• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بيان حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على العمل بكل ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أقسام القلوب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    بين حمدين تبدأ الحياة وتنتهي (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    وقفات تربوية مع سورة الفلق
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    سر الإلحاح في الدعاء
    د. مصطفى طاهر رضوان
  •  
    صفة الرحمة
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    حديث: المطلقة ثلاثا: ليس لها سكنى ولا نفقة
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الفرع الرابع: أحكام طارئة متعلقة بالعورة (من ...
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: استحالة استمرار ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    من مائدة التفسير: سورة القارعة
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    وقفات مع حديث جامع لآفات النفس (خلاصة خطبة جمعة)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    العدل في الرضا والغضب (خطبة)
    سعد محسن الشمري
  •  
    خطبة: ليس منا (الجزء الأول)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    شموع (114)
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    مختارات من كتاب الباعث الحثيث في مصطلح الحديث
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    خطبة بدع ومخالفات في المحرم
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

حق الحياة

حق الحياة
د. شريف فوزي سلطان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/12/2023 ميلادي - 29/5/1445 هجري

الزيارات: 4236

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حق الحياة


إنَّ حقَّ الحياةِ مِن أهمِّ الحقوقِ التي أوجبتْ جميع الشرائعِ السماويةِ حفظَها وحمايتها.

 

فقد أوجبَ الإسلامُ العقوبةَ المغلظةَ على القاتلِ؛ حفاظًا على حقِّ الحياةِ، حين قالَ تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93].

 

كما شرعَ الإسلامُ القصاصَ؛ حفاظًا على حق الحياة، فقالَ تعالى: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ﴾ [البقرة: 179].

 

يقولُ الإمامُ ابنُ كثيرٍ: "وَفِي شَرْع الْقِصَاصِ- وَهُوَ قَتْلُ الْقَاتِلِ- حِكْمَةٌ عَظِيمَةٌ لَكُمْ، وَهِيَ بَقَاءُ المُهَج وصَوْنها؛ لِأَنَّهُ إِذَا عَلِمَ القاتلُ أَنَّهُ يُقْتَلُ انْكَفَّ عَنْ صَنِيعِهِ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ حَيَاةُ النُّفُوسِ، وَفِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ: القتلُ أَنْفَى لِلْقَتْلِ، فَجَاءَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي الْقُرْآنِ أَفْصَحَ، وَأَبْلَغَ، وَأَوْجَز، وقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: جَعَلَ اللَّهُ الْقِصَاصَ حَيَاةً، فَكَمْ مِنْ رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَقتُل، فَتَمْنَعُهُ، مَخَافَةَ أَنْ يُقتل"[1].

 

وعَنْ عبدالله بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا»[2].

 

فالدمُ الإنسانيُّ مِن أعظمِ وأجلِّ ما ينبغِي أنْ يُصانَ ويحفظَ، قال القرطبيُّ رحمه اللهُ: «إِنَّ الدِّمَاءَ أَحَقُّ مَا احْتِيطَ لَهَا؛ إِذِ الْأَصْلُ صِيَانَتُهَا في أُهُبِها [جُلُودِها]، فلا تستباحُ إلَّا بأمرٍ بيّنٍ لَا إِشْكَالَ فِيهِ»[3].

 

وحين نطالعُ بعضَ نصوصِ الكتابِ المقدس في عهديهِ القديمِ والحديثِ، فإننا سنجدُ نصوصًا صريحةً وواضحةً بحقِّ الإنسانِ في الحياةِ، سواء في العهدِ القديمِ الذي تلزمُ تشريعاتُهُ الديانةَ اليهوديةَ والمسيحيةَ، أو العهدِ الجديدِ الذي يخصُّ الديانةَ المسيحيةَ فقط، فقد جاءَ في العهدِ القديمِ: "مَنْ ضَرَبَ إِنْسَانًا فَمَاتَ يُقْتَلُ قَتْلًا"[4]، وهذا الحكم يعم اليهودية والمسيحية.

 

وأمَّا العهدُ الجديدُ، فقد نُقِلَ عن السيدِ المسيحِ تأكيدُهُ لحرمةِ القتلِ ففي العهدِ الجديدِ: "قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لا تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ"[5].

 

وفي المواثيقِ الدوليةِ والعالميةِ ما يفيد ذلك بوضوحٍ لا إشكال فيه بوجهٍ من الوجوه، لكن مع الأسف الشديدِ لا يُعمل بشيءٍ منها، إلا حيث وُجدت المصلحة!

 

مظاهرُ حمايةِ الشريعة لحقِّ الحياةِ، وحِفظِ النفس:

هناك مظاهرُ عديدة نصت عليها شريعتنا الكريمة- بل وسائر الشرائع- تحمي حقَّ الحياةِ وتحفظ النفس.


1. أنَّ جميعَ الشرائعِ حرَّمتِ القتلَ، وجعلته من الكبائر المهلِكة، كما جاء في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: "الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ...".

 

وفي الحديث: "لَا يزَال ‌الْمُسلم ‌فِي ‌فسحة من دينه مَا لم يصب دَمًا حَرَامًا"[6].

 

2. تحريم قتلِ الإنسانِ لنفسِه، سواء كان ذلك بطريقِ الانتحارِ المباشرِ، أو بطريقِ الانتحارِ التدريجِي بتعاطِي ما يؤدِّي إلى قتلِ النفسِ أو الإضرارِ بها؛ كالمخدراتِ والتدخينِ وغيرِ ذلك، حيثُ إنَّ حياةَ البشرِ ليستْ ملكًا لهم، إنَّما هي هبةٌ وهبها اللهُ إياهم، وهو سائلهم عنها، وفي ذلك يقولُ صلى الله عليه وسلم: "مَنَ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا"[7].

 

ومن أعظم المقاصد التي حرَّمت الشريعةُ الخمرَ من أجلها؛ لأنَّ الخمرَ مفتاحُ كلِّ شرٍّ، فعن عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: "اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ، إِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ خَلَا قَبْلَكُمْ تَعَبَّدَ، فَعَلِقَتْهُ امْرَأَةٌ غَوِيَّةٌ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ جَارِيَتَهَا، فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّا نَدْعُوكَ لِلشَّهَادَةِ، فَانْطَلَقَ مَعَ جَارِيَتِهَا فَطَفِقَتْ كُلَّمَا دَخَلَ بَابًا أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ، حَتَّى أَفْضَى إلى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ عِنْدَهَا غُلَامٌ وَبَاطِيَةُ خَمْرٍ، فَقَالَتْ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِلشَّهَادَةِ، وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَيَّ، أَوْ تَشْرَبَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْرَةِ كَأْسًا، أَوْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلَامَ، قَالَ: فَاسْقِنِي مِنْ هَذَا الْخَمْرِ كَأْسًا، فَسَقَتْهُ كَأْسًا، قَالَ: زِيدُونِي فَلَمْ يَزل حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا، وَقَتَلَ النَّفْسَ، فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ، فَإِنَّهَا وَاللَّهِ لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ إِلَّا لَيُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ"[8].

 

3. النهيُ عن ترويعِ المسلمِ: وذلك سدًّا لذريعةِ الوصولِ ولو بطريقِ الخطأِ إلى قتلِ النفسِ أو الغيرِ، بغيرِ وجهِ حقٍّ، وفي ذلك يقولُ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا"[9]، وفي رواية: "مَنْ أَشَارَ إلى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ، حَتَّى يَدَعَهُ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ"[10].

 

4. أنه قد اتفقَ الفقهاءُ على أنَّ إسقاطَ الجنينِ وإجهاضَ الحملِ بعدَ نفخِ الروحِ فيهِ جريمة قتل، ولو كان هذا الإسقاطُ أو الإجهاضُ باتفاقِ الزوجينِ، والله تعالَى يقولُ: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ﴾ [الأنعام: 151].

 

5. أن الشريعة قد منعت إقامةِ حدِّ الزنا على الحاملِ حتى تضع: وما ذلك إلَّا حفاظًا على حقِّ الحياةِ للجنينِ أثناء حملِهِ، ففي الحديثِ أنَّ المرأةَ الغامديةَ: "جَاءَتِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي، وَإِنَّهُ رَدَّهَا، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، لِمَ تَرُدُّنِي؟ لَعَلَّكَ أَنْ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزًا، فَوَاللهِ إِنِّي لَحُبْلَى، قَالَ: «فَاذْهَبِي حَتَّى تَلِدِي»، فَلَمَّا وَلَدَتْ أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي خِرْقَةٍ، قَالَتْ: هَذَا قَدْ وَلَدْتُهُ، قَالَ: «اذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ»، فَلَمَّا فَطَمَتْهُ أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ، فَقَالَتْ: هَذَا يَا نَبِيَّ اللهِ قَدْ فَطَمْتُهُ، وَقَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ، فَدَفَعَ الصَّبِيَّ إلى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ لَهَا إلى صَدْرِهَا، وَأَمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوها، فَيُقْبِلُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِحَجَرٍ، فَرَمَى رَأْسَها فَتَنَضَّحَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ خَالِدٍ فَسَبَّها، فَسَمِعَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَبَّهُ إِيَّاهَا، فَقَالَ: «مَهْلًا يَا خَالِدُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَها صاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ»، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَصَلَّى عَلَيْها، وَدُفِنَتْ"[11].

 

6. أن الشريعة أباحت فطرِ الحاملِ في رمضانَ، ولا سيَّما إذا كان الحملُ يضعفُها ويؤثرُ على صحتِها ويلحقُ الضرر بها؛ وذلك حرصًا على حياةِ جنينِها.

 

كلُّ هذا وغيرُهُ كثير جعلتهُ الشرائعُ السماويةُ حفاظًا على حياةِ الإنسانِ مِن الهلاكِ أو الموتِ.

 

الدماء يوم القيامةِ:

إنَّ مسئولية الدماء يوم القيامة عظيمة، وعاقبتها عند الله تعالى جسيمةٌ؛ ولهذا قُدِّمتْ في القضاءِ يومَ القيامةِ على غيرِها مِن الحقوقِ، فقد قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ» [12].

 

قال الإمامُ النوويُّ رحمه اللهُ: "فيهِ تغليظُ أمرِ الدماءِ، وأنَّها أولُ ما يُقضَى فيهِ بينَ الناسِ يومَ القيامةِ، وهذا لعظمِ أمرِها وكثيرِ خطرِها"[13].

 

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الْمَقْتُولَ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُتَعَلِّقًا بالقاتل، تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا، فَيَقُولُ: رَبِّ، سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي؟"[14].

 

إنَّ ما تقومُ بهِ الدولة اليهودية مِن إبادةٍ جماعيةٍ وتدميرٍ للمستشفياتِ وهدمٍ للمنشآتِ، أمرٌ لا تقرُّهُ جميعُ الشرائعِ السماويةِ ولا المواثيقِ الدُّوليةِ المختلفةِ، إنَّ سفكَ الدماءِ طبيعةٌ فيهم منذُ القدمِ، قالَ تعالَى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ ﴾ [البقرة: 84، 85]، وقال جل شأنه: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ﴾ [المائدة: 32].

 

ولكنْ لماذا خصَّ اللهُ بني إسرائيلَ بالذكرِ؟! قِيلَ في ذلك: خصَّ اللهُ بني إسرائيلَ بالذكرِ للتنبيهِ على أنَّهم فجرُوا في سفكِ الدماءِ بغيرِ حقٍّ، فقد تجرءوا على قتلِ الأنبياءِ، كما قال تعالى: ﴿ وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾ [آل عمران: 181].

 

فإذا كانوا فعلوا بأنبياءِ اللهِ ذلك! فكيف بغيرهم ممَن هُم على غيرِ مِلَّتهِم؟!

وإن ما ترونه مما يُفعل بالأطفال والنساء والكبار والصغار، لهو كرامةٌ لهم، ومكانةٌ عند ربهم، كما قال سبحانه: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 169 - 171].

 

فالفوز لهم، والخسران لمن خذلهم.

 

جاء في تاريخ الطبري: أن واقعة (بئر معونة) التي كانت في السنة الرابعة من الهجرة، يحكي أحدُ من حضرها مشركًا وأسلم بعدها، فيقول في سبب إسلامه:

 

"مما دعاني إلى الإسلام أني طعنت رجلًا منهم يومئذٍ بالرُّمح بين كتفيه، فنظرت إلى سنان الرمح حين خرج من صدره، فسمعته يقول حين طعنته: فزتُ والله!

 

قال: فقلت في نفسي: ما فاز! أليس قد قتلتُ الرجل؟! حتى سألتُ بعد ذلك عن قوله، فقالوا: الشهادة، فقلت: فاز لعمر الله"!

 

ومصداق ذلك ما جاء في الصحيحين من حديث عَنْ ‌أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَنِ ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالًا يُعَلِّمُونَا الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ: فِيهِمْ خَالِي حَرَامٌ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَدَارَسُونَ بِاللَّيْلِ يَتَعَلَّمُونَ، وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يَجِيئُونَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُونَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَيَحْتَطِبُونَ فَيَبِيعُونَهُ وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ وَلِلْفُقَرَاءِ، فَبَعَثَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَعَرَضُوا لَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا الْمَكَانَ، فَقَالُوا: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا، قَالَ: وَأَتَى رَجُلٌ حَرَامًا خَالَ أَنَسٍ مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ حَتَّى أَنْفَذَهُ، فَقَالَ حَرَامٌ: ‌فُزْتُ ‌وَرَبِّ ‌الْكَعْبَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «إِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا، وَإِنَّهُمْ قَالُوا: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا».

 

فاللهم هيئ لهذه الأمة أمر رشد، يُعَزُّ فيه أهل طاعتك، ويُذلُّ فيه أهل معصيتك، ويؤمرُ فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر.

 

اللهم عليك باليهود، وأتباع اليهود، وأعوان اليهود، اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تُبْقِ منهم أحدًا.

 

اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

 


[1] تفسير ابن كثير.

[2] صحيح سنن النسائي.

[3] تفسير القرطبي.

[4] سفر الخروج 12:21.

[5] إنجيل متى 21:5.

[6] متفق عليه.

[7] رواه مسلم.

[8] صحيح سنن النسائي.

[9] متفق عليه.

[10] رواه مسلم.

[11] رواه مسلم.

[12] رواه مسلم.

[13] شرح النووي على مسلم.

[14] صحيح سنن النسائي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صناعة الحياة
  • الحياة الدنيا
  • الوقت هو الحياة (خطبة)
  • القرآن روح الحياة

مختارات من الشبكة

  • رسالة بعنوان: مقومات الحياة الزوجية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بين حمدين تبدأ الحياة وتنتهي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جملة مما فيه نوع إلحاد في أسماء الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سنة الحياة..(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحرش سبب تعاستي في الحياة(استشارة - الاستشارات)
  • التوازن في حياة الإنسان: نظرة قرآنية وتنموية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ذكر الموت زاد الحياة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسرار خفية عن الحياة يكتشفها القليلون فقط(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صناعة المالية الإسلامية تعيد الحياة إلى الفقه الإسلامي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الحياة مع القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/6/1447هـ - الساعة: 9:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب