• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الطريق إلى سعادة القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    تفسير قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    أقوال العلماء في الصداقة
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    كثرة السجود... طريقك لرفقة الحبيب (صلى الله عليه ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    التوكل على الله (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    كراهية قول: قوس قزح
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    لا نجاة إلا بالتوحيد
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    رفق النبي صلى الله عليه وسلم
    السيد مراد سلامة
  •  
    الظاهرة التكفيرية في العصر الحديث: تحليل شرعي ...
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    معنى اسم النبي (محمد) صلى الله عليه وسلم في ...
    دكتور صباح علي السليمان
  •  
    تخريج حديث: ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    التلقيح الصناعي (PDF)
    لجين بنت عبدالله سليمان الصالحي
  •  
    الفقه الميسر (كتاب الطهارة- المسح على الخفين ...
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    الحديث التاسع عشر: الترهيب من سؤال الناس
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    تفسير: (وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا}
    د. حسام العيسوي سنيد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

الغيث وشكر الله

الغيث وشكر الله
الشيخ عبدالله بن ناصر الزاحم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/6/2014 ميلادي - 18/8/1435 هجري

الزيارات: 20018

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الغيث وشكر الله

( خطبة )

 

اسم المدينة

القصب، المملكة العربية السعودية

تاريخ الخطبة

19/1/1435هـ

اسم الجامع

أحمد بن حنبل

 

الحمد لله الكريم الوهاب، منشئ الرياح ومجري السحاب، لا إله إلا هو رب الأرباب ومسبب الأسباب، خلقنا ورزقنا وكسانا وآوانا وإليه المآب، أحمده على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وأشكره شكرا مزيدا لا ينتهي ولا يُنسى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ...


أمَّا بَعدُ عباد الله:

فَأُوصِيكُم وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلّ: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة:21، 22].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ: يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ * فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الروم: 48 - 50] .


فَمَا مِن أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ وَهُوَ يَفرَحُ بِالغَيثِ وَيُسَرَّ بِهِ، وَلا مُسلِمٍ إِلاَّ وَهُوَ يَعلَمُ أَنَّهُ مِن أَجَلِّ نِعَمِ اللهِ، ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الواقعة: 68 - 70]، ولذا فَإِنَّ مِنَ الدِّينِ وَالعَقلِ وَالمُرُوءَةِ، أَن تُحفَظَ هَذِهِ النِّعمَةُ، وَتُطلَبَ الزِّيَادَةُ مِنهَا، وَالمُبَارَكَةُ فِيهَا؛ وَإِنَّهُ لا حِفظَ لِهَذِهِ النِّعمَةِ الجَلِيلَةِ، وَلا ازدِيَادَ مِنهَا، ولا مُبَارَكَةَ فِيهَا، إِلاَّ بِشُكرِهَا الشُّكر الحَقِيقِي، المَبني عَلَى العِلمِ أَنَّهُ لا وَاهِبَ لها إِلاَّ اللهُ، رَبُّ الأَربَابِ وَمُسَبِّبُ الأَسبَابِ، وَخَالِقُ المَطَرِ وَمُجرِي السَّحَابِ، الَّذِي بِيَدِهِ الفَضلُ، يُؤتِيهِ مَن يَشَاءُ، وينزعه ممن يشاء، ويَختَصُّ بِرَحمَتِهِ مَن يَشَاءُ، ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَا ﴾ [النور: 43]، وَإِذَا عَلِمَ العَبدُ هَذَا وَأَيقَنَ أَنَّ مَا عِندَ اللهِ لا يُنَالُ إِلا بِرِضَاهُ وَالمُسَارَعَةِ إِلى تَقوَاهُ، وَلا يُحفَظُ إِلاَّ بِشُكرِهِ وَكَثرَةِ ذِكرِهِ، رَطَّبَ لِسَانَهُ حِينَئِذٍ بِشُكرِ اللهِ، وَشَغَلَ جَوَارِحَهُ بِعِبَادَتِهِ، وَجَعَلَ مِنَ النِّعَمِ قُوَّةً لَهُ عَلَى ذِكرِهِ وَعَونًا عَلَى طَاعَتِهِ، وَجَانَبَ طَرِيقَ أَهلِ الجَهلِ وَالغُرُورِ وَالغَفلَةِ وَالجُحُودِ، الَّذِينَ يَنسِبُونَ النِّعَمَ إِلى غَيرِ المُنعِمِ سُبحَانَهِ، أَو يَتَعَلَّقُونَ بِغَيرِهِ في جَلبِهَا وَتَحصِيلِهَا.


عِبَادَ الله:

لم يَزَلِ اللهُ تَعَالى مُنعِمًا مُتَفَضِّلاً، وَمَا زَالَت نِعَمُهُ عَلَى عِبَادِهِ تَتَجَدَّدُ، فَفِي كُلِّ يَومٍ، بَل في كُلِّ سَاعَةٍ وَلَحظَةٍ لَهُ عَلَى عَبدِهِ فَضلٌ وَنِعمَةٌ، وَلَكِنَّ النَّاسَ لَيسُوا في الشُّكرِ سَوَاءً، بَل مَا زَالَ مِنهُمُ المُؤمِنُ الشَّاكِرُ وَالجَاحِدُ الكَافِرُ، فَعَن زَيدِ بنِ خَالِدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الصُّبحِ بِالحُدَيبِيَةِ في إثْرِ سَمَاءٍ كَانَت مِنَ اللَّيلِ، فَلَمَّا انصَرَفَ أقبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: ((هَل تَدرُونَ مَاذَا قالَ رَبُّكُم؟))، قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعلَم. قَال: ((قَالَ: أصبَحَ مِن عِبَادِي مُؤمِنٌ بي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَن قَالَ: مُطِرنَا بِفَضلِ اللهِ وَرَحمَتِهِ، فَذلِكَ مُؤمِنٌ بي كَافِرٌ بِالكَوكَبِ، وَأَمَّا مَن قَالَ مُطِرنَا بِنَوءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بي مُؤمِنٌ بِالكَوكَبِ)).


فبَينَمَا الأَرضُ مُجدِبَةٌ وَالمَيَاهُ غَائِرَةٌ، وَالمَرعَى يَابِسٌ وَالأَنعَامُ جَائِعَةٌ، وَنُفُوسُ النَّاسِ مُنقَبِضَةٌ وَصُدُورُهُم ضَائِقَةٌ، إِذْ آذَنَ اللهُ لَهُم بَعدَ الشِّدَّةِ بِالفَرَجِ، وَجَعَلَ لَهُم بَعدَ العُسرِ يُسرًا، فَعَمَّ أَرجَاءَهُمُ بالغَيثِ، وَأَنزَلَ عَلَيهِم مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَت أَودِيَةٌ بِقَدَرِهَا، وَإِذَا الوُجُوهُ مُشرِقَةٌ وَالثُّغُورُ بَاسِمَةٌ، فَسُبحَانَ مَن جَعَلَ مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيءٍ حَيٍّ، وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا، وَأَحيَا بِهِ بَلدَةً مَيتًا وَأَسَقَاهُ ممَّن خَلَقَ أَنعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا، ﴿ وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾ [النحل: 65] وقال تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ * فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الروم: 48 - 50].

لكَ الحَمدُ يَا رَحمَنُ حَمدًا مُبَارَكًا
كَثِيرًا وَلا نُحصِي ثَنَاءً وَلا شُكرَا
لَكَ الحَمدُ كَم قَلَّدتَنَا مِن صَنِيعَةٍ
وَأَبدَلتَنَا بِالعُسرِ يَا رَبَّنَا يُسرَا
لَكَ الحَمدُ يَاذَا الكِبرِيَاءِ وَمَن يَكُنْ
بِحَمدِكَ ذَا شُكرٍ فَقَد أَحرَزَ الشُّكرَا

 

أحبتي في الله:

إِنَّ الغَيثَ فَضلٌ مِنَ اللهِ يُبتَلَى بِهِ العِبَادُ، وَيَظهَرُ بِهِ مَا في قُلُوبِهِم مِن إِيمَانٍ وَضِدِّهِ، وَمَعَ هَذَا فَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشكُرُ لِنَفسِهِ، وَمَن كَفَرَ فَإِنَّمَا يَضُرُّ نَفسَهُ، وَاللهُ غَنيٌّ عَن عِبَادِهِ، وَهُمُ الفُقَرَاءُ إِلَيهِ، قَالَ تَعَالى: ﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُم ﴾ [الزمر: 7].


وبَعدَ أَن أَخبَر موسى قومه بأهمية الشكر فقال: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾، قَالَ لهم: ﴿ إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾، وَقَالَ تَعَالى عَن سُلَيمَانَ عَلَيهِ السَّلام: ﴿ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 40]، وَقَالَ سُبحَانَهُ وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ * وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [فاطر: 15 - 18].


فَاتَّقُوا اللهَ عباد الله، وَزَكُّوا أَنفُسَكُم وَكُونُوا مِن عِبَادِهِ المُتَّقِينَ الشَّاكِرِينَ، يُضَاعِفْ لَكُمُ العطاء، ويزيد لكم في البَرَكَةَ، ويحفظ لكم ما أَنزَلَ عَلَيكُم، وَلا تَكُونُوا مِنَ المُكَذِّبِينَ الفَاسِقِينَ، فَتُحرَمُوا البَرَكَةَ وَالطَهَارَة، فَإِنَّ اللهَ قَد وَصَفَ مَاءَ الغَيثِ بِالبَرَكَةِ وَالطَّهَارَةِ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ﴾ [ق: 9] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ﴾ [الفرقان: 48].


وجاء في صحيح مسلم عَن أَبي هُرَيرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((بَينَمَا رَجُلٌ يَمشِي بِفَلاَةٍ مِنَ الأَرضِ، فَسَمِعَ صَوتًا في سَحَابَةٍ اِسقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأفرَغَ مَاءَهُ في حَرَّةٍ، فإِذَا شَرْجَةٌ مِن تِلكَ الشِّرَاجِ قَدِ استَوعَبَت ذَلِكَ المَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ المَاءَ، فإذَا رَجُلٌ قَائمٌ في حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الماءَ بِمسحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبدَ اللهِ، ما اسمُكَ؟ قال: فُلانٌ لِلاسمِ الَّذِي سَمِعَ في السَّحابةِ، فَقَالَ لَهُ: يا عبدَ الله، لِمَ تَسألُني عَنِ اسمِي؟ فَقَالَ: إنِّي سَمِعتُ صَوتًا في السَّحابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يقولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ لاسمِكَ، فَمَا تَصنَعُ فِيهَا؟ فَقَالَ: أمَّا إِذْ قُلتَ هَذَا، فَإنِّي أنظُرُ إِلى مَا يَخرُجُ مِنهَا، فَأتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أنَا وَعِيَالي ثُلُثًا، وَأردُّ فِيهَا ثُلُثَهُ))، والله جل وعلا يقول: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾، ويقول: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30] وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لَيْسَتِ السَّنَةُ بِأَنْ لاَ تُمْطَرُوا وَلَكِنِ السَّنَةُ أَنْ تُمْطَرُوا وَتُمْطَرُوا وَلاَ تُنْبِتُ الأَرْضُ شَيْئًا)).


نسألك اللَّهُمَّ أن تمنَّ علينا بالزيادة من جودك وفضلك وعطائك، وان تُبَارِكْ لَنَا في ما رزقتنا، وتجعله عونا على طاعتك وعبادتك، وبلاغاً إلى رضاك، اللهم وَاجعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعمَتِكَ مُثنِينَ بها وَقَابِلِيهَا، وَأَتِمَّهَا عَلَينَا، وَتُبْ عَلَينَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيم.


الثانية

الحمد لله حق حمده، أحمده حمدا يليق بجلاله، وأشكره شكرا يوازي نعمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ....


أَمَّا بَعدُ أيها المسلمون:

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى حق التقوى، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق:2، 3].


عباد الله:

إِنَّ الشُّكرَ لَيسَ كَلِمَاتٍ تُقَالُ، أَو عِبَارَاتٍ تُرَدَّدُ دُونَ أَن يَكُونَ لها أَثَرٌ في الوَاقِعِ، كَمَا أَنَّ الجُحُودَ لَيسَ بَعدَمِ التَّحَدُّثِ بِنِعَمِ اللهِ فَحَسبُ، وَإِنَّمَا الجُحُودُ الحَقِيقِيُّ وَكُفرُ النِّعَمِ هُوَ التَّقصِيرُ في جَنبِ اللهِ وَتَركُ العَمَل ِبما يُرضِيهِ، وَقَد قَالَ تعالى: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾، وَفي الصَّحِيحَينِ عَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقُلتُ لَهُ: لِمَ تَصنَعُ هَذَا وَقَد غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: ((أَفَلا أُحِبُّ أَن أَكُونَ عَبدًا شَكُورًا)).


فَلْيَتَّقِ اللهَ الذين يَتَقَلَّبُونَ في نِعَمِ اللهِ، وهُم لا يَزَالُون يَترُكُونَ الفَرَائِضَ وَيَهجُرُونَ المَسَاجِدَ.


ولِيَتَّقِ اللهَ الذين أغناهم الله من فضله، ويَمنَعُونَ حق الله من زَكَاةَ أَموَالِهِم.


ولِيَتَّقِ اللهَ مَن يُطلِقُونَ لِجَوَارِحِهِمُ العِنَانَ لِتَرتَعَ في كُلِّ خَبِيثٍ؛ مِن مَأكُولٍ أَو مَشرُوبٍ أَو مَسمُوعٍ.


ولِيَتَّقِ اللهَ أَهلُ العُقُوقِ وَالقَطِيعَةِ، والذين يأكلون أموال الناس بالباطل، والذين يغتابون، وينُمُّون، ويحسدون.


فلنَتُبْ إِلى اللهِ جَمِيعًا مِن كُلِّ الذنوب والخطايا، فالذُّنُوبُ سَبَبُ كُلِّ شَرٍّ وَفَسَادٍ وَبَلِيَّةٍ، وبالتوبة والعودة إلى طاعة الله يُنَالُ فضلُ الله وعطاؤه.


واعلموا عباد الله أن وقت نزول الغيث من الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((تفتح أبواب السماء ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن : عند التقاء الصفوف، وعند نزول الغيث، وعند إقامة الصلاة، وعند رؤية الكعبة))، وفي صحيح الجامع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش وإقامة الصلاة، ونزول الغيث)).


نسأل الله عز وجل أن يجعَلَنَا مِمَّن إِذَا أُعطِيَ شَكَرَ، وَإِذَا ابتُلِيَ صَبَرَ، وَإِذَا أَذنَبَ استَغفَرَ.


هذا وصلوا وسلموا على نبي الهدى والرحمة فقد أمركم الله فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ونزل الغيث!
  • في الحض على شكر نعمة الله بالغيث
  • آيات الغيث في القرآن الكريم
  • في الحاجة إلى الغيث واللجوء إلى الله تعالى
  • شكر الله عز وجل
  • الغيث سبيل السلامة وليس موضع الملامة
  • اشكروا الله ثم اشكروني
  • الشكر لله وحده
  • اللهم أغثنا (خطبة)
  • وينزل الغيث (خطبة)
  • شكر الله على نعمة الرجلين (خطبة)
  • شكر الله على نعمه
  • غيث القلوب
  • حبة السمسم (وقليل من عبادي الشكور)
  • غيث

مختارات من الشبكة

  • خطب الاستسقاء (15) أسباب الغيث المبارك(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • استشعار عظمة النعم وشكرها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكر الله سبب من أسباب ذكر الله لك في الملأ الأعلى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن الشكر والشاكرين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: وقفة شرعية (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • من ألطاف الله تعالى في الابتلاء (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • وقفات تربوية مع سورة قريش (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب النعمة وواجبنا نحوها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سقاك الغيث (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نعمة الغيث (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر وعرفان لإخواني
أبو خالد المديني - السودان 15/03/2019 09:22 PM

أشكركم شكراً جزيلاً

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/6/1447هـ - الساعة: 10:10
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب