• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بلقيس وانتصار الحكمة
    حسام كمال النجار
  •  
    مجالات التيسير والسماحة في الشريعة الإسلامية
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    تحريم إنكار مشيئة الله تعالى أو مشيئة المخلوق
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    أشهد أن نبيـنا وسيدنا محمدا قد بلغ رسالة ربه ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    هل تحدثت عن نعم ربك؟
    حسين أحمد عبدالقادر
  •  
    وقفات تربوية مع سيد الأخلاق
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    حسن الظن بالمسلمين (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    تعظيم شعائر الله تعالى (درس 1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    وحدة الصف (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الهدوء لغة الأرواح الجميلة
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    الموازنة بين دعائه صلى الله عليه وسلم لأمته وبين ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (36) «من نفس ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    فضل كلمة «لا حول ولا قوة إلا بالله»
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    فوائد من طلب العلم وتعليمه والدعوة إليه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    الأربعة الذين أدخلوا رواية الحديث في الأندلس
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عيش النبي صلى الله عليه وسلم سلوة للقانع وعبرة ...
    السيد مراد سلامة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

العلم بالله تعالى (4) من مظاهر ربوبية الله تعالى

العلم بالله تعالى (4) من مظاهر ربوبية الله تعالى
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/6/2021 ميلادي - 8/11/1442 هجري

الزيارات: 14530

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العلم بالله تعالى (4)

من مظاهر ربوبية الله تعالى


﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ * هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ * وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾ [الْأَنْعَامِ: 1 - 3]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ رَبٌّ قَدِيرٌ كَرِيمٌ رَحِيمٌ، خَلَقَ الْخَلْقَ فَدَبَّرَهُمْ، وَهَدَاهُمْ لِمَا يُصْلِحُهُمْ، وَدَلَّهُمْ عَلَى مَا يَنْفَعُهُمْ، وَصَرَفَهُمْ عَمَّا يَضُرُّهُمْ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ عَرَّفَ أُمَّتَهُ بِرَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ، وَدَلَّهُمْ عَلَى دِينِهِ، وَبَلَّغَهُمْ كِتَابَهُ، وَفَصَّلَ لَهُمْ شَرِيعَتَهُ، فَمَنْ أَطَاعَهُ سَعِدَ وَفَازَ، وَمَنْ عَصَاهُ خَسِرَ وَخَابَ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا هَدَاكُمْ إِلَيْهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ سُبْحَانَهُ وَمَعْرِفَةِ دِينِهِ؛ فَتِلْكَ أَشْرَفُ الْمَعَارِفِ وَأَنْفَعُهَا لِأَصْحَابِهَا ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [الزُّمَرِ: 9].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مَظَاهِرُ رُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْوُجُودِ لَا يُحْصِيهَا غَيْرُهُ سُبْحَانَهُ؛ فَهِيَ مِنَ الْكَثْرَةِ وَالتَّنَوُّعِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَا يُمَارِي فِيهَا إِلَّا مُكَابِرٌ، وَلَا يَجْحَدُهَا إِلَّا مُغَالِطٌ ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ [النَّمْلِ: 14].

 

وَمِنْ مَظَاهِرِ رُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى: إِحْسَاسُ الْخَلْقِ بِالْفَقْرِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَضَرُورَةِ اللُّجُوءِ إِلَيْهِ فِي الشَّدَائِدِ ﴿قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ﴾ [الْأَنْعَامِ: 63- 64]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [يُونُسَ: 22- 23].

 

وَنَجَاةُ الْعِبَادِ مِنَ الْكُرُوبِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِجَابَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِدُعَائِهِمْ، وَهَذَا مَظْهَرٌ عَظِيمٌ مِنْ مَظَاهِرِ رُبُوبِيَّتِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفِي تَعْدَادِ أَدِلَّةِ الرُّبُوبِيَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النَّمْلِ: 62].

 

وَمِنْ مَظَاهِرِ رُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى: هِدَايَةُ الْخَلْقِ لِمَصَالِحِهِمْ، وَهَرَبُهُمْ مِمَّا يَكُونُ خَطَرًا عَلَيْهِمْ، وَهَذَا الْمَظْهَرُ فِي الرُّبُوبِيَّةِ احْتَجَّ بِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى فِرْعَوْنَ حِينَ أَنْكَرَ الرُّبُوبِيَّةَ ﴿قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ [طه: 49- 50].

 

فَمَنْ هَدَى الطِّفْلَ الْمَوْلُودَ إِلَى الْتِقَامِ الثَّدْيِ وَمَصِّهِ لِاسْتِخْرَاجِ غِذَائِهِ فَوْرَ وِلَادَتِهِ؟ وَمَنْ هَدَاهُ إِلَى الْخَوْفِ مِمَّا يَضُرُّهُ؟ وَمَنْ هَدَى الْحَيَوَانَ الْمُفْتَرِسَ إِلَى الْعَطْفِ عَلَى وَلَدِهِ وَالْقِتَالِ دُونَهُ؟ وَمَنْ هَدَى الْحَيَوَانَ الْأَعْجَمَ إِلَى مَحَبَّةِ مَنْ يُحْسِنُ إِلَيْهِ، وَانْتِقَامِهِ مِمَّنْ يُؤْذِيهِ؟ وَمَنْ هَدَى الْمَجَانِينَ وَالْأَطْفَالَ وَالْحَيَوَانَاتِ إِلَى الْهَرَبِ مِنَ النَّارِ، وَالْخَوْفِ مِنَ الْمُرْتَفَعَاتِ، وَالْحَذَرِ مِنَ السُّقُوطِ فِي أَعَالِيهَا؟ وَمَنْ هَدَى الْحَيَوَانَاتِ وَالطُّيُورَ وَالْحَشَرَاتِ إِلَى جَمْعِ أَرْزَاقِهَا وَبِنَاءِ بُيُوتِهَا؟ وَمَنْ هَدَاهَا لِلتَّزَاوُجِ وَالتَّكَاثُرِ لِتَحْقِيقِ سُنَّةِ التَّسْخِيرِ وَعِمَارَةِ الْأَرْضِ بِالْمَخْلُوقَاتِ الْمُنَوَّعَةِ. وَهَذَا الْمَظْهَرُ مِنْ مَظَاهِرِ الرُّبُوبِيَّةِ لَا يَنْقَضِي؛ فَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ حَيَوَانٍ وَفِي كُلِّ طَيْرٍ وَفِي كُلِّ وَحْشٍ وَفِي كُلِّ حَشَرَةٍ فِي الْبَرِّ وَفِي الْبَحْرِ، فَسُبْحَانَ مَنْ هَدَى الْخَلْقَ إِلَى مَصَالِحِهِمْ، وَسُبْحَانَ مَنْ عَلَّمَهُمُ اتِّقَاءَ الْمَخَاطِرِ ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ * وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الْأَنْعَامِ: 38- 39].

 

«وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى الْخَالِقِ لَهَا سُبْحَانَهُ، وَعَلَى إِتْقَانِ صُنْعِهِ، وَعَجِيبِ تَدْبِيرِهِ، وَلَطِيفِ حِكْمَتِهِ؛ فَإِنَّ فِيمَا أَوْدَعَهَا مِنْ غَرَائِبِ الْمَعَارِفِ، وَغَوَامِضِ الْحِيَلِ، وَحُسْنِ التَّدْبِيرِ، وَالتَّأَنِّي لِمَا تُرِيدُهُ؛ مَا يَسْتَنْطِقُ الْأَفْوَاهَ بِالتَّسْبِيحِ، وَيَمْلَأُ الْقُلُوبَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَمَعْرِفَةِ حِكْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَمَا يَعْلَمُ بِهِ كُلُّ عَاقِلٍ أَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ عَبَثًا، وَلَمْ يُتْرَكْ سُدًى، وَأَنَّ لَهُ سُبْحَانَهُ فِي كُلِّ مَخْلُوقٍ حِكْمَةً بَاهِرَةً، وَآيَةً ظَاهِرَةً، وَبُرْهَانًا قَاطِعًا؛ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ، وَأَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِكُلِّ كَمَالٍ دُونَ خَلْقِهِ، وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَبِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ».

 

وَفِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ يَكْثُرُ التَّنْبِيهُ عَلَى هَذَا الْمَظْهَرِ مِنْ مَظَاهِرِ الرُّبُوبِيَّةِ بِذِكْرِ الْخَلْقِ مَقْرُونًا بِالتَّعْلِيمِ وَالْهِدَايَةِ أَوْ بِذِكْرِ وَسَائِلِ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَمِنَ الْآيَاتِ فِي ذَلِكَ ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النَّحْلِ: 78]، وَفِي آيَاتٍ أُخْرَى: ﴿الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خُلِقَ الْإِنْسَانُ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ [الرَّحْمَنِ: 1 - 4]، وَفِي ثَالِثَةٍ: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ [الْإِنْسَانِ: 2- 3]، وَفِي رَابِعَةٍ: ﴿أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [الْبَلَدِ: 8 - 10].

 

وَأَوَّلُ آيَاتٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ جُمِعَ فِيهَا بَيْنَ الْخَلْقِ وَالتَّعْلِيمِ؛ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَظْهَرَ مِنْ مَظَاهِرِ الرُّبُوبِيَّةِ مِنْ أَوْضَحِهَا وَأَكْثَرِهَا أَمْثِلَةً فِي الْوُجُودِ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَرِنٌ بِالْخَلْقِ، وَلَا يُحْصِي خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ سِوَاهُ سُبْحَانَهُ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [الْعَلَقِ: 1 - 5]. وَأُمِرَ الْمُؤْمِنُ بِالتَّسْبِيحِ عَلَى هَذَا الْمَظْهَرِ مِنْ مَظَاهِرِ الرُّبُوبِيَّةِ؛ تَنْزِيهًا لِلَّهِ تَعَالَى عَنِ الْعَبَثِ، وَثَنَاءً عَلَيْهِ بِالْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ [الْأَعْلَى: 1 - 3].

 

وَمِنْ مَظَاهِرِ رُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى: اخْتِلَافُ أَشْبَاهِ الْبَشَرِ وَأَلْسِنَتِهِمْ وَأَلْوَانِهِمْ مَعَ أَنَّ أَبَاهُمْ وَاحِدٌ، وَأُمَّهُمْ وَاحِدَةٌ ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾ [الرُّومِ: 22]. وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ الثِّمَارِ وَأَلْوَانِهَا وَطُعُومِهَا وَرَوَائِحِهَا مَعَ أَنَّ أَرْضَهَا وَاحِدَةٌ، وَمَاءَهَا وَاحِدٌ ﴿وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الْأَنْعَامِ: 99]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الرَّعْدِ: 4].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَيَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَأَمَّلُوا مَظَاهِرَ الرُّبُوبِيَّةِ فِي أَنْفُسِكُمْ وَفِيمَا يَمُرُّ بِكُمْ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ ﴿إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾ [يُونُسَ: 6].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَبَيْنِ مَظَاهِرِ رُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى: مَا فِي الْأَنْفُسِ وَالْآفَاقِ مِنَ الْعَجَائِبِ الْبَاهِرَاتِ؛ وَلِذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [فُصِّلَتْ: 53]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 20 - 23]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ [غَافِرٍ: 64]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التِّينِ: 4]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ [الشَّمْسِ: 7- 8].

 

«فَكُلَّمَا تَدَبَّرَ الْعَاقِلُ فِي هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَتَغَلْغَلَ فِكْرُهُ فِي بَدَائِعِ الْمُبْتَدَعَاتِ، وَازْدَادَ تَأَمُّلُهُ لِلصَّنْعَةِ وَمَا أُودِعَ فِيهَا مِنْ لَطَائِفِ الْبِرِّ وَالْحِكْمَةِ؛ عَلِمَ أَنَّهَا خُلِقَتْ لِلْحَقِّ وَبِالْحَقِّ، وَأَنَّهَا صَحَائِفُ آيَاتٍ، وَكُتُبُ دَلَالَاتٍ، عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ نَفْسِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ، وَمَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ مِنَ الْيَوْمِ الْآخِرِ، وَأَنَّهَا مُسَخَّرَاتٌ، لَيْسَ لَهَا تَدْبِيرٌ وَلَا اسْتِعْصَاءٌ عَلَى مُدَبِّرِهَا وَمُصَرِّفِهَا». «فَالْعَالَمُ الْعُلْوِيُّ السَّمَاوِيُّ، وَالْعَالَمُ السُّفْلِيُّ الْأَرْضِيُّ كُلُّهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مُفْتَقِرُونَ، وَإِلَيْهِ صَامِدُونَ، وَهُوَ الْغَنِيُّ بِالذَّاتِ عَنْ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا رَبَّ سِوَاهُ».

 

فَوَجَبَ عَلَى قُلُوبِ الْبَشَرِ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَتُحِبَّهُ وَتُعَظِّمَهُ، وَلَا تَرْجُو سِوَاهُ، وَلَا تَرْهَبُ إِلَّا مِنْهُ؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ الْخَالِقُ الرَّازِقُ الْمُدَبِّرُ، وَبِيَدِهِ حَيَاةُ الْخَلْقِ وَمَوْتُهُمْ وَأَرْزَاقُهُمْ، وَكُلُّ شُئُونِهِمْ ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرَّحْمَنِ: 29].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العلم بالله تعالى (1) شرفه ولذته
  • العلم بالله تعالى (2) العلم بربوبيته سبحانه
  • العلم بالله تعالى (3) دلائل ربوبيته سبحانه
  • العلم بالله تعالى (5) الأساليب القرآنية في إثبات الربوبية (خطبة)
  • العلم بالله تعالى (6) لوازم العلم بربوبية الله تعالى
  • العلم بالله تعالى (7) مواقف للأنبياء في تقرير الربوبية
  • العلم بالله تعالى (8) أقسام الناس في العلم بالربوبية
  • العلم بالله تعالى (9) الربوبية العامة.. والربوبية الخاصة
  • العلم بالله تعالى (10) من آثار العلم بربوبية الله تعالى

مختارات من الشبكة

  • العلم النافع: صفاته وعلاماته وآثاره (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلم الإلهي أو العلم بالله عند ابن تيمية (مقدمة)(مقالة - موقع أ. د. مصطفى حلمي)
  • تحريم الحلف بالله تعالى كذبا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فوائد ابن عبدالبر رحمه الله في جامع بيان العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا نكرر العلم؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • فضل كلمة «لا حول ولا قوة إلا بالله»(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسن الظن بالله تعالى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسن الظن بالله من أخلاق المؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاستعانة بالله الصمد على التعليق على منظومة ابن سند (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطبة: حسن الظن بالله(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/4/1447هـ - الساعة: 14:22
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب