• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بلقيس وانتصار الحكمة
    حسام كمال النجار
  •  
    مجالات التيسير والسماحة في الشريعة الإسلامية
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    تحريم إنكار مشيئة الله تعالى أو مشيئة المخلوق
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    أشهد أن نبيـنا وسيدنا محمدا قد بلغ رسالة ربه ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    هل تحدثت عن نعم ربك؟
    حسين أحمد عبدالقادر
  •  
    وقفات تربوية مع سيد الأخلاق
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    حسن الظن بالمسلمين (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    تعظيم شعائر الله تعالى (درس 1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    وحدة الصف (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الهدوء لغة الأرواح الجميلة
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    الموازنة بين دعائه صلى الله عليه وسلم لأمته وبين ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (36) «من نفس ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    فضل كلمة «لا حول ولا قوة إلا بالله»
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    فوائد من طلب العلم وتعليمه والدعوة إليه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    الأربعة الذين أدخلوا رواية الحديث في الأندلس
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عيش النبي صلى الله عليه وسلم سلوة للقانع وعبرة ...
    السيد مراد سلامة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الموت والقبر واليوم الآخر
علامة باركود

إقامة الشهود على الناس يوم الحساب (خطبة)

إقامة الشهود على الناس يوم الحساب (خطبة)
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/11/2021 ميلادي - 13/4/1443 هجري

الزيارات: 14318

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خُطْبَةُ إِقَامَةِ الشُّهُودِ عَلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحِسَابِ

 

الْخُطْبَةُ الْأُولَى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا. أمَّا بَعْدُ...

عِبَادَ اللهِ؛ أَمَامَنَا يَوْمٌ مَهِيلٌ، وَيَوْمٌ عَظِيمٌ، سَوْفَ يُحَاسَبُ فِيهِ الْخَلَائِقُ..

 

وَتُقَامُ فِيهِ عَلَيْهِمُ الشُّهُودُ..

 

وَالْحِكْمَةُ -وَاللهُ أَعْلَمُ- مِنْ إِقَامَةِ الشُّهُودِ؛ لِبَيَانِ كَمَالِ عَدْلِ اللهِ؛ وَإِعْذَارِهِ لِلْعَالَمِينَ؛ لِذَا أَقَامَ عَلَيْهِمْ الشُّهُودَ، وَنَوَّعَ وَعَدَّدَ تِلْكَ الشُّهُودَ؛ وَكَثَّرَهَا؛ حَتَّى تَنْقَطِعَ الْحِجَجُ؛ وَتُقَرَّ الْجُمُوعُ بِعَدْلِ اللهِ الْمُطْلَقِ؛ وَإِلَّا فَاللهُ تَعَالَى مُطَّلِعٌ عَلَى عِبَادِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِأَسْرَارِهِمْ وَمَا يَخْفَى مِنْ أَعْمَالِهِمْ ﴿ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴾ [الأنعام: 59].

 

وَالشُّهُودُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كُثْرٌ، وَمُتَعَدِّدُونَ، وَمُتَنَوِّعُونَ.

 

وَمِنْهُمْ: مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِاللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

 

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ ﴾ [الحج: 78].

 

فَالرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَوْفَ يَشْهَدُ عَلَى أُمَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

 

قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون ﴾ [يونس: 47]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيدًا * يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 41-42].

 

فَالرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَهِيدٌ عَلَى أُمَّتِهِ وَعَلَى الْأُمَمِ السَّابِقَةِ، قَاَل تَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِين ﴾[النحل:89].

 

وَفِي الصَّحِيحِ، قَاَل -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَجِيءُ نُوحٌ وأُمَّتُهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، أَيْ رَبِّ، فَيَقُولُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، مَا جَاءَنَا مِنْ نَبِيٍّ، فَيَقُولُ لِنُوحٍ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأُمَّتُهُ، فَنَشْهَدُ أنَّهُ قَدْ بَلَّغَ، وَهُوَ قَوْلُهُ -جَلَّ ذِكْرُهُ-: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة: 143]. وَالْوَسَطُ: الْعَدْلُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ.

 

وقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلَانِ، وَيَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الثَّلَاثَةُ، وَأَكْثرُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَقَلُّ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ بلَّغْتَ قَوْمَكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فيُدْعَى قَوْمُهُ، فَيُقَالُ: هَلْ بلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيُقَالُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فتُدْعَى أُمَّةُ مُحَمَّدٍ، فَيُقَالُ: هَلْ بلَّغَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: وَمَا عِلْمُكُمْ بِذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا بِذَلِكَ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بلَّغُوا، فَصَدَّقْنَاهُ، قَالَ: فَذَلِكُمْ قَولُهُ تَعَالَى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا). أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَه.

 

وَالرُّسُلُ شُهُودٌ عَلَى أَقْوَامِهِمْ، فَيَشْهَدُ كُلُّ رَسُولٍ عَلَى أُمَّتِهِ حَتَّى تُقَامَ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ. قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون ﴾ [يونس: 47]. فَإِذَا جَاءَ الرُّسُلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قُضِيَ بَيْنَهُمْ، وَسَمَّاهُ اللهُ تَعَالَى شَهِيدًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾ [النحل: 84].

 

فَنَبْعَثُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا الرَّسُولَ، وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُون ﴾ [القصص: 75].

 

وَسَوْفَ تَكُونُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاهِدَةً عَلَى الْخَلْقِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير ﴾ [الحج: 78].

 

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143].

 

وَالْمَلَاِئكَةُ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- سَوْفَ يَكُونُونَ شُهُودًا عَلَى النَّاسِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيد ﴾ [ق: 21].

 

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ (أَيْ: مَلَكًا يَسُوقُهُ لِلْمَحْشَرِ، وَمَلَكًا يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِأَعْمَالِهِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ)، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيد * أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيد * مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيب * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيد ﴾ [ق: 23-26]

 

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ -رَحِمَنَا اللهُ وَإِيَّاهُ-: (فَالسَّائِقُ أَحْضَرَهُ إِلَى عَرْصَةِ الْحِسَابِ؛ فَلَمَّا أَدَّى الشَّهِيدُ مَا عَلَيْهِ؛ أَمَرَهُمَا اللهُ تَعَالَى بِإِلْقَائِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).

 

قَالَ أَنَسٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَحِكَ، فَقَالَ: (هَلْ تَدْرُونَ مِمَّا أَضْحَكُ)؟ قَالَ: قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (مِنْ مُخَاطَبَةِ الرَّبِّ لِعَبْدِهِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ، أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ؟ فَقَالَ: فَيَقُولُ: بَلَى، فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَسِيبًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا)، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَسَوْفَ تَشْهَدُ جَوَارِحُ الْإِنْسَانِ عَلَيْهِ، فَسَوْفَ تَشْهَدُ الْأَلْسُنُ، وَالْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ، وَالْأَسْمَاعُ، وَالْأَبْصَارُ، وَالْجُلُودُ.

 

قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون ﴾ [النور: 24]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُون * حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون ﴾ [فصلت: 19-20]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُون ﴾ [فصلت: 22].

 

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون ﴾ [يس: 65].

 

وَعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَحِكَ، فَقَالَ: (هَلْ تَدْرُونَ مِمَّا أَضْحَكُ؟) قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ، يَقُولُ: يَا رَبِّ، أَلَمْ تُجِرْني مِنَ الظُّلْمِ؟ قَاَل: يَقُولُ: بَلَى، قَالَ: فَإنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إلَّا شَاهِدًا مِنِّي، فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، فيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، ثمَّ يُقَالُ لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي، فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ، ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ، فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ، وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَسَوْفَ تَكُونُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ حِينَ رَأَى الْعَبْدُ الْحَقَّ؛ وَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ اللهَ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، وَرَأَى كُلَّ مَا عَمِلَ مَكْتُوبًا فِي صَحِيفَتِهِ، وَقَامَتْ عَلَيْهُ الشُّهُودُ حَتَّى مِنْ نَفْسِهِ، وَرَأَى أَنَّهُ لَا بُرْهَانَ لَهُ وَلَا حُجَّةً؛ أَقَرَّ وَاعْتَرَفَ بِمَا جَنَى وَاقْتَرَفَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِين ﴾ [الأنعام: 130]، وَالْأَرْضُ سَوْفَ تَكُونُ شَاهِدَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنْ أَذْنَبَ عَلَيْهَا.

 

قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾ [الزلزلة: 4-5]، قَالَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا؟) قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (أَخْبَارُهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا؛ أَنْ تَقُولَ عَمِلَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا؛ قَالَ: فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ التِّرمِذيُّ حَدِيْث حَسَن.

 

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللهِ؛ وَأَعْظَمُ شَهَادَةٍ هِيَ شَهَادَةُ اللهِ سُبْحَانَهُ الْعَظِيمُ، فَهَذِهِ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ لِكُلِّ مُجْرِمٍ، وَلِكُلِّ جَبَّارٍ، فَهُو لَا يَسْتَطِيعُ إِنْكَارًا، وَلَا تَكْذِيبًا يَوْمَ يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَعْظَمُ شَهِيدٍ؛ الْقَوِيِّ الْعَزِيزِ الْمُحِيطِ.

 

قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 96]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد ﴾ [فصلت: 53]. وَقَالَ تَعَاَلى: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِين ﴾ [يونس: 61]. وَقَالَ تَعَالَى: إ﴿ ِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ﴾ [الأحزاب: 55].

 

فَعَلَيْنَا عِبَادَ اللهِ أَنْ نُعِدَّ لِلْأَمْرِ عُدَّتَهُ، وَنَحْسُبُ حِسَابَهُ، وَقَانَا اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَوَالِدِينَا، وَذَرَارِينَا، وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ.

 

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العدد والحساب في القرآن الكريم
  • موقف الحساب
  • الموت والحشر والحساب
  • تركنا الحساب ليوم الحساب
  • موقف الحساب يوم القيامة (خطبة)
  • حكم تعلم الحساب والفلك.. وهل هو من التنجيم؟
  • الإيمان بالحساب والجزاء في الآخرة
  • الدليل على وقوع الحساب
  • خطبة عن الحساب
  • يوم الحساب (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • طلب العلم وتعليمه عند وقوع النوازل بالمسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: وقفات مع اسم الله العدل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سؤال وجواب في أحكام الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أوقات النهي عن الصلاة (درس 2)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • من فضائل النبي: أن الله تعالى أقامه مقام ذاته وجعله زينة الأنبياء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الشهود يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بلاغة قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة)، مع موازنته مع ما استحسنته العرب من قولهم: "القتل أنفى للقتل"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/4/1447هـ - الساعة: 14:22
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب