• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق النفس
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    خطبة: ارحموا الأبناء أيها الآباء (خطبة)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    السيرة النبوية: ما؟ ولم؟
    شوقي محمد البنا
  •  
    صفة اليدين
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    السعادة كما يراها القلب
    محمد ونيس
  •  
    معرفة الله باسم السميع
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإسلام يدعو إلى السلام
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    إلى من ابتلي بموت قريب أو حبيب..
    سلطان بن سراي الشمري
  •  
    فوائد من "شرح علل الترمذي" لابن رجب (1)
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    الفرع السابع: ما يحرم لبسه في الصلاة من (الشرط ...
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة الصحابة: حفصة رضي الله عنها
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أقوال ومواقف للسلف الصالح عن الرضا بقضاء الله
    د. أنس محمد الغنام
  •  
    بحث في حال ابن إسحاق (WORD)
    د. سليمان بن عبدالله المهنا
  •  
    السوق بين ضوابط الشرع ومزالق الواقع (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    فوائد من توبة سليمان الأواب (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    رعاية الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وحمايته ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع / في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
علامة باركود

أتقن عملك وارض بما قسم لك

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/5/2015 ميلادي - 15/7/1436 هجري

الزيارات: 15450

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أتقن عملك وارض بما قسم لك


.. أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، رَوَى الإِمَامُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ عَن فَضَالَةَ بنِ عُبَيدٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - عَن رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " ثَلاثَةٌ لا تَسأَلْ عَنهُم: رَجُلٌ فَارَقَ الجَمَاعَةَ وَعَصَى إِمَامَهُ وَمَاتَ عَاصِيًا، وَأَمَةٌ أَو عَبدٌ أَبَقَ فَمَاتَ، وَامرَأَةٌ غَابَ عَنهَا زَوجُهَا قَد كَفَاهَا مُؤنَةَ الدُّنيَا، فَتَبَرَّجَت بَعدَهُ، فَلا تَسأَلْ عَنهُم... " الحَدِيثَ صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. التَّمكِينُ في الأَرضِ وَالنَّجَاحُ في الحَيَاةِ ـ

 

أَيُّهَا المُؤمِنُونَ، لا يُمكِنُ أَن يَقُومَ إِلاَّ عَلَى أَسَاسٍ مَتِينٍ يَسنُدُهُ، وَقُوَّةٍ جَمَاعِيَّةٍ تَحمِلُهُ، وَذَلِكُمُ الأَسَاسُ المَتِينُ وَتِلكُمُ القُوَّةُ الجَمَاعِيَّةُ، لَيسَت بِشَيءٍ مَا لم يَكُنْ لَهَا نِظَامٌ يُقَدِّرُهُ الجَمِيعُ وَيَلتَزِمُونَهُ، يَقُومُ عَلَى التَّعَاوُنِ وَالإِتقَانِ، وَيَكُونُ لِكُلِّ فَردٍ فِيهِ عَمَلٌ مُحَدَّدٌ وَمُهِمَّةٌ وَاضِحَةٌ، تَتَنَاسَبُ مَعَ قُدُرَاتِهِ وَمَوَاهِبِهِ وَاختِصَاصِهِ، مَعَ بَذلِ كُلِّ وَاحِدٍ أَقصَى مَا في وُسعِهِ وَأَعلَى مَا في طَاقَتِهِ، قَصدًا لإِجَادَةِ عَمَلِهِ وَإِحسَانِهِ، تَستَوِي في ذَلِكَ الأَعمَالُ وَالمُهِمَّاتُ جَمِيعُهَا، سَوَاءٌ عَلَى مُستَوَى الدَّولَةِ الرَّفِيعِ، أَو عَلَى مُستَوَى المُجتَمَعِ الوَاسِعِ، أَو مَا كَانَ في نِطَاقِ الأُسرَةِ الصَّغِيرَةِ، فَعَلَى مُستَوَى الدَّولَةِ، يَجِبُ أَن يَتَفَرَّغَ الإِمَامُ أَو مَن يُنِيبُهُ لِسِيَاسَةِ دُنيَا النَّاسِ بِدِينِ اللهِ، وَيَجِبُ عَلَى الرَّعِيَّةِ عَامَّةً وَالمُوَظَّفِينَ وَالمَسؤُولِينَ خَاصَّةً، تَنفِيذُ مَا يُكَلَّفُونَ بِهِ، مَا دَامَ في المَعرُوفِ وَحُدُودِ الوُسعِ وَالطَّاقَةِ.

 

وَأَمَّا عَلَى مُستَوَى المُجتَمَعِ، وَمَعَ تَفَرُّغِ الوُجَهَاءِ وَأَصحَابُ الرَّأيِ لإِنجَازِ المُهِمَّاتِ المُوكَلَةِ إِلَيهِم، وَالَّتي يَعُودُ خَيرُهَا إِلى الجَمَاعَةِ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ، فَإِنَّ عَلَى الخَدَمِ أَوِ العُمَّالِ أَن يَكفُوهُم مَؤُونَةَ السَّعيِ بِأَنفُسِهِم لإِنجَازِ حَاجَاتِهِمُ الأُسرِيَّةِ أَوِ العَائِلِيَّةِ. وَأَمَّا عَلَى مُستَوَى الأُسرَةِ، فَيَنبَغِي أَن يَسعَى الرَّجُلُ وَيَكدَحَ لِتَحقِيقِ كِفَايَةِ نَفسِهِ وَأَهلِهِ وَوَلَدِهِ، وَعَلَى المَرأَةِ أَن تُحَقِّقَ لَهُ السَّكَنَ وَالمُوَدَّةَ وَالرَّاحَةَ، بِلُزُومِهَا دَارَهَا لإِعدَادِ جِيلٍ يَحمِلُ الرِّسَالَةَ وَيُؤَدِّي الأَمَانَةَ في المُستَقبَلِ. وَإِنَّهُ إِذَا أَدَّى وَلِيُّ الأَمرِ وَنُوَّابُهُ وَاجِبَهُم، وَتَحَمَّلَ المُجتَمَعُ وَبَقِيَّةُ الرَّعِيَّةِ مَا عَلَيهِم، وَأَتقَنَ المُوَظَّفَونُ وَالعُمَّالُ وَالخَدَمُ أَعمَالَهُم، وصَلَحَتِ البُيُوتُ بِصَلاحِ النِّسَاءِ خَاصَّةً، وَنَصَحَ كُلٌّ مِن هَؤُلاءِ لِغَيرِهِ، وَبَذَلُوا الجُهدَ وَاتَّقَوُا اللهَ، كَانَ ذَلِكَ قُوَّةً لَهُم جَمِيعًا، وَتَمكِينًا لِدِينِ اللهِ الَّذِي يَحمِلُونَهُ، وَسَعَادَةً لَهُم في حَيَاتِهِم وَسَعَةً في عَيشِهِم. أَجَلْ ـ

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ عَلَى كُلِّ فَردٍ أَن يَلزَمَ ثَغرَهُ الَّذِي قَضَى اللهُ أَن يَكُونَ فِيهِ، وَأن يلتَزِمَ بِعَمَلِهِ الَّذِي كُلِّفَ بِهِ صَغُرَ أَو كَبُرَ، وَأَلاَّ يَتَطَلَّعَ أَحَدٌ إِلى مَا فُضِّلَ بِهِ الآخَرُ في الظَّاهِرِ، أَو يَتَشَهَّى أَن يَكُونَ مَكَانَهُ، فَلَيسَ ثَمَّةَ عَمَلٌ يُمكِنُ أَن يُقَالَ إِنَّهُ صَغِيرٌ أَو حَقِيرٌ، وَلا مُهِمَّةٌ قَد تُوصَفُ بِأَنَّهَا وَضِيعَةٌ دَنِيئَةٌ، مَا دَامَ كُلُّ ذَلِكَ في مُحِيطِ النِّظَامِ القَائِمِ عَلَى التَّعَاوُنِ وَالإِتقَانِ، بَل إِنَّ عَلَى المُسلِمِينَ أَلاَّ يُفَرِّطُوا في عَمَلٍ أَو يُضِيعُوا ثَغرًا، أَو يَحِيدُوا قِيدَ أَنمُلَةٍ عَن طَرِيقٍ فِيهِ عِزُّهُم وَتَقَدُّمُهُم، فَالمَسؤُولُونَ أَوِ المُوَظَّفُونَ عَلَوا أَو نَزَلُوا، وَاجِبُهُم طَاعَةُ وُلاةِ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ، وَعَدَمُ مُفَارَقَةِ الجَمَاعَةِ أَو شَقِّ عَصَا الطَّاعَةِ، أَوِ الخُرُوجِ عَلَى الإِمَامِ وَمُنَاصَبَتِهِ العِدَاءَ، إِلاَّ أَن يَرَوا كُفرًا بَوَاحًا، عِندَهُم مِنَ اللهِ فِيهِ بُرهَانٌ، وَالخَدَمُ أَوِ العُمَّالُ وَإِن قَلَّ نَصِيبُهُم مِنَ المَالِ، أَو ضَعُفَ عِندَ النَّاسِ جَاهُهُم، فَوَاجِبُهُمُ القِيَامُ بِحَقِّ مَخدُومِيهِم، وَالتَّفَاني في أَدَاءِ مَا كُلِّفُوهُ أَوِ استُؤجِرُوا لأَجلِهِ، وَعَدَمُ الفِرَارِ مِنَ المَيدَانِ أَوِ التَّقصِيرِ في الوَاجِبِ، دُونَ مُسَوِّغٍ شَرعِيٍّ مَقبُولٍ، وَأَمَّا النِّسَاءُ، فَوَاجِبُهُنَّ لُزُومُ المَنَازِلِ وَالدُّورِ؛ لإِعَانَة الرِّجَالِ عَلَى رِعَايَةِ الأَطفَالِ وَبِنَاءِ الأَجيَالِ، وَعَدَمُ الخُرُوجِ أَوِ التَّبَرُّجِ وَتَركُ التَّسَتُّرِ، وَهُنَّ قَد كُفِينَ المَؤُونَةَ، وَهُيِّئَت لَهُنَّ سُبُلُ العَيشِ الكَرِيمِ.


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ الإِسلامَ حَرِيصٌ عَلَى انتِظَامِ أَمرِ الجَمَاعَةِ وَحُصُولِ الائتِلافِ، وَوَأدِ الفُرقَةِ وَإِبعَادِ الاختِلافِ، وَهُوَ لِذَلِكَ يُؤَكِّدُ عَلَى أَن يَرضَى كُلُّ فَردٍ بما قَسَمَهُ اللهُ لَهُ، وَيَعرِفَ مَكَانَتَهُ وَيَعِيَ مُهِمَّتَهُ، فَلا يَنتَهِكَ مَكَانَةَ غَيرِهِ، وَلا يَتَعَدَّى عَلَى حَقِّ مِن سِوَاهُ، وَإِذَا كَانَ في انتِهَاكِ الكَبِيرِ مَكَانَةَ الصَّغِيرِ وَتَعَدِّيهِ عَلَى حَقِّ الضَّعِيفِ ضَرَرٌ كَبِيرٌ، فَإِنَّ أَضَرَّ مِنهُ وَأَفدَحَ أَثَرًا، أَن يَنتَهِكَ الصَّغِيرُ مَكَانَةَ وَلِيِّ أَمرِهِ الكَبِيرِ، أَو يَتَعَدَّى الضَّعِيفُ الأَدنى المَأمُورُ، عَلَى حَقِّ القَوِيِّ الأَعلَى وَهُوَ عَلَيهِ أَمِيرٌ، إِذْ إِنَّ في ذَلِكَ إِغضَابًا لِلكَبِيرِ وَغَضًّا مِن شَأنِهِ، وَتَحرِيكًا لِعَاطِفَةِ الانتِقَامِ في نَفسِهِ، مِمَّا قَد يُخرِجُهُ عَن تَوَازُنِهِ المَطلُوبِ، فَيُضِيعُ حَقَّ ذَاكَ الصَّغِيرِ الضَّعِيفِ وَقَد يُؤذِيهِ، فَلا يَجِدُ مَن يَرُدُّ لَهُ حَقَّهُ أَو يَنتَصِرُ لَهُ، وَهُوَ الَّذِي لَو رَضِيَ بما قَسَمَهُ اللهُ لَهُ، وَبَقِيَ في سِلكِ الجَمَاعَةِ وَأَدَّى مُهِمَّتَهُ وَأَخَذَ أَجرَهُ، لَكَانَ لَهُ شَأنٌ وَمَنزِلَةٌ وَمَكَانَةٌ، هِيَ وَإِنْ لم تَظهَرْ لِلنَّاسِ في القَرِيبِ العَاجِلِ، فَإِنَّهَا سَتُعرَفُ يَومًا مَا وَلا بُدَّ، وَلَو بَعدَ ذَهَابِهِ وَفَقدِهِ، وَفي اللَّيلَةِ الظَّلمَاءِ يُفتَقَدُ البَدرُ.


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد خَلَقَ اللهُ الخَلقَ وَمَيَّزَ بَينَهُم، وَلَم يَجعَلْهُم سَوَاءً أَو في دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفي ذَلِكَ مِنَ الحِكَمِ مَا لا تُدرِكُهُ كَثِيرٌ مِنَ العُقُولِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾ [آل عمران: 36] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 32] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: "﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34] " وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 165] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: " ﴿ وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾ [النحل: 71] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا * كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا * انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 18 - 21] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنعام: 83] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -:  ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ * وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 32، 35].


أَجَلْ أَيُّهَا المُسلِمُونَ لَقَد رَفَعَ اللهُ النَّاسَ فَوقَ بَعضٍ دَرَجَاتٍ في هَذِهِ الدُّنيَا ﴿ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ﴾ [الزخرف: 32] أَيْ لِيُسَخِّرَ بَعضُهُم بَعضًا؛ وَلِيَخدِمَ كُلٌّ مِنهُمُ الآخَرَ، وَلَيسَ التَّسخِيرُ هُوَ استِعلاءَ طَبَقَةٍ عَلَى طَبَقَةٍ، أَو استِعلاءَ فَردٍ عَلَى فَردٍ، أَو ظُهُورَ قَوِيٍّ عَلَى ضَعِيفٍ، أَوِ احتِقَارَ كَبِيرٍ لِصَغِيرٍ، وَلَكِنَّهُ تَسخِيرُ خِدمَةٍ مِن بَعضِهِم لِبَعضٍ، وَتَبَادُلِ مَنَافِعَ وَحَاجَاتٍ، وَلَو كَانُوا كُلُّهُم سَوَاءً وَعَلَى دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ القُوَّةِ، مَا خَدَمَ أَحَدٌ أَحَدًا، وَلَو كَانُوا عَلَى مُستَوًى وَاحِدٍ مِنَ الضَّعفِ، مَا حَمَلَ أَحَدٌ أَحَدًا وَلا نَفَعَهُ بِشَيءٍ، وَاللهُ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدٌ عَمَلاً أَن يُتقِنَهُ، وَيَرضَى لِعِبَادِهِ أَن يَعبُدُوهُ وَلا يُشرِكُوا بِهِ شَيئًا، وَأَن يَعتَصِمُوا بِحَبلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا يَتَفَرَّقُوا، وَأَن يُنَاصِحُوا مَن وَلاَّهُ اللهُ أَمرَهُم. أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 27 - 29].

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى، وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، كَم مِن مُؤَسَّسَةٍ أَو مُنشَأَةٍ، أَو مَعهَدٍ أَو مَدرَسَةٍ، أَو عَمَلٍ أَو مَشرُوعٍ، كَانَ سَبَبَ نَجَاحِهِ مُوَظَّفٌ مَغمُورٌ غَيرُ مَشهُورٍ، أَو فَردٌ مَدفُوعٌ غَيرُ مَرفُوعٍ، لَكِنَّهُ بِإِخلاصِهِ وَصِدقِهِ وَتَفَانِيهِ، وَحِفظِهِ الأَمَانَةَ وَرِعَايَتِهِ المَسؤُولِيَّةَ، وَقَنَاعَتِهِ بِرِزقِهِ وَحِرصِهِ عَلَى مَا تَحتَ يَدِهِ، جَعَلَ مِن نَفسِهِ شَمسًا تُشرِقُ لِلنَّاسِ بِالخَيرِ وَالعَطَاءِ، وَنَجمًا يُهتَدَى بِهِ في الظَّلمَاءِ، وَمَصدَرَ نَفعٍ وَقَضَاءِ حَاجَاتٍ وَرِعَايَةِ مَصَالِحَ!! بَل وَكَم مِن بَيتٍ كَانَ سَبَبَ صَلاحِهِ وَأُسرَةٍ كَانَ مَنشَأَ نَجَاحِ أَفرَادِهَا امرَأَةٌ صَالِحَةٌ، قَائِمَةٌ بِشُؤُونِ زَوجِهَا وَأَبنَائِهَا، قَانِعَةٌ بِمَا رَزَقَهَا اللهُ وَقَسَمَهُ لَهَا!! وَكَم مِن عَامِلٍ ضَعِيفٍ يَكَادُ النَّاسُ يَحقِرُونَ وَظَيفَتَهُ وَيَستَنقِصُونَ عَمَلَهُ، وَلَو قُدِّرَ لَهُم أَن يَفقِدُوهُ سَاعَةً، لَعَرَفُوا عُلُوَّ قَدرِهِ وَشِدَّةَ حَاجَتِهِم إِلَيهِ، فَبَارَكَ اللهُ في مَسؤُولٍ رَعَى أَمَانَتَهُ، وَعَامِلٍ أَتقَنَ مِهنَتَهُ، وَزَوجَةٍ حَفِظَت زَوجَهَا في نَفسِهَا وَبَيتِهِ وَوَلَدِهِ، وَلْيَتَذَكَّرِ الجَمِيعُ ـ

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ: أَنَّ كُلاًّ قَد جَعَلَهُ اللهُ عَلَى ثَغرٍ، فَلْيَسُدَّ ثَغرَهُ، وَلْيَحفَظْ أَمَانَتَهُ، وَلْيَرعَ مَسؤُولِيَّتَهُ، وَلْيَقنَعْ بما قَسَمَهُ اللهُ لَهُ، وْلَيَحذَرْ مِن حَسَدِ غَيرِهِ على خَيرٍ أَعطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ، أَوِ التَّطَلُّعِ لِمَا في أَيدِي النَّاسِ وَمُنَازَعَةِ اللهِ في قَدَرِهِ، وَمَن كَانَ للهِ طَائِعًا، وَبِأَمرِهِ قَائِمًا، وَسَأَلَهُ مِن فَضلِهِ، لم يَضُرَّهُ أَلاَّ يَكُونَ في الدُّنيَا غَنِيًّا أَو عِندَ النَّاسِ وَجِيهًا. وَإِنَّهُ لا يُقَالُ لِلنَّاسِ: ارضَوا بِالدُّونِ أَوِ اقضُوا حَيَاتَكُم في ذِلَّةٍ وَهَوَانٍ، بَلْ لا بَأسَ بِتَطَلُّعِ المَرءِ إِلى أَن يَكُونَ في مَكَانَةٍ فَوقَ مَا هُوَ عَلَيهِ، وَأَن يَحمِلَ بَينَ جَنبَيهِ نَفسًا تَوَّاقَةً لِلمَعَالي، مُتَرَفِّعَةً عَنِ السَّفَاسِفِ، مُتَرَقِّيَةً في دَرَجَاتِ العِزِّ، وَلَكِنَّ هَذَا يُطلَبُ مِن أَبوَابِهِ المَشرُوعَةِ، المَقبُولَةِ دِينًا وَعَقلاً، المُمكِنَةِ وَاقِعًا، وَأَمَّا العَيشُ في أَوهَامِ التَّصَدُّرِ وَالزَّعَامَةِ وَإِبرَازِ الذَّاتِ، وَالتَّفَرُّدِ بِالرَّأيِ وَحُبِّ التَّمَرُّدِ، فَهُوَ ضَربٌ مِن جُنُونِ العَظَمَةِ الكَاذِبَةِ، وَمَا لم يُفلِحِ المَرءُ في وَاقِعِهِ الَّذِي يَعِيشُهُ وَيَنجَحْ في عَمَلِهِ الَّذِي تَحتَ يَدِهِ، فَلَن يَكُونَ مُستَقَبَلُهُ أَكثَرَ إِشرَاقًا بِتَمَرُّدِهِ عَلَى مَن فَوقَهُ، أَو عِصيَانِهِ لِمَن وَلاَّهُ اللهُ أَمرَهُ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ وَلْنَحفَظْ أَمَانَاتِنَا وَلْنُطِعْ مَن وَلاَّهُ اللهُ أَمرَنَا ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 58، 59].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حرمة المسلم بين العلم والعمل...!!
  • زيادة الإيمان بالعمل الصالح
  • تطوير العمل
  • أخلاق العمل في السنة النبوية (مظهر تميز وإبداع)

مختارات من الشبكة

  • من الكبائر الشائعة: (8) غصب الأرض ولو شبرا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام والحث على النظافة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وصايا نبوية غالية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نعمة البيوت والمساكن (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • كيف أن الأرض فيها فاكهة ونخل ذات أكمام؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • روضة المسبحين لله رب العالمين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام دعا إلى تأمين معيشة أهل الذمة من غير المسلمين عند العجز والشيخوخة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من هم الأنام الذين وضع الله عز وجل لهم الأرض؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف يرضى الله عنك؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/6/1447هـ - الساعة: 11:7
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب