• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأدلة العقلية على وجود الخالق جل وعلا
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    الإيمان بالرسل وثمراته (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    فتنة المال وأسباب الكسب الحرام (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    الحلال بركة والحرام هلكة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    استعجال العذاب
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    صلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    النكاح أركانه وشروطه (خطبة)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تحريم قول ما شاء الله وشئت أو ما شاء الله وشاء ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    بيع التلجئة
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    خلاف الفقهاء في حكم الاستنجاء وهل يصح فعله بعد ...
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    التزهيد في الاقتداء بأفعال النبي صلى الله عليه ...
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    الإعجاز العلمي في القرآن بين الإفراط والتفريط
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الأحكام الفقهية والقضائية للذكاء الصناعي (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    لطائف دلالات القرآن في خواتم سرد القصص
    بشير شعيب
  •  
    فضل التعوذ بكلمات الله التامات
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حقوق الوطن (1)
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / يوم عرفة والأضحية
علامة باركود

حكم الأضحية

حكم الأضحية
يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/6/2024 ميلادي - 11/12/1445 هجري

الزيارات: 2026

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ

 

قَالَ الْمُصَنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ-:[وَالْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ، وَذَبْحُهَا أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ بِثَمَنِهَا، وَسُنَّ أَنْ يَأْكُلَ، وَيُهْدِيَ وَيَتَصَدَّقَ أَثْلَاثًا، وَإِنْ أَكَلَهَا إِلَّا أُوقِيَةً تَصَدَّقَ بِهَا جَازَ، وَإِلَّا ضَمِنَهَا، وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ يُضَحِّي أَنْ يَأْخُذَ فِي الْعَشْرِ مِنْ شَعَرِهِ أَوْ بَشَرَتِهِ شَيْئًا].

 

وَالْكَلَامُ هُنَا فِي فُرُوعٍ:

الْفَرْعُ الْأَوَّلُ: حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَالْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ).

 

أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ[1]، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِهَا عَلَى أَقْوَالٍ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، يُكْرَهُ لِلْقَادِرِ تَرْكُهَا، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ أَهْلِ الْعِلْمِ[2]؛ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»[3]، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَّقَ الْأُضْحِيَّةَ بِالْإِرَادَةِ، وَالْوَاجِبُ لَا يُعَلَّقُ بِالْإِرَادَةِ، كَذَلِكَ ثَبَتَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ، قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- وَمَا يُضَحِّيانِ عَنْ أَهْلِهِمَا؛ خَشيَةَ أَنْ يُسْتَنَّ بِهِمَا، فَلَمّا جِئْتُ بَلَدَكُمْ هَذَا حَمَلَنِي أَهْلِي عَلَى الْجَفَاءِ بَعْدَ مَا عَلِمْتُ السُّنَّةَ» أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ[4]؛ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- عَلِمَا مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَدَمَ الْوُجُوبِ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- خِلَافُ ذَلِكَ.


الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُقِيمِينَ الْقَادِرِينَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ[5]، وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، وَهَذَا أَمْرٌ، وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، كَمَا اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَةَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ[6]،قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي: "وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ"[7]، وَقَالَ فِي الْبُلُوغِ: "لَكِنْ رَجَّحَ الْأَئِمَّةُ وَقْفَهُ"[8]؛ كَمَا اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ جُنْدُبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ حَتَّى صَلَّيْنَا فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ»[9].


الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُقِيمِينَ وَالْمُسَافِرِينَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ[10].


الْفَرْعُ الثَّانِي: ذَبْحُ الْأُضْحِيَّةِ أَفْضَلُ مِنَ التَّصَدُّقِ بِثَمَنِهَا. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَذَبْحُهَا أَفْضَلُ مِنَ التَّصَدُّقِ بِثَمَنِهَا).

 

وَهَذَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا هُوَ التَّقَرُّبُ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ، وَلِأَنَّهُ "عَمَلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وخُلَفَائِهِ وَالْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُضَحُّونَ، وَلَوْ كَانَتِ الصَّدَقَةُ بِثَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ أَفْضَلَ لَعَدَلُوا إِلَيْهَا، وَمَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيَعْمَلَ عَمَلاً مَفْضُولاً وَيَسْتَمِرَّ عَلَيْهِ مُنْذُ أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةِ إِلَى أَنْ تَوَفَّاهُ اللهُ، مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ وَتَيَسُّرِهِ، ثُمَّ لَا يَفْعَلُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا يُبيِّنُ ذَلِكَ لِأُمَّتِهِ"[11].


قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ-: "فَكَانَ‌‌ ‌الذَّبْحُ ‌فِي ‌مَوْضِعِهِ ‌أَفْضَلَ ‌مِنَ ‌الصَّدَقَةِ بِثَمَنِهِ وَلَوْ زَادَ، كَالْهَدَايَا وَالْأَضَاحِي، فَإِنَّ نَفْسَ الذَّبْحِ وَإِرَاقَةِ الدَّمِ مَقْصُودٌ، فَإِنَّهُ عِبَادَةٌ مَقْرُونَةٌ بِالصَّلَاةِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، وَقَالَ: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162]؛ فَفِي كُلِّ مِلَّةٍ صَلَاةٌ وَنَسِيكَةٌ لَا يَقُومُ غَيْرُهُمَا مَقَامَهُمَا؛ وَلِهَذَا لَوْ تَصَدَّقَ عَنْ دَمِ الْمُتْعَةِ وَالقِرَانِ بِأَضْعَافِ أَضْعَافِ الْقِيمَةِ لَمْ يَقُمْ مَقَامَهُ، وَكَذَلِكَ الْأُضْحِيَّةُ"[12].

 

إِذًا: فَالْأُضْحِيَّةُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ بِثَمَنِهَا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ-.

 

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ أَفْضَلُ مِنَ التَّصَدُّقِ بِثَمَنِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ[13].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ، وَهَذَا قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ[14]، وَقَالَ بِهِ بَعْضُ السَّلَفِ[15].

 

الْفَرْعُ الثَّالِثُ: الْأَكْلُ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَسُنَّ أَنْ يَأْكُلَ، وَيُهْدِيَ وَيَتَصَدَّقَ أَثْلَاثًا).

 

السُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ ثُلُثَهَا، وَيُهْدِيَ ثُلُثَهَا، وَيَتَصَدَّقَ بِثُلُثِهَا، وَهَذَا هُوَ أَدْنَى الْكَمَالِ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: «إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ، فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا»[16].


وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَأْكُلُهُ صَاحِبُ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَأْكُلَ الثُّلُثَ وَيَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ وَيُهْدِيَ الثُّلُثَ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْجَدِيدِ[17]؛ وَ"لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُمَا مُخَالِفًا فِي الصَّحَابَةِ، فَكَانَ إجْمَاعًا"[18].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَأْكُلُ النِّصْفَ وَيَتَصَدَّقُ بِالنِّصْفِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمُ، وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ[19]؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28].

 

الْفَرْعُ الرَّابِعُ: أَكْلُ جَمِيعِ الْأُضْحِيَّةِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ أَكَلَها إِلَّا أُوقِيَةً تَصَدَّقَ بِهَا جَازَ، وَإِلَّا ضَمِنَهَا).

 

أَيْ: يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ كُلَّ الْأُضْحِيَّةِ إِلَّا شَيْئًا قَلِيلًا يَتَصَدَّقُ بِهِ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْأَكْلِ وَالْإِطْعَامِ؛ فَقَالَ: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28]، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَيْءٍ، فَمَتَى أَكَلَ وَأَطْعَمَ فَقَدْ أَتَى بِمَا أُمِرَ[20]، وَإِنْ أَكَلَهَا كُلَّهَا ضَمِنَ مِقْدَارَ الْأُوقِيَةِ لَحْمًا يَتَصَدَّقُ بِهِ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ﴾ [الحج: 36]، فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى وُجُوبِ التَّصَدُّقِ بِشَيْءٍ مِنَ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ، وَإِنْ قَلَّ هَذَا الشَّيْءُ، وَالْآيَةُ وَإِنْ كَانَتْ وَارِدةً فِي الْهَدْيِ، إِلاَّ أَنَّ الْهَدْيَ وَالأُضْحِيَّةَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ. وَأَيْضًا: مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى وُجُوبِ التَّصَدُّقِ: قَوْلُهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «فَكُلُوا، وَادَّخِرُوا، وَتَصَدَّقُو»[21].

 

وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ التَّصَدُّقِ بِشَيْءٍ مِنْهَا: هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ[22]؛ لِلْأَدِلَّةِ الِّتي ذَكَرْنَا، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُ الْأُضْحِيَّةِ كُلِّهَا، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ[23].

 

مَسْأَلَةٌ: فِي وُجُوبِ الْأَكْلِ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأَكْلَ مِنْهَا مُسْتَحَبٌّ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ[24].


الْقَوْلُ الثَّانِي: يَجِبُ الْأَكْلُ مِنْهَا وَلَوْ شَيْئًا يَسِيرًا، وَهَذَا وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[25]؛ لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- الْمُتَقَدِّمِ، وَكُلُّهَا آمِرَةٌ بِالْأَكْلِ مِنْهَا.

 

الْفَرْعُ الرَّابِعُ: حُكْمُ أَخْذِ الْمُضَحِّي مِنْ شَعَرِهِ أَوْ بَشْرَتِهِ شَيْئًا فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ. وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ يُضَحِّي أَنْ يَأْخُذَ فِي الْعَشْرِ مِنْ شَعَرِهِ أَوْ بَشَرَتِهِ).

 

هَذَا مَا قَرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ-. وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى قوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَعَرِهِ أَوْ بَشَرَتِهِ شَيْئًا إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَوَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[26]؛ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ[27]، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَيْضًا: «فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»[28].


الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ[29]. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِك: بِقَوْلِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «فَتَلْتُ قَلاَئِدَ بُدْنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا وَأَشْعَرَهَا وَأَهْدَاهَا، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ أُحِلَّ لَهُ»[30]. وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا الاِسْتِدْلَالِ: بِأَنَّ "حَدِيثَ عَائِشَةَ إِذَا بَعَثَ بِالْهَدْيِ وَأَقَامَ، وَحَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ بِالْمِصْرِ، قَالَ أَحْمَدُ: وَهَكَذَا أَقُولُ"[31]، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.


الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ وَلَا يُكْرَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْتَنِبَ ذَلِكَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ[32].

 


[1] ينظر: اختلاف الأئمة العلماء (1/ 331).

[2] ينظر: الحاوي الكبير (15/ 71)، والهداية على مذهب الإمام أحمد (ص: 204).

[3] أخرجه مسلم (1977).

[4] أخرجه البيهقي في الكبرى (19067).

[5] ينظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص (7/ 305).

[6] أخرجه أحمد (8273)، وابن ماجه (3123)، وصححه الحاكم (7566).

[7] فتح الباري، لابن حجر (10/ 3).

[8] بلوغ المرام من أدلة الأحكام (ص: 413).

[9] أخرجه البخاري (5500)، ومسلم (1960).

[10] ينظر: التهذيب في اختصار المدونة (2/ 42).

[11] أحكام الأضحية والذكاة، للعثيمين (2/ 220).

[12] تحفة المودود (ص92).

[13] ينظر: درر الحكام (1/ 268)، والمدونة (1/ 547)، والمجموع، للنووي (8/ 425)، والإنصاف، للمرداوي (9/ 421، 422).

[14] ينظر: شرح مختصر خليل للخرشي (3/ 39).

[15] ينظر: المجموع، للنووي (8/ 425).

[16] أخرجه مسلم (1971).

[17] ينظر: تحفة الفقهاء (1/ 412)، والمجموع، للنووي (8/ 413)، والإنصاف، للمرداوي (9/ 422).

[18] المغني، لابن قدامة (9/ 449).

[19] ينظر: القوانين الفقهية (ص: 128)، والمجموع، للنووي (8/ 413)، وقال المالكية: إن اقتصر على أحدهما أجزأ على كراهة.

[20] ينظر: الشرح الكبير على متن المقنع (9/ 423).

[21] تقدم تخريجه.

[22] ينظر: المجموع، للنووي (8/ 413)، الإنصاف، للمرداوي (9/ 422).

[23] ينظر: الأصل، للشيباني (2/ 434)، والرسالة، للقيرواني (ص80).

[24] ينظر: بدائع الصنائع (5/ 80)، والقوانين الفقهية (ص: 128)، والمجموع، للنووي (8/ 419)، والمغني، لابن قدامة (9/ 449).

[25] ينظر: المجموع، للنووي (8/ 419).

[26] ينظر: المجموع، للنووي (8/ 392)، والمغني، لابن قدامة (9/ 436).

[27] أخرجه مسلم (1977).

[28] أخرجه مسلم (1977).

[29] ينظر: المجموع، للنووي (8/ 391، 392)، والمغني، لابن قدامة (9/ 436).

[30] تقدم تخريجه.

[31]التمهيد (17/236)، وينظر: الكافي (2/ 484).

[32] ينظر: التجريد، للقدوري (12/ 6344)، والبيان والتحصيل (17/ 315).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حكم الأضحية وصفاتها
  • الخطبة الخامسة في حكم الأضحية وصفاتها
  • أحكام الأضحية
  • هل يجزئ سُبع البدنة أو البقرة في الأضحية ؟
  • أحكام العيد والأضحية وأيام التشريق
  • حكم الأضحية
  • المقصد الحقيقي من الأضحية
  • الأضحية ... معنى التضحية في زمن الماديات

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/4/1447هـ - الساعة: 13:17
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب