• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بلقيس وانتصار الحكمة
    حسام كمال النجار
  •  
    مجالات التيسير والسماحة في الشريعة الإسلامية
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    تحريم إنكار مشيئة الله تعالى أو مشيئة المخلوق
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    أشهد أن نبيـنا وسيدنا محمدا قد بلغ رسالة ربه ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    هل تحدثت عن نعم ربك؟
    حسين أحمد عبدالقادر
  •  
    وقفات تربوية مع سيد الأخلاق
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    حسن الظن بالمسلمين (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    تعظيم شعائر الله تعالى (درس 1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    وحدة الصف (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الهدوء لغة الأرواح الجميلة
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    الموازنة بين دعائه صلى الله عليه وسلم لأمته وبين ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (36) «من نفس ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    فضل كلمة «لا حول ولا قوة إلا بالله»
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    فوائد من طلب العلم وتعليمه والدعوة إليه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    الأربعة الذين أدخلوا رواية الحديث في الأندلس
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عيش النبي صلى الله عليه وسلم سلوة للقانع وعبرة ...
    السيد مراد سلامة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

مات هاجرا أخاه فدخل النار

مات هاجرا أخاه فدخل النار
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/4/2017 ميلادي - 26/7/1438 هجري

الزيارات: 22101

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مات هاجراً أخاه فدخل النار

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مَاتَت أُمٌّ وَابنُهَا لا يُسَلِّمُ عَلَيهَا، وَقَضَى أَبٌ نَحبَهُ وَهُوَ لم يَرَ ابنَهُ، وَفَرَّقَ المَوتُ بَينَ قَرِيبَينِ وَهُمَا مُتَقَاطِعَانِ!! إِنَّهَا نِهَايَاتٌ مُؤلِمَةٌ لِقِصَصِ عُقُوقٍ وَمَوَاقِفِ هَجرٍ وَمُصَارَمَةٍ، تَحدُثُ في مُجتَمَعِنَا وَعَلَى مَرأًى مِنَّا وَمَسمَعٍ، وَتَدُومُ أَشهُرًا أَو سَنَوَاتٍ، بِدَايَتُهَا اختِلافٌ في وُجهَاتِ النَّظَرِ، ثم كَلِمَاتٌ كَالوَقُودِ وَالشَّرَرِ، ثم ارتِفَاعٌ لِلأَصوَاتِ وَحِدَّةٌ وَخِصَامٌ، ثم تَبَادُلٌ لِلتَّخوِينِ وَالاتِّهَامِ، وَيَخرُجُ بَعدَ ذَلِكَ مِنَ المَنزِلِ ابنٌ لِيَبدَأَ قِصَّةَ عُقُوقٍ لا تَكَادُ تُصَدَّقُ، وَيَهجُرَ أَبَاهُ الَّذِي رَبَّاهُ، أَو يَقطَعَ أُمَّهُ الَّتي حَمَلَتهُ وَوَلَدَتهُ وَأَرضَعَتهُ، وَأَزَالَتِ الأَذَى عَنهُ يَومًا بِيَدِهَا. لا تَقُولُوا: وَمَن يُطِيقُ مِثلَ هَذَا أَو يَفعَلُهُ؟! فَقَد وُجِدَ في مُجتَمَعِنَا وَمَارَسَهُ بَعضُ الأَبنَاءِ، وَكَم مِن أَخٍ وَعَمٍّ وَخَالٍ لا يُسَلَّمُ عَلَيهِم، وَرَحِمٍ مَقطُوعَةٍ لا تُوصَلُ، وَقَرَابَةٍ مَهجُورَةٍ لا تُزَارُ، وَابنِ عَمٍّ مَصرُومٍ وَجَارٍ مَحرُومٍ، وَزَمِيلٍ مَبغِيٍّ عَلَيهِ وَصَدِيقٍ مَنسِيٍّ!! لا نَتَكَلَّمُ عَن صُدُودٍ يَسِيرٍ أَو قِلَّةِ زِيَارَةٍ أَو شَيءٍ قَلِيلٍ مِن عَدَمِ الاهتِمَامِ، وَلَكِنَّنَا نَتَحَدَّثُ عَن هَجرٍ وَصَرمٍ وَإِعرَاضٍ تَامٍّ، وَفَصمٍ لِلعُرَى وَقَطعٍ لِلعَلائِقِ وَالوَشَائِجِ، لا يَتَّصِلُ فِيهِ طَرَفٌ بِآخَرَ وَلا يُسَلِّمُ عَلَيهِ وَلا يَسأَلُ عَنهُ، لِدَرَجَةِ أَنَّهُما قَد يَجتَمِعَانِ في مَقبَرَةٍ، وَيَرَيَانِ مُسلِمًا يُدفَنُ أَمَامَهُمَا وَقَد يَكُونُ قَرِيبًا، وَعُيُونًا تَذرِفُ الدَّمعَ حَزَنًا لِلفِرَاقِ وَأَلَمًا عَلَى مُرِّ الوَدَاعِ، وَحَنَاجِرَ مَبحُوحَةً مِنَ البُكَاءِ، وَمَوقِفًا تَرِقُّ فِيهِ القُلُوبُ إِذْ تَتَبَيَّنُ حَقِيقَةَ الدُّنيَا وَسُرعَةَ زَوَالِهَا وَقُربَ النِّهَايَةِ المَحتُومَةِ، وَمَعَ هَذَا تَرَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنهُمَا يَتَسَلَّلُ عَنِ الآخَرِ لِوَاذًا حَتَّى لا يُعَانِقَهُ أَو يُصَافِحَهُ... فَأَيُّ نُفُوسٍ هَذِهِ النُّفُوسُ؟! وَأَيُّ قُلُوبٍ يَحمِلُهَا بَعضُ النَّاسِ؟! وَإِذَا لم يَكُنْ هَذَا نَوعًا مِن قَسوَةِ القُلُوبِ وَتَصَلُّدِ النُّفُوسِ وَضِيقِ الصُّدُورِ، فَلَيسَ في الدُّنيَا قَلبٌ قَاسٍ وَلا نَفسٌ ضَيِّقَةٌ وَلا صَدرٌ حَرجٌ، قَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ أَفَمَن شَرَحَ اللهُ صَدرَهُ لِلإِسلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِن رَبِّهِ فَوَيلٌ لِلقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِن ذِكرِ اللهِ أُولَئِكَ في ضَلالٍ مُبِينٍ ﴾ [الزمر: 22].

 

نَعَم - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّ المُؤمِنَ الَّذِي شَرَحَ اللهُ صَدرَهُ وَاستَسلَمَ لأَمرِ رَبِّهِ، وَاستَنَارَ قَلبُهُ بِآيَاتِ الكِتَابِ وَمَا نُزِّلَ عَلَى مُحمَّدٍ مِنَ الذِّكرِ، لا يُمكِنُ أَن يَسكُنَ قَلبَهُ هَذَا القَدرُ مِنَ الجَفَاءِ وَالغِلظَةِ وَالشِّدَّةِ، وَلا أَن يَمتَلِئَ صَدرُهُ كِبرًا أَو تَحمِلَ نَفسُهُ حِقدًا، وَلا أَن يُشِيحَ بِوَجهِهِ وَيَصُدَّ وَيَتَبَاعَدَ، وَهُوَ يَعلَمُ مَا أُنزِلَ في شَأنِ الأَرحَامِ وَفَضلِ صِلَتِهَا وَعَوَاقِبِ قَطعِهَا، بَل وَفي تَحرِيمِ هَجرِ المُسلِمِ لِلمُسلِمِ. لَقَد أُنزِلَ في شَأنِ الأَرحَامِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ وَأَحَادِيثُ وَعِظَاتٌ، لَو أُنزِلَت عَلَى حَجرٍ أَصَمَّ لانفَلَقَ وَانصَدَعَ وَخَشَعَ، قَالَ – سُبحَانَهُ -: ﴿ وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيكُم رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَأُولُو الأَرحَامِ بَعضُهُم أَولى بِبَعضٍ في كِتَابِ اللهِ ﴾ [الأنفال: 75] [الأحزاب: 6] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا - في وَصفِ أُولي الأَلبَابِ: ﴿ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخشَونَ رَبَّهُم وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ ﴾ [الرعد: 21] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَهَل عَسَيتُم إِن تَوَلَّيتُم أَن تُفسِدُوا في الأَرضِ وَتُقَطِّعُوا أَرحَامَكُم * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُم وَأَعمَى أَبصَارَهُم ﴾ [محمد: 22، 23] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيُكرِمْ ضَيفَهُ، وَمَن كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَن كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيرًا أَو لِيَصمُتْ " وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ اللهَ خَلَقَ الخَلقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنهُ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَت: هذَا مَقَامُ العَائِذِ مِنَ القَطِيعَةِ. قَالَ: نَعَم، أَمَا تَرضَينَ أَن أَصِلَ مَن وَصَلَكِ وَأَقطَعَ مَن قَطَعَكِ؟! قَالَت: بَلى، قَالَ: فَذَاكِ لَكِ " ثم قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " اِقرَؤُوا إِن شِئتُم ﴿ فَهَل عَسَيتُم إِن تَوَلَّيتُم أَن تُفْسِدُوا في الأَرضِ وَتُقَطِّعُوا أَرحَامَكُم ﴾ [محمد: 22] وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالعَرشِ تَقُولُ: مَن وَصَلَني وَصَلَهُ اللهُ، وَمَن قَطَعَني قَطَعَهُ اللهُ " وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن سَرَّهُ أَن يُبسَطَ لَهُ في رِزقِهِ، وَأَن يُنسَأَ لَهُ في أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ " وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لا يَدخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ " رَوَى هَذِهِ الأَحَادِيثَ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَعِندَ أَحمَدَ وَغَيرِهِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَا مِن ذَنبٍ أَحرَى أَن يُعَجِّلَ اللهُ لِصَاحِبِهِ العُقُوبَةَ في الدُّنيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ في الآخِرَةِ، مِنَ البَغيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ ". وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لا يَحِلُّ لِمُسلِمٍ أَن يَهجُرَ أَخَاهُ فَوقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، يَلتَقِيَانِ فَيُعرِضُ هَذَا وَيُعرِضُ هَذَا، وَخَيرُهُمَا الَّذِي يَبدَأُ بِالسَّلامِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " لا يَحِلُّ لِمُسلِمٍ أَن يَهجُرَ أَخَاهُ فَوقَ ثَلاثٍ، فَمَن هَجَرَ فَوقَ ثَلاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَن هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفكِ دَمِهِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. مَاذَا عَسَى قَائِلٌ أَن يَقُولَ بَعدَ هَذِهِ الآيَاتِ وَالأَحَادِيثِ، وَأَيُّ حَرفٍ أَو عِبَارَةٍ سَتَكُونُ أَبلَغَ في وَعظِ قَلبِ المُؤمِنِ مِن كَلامِ اللهِ وَكَلامِ رَسُولِهِ؟! وَأَيُّ خَيرٍ يَبقَى في قَاطِعِ رَحِمِهِ بَعدَ إِصرَارِهِ وهو يَسمَعُ كُلَّ هَذَا الوَعِيدِ؟! وَكَيفَ يَهنَأُ امرُؤُ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ بِحَيَاتِهِ وَهُوَ يَطوِي قَلبَهُ عَلَى هَذِهِ المَعصِيَةِ الكَبِيرَةِ، وَفِيهَا يَغدُو وَيَرُوحُ، وَعَلَيهَا يُصبِحُ وَيُمسِي؟! يَلعَنُهُ اللهُ وَيُصِمُّ سَمعَهُ وَيُعمِي بَصرَهُ، وَيَقطَعُهُ وَيُضَيِّقُ رِزقَهُ وَلا يُبَارِكُ في عُمُرِهِ، وَإِن مَاتَ كَانَ مُعَرَّضًا لِدُخُولِ النَّارِ، فَمَاذَا يَنتَظِرُ بَعدَ هَذَا؟! وَتَسأَلُ القَاطِعَ بَعدَ ذَلِكَ: لِمَ تَظَلُّ قَاطِعًا لِرَحمِكَ هاجرًا لِقَرَابَتِكَ وَأَنتَ تَقرَأُ مِثلَ هَذَا الوَعِيدِ أَو تَسمَعُهُ؟! فَيُجِيبُكَ بِأَنَّهُ لم يَجِدْ مِن قَرَابَتِهِ إِلاَّ القَطِيعَةَ وَالإِسَاءَةَ وَالجَهلَ عَلَيهِ، فَهُوَ يُعَامِلُهُم بِمِثلِ مَا يُعَامِلُونَهُ بِهِ !!! وَلَعَلَّهُ لم يَنتَبِهْ أَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ عِبَادَةٌ مَأمُورٌ بها وَمُثَابٌ عَلَى فِعلِهَا وَمُعَاقَبٌ عَلَى تَركِهَا، وَلَيسَت مُكَافَآتٍ يَصرِفُهَا المَرءُ بِرَغبَتِهِ لِمَن وَجَدَ مِنهُ مِثلَهَا، وَيَبخَلُ بها عَمَّن لا يُعجِبُهُ تَعَامُلُهُ، بَل إِنَّ القَاطِعَ قَد يَجهَلُ أَنَّهُ كُلَّمَا اشتَدَّ القَرِيبُ في القَطِيعَةِ وَبَالَغَ في الأَذَى وَالعَدَاوَةِ، كَانَت صِلَتُهُ أَعظَم أَجرًا، وَفَضلُ اللهِ عَلَى الصَّابِرِ الوَاصِلِ أَعَمَّ، وَنَصرُهُ لَهُ أَشَدَّ وَنِعمَتُهُ عَلَيهِ أَتَمَّ، وَلَكِنْ أَينَ الَّذِينَ يَفقَهُونَ؟! أَينَ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ وَيُوقِنُونَ؟! أَينَ مَن لا يُرِيدُونَ إِلاَّ مَا عِندَ اللهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ؟! أَينَ مَن يَستَمِعُونَ القَولَ فَيَتَّبِعُونَ أَحسَنَهُ؟! إِن كَانُوا مَوجُودِينَ وَقُلُوبُهُم حَيَّةٌ، فَإِنَّ في كَلامِ رَسُولِ الهُدَى - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - الإِجَابَةَ القَاطِعَةَ المَانِعَةَ، وَالبُشرَى الكَافِيَةَ الشَّافِيَةَ، فَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لي قَرَابَةً أَصِلُهُم وَيَقطَعُوني، وَأُحسِنُ إِلَيهِم وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحلُمُ عَنهُم وَيَجهَلُونَ عَلَيَّ. فَقَالَ: " لَئِنْ كُنتَ كَمَا قُلتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ المَلَّ، وَلا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيهِم مَا دُمتَ عَلَى ذَلِكَ " رَوَاه مُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لَيسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئِ وَلَكِنَّ الوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قَطَعَت رَحِمُهُ وَصَلَهَا " رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " أَفضَلُ الصَّدَقَةِ الصَّدَقَةُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الكَاشِحِ " رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وابنُ خُزَيمَةَ في صَحِيحِهِ وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَالكَاشِحُ هُوَ المُضمِرُ لِلعَداوَةِ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهِ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَتَّقِ الأَرحَامَ أَن نَقطَعَهَا فَيَقطَعَنَا اللهُ  ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُم وَاخشَوا يَومًا لا يَجزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَولُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيئًا إِنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الغَرُورُ ﴾ [لقمان: 33].

••••••

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَل لَهُ مَخرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَيسَ بِأَيدِينَا أَلاَّ نَختَلِفَ أَبَدًا، وَلَن نَقدِرَ أَن نُلزِمَ النَّاسَ بِرَأيٍ وَاحِدٍ، فَهَذَا غَيرُ مُمكِنٍ وَلا مُتَصَوَّرٍ، إِذِ اختِلافُ الآرَاءِ مِن سِيمَا البَشَرِ وَطَبَائِعِ النُّفُوسِ، وَمِن ثَمَّ كَانَ الوَاجِبُ عَلَينَا أَن نُوَسِّعَ صُدُورَنَا وَنَتَقَبَّلَ بَعضَنَا، وَأَن نُفسِحَ المَجَالَ فِيمَا بَينَنَا مَا دَامَ الأَمرُ مُمكِنًا، نَعَم - أَيُّهَا الإِخوَةُ - يَجِبُ أَن نَتَعَلَّمَ أَدَبَ الاختِلافِ، وَأَلاَّ نُصَعِّدَ الخِلافَ وَنَسعَى إِلى إِذكَائِهِ حَتَّى يَكُونَ خِصَامًا وَجَدَلاً، فَإِنَّ ذَلِكَ لا يُنتِجُ إِلاَّ العَدَاوَةَ وَالنُّفرَةَ، وَالهَجرَ وَالقَطِيعَةَ، وَمِن ثَمَّ نُحرَمُ خَيرًا كَثِيرًا، وَنُحَمِّلُ قُلُوبَنَا شَرًّا عَظِيمًا، وَنُعَرِّضُ أَنفُسَنَا لِمَقتِ اللهِ وَسَخَطِهِ وَعَذَابِهِ. وَإِنَّهُ لَو لم يَكُنْ في مُصَارَمَةِ المُسلِمِ لأَخِيهِ إِلاَّ أَنَّهُمَا جَمِيعًا يُحرَمَانِ المَغفِرَةَ مِنَ اللهِ - تَعَالى - بِسَبَبِ مَا بَينَهُمَا مِنَ الشِّقَاقِ وَالهِجرَانِ، لَكَفَى بِهِ زَاجِرًا لِلقُلُوبِ الحَيَّةِ وَرَادِعًا لها عَنِ الاستِمرَارِ في هَذِهِ المَعصِيَةِ الكَبِيرَةِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " تُفتَحُ أَبوَابُ الجَنَّةِ يَومَ الاثنَينِ وَيَومَ الخَمِيسِ، فَيُغفَرُ لِكُلِّ عَبدٍ لا يُشرِكُ بِاللهِ شَيئًا إِلاَّ رَجُلاً كَانَت بَينَهُ وَبَينَ أَخِيهِ شَحنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنظِرُوا هَذَينِ حَتَّى يَصطَلِحَا، أَنظِرُوا هَذَينِ حَتَّى يَصطَلِحَا، أَنظِرُوا هَذَينِ حَتَّى يَصطَلِحَا " رَوَاهُ مُسلِمٌ. فَاتَّقُوا اللهَ وَاحذَرُوا طُغيَانَ النُّفُوسِ وَكِبرَهَا وَعُلُوَّهَا وَهَوَاهَا، فَقَد قَالَ رَبُّكُم - جَلَّ وَعَلا -  ﴿ فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الحَيَاةَ الدُّنيَا * فَإِنَّ الجَحِيمَ هِيَ المَأوَى * وَأَمَّا مَن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفسَ عَنِ الهَوَى * فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأوَى ﴾ [النازعات: 37 - 41].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الدليل على أن من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، وإن مات مشركا دخل النار
  • تفسير آية: (ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار)

مختارات من الشبكة

  • تأملات في أخوة المصالح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دروس خطبة الوداع: أخوة الإسلام بين توجيه النبوة وتفريط الأمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عثمان بن عفان ذو النورين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ميانمار: شرطة جاكرتا تقبض على 16 مهاجرا روهنجيا من مرسى للصيد(مقالة - المسلمون في العالم)
  • آخر من مات من الصحابة والتابعين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المحاضرة الأولى (الأخوة بين الإسلام والجاهلية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • من نصر أخاه المسلم بالغيب (بطاقة)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عندما يذبح الأخ أخاه!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تدخل الحمو فيما يخص أخاه من الحياة الزوجية يسبب المشاكل(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/4/1447هـ - الساعة: 12:32
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب