خاطرة حول البرياني وأشياء أخرى في الهند

خاطرة

حول البرياني وأشياء أخرى في الهند

1- كتب إليَّ أخي الدكتور عبدالحكيم الأنيس ما يأتي:

ما رأيُكُمْ بَعْدَ الصلاة إذا أَتى ليزورَكُمْ وفدٌ منَ الضِّيفانِ؟ لا تَذبحوا شاةً ولا تتكلَّفوا يكفيهمُ طبقٌ من "البرياني" وتذكَّروا "الحلوى" فأنتمْ أهلُها بعُمَان قد عُرِفَتْ وفي عمَّانِ وإذا صنعتمْ بعد ذلك "قهوةً" فلكم مزيدُ الشكرِ والعِرفانِ أمَّا الحديثُ فإنه خيرُ القِرى وأجلُّه ما كانَ في "القرآنِ"

فأجبته:

أهلًا وسهلًا بالضيوفِ ومرحبًا في كلِّ وقتٍ شئتمُ وأَوانِ لهفي على تلك الزياراتِ التي تزكو بنورِ العلمِ والقرآنِ تشريفُكم أُنسٌ، وفيه فوائدٌ في الشامِ أو بغدادَ أو عمَّانِ ونظلُّ نرشفُ بنتَ (بُنٍّ) حلوةً سمراءَ في قدٍّ وفي أفنانِ

2- والبرياني طعامٌ لذيذ، مادتُه اﻷساسية اﻷرز، ومصدره الهند؛ نظرًا لكثرة زراعته فيها.

وقد أصبح طعامًا شائعًا في دول الخليج العربي والعراق، وهو من اﻷطعمة المفضلة في هذه البلاد.

وقد زرتُ عددًا من المدن الهندية، منها: كيرلا، واستمتعت كثيرًا مع أهلها، وزُرْت عددًا من جامعاتها.

وأكَلْنا البريانيَّ في أكثر من موضع، ولاسيما في الجامعة النوريَّة بضيافة اﻷستاذ مولانا شيخ الجامعة علي كوتي المسليار حفظه الله ورعاه، وكانت تلك الزيارة يوم اﻷحد 19/ 1/ 2014.

وهذا الطعام قُدِّم لنا أيضًا في ديوبند في الجامعة اﻹسلامية العريقة..

وفي ندوة العلماء في مدينة لكنو، ومديرها اﻵن شيخُنا العلامة محمد الرابع الحسني حفظه الله ورعاه.

3- والبرياني أنواع، ومن أنواعه:

• البرياني التاليشيري.

• البرياني الحيدرابادي.

• البرياني المليباري.

هكذا تطول قائمته، كما أخبرنا بذلك أحد أعضاء المنتدى الدولي للعربية.

4- والبرياني قُدِّم لنا في بيت العالمة المسندة الشيخة الدكتورة عطية بنت الشيخ خليل حفيد الشيخ العلَّامة المحدث حسين بن محسن الأنصاري اليماني نزيل الهند، (توفيت ليلة الاثنين 3/ 1 /2016، ودفنت في مقبرة الشارقة رحمها الله عز وجل وأسكنها فسيح جناته)، كانت رحمها الله قد دعَتْني ومعي ولدي همامٌ إلى بيتها العامر في دبي على غداء شهيٍّ من البرياني، ولم أتذوَّق مثله من أنواع البرياني، والمسندة العالمة المذكورة تروي عن أبيها عن جده، وعن الشيخ العلامة اللغوي عبدالعزيز الميمني، كلاهما عن الشيخ المحدث حسين بن محسن الأنصاري المحدث المشهور، وهو أحد أعمدة اﻷسانيد في شبه القارة الهندية، وهي ممن أكرمني الله باﻷخذ عنها، وقد أجازَتْ لي.

5- وأخبرنا اﻷخ الشيخ وليد فائق الحسيني حول ذكر البرياني، فقال:

كنت قد ذهبت إلى الهند مرتين... وبينما كنت أمشي في شوارع بنجارا الجميلة في حيدراباد كنت أرى البرياني يملأ مطاعمَها، وكان شهيَّ المنظر، بهيَّ العِطر، كأنه العنبر، يزينه اللحم الأبيض والأحمر، لكن عسر عليَّ التفاهم مع صاحب المطعم؛ إذ كان لا يجيد إلا لغة الأوردو، وقِدرُ البرياني بعيدٌ عني وحوله قدور كثر، وأنا أشير إليه وهو يشير إلى غيره... وبعد صعوبة اتفقت إشارتانا، فقال: (برياني)؟ نطقها، وكأنه يتكلَّم باللهجة العراقية، فضحكت وقلت: أبعدَ هذا التعب تبين أن الاسم متشابه!

فأكلته... لا أتاكم خبري وخبره! كان في فمي كأنَّه نارٌ تلظَّى، ولسان حالي ينادي أهل المطعم: أفيضوا علينا من الماء..

وفي المدرسة النظامية الحلقيَّة العريقة، قدَّم لي شيخنا العلامة محمد عقيل المعروف بـ (شيخ نور الدين بازاري) طبقًا من برياني، فاعتذرت وقلت له: ذُقته مرة فأحرقني فتبتُ، فابتسم قائلًا: إن الله يحبُّ التوابين.

6- وقال أخي الدكتور الشيخ عبدالحكيم اﻷنيس: قلت في الهند: مَن زارها احترق فمُه، ومعدتُه، وقلبه...

قلت: البرياني أنواعٌ، وأنا أحمد الله على السلامة؛ بأن يسَّر لي أفضل أنواعه وأشهاها؛ فلم يحترق مني شيءٌ، والحمد لله.