• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    رعاية الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وكفايته
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    المغضوب عليهم (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    الوقف بالروم على الكلمات التي لحقتها الياءات ...
    بلحسن بن محمد لطفي الشاذلي
  •  
    بيع الحاضر للباد وشراؤه له
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    مفتاح الخيرات (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    فذكر (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    حكم الشك في بقاء الطهارة؟
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    النهي عن قول السلام على الله لأن الله هو السلام
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    منطلقات قرآنية في التوثيق العلمي
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    الوالدان القدوة (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    النجاة من التيه - لزوم المحكم واتخاذ الشيطان عدوا
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    إدمان السفر
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن اللذات
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    نصيحتي لكم: خلاصة ما علمتني التجارب
    بدر شاشا
  •  
    تفسير سورة التكاثر
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    تخريج حديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ...
    الشيخ محمد طه شعبان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الموت والقبر واليوم الآخر
علامة باركود

المغضوب عليهم (خطبة)

المغضوب عليهم (خطبة)
د. عبد الرقيب الراشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/11/2025 ميلادي - 4/6/1447 هجري

الزيارات: 66

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المغضوب عليهم


الخطبـــة الأولـــى

الحمد لله منشئ الموجودات، وباعث الأموات، وسامع الأصوات، ومجيب الدعوات، وكاشف الكربات، وعالم الأسرار والخفيات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، ربنا الله ورب جميع الكائنات، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه وصفيُّه من خلقه وحبيبه، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه، وتمسَّك بسُنَّته، واقتدى بهديه إلى يوم الدين، ونحن معهم يا أرحم الراحمين.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، أما بعد:

روى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوة، فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة وقال: «أنا سيد الناس يوم القيامة، هل تدرون ممَّ ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيبصرهم الناظر، ويسمعهم الداعي، وتدنو منهم الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون إلى ما أنتم فيه إلى ما بلغكم، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: أبوكم آدم، فيأتونه فيقولون: يا آدم، أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك الجنة، ألا تشفع لنا إلى ربك؟ ألا ترى ما نحن فيه، وما بلغنا؟ فقال: إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيت، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سمَّاك الله عبدًا شكورًا، ألا ترى إلى ما نحن فيه، ألا ترى إلى ما بلغنا، ألا تشفع لنا إلى ربك؟ فيقول: إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوت بها على قومي، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم، فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم، أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني كنت كذبت ثلاث كذبات، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى، فيأتون موسى، فيقولون: يا موسى، أنت رسول الله، فضَّلك الله برسالاته وبكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفسًا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى. فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى، أنت رسول الله وكلمته، ألقاها إلى مريم وروح منه، وكلمت الناس في المهد، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر ذنبًا، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم». وفي رواية: «فيأتوني فيقولون: يا محمد، أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق، فآتي تحت العرش، فأقع ساجدًا لربي، ثم يفتح الله عليَّ من محامده، وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال: يا محمد، ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأقول: أمتي يا رب، أمتي يا رب، فيقال: يا محمد، أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، ثم قال: والذي نفسي بيده، إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبصرى».

 

أيها المؤمنون، شاهدنا من هذا الحديث أن الله تعالى يغضب يوم القيامة غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب مثله بعده! وهذا الغضب خاف منه جميع الأنبياء والرسل، فاعتذروا عن الشفاعة العظمى عند الله لبدء حساب الخلائق، إلا محمدًا صلى الله عليه وسلم، الذي يأذن الله تعالى له بالشفاعة العظمى.

 

وفي هذه الخطبة يجدر بنا أن نجيب عن بعض الأسئلة المتعلقة بغضب الله تعالى، وهذه الاسئلة هي: ما هو غضب الله تعالى؟ ومن الذين غضب الله عليهم؟ وما السبيل للنجاة من غضب الله تعالى؟

 

أيها المؤمنون، الغضب صفة من صفات الله تعالى، وغضب الله تعالى لا يشبه غضب المخلوقات؛ لأن ذات الله تعالى لا تشبه ذوات خلقه وصفاته لا تشبه صفاتهم، قال الله تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، وغضب الله تعالى إذا نزل على فرد هلك وشقي في الدنيا والآخرة، ولا يقدر أحد على أن يدفع عنه سخط الله وغضبه، وصدق الله القائل: ﴿ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى ﴾ [طه: 81]، قال سفيان الثوري: غضب الله تعالى هو الداء الذي لا دواء له.

 

ولما تمادى فرعون وجنوده في طغيانهم وكفرهم، غضب الله عليهم فأغرقهم في اليَمِّ أجمعين، وجعلهم عبرة للمعتبرين، قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ ﴾ [الزخرف: 55، 56]، ومعنى: ﴿ آسَفُونَا ﴾؛ أي: أغضبونا، ونار جهنم إنما سعرت بغضب الله، وسخطه على أعدائه، من الكفرة والعصاة، قال العلامة ابن القيم: "العذاب إنما ينشأ من صفة الغضب، وما سعرت النار إلا بغضب الله وسخطه".

 

أيها المؤمنون، ولما لغضب الله تعالى من عواقب وآثار، فقد استعاذ منه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أعبد الخلق لله تعالى، وأبعدهم عما يسخط الله ويغضبه، وفي هذا إشارة إلى أن غيره من أفراد أمته أولى بالاستعاذة بالله من غضب الله وسخطه؛ روى الإمام مسلم في صحيحه، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: فقَدْتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً مِنَ الفِرَاشِ، فَالْتَمَسْتُهُ، فَوَقَعَتْ يَدِي علَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وهو في المَسْجِدِ وهُما مَنْصُوبَتَانِ، وهو يقولُ: «اللَّهُمَّ أعُوذُ برِضَاكَ مِن سَخَطِكَ، وبِمُعَافَاتِكَ مِن عُقُوبَتِكَ، وأَعُوذُ بكَ مِنْكَ لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أنْتَ كما أثْنَيْتَ علَى نَفْسِكَ».

 

ولما خرج صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يدعو الناس إلى الله تعالى، غضب أهل الطائف منه، وما أحسنوا استقباله والاستجابة له ولدعوته، وأغرو به السفهاء والصبيان، فرجموه بالحجارة حتى سالت الدماء من على جسده بغزارة وحرارة، ومع ذلك لم يلتفت صلى الله عليه وسلم إلى ما أصابه، وكان همه أن يكون الله راضيًا عنه غير غضبان، روى الإمام أحمد في مسنده بسند مرسل عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا الدعاء: «اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلحت عليه أمور الدنيا والآخرة أن يحل عليَّ غضبك، أو أن ينزل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، لا حول ولا قوة إلا بك».

 

أيها المؤمنون، الأصناف الذين يستحقون غضب الله عليهم كُثُر، ويقف اليهود في مقدمة الذين يستحقون غضب الله وسخطه؛ وذلك لأنهم عرفوا أن دين الله تعالى الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق الذي لا شك فيه، ومع ذلك كفروا به، قال تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 89]، وفي سورة الفاتحة التي نقرؤها في كل صلاة أمرنا الله تعالى أن نستعيذ به من طريق الذين غضب الله عليهم من اليهود، ومن طريق الضالين من النصارى، فنحن نقرأ في سورة الفاتحة هذا الدعاء: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6، 7].

 

وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الآية، روى الإمام الترمذي في سننه بسند قال عنه: حسن صحيح، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المغضوب عليهم: اليهود، والضالون: النصارى».

 

أيها المؤمنون، كان زيد بن عمرو بن نفيل من الحنفاء الذين يبحثون عن الدين الحق قبل الإسلام، وقد لقي بعض اليهود، فدعوه للدخول في اليهودية، فرفضها؛ لأنه كان يعلم أن اتِّباع اليهودية يوجب عليه غضب الله تعالى وسخطه، وقد ذكر قصته مع اليهودية ولده سعيد الذي كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري عن سعيد بن زيد رضي الله عنه، أن زيد بن عمرو بن نفيل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني كفرت باللات والعزى، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «يا عم، وما ذاك؟»، قال: كنت على دين إبراهيم، فمررت على يهودي فقلت: ألا تسلم؟ فقال: ما أنت على شيء، فقلت: أفتدخل أنت؟ قال: لا أتَّبع دينك حتى تنال من غضب الله ما نال أهل دينك، قال زيد: فمررت على نصراني، فقلت: ألا تسلم؟ فقال: إنما أنت حجر، لا تفقه شيئًا، أما إنك لو كنت نبيًّا لأخبرتك بخبرك، قال: فأبى أن يتبع، فدعوت الله: اللهم إني أحرم دماءهم وأموالهم».

 

أيها المؤمنون، ومن أسباب غضب الله على اليهود كفرهم بالله تعالى وعصيانهم لأوامره، وقتلهم لكثير من أنبيائه ورسله، قال تعالى حكاية عن اليهود: ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 112]، وهذه الصفات الثلاثة متأصلة في اليهود على مر العصور، وأجل ما تتجلى هذه الصفات في يهود عصرنا، وقد رأينا بأم أعيينا مدى كفرهم وإجرامهم، وقد شاهدهم العالم عبر الفضائيات، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وهم يصبون جام غضبهم على أهل غزة من أرض فلسطين، وقد قتلوا منهم على مدار عامين قرابة السبعين ألفًا، ومعظم هؤلاء القتلى من أهل غزة من الأطفال والنساء وكبار السن، وهذا ليس بغريب على اليهود فهم قتلة الأنبياء والمرسلين.

 

فاللهمَّ اشدد وطأتك وغضبك على كفرة أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وأرنا فيهم عجائب قدرتك يا قوي يا متين، قلت ما قد سمعتم فاستغفروا الله، يا لفوز المستغفرين!

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

أيها المؤمنون، وممن يستحقون غضب الله وسخطه، الكفار، وهؤلاء الكفار إما من كانوا كفارًا في الأصل، وماتوا على كفرهم، أو من كانوا من أهل الإسلام، ثم ارتدوا عن دينهم وإسلامهم، وتحولوا إلى ملة أخرى غير ملة الإسلام، وشرحوا بالكفر صدورهم لذلك الدين الجديد الذي اعتنقوه؛ لأنه عنده خير من الإسلام، ثم استمروا على ردتهم حتى ماتوا؛ فهذا الصنف من المرتدين عن دين الله تعالى يستحقون غضب الله وسخطه، قال تعالى: ﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النحل: 106].

 

أيها المؤمنون، وممن يستحق غضب الله وسخطه، قاتل النفس المحرمة بغير حق، ونحن في عصر انتشرت فيه ظاهرة القتل في كثير من بلاد المسلمين، وهذه الجريمة ربما يقدم عليها بعض الناس لأتفه الأسباب، وعند أدنى خلاف، وهذه الجريمة لا يقدم على ارتكابها إلا من ضعف إيمانه، ونزع الخوف من قلبه، ولو علم القاتل أنه بارتكابه لجريمة القتل قد تعرض لغضب الله وسخطه؛ لما أقدم على ارتكاب هذه الجريمة الشنعاء، وقد جمع الله لقاتل النفس المحرمة خمس عقوبات لم يجمعها لأحد من أصحاب كبائر الذنوب؛ فهو من أهل النار المخلدين فيها، وأعدَّ الله له فيها عذابًا عظيمًا، بالإضافة إلى حلول غضب الله عليه ولعنته، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93].

 

أيها المؤمنون، ومما يجدر الإشارة إليه في هذا المقام، إن من أسباب انتشار ظاهرة القتل في كثير من بلدان المسلمين، المماطلة في إقامة شرع الله في القصاص من القاتل، فبعض القضاة من الذين لا يخافون الله تعالى يجعلون من دماء القتلى وسيلة للارتزاق والكسب المادي، ويأخذون أموالًا ورشا من قبل أولياء القاتل من أجل إطالة مراحل التحكيم؛ بغية إيصال أولياء دم المقتول إلى مرحلة اليأس من القصاص، فيرضوا بعد ذلك بالدية أو التنازل عن دم المقتول، ولو أن هذا النوع من القضاة خافوا الله لعجلوا بمراحل التقاضي؛ حتى ينال القاتل جزاءه العادل في القصاص، فيكفر الله عنه جريمته، ويقيه غضبه، ويكون عبرة لغيره ممن يتساهلون في الدماء المحرمة، وعندها يأمن الناس على دمائهم وأنفسهم، وصدق الله القائل: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 179].

 

فعظموا الدماء، واعلموا أن التعرض لها من أسباب تعرض العبد لغضب الله وسخطه.

 

أيها المؤمنون، وممن يستحق غضب الله وسخطه؛ أصحاب الأيمان الكاذبة الفاجرة، التي يقتطعون بها أموال الناس وحقوقهم، وقد تساهل بهذه الأيمان كثير ممن لا خلاق لهم في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 77]، وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فقد روى ابن ماجه في سننه، بسند صحيح عن عبدالله بن عمر بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان»، وغضب الله على صاحب اليمين الكاذبة يوجب له النار، ولو أخذ بيمينه شيئًا يسيرًا من حق غيره بغير وجه حق، روى الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ، فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ»، فقال له رجل: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله؟ قال: «وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ».

 

أيها المؤمنون، وممن يستحق غضب الله وسخطه الذي يتكلم فيما يسخط الله ويغضبه، فكم من كلمة يطلقها الإنسان لا يلقي لها بالًا توجب له غضب الله وسخطه، ومن هذه الكلمات الغيبة والنميمة، أو الكلام الذي يقصد به صاحبه التحريش بين الناس، وإفساد ذات بينهم، وغير ذلك من الكلام الذي يهدم بنيان العلاقات بين أفراد المجتمع المسلم، روى الإمام الترمذي في سننه، بسند قال عنه: حسن صحيح. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه»، فاحفظوا ألسنتكم، ولا تتكلموا إلا بخير.

 

أيها المؤمنون، احذروا غضب الله وسخطه، وتجنبوا كل الأسباب المؤدية إلى ذلك؛ تكونوا من السعداء في الدنيا والآخرة.

 

أسأل الله بمنِّه وكرمه أن يجنبنا الله وإياكم مساخطه وغضبه، إنه أرحم الراحمين.

 

عباد الله، وصلُّوا وسلِّموا- رعاكم الله- على محمد بن عبدالله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا».

 

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

 

اللهمَّ أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمِ حوزة الدين، اللهمَّ بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.

 

اللهمَّ آتِ نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.

 

اللهمَّ إنا نسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى، اللهمَّ أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.

 

اللهمَّ اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.

 

ربنا إنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننَّ من الخاسرين.

 

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)
  • تفسير: (صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)
  • تفسير قوله تعالى: { غير المغضوب عليهم }

مختارات من الشبكة

  • خطبة: الذين يصلي عليهم الله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اكتشف أبناءك كما اكتشف رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه رضوان الله عليهم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبر ودروس من قصة آل عمران عليهم السلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الذين يصلي عليهم الله وتصلي عليهم الملائكة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشجاعة: حقيقتها وأقسامها وأدلتها وأهميتها وعناصرها وضوابطها ووسائلها (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • مفتاح الخيرات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فذكر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوالدان القدوة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشتاء وميادين العبادة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الله الله في إسلامكم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/6/1447هـ - الساعة: 12:37
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب