• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وجادلهم بالتي هي أحسن}
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    القمار والميسر... متعة زائفة، وعاقبة مؤلمة
    بدر شاشا
  •  
    ومضات نبوية: "يا حنظلة ساعة وساعة"
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    من تجالس؟ (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن الزهد
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة النيبالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    ذكر الموت زاد الحياة (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    تفسير: (قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب)
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: أن رجلا مر على النبي صلى الله عليه ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الحديث الرابع عشر: المحافظة على أمور الدين وسد ...
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    منزلة أولياء الله (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    صفة العلم الإلهي
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    ماذا قدموا لخدمة الدين؟ وماذا قدمنا نحن؟ (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    فقه مرويات ضرب الزوجة في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الشرط السابع من شروط الصلاة: ستر العورة
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: عظمة أخلاقه
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / خطب الحج
علامة باركود

صدقات وصالحات في أيام مباركات

الشيخ عبدالله بن محمد البصري


تاريخ الإضافة: 5/11/2011 ميلادي - 9/12/1432 هجري

الزيارات: 15197

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صدقات وصالحات في أيام مباركات

 

أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، في كُلِّ مَوسِمٍ مِنَ المَوَاسِمِ الفَاضِلَةِ كَأَيَّامِ العَشرِ المُبَارَكَةِ، يَجتَهِدُ المُؤمِنُونَ فِيمَا يَنفَعُهُم عِندَ رَبِّهِم مِن أَعمَالٍ صَالحةٍ، بَينَمَا لا يَكتَفِي مُخلِصُونَ بما يُقَدِّمُونَهُ مِن خَيرٍ لأَنفُسِهِم، حَتى يُضِيفُوا إِلَيهِ خَيرَاتٍ يُقَدِّمُونَها لإِخوَانِهِم، وَذَلِكَ بِدَلالَتِهِم عَلَى مَوَاطِنِ البَذلِ وَالعَطَاءِ، وَتَسهِيلِ سُبُلِ الإِنفَاقِ لهم وَتَيسِيرِ وُصُولِهِم إِلَيهَا، وَتَوَسُّطِهِم بَينَ الغَنيِّ القَادِرِ وَالفَقِيرِ المُحتَاجِ، رَجَاءَ أَن يَنَالُوا بِذَلِكَ أَجرَ الدَّلالَةِ عَلَى الخَيرِ، وَيُحَصِّلُوا مُضَاعَفَ الثَّوَابِ بِالدَّعوَةِ إِلى الهُدَى، وَ" مَن دَلَّ عَلَى خَيرٍ فَلَهُ مِثلُ أَجرِ فَاعِلِهِ " وَ" مَن دَعَا إِلى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجرِ مِثلُ أُجُورِ مَن تَبِعَهُ، لا يَنقُصُ ذَلِكَ مِن أُجُورِهِم شَيئًا ".

 

وَفي هذِهِ الأَيَّامِ المُبَارَكَةِ، تَتَنَافَسُ مُؤَسَّسَاتٌ خَيرِيَّةٌ وَجَمعِيَّاتٌ وَمَكَاتِبُ دَعوَةٍ، عَلَى تَقدِيمِ بَرَامِجَ مُتَنَوِّعَةٍ وَفَتحِ آفَاقٍ وَاسِعَةٍ، لإِعَانَةِ المُسلِمِينَ عَلَى أَعمَالِ الخَيرِ وَالبِرِّ، وَغَالِبًا مَا تَكُونُ تِلكَ الأَعمَالُ وَالبَرَامِجُ مُنتَظِمَةً تَحتَ مَجَالٍ في الإِسلامِ عَظِيمٍ، ذَلِكُم هُوَ مَجَالُ الإِنفَاقِ وَالصَّدَقَةِ، في تَحجِيجِ الحُجَّاجِ وَإِيوَائِهِم، وَإِطعَامِهِم وَسَقيِهِم، وَإِهدَاءِ مَا يَنفَعُهُم في دِينِهِم وَدُنيَاهُم، وَذَبحِ الأَضَاحِي وَإِطعَامِ الطَّعَامِ، وَكِسوَةِ العِيدِ وَنَفَقَةِ المُحتَاجِينَ، وَتَيسِيرِ العُسرِ وَتَفرِيجِ الكُرُبَاتِ، إِلى غَيرِ ذَلِكَ مِن وُجُوهٍ وَأَبوَابٍ . وَقَد وَرَدَت في فَضَائِلِ الصَّدَقَاتِ وَمَا لِلبَاذِلِينَ مِن جَزَاءٍ آيَاتٌ وَأَحَادِيثٌ، وَرُغِّبَ في العَطَاءِ وَمُدِحَ أَصحَابُهُ، وَرُهِّبَ مِنَ البُخلِ وَذُمَّ أَهلُهُ، في أَسَالِيبَ قُرآنِيَّةٍ وَنَبَوِيَّةٍ كَرِيمَةٍ، بَلِيغَةِ الدَّلالَةِ نَاصِعَةِ البَيَانِ، مَا قَرَأَهَا أَو سَمِعَهَا مُؤمِنٌ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، وَلا وَعَاهَا مُوقِنٌ بما أَعَدَهُ اللهُ لِعِبَادِهِ الصَّادِقِينَ، إِلاَّ وَدَّ أَنَّ لَهُ في كُلِّ مَجَالٍ يَدًا بَيضَاءَ وَمُسَاهَمَةً وَعَطَاءً، وَكَيفَ لا يَكُونُ ذَلِكَ وَالصَّدَقَةُ تُطفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَقِي مِنَ النَّارِ، وَتُظِلُّ صَاحِبَهَا في ظِلِّ العَرشِ في يَومٍ شَدِيدٍ حَرُّهُ، وَتُدَاوِي القَلبَ وَالجَسَدَ وَتَدفَعُ عَنِ العَبدِ أَنوَاعًا مِنَ البَلاءِ، وَبها يَنشَرِحُ الصَّدرُ وَتَرتَاحُ النَّفسُ وَيَطمَئِنُّ القَلبُ، وَيُضَاعَفُ الأَجرُ وَتُمحَى الخَطَايَا، وَهِيَ بُرهَانٌ عَلَى الإِيمَانِ وَبها تُنَالُ حَقِيقَةُ البِرِّ، وَبها يُطَهَّرُ المَالُ وَيُبَارَكُ فِيهِ، وَهِيَ الَّتي تَبقَى مِنهُ لِصَاحِبِهِ في الآخِرَةِ، وَبها الفَوزُ بِدُعَاءِ المَلَكِ لِلمُنفِقِينَ مَعَ إِشرَاقَةِ الشَّمسِ في كُلِّ يَومٍ ؟ فَمَن ذَا الَّذِي يُفَرِّطُ في الصَّدَقَةِ وَلَو بِالقَلِيلِ وَقَد جَاءَت بِكُلِّ هَذِهِ المَعَاني الآيَاتُ وَصَحَّتِ الأَحَادِيثُ ؟!.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لِمَا في الصَّدَقَةِ لِلمُؤمِنِ مِن عَظِيمِ ثَوَابٍ وَمُضَاعَفِ أَجرٍ، وَبَرَكَةٍ في المَالِ وَنَجَاةٍ في المَآلِ، كَانَ الشَّيطَانُ يَقِفُ لِلمُؤمِنِينَ بِالمِرصَادِ في بَابِهَا، وَيَضَعُ في طَرِيقِهِم مِنَ العَوَائِقِ وَالمَوَانِعِ مَا يَضمَنُ بِهِ وُقُوعَهُم في الشُّحِّ وَالبُخلِ، وَمِن ثَمَّ يَكُونُ ارتِكَاسُهُم في الخَسَارَةِ وَالهَلاكِ، وَمُجَانَبَتُهُم سَبِيلَ الفَلاحِ . وَقَد بَيَّنَ المَولى - جَلَّ وَعَلا - في كِتَابِهِ أَنَّ مَن وُقِيَ شُحَّ نَفسِهِ فَقَد أَفلَحَ، وَبَيَّنَ الحَبِيبُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - أَنَّ الشُّحَّ سَبَبٌ لِلهَلاكِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَْ ﴾ وَفي الحَدِيثِ: " اِتَّقُوا الشُّحَّ ؛ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهلَكَ مَن كَانَ قَبلَكُم، حَمَلَهُم عَلَى أَن سَفَكُوا دِمَاءَهُم وَاستَحَلُّوا مَحَارِمَهُم " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ . وَمِن هُنَا فَإِنَّ المُسلِمَ حِينَ يَتَحَامَلُ عَلَى نَفسِهِ، وَيُخَالِفُ مَحَبَّتَهُ الفِطرِيَّةَ لِلمَالِ وَيَقمَعُ دَوَاعِيَ جَمعِهِ وَمَنعِهِ، ثم يُنفِقُهُ لِوَجهِ اللهِ ابتِغَاءَ مَا عِندَهُ، إِنَّهُ بِذَلِكَ يَتَغَلَّبُ عَلَى الشَّيَاطِينِ وَيَقهَرُهَا، وَيُخَالِفُهَا فِيمَا تُسَوِّلُهُ لَهُ وَتُملِيهِ عَلَيهِ، وَتَاللهِ مَا يَفعَلُ ذَلِكَ وَيَقدِرُ عَلَيهِ إِلاَّ مَن أُوتيَ مِنَ الإِيمانِ حَظًّا عَظِيمًا، رَوَى الإِمَامُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ أَنَّهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - قَالَ: " مَا يُخرِجُ رَجُلٌ شَيئًا مِنَ الصَّدَقَةِ حَتى يَفُكَّ عَنهَا لَحيَي سَبعِينَ شَيطَانًا " نَعَم " مَا يُخرِجُ رَجُلٌ شَيئًا مِنَ الصَّدَقَةِ حَتى يَفُكَّ عَنهَا لَحيَي سَبعِينَ شَيطَانًا " إِنَّهَا صُورَةٌ بَيَانِيَّةٌ بَلِيغَةٌ، تُبَيِّنُ مَدَى حِرصِ الشَّيَاطِينِ عَلَى مَنعِ الصَّدَقَةِ، حَتى لَكَأَنَّهَا تَعَضُّ عَلَيها بِفَكَّيهَا لِئَلاَّ يَنتَزِعَهَا صَاحِبُهَا فَيُنفِقَهَا، وَهَذِهِ الشَّيَاطِينُ الَّتي شَرُّ سِلاحِهَا في هَذَا البَابِ أَن تَعِدَ الإِنسَانَ الفَقرَ إِذَا هُوَ تَصَدَّقَ، لا تَقِفُ عِندَ هَذَا الحَدِّ فَحَسبُ، بَل لا تَزَالُ بِهِ حَتى تَأتِيَهُ مِن أَبوَابٍ أُخرَى، وَتَبعَثَ عَلَيهِ مِن أَعوَانِهَا مِنَ الإِنسِ مَن يُخَذِّلُونَهُ وَيُضعِفُونَ عَزِيمَتَهُ، بما يَبُثُّونَهُ مِن شَائِعَاتٍ أَو يَنشُرُونَهُ مِن مَقَالاتٍ، فَتَرَى مِنهُم مَن يُخِيفُ النَّاسَ مِنَ المُؤَسَّسَاتِ الخَيرِيَّةِ بِدَعوَى دَعمِ الإِرهَابِ، وَتَرَى مَن يَزعُمُ أَنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ قَد تَقَعُ في أَيدِي أَغنِيَاءَ غَيرِ مُحتَاجِينَ، أَو أَنَّ غَالِبَ المُستَفِيدِينَ مِنهَا خَارِجَ البِلادِ وَلا يُعرَفُ شَيءٌ عَن حَالِهِم، أَو غَيرَ ذَلِكَ مِنَ الأَعذَارِ الوَاهِيَةِ وَالحِجَجِ الدَّاحِضَةِ، وَالحَقُّ أَنَّ المُؤمِنَ إِذَا تَغَلَّبَ عَلَى شُحِّ نَفسِهِ مُصَدِّقًا بَمُوعُودِ اللهِ مُكَذِّبًا بَوَعدِ الشَّيَاطِينِ، ثم بَحَثَ عَن أَهلِ الخَيرِ المَوثُوقِ فِيهِم قَدرَ استِطَاعَتِهِ، وَاجتَهَدَ في أَن يَضَعَ صَدَقَتَهُ مَحَلَّهَا قَدرَ مَا يُمكِنُهُ، وَأَخلَصَ للهِ وَطَلَبَ مَا عِندَهُ، فَإِنَّ أَجرَهُ قَد تَمَّ وَنِيَّتَهُ قَد بَلَغَت، وَمَا هُوَ بِمُكَلَّفٍ بما وَرَاءَ ذَلِكَ، رَوَى البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ عَن مَعنِ بنِ يَزِيدَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: كَانَ أَبي يَزِيدُ أَخرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بها، فَوَضَعَهَا عِندَ رَجُلٍ في المَسجِدِ، فَجِئتُ فَأَخَذتُهَا فَأَتَيتُهُ بها، فَقَالَ: وَاللهِ مَا إِيَّاكَ أَرَدتُ . فَخَاصَمتُهُ إِلى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَكَ مَا نَوَيتَ يَا يَزِيدُ، وَلَكَ مَا أَخَذتَ يَا مَعنُ " وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " قَالَ رَجُلٌ لأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيلَةَ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا في يَدِ زَانِيَةٍ، فَأَصبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ . قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمدُ، عَلَى زَانِيَةٍ ! لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا في يَدِ غَنيٍّ، فَأَصبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى غَنيٍّ . قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمدُ، عَلَى غَنيٍّ ! لأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا في يَدِ سَارِقٍ، فَأَصبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ . فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمدُ، عَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنيٍّ وَعَلَى سَارِقٍ ! فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُكَ فَقَد قُبِلَت، أَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا تَستَعِفُّ بها عَن زِنَاهَا، وَلَعَلَّ الغَنيَّ يَعتَبِرُ فَيُنفِقُ مِمَّا أَعطَاهُ اللهُ، وَلَعَلَّ السَّارِقَ يَستَعِفُّ بها عَن سَرِقَتِهِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ -، فَإِنَّمَا عَلَى نِيَّاتِكُم تُؤَجَرُونَ، وَمَعَ الغَنيِّ الكَرِيمِ تَتَعَامَلُونَ، فَلا يُثَبِّطَنَّكُمُ المُخَذِّلُونَ، وَلا يَغُرَّنَّكُمُ المُكَذِّبُونَ بِيَومِ الدِّينِ، الَّذِينَ يَدُعُّونَ اليَتِيمَ وَلا يَحُضُّونَ عَلَى طَعَامِ المِسكِينِ وَيَمنَعُونَ المَاعُونَ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبتُم وَمِمَّا أَخرَجنَا لَكُم مِنَ الأَرضِ وَلا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنهُ تُنفِقُونَ وَلَستُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغمِضُوا فِيهِ وَاعلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنيٌّ حَمِيدٌ . الشَّيطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقرَ وَيَأمُرُكُم بِالفَحشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُم مَغفِرَةً مِنهُ وَفَضلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾.

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَلازِمُوا طَاعَتَهُ وَلا تَترُكُوهَا، وَاعلَمُوا أَنَّكُم في أَيَّامٍ مُبَارَكَةٍ فَاقدُرُوهَا حَقَّ قَدرِهَا وَعَظِّمُوهَا، وَاغتَنِمُوا مَا بَقِيَ مِن أَيَّامٍ مَعلُومَاتٍ وَمَا بَعدَهَا مِن أَيَّامٍ مَعدُودَاتٍ . لَقَد بَقِيَ يَومُ عَرَفَةَ وَيَومُ العِيدِ وَأَيَّامُ التَّشرِيقِ، أَمَّا يَومُ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ يَومُ إِكمَالِ الدِّينِ وَإِتمَامِ النِّعمَةِ عَلَى الأُمَّةِ، اليَومُ المَشهُودُ، الَّذِي يُعتِقُ اللهُ فِيهِ مَن قَبِلَهُ مِنَ الحُجَّاجِ وَيُجِيبُ دُعَاءَهُم، وَفِيهِ يُستَحَبُّ لِغَيرِ الحَاجِّ الصَّومُ وَالتَّكبِيرُ بَعدَ الصَّلَوَاتِ مِن فَجرِهِ إِلى صَلاةِ العَصرِ مِن آخِرِ أَيَّامِ التَّشرِيقِ، رَوَى النَّسَائِيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، عَن طَارِقِ بنِ شِهَابٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ إِلى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ، آيَةٌ في كِتَابِكُم تَقرَؤُونَهَا، لَو عَلَينَا مَعشَرَ اليَهُودِ نَزَلَت لاتَّخَذنَا ذَلِكَ اليَومَ عِيدًا . قَالَ: أَيُّ آيَةٍ ؟ قَالَ: ﴿ اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دِينًا ﴾ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّي لأَعلَمُ المَكَانَ الَّذِي نَزَلَت فِيهِ وَاليَومَ الَّذِي نَزَلَت فِيهِ، نَزَلَت عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في عَرَفَاتٍ في يَومِ جُمَعَةٍ . وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " خَيرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَومِ عَرَفَةَ، وَخَيرُ مَا قُلتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِن قَبلِي: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍٍ قَدِيرٌ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَا مِن يَومٍ أَكثَرَ مِن أَن يُعتِقَ اللهُ فِيهِ عَبدًا أَو أَمَةً مِنَ النَّارِ مِن يَومِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدنُو ثم يُبَاهِي بِهِمُ المَلائِكَةَ فَيَقُولُ: مَاذَا أَرَادَ هَؤُلاءِ ؟ " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ أَحتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتي بَعدَهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ . وَأَمَّا يَومُ العِيدِ فَهُوَ يَومُ الحَجِّ الأَكبَرِ، وَبَعدَهُ يَومُ القَرِّ أَوَّلُ أَيَّامِ التَّشرِيقِ الثَّلاثَةِ، وَكُلُّهَا أَيَّامٌ عَظِيمَةٌ مُبَارَكَةٌ، فِيهَا مِن أَعمَالِ الحَجِّ أَكثَرُهَا، وفِيهَا التَّقَرُّبِ إِلى اللهِ بِذَبحِ الهَدَايَا وَالأَضَاحِي، وَالتَّوسِيعُ عَلَى النُّفُوسِ بِالأَكلِ وَالشُّربِ مَعَ الإِكثَارِ مِن ذِكرِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَعظَمُ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ يَومُ النَّحرِ ثم يَومُ القَرِّ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " يَومُ عَرَفَةَ وَيَومُ النَّحرِ وَأَيَّامُ التَّشرِيقِ عِيدُنَا - أَهلَ الإِسلامِ - وَهِيَ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ " رَوَاهُ أَهلُ السُّنَنِ إِلاَّ ابنَ مَاجَه، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَعِندَ مُسلِمٍ: " أَيَّامُ التَّشرِيقِ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ وَذِكرٍ للهِ " فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَصُومُوا يَومَ عَرَفَةَ، وَاحضُرُوا صَلاةَ العِيدِ وَالبَسُوا الجَدِيدَ، وَضَحُّوا وَكُلُوا وَاشرَبُوا، وَتَصَدَّقُوا وَأَهدُوا، وَ﴿ اركَعُوا وَاسجُدُوا وَاعبُدُوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ ﴾.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • التسبيح فرصة للحصول على ثواب الصدقات بدون إنفاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أفضل أيام الدنيا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أيام في ألمانيا: رحلة بين الخطوط والمخطوط(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد(مقالة - المسلمون في العالم)
  • كنوز من الأعمال الصالحة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الأعمال الصالحة وثمراتها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعمال يسيرة وراءها قلب سليم ونية صالحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فقه العمل الصالح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم الخمر وعلاقته بالإيمان والتقوى(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/5/1447هـ - الساعة: 17:35
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب