• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ما حكم أخذ الأجر على الضمان؟
    د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري
  •  
    {فبما رحمة من الله لنت لهم}
    د. خالد النجار
  •  
    عقيدة الدروز
    سالم محمد أحمد
  •  
    ذكر الله سبب من أسباب صلاة الله عليك
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حقوق المرأة (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    حبه صلى الله عليه وسلم لاستماع القرآن من غيره
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    إشارات في نهاية عام فات (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    المدخل الميسر لعلم المواريث
    رمزي صالح محمد
  •  
    إكرام الله شرف عظيم
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    {كل يوم هو في شأن}
    أسامة بن زيد بن سليمان الدريهم
  •  
    مراتب الفضل والرحمة في الجزاء الرباني على الحسنة ...
    عبدالقادر دغوتي
  •  
    من مائدة العقيدة: وجوب محبة الرسول صلى الله عليه ...
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    بطلان القول بعرض السنة على القرآن
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    بيان ما يتعلق بعلوم بعض الأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    الدورات القرآنية... موسم صناعة النور في زمن ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم التوكل على غير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع
علامة باركود

أجهزة الاتصال لنا أم نحن لها

أجهزة الاتصال لنا أم نحن لها
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/12/2012 ميلادي - 30/1/1434 هجري

الزيارات: 11320

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أجهزة الاتصال لنا أم نحن لها


أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَسَائِلُ التِّقنِيَةِ الحَدِيثَةُ وَخَاصَّةً أَجهِزَةَ الاتِّصَالاتِ، هَل يَملِكُهَا صَاحِبُهَا أَم هِيَ الَّتي تَملِكُهُ؟ هَل يُسَيِّرُهَا كَيفَ يَشَاءُ أَم هِيَ الَّتي تُسَيِّرُهُ؟ هَل قَضَى بها مَآرِبَهُ وَمَصَالِحَهُ؟ أَم غَرَّتهُ بِبَرِيقِهَا وَأَسَرَهُ لَمَعَانُهَا، فَشَدَّت عَقلَهُ وَمَلَكَت لُبَّهُ، وَشَغَلَت فِكرَهُ عَمَّا لا يَنفَعُهُ؟ لَيسَ هَذَا سُؤَالاً فَلسَفِيًّا وَلا ضَربًا مِنَ التَّكَلُّفِ، وَلَكِنَّهُ تَسَاؤُلٌ تَفرِضُهُ حَالٌ مُشَاهَدَةٌ وَوَاقِعٌ مَلمُوسٌ. لَقَد طَغَت كَثرَةُ المَصنُوعَاتِ عَلَى المُجتَمَعَاتِ، وَأَغرَتهُم وَسَائِلُ الاتِّصَالاتِ، وَبَدَلاً مِن أَن يَكُونُوا هُمُ المَالِكِينَ لَهَا وَالمُسَيِّرِينَ، صَارَت هِيَ الَّتي تُسَيِّرُهُم وَتَصنَعُ عُقُولَهُم، بَعدَ أَن مَلَكَت قُلُوبَهُم وَأَسَرَت تَفكِيرَهُم.

 

وَلأَيٍّ مِنَّا الآنَ أَن يَمُرَّ بِقَومٍ في مَجالِسِهِم، أَو مُوَظَّفِينَ في مَكَاتِبِهِم، أَو مُعَلِّمِينَ في فُصُولِهِم، أَو طُلاَّبًا في قَاعَاتِ دَرسِهِم، لِيُفَاجَأَ بِأُمَّةٍ قَد شَغَلَتهَا الجَوَّالاتُ، يُرسِلُونَ بها وَيَستَقبِلُونَ، وَيُحَادِثُونَ عَن طَرِيقِهَا وَيَتَوَاصَلُونَ، وَيَأخُذُونَ صُوَرًا وَيَبعَثُونَ بِأُخرَى، وَبَدَلاً مِن أَن يُعطِيَ أَحَدُهُم مُجَالِسَهُ حَقَّهُ، أَو يُقبِلَ عَلَى مَن هُوَ بِحَاجَةٍ إِلَيهِ، أَو حَتى يُضَاحِكَ جَلِيسَهُ وَيُسَامِرَهُ، صَارَ وَكَأَنَّهُ لا يَشعُرُ بِوُجُودِ أَحَدٍ حَولَهُ، بَل تَرَاهُ يَضحَكُ حِينًا وَيَبتَسِمُ، ثم لا يَلبَثُ أَن يُقَطِّبَ وَجهَهُ وَيَكفَهِرَّ. وَالأَهَمُّ مِن هَذَا - عِبَادَ اللهِ - وَالأَخطَرُ، استِمَالَةُ تِلكَ الأَجهِزَةِ القُلُوبِ وَصِيَاغَتُهَا الأَفكَارَ، وَالوَقتُ الَّذِي أَذهَبَتهُ عَلَى أَهلِهَا، وَبَرَكَتَهُ الَّتي سَلَبَتهَا أَصحَابَهَا، نَاهِيكُم عَمَّا يَلحَقُ مُستَخدِمِيهَا مِن ضَرَرٍ بالصِّحَّةِ مِن طُولِ صُحبَتِهَا وَالعُكُوفِ عَلَيهَا.

 

وَلَو سَأَلَ أَحَدُنَا نَفسَهُ أَو رَاقَبَ مَن حَولَهُ، أَو تَبَيَّنَ الآخَرِينَ لِمَعرِفَةِ مَا يُرسِلُونَ وَيَستَقبِلُونَ وَعَمَّ يَتَحَدَّثُونَ وَفِيمَ يَخُوضُونَ، لَوَجَدَ أُمُورًا غَالِبُهَا لا يَنفَعُ أَخذُهُ وَلا يَضُرُّ تَركُهُ، وَأُخرَى ضَرَرُهَا أَكثَرُ مِن نَفعِهَا، وَقَد يَكُونُ مِنهَا مَا هُوَ مُحَرَّمٌ لا يَجُوزُ الرِّضَا لِلنَّفسِ بِالاطِّلاعِ عَلَيهِ وَمُشَاهَدَتِهِ، فَضلاً عَن نَشرِهِ وَإِذَاعَتِهِ بَينَ الآخَرِينَ، وَإِثقَالِ المِيزَانِ بِسَيِّئَاتٍ مُتَكَاثِرَةٍ مِن جَرَّائِهِ، قَد تَدُومُ لأَزمَانٍ مُتَطَاوِلَةٍ وَتَبلُغُ آفَاقًا وَاسِعَةً.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مِمَّا يَجِدُهُ النَّاظِرُ في هَذِهِ الأَجهِزَةِ مِنَ الآفَاتِ، تَنَاقُلُ وَاهِي الرِّوَايَاتِ، وَنَشرُ مَكذُوبِ الشَّائِعَاتِ، وَإِذَاعَةُ غَرَائِبِ الأَخبَارِ وَعَجَائِبِ الأَنبَاءِ، وَشَرُّ ذَلِكَ وَأَخطَرُهُ مَا يُنسَبُ إِلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِن أَحَادِيثَ أَو قِصَصٍ، فِيهَا المَوضُوعُ وَالضَّعِيفُ، وَمِنهَا الغَرِيبُ وَالمُنكَرُ، وَقَد قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "مَن كَذَّبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقعَدَهُ مِنَ النَّارِ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ وَغَيرُهُمَا. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "مَن حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ وَهُوَ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ؛ فَهُوَ أَحَدُ الكَاذِبِينَ" رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَد كَانَ التَّثَبُّتُ قَبلَ نَقلِ القَولِ هُوَ دِينَ المُسلِمِينَ وَعَادَةَ عُقَلاءِ العَرَبِ، حَيثُ كَانُوا يَستَحيُونَ أَن يُنقَلَ عَنهُمُ الكَذِبُ أَو يُخبِرُوا بِخِلافِ الوَاقِعِ، لَكِنَّ ضَعفَ الدِّينِ أَوِ الجَهلَ بِأَحكَامِ الشَّرعِ، وَالحِرصَ عَلَى تَحقِيقِ السَّبقِ في كُلِّ شَيءٍ، وَهَذِهِ الأَجهِزَةَ الَّتي جَعَلَت تَنَاقُلَ الأَخبَارِ رَهنَ ضَغطَةِ زِرٍّ في ثَوَانِيَ مَعدُودَةٍ، أَتَاحَت لِلمُندَسِّينَ وَضَعِيفِي الدِّينِ وَالمَرُوءَةِ، أَن يَختَلِقُوا مَا يُرِيدُونَ وَيَصنَعُوا الأَكَاذِيبَ، فَمَا تَلبَثُ أَن تَبلُغَ الآفَاقَ عَلَى عِلاَّتِهَا، وَهُوَ الذَّنبُ العَظِيمُ الَّذِي وَرَدَ ذَمُّهُ وَتَقبِيحُهُ، وَبَيَانُ أَنَّهُ مِن أَسبَابِ عَذَابِ القَبرِ، حَيثُ رَأَى النَّبيُّ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - في مَنَامِهِ - وَرُؤيَا الأَنبِيَاءِ حَقٌّ - رَجُلاً يُشَرشَرُ شِدقُهُ إِلى قَفَاهُ وَمَنخِرُهُ إِلى قَفَاهُ وَعَينُهُ إِلى قَفَاهُ، فَلَمَّا سَأَلَ عَنهُ المَلَكَينِ قَالا لَهُ: "وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيتَ عَلَيهِ يُشَرشَرُ شِدقُهُ إِلى قَفَاهُ وَمَنخِرُهُ إِلى قَفَاهُ وَعَينُهُ إِلى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغدُو مِن بَيتِهِ فَيَكذِبُ الكَذبَةَ تَبلُغُ الآفَاقَ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

إِنَّهُ لَو فَقِهَ المُسلِمُونَ مَا وَرَدَ في مَكَانَةِ الكَلِمَةِ وَقِيمَتِهَا وَخَطَرِ التَّلاعُبِ بها قَولاً أَو كِتَابَةً أَو نَشرًا، لَعَمَدُوا إِلى كَثِيرٍ مِمَّا يَرِدُ إِلَيهِم فَطَوَوهُ وَلم يَنشُرُوهُ، وَلَمَسَحُوهُ وَتَنَاسَوهُ وَلم يُذِيعُوهُ، قَالَ -تعالى-: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36] وَقَالَ -تعالى-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ﴾ [الحجرات: 6] وَفي الحَدِيثِ: " بِئسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "كَفَى بِالمَرءِ كَذِبًا أَن يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ" رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَمِمَّا تَعُجُّ بِهِ هَذِهِ الأَجهِزَةُ، وَيَتَنَاقَلُهُ الكَثِيرُونَ عَن طَرِيقِهَا وَهُم يَضحَكُونَ، الاستِهزَاءُ بِشَعبٍ أَو قَبِيلَةٍ أَو عَشِيرَةٍ، أَو أَهلِ بَلَدٍ أَو مِهنَةٍ أَو جِهَةٍ، أَو رَميُ مُعَيَّنٍ بِالكُفرِ أَو وَصمُهُ بِالفُسُوقِ أَو تَبدِيعُهُ مِن غَيرِ تَثَبُّتٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا حَرَّمَهُ الشَّرعُ وَنَهَى عَنهُ، قَالَ -تعالى-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 11، 13]. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِنَّ أَعظَمَ النَّاسِ فِريَةً لَرَجُلٌ هَجَا رَجُلاً، فَهَجَا القَبِيلَةَ بِأَسرِهَا..." الحَدِيثَ رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "وَمَن قَالَ في مُؤمِنٍ مَا لَيسَ فِيهِ، حُبِسَ في رَدغَةِ الخَبَالِ حَتى يَأتيَ بِالمَخرَجِ مِمَّا قَالَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن دَعَا رَجُلاً بِالكُفرِ أَو قَالَ: عَدُوُّ اللهِ وَلَيسَ كَذَلِكَ إِلا حَارَ عَلَيهِ" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَرمِي رَجُلٌ رَجُلاً بِالفُسُوقِ وَلا يَرمِيهِ بِالكُفرِ إِلاَّ ارتَدَّت عَلَيهِ إِن لم يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

إِنَّ الشَّائِعَاتِ وَالأَحَادِيثَ المَكذُوبَةَ وَالأَحدَاثَ المُصطَنَعَةَ، وَالَّتي صَارَت هَذِهِ الأَجهِزَةُ مُستَنقَعَاتٍ آسِنَةً بِكَثرَةِ نَقلِهَا، إِنَّهَا لَمِن أَخطَرِ الأَسلِحَةِ الَّتي تُدَمِّرُ الأَفرَادَ وَتفَتِكُ بِالمُجتَمَعَاتِ، وَهِي حَربٌ يُوقِدُهَا الأَعدَاءُ وَيَفتَعِلُهَا المُتَرَبِّصُونَ، لِيُحَطِّمُوا بها المَعنَوِيَّاتِ المُرتَفِعَةَ، وَيُزَعزِعُوا بها ثِقَةَ النَّاسِ بِبَعضِهِم، وَيُوغِرُوا بها الصُّدُورَ وَيَشحَنُوا النُّفُوسَ، وَيُصِيبُوا القُلُوبَ المُطمَئِنَّةَ بِالبَلبَلَةِ وَالوَسوَسَةٍ، وَحَالُ كَثِيرٍ مِنَ الثَّورَاتِ العَارِمَةِ، أَو حَتى الحَرَكَاتُ الشَّبَابِيَّةُ السَّفِيهَةُ، وَقِيَامُهَا عَلَى التَّوَاصُلِ بِهَذِهِ الأَجهِزَةِ، دَلِيلٌ عَلَى خَطَرِهَا إِن لم تَضبِطْهَا عُقُولٌ وَاعِيَةٌ وَقُلُوبٌ مُؤمِنَةٌ. وَالوَاجِبُ عَلَى المُسلِمِ أَلاَّ يَكُونَ سَمَّاعًا لِكُلِّ مَقَالٍ، مُصَدِّقًا لِكُلِّ شَائِعَةٍ، نَقَّالاً لما لم يَتَبَيَّنْ، وَأَن يَعلَمَ أَنَّهُ مُحَاسَبٌ عَلَى مَا يَقُولُ، وَكُلُّ عَمَلِهِ مَحفُوظٌ مَكتُوبٌ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 - 12] وَقَالَ -تعالى-: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].

 

وَمِن آفَاتِ تِلكَ الأَجهِزَةِ مَا يَحصُلُ بَينَ أَصحَابِهَا في المُحَادَثَاتِ، مِن جَدَلٍ وَمِرَاءٍ قَد يَطُولُ بهم دَقَائِقَ طَوِيلَةً أَو سَاعَاتٍ، بَينَمَا يَستَكثِرُ أَحَدُهُم عَلَى نَفسِهِ لَحَظَاتٍ يَقرَأُ فِيهَا آيَاتٍ مِن كِتابِ اللهِ أَو يُبَكِّرُ فِيهَا إِلى الصَّلاةِ. وَالمِرَاءُ في ذَاتِهِ مَعِيبٌ مَذمُومٌ، مُفسِدٌ لِلوُدِّ مُوغِرٌ لِلصُّدُورِ، فَكَيفَ إِذَا اجتَمَعَ مَعَهُ الكَذِبُ وَالتَّقَوُّلُ بِلا عِلمٍ وَلا بَيِّنَةٍ، وَالسَّلامَةُ مِن ذَلِكَ لا يَعدِلُهَا شَيءٌ، وَهِيَ سَبَبٌ لِنَيلِ مَا ذَكَرَهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - مِن عَظِيمِ الجَزَاءِ في الجَنَّةِ حَيثُ قَالَ: "أَنَا زَعِيمٌ بَيتٍ في رَبَضِ الجَنَّةِ لِمَن تَرَكَ المِرَاءَ وَإِن كَانَ مُحِقًّا، وَبَيتٍ في وَسَطِ الجَنَّةِ لِمَن تَرَكَ الكَذِبَ وَإِن كَانَ مَازِحًا، وَبَيتٍ في أَعلَى الجَنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُهُ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاجعَلُوا عُقُولَكُم زِمَامًا لِشَهَوَاتِكُم، وَخَوفَكُم لِرَبِّكُم لِجَامًا لأَلسِنَتِكُم، وَخَشيَتَهُ خِطَامًا لأَنَامِلِكُم، وَاشكُرُوا نِعمَةَ اللهِ عَلَيكُم بما وَهَبَكُم بِاستِعمَالِهِ في طَاعَتِهِ. ﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الزمر: 66].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ -تعالى- وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاذكُرُوهُ ذِكرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكرَةً وَأَصِيلاً.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

وَمِن آفَاتِ تِلكَ الأَجهِزَةِ وَمَا يُتَنَاقَلُ فِيهَا، تِلكَ الحِكَمُ الجَمِيلَةُ وَالمَوَاعِظُ الجَلِيلَةُ، الَّتي هِيَ قَولٌ بِلا فِعلٍ في عَامَّتِهَا، وَكَلامٌ بِلا عَمَلٍ في أَغلَبِهَا، وَزَبَدٌ مَا تَلبَثُ الأَيَّامُ وَمَوَاقِفُ الحَيَاةِ الصَّعبَةِ أَن تُثبِتَ زَيفَهُ فَيَطِيرَ مَعَ الرِّيَاحِ، وَلَيسَ هَذَا تَثبِيطًا عَن نَقلِ الخَيرِ وَإِذَاعَةِ الطَّيِّبِ مِنَ القَولِ، وَلَكِنَّهَا دَعوَةٌ لإِتبَاعِ القَولِ بِالعَمَلِ، وَتَذكِيرٌ بِأَهمِيَّةِ تَطبِيقِ مَا يَبُثُّهُ الإِنسَانُ مِن عِلمٍ أَو فَائِدَةٍ عَلَى نَفسِهِ أَوَّلاً، وَعَدَمِ تَشَبُّعِ المَرءِ بما لم يُعطَهُ، أَو تَظَاهُرِهِ بما لَيسَ فِيهِ، وَقَد ذَمَّ اللهُ أَهلَ الكِتَابِ وَسَفَّهَ عُقُولَهُم بِأَمرِهِم بِالبِرِّ وَعَدمِ فِعلِهِم إِيَّاهُ فَقَالَ: ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44] وَعَدَّ - سُبحَانَهُ - ذَلِكَ مِنَ العَبدِ مَقتًا لِنَفسِهِ وَإِبعَادًا لها، فَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3] وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "المُتَشَبِّعُ بما لم يُعطَ كَلابِسِ ثَوبَي زُورٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

وَأَمَّا سَبِيلُ الصَّالِحِينَ المُصلِحِينَ وَالعُقَلاءِ المُوَفَّقِينَ، فَهِيَ اقتِرَانُ القَولِ بِالعَمَلِ وَعَدَمُ مُخَالَفَتِهِ، قَالَ - جَلَّ وَعَلا - عَن شُعَيبٍ - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88].

 

اللَّهُمَّ اجعَلْنَا لَكَ شَاكِرِينَ لَكَ ذَاكِرِينَ، لَكَ رَاهِبِينَ لَكَ مِطوَاعِينَ إِلَيكَ مُخبِتِينَ مُنِيبِينَ، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوَبَاتِنَا، وَاغسِلْ حَوبَاتِنَا، وَأَجِبْ دَعَوَاتِنَا، وَثَبِّتْ حِجَجَنَا وَاهدِ قُلُوبَنَا، وَسَدِّدْ أَلسِنَتَنَا وَاسلُلْ سَخَائِمَ قُلُوبِنَا...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رؤى الاتصالات الإلكترونية!!
  • صناعة البرمجيات التقنية في الاتصالات
  • ثورة الاتصالات!!
  • الاتصال الأخير!
  • ثورة وسائط الاتصال

مختارات من الشبكة

  • صور الصرف عبر وسائل الاتصال التي تنقل اللفظ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم الإعلام والأسس المشتركة بين الإعلامين الإنساني والإسلامي(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • تكنولوجيا الهاتف والكمبيوتر المحمول (اللاب توب)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مفهوم تكنولوجيا الاتصال ووسائله(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إنعام الكريم الباري في الاتصال بثلاثيات الإمام البخاري رحمه الله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لقاء مع الملك (2) هل فقدت الاتصال يوما؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من وسائل الدعوة عند ابن كثير: الاتصال الشخصي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل يقدر الجن على الاتصال على الإنس عبر الهاتف؟(استشارة - الاستشارات)
  • تأخر الخاطب في الاتصال والتقدم للمخطوبة(استشارة - الاستشارات)
  • دوام الاتصال بالله وتجديد العلاقة معه(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/1/1447هـ - الساعة: 3:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب