الوقف على القرآن (PDF)

الوقف على القرآن

يزخر التاريخ الإسلامي بجوانب عديدة من أوجه التكافل الاجتماعي تستحق الفخر والتقدير، ومن أهم هذه الجوانب "الوقف الإسلامي" حيث تفنن المسلمون الأوائل في تخصيص أوقافهم وفي توجيهها إلى حال من الإحسان، حتى بلغت ما لا يخطر على بال إنسان في شرق ولا في غرب، ومن جملة هذه الأوقاف الوقف على القرآن وتعليمه وتدريسه ونشره بين أبناء المسلمين وشبيبتهم، فقد أيقنت الأمة أن مجد الدنيا وعز الآخرة في القرآن وعملت بهذا اليقين، وبهذا اليقين بذلت الأموال لإنشاء المساجد الكبرى، وإقامة دور القرآن بها، وإنشاء المدارس العلمية التي احتلت فيها قاعات القرآن الصدارة، فنجد في حلب كان المسجد الأموي يقرر من وقفه أرزاق لإقراء القرآن من علمائها أو من الوافدين، وفي دمشق أقيمت أقدم دار للقرآن بها وكانت تسمى "دار القرآن الرشائية" والتي أنشأها الإمام أبو الحسن رشأ بن نظيف آخر من انتهت إليه الرياسة في قراءة عبدالله بن عامر، ونجد الإمام المقرئ ابن الجزري ينشئ دارًا للقرآن في دمشق ثم ينتقل إلى شيراز فينشئ دارًا للقرآن هناك ويدفن فيها.. وهناك المئات من الأمثلة التي ستطالعها في هذه الرسالة عن الوقف القرآني وأمجاد المسلمين فيه خلال عهدهم الذهبي، قال "أ. علاء الدين حسن":

"وإذا كانت الحضارة الإسلامية قد شهدت ازدهارها في هذا الوقت؛ فإن الوقف كان له أثر رئيس في ذلك، حتى يصح أن ندعوه مع بعض الباحثين: صانع الحضارة الإسلامية، ومصدر حيوية المجتمع وفعاليته، ووسيلة للحفاظ على غايته ومثله النبيلة، وليس بخافٍ على أحد أن تعاليم الإسلام بشأن الاقتصاد في غاية الشمولية؛ بحيث يحقق التوازن ويغطي احتياجات الإنسان".