اللقيط: إسلامه وولاؤه وماله وميراثه

اللقيط: إسلامه وولاؤه وماله وميراثه

المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع

قوله: (وهو طفل لا يُعرف نَسَبُه ولا رِقُّه، نُبذَ أو ضلَّ وهو حر...) إلى آخره[1].

قال في ((الإفصاح)): واتفقوا على أنه إذا وُجِدَ اللقيط في دار الإسلام فهو مسلم[2]، إلا أن أبا حنيفة[3] قال: إن وجد في كنيسة أو بيعة أو قرية من قُرى أهل الذِّمة فهو ذِمي.

واتفقوا على أنه حُرّ وأن ولاءه لجميع المسلمين[4]، وإن وجد معه مال أنفق عليه منه، وإن لم يوجد معه نفقة أنفق عليه من بيت المال، فإن امتنع بعد بلوغه من الإسلام لم يُقر على ذلك، فإن أبى قُتِل عند مالك[5] وأحمد[6].

وقال أبو حنيفة[7]: يُجبر ولا يُقتل.

وقال الشافعي[8]: يُزجر عن الكُفر، فإن أقام عليه أُقر عليه إلا أنه إن أظهر دينًا يُقرُّ عليه بالجزية كان كأهل الذِّمة، وإن أظهر دينًا لا يُقرُّ عليه رُدَّ إلى مأمنه من أهل الحرب.

واتفقوا على أنه يحكم بإسلام الصغير بإسلام أبيه[9].

واتفقوا على أنه يحكم بإسلامه بإسلام أمه كأبيه[10]، سوى مالك[11] فإنه قال: لا يُحكم بإسلامه بإسلام أُمِّه، وقد روى ابن نافع عن مالك[12] كمذهب الجماعة.

واختلفوا في إسلام الصبي ورِدته:

فقال أبو حنيفة[13] وأحمد[14]: يصح إذا كان مميزًا.

وقال الشافعي[15]: لا يصح إلا بعد بلوغه.

وعن مالك[16] روايتان كالمذهبين))[17].

وقال ابن رشد: ((باب في اللقيط والنظر في أحكام الالتقاط وفي الملتقط واللقيط وفي أحكامه.

وقال الشافعي[18]: كل شيء ضائع لا كافل له فالتقاطه [من فروض الكفايات]، وفي وجوب الإشهاد عليه خيفة الاسترقاق خلاف.

والخلاف فيه مبني على الاختلاف في الإشهاد على اللقطة، واللقيط: هو الصبي الصغير غير البالغ.

وإن كان مميزًا ففيه في مذهب الشافعي[19] تردُّد، والملتقط: هو كل حُر عدل رشيد، وليس العبد والمكاتَب بملتقط، والكافر يلتقط الكافر دون المسلم؛ لأنه لا ولاية له عليه، ويلتقط المسلم الكافر، ويُنزع من يد الفاسق والمبذر، وليس من شرط الملتقط الغنى ولا تلزم نفقة الملتقط على من التقطه، وإن أنفق لم يرجع عليه بشيء.

وأما أحكامه: فإنه يُحكم له بحكم الإسلام إن التقطه في دار المسلمين، ويحكم للطفل بالإسلام بحكم أبيه عند مالك[20].

وعند الشافعي[21] بحكم من أسلم منهما، وبه قال ابن وهب من أصحاب مالك[22].

وقد اختلف في اللقيط: فقيل: إنه عبد لمن التقطه.

وقيل: إنه حر وولاؤه لمن التقطه.

وقيل: إنه حر وولاؤه للمسلمين، وهو مذهب مالك[23] والذي تشهد له الأصول، إلا أن يثبت في ذلك أثر تخصص به الأصول، مثل قوله عليه الصلاة والسلام: (ترثُ المرأة ثلاثة: لقيطها، وعتيقها، وولدها الذي لاعنت عليه)[24]))[25].

وقال البخاري: ((باب: إنما الوَلاءُ لِمَن أَعتَقَ، وميراثُ اللَّقِيط.

وقال عمر: اللَّقِيطُ حُرٌّ.

وذكر حديث بريرة[26] وابن عمر[27])).

قال الحافظ: ((هذه الترجمة معقودة لميراث اللقيط، فأشار إلى ترجيح قول الجمهور[28] أن اللقيط حُرّ وولاؤه في بيت المال، وإلى ما جاء عن النخعي أن ولاءه للذي التقطه، واحتج بقول عمر لأبي جميلة في الذي التقطه: اذهب فهو حر، وعلينا نفقته ولك ولاؤه[29]))[30].