• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرد على شبهات حول صيام عاشوراء
    د. ثامر عبدالمهدي محمود حتاملة
  •  
    صلة السنة بالكتاب
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    خطبة: ماذا بعد الحج
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    خطبة في فقه الجزية وأحكام أهل الذمة
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تفسير: (قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الستر فريضة لا فضيحة (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    فوائد ترك التنشيف بعد الغسل والوضوء
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    إطعام الطعام من خصال أهل الجنة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    صفة الوضوء
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    التمييز بين «الرواية» و«النسخة» في «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    أسماء الله الحسنى من خلال الجزء (السابع والعشرون) ...
    محمد نور حكي علي
  •  
    شرح متن طالب الأصول: (1) معنى البسملة
    أبو الحسن هشام المحجوبي ويحيى بن زكرياء ...
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القريب، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    قبسات من علوم القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

العبادة في الهرج

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/4/2013 ميلادي - 17/6/1434 هجري

الزيارات: 12958

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العبادة في الهرج


أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

خَلَقَ اللهُ - تَعَالى - العِبَادَ لِغَايَةٍ جَلِيلَةٍ، وَوَعَدَهُم إِنْ هُم آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالتَّمكِينِ في الدُّنيَا، وَالفَوزِ بِالجَنَّةِ في الأُخرَى، قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿  وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿  وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصَّالحَاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم في الأَرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دِينَهُمُ الَّذِي ارتَضَى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمنًا يَعبُدُونَني لا يُشرِكُونَ بي شَيئًا وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعبُدُونِ * كُلُّ نَفسٍ ذَائِقَةُ المَوتِ ثُمَّ إِلَينَا تُرجَعُونَ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِنَ الجَنَّةِ غُرَفًا تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعمَ أَجرُ العَامِلِينَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [العنكبوت: 56 - 59] وَقَد جَعَلَ اللهُ - تَعَالى - مِن دُونِ تِلكَ الغَايَةِ العَظِيمَةِ صَوَارِفَ وَمُلهِيَاتٍ، لِيَبتَلِيَ عِبَادَهُ أَيُّهُم أَحسَنُ عَمَلاً، وَلِيَختَبِرَهُم أَيُّهُم أَقوَى إِيمَانًا وَأَشَدُّ صَبرًا، قَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُترَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُم لَا يُفتَنُونَ * وَلَقَد فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبلِهِم فَلَيَعلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعلَمَنَّ الكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 2، 3] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ أَم حَسِبتُم أَن تَدخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُم وَيَعلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 142].


وَإِنَّ مِن أَعظَمِ مَا يَصرِفُ القُلُوبَ عَن عَلاَّمِ الغُيُوبِ، وَيَذهَبُ بِلُبِّ المَرءِ عَمَّا يُصلِحُ شَأنَهُ في دُنيَاهُ وَيُنجِيهِ في أُخرَاهُ، تِلكَ الفِتَنَ الَّتي تَمُوجُ بِالنَّاسِ وَتَعصِفُ بِالأَفئِدَةِ، وَتَتَوَالى سُحُبُهَا عَلَى المُجتَمَعَاتِ عَامًا بَعدَ عَامٍ، فَلا يَأتي عَلَى النَّاسِ عَامٌ إِلاَّ وَالَّذِي بَعدَهُ شَرٌّ مِنهُ، وَقَد أَرشَدَ الحَبِيبُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - أُمَّتَهُ إِلى مَا فِيهِ نَجَاتُهُم وَخَلاصُهُم، فَحَثَّهُم عَلَى العِبَادَةِ في الهَرجِ وَأَوقَاتِ الفِتَنِ، وَعَدَّ ذَلِكَ مِن أَفضَلِ الأَعمَالِ وَأَحَبِّهَا إِلى اللهِ، فَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "العِبَادَةُ في الهَرجِ كَهِجرَةٍ إِلَيَّ" رَوَاهُ مُسلِمٌ. فَالعِبَادَةُ في الفِتنَةِ كَالهِجرَةِ، وَالهِجرَةُ في الإِسلامِ وَلا سِيَّمَا في زَمَنِ الغُربَةِ وَالفِتنَةِ سَبَبٌ لِلمَغفِرَةِ وَالرَّحمَةِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِن بَعدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 110] في أَوقَاتِ الفِتَنِ - وَمَا أَكثَرَهَا في هَذَا الزِّمَانِ - تَتَفَرَّقُ القُلُوبُ وَتَتَشَتَّتُ النُّفُوسُ، وَتَذهَلُ العُقُولُ وَتَختَلِفُ المَوَازِينُ، وَيَختَلِطُ الحَقُّ بِالبَاطِلِ وَيَخفَى الصَّوَابُ، وَتَضعُفُ الهِمَمُ وَتَطِيشُ الأَحلامُ وَيَغلِبُ اتِّبَاعُ الهَوَى، وَيَكُونُ النَّاسُ في أَمرٍ مَرِيجٍ وَيُصرَفُونَ عَنِ الهُدَى، وَيَكثُرُ أَئِمَّةُ الضَّلالِ وَيَبرُزُ رُؤُوسُ الزَّيغِ، وَيُصبِحُ المَعرُوفُ مُنكَرًا وَالمُنكَرُ مَعرُوفًا، وَيَنصَرِفُ النَّاسُ إِلى الزَّخَارِفِ وَيَطمَئِنُّونَ إِلى الدُّنيَا، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ لا أَعَزَّ مِن مُؤمِنٍ يُهَاجِرُ إِلى رَبِّهِ بِقَلبِهِ، وَيُحَلِّقُ بِنَفسِهِ عَمَّا فِيهِ غَيرُهُ مِن اختِلاطٍ وَاضطِرَابٍ، وَيُفَارِقُ مُجتَمَعَاتِ الفَسَادِ وَالإِفسَادِ، وَيَكُونُ كَالسَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ إِلى الإِسلامِ، الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم وَأَموَالِهِم وَأَهلِيهِم، وَتَرَكُوا البُلدَانَ وَفَارَقُوا الأَوطَانَ، وَخَرَجُوا إِلى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَاتَّبعُوهُ وَجَاهَدُوا مَعَهُ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

في أَوقَاتِ الفِتَنِ، تَعظُمُ الصَّوَارِفُ وَتَكثُرُ المُلهِيَاتُ، وَتَشتَدُّ غُربَةُ الدِّينِ وَيَغفُلُ النَّاسُ وَيَذهَلُونَ، وَيُصرَفُونَ عَن رَبِّهِم وَقَد يُخذَلُونَ، وَتَعظُمُ إِذْ ذَاكَ حَاجَتُهُم إِلى مَا يُعِيدُ إِلى قُلُوبِهِم سَكَنَهَا، وَيُضطَرُّونَ إِلى مَا يَمنَحُهَا هُدُوءَهَا وَيجلِبُ إِلَيهَا طُمَأنِينَتَهَا وَرَاحَتَهَا، وَلَيسَ ذَاكَ إِلاَّ في كَثرَةِ عِبَادَتِهِم لِرَبِّهِم وَإِقبَالِهِم عَلَيهِ. وَمَا أَقَلَّ الرِّجَالَ العَابِدِينَ حِينَئِذٍ وَمَا أَعَزَّ وُجُودَهُم ! وَمَا أَمَرَّ تَجَرُّعَهُم لِلصَّبرِ وَأَشَدَّ قَبضِهِم عَلَى الجَمرِ، وَمَن كَانَ مِن أُولَئِكَ القِلَّةِ، فَهُوَ المُبشَرُ بِقَولِ الحَبِيبِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - لأَصحَابِهِ: "إِنَّ مِن وَرَائِكُم أَيَّامًا الصَّبرُ فِيهِنَّ مِثلُ القَبضِ عَلَى الجَمرِ، لِلعَامِلِ فِيهِنَّ مِثلُ أَجرِ خَمسِينَ رَجُلاً مِنكُم" رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

يَفهَمُ بَعضُ النَّاسِ أَنَّ الهِجرَةَ في أَزمِنَةِ الفِتَنِ، هِيَ اعتِزَالُ النَّاسِ وَمُصَارَمَتُهُم وَالانصِرَافُ الكُلِّيُّ عَنهُم، وَلُزُومُ المَسَاجِدِ أَوِ البُيُوتِ لِصَلاةٍ أَو ذِكرٍ أَو قِرَاءَةِ قُرآنٍ أَو دُعَاءٍ، وَوَاللهِ إِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ وَمَشرُوعٌ في زَمَنٍ مَا، حَيثُ قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فِيمَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ: "يُوشِكُ أَن يَكُونَ خَيرَ مَالِ المُسلِمِ غَنَمٌ يَتَّبِعُ بها شَعَفَ الجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ" غَيرَ أَنَّ هَذَا لَيسَ بِأَفضَلَ وَلا أَكثَرَ أَجرًا مِمَّن يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصبِرُ عَلَى أَذَاهُم، وَيَسعَى في نَفعِهِم وَتَوجِيهِهِم وَتَعلِيمِهِمُ الخَيرَ وَدِلالَتِهِم عَلَيهِ، وَيَكُونُ بِقِيَامِهِ بِأَمرِ اللهِ بَينَهُم خَيرَ قُدوَةٍ لَهُم وَأُسوَةٍ، فَعَن أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: أَيُّ النَّاسِ أَفضَلُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "مُؤمِنٌ يُجَاهِدُ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ في سَبِيلِ اللهِ" قَالَ: ثم مَن؟ قَالَ: "ثم رَجُلٌ مُعتَزِلٌ في شِعبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعبُدُ رَبَّهُ" وَفي رِوَايَةٍ: "يَتَّقِي اللهَ وَيَدَعُ النَّاسَ مِن شَرِّهِ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ وَغَيرُهُمَا. نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - حِينَ تَستَحكِمُ الغُربَةُ في زَمَانٍ أَو مَكَانٍ مَا، وَيَخَافُ المُؤمِنُ عَلَى نَفسِهِ الفِتَنَ وَلا يَقوَى عَلَى المُدَافَعَةِ وَلا يَصبِرُ عَلَى المُجَاهَدَةِ، فَلا سَبِيلَ لَهُ لِلنَّجَاةِ حِينَئِذٍ إِلاَّ أَن يَعتَزِلَ، أَمَّا وَالإِسلامُ قَائِمٌ وَمَا زَالَ لأَهلِهِ اجتِمَاعٌ، وَفِيهِم مَن يَحمِلُ الحَقَّ وَيُبَيِّنُ لَهُمُ الطَّرِيقَ، فَإِنَّ السَّبِيلَ - وَإِن كَثُرَتِ الفِتَنُ - اعتِصَامُ الجَمِيعِ بِحَبلِ اللهِ، وَبَقَاؤُهُم مُتَواصِينَ عَلَى دِينِ اللهِ، وَالجِدُّ فِيمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَيُثَبِّتُهُم عَلَى الحَقِّ وَيُلزِمُهُمُ الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ، وَكُلُّ إِنسَانٍ يَعرِفُ مِن نَفسِهِ مَا جُبِلَت عَلَيهِ وَمَا تُطِيقُهُ وَتَصبِرُ عَلَيهِ، فَمَن أَطَاقَ طُولَ القِيَامِ في الأَسحَارِ وَكَثرَةَ الصَّلاةِ فَلْيَفعَلْ، وَمَن فُتِحَ لَهُ في البَذلِ وَالصَّدَقَةِ فَلْيَلزَمْ، وَمَن سَهُلَت عَلَيهِ قِرَاءَةُ كِتَابِ رَبِّهِ وَانصَرَفَ إِلى تِلاوَتِهِ فَلْيَستَكثِرْ، وَمَن كَانَ مِن أَهلِ العِلمِ أَوِ الدَّعوَةِ فَلْيَصبِرْ، وَذِكرُ اللهِ بَابٌ عَظِيمٌ لِمَن أُلهِمَهُ، وَصِيَامُ النَّافِلَةِ بَابٌ لِمَن قَدِرَ عَلَيهِ، وَنَفعُ النَّاسِ عِبَادَةٌ وَكَفُّ الأَذَى عَنهُم صَدَقَةٌ، وَالمَقصُودُ أَلاَّ يَنقَطِعَ المُؤمِنُ مِنَ العِبَادَةِ وَيَنجَرِفَ مَعَ الفِتَنِ وَتَزِلَّ بِهِ القَدَمُ، فَيَكُونَ مِمَّن قَالَ اللهُ - سُبحَانَهُ - فِيهِم: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعبُدُ اللهَ عَلَى حَرفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيرٌ اطمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتهُ فِتنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجهِهِ خَسِرَ الدُّنيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الخُسرَانُ المُبِينُ ﴾ [الحج: 11] أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَكثِرُوا مِنَ الطَّاعَاتِ وَتَزَوَّدُوا مِنَ البَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ، وَأَخلِصُوا للهِ وَكُونُوا لَهُ عَابِدِينَ، فَإِنَّكُم في زَمَنٍ تَتَوَالى فِتَنُهُ وَتَنتَشِرُ انتِشَارَ النَّارِ في الهَشِيمِ، وَلا مَنجَأَ مِن ذَلِكَ وَلا مَلجَأَ إِلاَّ المُسَارَعَةُ إِلى الأَعمَالِ الصَّالِحَةِ وَاتِّخَاذُهَا زَادًا لِلمَعَادِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "بَادِرُوا بِالأَعمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ، يُصبِحُ الرَّجُلُ مُؤمِنًا وَيُمسِي كَافِرًا، وَيُمسِي مُؤمِنًا وَيُصبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنيَا" رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَعَن أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - قَالَت: استَيقَظَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لَيلَةً فَزِعًا يَقُولُ: "سُبحَانَ اللهِ ! مَاذَا أُنزِلَ اللَّيلَةَ مِنَ الخَزَائِنِ، وَمَاذَا أُنزِلَ مِنَ الفِتَنِ، مَن يُوقِظُ صَوَاحِبَ الحُجُرَاتِ لِكَي يُصَلِّينَ؟ رُبَّ كَاسِيَةٍ في الدُّنيَا عَارِيَةٍ في الآخِرَةِ" أَخرَجَهُ البُخَارِيُّ.


اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ...

 

الحطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوا لَهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ مِن أَعظَمِ العِبَادَةِ في أَزمِنَةِ الفِتَنِ الصَّبرَ وَعَدَمَ الاستِعجَالِ، وَالابتِعَادَ عَن مَوَاطِنِ الفِتَنِ وَالتَّعَوُّذَ بِاللهِ مِنهَا وَكَثرَةَ الدُّعَاءِ، وَرَدَّ مَا اشتُبِهَ فِيهِ أَوِ اختُلِفَ عَلَيهِ إِلى أَهلِ العِلمِ الرَّاسِخِينَ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَاصبِرْ إِنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ وَاستَغفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمدِ رَبِّكَ بِالعَشِيِّ وَالإِبكَارِ ﴾ [غافر: 55] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُم أَمرٌ مِنَ الأَمنِ أَوِ الخَوفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَو رَدُّوهُ إِلى الرَّسُولِ وَإِلى أُولي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَستَنبِطُونَهُ مِنهُم وَلَولَا فَضلُ اللهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لَاتَّبَعتُمُ الشَّيطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [النساء: 83] وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ القَاعِدُ فِيهَا خَيرٌ مِنَ القَائِمِ، وَالقَائِمُ خَيرٌ مِنَ المَاشي، وَالمَاشي خَيرٌ مِنَ السَّاعي، مَن يَستَشرِفْ لها تَستَشرِفْهُ، فَمَنِ استَطَاعَ أَن يَعُوذَ بِمَلجَأٍ أَو مَعَاذٍ فَلْيَفعَلْ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَعَن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: بَينَمَا نَحنُ حَولَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إِذْ ذَكَرَ الفِتنَةَ فَقَالَ: "إِذَا رَأَيتُمُ النَّاسَ قَد مَرِجَت عُهُودُهُم وَخَفَّت أَمَانَاتُهُم وَكَانُوا هَكَذَا - وَشَبَّكَ بَينَ أَصَابِعِهِ - قَالَ: فَقُمتُ إِلَيهِ فَقُلتُ: كَيفَ أَفعَلُ عِندَ ذَلِكَ جَعَلِني اللهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: "اِلزَمْ بَيتَكَ، وَابكِ عَلَى نَفسِكَ، وَاملِكْ عَلَيكَ لِسَانَكَ، وَخُذْ مَا تَعرِفُ وَدَعْ مَا تُنكِرُ، وَعَلَيكَ بِأَمرِ خَاصَّةِ نَفسِكَ وَدَعْ عَنكَ أَمرَ العَامَّةِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حديث: يتقارب الزمان، وينقص العمل، ويلقى الشح، ويكثر الهرج...
  • بين العادة والعبادة
  • زمن الهرج
  • أصحاب العبادة الضائعة
  • العبادة في الهرج (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: ماذا بعد الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إزالة الغفلة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مراتب المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم فيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العبادة في الهرج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة من أشراط الساعة كثرة الهرج والمرج 16-10-1434هـ(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • وماذا بعد الهرج ؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ورع وإخلاص طلاب علم الأمس... مشاعل تنير دروب الحاضر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)

 


تعليقات الزوار
1- شكر وثناء
بوزيد خالدي - الجزائر 12/09/2013 08:46 PM

هذي الموعظة حرية بالواعظين في هذي الايام

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/1/1447هـ - الساعة: 23:22
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب