرَ الِاخْتِلَافُ ‌وَتَفَاقَمَ ‌أَمْرُهُ بِسَبَبِ التَّقْلِيدِ وَأَهْلِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ فَرَّقُوا الدِّينَ وَصَيَّرُوا أَهْلَهُ شِيَعًا، كُلُّ فِرْقَةٍ تَنْصُرُ مَتْبُوعَهَا، وَتَدْعُو إِلَيْهِ، وَتَذُمُّ مَنْ خَالَفَهَا، وَلَا يَرَوْنَ الْعَمَلَ بِقَوْلِهِمْ حَتَّى كَأَنَّهُمْ مِلَّةٌ أُخْرَى سِوَاهُمْ، يَدْأَبُونَ وَيَكْدَحُونَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ، وَيَقُولُونَ: "كُتُبُهُمْ، وَكُتُبُنَا، وَأَئِمَّتُهُمْ وَأَئِمَّتُنَا، وَمَذْهَبُهُمْ وَمَذْهَبُنَا").

 

وَلَا يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الطَّعْنُ فِي أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَعُلَمَائِهِ الْأَجِلَّاءِ: وَاحْتِقَارُهُمْ وَازْدِرَاءُ أَقْوَالِهِمْ، وَخَاصَّةً الْأَئِمَّةَ الْأَرْبَعَةَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ؛ فَأَهْلُ الْعِلْمِ وَالْأَئِمَّةُ يُجَلُّونَ وَيُقَدَّرُونَ وَيُعْرَفُ لَهُمْ فَضْلُهُمْ وَمَكَانَتُهُمْ وَأَمَانَتُهُمْ، فَقَدْ كَانُوا نَاصِحِينَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّهُمْ أَرَادُوا الْحَقَّ، وَحَرَصُوا عَلَى إِبْلَاغِهِ لِلنَّاسِ.

 

فَأَقْوَالُهُمْ مَوْضِعُ الِاحْتِرَامِ وَالتَّقْدِيرِ، يُسْتَعَانُ بِفَهْمِهِمْ، وَيُسْتَضَاءُ بِنُورِ عِلْمِهِمْ؛ لِبَيَانِ مَعْنَى النُّصُوصِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهَا مَا وَافَقَ الدَّلِيلَ، وَيُرَدُّ مَا خَالَفَهُ، فَلَا تُهْدَرُ كُلُّ أَقْوَالِهِمْ، وَلَا يُسَلَّمُ لَهُ كُلُّهَا؛ فَهُمْ بَشَرٌ يُخْطِئُونَ وَيُصِيبُونَ، وَهُمْ مَعْذُورُونَ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ؛ بَلْ مَأْجُورُونَ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. فَهُمْ أَرَادُوا الْحَقَّ، وَسَعَوْا إِلَيْهِ، وَاجْتَهَدُوا فِي الْوُصُولِ إِلَيْهِ، وَلَكِنْ لَا يَعْنِي هَذَا قَبُولَ كُلِّ مَا قَالُوهُ، فَقَدْ يَقَعُ مِنْهُمُ الْخَطَأُ وَالْهَفْوَةُ، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَقَدْ ‌نَهَى ‌الْأَئِمَّةُ ‌الْأَرْبَعَةُ ‌عَنْ تَقْلِيدِهِمْ، وَذَمُّوا مَنْ أَخَذَ أَقْوَالَهُمْ بِغَيْرِ حُجَّةٍ).

 

عِبَادَ اللَّهِ.. إِنَّ أَقْوَالَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا تُجْعَلُ أَصْلًا تُحْمَلُ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ؛ بَلْ هِيَ تَابِعَةٌ لَا مَتْبُوعَةٌ: وَمِنَ الْخَلَلِ فِي الْمَنْهَجِ أَنْ تُعَظَّمَ تِلْكَ الْأَقْوَالُ، وَيُتَعَدَّى بِهَا مَقَامُهَا، وَتُسَخَّرَ النُّصُوصُ لِخِدْمَتِهَا؛ بَلْ تُلْوَى أَعْنَاقُهَا لِتَصُبَّ فِي مَصَبِّهَا، دَعْكَ مِنَ التَّبْرِيرَاتِ وَالتَّأْوِيلَاتِ الْبَارِدَةِ، وَتَعْظُمُ الْمُصِيبَةُ إِذَا كَانَ الْمُبَرِّرُ لِقَوْلِهِ مِنَ الْمُنَظِّرِينَ الَّذِينَ يُعْرِضُونَ عَنِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ مِنَ الْمُتَرَبِّعِينَ عَلَى قِمَمِ الْجَمَاعَاتِ الْمُنْتَسِبَةِ لِلْإِسْلَامِ، أَوِ الْأَحْزَابِ الَّتِي ضَجَّ مِنْهَا أَهْلُ الْإِسْلَامِ، وَالَّتِي شَوَّهَتْ جَمَالَهُ، وَذَهَبَتْ بِبَهَائِهِ، وَالَّتِي دَفَعَتْ فِئَةً عَظِيمَةً مِنْ أُمَّةِ الْإِسْلَامِ إِلَى الِانْحِرَافِ عَنِ الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ، وَتَنَكُّبِ سُلُوكِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • آفة التقليد الأعمى (خطبة)
  • والله الغني وأنتم الفقراء (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • التحذير من فصل الدين عن أمور الدنيا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من الافتتان والاغترار بالدنيا الفانية والإعراض عن الآخرة الباقية(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • من مائدة الحديث: التحذير من الإضرار بالمسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من كتابي: التحذير من فتنة التكفير، وصيحة نذير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من التقليد الأعمى(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • خطبة: التوحيد عليه نحيا ونموت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة النصر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: استشعار التعبد وحضور القلب (باللغة الإندونيسية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الطفل العقدية في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • سبيل الإفلاس التجسس على الناس (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/5/1447هـ - الساعة: 11:7
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب