• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحبيب الله إلى عباده
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    خطبة: المصافحة
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    دور السنة النبوية في وحدة الأمة وتماسكها (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    خطبة عن الافتراء والبهتان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    خطبة: الشهوات والملذات بين الثواب والحسرة
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    تخريج حديث عائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه ...
    أحمد بن محمد قرني
  •  
    خطبة (المنافقون)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تفسير: (وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن)
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحريم الحلف بملة غير الإسلام
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    بلاغة قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة)، مع ...
    غازي أحمد محمد
  •  
    التأثير المذهل للقرآن على الكفار
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    الإسلام كفل لغير المسلمين حق العمل والكسب
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أكثر من ذكر الله اقتداء بحبيبك صلى الله عليه وسلم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    أينقص الدين هذا وأنا حي؟
    أبو آمد محمد بن رشيد الجعفري
  •  
    خلاصة بحث علمي (أفكار مختصرة)
    أسامة طبش
  •  
    موعظة وذكرى
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير قوله تعالى: { ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون... }

تفسير قوله تعالى: { ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون... }
سعيد مصطفى دياب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/1/2025 ميلادي - 16/7/1446 هجري

الزيارات: 1002

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير قوله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ... ﴾

 

قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ *لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 123- 128].

 

مُنَاسَبَةُ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا:

لَمَّا أمرَ اللهُ تَعَالَى المؤمنين في الآية السابقةِ بالتوكل عليه، ضرب لهم مثلًا في هذه الآية على كفايته سبحانه لمن توكَّل عليه، وإن كان في غاية الضَّعف، ونصره الله تعالى وإن لم يملكِ من أسبابِ النصرِ شيئًا.

 

﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾: يمتن اللهُ تَعَالَى على المؤمنين بنَصَرِ يومَ بَدْرٍ، وَهُوَ يَوْمُ الْفُرْقَانِ، وَهُوَ يَوْمٌ أَعَزَّ اللَّهُ فِيهِ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، وأذلَّ فِيهِ الشِّرْكَ وَأَهْلَهُ.

 

وَكَانَتْ غَزْوَةُ بَدْرٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ صَبِيحَةَ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَكَانَ عَدَدُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثَمِائَةٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا فِيهِمْ فَرَسَانِ: فَرَسٌ لِلزُّبَيْرِ وَفَرَسٌ لِلْمِقْدَادِ بْنِ الأسود، وَسَبْعُونَ بَعِيرًا، فَكَانُوا يَتَعَاقَبُونَ، الثّلَاثَةُ، وَالْأَرْبَعَةُ، وَالِاثْنَانِ، عَلَى بَعِيرٍ، وَالْبَاقُونَ مُشاة، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَئِذٍ زُهَاءَ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، وَمَعَهم مِائَةُ فَرَسٍ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ وَالْفَقْرِ وَالْعَجْزِ، وَكَانَ الْكُفَّارُ فِي غَايَةِ الشِّدَّةِ وَالْقُوَّةِ، ومع ذلك نصرهم اللَّهُ نصرًا مؤزرًا، وَأَعَزَّ رَسُولَهُ، وَأَظْهَرَ دينَهُ، وَقَتَلً فِي يومِ بَدْرٍ صَنَادِيدُ الْمُشْرِكِينَ.

 

وَبَدْرٌ: اسْمُ بِئْرٍ حَفَرَهَا رَجُلٌ مِنْ غِفَارٍ، اسْمُهُ: بَدْرٌ، وَهُوَ مَوضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.

 

﴿ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾: أَذِلَّةٌ جَمْعُ ذَلِيلٍ، وهوَ جَمْعُ قِلَّةٍ، وَذَكَرَ جَمْعَ الْقِلَّةِ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُمْ مَعَ ذُلِّهِمْ كَانُوا قِلَّةً، وَمَعْنَى الذُّلِّ ضُعْفُ قوتهم، وَقِلَّةُ عَدَدِهِمْ وَسِلَاحِهِمْ، بالنسبةِ لعدوهم.

 

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾: فَإِنَّ التَّقْوَى هِيَ سَببُ تَحقِيقِ الشُّكْرِ، وبُلوغِ مَنْزِلَتِهِ، وقيل: وُضِع الشكرُ موضِعَ سببِه الذي هو الإنعامُ، وتقدير الكلام: فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ يُنعمُ اللهُ عليكم بالنصر ِكما فعل ذلك من قبل.

 

﴿ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ ﴾:

اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذَا الْوَعْدَ: هل كانَ يَوْمَ بَدْرٍ، أَوْ يَوْمَ أُحُدٍ؟

 

والراجح أنه كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ، وهو ظاهر سياق الكلام، أنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَرَهُمْ بِبَدْرٍ حِينَمَا قَالَ الرَّسُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ: ﴿ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ...... ﴾، وأيضًا لقِلَّةِ عَدَدِ الْمُؤْمِنِينَ وَقِلَّةِ عُدَدِهم يَوْمَ بَدْرٍ احتاجوا إِلَى مَا يُقوي قُلُوبَهُم؛ قَالَ الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ: ﴿ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ ﴾، قَالَ: هَذَا يَوْمُ بَدْر[1].

 

وأما اختلافُ الأعدادِ بِذكرِ أَلْفٍ أولًا ثُمَّ ثَلَاثَةِ آلَافٍ، ثُمَّ خَمْسَةِ آلَافٍ، فترقٍ في الخطابِ لإظهار منة الله تعالى على الْمُؤْمِنِينَ، فقد أَمَدَّهم اللهُ تَعَالَى بِأَلْفٍ ثُمَّ زَادَهم أَلْفَيْنِ فَصَارُوا ثَلَاثَةَ آلَافٍ، ثُمَّ زَادَ أَلْفَيْنِ فَصَارُوا خَمْسَةَ آلَافٍ، زيادةً في تثبيت قلوبهم؛ قَالَ الرَّبِيع بْنُ أَنَسٍ: أَمَدَّ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِأَلْفٍ، ثُمَّ صَارُوا ثَلَاثَةَ آلَافٍ، ثُمَّ صَارُوا خَمْسَةَ آلَافٍ.

 

وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ ﴾. سؤال الغرض منه التقرير؛ وقال: ﴿ أَلَنْ ﴾؛ لتأكيد النفي لأنهم كانوا لقلتهم وكثرة عدوهم كالآيسين من النصر، وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يَكْفِيَكُمْ ﴾ من الْكِفَايَةِ، وهِي سَدُّ الْخَلَّةِ وَالْقِيَامُ بِالْأَمْرِ.

 

الْمَدُّ فِي الْأَصْلِ: عِبَارَةٌ عَنْ بَسْطِ الشَّيْءِ، واتصاله بغيره، وأصله من مد الحبل؛ قَالَ الْمُفَضَّلُ: مَا كَانَ عَلَى جِهَةِ الْقُوَّةِ وَالْإِعَانَةِ، قِيلَ فِيهِ: أَمَدَّهُ يُمِدُّهُ، وَمَا كَانَ عَلَى جِهَةِ الزِّيَادَةِ قِيلَ فِيهِ: مَدَّهُ يَمُدُّهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ﴾ [لقمان: 27].

 

وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يُمِدَّكُمْ ﴾ منْ أَمَدَّ ويكون في حق الْمُؤْمِنِينَ غالبًا؛ كما في هذه الآية، وكما قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ [الطور: 22]، ولفظ: مَدَّ في حَقِّ الكُفَّارِ غالبًا؛ كما قال تعالى: ﴿ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا ﴾ [مريم: 79]، وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ مُنْزَلِينَ ﴾؛ أي: بالنصر، وتثبيت قلوب المؤمنين.

 

﴿ بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا ﴾: بَلَى: جوابٌ للسؤالِ المتقدمِ في قوله: ﴿ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ ﴾. وَلَمَّا كان السؤالُ منفيًّا بلَنْ، أتى الجوابُ ببَلَى، والمعنى: بَلَى يَكْفِيكُمُ الْإِمْدَادُ بِهِمْ، وقد جعل اللهُ تَعَالَى نزولَ الْمَلَائِكَةِ مَشْرُوطًا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ، الصَّبْرُ وَالتَّقْوَى وَمَجِيءُ الْكُفَّارِ عَلَى الْفَوْرِ، ولَمَّا تحقَّقَ ذلكَ يَوْمَ بَدْرٍ، أَمَدَّهُمُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ.

 

قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ هَذَا يَوْمَ بَدْرٍ، أَمَدَّهُمُ اللَّهُ بِأَلْفٍ ثُمَّ صَارُوا ثَلَاثَةَ آلَافٍ، ثُمَّ صَارُوا خَمْسَةَ آلَافٍ.

 

الْفَوْرُ: الْعَجَلَةُ وَالْإِسْرَاعُ، وَأَصْلُهُ مِنْ فَارَتِ الْقِدْرُ إذا اشْتَدَّ غَلَيَانُهَا، وَبَادَرَ مَا فِيهَا إِلَى الْخُرُوجِ؛ ومنه قوله تَعَالَى: ﴿ حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ ﴾ [هُودٍ: 40]، ثُمَّ اسْتُعِيرَ الْفَوْرُ لِلسُّرْعَةِ، والمعنى: إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ سَاعَتِهِم هذهِ يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ.

 

﴿ مُسَوِّمِينَ ﴾؛ أَيْ: مُعَلِّمِينَ، عَلَّمُوا أَنْفُسَهُمْ بِعَلَامَاتٍ مَخْصُوصَةٍ.

 

﴿ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ ﴾: بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى الحكمةَ التي من أجلها أخبرَ المؤمنينَ بنزولِ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ، وهي أنه تَعَالَى جعلَ ذَلكَ بِشَارَةً أهلِ الإيمانِ وَتَطْمِينًا لقُلُوبِهِمْ، بِأَنَّهُمْ مَنْصَرُونَ.

 

﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾: لَوْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى لَانْتَصَرَ مِنْ أَعْدَائِهِ بغيرِ قِتَالِ الْمُؤْمِنِينَ لهمْ، لَكِنَّهَا سنةُ اللهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ﴾ [محمد: 4].

 

لتَمْحِيصِ الْمُؤْمِنِينَ، ومَحْقِ الْكَافِرِينَ؛ كمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران: 140].

 

﴿ لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾: ليَهْلِكُ اللهُ تَعَالَى طَائِفَةً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ تَعَالَى، وَجَحَدُوا نُبُوَّةَ نَبِيِّهِمْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسبقَ في علمِ اللهِ تَعَالَى أنهم لن يهتدوا؛ فَقَتَلَ يَوْمَ بَدْرٍ صَنَادِيدُ الْكُفَّارِ وَقَادَتُهُمْ وَقَطَعَ اللهُ شَرَّهم، واستأصلَ شأفتهم.

 

﴿ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ ﴾: أَوْ يُخْزِيهِم وَيُحْزِنُهُمْ، وَالْمَكْبُوتُ الْمَحْزُونُ، فيَرْجِعَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ خَائِبِينَ.

 

قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾.

 

سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَة:

سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَة مَا ثبتَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَشُجَّ فِي رَأْسِهِ، فَجَعَلَ يَسْلُتُ الدَّمَ عَنْهُ، وَيَقُولُ: «كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ؟»، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ﴾[2].

 

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ، قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَرُبَّمَا قَالَ: إِذَا قَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ اللَّهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ»، يَجْهَرُ بِذَلِكَ، وَكَانَ يَقُولُ فِي بَعْضِ صَلاَتِهِ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ: «اللَّهُمَّ العَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا، لِأَحْيَاءٍ مِنَ العَرَبِ»، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ﴾[3].

 

ولا مانع أن يكون الأمران سببًا لنزول الآية، ويجمع بينهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لَحْيَانَ وَبَنِي عُصَيَّةَ، لما غَدَرُوا بِالْقُرَّاءِ وَقَتَلُوهُمْ، فلمَّا كانَ يَوْمُ أُحُدٍ كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشُجَّ فِي رَأْسِهِ؛ فَدَعَا فَأَنْزَلَتْ الآيةُ.

 

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ رِعْلٌ، وَذَكْوَانُ، وَعُصَيَّةُ، وَبَنُو لَحْيَانَ، فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَسْلَمُوا، وَاسْتَمَدُّوهُ عَلَى قَوْمِهِمْ، «فَأَمَدَّهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ»، قَالَ أَنَسٌ: كُنَّا نُسَمِّيهِمُ القُرَّاءَ، يَحْطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، فَانْطَلَقُوا بِهِمْ، حَتَّى بَلَغُوا بِئْرَ مَعُونَةَ، غَدَرُوا بِهِمْ وَقَتَلُوهُمْ، فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَبَنِي لَحْيَانَ[4].

 

﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ﴾: خِطَابٌ للنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ينهاه الله تعالى عَنِ الدُّعَاءِ على المشركين على ما اقترفوه، فَكَفَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ؛ فالْأَمْرُ كُلُّهُ للهِ، وله الحكم في الأولى والآخرة، لا رادَّ لأمره، ولا معقِّب لحُكمه، وكان ذلك باجتهادٍ منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْأَحْكَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بِوَحْي.

 

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ﴾؛ أَيْ: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْحُكْمِ شَيْءٌ فِي عِبَادِي إِلَّا مَا أَمَرْتُكَ بِهِ فِيهِمْ، وَالْحِكْمَةُ من النهي عن الدعاء عليهم أَنَّهُ تَعَالَى يعْلَمُ أنَّ مِنْ هؤلاء الْكُفَّارِ من سيؤمنُ، أَوْ سيَكُونُ منهُ مُسْلِمُون أتقياء.

 

وَقَوْلُهُ: ﴿ لَيْسَ لَك مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ﴾، جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ قولهِ تَعَالَى: ﴿ لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ ﴾، وقولهِ تَعَالَى: ﴿ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾؛ لبيانِ أَنَّ الحُكْمَ على العبادِ لَهُ وَحْدَهُ سبحانه، وليس لأحد من الخلق فيه شيءٌ.

 

﴿ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾: الْآيَةُ مُتَّصِلَةٌ بِمَا قَبْلَهَا وَتَقْدِيرُ الكلامِ: (لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا، أَوْ يَكْبِتَهُمْ، أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، أَوْ يُعَذِّبَهُمْ).

 

وقوله تعالى: ﴿ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ علةٌ للعذاب إذا وقع عليهم فإنهم ظلموا أنفسهم بالكفر بالله تعالى وعبادة غيره؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13].

 

الأَسَالِيبُ البَلَاغِيةُ:

من الأساليب البلاغية في الآيات: تلوينُ الخطابِ في قوله تعالى: ﴿ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾، بتخْصِيصِهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ تشريفًا له وإيذانًا بأن وقوعَ النصرِ كان ببشارته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

الهمزة للسؤالِ الذي يفيدُ الانكارَ في قَولِ اللهُ تَعَالَى: ﴿ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ ﴾، وقد أحالت النفي إلى إيجاب.

 

ووُضِع الشكرُ موضِعَ سببِه الذي هو الإنعامُ في قوله: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾.

 

ومنها: ذكر اسم الربِّ في قوله: ﴿ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ ﴾، مع إضافته إلى ضمير المخاطبين؛ لإظهار عنايةِ الله تعالى بهم وإشعارِهم بعلةِ الإمداد.



[1] تفسير ابن أبي حاتم (3/ 755)

[2] رواه مسلم، كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ غَزْوَةِ أُحُدٍ، حديث رقم: 1791، والبخاري تعليقًا، بَابُ: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [آل عمران: 128]، (5/ 99).

[3] رواه البخاري، كِتَابُ تَفْسِيرِ القُرْآنِ، بَابُ: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: 128]، حديث رقم: 4560.

[4] رواه البخاري، كِتَابُ الجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ العَوْنِ بِالْمَدَدِ، حديث رقم: 3064، ومسلم، كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةَ، بَابُ اسْتِحْبَابِ الْقُنُوتِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ إِذَا نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ، حديث رقم: 677.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من كمال عدل الله تعالى مجازاة العباد بقدر أعمالهم
  • عجيب شأن أولئك اليهود المجرمين
  • الشيطان لا يرضي من بني آدم إلا الإيغال في الضلال
  • أجر أعظم مما يخطر بالبال ويدور بالخيال
  • هل بقي لأحد بعد الله فضل أو إحسان
  • تفسير قوله تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ...}
  • تفسير قوله تعالى: { ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم }
  • تفسير قوله تعالى: { وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين... }

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: { ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: ﴿ إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم... ﴾(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شناعة جحود النعم وقوله تعالى (إن الإنسان لربه لكنود)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • بيان نسبة القول أو الفعل إلى الله تعالى وهو قول أو فعل الملائكة بأمره (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • بلاغة قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة)، مع موازنته مع ما استحسنته العرب من قولهم: "القتل أنفى للقتل"(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/2/1447هـ - الساعة: 14:45
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب