• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ترجمة الحجاج بن أرطأة وحكم روايته
    عبد السلام عبده المعبأ
  •  
    تخريج حديث: إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    جسر البركة الخفي (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    أهمية التطعيمات الموسمية (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال أهل العلم في الاحتفال بالأعياد
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الحديث الثالث عشر: تحريم الخيلاء
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    وجاءكم النذير (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    التعبد بترك الحرام واستبشاعه (خطبة) – باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    بستان الخطيب - الجزء التاسع (PDF)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    بحث حول حقيقة تكافئ الأجر والثواب لتكاليف الرجال ...
    محمد عادل حسن
  •  
    الإنسان والكون بين مشهد جلال التوحيد وجمال
    عامر الخميسي
  •  
    حديث في العدة والإحداد
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    مظاهر الأدب مع رسول الله (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    مسألة: العلج
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    خطبة: البشرى للمؤمنين
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    من مائدة العقيدة: أصول العقيدة الإسلامية
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

سورة البقرة (7) آيات الصلاة

سورة البقرة (7) آيات الصلاة
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/10/2022 ميلادي - 24/3/1444 هجري

الزيارات: 29092

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سورة البقرة (7)

آيات الصلاة


﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الْفَاتِحَةِ: 2-4]؛ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، وَحُجَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ، وَبُرْهَانًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، نَحْمَدُهُ عَلَى الْهِدَايَةِ وَالْكِفَايَةِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى الرِّعَايَةِ وَالْوِلَايَةِ، فَهُوَ الْمَحْمُودُ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ جَعَلَ الصَّلَاةَ عِمَادَ الدِّينِ، وَقُرَّةَ أَعْيُنِ الْخَاشِعِينَ، وَسُلْوَانَ الْمَهْمُومِينَ، وَمَفْزِعَ الْمَكْرُوبِينَ، وَأُنْسَ الْمُتَهَجِّدِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى، وَإِذَا أَحَاطَ بِهِ هَمٌّ دَعَا، فَيَسْتَجِيبُ لَهُ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ دُعَاءَهُ، وَيُعْطِيهِ سُؤَالَهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَجَاهِدُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى عِبَادَتِهِ، وَالثَّبَاتِ عَلَى دِينِهِ، وَالِاسْتِقَامَةِ عَلَى أَمْرِهِ، وَالتَّمَسُّكِ بِكِتَابِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا نَجَاةَ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا سَعَادَةَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، إِلَّا بِصِلَتِهِ بِاللَّهِ تَعَالَى: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 123-124].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: سُورَةُ الْبَقَرَةِ سُورَةٌ عَظِيمَةٌ، جَلِيلَةُ الْقَدْرِ، أُمِرَ بِقِرَاءَتِهَا مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِغَيْرِهَا، وَوُصِفَتْ بِمَا لَمْ يُوصَفْ بِهِ سِوَاهَا، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «...اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمَوْضُوعَاتُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ كَثِيرَةٌ، وَمَنَافِعُهَا عَدِيدَةٌ، وَفِيهَا عِلْمٌ غَزِيرٌ، وَخَيْرٌ كَثِيرٌ. وَكُرِّرَ ذِكْرُ الصَّلَاةِ فِيهَا نَحْوَ عَشْرِ مَرَّاتٍ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْعِنَايَةِ بِالصَّلَاةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.

 

فَفِي أَوَّلِ السُّورَةِ وُصِفَ الْمُتَّقُونَ بِأَنَّهُمْ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ، فَمَنْ لَمْ يُقِمْهَا فَلَيْسَ مِنَ الْمُتَّقِينَ؛ ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 2-3].

 

وَفِي ثَنَايَا السُّورَةِ أُمِرَ الْمُؤْمِنُونَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 43]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 110].

 

وَفِي آخِرِ السُّورَةِ أُمِرَ الْمُؤْمِنُونَ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَاةِ، وَلَا سِيَّمَا صَلَاةُ الْعَصْرِ؛ لِمَكَانَتِهَا وَفَضْلِهَا؛ وَذَلِكَ يَشْمَلُ الْمُحَافَظَةَ عَلَى وَقْتِهَا، وَإِحْسَانِ وُضُوئِهَا، وَتَمَامِ أَرْكَانِهَا، وَالْخُشُوعِ فِيهَا: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 238]، وَسَأَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالصَّلَاةُ الْوُسْطَى هِيَ صَلَاةُ الْعَصْرِ؛ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَجَاءَتْ أَحَادِيثُ عِدَّةٌ أَنَّ صَلَاةَ الْعَصْرِ هِيَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى، وَفِيهَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْقُنُوتِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ الْخُشُوعُ؛ وَلِذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ حَتَّى فِي حَالِ الْحَرْبِ، وَيُصَلِّي عَلَى الْحَالِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا وَلَا يَتْرُكُهَا؛ ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ﴾ [الْبَقَرَةِ: 239]، وَذَكَرَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا صِفَةَ صَلَاةِ الْخَوْفِ ثُمَّ قَالَ: «فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ أَوْ رُكْبَانًا، مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: «فَإِذَا كَانَ خَوْفٌ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَصَلِّ رَاكِبًا، أَوْ قَائِمًا تُومِئُ إِيمَاءً». ثُمَّ خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ: ﴿ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 239]، أَيْ: «إِذَا أَمِنْتُمْ فَأَقِيمُوا صَلَاتَكُمْ كَمَا أُمِرْتُمْ، فَأَتِمُّوا رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا وَقِيَامَهَا وَقُعُودَهَا وَخُشُوعَهَا وَهُجُودَهَا».

 

وَفِي مَوَاضِعَ أُخْرَى مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالِاسْتِعَانَةِ بِالصَّلَاةِ: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 145]. «فَالصَّلَاةُ مِيزَانُ الْإِيمَانِ، وَتَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَيُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى كُلِّ أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْزَعُ إِلَيْهَا فِي الشَّدَائِدِ». عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ بَدْرٍ وَمَا مِنَّا إِنْسَانٌ إِلَّا نَائِمٌ، إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي إِلَى شَجَرَةٍ، وَيَدْعُو حَتَّى أَصْبَحَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَبَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَشَقَّةَ الدَّيْمُومَةِ عَلَى الصَّلَاةِ، لَكِنَّ الْخُشُوعَ يُهَوِّنُهَا عَلَى الْمُوقِنِينَ بِلِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 45-46]، « وَالْخُشُوعُ هُوَ: خُضُوعُ الْقَلْبِ وَطُمَأْنِينَتُهُ، وَسُكُونُهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَانْكِسَارُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، ذُلًّا وَافْتِقَارًا، وَإِيمَانًا بِهِ وَبِلِقَائِهِ». وَفِي آيَةٍ أُخْرَى مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ تَأْكِيدٌ عَلَى الِاسْتِعَانَةِ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 153].

 

وَالصَّلَاةُ مُجْمَعٌ عَلَى فَرْضِهَا فِي جَمِيعِ شَرَائِعِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَأَخَذَ اللَّهُ تَعَالَى الْمِيثَاقَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِإِقَامَتِهَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 83]، فَلَمْ يَقُومُوا بِمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ؛ وَلِذَا فَإِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا لَقِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاقْتَرَحَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ رَبَّهُ التَّخْفِيفَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ لَهُ مُوسَى: «أَنَا أَعْلَمُ بِالنَّاسِ مِنْكَ، عَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، وَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَسَلْهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَمَا زَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُ رَبَّهُ التَّخْفِيفَ، حَتَّى خُفِّفَتْ مِنْ خَمْسِينَ صَلَاةً إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ فِي الْأَدَاءِ، وَبَقِيَ أَجْرُهَا خَمْسِينَ صَلَاةً؛ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا.

 

وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ مِنْ أَعْظَمِ الْبِرِّ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَدَّدَ جُمْلَةً مِنْ خِصَالِ الْبِرِّ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَمِنْهَا إِقَامَةُ الصَّلَاةِ، وَبَيَّنَ أَنَّ مَنْ قَامَ بِهَا كَانَ مِنَ الْمُتَّقِينَ؛ ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 177].

 

وَفِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ أَجْرَ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ مَحْفُوظٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ، مُدَّخَرٌ لَهُمْ فِي آخِرَتِهِمْ، وَالصَّلَاةُ مِنْ أَخَصِّ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَأَفْضَلِهِ وَأَعْلَاهُ؛ وَلِذَا نَصَّ عَلَى ذِكْرِهَا فِي الْآيَةِ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 277].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْقِبْلَةُ هِيَ وِجْهَةُ الصَّلَاةِ، وَفِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى قِصَّةَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَسُخْرِيَةِ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ مِنْ هَذَا التَّحْوِيلِ: ﴿ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 142].

 

ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ فَضِيلَةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَشَهَادَتَهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَأَنَّ تَحْوِيلَ الْقِبْلَةِ ابْتِلَاءٌ لِلْعِبَادِ؛ لِيَبِينَ مَنْ يُطِيعُ اللَّهَ تَعَالَى فِي كُلِّ حَالٍ، وَمَنْ يَنْتَقِي مِنْ شَرِيعَتِهِ مَا يُوَافِقُ هَوَاهُ، وَيَرْفُضُ مَا لَا يُوَافِقُهُ: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 143]. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الصَّلَاةَ إِيمَانًا فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 143]. أَيْ: صَلَاتَكُمْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ مِنَ الْإِيمَانِ.

 

وَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى شَوْقَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَذَكَرَ أَنَّ أَهْلَ الِاسْتِكْبَارِ وَالتَّكْذِيبِ لَنْ يُؤْمِنُوا مَهْمَا جَاءَتْهُمُ الْآيَاتُ وَالْبَرَاهِينُ، فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُخْضَعُ لِأَهْوَائِهِمْ ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ * وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 144-145]. وَأَكَّدَ سُبْحَانَهُ عَلَى تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ مَرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ بَعْدَ الْأُولَى فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 149-150].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • موضوعات سورة البقرة (2)
  • موضوعات سورة البقرة (3)
  • موضوعات سورة البقرة (4)
  • موضوعات سورة البقرة (5)
  • موضوعات سورة البقرة (6)
  • موضوعات سورة البقرة (7)
  • سورة البقرة (5) تقرير الربوبية
  • سورة البقرة (6) تقرير الألوهية
  • سورة البقرة (9) آيات الصيام (خطبة)
  • سورة البقرة (10) تطهير البيت وبناؤه
  • سورة البقرة (11) آيات الحج (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • وقفات تربوية مع سورة الكافرون (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة الماعون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة النصر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: تدبر أول سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الهمزة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الماعون (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع سورة المرسلات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تدبر سورة الزلزلة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من مائدة التفسير: سورة الفيل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخليل عليه السلام (12) دعوات الخليل في سورة إبراهيم(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد ثلاث سنوات من الجهد قرية أوري تعلن افتتاح مسجدها الجديد
  • إعادة افتتاح مسجد مقاطعة بلطاسي بعد ترميمه وتطويره
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/5/1447هـ - الساعة: 15:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب