• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    يسمونها بغير اسمها
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    جدول أحوال أصحاب الفروض
    علي بن يحيى بن محمد عطيف
  •  
    رفيقك عند تلاوة القرآن (تفاسير مختصرة)
    سالم محمد أحمد
  •  
    خطبة بين يدي رمضان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    أحكام العارية ونوازلها والأدلة والإجماعات الواردة ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    المرشد اليسير للتعامل مع التفاسير
    منى بنت سالم باخلعة
  •  
    القرآن سكينة القلوب (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    تفسير قوله تعالى: { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    خطبة: ماذا قبل رمضان؟
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    سلوكات تخالف آداب المسجد (خطبة)
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    أحكام القصاص (خطبة)
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    صورة الصلاة الظاهرة والباطنة
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    خطبة: هدايات سورة التوبة
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    استقبال رمضان
    الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم
  •  
    استدعاء ذاكرة وتجربة ودروس يبنى بها وعليها ...
    الشيخ عبدالكريم مطيع الحمداوي
  •  
    { ولا تسأل عن أصحاب الجحيم }
    د. خالد النجار
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

صفات عباد الرحمن

صفات عباد الرحمن
الشيخ صلاح نجيب الدق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/12/2015 ميلادي - 18/3/1437 هجري

الزيارات: 64185

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صفات عباد الرحمن


الحمد لله ﴿ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان: 1، 2]، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ الذي أرسله ربه هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، أما بعد:

فإن لعباد الرحمن صفات ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم، وذكرها كذلك نبينا صلى الله عليه وسلم في سنته المباركة، أحببت أن أذكر بها نفسي وإخواني الكرام، راجيًا من الله تعالى أن نكون جميعًا من عباده المتقين المخلصين،فأقول وبالله تعالى التوفيق:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

(1) عباد الرحمن يخلصون الأعمال والأقوال لله تعالى:

عباد الرحمن يعلمون أن الإخلاص هو أحد شرطي قبول الأعمال الصالحة عند الله تعالى؛ لذا فإنهم يحرصون على أن تكون جميع أفعالهم وأقوالهم خالصة لله تعالى وحده.

 

قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5].

 

وقال جل شأنه: ﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الزمر: 11، 12].

 

(1) روى مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري، تركتُه وشِركَه))؛ (مسلم حديث: 2985).

 

(2) روى الشيخان عن عثمان بن عفان قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((من بنى مسجدًا يبتغي به وجه الله، بنى الله له مثله في الجنة))؛ (البخاري حديث 450 / مسلم حديث 533).

 

(3) روى النسائي عن أبي أمامة الباهلي، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلًا غزَا يلتمس الأجر والذِّكر، ما له؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا شيء له))، فأعادها ثلاث مراتٍ، يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا شيء له))، ثم قال: ((إن الله لا يقبَل مِن العمل إلا ما كان له خالصًا، وابتُغِيَ به وجهه))؛ (حديث حسن صحيح) (صحيح النسائي للألباني جـ 2 صـ 383).

 

(2) عباد الرحمن يرضَون بقضاء الله وقدره:

عباد الرحمن يعلمون أن الرضا بالقضاء والقدر هو أحد أركان الإيمان؛ لذا فإنهم أكثر الناس رضًا بقضاء الله تعالى وقدره.

 

قال سبحانه: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51].

 

وقال الله تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحديد: 22].

 

(1) روى مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه (وذلك في حديث سؤال جبريل): أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني عن الإيمان قال: ((أن تؤمنَ بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره))؛(مسلم حديث: 1).

 

(2) روى مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن القوي خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خيرٌ، احرص على ما ينفعك، واستعِنْ بالله ولا تعجِزْ، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدَرُ الله وما شاء فعل؛ فإن "لو" تفتح عمل الشيطان))؛ (مسلم حديث: 2664).

 

(3) روى أبو داود عن أبي حفصة، قال: قال عبادة بن الصامت لابنه: يا بني، إنك لن تجد طَعْم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبَك، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((إن أولَ ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: ربِّ، وماذا أكتب؟ قال: اكتُبْ مقاديرَ كل شيءٍ حتى تقوم الساعة))، يا بني، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن مات على غير هذا، فليس مني))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 3933).

 

(3) عباد الرحمن يتحاكَمون إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم:

عباد الرحمن يعلَمون أنهم عبيد لله تعالى وحده؛ ولذا فإنهم لا يتحاكمون إلا بما أمرهم الله؛ لكتاب الله تعالى، وسنَّةِ رسوله صلى الله عليه وسلم.

 

قال سبحانه: ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59].

 

وقال تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].

 

وقال جل شأنه: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

 

وقال تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7].

 

وقال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51].

 

قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الحجرات: 1].

 

قال عبدالله بن عباسٍ: قوله: ﴿ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الحجرات: 1]؛ أي: (لا تقولوا خلافَ الكتاب والسنَّة)؛ (تفسير الطبري جـ 24 صـ 352).

 

قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

 

(4) عباد الرحمن يحبُّون النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من محبة النفس والمال والولد والناس أجمعين.

عباد الرحمن هم أكثر الناس محبةً صادقة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فهم يفدونه صلى الله عليه وسلم بأرواحهم وأنفسهم،وهذا ظاهر في محبة الصحابة له صلى الله عليه وسلم.

 

روى الشيخان عن أنسٍ، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين))؛ (البخاري حديث: 15 / مسلم حديث: 44).

 

وروى البخاري عن عبدالله بن هشامٍ، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيءٍ إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا؛ (أي: لا يكمل إيمانك)، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك))، فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الآن (كمل إيمانك) يا عمر))؛ (البخاري حديث: 6632).

 

(5) عباد الرحمن يحافظون على إقامة الصلاة جماعة في المساجد:

عباد الرحمن هم أكثر الناس حرصًا على طاعة الله تعالى؛ ولذا فإن قلوبهم معلَّقة دائمًا بالصلاة في المساجد.

 

قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [المؤمنون: 9].

روى مسلم عن عبدالله بن مسعود قال: (مَن سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن؛ فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلِّف في بيته، لتركتم سنَّةَ نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجلٍ يتطهر فيحسن الطُّهور، ثم يعمِد إلى مسجدٍ من هذه المساجد، إلا كتب الله له بكل خطوةٍ يخطوها حسنةً، ويرفعه بها درجةً، ويحط عنه بها سيئةً، ولقد رأيتنا وما يتخلَّف عنها إلا منافقٌ معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين؛ (أي: يمسكه رجلانِ من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما) حتى يقام في الصف))؛ (مسلم حديث: 654).

 

(6) عباد الرحمن يخشعون في صلاتهم:

الصلاة صلة بين العبد وربه؛ ولذا فإن عباد الرحمن يحرصون على الخشوع فيها لكي يستمتعوا بمناجاة الله تعالى.

 

قال الله تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2].

روى ابن ماجه عن أبي أيوب الأنصاري، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، علِّمْني وأوجز، قال: ((إذا قمت في صلاتك، فصلِّ صلاة مودعٍ؛ (أي: كن كأنك تصلى آخر صلاتك)، ولا تَكَلَّمْ بكلامٍ تعتذر منه، وأجمع؛ (أي: اعتقد واعزم) اليأس عما في أيدي الناس))؛ (حديث حسن) (صحيح ابن ماجه للألباني حديث: 3363).

 

(7) عباد الرحمن يؤدون الأمانات إلى أهلها:

أمر اللهُ تعالى في كتابه العزيز بأداء الأمانات إلى أهلها؛ ولذا فإن عباد الرحمن هم أشد الناس محافظةً على أمانات الناس؛ لينالوا رضوان الله.

 

قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8].

 

وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].

 

روى أبو داود عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أدِّ الأمانةَ إلى مَن ائتمنك، ولا تخُنْ مَن خانك))؛ (حديث حسن صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 3019).

 

روى أحمد عن أنس بن مالك قال: ما خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم إلا قال: ((لا إيمانَ لِمَن لا أمانة له، ولا دِينَ لِمَن لا عهد له))؛ (حديث حسن) (مسند أحمد جـ 20 صـ 423 حديث: 13199).

 

(8) عباد الرحمن يذكرون الله تعالى في جميع أحوالهم:

ذِكرُ الله تعالى فيه راحة لقلوب المؤمنين؛ ولذا فإن عباد الرحمن هم أكثر الناس ذكرًا لله تعالى في جميع أحوالهم.

 

قال سبحانه: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

 

وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب: 41، 42].

 

روى الترمذي عن عبدالله بن بسرٍ: أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثُرت عليَّ، فأخبرني بشيءٍ أتشبَّثُ به، قال: ((لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2688).

 

وروى الترمذي عن أبي الدرداء، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليكِكم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والوَرِق، وخير لكم من أن تلقَوْا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم))؟! قالوا: بلى،قال: ((ذكر الله تعالى))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث: 2687).

 

(9) عباد الرحمن يصبرون على البلاء:

عباد الرحمن يعلمون يقينًا أن الدنيا دار اختبار؛ ولذا فإنهم أشد الناس صبرًا على البلاء، وهذا ظاهرٌ بصورة واضحة في أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم.

 

قال سبحانه: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157].

 

(1) روى مسلم عن صهيبٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجَبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سراءُ شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراءُ صبرَ، فكان خيرًا له))؛(مسلم حديث 2999).

 

(2) روى البخاري عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله قال: إذا ابتَليتُ عبدي بحبيبتيه (عينيه) فصبر، عوَّضته منهما الجنة))؛(البخاري حديث 5653).

 

(3) روى الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى اللهَ وما عليه خطيئة))؛(حديث حسن صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1957).

 

(4) روى الترمذي عن أبي موسى الأشعري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم،فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمِدك واسترجع،فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسمُّوه بيتَ الحمد))؛(حديث حسن صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1954).

 

(10) عباد الرحمن يصاحبون الأتقياء:

مصاحبة الصالحين من أسباب مرضاة الله تعالى؛ ولذا يحرص عباد الرحمن على مصاحبة الأتقياء في الحضر والسفر.

 

روى الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل الجليس الصالح والسوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك (يعطيك)، وإما أن تبتاع (تشتري) منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً، ونافخ الكير: إما أن يُحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحًا خبيثةً))،(البخاري حديث 5534) (مسلم حديث: 2628).

 

روى الترمذي عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الرجل على دِين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل))؛(حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1937).

 

روي الترمذي عن أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامَك إلا تقي))؛ (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1952).

 

(11) عباد الرحمن يحرصون على قيام الليل:

قيام الليل من أفضل الأوقات لمناجاة الله؛ ولذا فإن عباد الرحمن هم أشد الناس حرصًا على قيام الليل بين يدي الله تعالى.

 

قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾ [الفرقان: 64].

وقال تعالى: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 17، 18].

وقال جل شأنه: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [السجدة: 16].

 

روى الترمذي عن أبي أمامة الباهلي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأبُ الصالحين قبلكم، وهو قُربة إلى ربكم، ومَكْفَرَةٌ للسيئات، ومَنْهَاةٌ للإثم))؛ (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني حديث: 2814).

 

وروى الترمذي عن عبدالله بن سلامٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعِموا الطعام، وصلُّوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلامٍ))؛(حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2019).

 

(12) عباد الرحمن يخشون الله في السر والعلانية:

خشية الله تعالى هي سبيل النجاة في الدنيا والآخرة؛ ولذا فإن عباد الرحمن هم أشد الناس خشية لله تعالى في السر والعلانية.

 

قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴾ [يس: 11].

وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الملك: 12].

 

روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان رجل يسرف على نفسه، فلما حضره الموت قال لبنيه: إذا أنا متُّ فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذَرُّوني في الريح، فوالله لئن قدر علي ربي، ليعذبني عذابًا ما عذبه أحدًا، فلما مات فُعل به ذلك، فأمر الله الأرض فقال: اجمعي ما فيك منه، ففعلت، فإذا هو قائم، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رب، خشيتُك، فغفر له))؛ (البخاري حديث: 3481/ مسلم حديث: 2756).

 

(13) عباد الرحمن يعفُون عن الناس عند المقدرة:

العفو عن المخطئين من الناس هو وصية رب العالمين؛ ولذا فإن عباد الرحمن هم أكثر الناس تنفيذًا لهذه الوصية الربانية المباركة.

قال سبحانه: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 40].

 

قال سبحانه: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22].

 

قال الله تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 133، 134].

 

روى مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما نقصَت صدقةٌ من مالٍ، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله))؛(مسلم حديث 2588).

 

روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان تاجر يُداين الناس، فإذا رأى معسِرًا قال لفتيانه: تجاوزوا عنه؛ لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه))؛(البخاري حديث 2078 / مسلم حديث 1562).

 

(14) عباد الرحمن يعملون ليكسِبوا قوت يومهم:

الإسلام يدعو إلى العمل، والأخذ بالأسباب الشرعية لكسب المال؛ ليستعين به المسلم على أمور المعيشة،وعباد الرحمن هم أكثر الناس حرصًا على العمل مع إتقانه، ويكرهون أن يكونوا عالة على غيرهم.

 

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 9، 10].

 

روى البخاريُّ عن المقدام رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبيَّ الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده))؛(البخاري حديث 2072).

 

روى البيهقي عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه))؛(حديث حسن) (السلسلة الصحيحة للألباني حديث: 1113).

 

(15) عباد الرحمن يراعُون حرمة دماء المسلمين وغير المسلمين:

الإسلام دين الرحمة والأمان لجميع الناس المسالمين، على اختلاف عقائدهم، وجنسياتهم، وعباد الرحمن هم أكثر الناس مراعاة لحرمة الدماء.

 

(1) قال سبحانه عند الحديث عن صفات عباد الرحمن: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 68 - 70].

 

(2) قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93].

 

(3) وقال سبحانه: ﴿ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32].

 

روى الشيخان عن عبدالله بن مسعودٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحلُّ دمُ امرئٍ مسلمٍ، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاثٍ: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة))؛ (البخاري حديث: 6878/ مسلم حديث: 1676).

 

قال الإمام ابن رجب الحنبلي (رحمه الله): هذه الثلاث خصالٍ هي حق الإسلام، التي يستباح بها دم من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، والقتل بكل واحدةٍ من هذه الخصال الثلاث متفق عليه بين المسلمين،(جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي صـ 134).

 

فائدة مهمة: يقوم بتنفيذ أحكام القصاص الحاكم أو نائبه،ولا يجوز أن يقوم بذلك أحد من عامة المسلمين.

 

روى الترمذي عن نافعٍ، قال: نظر ابن عمر يومًا إلى الكعبة فقال: ما أعظمَك وأعظم حرمتك! والمؤمن أعظم حرمةً عند الله منك؛(حديث حسن صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث: 1655).

 

(16) عباد الرحمن مقتصدون في كل شيء:

التوسط في جميع الأمور، حتى في العبادات، أمر محمود، حث عليه الإسلام؛ ليسعد المسلم في الدنيا والآخرة؛ ولذا فإن عباد الرحمن مقتصدون في جميع أمور حياتهم الدينية والدنيوية.

 

قال تعالى عند الحديث عن صفات عباد الرحمن: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67].

 

قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): أي: ليسوا بمبذرين في إنفاقهم فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم فيقصرون في حقهم فلا يكفونهم، بل عدلًا خيارًا، وخير الأمور أوسطها، لا هذا ولا هذا، ﴿ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67]؛ كما قال: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الإسراء: 29]؛ (تفسير ابن كثير جـ 10 صـ 322).

 

قال إياس بن معاوية: ما جاوزت به أمر الله فهو سَرَف،وقال الحسن البصري: ليس النفقة في سبيل الله سرفًا؛ (تفسير ابن كثير جـ 10 صـ 322).

 

(17) عباد الرحمن يغضُّون أبصارهم ويتجنبون الوقوع في الفاحشة:

قال الله تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30].

 

روى أبو داود عن بريدة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: ((يا علي، لا تُتْبع النظرة النظرة؛ فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة))؛ (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني حديث: 1881).

 

وقال جل شأنه: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32].

 

وقال سبحانه: ﴿ سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 1 - 3].

 

روى الحاكم عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا ظهر الزنا والربا في قريةٍ، فقد أحلُّوا بأنفسهم عذاب الله))؛ (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني حديث 679).

 

(18) عباد الرحمن لا يكذِبون ولا يشهدون الزور:

الكذب وشهادة الزور من كبائر المعاصي التي حذر الله تعالى منها عباده المؤمنين؛ ولذا فإن عباد الرحمن هم أشد الناس تجنبًا للوقوع في الكذب وشهادة الزور.

 

قال تعالى عند الحديث عن صفات عباد الرحمن: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الفرقان: 72].

 

روى الشيخان عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟!))، ثلاثًا، قالوا: بلى يا رسول الله،قال: ((الإشراك بالله، وعقوق الوالدين))، وجلَس، وكان متكئًا، فقال: ((ألا وقول الزور "وهو الكذب متعمدًا على الغير"))، قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت؛(البخاري حديث 2654 / مسلم حديث 87).

 

(19) عباد الرحمن يستعيذون بالله من عذاب النار:

الله تبارك وتعالى حذَّر عباده من الإصرار على ارتكاب المعاصي، من غير توبة، حتى لا يتعرضوا لعذاب النار، وعباد الرحمن هم أشد الناس خوفًا من عذاب جهنم.

 

قال تعالى عند الحديث عن صفات عباد الرحمن: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴾ [الفرقان: 65، 66].

 

(20) عباد الرحمن متواضِعون:

التواضع للناس وصيةُ رب العالمين لعباده المؤمنين، وبها ينال المؤمن مرضاةَ الله تعالى، وحب الناس؛ ولذا فإن عباد الرحمن متواضعون، ولا يتكبرون على أحد من الناس.

 

قال تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 215].

وقال سبحانه: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63].

 

(1) روى مسلم عن عياض بن حمارٍ المجاشعيِّ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحد على أحدٍ، ولا يبغيَ أحدٌ على أحدٍ))؛(مسلم حديث 2198).

 

(2) روى مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله))؛(مسلم حديث 69).

 

(21) عباد الرحمن رفقاءُ بالناس:

الإسلام ينهى عن العنف بجميع أشكاله، ويأمر بالرفق بالناس؛ ليعيش الناس في مودة ورحمة، وعباد الرحمن يتميزون بحسن الخلق والرفق مع من أساء إليهم.

 

قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63].

 

قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63]؛ أي: إذا سفه عليهم الجهال بالسيئ، لم يقابلوهم عليه بمثله، بل يعفون ويصفحون، ولا يقولون إلا خيرًا، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حِلمًا، وكما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ [القصص: 55]؛ (تفسير ابن كثير جـ 10 صـ 320).

 

وقال سبحانه: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159].


روى مسلم عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الرِّفقَ لا يكون في شيءٍ إلا زانه، ولا يُنزَع من شيءٍ إلا شانه))؛ (مسلم حديث 2593).


روى الشيخان عن أنس بن مالكٍ قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبَذ بردائه (جذب) جبذةً شديدةً، قال أنس: فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك، ثم أمر له بعطاءٍ؛(البخاري حديث 6088 / مسلم حديث 1057).

 

(22) عباد الرحمن لا يحسدون أحدًا على نعمة وهبها الله له:

الحسد صفة مذمومة؛ لأنها اعتراض على نعمة الله التي وهبها لعباده،وعباد الرحمن أصحاب قلوب سليمة، لا تعرف الحقد، ولا تحسُدُ أحدًا على نعمة وهبها الله تعالى له.

 

قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].

 

قال ابن كثير (رحمه الله): قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا ﴾ [الحشر: 9]؛ أي: ولا يجدون في أنفسهم حسدًا للمهاجرين فيما فضلهم الله به من المنزلة والشرف، والتقديم في الذِّكر والرتبة؛(تفسير ابن كثير جـ 13 صـ 489).

 

قال: الحسن البصري: ﴿ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ ﴾ [الحشر: 9] يعني: الحسد؛(تفسير ابن كثير جـ 13 صـ 489).

 

(23) عباد الرحمن لا يخافون إلا مِن الله وحده:

قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 173 - 175].

 

قال الفضيل بن عياضٍ (رحمه الله): (مَن خاف اللهَ تعالى لم يضرَّه شيء، ومن خاف غيرَ الله لم ينفَعْه أحد)؛ (حلية الأولياء لأبي نعيم جـ 8 صـ 88).

 

وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32].

 

(24) عباد الرحمن: يبادرون بالتوبة إلى الله تعالى:

اللهُ تعالى حث عباده على المبادرة بالتوبة النصوح قبل أن تخرج الروحُ من الجسد، وعباد الرحمن هم أسرع الناس بالتوبة الصادقة.

 

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم: 8].

 

قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 17].

 

(1) روى مسلم عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، توبوا إلى الله؛ فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرةٍ))؛ (مسلم حديث: 2702).

 

(2) روى مسلم عن أبي موسى الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها))؛(مسلم حديث 2759).

 

(3) روى الشيخان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال: ((أذنب عبد ذنبًا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي،فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي،فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمَل ما شئت فقد غفرت لك))؛(البخاري حديث: 7507/ مسلم حديث: 2758).

 

(25) عباد الرحمن يتوكلون على الله تعالى، ويأخذون بالأسباب المشروعة للوصول إلى أهدافهم:

قال سبحانه: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 58].

 

وقال جل شأنه: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [إبراهيم: 11].

 

روى الترمذي عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله، لرزقتم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا، وترُوح بطانًا))؛(حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2344).

 

(26) عباد الرحمن يسترون عورات الناس:

روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يستُرُ عبد عبدًا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة))؛ (مسلم - كتاب البر - حديث: 72).

 

روى أبو داود عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر مَن آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتَّبعوا عوراتهم؛ فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته))؛ (حديث حسن صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 4083).

 

(27) عباد الرحمن يتعاطفون مع المسلمين في كل مكان:

قال الله تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 29].

 

روى مسلمٌ عن النعمان بن بشيرٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مَثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))؛(مسلم حديث: 2586).

 

روى مسلم عن أنس بن مالكٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))؛ (مسلم: 45).

 

(28) عباد الرحمن يراعون حقوق جيرانهم المسلمين وغير المسلمين:

قال الله تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36].

 

روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما زال يوصيني جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورِّثه))؛ (البخاري حديث 6014).

 

روى مسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا ذر، إذا طبخت مرقةً، فأكثِرْ ماءها، وتعاهَدْ جيرانك))؛ (مسلم - كتاب البر والصلة - حديث 142).

 

روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يمنَع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره))؛ (البخاري حديث 2463 / مسلم حديث 1609).

 

روى أحمد عن أنس بن مالك: أن غلامًا من اليهود كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده وهو بالموت، فدعاه إلى الإسلام، فنظر الغلام إلى أبيه وهو عند رأسه، فقال له أبوه: أطِعْ أبا القاسم، فأسلم، ثم مات، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده وهو يقول: ((الحمد لله الذي أنقذه بي من النار))؛(حديث صحيح) (مسند أحمد جـ 21 صـ 78 حديث 13375).

 

(29) عباد الرحمن أصحاب قلوب سلمية، لا يحملون حقدًا لأحد من المسلمين:

قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 9، 10].

 

(30) عباد الرحمن يحرصون على الكسب الحلال ويجتنبون الشبهات:

يقول الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275].

 

ويقول جل شأنه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 278، 279].

 

(1) روى مسلم عن جابرٍ قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: آكِلَ الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: ((هم سواء))؛ (مسلم حديث 1598).

 

(2) روى الشيخانِ عن النعمان بن بشيرٍ قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الحلال بَيِّنٌ، وإن الحرام بَيِّنٌ، وبينهما مشتبهاتٌ لا يعلمهن كثير من الناس؛ فمن اتقى الشبهاتِ استبرأ لدِينه وعِرضه، ومَن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملكٍ حمًى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلَحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))؛(البخاري حديث 52 / مسلم حديث 1599).

 

(31) عباد الرحمن يسألون الله تعالى أن يرزقهم الذرية الصالحة:

قال تعالى عن صفات عباد الرحمن: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].

 

قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): يعني: الذين يسألون الله أن يخرج من أصلابهم وذرياتهم مَن يُطيعه ويعبُدُه وحده لا شريك له؛ (تفسير ابن كثير جـ 10 صـ 332).

 

قال ابن عباسٍ: يعنون مَن يعمل بالطاعة، فتقَرُّ به أعينهم في الدنيا والآخرة؛(تفسير ابن كثير جـ 10 صـ 332).

قال عكرمة: لم يريدوا بذلك صباحةً ولا جمالًا، ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين؛(تفسير ابن كثير جـ 10 صـ 333).

 

(32) عباد الرحمن يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة:

قال الله تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [آل عمران: 110].

 

وقال جل شأنه: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ﴾ [التوبة: 71].

 

وقال سبحانه: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾ [النحل: 125].

 

روى مسلم عن أبي سعيدٍ الخدري: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن رأى منكم منكرًا فليغيِّرْه بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))؛(مسلم حديث 49).

 

روى الشيخان عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والجلوس بالطرقات))،فقالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بدٌّ، نتحدث فيها، فقال: ((إذ أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه))، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: ((غض البصر، وكفُّ الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر))؛(البخاري حديث 2465 / مسلم حديث 2121).

 

أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجعله ذخرًا لي عنده يوم القيامة ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سبحانه أن ينفع به طلاب العلم.

 

وآخرُ دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • صيام شعبان .. يا عباد الرحمن
  • تذكير أهل الإيمان بصفة عباد الرحمن
  • عباد الرحمن (خطبة)
  • خطبة: عباد الرحمن (1)
  • خطبة: عباد الرحمن (2)
  • من صفات عباد الرحمن: لا يدعون مع الله إلها آخر
  • سلسلة صفات عباد الرحمن: تدبر آيات الله والتأثر بها
  • سلسلة صفات عباد الرحمن (واجعلنا للمتقين إماما)
  • من صفات عباد الرحمن: اجتناب الزنا

مختارات من الشبكة

  • من صفات عباد الرحمن: خلق الحلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من صفات عباد الرحمن: التواضع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من صفات عباد الرحمن {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} ، {وإذا مروا باللغو مروا كراما}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • صفات عباد الرحمن والمؤمنين المفلحين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • سلسلة صفات عباد الرحمن: الصبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة صفات عباد الرحمن: البعد عن الزور(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة صفات عباد الرحمن: الدعاء بصلاح الزوجة والذرية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة صفات عباد الرحمن: الإعراض عن اللغو(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من صفات عباد الرحمن: لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفات عباد الرحمن في سورة الفرقان(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي
  • إفطار جماعي على أرضية ملعب ستامفورد بريدج
  • 3 دورات للغة العربية والتربية الإسلامية بمدينة أليكانتي الإسبانية
  • بنك الطعام الإسلامي يلبي احتياجات الآلاف بمدينة سوري الكندية
  • متطوعون مسلمون يحضرون 1000 حزمة طعام للمحتاجين في ديترويت
  • فعالية تعريفية بالإسلام في مسجد هارتلبول

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/8/1444هـ - الساعة: 17:40
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب