• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المسائل المجمع عليها في مواد أهلية المتعاقدين في ...
    عبدالله بن صالح بن محمد المحمود
  •  
    المرأة بين الإهانة والتكريم (خطبة)
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    الإلهام والكشف والرؤيا لدى ابن تيمية رحمه الله ...
    إبراهيم الدميجي
  •  
    خطبة: التربية على الإحسان للآخرين
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الإحصاء في القرآن الكريم والسنة النبوية: أبعاد ...
    د. مراد باخريصة
  •  
    صفة جمع المصحف في عهد عثمان والفرق بين جمعه وجمع ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدين النصيحة (خطبة)
    سعد محسن الشمري
  •  
    العطايا والمنح بعد المحن (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    تحريم إبرام اليمين وتوكيدها ممن يَعلم عجزَه أو ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تفسير قول الله تعالى: { كل الطعام كان حلا لبني ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    وقفات إيمانية وتربوية حول اسم الله العفو جل جلاله
    د. عبدالرحمن سيد عبدالغفار
  •  
    شموع (112)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    المندوبات عند الحنابلة من كتاب الأطعمة حتى نهاية ...
    رازان بنت عبدالله بن صالح المشيقح
  •  
    حكم تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الذكر يحصن العبد من وسوسة الشيطان
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الإيمان بالقدر
علامة باركود

قصة موسى وملك الموت (خطبة)

قصة موسى وملك الموت (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/5/2025 ميلادي - 1/12/1446 هجري

الزيارات: 6724

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قصة موسى وملك الموت


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لَهُ: أَجِبْ رَبَّكَ[1]، فَلَطَمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَفَقَأَهَا، فَرَجَعَ الْمَلَكُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ: إِنَّكَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَكَ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ، وَقَدْ فَقَأَ عَيْنِي، فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ؛ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى عَبْدِي؛ فَقُلِ: الْحَيَاةَ تُرِيدُ؟ فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْحَيَاةَ، فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ[2]، فَمَا تَوَارَتْ يَدُكَ مِنْ شَعْرَةٍ؛ فَإِنَّكَ تَعِيشُ بِهَا سَنَةً. قَالَ: ثُمَّ مَهْ؟[3] قَالَ: ثُمَّ تَمُوتُ، قَالَ: فَالْآنَ مِنْ قَرِيبٍ، رَبِّ أَمِتْنِي مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ[4]. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاللَّهِ لَوْ أَنِّي عِنْدَهُ؛ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْكَثِيبِ[5] الْأَحْمَرِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

عِبَادَ اللَّهِ.. أَنْكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ كَثِيرٌ مِنَ الْمَلَاحِدَةِ وَالْمُبْتَدِعَةِ وَالْعَقْلَانِيِّينَ؛ وَقَالُوا: كَيْفَ يَقَدِرُ الْآدَمِيُّ أَنْ يَفْقَأَ عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ؟ وَكَيْفَ جَازَ لِمُوسَى أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِرَسُولِ رَبِّهِ؛ وَفِي طَيِّ هَذَا مُرَاغَمَةُ الْمُرْسِلِ؟ وَأَيْنَ شَوْقُ مُوسَى إِلَى لِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى؟ وَكَيْفَ خَالَفَ الْمَلَكُ مُرْسِلَهُ، فَعَادَ وَلَمْ يَقْبِضْ نَفْسَهُ[6]؟!

 

وَالْجَوَابُ عَلَيْهِ بِمَا يَلِي:

1- الْحَدِيثُ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ: قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ: أَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْقُرْآنِ كِتَابٌ أَصَحُّ مِنْ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ)[7]. وَقَالَ – فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: (‌فَلَيْسَ ‌تَحْتَ ‌أَدِيمِ ‌السَّمَاءِ كِتَابٌ أَصَحُّ مِنَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ بَعْدَ الْقُرْآنِ)[8].

 

2- مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الَّذِي جَاءَهُ مَلَكٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ: وَظَنَّ أَنَّهُ رَجُلٌ قَصَدَهُ يُرِيدُ نَفْسَهُ؛ فَدَافَعَهُ عَنْهَا، فَأَدَّتِ الْمُدَافَعَةُ إِلَى فَقْءِ عَيْنِهِ، لَا أَنَّهُ قَصَدَهَا بِالْفَقْءِ، وَتُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى: «أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ[9] فَفَقَأَ عَيْنَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (قَدْ يَخْفَى الْمَلَكُ عَلَى النَّبِيِّ- إِذَا جَاءَ فِي صُورَةِ الْبَشَرِ؛ كَمَا خَفِيَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَلُوطٍ، وَخَفِيَ جِبْرِيلُ عَلَى نَبِيِّنَا- لَمَّا جَاءَهُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ؛ فَسَأَلَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ.

 

فَعَلَى هَذَا نَقُولُ: دَفَعَهُ مُوسَى وَلَمْ يَعْرِفْهُ، (فَصَادَفَتْ تِلْكَ الدَّفْعَةُ عَيْنَهُ الْمُرَكَّبَةَ فِي الصُّورَةِ الْبَشَرِيَّةِ لَا الْعَيْنَ الْمَلَكِيَّةَ، فَلَمَّا ذَهَبَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَادَ وَقَدْ رُدَّتْ عَيْنُهُ، فَتَبَيَّنَ مُوسَى أَنَّهُ الْمَلَكُ فَاسْتَسْلَمَ لِقَضَاءِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ)[10] ؛ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ تَعَمَّدَ فَقْءَ عَيْنِهِ[11].

 

3- مَنْ فَقَأَ عَيْنَ الدَّاخِلِ دَارَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ: قَالَ ابْنُ حِبَّانَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (لَمَّا كَانَ مِنْ شَرِيعَتِنَا أَنَّ مَنْ فَقَأَ عَيْنَ الدَّاخِلِ دَارَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوِ النَّاظِرِ إِلَى بَيْتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ - مِنْ غَيْرِ جُنَاحٍ عَلَى فَاعِلِهِ، وَلَا حَرَجٍ عَلَى مُرْتَكِبِهِ؛ لِلْأَخْبَارِ الْجَمَّةِ الْوَارِدَةِ فِيهِ الَّتِي أَمْلَيْنَاهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا - كَانَ جَائِزًا اتِّفَاقُ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ بِشَرِيعَةِ مُوسَى؛ بِإِسْقَاطِ الْحَرَجِ عَمَّنْ فَقَأَ عَيْنَ الدَّاخِلِ دَارَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَكَانَ اسْتِعْمَالُ مُوسَى هَذَا الْفِعْلَ مُبَاحًا لَهُ، وَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي فِعْلِهِ)[12].

 

وَيُؤَيِّدُهُ: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَخَذَفْتَهُ[13] بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ؛ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ؛ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنْ أَهَمِّ الْفَوَائِدِ مِنْ قِصَّةِ مُوسَى وَمَلَكِ الْمَوْتِ:

1- ابْتِلَاءُ الْإِنْسَانِ بِالْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ: فَاللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ مِنْ أَخَصِّ خَصَائِصِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ: ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 3]؛ فَهَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْغَيْبِ الَّذِي يُبْتَلَى الْمُؤْمِنُونَ بِالْإِيمَانِ بِهِ.

 

2- مُشَاهَدَةُ الْأَنْبِيَاءِ لِلْمَلَائِكَةِ، وَمِنْهُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ: وَهُوَ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

 

3- الْمَلَكُ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى التَّصَوُّرِ بِصُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ: قَالَ تَعَالَى – فِي شَأْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ: ﴿ فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 17][14].

 

4- الْأَنْبِيَاءُ لَا يَخْرُجُونَ عَنْ بَشَرِيَّتِهِمْ: خَاصَّةً فِي بَعْضِ الْمَوَاقِفِ؛ كَمَا جَرَى لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ﴾ [الْكَهْفِ: 110].

 

5- فَضْلُ الْمَوْتِ فِي الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ: فَقَدْ وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَأَمَّا سُؤَالُهُ ‌الْإِدْنَاءَ ‌مِنَ ‌الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ؛ فَلِشَرَفِهَا، وَفَضِيلَةِ مَنْ فِيهَا مِنَ الْمَدْفُونِينَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَإِنَّمَا سَأَلَ الْإِدْنَاءَ، وَلَمْ يَسْأَلْ نَفْسَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ؛ لِأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَكُونَ قَبْرُهُ مَشْهُورًا عِنْدَهُمْ، فَيَفْتَتِنَ بِهِ النَّاسُ، وَفِي هَذَا اسْتِحْبَابُ الدَّفْنِ فِي الْمَوَاضِعِ الْفَاضِلَةِ، وَالْمَوَاطِنِ الْمُبَارَكَةِ)[15].

 

6- جَوَازُ الدَّفْنِ فِي مَكَانٍ مُعَيَّنٍ: خَاصَّةً إِذَا كَانَ لِهَذَا الْمَكَانِ فَضْلٌ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاللَّهِ لَوْ أَنِّي عِنْدَهُ؛ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ»، وَهَذَا الْكَثِيبُ هُوَ بِطَرِيقِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ[16].

 

7- كَرَامَةُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى رَبِّهِمْ، وَعَظِيمُ فَضْلِهِمْ:لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَيِّرُهُمْ عِنْدَ الْمَوْتِ بَيْنَ الْحَيَاةِ، وَبَيْنَ لِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُخَيَّرَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ؛ وَلِهَذَا كَانَتْ آخِرُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

8- جَوَازُ الزِّيَادَةِ فِي الْعُمْرِ: لِقَوْلِهِ: «فَمَا تَوَارَتْ يَدُكَ مِنْ شَعْرَةٍ؛ فَإِنَّكَ تَعِيشُ بِهَا سَنَةً»؛ وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ رِزْقُهُ، أَوْ يُنْسَأَ[17] لَهُ فِي أَثَرِهِ[18]؛ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ ﴾ [فَاطِرٍ: 11]. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الزِّيَادَةِ فِي الْعُمُرِ، وَأَنَّهُ زِيَادَةٌ وَنَقْصٌ فِي الْحَقِيقَةِ)[19]. وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ[20].

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنَ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ الْعَجِيبَةِ:

9- الشَّوْقُ إِلَى لِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، لَا يُنَاقِضُ كَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ». فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ؛ فَكُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ. فَقَالَ: «لَيْسَ كَذَلِكِ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ؛ فَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ؛ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

10- الْمَوْتُ ‌أَمْرٌ ‌مَحْتُومٌ عَلَى جَمِيعِ الْبَشَرِ حَتَّى الْأَنْبِيَاءِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرَّحْمَنِ: 26-27]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 185].

 

11- قَبْرُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ: وَهُوَ مَا يُسَمَّى الْآنَ بِالْخَانِ الْأَحْمَرِ، وَمَوْضِعُهُ مَا بَيْنَ الْقُدْسِ وَأَرِيحَاءَ[21].

 

12- قَبْرُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ بِعَيْنِهِ: قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: (وَلَيْسَ فِي قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ مَا هُوَ مُحَقَّقٌ سِوَى قَبْرِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)[22].

 

13- الْأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ: لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

14- لَا يَجُوزُ شَدُّ الرِّحَالِ إِلَى الْقُبُورِ وَالْمَقَامَاتِ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ[23] إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ فَإِنَّ السَّفَرَ إِلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ؛ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الشِّرْكِ وَالْبِدَعِ. قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَقَدْ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ؛ فَرَآهُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ يُسَافِرُ إِلَيْهِ، وَلَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ- لَمَّا دَخَلُوا الشَّامَ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، كَمَا لَمْ يَكُونُوا يُسَافِرُونَ إِلَى قَبْرِ الْخَلِيلِ وَغَيْرِهِ، وَهَكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ بِقُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ)[24].



[1] أَجِبْ رَبَّكَ: أي: للموت، ومعناه: جِئْتُ لِقَبْضِ رُوحِكَ. انظر: شرح النووي على مسلم، (15/ 128).

[2] مَتْنِ ثَوْرٍ: أي: ظهره. انظر: فتح الباري، (1/ 185).

[3] ثُمَّ مَهْ: (مَهْ) هي هاء السَّكت. وهو استفهام؛ أي: ‌ثم ‌ماذا ‌يكون؟ أَحَياةٌ أم موت؟ انظر: شرح النووي على مسلم، (15/ 128).

[4] رَمْيَةً بِحَجَر: أي: قَدْر ما يَبْلُغه الحجر عند رَمْيِه. انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، (6/ 222).

[5] الْكَثِيب: هو الكَوم من الرَّمْل المُحْدَوْدِبُ، ويُجمع كُثُبًا، وهو هنا اسم لِمَكانٍ بِعَينِه. انظر: فتح الباري، (6/ 509).

[6] انظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين، (3/ 443).

[7] مجموع الفتاوى، (20/ 321).

[8] الفتاوى الكبرى، (5/ 86).

[9] صَكَّهُ: أي: لَطَمَه. والصَّك: ضَرْبُ الْوَجْه برؤوس الْأَصَابِع. انظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين، (3/ 443).

[10] كشف المشكل من حديث الصحيحين، (3/ 444).

[11] انظر: شرح النووي على مسلم، (15/ 129).

[12] الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، (14/ 114، 115).

[13] الخَذْفُ: ‌الرَّمْيُ ‌بالحَصى ‌الصِّغَارِ، بأَطراف الأَصابع. انظر: لسان العرب، (9/ 40).

[14] انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري، للعيني (8/ 150).

[15] شرح النووي على مسلم، (15/ 128).

[16] انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، (6/ 192).

[17] يُنْسَأَ: يُؤَخَّر. والنَّسئُ: التَّأْخِيرُ. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (5/ 44).

[18] أَثَرِهِ: أَجِلِه. والأَثَرُ: الأجَل، وَسُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الْعُمُرَ. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (1/ 23).

[19] فتح الباري، (6/ 443).

[20] انظر: فتح المنعم شرح صحيح مسلم، (9/ 275)؛ تنبيه الأفاضل على ما ورد في زيادة العمر ونقصانه من الدلائل، للشوكاني (ص5) وما بعدها؛ البحر المحيط الثجاج، (38/ 144).

[21] أَرِيحَاءَ: اسْمُ قَرْيَةٍ بالغَور قَرِيبًا مِنَ الْقُدْسِ. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (1/ 43).

[22] البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج، للإثْيوبي (38/ 144). وانظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية (4/ 516).

[23] الرِّحَال: جَمْعُ الرَّحْل، وهو كُلُّ شَيْءٍ ‌يُعَدُّ ‌لِلرَّحِيلِ؛ مِنْ وِعَاءٍ لِلْمَتَاعِ، وَمَرْكَبٍ لِلْبَعِيرِ، وَحِلْسٍ وَرَسَنٍ. وَجَمْعُهُ: أَرْحُلٌ وَرِحَالٌ. انظر: المصباح المنير، للفيومي (1/ 222).

[24] مجموع الفتاوى، (27/ 272).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة: قصة موسى الرضيع مع فرعون الوضيع
  • عاشوراء وقصة موسى عليه السلام مع فرعون (خطبة)
  • عبر من قصة موسى عليه السلام والعبد الصالح الخضر (خطبة)
  • معالم التأييد والنجاح في قصة موسى عليه السلام (خطبة)
  • أحكام وآداب وفوائد من قصة موسى والخضر (خطبة)
  • قصة موسى مع فرعون وأقسام الناس في يوم عاشوراء (خطبة)
  • قصة موسى عليه السلام (خطبة)
  • بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • من دروس البر من قصة جريج (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبر ودروس من قصة آل عمران عليهم السلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وعبر من قصة قارون (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: هدايات من قصة جوع أبي هريرة رضي الله عنه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة الملائكة(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • تأملات في حقيقة الموت (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرأة بين الإهانة والتكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: التربية على الإحسان للآخرين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإحصاء في القرآن الكريم والسنة النبوية: أبعاد ودلالات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدين النصيحة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/3/1447هـ - الساعة: 14:0
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب