• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: آداب المجالس
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الغايات والأهداف من بعثة الرسول صلى الله عليه ...
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    آيات الصفات وأحاديثها
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    صحبة النور
    دحان القباتلي
  •  
    منهج أهل الحق وأهل الزيغ في التعامل مع المحكم ...
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    بلدة طيبة ورب غفور (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    مواقيت الصلوات: الفرع الرابع: وقت صلاة العشاء
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    تلقي الركبان
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    خطبة: الأعمال الصالحة وثمراتها
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    التربية القرآنية (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    حكم سواك الصائم بعد الزوال
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    النهي عن التسمي بسيد الناس أو بسيد ولد لآدم لغير ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    آية الله في المستبيحين مدينة البشير والنذير ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    خطبة (النسك وواجباته)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة: وحدة الكلمة واجتماع الصف
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    سلسلة آفات على الطريق (1): الفتور في الطاعة
    حسان أحمد العماري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

بيوت مطمئنة وأسر آمنة (خطبة)

بيوت مطمئنة وأسر آمنة (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/9/2024 ميلادي - 26/3/1446 هجري

الزيارات: 9337

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بيوت مطمئنة وأسر آمنة

 

أَمَّا بَعدُ؛ فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مُجتَمَعُ المُسلِمِينَ بُيُوتٌ مُطمَئِنَّةٌ، وَأُسَرٌ آمِنَةٌ هَادِئَةٌ، قَامَتِ العِلاقَاتُ فِيهَا عَلَى الحُبِّ وَالمَوَدَّةِ وَالرَّحمَةِ، زَوجٌ هُوَ سَيِّدُ البَيتِ القَائِمُ عَلَى مَن فِيهِ، الآمِرُ النَّاهِي المُطَاعُ بِالمَعرُوفِ، المُنفِقُ مِن سَعَتِهِ، المُتَكَفِّلُ بِالإِيوَاءِ وَالإِطعَامِ وَالكِسوَةِ، وَزَوجَةٌ هِيَ المُتَوَلِّيَةُ لِشُؤُونِ البَيتِ وَخِدمَةِ مَن فِيهِ وَتَهيِئَةِ الرَّاحَةِ لَهُم، وَأَبنَاءٌ وَبَنَاتٌ بَرَرَةٌ سَامِعُونَ مُطِيعُونَ، وَكَبِيرٌ يَرحَمُ الصَّغِيرَ، وَصَغِيرٌ يُوَقِّرُ الكَبِيرَ، وَأَقدَارٌ تُحفَظُ لأَهلِهَا، وَحُقُوقٌ تُؤَدَّى لأَصحَابِهَا، وَحُدُودٌ تُعرَفُ فَلا تُتَجَاوَزُ، وَمَسؤُولِيَّاتٌ تُرعَى وَأَمَانَاتٌ تُؤَدَّى، وَرِفقٌ يَسُودُ وَكَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ تُقَالُ، وَخُلُقٌ كَرِيمٌ يُشَاعُ وَتَفَاهُمٌ وَحِوَارٌ.

 

عَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: "يَا عَائِشَةُ ارفُقِي، فَإِنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ بِأَهلِ بَيتٍ خَيرًا أَدخَلَ عَلَيهِمُ الرِّفقَ"؛ رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَعَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا أُعطِيَ أَهلُ بَيتٍ الرِّفقَ إِلاَّ نَفَعَهُم"؛ رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّهُ الرِّفقُ وَحُسنُ التَّعَامُلِ وَلِينُ الجَانِبِ، وَخَفضُ الصَّوتِ وَإِشَاعَةُ الحِوَارِ وَالتَّفَاهُمِ، تُوجَدُ في بُيُوتٍ كَثِيرَةٍ فَتَعِيشُ في حَيَاةٍ أَكثَرَ هُدُوءًا وَاستِقرَارًا، وَتُفقَدُ في بَعضِ البُيُوتِ فَتَحيَا في شَدٍّ وَجَذبٍ وَأَخذٍ وَعَطَاءٍ، وَقَد تَبرُزُ فِيهَا لِذَلِكَ قَضَايَا مُعَقَّدَةٌ يَطُولُ أَمَدُهَا، فَلا تَنقَضِي إِلاَّ بِطَلاقٍ يَكسِرُ الزَّوجَةَ وَيَهدِمُ الأُسرَةَ، وَيَزِيدُ المَسؤُولِيَّةَ عَلَى الزَّوجِ وَيُضِيعُ الأَبنَاءَ، وَقَد يَتبَعُ ذَلِكَ تَحَمُّلُ تَكَالِيفَ لم تَكُنْ لِتُوجَدَ لَولا أَنَّ النُّفُوسَ تَنَافَرَ وُدُّهَا، فَقَسَتِ القُلُوبُ وَزَالَ التَّرَاحُمُ، وَفَسَدَتِ العِلاقَاتُ وَفُقِدَ التَّلاحُمُ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ الأُسرَةَ هِيَ اللَّبِنَةُ الَّتي إِذَا قَوِيَت تَمَاسَكَ المُجتَمَعُ، وَإِن ضَعُفَت سَقَطَ بِنَاؤُهُ، إِنَّهَا المَحضِنُ الدَّافِئُ الَّذِي فِيهِ يَنشَأُ الرِّجَالُ، وَالمَدرَسَةُ الَّتي فِيهَا تَتَخَرَّجُ الأَجيَالُ، وَبِسَكَنِهَا امتَنَّ اللهُ سُبحَانَهُ عَلَى عِبَادِهِ، فَقَالَ: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا ﴾ [النحل: 80]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾ [النحل: 72].

 

وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَن تَبقَى البُيُوتُ سَكَنًا وَرَاحَةً وَاطمِئنَانًا وَاستِقرَارًا، نَعَم أَيُّهَا المُوَفَّقُونَ، يَجِبُ أَن تَكُونَ البُيُوتُ دَوحَاتٍ وَارِفَةَ الظِّلِّ، مُستَمِرَّةَ العَطَاءِ يَانِعَةَ الثَّمَرِ، ورَوضَاتٍ غَنَّاءَ فَائِحَةَ العِطرِ، يَرتَاحُ أَهلُهَا فِيهَا وَيَتَمَتَّعُونَ وَيَهنَؤُونَ، وَإِنَّهُ لَن يَكُونَ ذَلِكَ في الأَعَمِّ الأَغلَبِ، إِلاَّ إِذَا قَامَ رَبُّ الأُسرَةِ وَعَائِلُهَا بِوَاجِبِهِ خَيرَ القِيَامِ، وَاقتَرَبَ مِمَّن في بَيتِهِ وَدَنَا مِنهُم، وَرَعَاهُم وَوَقَاهُم، وَبَذَلَ مِن مَالِهِ وَخُلُقِهِ وَصَبَرَ وَتَحَمَّلَ، وَاحتَسَبَ الأَجرَ وَضَاعَفَ العَطَاءَ، وَبَذَلَ مَا في وُسعِهِ لاحتِوَاءِ الجَمِيعِ، وَأَدَارَ شُؤُونَ أُسرَتِهِ بِحِكمَةٍ وَبُعدِ نَظَرٍ، وَتَحَمَّلَ مَسؤُولِيَّتهُ كَامِلَةً، وَلم يَتَنَصَّلْ مِن جُزءٍ مِنهَا، وَوَعَى أَنَّ الخَالِقَ سُبحَانَهُ لم يَجعَلْ لَهُ القِيَامَ عَلَى مَن دُونَهُ، لِيَتَسَلَّطَ وَيَستَبِدَّ وَيَفخَرَ وَيَتَبَختَرَ، وَلَكِنَّهُ تفضِيلٌ مِنهُ تَعَالى لَهُ بِمَا يُنفِقُ مِن مَالِهِ، وَلأَنَّهُ هُوَ الأَقوَى وَالأَقدَرُ عَلَى حِمَايَةِ الأُسرَةِ وَحِفظِ كَرَامَتِهَا، وَهَذَا تَكلِيفٌ وَأَمَانَةٌ، يَجِبُ أَدَاؤُهَا بِعَدلٍ وَعَدَمِ مَيلٍ عَنِ الحَقِّ اتِّبَاعًا لِلهَوَى، أَو إِيثَارًا لِحَظِّ النَّفسِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ.

 

أَجَلْ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّهُ لا يَستَقِرُّ شَأنُ الأُسرَةِ إِلاَّ بِبَذلٍ وَتَضحِيَةٍ مِنَ الأَبِ، وَتَقدِيمٍ لِلمَصَالِحِ الكُبرَى عَلَى مَصلَحَةِ النَّفسِ الخَاصَّةِ، وَأَمَّا أُولَئِكَ الَّذِينَ تَتَغَيَّرُ نُفُوسُهُم لِقِلَّةِ صَبرِهِم، وَزُهدًا فِيمَا هُمَ فِيهِ مِن نِعَمٍ لأَنَّهُم أَلِفُوهَا، فَجَعَلُوا يَمُدُّونَ أَبصَارَهُم يَمِينًا وَشِمَالًا بِحُجَّةِ أَنَّهُم بِحَاجَةٍ إِلى التَّجدِيدِ أَوِ التَّغيِيرِ، فَهَؤُلاءِ في الغَالِبِ لا يُوَفَّقُونَ وَلا يُعَانُونَ؛ لأَنَّهُم نَسُوا طَوِيلَ العِشرَةِ وَجَحَدُوا سَابِقَ الفَضلِ، وَخَرَجُوا عَن سَبِيلِ الوَفَاءِ وَالخَيرِيَةِ، الَّتي هِيَ في حُسنِ العِشرَةِ وَامتِدَادِ الوَفَاءِ وَعَدَمِ نِسيَانِ الفَضلِ؛ قَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19]، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "خَيرُكُم خَيرُكُم لأَهلِهِ"؛ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "اِستَوصُوا بِالنِّسَاءِ خَيرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقنَ مِن ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعوَجَ شَيءٍ في الضِّلَعِ أَعلاهُ، فَإِنْ ذَهَبتَ تُقِيمُهُ كَسرَتَهُ، وَإِنْ تَرَكتَهُ لم يَزَلْ أَعوَجَ، فَاستَوصُوا بِالنِّسَاءِ"؛ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "لا يَفرَكْ مُؤمِنٌ مُؤمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنهَا آخَرَ"؛ رَوَاهُ مُسلم.

 

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَانظُرُوا لِلحَيَاةِ بِمِنظَارٍ جَمِيلٍ، تَلَمَّسُوا الصِّفَاتِ الحَسَنَةَ في بُيُوتِكُم وَعِندَ أَهلِيكُم وَبَنِيكُم وَشَجِّعُوهَا، عَاشِرُوا بِالمَعرُوفِ وَأَحسِنُوا القَولَ، وَلَيِّنُوا الجَانِبَ وَتَلَطَّفُوا في المُعَامَلَةِ، وَأَدِيمُوا البِشرَ وَتَعَوَّدُوا طَلاقَةَ الوُجُوهِ، وَوَسِّعُوا في النَّفَقَةِ قَدرَ مَا تَستَطِيعُونَ، وَأَدخِلُوا السُّرُورَ عَلَى أَهلِيكُم وَبَنِيكُم طَاقَتَكُم، اُعفُوا وَتَسَامَحُوا، وَاضبِطُوا النُّفُوسَ وَاحذَرُوا سُرعَةَ الغَضَبِ، وَابتَعِدُوا عَنِ الجَدَلِ وَالخُصُومَاتِ، وَالمُلاحَاةِ وَرَفعِ الأَصوَاتِ، وَتَغَافَلُوا قَدرَ مَا تَستَطِيعُونَ عَنِ العُيُوبِ وَالعَثَرَاتِ، وَامحُوا الأَخطَاءَ وَاغفِرُوا الزَّلاَّتِ، وَإِيَّاكُم وَالأَثَرَةَ وَالمُبَالَغَةَ في حُبِّ الذَّاتِ، وَلا تَكُونُوا مِمَّن استَولَى عَلَيهِمُ الشَّيطَانُ لِيُفسِدَ حَيَاتَهُم وَيُخرِبَ بُيُوتَهُم، فَصَارُوا جَمِيعًا وَقُلُوبُهُم شَتَّى، تَجمَعُهُمُ البُيُوتُ أَجسَادًا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنهُم في عُزلَةٍ شُعُورِيَّةٍ عَنِ الآخَرِ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لِغِيَابِ التَّضحِيَةِ وَالإِيثَارِ وَالصَّبرِ، وَجُحُودِ المَعرُوفِ وَنِسيَانِ الفَضلِ.

 

اللَّهُمَّ أَصلِحْ قُلُوبَنَا، وَاغفِرْ ذُنُوبَنَا، وَاستُرْ عُيُوبَنَا، وَأَصلِحْ لَنَا النِّيَّاتِ وَالزَوجَاتِ وَالذُّرِّيَّاتِ، وَأَقُولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ.

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ؛ فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ مِن أَحَبِّ الأَعمَالِ إِلى عَدُوِّكُمُ الشَّيطَانِ، أَن يُفَرَّقَ بَينَ زَوجٍ وَزَوجَتِهِ، رَوَى مُسلِمٌ عَن جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ إِبلِيسَ يَضَعُ عَرشَهُ عَلَى المَاءِ، ثمَّ يَبعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدنَاهُم مِنهُ مَنزِلَةً أَعظَمُهُم فِتنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُم فَيَقُولُ فَعَلَتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ مَا صَنَعتَ شَيئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُم فَيَقُولُ مَا تَرَكَتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَينَهُ وَبَينَ امرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدنِيهِ مِنهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنتَ "هَكَذَا هُوَ الشَّيطَانُ، أَقرَبُ جُندُهِ مِنهُ مَن يُفَرِّقُ بَينَ الزَّوجَينِ وَيَهدِمُ البُيُوتَ وَيُوقِعُ فِيهَا الطَّلاقَ؛ لِعِلمِهِ بِمَا لِذَلِكَ مِن سَيِّئِ الآثَارِ وَمُرِّ الثِّمَارِ عَلَى الأَبنَاءِ وَالبَنَاتِ، بَل عَلَى المُجتَمَعِ كُلِّهِ، بِمَا يَقَعُ فِيهِ مِن انحِرَافٍ وَانجِرَافٍ وَضَيَاعٍ وَشَتَاتٍ، وَإِنَّ شَيَاطِينَ الإِنسِ في زَمَانِنَا لَيَستَهدِفُونَ الأُسرَةَ المُسلِمَةَ بِحَمَلاتٍ مَاكِرَةٍ، في سَعيٍ مِنهُم حَثِيثٍ خَبِيثٍ، يَشوِّهُونَ فِيهِ صُورَةَ قِيَامِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ، وَيُحَاوِلُونَ إِسقَاطَ الوِلايَةِ وَإِضعَافَ هَيبَةِ الرَّجُلِ وَإِذهَابَ مَكَانَتِهِ، وَيعمَلُونَ عَلَى تَجرِئَةِ النِّسَاءِ وَتَقوِيَةِ شَوكَتِهِنَّ؛ لِيَتَعَدَّينَ حُدُودَ اللهِ، وَيَتَخَلَّينَ عَنِ الحِشمَةِ وَالسِّترِ وَالحَيَاءِ، وَيَألَفنَ السُّفُورَ وَالتَّبَرُّجَ وَالاختِلاطَ، وَمِن ثَمَّ يَرغَبنَ في الطَّلاقِ وَيَستَعجِلنَ بِطَلَبِهِ وَيُصرِرْنَ عَلَيهِ لأَتفَهِ سَبَبٍ وَعِندَ أَدنى خِلافٍ.

 

فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الرِّجَالُ، وَاقطَعُوا طَرِيقَ الطَّلاقِ وَالشِّقَاقِ بِالتِزَامِ هَديِ الإِسلامِ في بُيُوتِكُم وَفي تَعَامُلِكُم مَعَ أَهلِيكُم، وَتَجَنَّبُوا الخِلافَاتِ وَالمَعَاصِيَ وَالمُخَالَفَاتِ وَالمُنكَرَاتِ، وَحَذَارِ مِنَ الانجِرَارِ وَرَاءَ خِطَطِ المُفسِدِينَ، فَإِنَّكُم عَن أَمَانَاتِكُم مَسؤُولُونَ، وَعَلَى القِيَامِ بِهَا مَأجُورُونَ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الأنفال: 27، 28].

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأسرة والابتلاء بالمرض
  • الأسرة والابتلاء بالحرمان العاطفي
  • الأسرة والابتلاء بالخيانات الزوجية
  • الأسرة بين الصبر والرضا
  • الأسرة والابتلاء بالعقوق
  • الأسرة والابتلاء بالموت
  • الأسرة والابتلاء بالنكد الزوجي
  • الأسرة والابتلاء بفتنة الزوج والولد
  • قد بين الله لكم فلا تضلوا (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أمران من عقائد النصارى أبطلهما القرآن بسهولة ويسر وإقناع عجيب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب البركة في البيوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تراجم أعيان الأسر العلمية في مصر خلال القرن الرابع عشر الهجري لجلال حمادة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الطلاق غير الطبيعي: حين تفشل البداية، لا تستقيم النهاية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوثيق القرآني لبيت المقدس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التساهل في المنازل من أسباب المهازل(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • وقفات تربوية مع دعاء: (اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أمننا مرهون بإيماننا(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/3/1447هـ - الساعة: 9:41
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب