• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    دور المسلم في محيطه (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة: سوء الخلق (مظاهره، أسبابه، وعلاجه)
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    تعظيم شأن الجمعة والتذكير ببعض أحكامها (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    هدايا الرزق
    سمر سمير
  •  
    خطبة: لا تحزن
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    خطبة: (بدعة المولد والفساد)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    وقفة تأمل في غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
    نصير حسين
  •  
    هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه؟
    حسين البيضاني
  •  
    هل الدعاء يغير القدر؟
    د. مصطفى طاهر رضوان
  •  
    خطبة: ما خاب من استخار
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة عن أنواع التوسل (1)
    د. رافع العنزي
  •  
    الرد الجميل المجمل على شبهات المشككين في السنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: أجوبته
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    مبحث خاص في تغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه ...
    أحمد بن عبدالله السلمي
  •  
    نصيحة العمر: كن أنت من تنقذ نفسك
    بدر شاشا
  •  
    "ليبطئن"... كلمة تبطئ اللسان وتفضح النية!
    عبدالخالق الزهراوي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خطبة: سوء الخلق (مظاهره، أسبابه، وعلاجه)

خطبة: سوء الخلق (مظاهره، أسبابه، وعلاجه)
أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/11/2025 ميلادي - 8/6/1447 هجري

الزيارات: 18

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة: سوء الخلق (مظاهره، أسبابه، وعلاجه)

 

عباد الله، يقوم هذا الدين العظيم على أصلين عظيمين لا بد منهما، حتى يُقال عن الإنسان: إنه رجل صالح:

الأصل الأول: حسن العلاقة مع الله سبحانه وتعالى، بتوحيده والقيام بالفرائض الواجبة على العبد نحو ربه، من الصلاة والزكاة والصيام وغيرها من العبادات، وهذا الأصل قد يهتم به الإنسان كثيرًا، ويقوم به، لكنه قد يغفُل عن الأصل الثاني.

 

الأصل الثاني: حسن العلاقة بالخلق؛ فإن حسن العلاقة بالمخلوقين شطر الدين، ولا يتم دين الإنسان ولا يكتمل إيمانه إلا بأن يكون حسنَ الخلق، حسن العلاقة بمن حوله.

 

وهذا يدلنا على أهمية الأخلاق في الإسلام، فإن دين الإسلام دين الأخلاق، فهو الدين كله، وهو البر كله، وأكمل الناس إيمانًا أحسنهم خُلقًا، وأحسن الناس خُلقًا أقربهم مجلسًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.

 

ولو تتبعنا نصوص القرآن والسنة التي تحدثنا عن الأخلاق الحسنة، وتحذرنا من الأخلاق السيئة، لوجدناها كثيرة ومتنوعة، بل إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلن للبشرية كلها أن المهمة العظمى من بعثته ورسالته، هو بناء الأخلاق والقيم في الأمم؛ قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنما بُعثت لأُتمِّم صالح الأخلاق)).

 

بُعث صلى الله عليه وسلم وقد انحرفت البشرية في هذين الأصلين؛ فكانت علاقتهم مع الخالق سيئة وبعيدة عن الفطرة والتوحيد، فقد كانوا يعبدون الأصنام والنجوم وآلهة شتى غير الله، وكانت علاقتهم مع الخلق سيئة، فقد كانوا يظلم بعضهم بعضًا، وينهبون ويسرقون، ويقطعون الأرحام، ويدفنون البنات أحياء، وغير ذلك من الأخلاق السيئة التي كانت في المجتمع آنذاك.

 

فبعث الله محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكي يعيد المجتمع إلى فطرته، وإلى أخلاقه الحسنة، ويدعوهم إلى حسن العلاقة بربهم خالقهم ومُوجِدهم سبحانه وتعالى، بالتوحيد والعبادة الصحيحة، وإلى حسن علاقتهم فيما بينهم بالأخلاق الحسنة.

 

ومع هذه الأهمية للأخلاق ومكانتها في الإسلام، إلا أننا نشاهد اليوم انحرافًا وسوءَ خُلق في المجتمع المسلم، وسوء الخلق هذا إما أن يكون في العلاقة مع الله سبحانه وتعالى، أو في تعامل الناس بعضهم مع بعض، مما يستدعي ضرورة المعالجة والنصح، والتذكير والتوجيه؛ لعل في ذلك سببًا لعودة الناس ورجوعهم إلى الله سبحانه وتعالى، وإصلاح ما فسد من أخلاق الناس.

 

والعجب أنك إذا سألت الناس عن سوء الخلق، فإنهم يجيبون عليك بأنه غير مرغوب فيه، وأنه عمل مرذول ومسلك دنيء، وأنه لا يحبه الله ولا رسوله ولا الخَلق، ولكنهم مع ذلك يمارسونه ويقعون فيه صباحَ مساء؛ مما يدل على أن الناس بحاجة إلى تنبيههم لمعالجة هذه الأخلاق السيئة المنتشرة في المجتمع، والسعي في علاجها.

 

ولا بد أن يتعرف المسلم على أهمية هذا الأمر وخطورته على حياته؛ فإنه يُفسد الدنيا ويُفسد الآخرة، فصاحب الخُلق السيئ منبوذ في الدنيا ومنبوذ في الآخرة؛ قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إن من أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني مجلسًا يوم القيامة أسوؤكم أخلاقًا))، وقال بعض الحكماء: "من ساء خلقه ضاق رزقه" والخُلق السيئ يجلب لصاحبه الهمَّ والغمَّ، بل إن سوء الخلق سبب من أسباب دمار الأمم والحضارات وهلاكها؛ قال الشاعر:

إذا أُصيب القوم في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتمًا وعويلًا

وقال آخر:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا

أيها المؤمنون عباد الله، يكفي في ذم سيئ الخلق أن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق عليه صفة المفلس؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع))، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يسألهم عن المفلس من المال في الدنيا، وإنما يسألهم عن المفلس من الحسنات والأجور والثواب يوم القيامة؛ فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إن المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وحج))، وهذه كما تشاهدون علاقة حسنة مع الله، فهو شخص محافظ على الفرائض والواجبات المتعلقة بعبادة الله جل وعلا، لكنه مقصر في الجانب الآخر، قال: ((ويأتي يوم القيامة وقد شتم هذا، وقذف هذا، وسفك دم هذا، وأكل مال هذا))؛ أي: قصر في حقوق المخلوقين، وانتهك حرماتهم، وساءت أخلاقه معهم.

 

قال: ((فيأتي يوم القيامة فيُؤخذ لهذا من حسناته، ولهذا من حسناته، ولهذا من حسناته، فإذا فنِيت حسناته، أُخذ من خطاياهم ثم وُضعت عليه، ثم قُذف به في النار))، وتخيل - أيها المصلي الصائم - أن يأتي يومٌ وتجد أجر صلاتك وصيامك ونحوها من العبادات قد أُخذت منك، وسُدد بها ما عليك من ديون للخلق؛ بسبب سوء خلقك، وسوء تعاملك معهم، وتخيل أيضًا أن تجد في ميزان سيئاتك آثامًا ومعاصيَ لم تفعلها؛ مثل: شرب الخمور والزنا والسرقة ونحوها، نعم، أنت لم تفعل هذا، ولكنك وقعت في أعراض الناس، وأخذت حقوقهم، فأُخذت حسناتك تسديدًا لِما عليك، فلما انتهت حسناتك، أُخذت سيئاتُ أولئك القوم الذين شربوا الخمور وفعلوا المعاصي والمنكرات، ووُضعت في صحائفك من أجل أن تسدد ما عليك من حقوق للآخرين، ثم تُقذف - والعياذ بالله - في النار، هذا هو الإفلاس الحقيقي يوم القيامة.

 

أيها المؤمنون عباد الله، من مظاهر سوء الخلق التي يجب أن ننتبه لها في حياتنا اليومية:

1. الغلظة والفظاظة: فإن بعض الناس قد تطبَّع على الغلظة والفظاظة في سلوكه ومعاملاته، وحديثه مع الناس، والله تعالى قد قال لرسوله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله للناس رحمةً: ﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159].

 

2. العبوس وتقطيب الوجه: وهو أن تجد الشخص دائمًا عبوسًا، مقطبًا وجهه، لا تعلو وجهه الابتسامة مع الآخرين؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((وتبسمك في وجه أخيك المسلم صدقةٌ)).

 

3. سرعة الغضب والحماقة الزائدة: فهو يغضب لأتفه الأسباب، وتحصل منه الحماقة الزائدة في التصرفات؛ قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ليس الشديد بالصُّرعة، إنما الشديد الذي يُمسك نفسه عند الغضب)).

 

4. كثرة اللوم والعتاب: لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا عاتب عليها وناقش فيها لأدنى سببٍ، فيعيش من حوله حالةً من الاستفزاز وعدم الراحة؛ خشيةَ أن تقع عينه على أمر من الأمور.

 

5. الكِبر والغطرسة، واحتقار الناس والسخرية منهم: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقالُ حبةٍ من خردلٍ من كِبر))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((يُحشر المتكبرون يوم القيامة على صورة الذَّرِّ يطؤهم الناس بأقدامهم))؛ جزاءَ كِبرهم لأنهم كان يتكبرون عليهم في الدنيا؛ وقد نهى الله تعالى عن السخرية فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ ﴾ [الحجرات: 11]؛ لذا فالسخرية لا تجوز لأن أصل الجميع واحد، فهم مخلوقون من آدم وآدم من تراب، ولا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى، وحرَّم التنابز بالألقاب والغِيبة والنميمة، وسوء الظن والتجسس، ومن وُجدت فيه هذه الأخلاق فهو بعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآخرة، وبعيد عن الجنة ونعيمها.

 

ونهى الله عن الظن السيئ بالناس؛ فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ [الحجرات: 12].

 

حذَّر من صاحب الوجهين؛ لأنه يتعامل بأخلاق المنافقين، يأتي هؤلاء بوجهٍ، ويأتي هؤلاء بوجه، والمؤمنون نصحة ليس لديهم إلا وجه واحد، يقولون الحق فيصدُقون، وينصحون إخوانهم.

 

ومن مظاهر سوء الخلق إفشاء الأسرار؛ ما أن تعطيه سرًّا إلا ونشره، فلا يؤتمن على سرٍّ، وربما أخرج أسراره الخاصة التي بينه وبين زوجته، وهذه كلها تدل على سوء طبيعة هذا الشخص، الذي لم يتربَّ على أخلاق الإسلام.

 

ومن مظاهر سوء الخلق إخلاف الوعد، والكذب، والخيانة، وعدم قبول الأعذار، وغيرها من الأخلاق السيئة.

 

ومن مظاهر سوء الخلق التهاجر والتدابر والتقاطع، بين المسلمين، إذا أساء إليه شخص، هجره وقاطعه، وقد يكون من أقاربه أو من إخوانه؛ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث)).

 

ومن مظاهر سوء الخلق الأمراض الباطنة؛ مثل مرض الحسد والغل والحقد، وسوء الظن بالناس، وسوء الظن بالله جل وعلا، كل هذه مظاهر تدل على سوء أخلاق المؤمن.

 

ومنها: قلة الحياء فهو عنوان سوء الخلق؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت))، فالحياء يمنع من قبائح الأمور، أما إذا قلَّ حياء المرء، فإنه يفعل القبائح ويجاهر بالمعصية؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ أمتي معافًى إلا المجاهرين)).

 

ومنها: خُلق البخل والشح، وحب المال، وحب الدنيا، فهذه كلها أخلاق سيئة، ومن سوء أدب العبد مع الله الذي يعطي ويمنع، وهو الرزاق سبحانه تعالى.

 

وغيرها من الأخلاق التي لا نستطيع أن نتحدث عنها أو نشير إليها كلها، وحسبكم هذه المجموعة من الأخلاق السيئة التي يكفي واحد منها لإفساد خلق الإنسان، فما بالكم لو اجتمعت كلها أو بعضها في شخص واحد، فإنه يصبح جِيفةً نتنةً تمشي على الأرض، والعياذ بالله سبحانه وتعالى.

 

أيها المؤمنون عباد الله، وقد يسأل أحدكم: ما هي أسباب سوء الأخلاق؟ لماذا تسوء أخلاق الإنسان وبإمكانهم أن يكونوا أصحابَ أخلاق حسنة؟ نعم، هناك أسباب كثيرة جدًّا تجعل الإنسان يسوء خلقه؛ ومن هذه الأسباب:

1. طبيعة النفس: فالنفس البشرية مخلوقة على أن تقبل الشر وتقبل الخير؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾ [الشمس: 7، 8]، فهي قابلة أن تكون فاجرة، وقابلة أن تكون تقية، فالواجب علينا أن نعمل على تحسين أخلاقنا، وألَّا نترك النفس حتى تسقط في الفجور والفساد والانحراف.

 

2. سوء التربية: فإن الإنسان يُخلق على الفطرة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((كل مولود يُولَد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه))، فالأب والأم لهما أثر كبير في إحسان تربية الناشئة، ولهما دور كبير في إفساد أخلاقهما، فإذا كان الأب والأم على خُلق حسن، فإن الأبناء سيكونون كذلك، وإذا فسد الأب أو فسدت الأم أو فسد المربُّون، فانتظر أن تكون النتيجة فساد الناشئة.

 

قال الشاعر:

وينشأ ناشئ الفتيان فينا
على ما كان عوَّده أبوه

فكلما تعوَّد الإنسان على الكلمة الطيبة، والخلق الحسن، والتعامل الطيب من صغره، فإنه ينشأ ويتربى وينمو على ذلك، حتى يكبر ويبقى معه هذا الخلق، وكلما تربى على سوء الخلق، يسمع أمه تسُب، وأباه يشتم، وهذا يكذب وهذا ينمُّ، وهذا يخون وهذا يفعل القبائح، فإنه يتأثر بهذه الأخلاق من صغره، فتبقى موجودة فيه إلى أن يكبر ويشبَّ عليها.

 

3. كذلك البيئة والمجتمع من حولك: له دور في صلاح أخلاقك أو في إفسادها؛ ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم باختيار الأصدقاء، باختيار الصحبة الصالحة: ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)).

 

قال الشاعر:

عن المرء لا تسأل وسَل عن خليله
إن القرين بالمقارن يقتدي

وقيل: الصاحب ساحب.

 

فانظر: من هم أصدقاؤك؟ من هم جلساؤك؟ من هم أصدقاء وجلساء أبنائك وبناتك، وسائر من تقوم على تربيتهم؟ فالبيئة لها دور في إيجاد الأخلاق الحسنة، وفي إفساد الأخلاق الحسنة.

 

4. الهوى وحب الشهوات المفطورة عليها النفس: فتحتاج إلى من يردعها، وتحتاج إلى المحاسبة، والمجاهدة، وأن يقوم الإنسان على مراقبتها؛ حتى لا تنحرف وتفسد.

 

5. الظلم: فعندما يتعرض الإنسان للظلم ممن حوله يفسُد خُلقه، حتى إن الله سبحانه وتعالى أذِن أن يقول كلامًا سيئًا على المظلوم؛ قال الله تعالى: ﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ﴾ [النساء: 148].

 

6. الجهل: وما أدراك ما الجهل؟! فالناس اليوم يُراد منهم أن يجهلوا أحكام الدين، ويجهلوا الأخلاق الحسنة، وانظروا ما تقدمه وسائل الإعلام، وما تقدمه التقنية المعاصرة ووسائل التواصل الاجتماعي لهم من نشر للفساد بأنواعه، وتفننٍ في أساليب إفساد الناس في بيوتهم، وفي جميع أماكن حياتهم؛ كما قال الله عنهم: ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27].

 

7. ومن الأسباب غياب التناصح، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بين الناس، والدين النصيحة، ولا يجوز لمسلم أن يرى أخاه على خُلق سيئ ومنكرٍ ويسكت عنه؛ لأن هذا سيؤدي إلى انتشاره، فإن الفساد يُعدي بعضه بعضًا، كما أن الصلاح يؤثر في غيره.

 

8. ضعف قيام الدول والحكومات بواجبها نحو ردع أصحاب الفساد والمعاصي والمنكرات، فإن الله يزَع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، فقد يقبل بعض الناس أن تنصحه وتعِظه فينتهي عن فساده، لكن البعض الآخر لا يرتدع إلا إذا أُقيم عليه الحد أو السجن، أو أُدِّب من الجهات والسلطة التي بيدها الأمر والنهي.

 

هذه أهم الأسباب التي من الواجب على المسلمين أن ينتبهوا لها ويتدارسوا علاجها فيما بينهم، حتى لا يستمر الفساد والانحراف وسوء الأخلاق في المجتمع.

 

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم لحسن الأخلاق، وأن يبعدنا عن سيئها، وأن يجعلنا وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

 

أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد عباد الله:

فأوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ فهي خير الزاد كما قال سبحانه: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].

 

تلك هي مظاهر وأسباب سوء الأخلاق في المجتمع المسلم، فما هو العلاج؟

لا شك ولا ريب أن الله ما أنزل داءً إلا وجعل له دواءً، علِمه من علِمه وجهله من جهله، ولذلك لم يتركنا الله نبحث عن الدواء والعلاج لسيئ الأخلاق، بل قد أرشدنا إليه ووضح لنا ذلك في القرآن والسنة الصحيحة.

 

1. من أراد أن يعالج نفسه، فأول وسيلة لعلاج النفس أن يفتِّش عن الأمراض والأسقام والأخلاق السيئة لديه؛ لأن الذي لا يعترف بالمرض لا يُعالجه، فأول شيء يجب على الإنسان أن يفعله حتى يعالج نفسه، هو أن يشعر بالمرض، وأن يكتشف هذا المرض، فإن كنت تكذب، فاستشعر خطر الكذب، وإن كنت تخدع، فاستشعر خطر الخديعة، وقل مثل ذلك في باقي الأخلاق السيئة، وإياك أن تتغافل عنها، أو أن تتماهى معها، أو أن تضحك على نفسك بأنك بخير، وأنك سليم، وأنك معافًى، وأن الآخرين هم الذين يخطئون في حقك، وأنهم هم سيئو الأخلاق.

 

ومن العجب العُجاب أن يُبرئ الإنسان نفسه وهو مصاب بسوء الخلق، ويتهم به الآخرين، فهذا نوع من وسوسة الشيطان وخداعه وتزيينه للإنسان؛ يحسِّن له سوء عمله، ويقبِّح له أعمال الآخرين، فيرى القذاة في عين أخيه وينسى الجذع في عينه فلا يراه؛ ولذلك أول طريقة للعلاج هي أن نعترف بالخطأ والتقصير، وأن نفتش عن أخلاقنا السيئة التي نمارسها بين الحين والآخر، وربما قد ننصح ونحن نتعامى عنها، أو نبرر أو ندافع عن أنفسنا بالباطل، فيجب أن نكون صادقين مع أنفسنا، ونعترف بما عندها من الخلل.

 

2. ولا بد من حسن الصلة بالله والالتجاء إليه، فإن الله سبحانه وتعالى هو القادر على أن يحسن الأخلاق، ويدفع عنك سيئها؛ وقد كان من هديه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كثرة الدعاء أن يمنحه الله حسنَ الخلق؛ وكان أكثر ما يقول: ((اللهم اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت))، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم جنِّبني منكرات الأخلاق والأهواء والأدواء))، وكان يُكثر من الأدعية التي فيها التعوذ من الأخلاق السيئة؛ فكان يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من الهرم، وأعوذ بك من سوء الأخلاق))، وغيرها من الأدعية الكثيرة التي تبين لنا أن الإنسان إذا أراد أن ينجوَ من سوء أخلاقه، أن يلتجئ ويتضرع إلى الله سبحانه وتعالى بها في أوقات الاستجابة.

 

3. وعليه أن يجاهد نفسه؛ كما قال الله: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ [العنكبوت: 69]، ألم تعلم أن الحلم بالتحلم والعلم بالتعلم، ((ومن يستعفف يُعفه الله، ومن يستغنِ يُغنِه الله)) سبحانه وتعالى؟ فإذا تكرر الخطأ، كرر المحاولة في علاجه، وستجد بإذن الله التحسن، وانظروا إلى الشخص الذي يريد أن يتدرب على الأمانة، أو يتدرب على الصدق، أو يتدرب على حفظ الأسرار، فإنه يحتاج إلى محاولات شتى حتى يثبت هذا الخلق لديه؛ فإن الأخلاق تنمو بالتدرج، كما أنها تفسد أيضًا بالتدرج، ولا يمكن أن تأتي إلى شخص أمين وتطلب منه الخيانة المطلقة فجأة، إنما تأتي الخيانة منه بالتدرج؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لُعن السارق يسرق البيضة فتقطع يده))؛ قال أهل العلم: لا يمكن أن تقطع يد السارق في بيضة لأن ثمنها زهيد، وإنما النبي صلى الله عليه وسلم قصد بهذا الحديث أن هذا السارق يتدرب على السرقة، فيسرق شيئًا حقيرًا، ثم ينمو لديه هذا الخلق السيئ شيئًا فشيئًا، حتى يسرق شيئًا عظيمًا فيُقام عليه الحد، وهكذا قل في باقي الأخلاق السيئة، فلا بد من المحاسبة للنفس والمجاهدة لها.

 

4. وأن تبحث عن جلساء صالحين ورفقة حسنة، فإن سيئ الأخلاق ينتشر ويُعدي بالمجالسة، فابحث عن جلساء صالحين، ورفقة حسنة، وابتعد عن أولئك القوم الذين يفسدون عليك أخلاقك، واهجرهم، حتى تستطيع أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى من هذه الأخلاق، وتصلح أحوالك بإذن الله جل وعلا.

 

5. كذلك، لا بد أن يكون لديك همة عالية، وإرادة صلبة حتى تتخلص مما لديك من سيئ الأخلاق؛ فإن الكسالى المهملين الذين لا يوجد لديهم إرادات قوية، لا يستطيعون أن ينتزعوا هذه الأخلاق من أنفسهم، فالخلق السيئ يحتاج إلى إرادة صلبة لانتزاعه، والخلق الحسن يحتاج أيضًا إلى إرادة صلبة وهمة عالية في تثبيته لدى الإنسان، والغالب أن النفوس الحقيرة تهوى الأخلاق الحقيرة، وأن النفوس الكبيرة تهوى الأخلاق العظيمة الحسنة.

 

6. ولا بد من التحمل والصبر وعدم الكسل، ولا بد أيضًا من أن تنمي لديك خلق الحياء شيئًا فشيئًا؛ ((فإن الحياء لا يأتي إلا بخير))، وإن الذين يقعون في المعاصي ويجاهرون بها هم من ذهب حياؤهم، أو قل حياؤهم؛ ((إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت)).

 

7. ولا بد من التغافل، فأخلاق الناس لن تستطيع أن تتحملها إلا بالتغافل والتحمُّل، والتغاضي وعدم التدقيق.

من ذا الذي ما ساء قط؟
ومن له الحسنى فقط؟

((كل بني آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوَّابون))، فلنتحمل بعضنا بالتغاضي، وبالعفو، وبالصفح؛ كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]، كما قال: ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63]، وإياك أن تكون أخلاقك سيئة مثل أخلاق الجاهل، فهذا سيدفعك إلى أن تكون نموذجًا آخر للسيئين، فلا بد من التغافل، ولا بد من التغاضي.

ليس الغبي بسيد في قومه
إنما سيد قومه المتغابي

فتغافل عن بعض من يسيء إليك، أو يتكلم فيك، أو يقول كلامًا قبيحًا أمامك؛ لأنك إن رددتَ عليه كنتَ مثله.

 

8. ولا بد أن تدرب نفسك على الأخلاق الحسنة، كما تتدرب على المهارات الدنيوية اليومية، فانظر كيف تعلمت الكتابة؟ وكيف تعلمت سواقة السيارة، ونحوها؟ وهكذا الأخلاق تحتاج إلى ترويض وتدريب، سواء في اكتساب الخلق الحسن، أو في التخلص من الخلق السيئ.

 

9. ولا تنسَ الالتجاء إلى الله والاعتماد عليه؛ فإن الله سبحانه وتعالى إذا وجد منك صدقًا في إصلاح أخلاقك، أعطاك ذلك؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمد: 17].

 

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا جميعًا الأخلاقَ الحسنة، ويجنِّبنا جميعًا الأخلاق السيئة، اللهم اهدِنا لأحسن الأخلاق والأقوال والأفعال، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها، لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سوء الخلق يطمس كل حسن

مختارات من الشبكة

  • خطبة: {أفمن زين له سوء عمله...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم الإسراف والتبذير وصورهما ومظاهرهما وآثارهما وأسبابهما وعلاجهما (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • العجز والكسل: معناهما، وحكمهما، وأسبابهما، وعلاجهما (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الهم والغم والحزن: أسبابها وأضرارها وعلاجها في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • أسباب النصر وشرائطه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فتنة المال وأسباب الكسب الحرام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الثبات على الدين: أهميته، وأسبابه، وموانعه في الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • من أسباب النصر والتمكين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب منع وجلب المطر من السماء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية
  • مدينة كارجلي تحتفل بافتتاح أحد أكبر مساجد البلقان
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/6/1447هـ - الساعة: 8:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب