• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الداخلون الجنة بغير حساب (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    خطبة: الذين يصلي عليهم الله وتصلي عليهم الملائكة
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    حسن الظن بالله تعالى (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    خطبة: صلاة الاستسقاء
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    هل الكلب طاهر أم نجس؟ دراسة فقهية موجزة
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    البصيرة في زمان الفتن - منهجية رد المتشابهات، ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    من نعم الابتلاء بالمرض (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    إن للموت لسكرات (خطبة)
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خلاف العلماء في حكم لبن الميتة وإنفحتها
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    خلاف الفقهاء في حكم الاستنجاء
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: توازن شخصيته ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    وقاحة التبرير (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    وقفات تربوية مع سورة الإخلاص (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    خطب الاستسقاء (15) أسباب الغيث المبارك
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    سنة الحياة..
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    دلالة السياق في تنوع الحركات في البنية نفسها في ...
    د. صباح علي السليمان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير سورة الزلزلة

تفسير سورة الزلزلة
يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/2/2025 ميلادي - 10/8/1446 هجري

الزيارات: 1182

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ

 

سُورَةُ (الزَّلْزَلَةِ): سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ[1]، وَآيُهَا ثَمانُ آيَاتٍ.

 

أَسْمَاءُ السُّورَةِ:

وَقَدْ ذُكِرَ مِنْ أَسْمَائِهَا: سُورَةُ (إِذَا زُلْزِلَتْ)، وَسُورَةُ (الزِّلْزَالِ)، وَسَورَةُ (زُلْزِلَتْ)، وَسُورَةُ (الزَّلْزَلَةِ)[2].

 

الْمَقَاصِدُ الْعَامَّةُ لِلسُّورَةِ:

اِحْتَوَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى مَقَاصِدَ عَظِيمَةٍ، مِنْ أَهَمِّهَا[3]:

• اِنْقِسَامُ النَّاسِ فِي الْجَزَاءِ في دَارِ الْبَقَاءِ إِلَى سَعَادةٍ وَشَقَاءٍ.

 

• إِثْبَاتُ الْبَعْثِ وَذِكْرُ أَشْرَاطِهِ، وَمَا يَعْتَرِي النَّاسَ عِنْدَ حُدُوثِهِ مِنَ الْفَزَعِ.

 

• حُضُورُ النَّاسِ لِلْحَشْرِ، وَجَزَائُهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ.

 

مِنْ فَضَائِلِ السُّورَةِ:

جَاءَ في فَضْلِ هَذِهِ السُّورَةِ: حَدَيثٌ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: «أَتَى رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَقْرِئْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ لَهُ: اقْرَأْ ثَلَاثًا مِنْ ذَاتِ ﴿ الر ﴾، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: كَبُرَ سِنِّي وَاسْتَدَّ قَلْبِي، وغَلُظَ لِسَانِي، قَالَ: فَاقْرَأْ مِنْ ذَاتِ ﴿ حم ﴾، فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ الْأُولَى، فَقَالَ: اقْرَأْ ثَلَاثًا مِنَ الْمُسَبِّحَاتِ، فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَلَكِنْ أَقْرِئْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ سُورَةً جَامِعَةً، فَأَقْرَأَهُ: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهَا قَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزْيَدُ عَلَيْهَا أَبَدًا، ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَفْلَحَ الرُّوَيْجِلُ! أَفْلَحَ الرُّوَيْجِلُ!»[4].

 

شَرْحُ الْآيَاتِ:

قَولُهُ: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ ﴾، أَيْ: اضْطَرَبَتْ وَتَحَرَّكَتْ لِقِيَامِ السَّاعَةِ، ﴿ زِلْزَالَهَا ﴾، أَيْ: تَحَرُّكًا شَدِيدًا مُنَاسِبًا لِعَظَمَتِهَا، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيم ﴾ [الحج:1] [5].

 

قَولُهُ: ﴿ وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾، أَيْ: مَا في جَوْفِهَا مِنَ الْكُنُوزِ وَالدَّفائِنِ وَالْأَمْواتِ؛ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّت ﴾ [الانشقاق:4][6]، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَقِيءُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَيَجِيءُ الْقَاتِلُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَتَلْتُ، وَيَجِيءُ الْقَاطِعُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِي، وَيَجِيءُ السَّارِقُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قُطِعَتْ يَدِي، ثُمَّ يَدَعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئًا»[7] [8].

 

قَولُهُ: ﴿ وَقَالَ الإِنسَانُ ﴾، أي: حِينَ رَأَىْ هَذِهِ الْأَرْضَ تَرْجُفُ رَجْفًا شَدِيدًا، وَقَدْ أَخْرَجَتْ مَا فِي بَاطِنِهَا، يَقُولُ مُنْدَهِشًا مُتَعَجِّبًا: ﴿ مَا لَهَا ﴾، أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ عَرَضَ لَهَا؟ لِمَا يَبْهَرُهُمْ مِنَ الْأَمْرِ الْفَظِيعِ[9].

 

وقِيلَ: الْمُرادُ بِـ "الْإنْسَان": الكافِرُ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ يَعْلَمُ مَا لَها، وَيَقُولُ: ﴿ هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُون ﴾ [يس:52][10].

 

قَولُهُ: ﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾: بَدَلٌ مِن (إِذَا)، أَيْ: في ذَلِكَ الوَقْتِ، ﴿ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾، أَيْ: تُخْبِرُ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ[11]، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ [الزلزلة:4]،قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ وَأَمَةٍ بِمَا عَمِل عَلَىْ ظَهْرِهَا، أَنْ تَقُولَ: عَمِلَ كَذَا وَكَذَا، يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا»[12] [13].

 

قَولُهُ: ﴿ بِأَنَّ ﴾، الْبَاءُ: سَبَبِيَّةٌ[14]، ﴿ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾، أَيْ: أَمَرَهَا بِأَنْ تُخْبِرَ[15].

 

قَولُهُ: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ ﴾، أَيْ: يَنْصَرِفُونَ مِنَ مَوْقِفِ الْحِسَابِ، ﴿ أَشْتَاتًا ﴾، أَيْ: مُتَفَرِّقِينَ، فَآخِذٌ ذَاتَ الْيَمِينِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَآخِذٌ ذَاتَ الشِّمَالِ إِلَى النَّارِ[16]، ﴿ لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُم ﴾ أَيْ: لِيَنْظُرُوا إِلى جَزَاءِ أَعْمَالِهِمْ[17].

 

قَولُهُ: ﴿ فَمَن يَعْمَلْ ﴾، أي: في الدُّنْيَا، ﴿ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾، أَيْ: زِنَةَ ذَرَّةٍ، والذَّرَّةُ أصْغَرُ النَّمْلِ، ﴿ خَيْرًا يَرَه ﴾، أَيْ: يَرَى ثَوابَهُ في الْآخِرَةِ[18].

 

قَولُهُ: ﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ﴾، أي: يَرَى جَزَاءَهُ في الْآخِرَةِ[19].

 

وَقَدْ سَمَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الآيَةَ جَامِعَةً فاذَّةً، كَمَا في حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا ذَكَرَ أَقْسَامَ الْخَيْلِ وَأَنَّهَا ثَلَاثَةٌ، فَقِيلَ لَهُ: «فَالْحُمُرُ -جمع حمار- يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَيَّ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا هَذِهِ الْآيَةَ الْجَامِعَةَ الْفَاذَّةَ: ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ﴾[الزلزلة:8]»[20]. وَمَعْنَى جَوابِهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنَّهَا آيَةٌ مُنْفَرِدَةٌ في عُمُومِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَلَا أَعْلَمُ آيَةً أَعَمَّ مِنْها؛ لِأَنَّهَا تَعُمُّ كُلَّ خَيْرٍ وَكُلَّ شَرٍّ"[21].

 

بَعْضُ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَخْلَصَةِ مِنَ الْآيَاتِ:

عِظَمُ الْخَطْبِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ [الزلزلة:1]،وَالْآيَاتِ بَعْدَهَا:أَنَّهُ يَحْدُثُ لِلْأَرْضِ عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ أَهْوَالٌ وَحَرَكَةٌ شَدِيدَةٌ، لَا يَقْدُرُ قَدْرَها وَلَا يَبْلُغُ كُنْهَها، وَلَا يَعْلَمُ كَيْفِيَّتَها إِلَّا رَبُّ الْعَالَمِينَ. وَفِي ذَلِكَ: دَعْوَةٌ لِلِاسْتِعْدادِ لِيَوْمِ الْمَعَادِ، فَهُوَ يَوْمٌ عَظِيمٌ، يَوْمُ الْأَهْوَالِ وَالشَّدَائِدِ الَّتِي مِنْهَا زَلْزَلَةُ الْأَرْضِ الْعَظِيمَةِ، فَهَذَا يَدْعُو لِأَنْ يُعَلِّقَ الْمُسْلِمُ قَلْبَهُ بِالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَيَزْهَدَ في هَذِهِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهَا فَانِيَةٌ وَتِلْكَ بَاقِيَةٌ، وَالْعَاقِلُ مَنْ قَدَّمَ الْبَاقِيَ عَلَىْ الْفَانِيْ.

 

بَعْضُ مَا يَحْصُلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْأَهْوَالِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾ [الزلزلة:2-5]: عِدَّةُ مَسَائِلَ، مِنْهَا:

 

الْأُولَى: أَنَّ الْأَرْضَ تَلْفِظُ مَا في بُطُونِهَا مِنَ الْأَمْوَاتِ وَالْأَجْسَامِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَذَلِكَ بَعْدَ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالى: ﴿ وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ [الزلزلة:2]، وَكَمَا قَالَ تَعَالى: ﴿ وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّت * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّت ﴾[الانشقاق:3-4].

 

الثَّانِيَةُ: شِدَّةُ حَيْرَةِ الْإِنْسَانِ وَدَهْشَتِهِ في ذَلِكَ الْيَوْمِ الْعَظيمِ لِهَوْلِ مَا يَحْدُثُ فِيهِ، وَمِنْ هَوْلِهِ تَشِيبُ رُؤُوسُ الْمَوَالِيدِ، وَتُسْقِطُ ذَوَاتُ الْأَحْمَالِ حَمْلَهُنَّ.

 

الثَّالِثَةُ: أَنَّ الْأَرْضَ في هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ تَتَكَلَّمُ حَقِيقَةً، وَتَشْهَدُ عِنْدَ اللهِ بمَا حَصَلَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ[22]؛ وِلِهَذَا قاَلَ الْعُلَمَاءُ: مَنْ عَصَىْ اللهَ تَعَالَىْ فِيْ مَوْضِعٍ مِنَ الْأَرْضِ فَلْيُطِعْهُ في نَفْسِ الْمَوْضِعِ؛ حَتَّى يَشْهَدَ لَهُ بِالْحَسَنَاتِ، كَمَا سَيَشْهَدُ لَهُ بِالسَّيِّئَاتِ، وَقَدْ قَالَ اللهُ:﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ﴾[هود:114].

 

الرَّابِعَةُ: اِسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ [الزلزلة:4]: عَلَى أَفْضَلِيَّةِ انْتِقَالِ الْمُصَلِّي مِنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي صَلَّى فيهِ الْفَرْضَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ النَّافِلَةَ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنَ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ[23]، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ[24].

 

وَعِلَّةُ ذَلِكَ: تَكْثِيرُ مَوَاضِعِ السُّجُودِ لِأَجْلِ أَنْ تَشْهَدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلِأَجْلِ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّافِلَةِ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّصلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ إِذَا صَلَّى أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، يَعْنِي: السُّبْحَةَ»[25]، أَيْ: صَلَاةَ النَّافِلَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ.

 

الْخَامِسَةُ: أَنْ يَحْذَرَ الْعَبْدُ مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى أَرْضِهِ، وَكُلُّ مَكَانٍ مِنَ الْأَرْضِ سَيُخْبِرُ بِمَا عُمِلَ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ.

 

رُؤْيَةُ الْأَعْمَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُم ﴾ [الزلزلة:6]: بَيَانُ أَنَّ النَّاسَ يُغَادِرُونَ الْمَوْقِفَ وَهُوَ الْمَحْشَرُ أَشْتَاتًا مُتَفَرِّقِينَ فِرَاقًا لَا اجْتِمَاعَ، وَلَا لِقَاءَ بَعْدَهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُون ﴾ [الروم:14][26]، وَذَلِكَ عَلَى حَسَبِ أَعْمَالِهِمْ ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُون * وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاء الآخِرَةِ فَأُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُون ﴾[الروم:15-16].فَكُلُّ إِنْسَانٍ يَرَى مَا قَدَّمَ مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ أَوِ الشَّرِّ، وَلَيْسَ بِإِمْكَانِهِ أَنْ يُبَدِّلَ أَوْ يُغَيِّرَ، أَوْ يَتَرَاجَعَ أَوْ يَتُوبَ، أَوْ يَسْتَكْثِرَ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، أَوْ يُقْلِعَ أَوْ يَتُوبَ مِنَ الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ.

 

عَدَمُ الِاسْتِهَانَةِ بِالْأَعْمَالِ خَيْرًا أَوْ شَرًّا وَإِنْ صَغُرَتْ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ﴾ [الزلزلة:7-8]: بَيَانٌ لِحَالِ الْأَعْمَالِ خَيْرِهَا وَشَرِّهَا، وأَنَّ الْعَمَلَ لَا يُهْمَلُ وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا، سَوَاءٌ كَانَ خَيْرًا أَوْ شَرًّا، كَمَا في هَذِهِ الْآيَةِ، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء:40]، فَالْأَعْمَالُ مَطْلُوبَةٌ خَيْرُهَا وَشَرُّهَا، لَا تَضِيعُ وَلَا تُنْسَى، يَجِدُهَا صَاحِبُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ يُبْصِرْهُ عِيَانًا، فَإِمَّا أَنْ يَسُرَّهُ، وَإِمَّا أَنْ يَضُرَّهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف:49][27].

 

فَعَلَىْ الْمُؤْمِنِ: أَنْ لَا يَحْقِرَ شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ خَيْرًا كَانَ أَوْ شَرًّا؛ وَلِهَذَا: فَقَدْ جَاءَ فِيْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ»[28]، وعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ: «ذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النَّارَ، فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ، فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ - قَالَ شُعْبَةُ: أَمَّا مَرَّتَيْنِ فَلاَ أَشُكُّ -، ثُمَّ قَالَ: اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ»[29]. وَعَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعُونَ خَصْلَةً أَعْلاَهُنَّ مَنِيحَةُ الْعَنْزِ، مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَةٍ مِنْهَا رَجَاءَ ثَوَابِهَا، وَتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا؛ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ»[30]، قَالَ حَسَّانُ: فَعَدَدْنَا مَا دُونَ مَنِيحَةِ الْعَنْزِ مِنْ رَدِّ السَّلاَمِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِمَاطَةِ الأَذَىْ عَنِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ، فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ»[31] [32].

 

أَعْظَمِ الْمَوَاعِظِ الْبَلِيغَةِ في الْقُرْآنِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ﴾[الزلزلة:7-8]: أَعْظَمِ الْمَوَاعِظِ الْبَلِيغَةِ في الْقُرْآنِ، وَفي الْحَديثِ عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ- عَمِّ الْفَرَزْدَقِ- «أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَرَأَ عَلَيْهِ:، ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ﴾ قَالَ: حَسْبِي، لَا أُبَالِي أَنْ لَا أَسْمَعَ غَيْرَهَا»[33]. وَعَنِ الْحَسَنِ رحمه الله قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ﴾، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: حَسْبِي إِنْ عَمِلْتُ ذَرَّةً مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ رَأَيْتُهُ، انْتَهَتِ الْمَوْعِظَة»[34] [35].



[1] ينظر: تفسير البغوي (8/ 498).

[2] ينظر: التحرير والتنوير (30/ 489).

[3] ينظر: مصاعد النظر (3/ 231)، التحرير والتنوير (30/ 490).

[4] أخرجه أحمد في المسند (6575) واللفظ له، وأبو داود (1399)، والحاكم في المستدرك (3964)، وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".

[5] ينظر: تفسير الطبري (24/ 558)، تفسير البغوي (8/ 498).

[6] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 330)، تفسير النسفي (3/ 669).

[7] أخرجه مسلم (1013).

[8] ينظر: تفسير البغوي (8/ 498).

[9] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 330)، تفسير السعدي (ص932).

[10] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 330)، تفسير النسفي (3/ 669).

[11] ينظر: تفسير الوجيز للواحدي (ص1223)، تفسير القرطبي (20/ 148).

[12] أخرجه الترمذي (2429) وقال: "حسن غريب صحيح"، وصححه ابن حبان (7360)، والحاكم في المستدرك (3012) وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".

[13] ينظر: تفسير البغوي (8/ 501-502).

[14] ينظر: تفسير ابن جزي (2/ 503)، تفسير القاسمي (9/ 526).

[15] ينظر: تفسير البغوي (8/ 502)، تفسير السعدي (ص932).

[16] ينظر: تفسير الطبري (24/ 562)، الوجيز للواحدي (ص1224)، تفسير الجلالين (ص818).

[17] ينظر: تفسير ابن عطية (5/ 511)، تفسير البيضاوي (5/ 330).

[18] ينظر: تفسير النسفي (3/ 670)، تفسير الجلالين (ص818).

[19] ينظر: تفسير الطبري (24/ 562).

[20] أخرجه البخاري (4962)، ومسلم (987) واللفظ له.

[21] التمهيد (4/ 219).

[22] ينظر: تفسير القاسمي (15/ 435).

[23] كشاف القناع للبهوتي (1/ 493).

[24] ينظر: شرح النووي على صحيح مسلم (6/ 170)، فتح الباري لابن رجب (7/ 431).

[25] أخرجه أحمد في المسند (9495)، وأبو داود (1006)، وابن ماجه (1427) واللفظ له.

[26] ينظر: تفسير البغوي (8/ 502).

[27] ينظر: تفسير القرطبي (20/ 150-151).

[28] أخرجه مسلم (2626).

[29] أخرجه البخاري (6023) واللفظ له، ومسلم (1016).

[30] أخرجه البخاري (2631).

[31] أخرجه أحمد في المسند (3818).

[32] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 462-463).

[33] أخرجه أحمد (20593).

[34] أخرجه ابن المبارك في الزهد (82).

[35] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 442).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة الزلزلة
  • تفسير سورة الزلزلة
  • تفسير سورة الزلزلة للأطفال
  • تفسير سورة الزلزلة

مختارات من الشبكة

  • لطائف البيان في تفسير القرآن: تفسير جزئي تبارك وعم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة المسد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الماعون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الكافرون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة العصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تدبر سورة الزلزلة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير قوله تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم
  • آلاف المسلمين يجتمعون في أستراليا ضمن فعاليات مؤتمر المنتدى الإسلامي
  • بعد ثلاث سنوات من الجهد قرية أوري تعلن افتتاح مسجدها الجديد
  • إعادة افتتاح مسجد مقاطعة بلطاسي بعد ترميمه وتطويره
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/5/1447هـ - الساعة: 8:22
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب