• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    { لا تكونوا كالذين كفروا.. }
    د. خالد النجار
  •  
    دعاء من القرآن الكريم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    تخريج حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    أخلاق وفضائل أخرى في الدعوة القرآنية
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    مراتب المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم فيها
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القدوس، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    منهج البحث في علم أصول الفقه لمحمد حاج عيسى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    حفظ اللسان (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    خطبة: التحذير من الغيبة والشائعات
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    {أو لما أصابتكم مصيبة}
    د. خالد النجار
  •  
    خطبة: كيف ننشئ أولادنا على حب كتاب الله؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة قصة سيدنا موسى عليه السلام
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    شكرا أيها الطائر الصغير
    دحان القباتلي
  •  
    خطبة: صيام يوم عاشوراء والصيام عن الحرام مع بداية ...
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    منهج المحدثين في نقد الروايات التاريخية ومسالكهم ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    كيفية مواجهة الشبهات الفكرية بالقرآن الكريم
    السيد مراد سلامة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن

ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن
علي محمد سلمان العبيدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/3/2014 ميلادي - 1/5/1435 هجري

الزيارات: 78970

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن

وأنه لا يعلم الغيب إلا الله


قال تعالى: ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا ﴾ [النساء: 133]، وقال تعالى: ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴾ [إبراهيم: 19، 20]، و[فاطر 16، 17].

 

وقال تعالى: ﴿ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [الإنسان: 30].

 

وقال تعالى: ﴿ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [التكوير: 29].

 

وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ [الأنعام: 111].

 

وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ﴾ [الأنعام: 112].

 

وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ﴾ [يونس: 99].

 

وقال تعالى: ﴿ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الأنعام: 39].

 

وقال تعالى: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ﴾ [الأنعام: 125].

 

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله))، ثم تلا قول الله سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34].

 

وقال تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [الحشر: 22].

 

وقال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 73].

 

وقال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ * يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [الحديد: 4 - 6].

 

وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يقول: ((اللهم رب جبريل وإسرافيل وميكائيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدِني لما اختُلِف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)).

 

وقد روى الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، وصححه، والنسائي، من حديث يعلى بن عطاء: سمعت عمرو بن عاصم، سمعت: أبا هريرة قال: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: يا رسول الله، علِّمني شيئًا أقوله إذا أصبحتُ وإذا أمسيتُ وإذا أخذتُ مضجعي، قال: ((قل: اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه)).

 

قال ابن كثير:

"كقوله: ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا ﴾ [النساء: 133]، وكقوله: ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴾ [إبراهيم: 19، 20]، و[فاطر 16، 17].

 

ثم قال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذِهِ ﴾ يعنى: هذه السورة ﴿ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ﴾؛ أي: طريقًا ومسلكًا؛ أي: من شاء اهتدى بالقرآن، كقوله: ﴿ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 39].

 

ثم قال: ﴿ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾؛ أي: لا يقدر أحد أن يَهدي نفسه، ولا يدخل في الإيمان، ولا يجر لنفسه نفعًا، ﴿ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾؛ أي: عليمًا بمن يستحق الهداية فييسِّرها له، ويُقيِّض له أسبابها، ومن يستحق الغَواية فيصرفه عن الهدى، وله الحكمة البالغة، والحجة الدامغة؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 11].

 

ثم قال: ﴿ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الإنسان: 31]؛ أي: يهدي مَن يشاء ويضل مَن يشاء، ومن يهدِه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له".

 

وقال ابن جرير الطبري:

"وقوله: ﴿ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ ﴾، يقول: يُدخِل ربُّكم مَن يشاء منكم في رحمته، فيتوب عليه حتى يموت تائبًا من ضلالته، فيغفر له ذنوبه، ويُدخله جنته.

 

﴿ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾، يقول: الذين ظلموا أنفسهم، فماتوا على شركهم، أعدَّ لهم في الآخرة عذابًا مؤلمًا موجعًا، وهو عذاب جهنم.

 

ونصب قوله: ﴿ وَالظَّالِمِينَ ﴾؛ لأن الواو ظرف لأعدَّ، والمعنى: وأعد للظالمين عذابًا أليمًا".

 

• قال تعالى: ﴿ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [الإنسان: 30].

 

وقال: ﴿ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [التكوير: 29].

 

وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ [الأنعام: 111].

 

وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ﴾ [الأنعام: 112].

 

وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ﴾ [يونس: 99].

 

وقال تعالى: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ﴾ [الأنعام: 125].

 

وقال تعالى حكاية عن نوح عليه السلام إذ قال لقومه: ﴿ وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ ﴾ [هود: 34].

 

وقال تعالى: ﴿ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الأنعام: 39].

 

إلى غير ذلك من الأدلة على أنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وكيف يكون في ملكه ما لا يشاء؟!

 

ومَن أضلُّ سبيلاً وأكفرُ ممَّن يزعم أن الله شاء الإيمان من الكافر، والكافر شاء الكفر، فغلبت مشيئة الكافر مشيئة الله؟! تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا.

 

• فإن قيل: يُشكِل على هذا:

قولُه تعالى: ﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا ﴾ [الأنعام: 148] الآية.

 

وقولُه تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [النحل: 35] الآية.

 

وقولُه تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾ [الزخرف: 20].

 

• فقد ذمَّهم الله تعالى؛ حيث جعلوا الشرك كائنًا منهم بمشيئة الله، وكذلك ذمَّ إبليس؛ حيث أضاف الإغواء إلى الله تعالى؛ إذ قال: ﴿ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الحجر: 39].

 

قيل: قد أجيب على هذا بأجوبة، من أحسنها:

أنه أنكر عليهم ذلك؛ لأنهم احتجوا بمشيئته على رضاه ومحبته، وقالوا: لو كرِه ذلك وسخِطه لَما شاءه، فجعلوا مشيئته دليلَ رضاه، فردَّ الله عليهم ذلك.

 

أو أنه أنكر عليهم اعتقادهم أن مشيئة الله دليلٌ على أمره به.

 

أو أنه أنكر عليهم معارضةَ شرعِه وأمره الذي أرسل به رسلَه، وأنزل به كتبه بقضائه وقدره، فجعلوا المشيئة العامَّة دافعةً للأمر، فلم يذكروا المشيئة على جهة التوحيد، وإنما ذكروها معارضين بها لأمره، دافعين بها لشرعه، كفعل الزنادقة والجهال إذا أُمِروا أو نُهُوا احتجوا بالقدر - وقد احتجَّ سارق على عمر رضي الله عنه بالقدر، فقال: وأنا أقطع يدك بقضاء الله وقدره - يشهد لذلك قولُه تعالى في الآية: ﴿ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾، فعلم أن مرادهم التكذيب، فهو من قبلِ الفعل من أين له أن الله لم يُقدِّره؟ أطَّلع الغيب؟!

 

فإن قيل: فما تقولون في احتجاج آدم على موسى عليهما السلام بالقدر؛ إذ قال له: ((أتلومني على أمر قد كتبه الله عليَّ قبل أن أخلق بأربعين عامًا؟!))، وشهد النبي صلى الله عليه وسلم أن آدم حج موسى؛ أي: غلب عليه بالحجة؟

 

قيل: نتلقاه بالقبول والسمع والطاعة؛ لصحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نتلقاه بالرد والتكذيب لراويه، كما فعلت القدرية، ولا بالتأويلات الباردة.

 

بل الصحيح أن آدم لم يحتجَّ بالقضاء والقدر على الذنب، وهو كان أعلم بربه وذنبه، بل آحاد بَنِيه من المؤمنين لا يحتج بالقدر، فإنه باطل، وموسى عليه السلام كان أعلم بأبيه وبذنبه من أن يلوم آدم على ذنب قد تاب منه وتاب الله عليه واجتباه وهداه، وإنما وقع اللوم على المصيبة التي أخرجت أولاده من الجنة، فاحتج آدم بالقدر على المصيبة، لا على الخطيئة، فإن القدر يحتج به عند المصائب، لا عند المعائب، وهذا المعنى أحسن ما قيل في الحديث، فما قُدِّر من المصائب يجب الاستسلام له، فإنه من تمام الرضا بالله ربًّا، وأما الذنوب، فليس للعبد أن يذنب، وإذا أذنب فعليه أن يستغفر ويتوب، فيتوب من المعائب، ويصبر على المصائب، قال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ [غافر: 55]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ﴾ [آل عمران: 120].

 

• وأما قول إبليس: ﴿ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي ﴾ [الحجر: 39]، فإنما ذمَّ على احتجاجه بالقدر، لا على اعترافه بالمقدر وإثباته له، ألم تسمع قول نوح عليه السلام: ﴿ وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [هود: 34]؟

 

ولقد أحسن القائل:

ما شئتَ كان وإن لم أشأ
وما شئتُ إن لم تشأْ لم يكن

 

مسألة الهدى والضلال:

قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية: "يهدي مَن يشاء، ويعصم ويعافي فضلاً، ويضل من يشاء، ويخذل ويبتلي عدلاً".

 

هذا ردٌّ على المعتزلة في قولهم بوجوب فعل الأصلح للعبد على الله، وهي مسألة الهدى والضلال.

 

قالت المعتزلة: الهدى من الله بيان طريق الصواب، والإضلال: تسمية العبد ضالاًّ، أو حكمه تعالى على العبد بالضلال عند خلق العبد الضلال في نفسه.

 

وهذا مبني على أصلهم الفاسد: أن أفعال العباد مخلوقة لهم.

 

والدليل على ما قلناه قوله تعالى: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [القصص: 56]، ولو كان الهدى بيانَ الطريق، لَما صح هذا النفي عن نبيه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم بيَّن الطريق لمن أحب وأبغض.

 

وقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا ﴾ [السجدة: 13]، ﴿ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [المدثر: 31]، ولو كان الهدى من الله البيان - وهو عامٌّ في كل نفس - لَما صح التقييد بالمشيئة.

 

وكذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾ [الصافات: 57]، وقوله: ﴿ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الأنعام: 39].

 

قوله: (وكلهم يتقلبون في مشيئته، بين فضله وعدله)، فإنهم كما قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ﴾ [التغابن: 2]، فمَن هداه إلى الإيمان فبفضله، وله الحمد، ومن أضلَّه فبعدله، وله الحمد؛ انتهى.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حدود العقل في الإلهيات والغيبيات
  • علاقة العقل بعالم الغيب
  • ماذا يجب علينا نحو الإيمان بالغيب؟

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دلائل نبوته إخباره بتغير أنظمة الحكم عبر تاريخ المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إثبات صفة الكلام لله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدرس الثالث عشر: ﴿ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء﴾(مقالة - ملفات خاصة)
  • حديث: لو قال: إن شاء الله لم يحنث وكان ذلك دركًا لحاجته(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • الحديث: إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير قوله تعالى (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله..)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • أحوال القبور قد يكشفها الله عز وجل لمن شاء من عباده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك...)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/1/1447هـ - الساعة: 14:50
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب