• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وقيامه به ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    خطبة: أولادنا وإدمان الألعاب الإلكترونية
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من مائدة التفسير: سورة الكوثر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الكتمان
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    شبح الغفلة
    نوال محمد سعيد حدور
  •  
    نماذج من سير الأتقياء والعلماء والصالحين (10) أبو ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    خطبة: احفظ الله يحفظك
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    لماذا ضحك النبي صلى الله عليه وسلم عند دعاء ...
    عمرو شكري بدر زيدان
  •  
    المنكرات الرقمية: فريضة الحسبة في زمن الشاشات
    د. خالد طه المقطري
  •  
    ذكر الله سبب من أسباب إعانة الله لك
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    عداوة الشيطان للإنسان
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    تفسير قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    تحريم الحلف بالملائكة أو الرسل عليهم الصلاة ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    قسوة القلب (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    بيان اتصاف الأنبياء عليهم السلام بالرحمة
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    القوامة بين عدالة الإسلام وزيف التغريب (خطبة)
    د. مراد باخريصة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع / في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
علامة باركود

إتقان العمل (خطبة)

إتقان العمل
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/2/2013 ميلادي - 23/3/1434 هجري

الزيارات: 168659

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إتقان العمل


أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 90].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لِنُهُوضِ الأُمَمِ مِن سُبَاتِهَا وَتَقَدُّمِهَا بَعدَ تَخَلُّفِهَا، أَسبَابٌ كَثِيرَةٌ وَعَوَامِلُ مُتَعَدِّدَةٌ، جَاءَت بِبَعضِهَا أَدِلَّةٌ شَرعِيَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَصَدَّقَ بَعضَهَا وَاقِعٌ مَلمُوسٌ، وَاتَّفَقَت عَلَى بَعضِهَا كَلِمَةُ العُقَلاءِ وَالحُكَمَاءِ، وَحِينَ تَتَّفِقُ النُّقُولُ وَالعُقُولُ عَلَى أَهمِيَّةِ أَحَدِهَا وَضَرُورَةِ حُصُولِهِ، فَلا مَنَاصَ حَينَئِذٍ مِن تَحقِيقِهِ لِمَن أَرَادَ النَّجَاحَ وَالفَلاحَ، وَإِلاَّ كَانَتِ الأُمَّةُ إِلى الشَّقَاءِ وَالخَسَارَةِ أَقرَبَ، مِن تِلكُمُ الأَسبَابِ المُهِمَّةِ الَّتي لا يُختَلَفُ في مَدحِهَا وَذَمِّ تَركِهَا، إِتقَانُ العَمَلِ؛ إِذِ النَّاسُ في هَذِهِ الدُّنيَا يَغدُونَ وَيَرُوحُونَ، وَيَعمَلُونَ وَيَكدَحُونَ، وَيُخَطِّطُونَ وَيُنَفِّذُونَ، وَيُرَاجِعُونَ أَنفُسَهُم وَيُتَابِعُونَ ثَمَرَاتِ مَسَاعِيهِم، وَمَا لم يَهتَمُّوا بِإِتقَانِ أَعمَالِهِم وَالإِتيَانِ بها عَلَى المَطلُوبِ، فَإِنَّمَا هُم في ضَلالٍ وَسَعيُهُم إِلى وَبَالٍ.

 

وَقَد صَنَعَ اللهُ كُلَّ شَيءٍ في هَذَا الكَونِ بِإِتقَانٍ، وَأَنزَلَ في الأَرضِ هَذَا الإِنسَانَ، وَجَعَلَهُ خَلِيفَةً فِيهَا وَأَمَرَهُ بِالسَّعيِ في مَنَاكِبِهَا وَإِعمَارِهَا، وَأَوجَبَ عَلَيهِ الإِحسَانَ وَنَهَاهُ عَنِ الإِفسَادِ فِيهَا بَعدَ إِصلاحِهَا، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 88] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾ [النحل: 90] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 77] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾ [البقرة: 204، 205] وَيَقرَأُ كَثِيرُونَ هَذِهِ الآيَاتِ وَأَمثَالَهَا، وَيَسمَعُونَ فِيهَا الأَمرَ بِالإِحسَانِ وَالنَّهيَ عَنِ الفَسَادِ، وَيَمُرُّ بهم مَدحُ المُحسِنِينَ وَذَمُّ المُفسِدِينَ، فَيَظُنُّونَ أَنَّهَا إِنَّمَا قُصِدَ بها أَصحَابُ الوِلايَاتِ العَامَّةِ وَالمَنَاصِبِ الكُبرَى، مِنَ الحُكَّامِ وَالقُضَاةِ وَالأُمَرَاءِ وَالوُزرَاءِ، وَيَغفُلُونَ عَن أَنَّ الإِتقَانَ وَالإِحسَانَ وَرِعَايَةَ الأَمَانَاتِ وَالقِيَامَ بِالمَسؤُولِيَّاتِ، مَأمُورٌ بِهِ في كُلِّ عَمَلٍ جَلَّ أَو حَقُرَ، وَمُطَالَبٌ بِه ِكُلُّ أَحَدٍ صَغُرَ أَو كَبُرَ، وَأَنَّ الأُمَّةَ وَالمُجتَمَعَ بُنيَانٌ وَاحِدٌ، لا يُمكِنُ أَن يَكُونَ مُتقَنًا مُتَّزِنًا، وَفِيهِ لَبِنَةٌ مَائِلَةٌ أَو خَارِجَةٌ عَن مَوقِعِهَا، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُم عَمَلاً أَن يُتقِنَهُ" رَوَاهُ البَيهَقِيُّ في الشُّعَبِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "كُلُّكُم رَاعٍ وَمَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ في أَهلِهِ وَمَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، وَالمَرأَةُ رَاعِيَةٌ في بَيتِ زَوجِهَا وَمَسؤُولَةٌ عَن رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ في مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُم رَاعٍ وَمَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "المُؤمِنُ لِلمُؤمِنِ كَالبُنيَانِ يَشُدُّ بَعضُهُ بَعضًا" ثم شَبَّكَ بَينَ أَصَابِعِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ الإِتقَانَ سِمَةٌ أَسَاسِيَّةٌ في الشَّخصِيَّةِ المُسلِمَةِ، يُرَبِّيهَا الإِسلامُ في كُلِّ عَمَلٍ مِنَ الأَعمَالِ، عِبَادَةً كَانَ أَو مُعَامَلَةً أَو سُلُوكًا، وَقَد جَاءَت نُصُوصٌ شَرعِيَّةٌ كَثِيرَةٌ تَحُضُّ عَلَيهِ وَتَأمُرُ بِهِ في جَوَانِبَ كَثِيرَةٍ، أَمرًا بِالإِخلاصِ في العِبَادَةِ وَرِعَايَتِهَا، وَحَثًّا عَلَى الإِحسَانِ فِيهَا وَتَجوِيدِهَا، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163] وَذَمَّ - سُبحَانَهُ - مَنِ ابتَدَعَ بِدعَةً فَلَم يَرعَهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا، فَكَيفَ بِعِبَادَةٍ مَشرُوعَةٍ أَو عَمَلٍ صَالحٍ يُتَقَرَّبُ بِهِ، أَو مُعَامَلَةٍ يَحتَاجُهَا النَّاسُ أَو يُضطَرُّونَ إِلَيهَا، قَالَ - سُبحَانَهُ - عَنِ النَّصَارَى: ﴿ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآَتَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد: 27] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "الَّذِي يَقرَأُ القُرآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "يَؤُمُّ القَومَ أَقرَؤُهُم لِكِتَابِ اللهِ" رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَفي قِصَّةِ رُؤيَا عَبدِاللهِ بنِ زَيدٍ لِلأَذَانِ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "فَقُمْ مَعَ بِلالٍ فَأَلْقِ عَلَيهِ مَا رَأَيتَ؛ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ فَإِنَّهُ أَندَى صَوتًا مِنكَ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، بَل حَتى فِيمَا لا يُتَصَوَّرُ الإِحسَانُ فِيهِ وَالإِتقَانُ لِهَونِهِ عَلَى النُّفُوسِ، نَجِدُ الأَمرَ فِيهِ بِالإِحسَانِ وَالإِتقَانِ حَاضِرًا، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُم أَخَاهُ فَلْيُحسِنْ كَفَنَهُ" رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحسَانَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ، فَإِذَا قَتَلتُم فَأَحسِنُوا القِتلَةَ، وَإِذَا ذَبَحتُم فَأَحسِنُوا الذِّبحَةَ" رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ. إِنَّهُ لا يَكفِي الفَردَ أَن يُؤَدِّيَ العَمَلَ صَحِيحًا، بَل لا بُدَّ أَن يَكُونَ مَعَ صِحَّتِهِ مُتقَنًا، فَهَل يَعِي ذَلِكَ المُسلِمُونَ وَيَسعَونَ إلى جَعلِهِ مِيزَةً لِشَخصِيَّاتِهِم وَخُلُقًا يَتَّصِفُونَ بِهِ في حَيَاتِهِم، وَمَبدَأً يَنطَلِقُونَ مِنهُ في مُؤَسَّسَاتِ العِلمِ وَمَيَادِينِ العَمَلِ وَأسوَاقِ الصَّنَاعَةِ، لِيَصِلُوا بِهِ إِلى الإِنجَازِ وَيُحَقِّقُوا بِسَبَبِهِ النَّجَاحَ؟! إِنَّ عَلَى المُسلِمِينَ وَقَد أَصبَحُوا يُمَجِّدُونَ مَا جَاءَ بِهِ غَيرُهُم مِمَّا يُسَمَّى بِالجَودَةِ النَّوعِيَّةِ أَوِ الجَودَةِ الشَّامِلَةِ أَوِ التَّمَيُّزِ، إِنَّ عَلَيهِم أَن يَعلَمُوا أَنَّ دِينَهُم قَد سَبَقَ العَالَمَ في هذا المَبدَأِ العَظِيمِ بِقُرُونٍ، بَل إِنَّهُ إِذَا كَانَ مِعيَارُ الجَودَةِ لَدَى أُولَئِكَ الكَفَرَةِ مَادِّيًّا صِرفًا، فَإِنَّهُ لَدَى المُسلِمِينَ ذُو مُنطَلَقَينِ دُنيَوِيٍّ وَأُخرَوِيٍّ؛ وَقَد قَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 7] وَقَالَ: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 2] إِنَّهُ لَضَعفٌ في الدِّيَانَةِ وَخِيَانَةٌ لِلأَمَانَةِ، وَإِخَلافٌ لِلوَعدِ وَنَقضٌ لِلعَهدِ، أَن يَتَوَلىَّ الفَردُ عَمَلاً يَعلَمُ يَقِينًا بما يَجِبُ عَلَيهِ فِيهِ وَلا يَجهَلُهُ، ثم يَتَبَاطَأَ في إِنجَازِهِ أَو يُخِلَّ بِهِ، أَو يَتَجَاهَلَ مَسؤُولِيَّتَهُ وَيُقَصِّرَ، وَكَأَنَّهُ لم يَقرَأْ قَولَ رَبِّهِ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [الإسراء: 35] وَقَولَهُ - تَعَالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1] وَقَولَهُ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [هود: 85] وَقَولَهُ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المطففين: 1 - 6] وَقَولَهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ [الرعد: 25] أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاحرِصُوا عَلَى إِتقَانِ العَمَلِ وَأَدَائِهِ كَمَا يَجِبُ وَيَنبَغِي، وَاجعَلُوهُ تَرجَمَةً وَاقِعِيَّةً لِصِدقِ إِيمَانِكُم بِاللهِ وَابتِغَائِكُم مَا عِندَهُ، وَاحذَرُوا مَا بُلِيَ بِهِ بَعضُ المُتَشَدِّقِينَ اليَومَ مِن كَثرَةِ الكَلامِ وَقِلَّةِ العَمَلِ، أَو مَا رُزِئَ بِهِ آخَرُونَ مِن إِضَاعَةِ أَوقَاتِ العَمَلِ في تَصَفُّحِ الشَّبَكَاتِ أَو تَبَادُلِ المُرَاسَلاتِ بِالجَوَّالاتِ، فَإِنَّ الأَمَانَةَ ثَقِيلَةٌ وَالمَسؤُولِيَّةَ عَظِيمَةٌ ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا * لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 72، 73]

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاذكُرُوهُ وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ  ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ ﴾ [البقرة: 223].

 

إِنَّ العَامِلَ - عِبَادَ اللهِ - مَطلُوبٌ مِنهُ إِتقَانُ عَمَلِهِ وَالإِحسَانُ فِيهِ قَدرَ طَاقَتِهِ، وَعَدَمُ التَّحَجُّجِ بِتَقصِيرِ غَيرِهِ أَو تَهَاوُنِ مَن سِوَاهُ. وَالعَاقِلُ يَتبَعُ النَّاجِينَ وَيَأخُذُ بِطَرِيقِهِم لِيَسلَمَ، وَالجَاهِلُ مَن جَعَلَ إِسَاءَةَ الآخَرِينَ مَدخَلاً لِلتَّكَاسُلِ وَالتَّبَاطُؤِ وَبَخسِ النَّاسِ أَشيَاءَهُم. أَلا وَإِنَ مِمَّا بُلِينَا بِهِ في سِنِيِّنَا المُتَأَخِّرَةِ، فِئَامًا مِنَ المُوَظَّفِينَ الحَمقَى، الَّذِينَ لا يُبَالُونَ بما وَقَعُوا فِيهِ مِن تَقصِيرٍ أَو تَأَخُّرٍ أَو غِيَابٍ، أَو خُرُوجٍ مِنَ دَوَائِرِهِم وَمُؤَسَّسَاتِهِم قَبلَ إنهَاءِ مَا كُلِّفُوا بِهِ مِن عَمَلٍ وَأَداءِ مَا حُمِّلُوهُ مِن أَمَانَةٍ، وَحُجَّةُ أَحَدِهِم أَنَّهُ لم يَأخُذْ حَقَّهُ كَامِلاً، أَو أَنَّ أَجرَهُ وَرَاتِبَهُ لا يَكفِيهِ، أَو أَنَّ جِهتَهُ قَد قَصَّرَت وَلم تُوَفِّرْ لَهُ كُلَّ مَا يَطلُبُ، أَو أَنَّهُ لم يُعَيَّنْ عَلَى المَرتَبَةِ الَّتي عُيِّنَ عَلَيهَا مَن قَبلَهُ. وَلِهَؤُلاءِ يُسَاقُ قَولُ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58] وَقَولَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "أَدِّ الأَمَانَةَ إِلى مَنِ ائتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَن خَانَكَ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. ثم إِنَّ المُوَظَّفَ بِقَبُولِهِ الوَظِيفَةَ وَهُوَ يَعلَمُ دَرَجَتَهَا وَمِقدَارَ رَاتِبِهَا يَعني أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِكُلِّ مَا يَلزَمُهُ فيها، وَعَلَى تَقدِيرِ وُقُوعِ الظُّلمِ عَلَيهِ مِمَّن فَوقَهُ، فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ لَهُ أَن يَنتَقِمَ مِنهُ بِظُلمِ مَن تَحتَهُ أَوِ الإِسَاءَةِ إِلى مَن وُلِّيَ أَمرَهُم، وَإِنَّمَا الوَاجِبُ عَلَيهِ أَن يَسلُكَ الطَّرِيقَ الصَّحِيحَ لِلتَّغيِيرِ، وَأَن يُعَالِجَ هَذَا المَرَضَ بِطَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَسُلُوكِ مَسَالِكِ العَدلِ وَالإِنصَافِ وَإِعطَاءِ الحُقُوقِ، لا بِمَعصِيَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَالدُّخُولِ في دَهَالِيزِ الظُّلمِ وَالمُرَاوَغَةِ وَهَضمِ أَهلِ الحُقُوقِ حُقُوقَهُم، وَمَا أَجمَلَ أَن يَكُونَ رَائِدُ المَرءِ في ذَلِكَ قَولَ رَسُولِ اللهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - لأَصحَابِهِ: "إِنَّكُم سَتَجِدُونَ بَعدِي أَثَرَةً، فَاصبِرُوا حَتى تَلقَوني عَلَى الحَوضِ" وَقَولَهُ: "سَتَكُونُ بَعدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنكِرُونَهَا" قَالُوا: فما تَأمُرُنا؟ قَالَ: "تُؤَدُّونَ الحَقَّ الَّذِي عَلَيكُم، وَتَسأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُم" رَوَاهُمَا البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَأَمَّا مُقَابَلَةُ الخَطَأِ بِالخَطَأِ، وَتَبَادُلُ التَّظَالُمِ بَينَ العِبَادِ، فَإِنَّمَا كُلُّ ذَلِكَ ظُلُمَاتٌ بَعضُهَا فَوقَ بَعضٍ، وَزَجٌّ بِالأُمَّةِ في قِطَارِ التَّخَلُّفِ، وَحَبسٌ لَهَا عَن رَكبِ الحَضَارَةِ وَالتَّقَدُّمِ،،،

 

وَمَا مِن يَدٍ إِلاَّ يَدُ اللهِ فَوقَهَا

وَلا ظَالِمٍ إِلاَّ سَيُبلَى بِظَالِمِ


أَلا فَمَا أَحرَى كُلَّ مُسلِمٍ أَن يَتَّقِيَ اللهَ مَولاهُ، وَأَن يَحذَرَ أَن يَلقَاهُ وَقَد جَعَلَ أَوقَاتَ عَمَلِهِ فُرصَةً لِقَضَاءِ شَهَوَاتِهِ، أَو وَقَد استَغَلَّ مَنصِبَهُ لِنَيلِ مَآرِبِهِ، أَو وَقَد قَصَّرَ في خِدمَةِ مَن وُلِّيَ أَمرَهُم، أَو وَقَد هَضَمَ من تَحتَ يَدَهُ حُقُوقَهُم أَو بَخَسَهُم أَشيَاءَهُم!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • استقبال العشر والحرص على إتقان العمل
  • نمتطي الإنصاف ولا نخاف الإرجاف
  • صبرا آل ياسر (خطبة)
  • الاعتبار بالأمطار ( خطبة )
  • من عمل عملا فليتقنه
  • العناية بالإتقان والجودة في كل شؤون حياتنا
  • إتقان العمل في ضوء القرآن وسنة النبي العدنان
  • إتقان العمل
  • إتقان العمل
  • المنهزم لا قاع له (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: {أفمن زين له سوء عمله...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القيم النبوية في إدارة المال والأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية المسؤولية في العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أهمية العمل التطوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أولادنا وإدمان الألعاب الإلكترونية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: احفظ الله يحفظك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القوامة بين عدالة الإسلام وزيف التغريب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالعهود (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عالم الفساد والعفن: السحر والكهانة والشعوذة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- جزاكم الله خيرا
سمر - السعودية 22/11/2015 01:45 PM

جزاكم الله خيرا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/2/1447هـ - الساعة: 21:56
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب