• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وجادلهم بالتي هي أحسن}
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    القمار والميسر... متعة زائفة، وعاقبة مؤلمة
    بدر شاشا
  •  
    ومضات نبوية: "يا حنظلة ساعة وساعة"
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    من تجالس؟ (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن الزهد
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة النيبالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    ذكر الموت زاد الحياة (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    تفسير: (قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب)
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: أن رجلا مر على النبي صلى الله عليه ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الحديث الرابع عشر: المحافظة على أمور الدين وسد ...
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    منزلة أولياء الله (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    صفة العلم الإلهي
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    ماذا قدموا لخدمة الدين؟ وماذا قدمنا نحن؟ (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    فقه مرويات ضرب الزوجة في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الشرط السابع من شروط الصلاة: ستر العورة
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: عظمة أخلاقه
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وقصة هرقل ملك الروم (خطبة)

دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وقصة هرقل ملك الروم (خطبة)
أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/1/2024 ميلادي - 15/7/1445 هجري

الزيارات: 10010

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دَعْوَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِصَّةُ هِرَقْلَ مَلِكِ الرُّوُمِ


الخُطْبَةُ الأُوْلَى

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمِدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

فَمَا زَالَ الحَدِيْثُ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنِ «السِّيْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ»، وَحَدِيْثِي مَعَكُمْ اليَوْمَ عَنْ «دَعْوَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِصَّةُ هِرَقْلَ مَلِكِ الرُّمِ».


أَيُّهَا النَّاسُ - قَدَّ تَبَيَّنَ لِكُلِّ ذِي بَصِيْرَةٍ أَنَّ رَسُولَنَا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بِرِسَالَةِ الحَقِّ، بِالدِّيْنِ الخَاتِمِ لِلنَّاسِ كَافَّةً، بَلْ لِلْجِنِّ وَالإِنْسِ.

 

قَالَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سبأ: 28].

 

وَقَالَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].

 

وَقَالَ-سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 158].

 

وَفِي «الصَّحِيْحَيْنِ»[1]، مِنْ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَكْمَلَهُ، إِلا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ: هَلا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ ؟، قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ».

 

فَمَا هِيَ دَعْوَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا الَّذِي يَدْعُوَ إِلَيْهِ.

 

فَأَمَّا دَعْوَتَهُ - أَيُّهَا النَّاسُ - وَالَّذِي يَدْعُو إِلَيْهِ، فَهُوَ الدِّيْنِ كُلُّهُ، الشَّرْعُ الَّذِي أَكْمَلَهُ اللهُ لَهُ، وَمَكَارِمِ الأَخْلاَقِ الَّذِي بَعَثَهُ اللهُ مُتَمِّمًا مُكَمِّلًا لَهَا، وَسَوْفَ أُشِيْرُ إِلَى ذَلِكَ - أَيُّهَا النَّاسُ - مِنْ خِلاَلِ بَعْضِ المَوَاقِفِ:

المَوْقِفُ الأَوَّلُ: مَوْقِفٌ عَظِيْمٌ نَقَلَهُ لَنَا التَّارِيْخُ بَيْنَ رَجُلٍ، هُوَ قَيْصَرُ الرُّوْمِ صَاحِبُ العِلْمِ بِالنُّجُومِ وَالعِلْمِ بِالمَسِيْحِيَّةِ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ رَسُولُ آخِرِ الزَّمَانِ وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ لَمْ يَدْخُلْ فِي الإِسْلَامِ بَعْدُ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَدَاوَةَ لِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَاسْمَعُوا - أَيُّهَا النَّاسُ - إِلَى هَذَا الحِوَارِ الَّذِي دَارَ بَيْنَهُمَا وَمَا انْتَهَى إِلَيْهِ.

 

فَفِي «الصَّحِيْحَيْنِ»[2]، مِنْ حَدِيْثِ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -: « أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ.

 

فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا فَقَالَ أَدْنُوهُ مِنِّي وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُمْ: إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ، فَوَاللهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ، ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ: كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ، قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ.

 

قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ، فَقُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، قَالَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ، قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟، قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟.

 

قُلْتُ: لَا وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا، قَالَ: وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ، قُلْتُ: الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ، يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ، قَالَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ، قُلْتُ: يَقُولُ اعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ.

 

فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ قُلْ لَهُ: سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا فَقُلْتُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ.

 

وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا قُلْتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللهِ.

 

وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ، فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمْ اتَّبَعُوهُ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الْإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ.

 

وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ، وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ، فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ.

 

ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ، فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64].

 

قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ، وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ، وَارْتَفَعَتْ الْأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ.

 

وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ سُقُفًّا عَلَى نَصَارَى الشَّأْمِ، يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ: قَدْ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ قَالَ ابْنُ النَّاظُورِ: وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلِكَ الْخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ، فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ ؟، قَالُوا: لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلَّا الْيَهُودُ فَلَا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ وَاكْتُبْ إِلَى مَدَايِنِ مُلْكِكَ فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنْ الْيَهُودِ.

 

فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ أُتِيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ: اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لَا ؟، فَنَظَرُوا إِلَيْهِ فَحَدَّثُوهُ، أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ وَسَأَلَهُ عَنْ الْعَرَبِ، فَقَالَ: هُمْ يَخْتَتِنُونَ.

 

فَقَالَ هِرَقْلُ: هَذَا مُلْكُ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَةَ، وَكَانَ نَظِيرَهُ فِي الْعِلْمِ وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ، فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْيَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ نَبِيٌّ فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ.

 

ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ؛ هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلَاحِ وَالرُّشْدِ وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ، فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الْأَبْوَابِ فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ وَأَيِسَ مِنْ الْإِيمَانِ، قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ، وَقَالَ: إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ».

 

وَخُلاَصَةُ القَوْلِ مِنْ هَذِهِ الوَقْفَةِ بِأَنَّ عَظِيْمُ الرُّوْمِ أقَرَّ بِنُبُوَّةِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا عُلِمَ مِنْ صِفَاتِهِ وَشَمَائِلِهِ، وَالَّتِي اضْطَرَّ أَبُو سُفْيَانَ أَنْ يُقِرَّ بِهِا، وَمِنْ خِلاَلِ التَّوْحِيْدِ الَّذِي يَدْعُو إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَكَارِمِ الأَخْلاَقِ، وَحَتَّى أَوْشَكَ هِرَقْلُ أَنْ يَدْخُلَ فِي ا لإِسْلَامِ، لَوْلَا غَلَبَةُ نَفْسِهِ وَهَوَاهُ عَلَيْهِ، فَخَشِيَ عَلَى زَوَالِ مُلْكِهِ فِي الدُّنْيَا، وَأَثَرَ مُلْكَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ.

 

وَأَسْتَغْفِرُ اللهُ.

 

دَعْوَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِصَّةُ

مَلِكِ الحَبَشَةِ أَصْحَمَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

 

الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ المُرْسَلِيْنَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَتَقَدَّمَ الحَدِيْثِ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنْ «قِصَّةِ هِرَقْلَ مَلِكِ الرُّوُمِ»، وَذَكَرْتُ لَكُمْ مَوْقِفًا مَعَ عَظِيْمِ الرُّومِ هِرَقْلَ، وَالمَوْقِفُ الثَّانِي مَعَ مَلِكِ الحَبَشَةِ، وَاسْمُهُ أَصْحَمَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - وَكَانِ مِمَّنْ حَسُنَ إِسْلَاَمُهُ وَلَمْ يُهَاجِرْ.

 

فَفِي «مُسْنَدِ» أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «فِقْهِ السِّيْرَةِ» [3]، تَرْوِيْهِ لَنَا أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَلِكَ بَعْدَمَا هَاجَرَ بَعْضُ المُسْلِمِيْنَ إِلَى الحَبَشَةِ، وَأَرَادَتْ قُرَيْشُ أَنْ تُعِيْدُهُمْ إِلَى قَبْضَتِهَا، لِتُنْزِلَ بِهِمُ العَذَابَ والنِّكَالَ، فَاحْتَالَتْ قُرَيْشُ وَأَرْسَلَتْ رَجُلَيْنِ إِلَى النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الحَبَشَةِ، لِإحْدَاثِ فِتْنَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المُسْلِمِيْنَ المُهَاجِرِيْنَ عِنْدَهُ، فَأَرْسَلَ النَّجَاشِيُّ إِلَى مَنْ عِنْدَهُ مِنَ المُسْلِمِيْنَ وَسَأَلَهُمْ فَقَالَ: مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي دِينِي وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ؟

 

قَالَتْ: فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيئُ الْجِوَارَ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا، نَعْرِفُ نَسَبَهُ، وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ، مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَ بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ، لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ.

 

قَالَ: فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ، وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ، فَعَبَدْنَا اللهَ وَحْدَهُ فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا، فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُونَا فَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا ؛ لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللهِ، وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْ الْخَبَائِثِ، وَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَشَقُّوا عَلَيْنَا، وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا، خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ، وَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ وَرَجَوْنَا، أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ!.

 

قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ: هَلْ مَعَكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ عَنْ اللهِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: نَعَمْ فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ: فَاقْرَأْهُ عَلَيَّ فَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدْرًا مِنْ ﴿ كهيعص ﴾ [مريم: 1]، قَالَتْ: فَبَكَى وَاللهِ النَّجَاشِيُّ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ، وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَهُمْ حِينَ سَمِعُوا مَا تَلَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ: إِنَّ هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ، انْطَلِقَا فَوَاللهِ لَا أُسْلِمُهُمْ إِلَيْكُمْ أَبَدًا وَلَا أَكَادُ.

 

ثُمَّ قَالَ: اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سُيُومٌ بِأَرْضِي، وَالسُّيُومُ الْآمِنُونَ، مَنْ سَبَّكُمْ غَرِمَ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي دَبْرَ ذَهَبٍ وَأَنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ، وَالدَّبْرُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ الْجَبَلُ، رُدُّوا عَلَيْهِمَا هَدَايَاهُمَا فَلَا حَاجَةَ لَنَا بِهَا، فَوَاللهِ مَا أَخَذَ اللهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي فَآخُذَ الرِّشْوَةَ فِيهِ، وَمَا أَطَاعَ فِيَّ النَّاسَ فَأُطِيعَهُمْ فِيهِ.

 

قَالَتْ فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنِ مَرْدُودًا عَلَيْهِمَا مَا جَاءَا بِهِ، وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ مَعَ خَيْرِ جَارٍ».

 

وَخُلاَصَةُ القَوْلِ - أَيُّهَا النَّاسُ - أَنَّهُ مِنْ خِلَالِ المَوْقِفَيْنِ مَوْقِفِ نِتَعَارِفُ عَلَى دَعْوَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ خِلَالِ مَوْقِفِ هِرَقْلٍ وَاسْتِدْلَاله عَلَى صِدْقِ نُبُوَّةِ نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ أَبِي سُفْيَانَ، وَكَذَلِكَ مَوْقِفُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَاسْتِدْلاَلِهِ عَلَى نُبُوَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاصْطِفَاء اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- لَهُ مِنْ حَيْثِ النَّسَبِ وَالصِّفَاتِ وَالشَّمَائِلِ ثُمَّ دَعْوَةُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى التَّوْحِيْدِ وإِلَى مَكَارِمِ الأَخْلاَقِ.

 

فَمِنْ خِلاَلِ المَوْقِفَيْنِ عَرَفْنَا أُصُولَ وَمَبَادِئَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

 

وَفَّقَنَا اللهُ جَمِيْعًا لِلعِلْمِ النَّافِعِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، وَجَعَلَنَا هُدَاةً مُهْتَدِيْنَ.

 

وَأَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، وَصَرَفَ عَنَّا خِزْيَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَانْقِلْنَا مِنْ ذُلِّ المَعْصِيَةِ إِلَى عِزِّ الطَّاعَةِ، وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيْرٍ.

 

وَسُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.



[1] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3535)، وَمُسْلِمٌ (2286).

[2] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (7)، وَمُسْلِمٌ (1773).

[3] (صَحِيْحٌ) أَخْرَجَهُ أَحْمَد (1 /401-402)، وَصَّحَحَهُ الأَلْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ- فِي «صَحِيْحِ السِّيْـرَةِ» (115).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الفطرة في التصديق بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم
  • دعوة النبي صلى الله عليه وسلم أهل الكتاب إلى الإسلام (خطبة)
  • شعرات النبي صلى الله عليه وسلم: دراسة حديثية تاريخية
  • من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم
  • طفولة النبي صلى الله عليه وسلم
  • إرهاصات نبوته - صلى الله عليه وسلم - ونزول الوحي
  • النبي القدوة -صلى الله عليه وسلم- في الرد على من أساء إليه (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الموازنة بين دعائه صلى الله عليه وسلم لأمته وبين دعاء كل نبي لأمته(مقالة - ملفات خاصة)
  • وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان (بطاقة)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • دعوة للمراجعة في التعامل مع التفسير المأثور(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دعوة للإبداع والابتكار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استجابة الله تعالى لأدعية النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة الرجال الثلاثة الذين أغلق عليهم الغار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سر عظيم لاستجابة الدعاء الخارق (زكريا، ومريم عليهما السلام)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في وداع سماحة شيخنا المفتي عبدالعزيز آل الشيخ(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • دعاء الشفاء ودعاء الضائع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث دعوات المكروب(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/5/1447هـ - الساعة: 17:35
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب