• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التفاف الرعية بالراعي ونبذ الفرقة والشقاق (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    العفو في هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأثره
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    التسبيح هو أفضل الكلام
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    التحذير من الكسل (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    توهم إضاعة الدين بسبب الاختلاف في ثبوت بعض ...
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    سنة التدافع وفقهها (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    علة حديث: من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    لا تكونوا عجلا
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: صبره وثباته
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    {وجادلهم بالتي هي أحسن}
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    القمار والميسر... متعة زائفة، وعاقبة مؤلمة
    بدر شاشا
  •  
    ومضات نبوية: "يا حنظلة ساعة وساعة"
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    من تجالس؟ (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن الزهد
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة النيبالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    ذكر الموت زاد الحياة (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

نعدكم للرخاء قبل البلاء

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/12/2013 ميلادي - 1/2/1435 هجري

الزيارات: 8409

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نعدكم للرخاء قبل البلاء


الخطبة الأولى

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

أُمَّةُ الإِسلامِ جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَمُجتَمَعُ المُسلِمِينَ بُنيَانُ مَرصُوصُ، وَكُلُّ أَلَمٍ في عُضوٍ أَو خَلَلٌ في لَبِنَةٍ، فَإِنَّمَا هُوَ أَلَمٌ لِذَلِكُمُ الجَسَدِ، وَضَعفٌ في تَمَاسُكِ البِنَاءِ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " تَرَى المُؤمِنِينَ في تَرَاحُمِهِم وَتَوَادِّهِم وَتَعَاطُفِهِم كَمَثَلِ الجَسَدِ، إِذَا اشتَكَى عُضوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " المُؤمِنُ لِلمُؤمِنِ كَالبُنيَانِ يَشُدُّ بَعضُهُ بَعضًا " ثُمَّ شَبَّكَ بَينَ أَصَابِعِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ... وَيَسمَعُ كُلٌّ مِنَّا هَذَينِ الحَدِيثَينِ وَأَمثَالَهُمَا، مِمَّا فِيهِ بَيَانُ شِدَّةِ تَرَابُطِ أَفرَادِ الأُمَّةِ، وَإِيضَاحُ قُوَّةِ العَلائِقِ الجَامِعَةِ بَينَهُم، فَيَذهَبُ ظَنُّهُ أَوَّلَ مَا يَذهَبُ إِلى حَالِ المَصَائِبِ وَالشَّدَائِدِ وَالكُرُوبِ، وَيَتَذَكَّرُ الحَوَادِثَ المُوجِعَةَ وَالنَّكَبَاتِ الفَاجِعَةَ، وَيَنسَى أَو يَتَنَاسَى وَقَد يَجهَلُ أَنَّ ذَلِكَ التَّرَابُطَ الشَّدِيدَ وَتِلكَ العَلائِقَ المُحكَمَةَ، مَا لم تَكُنْ عَلَى أَشُدِّهَا في حَالِ السَّعَةِ وَالرَّخَاءِ، وَتُرَى كَمَا يَنبَغِي في أَزمِنَةِ الطُّمَأنِينَةِ وَالنَّعمَاءِ، فَإِنَّمَا هِيَ في الشَّدَائِدِ استِجَابَاتٌ مُؤَقَّتَةٌ، وَرُدُودُ أَفعَالٍ سَرِيعَةٌ، مَا تَلبَثُ أَن تَضعُفَ مَعَ الأَيَّامِ وَتَتَلاشَى، ثم تَضمَحِلُّ وَتَزُولُ. وَإِنَّ مَا أَصَابَ الأُمَّةَ مِن مَصَائِبَ وَمَا حَلَّ بها مِن كَوَارِثَ، لَمِن خَيرِ مَا يَشهَدُ عَلَى ذَلِكَ، فَكَم مِن مُصِيبَةٍ نَزَلَت بِقَومٍ مِنَ المُسلِمِينَ، فَتَسَابَقَ النَّاسُ في أَوَّلِهَا لِتَخفِيفِهَا عَلَيهِم، وَهُرِعُوا في بِدَايَتِهَا لِنَجدَتِهِم وَإِغَاثَتِهِم، ثم مَا لَبِثُوا أَن نَسُوهُم سَرِيعًا وَتَرَكُوهُم في مُصِيبَتِهِم، يَتَجَرَّعُونَ شِدَّةَ أَلَمِهَا، وَمَرَارَةَ نِسيَانِ إِخوَانِهِم لَهُم وَغَفلَتِهِم عَنهُم. وَلَو أَنَّ المُسلِمِينَ كَانُوا في حَالِ الرَّخَاءِ مُتَمَاسِكِينَ، وَعَلَى الخَيرِ وَالبِرِّ مُتَعَاوِنِينَ، وَمِن أَنفُسِهِم مُعطِينَ، وَلِمَا في أَيدِيهِم بَاذِلِينَ، لَمَا رَأَيتَ مِنهُم تَأَخُّرًا بَعدَ تَقَدُّمٍ، وَلَمَا آنَستَ مِنهُم إِحجَامًا بَعدَ إِقدَامٍ، وَلَمَا ضَعُفُوا بَعدَ قُوَّةٍ وَلا ارتَخَوا بَعدَ عَزِيمَةٍ.

 

نَعَم؛ أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

إِنَّ دَوَامَ المُؤمِنِ عَلَى بَذلِ الخَيرِ لإِخوَانِهِ، وَسَعيَهُ فِيمَا يَنفَعُهُم في الرَّخَاءِ، مِقيَاسٌ يَتَبَيَّنُ بِهِ إِيمَانُهُ، وَمِرآةٌ تُجَلِّي تَأَصُّلَ الخَيرِ في قَلبِهِ، وَإِلاَّ فَإِنَّ المَصَائِبَ وَالشَّدَائِدَ وَالمِحَنَ، لا خِيَارَ لأَحَدٍ عَندَ نُزُولِهَا، في بَذلِ أَقصَى مَا يَستَطِيعُ لِتَخلِيصِ إِخوَانِهِ مِنهَا، نَعَم - إِخوَةَ الإِيمَانِ - إِنَّ المُؤمِنَ الصَّادِقَ الإِيمَانِ، سَبَّاقٌ إِلى الخَيرِ دَائِمًا، بَاذِلٌ لِلمَعرُوفِ في كُلِّ وَقتٍ، يَشعُرُ بِإِخوَانِهِ في كُلِّ لَحظَةٍ مِن لَحَظَاتِ حَيَاتِهِ، وَيَظهَرُ حُبُّهُ لَهُم في كُلِّ تَصَرُّفٍ مِن تَصَرُّفَاتِهِ، يَسُرُّهُ مَا يَسُرُّهُم، وَيَسُوءُهُ مَا يَسُوءُهُم، يَفرَحُ إِذَا فَرِحُوا، وَيَحزَنُ إِن حَزِنُوا، وَيَسعَى جُهدَهُ لِنَفعِهِم وَإِيصَالِ الخَيرِ إِلَيهِم وَإِدخَالِ السُّرُورِ عَلَيهِم، وَيَبذُلُ مَا يَستَطِيعُ لِدَفعِ الضُّرِّ عَنهُم وَتَفرِيجِ كُرُوبِهِم وَقَضَاءِ حَاجَاتِهِم، وَيُحِبُّ لَهُم مَا يُحِبُّهُ لِنَفسِهِ، وَهُوَ في كُلِّ هَذَا يَنطَلِقُ مِمَّا جَاءَ بِهِ الدِّينُ مِن وُجُوبِ النُّصحِ لِلمُسلِمِينَ وَحُرمَةِ غِشِّهِم وَخِدَاعِهِم، مُوقِنًا أَنَّ كَمَالَ الإِيمَانِ في النُّصحِ، وَأَنَّ إِحسَانَ الرَّبِّ إِلى عَبدِهِ مَقرُونٌ بِإِحسَانِهِ إِلى خَلقِهِ، وَأَنَّ الغِشَّ نَقصٌ لِحَظِّ صَاحِبِهِ مِنَ الدِّينِ، وَحِرمَانٌ لَهُ مِن ثَوَابِ الآخِرَةِ، فَعَن جَرِيرِ بنِ عَبدِاللهِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: بَايَعتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عَلَى إِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصحِ لِكُلِّ مُسلِمٍ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " لا يُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفسِهِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ، وَرَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ وَلَفظُهُ: " لا يَبلُغُ العَبدُ حَقِيقَةَ الإِيمَانِ حَتى يُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا يُحِبُّ لِنَفسِهِ " وَعِندَ مُسلِمٍ قَالَ: " فَمَن أَحَبَّ مِنكُم أَن يُزَحزَحَ عَنِ النَّارِ وَيُدخَلَ الجَنَّةَ، فَلْتَأتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، وَلْيَأتِ إِلى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَن يُؤتَى إِلَيهِ " وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَن غَشَّنَا فَلَيسَ مِنَّا " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " المُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ، لا يَظلِمُهُ وَلا يُسلِمُهُ، وَمَن كَانَ في حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ في حَاجَتِهِ، وَمَن فَرَّجَ عَن مُسلِمٍ كُربَةً فَرَّجَ اللهُ عَنهُ كُربَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

إِنَّ في المُجتَمَعِ اليَومَ خَلَلاً في البُنيَانِ وَآلامًا في الجَسَدِ، تَزدَادُ يَومًا بَعدَ يَومٍ، وَتَتَضَاعَفُ آثَارُهَا حِينًا بَعدَ حِينٍ، لَقَد غُلِّبَتِ المَصَالِحُ الخَاصَّةُ، وَظَهَرَتِ الأُحَادِيَّةُ الفَردِيَّةُ، وَسَادَتِ النَّفعِيَّةُ وَالمُدَاهَنَةُ، وَغَابَت مُرَاعَاةُ المَصَالِحِ العَامَّةِ، وَاستُهِينَ بِحُقُوقِ الآخَرِينَ وَاستُخِفَّ بِمَصَالِحِهِم، يُرَى هَذَا في كَثِيرٍ مِنَ المُؤَسَّسَاتِ عَامَّةً وَخَاصَّةً، وَالَّتي بَدَلاً مِن أَن تَكُونَ مَقَاصِدَ لِلمُستَفِيدِينَ وَمَلاذًا لَلمُحتَاجِينَ، صَارَت شَبَكَاتٍ لِتَبَادُلِ المَصَالِحِ الشَّخصِيَّةِ، وَمَسَارَاتٍ يَتَعَاوَرُ أَهلُهَا المُجَامَلَةَ فِيمَا بَينَهُم، بَل غَدَا بَعضُهَا سِتَارًا لِلتَّخَوُّضِ في الأَموَالِ العَامَّةِ وَتَنَاوُلِ السُّحتِ وَالرَّشَاوَى، وَنَسِيَ كَثِيرُونَ أَو تَنَاسَوا أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ يُوَلاَّهُ المَرءُ مِن أَمرِ العَامَّةِ، فَإِنَّمَا هُوَ تَكلِيفٌ لَهُ لا تَشرِيفٌ، وَأَمَانَةٌ يُقَلَّدُهَا وَثِقَلٌ يَحمِلُهُ عَلَى ظَهرِهِ، وَمَسؤُولِيَّةٌ تُلقَى عَلَى عَاتِقِهِ، وَلَيسَ مَكسَبًا يُغتَنَمُ، وَلا مِضمَارًا لإِبرَازِ الذَّاتِ وَنَيلِ المَدحِ. لَقَد نَسِيَ كَثِيرُونَ أَنَّ مِن وَاجِبِ كُلِّ رَاعٍ وَمَسؤُولٍ وَصَاحِبِ أَمَانَةٍ، أَن يَرعَاهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا، وَيَعدِلَ فِيهَا وَيَنصَحَ، وَيَأخُذَ لِلضَّعِيفِ حَقَّهُ مِنَ القَوِيِّ، وَيَردَعَ القَوِيَّ عَمَّا لَيسَ لَهُ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَلا كُلُّكُم رَاعٍ وَكُلُّكُم مَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَا مِن عَبدٍ يَستَرعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً فَلَم يُحِطْهَا بِنَصِيحَةٍ إِلاَّ لم يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةَ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَا مِن عَبدٍ يَستَرعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَومَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الجَنَّةَ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِنَّ المُقسِطِينَ عِندَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِن نُورٍ عَن يَمِينِ الرَّحمَنِ وَكِلتَا يَدَيهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعدِلُونَ في حُكمِهِم وَأَهلِيهِم وَمَا وَلُوا " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ اللهِ بِغَيرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَنِ استَعمَلنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقنَاهُ رَزقًا، فَمَا أَخَذَ بَعدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ " رَوَاهُ أُبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَعَن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - الرَّاشِيَ وَالمُرتَشِيَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. إِنَّهُ لا يُتَصَوَّرُ - يَا عِبَادَ اللهِ - أَن تُنشَأَ المُؤَسَّسَاتُ لِخِدمَةِ النَّاسِ وَقَضَاءِ حَوَائِجِهِم، وَتُسَنَّ لها الأَنظِمَةُ وَتُوَفَّرَ لها الأَموَالُ مُرَاعَاةً لِمَصَالِحِهِم، ثم تُصبِحَ سَرَادِيبَ مُظلِمَةً، وَمَجَاهِلَ مُوحِشَةً، تَحكُمُهَا الأَهواءُ الشَّخصِيَّةُ، وَتُسَيِّرُهَا الرَّغَبَاتُ النَّفسِيَّةُ، وَيَظهَرُ فِيهَا التَّسَاهُلُ وَالتَّلاعُبُ وَتَعطِيلُ المَصَالِحِ العَامَّةِ، وَيَستَشرِي فِيهَا الفَسَادُ الإِدَارِيُّ وَالمَاليُّ وَالمُحَابَاةُ وَالمُدَاهَنَةُ، أَلا فَلْيَتَّقِ اللهَ مُعَلِّمٌ في مَدرَسَتِهِ وَطُلاَّبِهِ، وَطَبِيبٌ في مُستَشفَاهُ ومُرَاجِعِيهِ، وَرَجُلُ أَمنٍ في مَركَزِهِ وَالمُحتَمِينَ بِهِ، وَلْيَتَّقِ اللهَ كُلُّ مَسؤُولٍ فِيمَا يَخُصُّهُ وَيُنَاطُ بِهِ، فَالأُمَّةُ جَسَدٌ يَحتَاجُ أَعضَاؤُهُ إِلى التَّعلِيمِ وَالتَّطبِيبِ، وَحِفظِ الدِّينِ وَالأَمنِ وَالأَروَاحِ، وَصِيَانَةِ العُقُولِ وَالأَعرَاضِ وَالأَموَالِ، وَتَسوِيَةِ الطُّرُقِ وَتَنظِيمِ الأَسوَاقِ، وَتَوفِيرِ الضَّرُورَاتِ وَسَدِّ الحَاجَاتِ، وَكُلُّ تَسَاهُلٍ مِن مَسؤُولٍ أَو مُوَظَّفٍ، أَو انحِرَافٍ مِن رَجُلِ أَمنٍ أَو مُعَلِّمٍ أَو طَبِيبٍ، أَو مُدَاهَنَةٍ مِن مُدِيرٍ عَلا شَأنُهُ أَو نَزَلَ، فَإِنَّمَا هُوَ ثُلمَةٌ في البِنَاءِ، وَفَتٌّ في العَضُدِ، بَل وَطَعنٌ في جَسَدِ المُجتَمَعِ، سَيَجِدُ صَاحِبُهُ جَزَاءَهُ طَالَ الزَّمَانُ أَو قَصُرَ، فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281] ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58]

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى، وَاحذَرُوا مَا يُسخِطُ رَبَّكُم - جَلَّ وَعَلا - وَاعلَمُوا أَنَّ المُجتَمَعَ سَفِينَةٌ وَالحَيَاةَ بَحرٌ مُتَلاطِمُ الأَموَاجِ، وَأَنَّهُ مَا لم يَتَعَاوَنْ كُلُّ مَن في السَّفِينَةِ عَلَى حِفظِهَا مِنَ الخُرُوقِ، فَستَغرَقُ يَومًا مَا، وَفي هَذَا هَلاكُ الجَمِيعِ صَالحِهِم وَطَالِحِهِم، وَخَسَارَتِهِم لأَروَاحِهِم وَفَقدِهِم لِمُكتَسَبَاتِهِم، أَلا فَلْيَتَّقِ اللهَ الجَمِيعُ فِيمَا وَلُوا، وَلا يَحقِرَنَّ أَحَدٌ ثَغرَهُ الَّذِي هُوَ عَلَيهِ، أَو يَظُنَّ أَنْ لا أَثَرَ لانحِرَافِهِ عَنِ المَسَارِ الصَّحِيحِ وَمُجَانَبَتِهِ طَرِيقَ الصَّوَابِ، أَو تَسَاهُلِهِ في الأَمَانَةِ الَّتي وُلِّيَهَا، فَإِذَا غَابَ المُعَلِّمُ عَن طُلاَّبِهِ وَرَجُلُ الأَمنُ عَن مَوقِعِهِ، وَقَصَّرَ الطَّبِيبُ فَأَعطَاهُمَا إِجَازَةً مَرَضِيَّةً مُزَوَّرَةً، وَتَسَاهَلَ المُدِيرُونَ فَقَبِلُوا هَذَا الخِدَاعَ وَرَضُوا بِذَلِكَ الكَذِبِ، وَسَكَتَ الآخَرُونَ فَلَم يَنصَحُوا لَهُم، فَقُلْ عَلَى الأُمَّةِ السَّلامُ في مُستَقبَلِ أَجيَالِهَا وَأَمنِهَا، وَوَيلٌ لِلمُعَلِّمِ المُضِيعِ وَرَجُلِ الأَمنِ المُتَسَاهِلِ، وَتَبًّا لِذَاكَ الطَّبِيبِ المُتَوَاطِئِ عَلَى الخِيَانَةِ، وَلأُولَئِكَ المُدِيرِينَ الرَّاضِينَ بها، وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ كُلَّ مُسؤُولٍ عَن طَرِيقٍ لِلمُسلِمِينَ لم يُسَوِّهِ، أَو مُرَاقِبًا لِلأَسوَاقِ تَسَاهَلَ في مُرَاقَبَتِهِ، أَو مَن ائتُمِنَ على خِدمَةٍ لإِخوَانِهِ فَمَنَعَهُم إِيَّاهَا ظُلمًا وَهَضمًا وَعُدوَانًا، أَوِ استِخفَافًا وَتَسَاهُلاً، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْيُعطِ كُلٌّ مِنكُمُ الحَقَّ مِن نَفسِهِ، وَلْيَبذُلْ جُهدَهُ في أَدَاءِ وَاجِبِهِ، وَلْيُؤدِ الأَمَانَةَ إِلى مَنِ ائتَمَنَهُ وَلا يَخُنْ مَن خَانَهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وطال البلاء
  • ومن البلاء رحمة
  • الدعاء وقت الرخاء وقبل البلاء
  • نعوذ بالله من المأثم والمغرم
  • مرايا البلاء
  • نعوذ بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء
  • وقفات مع الوباء والبلاء
  • الحكمة من البلاء (1)

مختارات من الشبكة

  • فيح الأزهار من كرم النبي المختار صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وما ظهر غنى؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخطة الصرفية قديما وحديثا(مقالة - حضارة الكلمة)
  • معادن الرجال في الأزمات (خطب)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النبي القدوة -صلى الله عليه وسلم- في الرد على من أساء إليه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك(مقالة - المسلمون في العالم)
  • السياسة النبوية في اكتشاف القدرات وتنمية المهارات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التمييز بين «الرواية» و«النسخة» في «صحيح البخاري»(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آلاف المسلمين يشاركون في إعادة افتتاح أقدم مسجد بمدينة جراداتشاتس(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/5/1447هـ - الساعة: 15:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب