• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من ألطاف الله تعالى في الابتلاء (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    خطبة: الذين يصلي عليهم الله عز وجل
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    من أخطاء المصلين (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام شدة محبة الصحابة ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن السعادة
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير قوله تعالى: {الذين استجابوا لله والرسول من ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    أنين مسجد (5) - خطورة ترك الصلاة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الآيات الإنسانية المتعلقة بالسمع والبصر في القرآن ...
    محمد عبدالعاطي محمد عطية
  •  
    أقوال العلماء حول طهارة العين النجسة بالاستحالة
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    أعظم النعم
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطورة التبرج
    رمزي صالح محمد
  •  
    خطبة: السعادة الزوجية
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    خطبة: كيف نستحق النصر؟
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    فقه الأولويات في القصص القرآني (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حقوق المعلم
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الهم والغم والحزن: أسبابها وأضرارها وعلاجها في ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

الآيات الإنسانية المتعلقة بالسمع والبصر في القرآن الكريم

الآيات الإنسانية المتعلقة بالسمع والبصر في القرآن الكريم
محمد عبدالعاطي محمد عطية

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/11/2025 ميلادي - 15/5/1447 هجري

الزيارات: 99

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الآيات الإنسانية المتعلقة بالسمع والبصر في القرآن الكريم

 

الحمد لله رب العالمين، خلق الإنسان ووهبه نعمة السمع والبصر والفؤاد، وجعل له بها سبيلًا للهداية والمعرفة، والتمييز بين الحق والباطل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

فإن من أعظم نِعم الله على عباده نعمةَ السمع والبصر، وهما وسيلتان أساسيتان لإدراك الحقائق، وفَهم آيات الله في الأنفس والآفاق.

 

وقد أولى القرآن الكريم عنايةً بالغةً هاتين الحاستين، فذكرهما في مواضعَ كثيرة مقرونتين بالفؤاد، ليبين مكانتهما في حياة الإنسان ومسؤوليته عن استعمالهما فيما يُرضي الله، وهذا البحث يتناول بيان السمع والبصر في القرآن الكريم؛ من حيث مواضع ذكرهما، ودلالاتهما الإيمانية، وما فيهما من إشارات إعجازية وعِبَرٍ بليغة، تدل على عظمة الخالق جل وعلا.

 

أولًا: التعريف اللغوي والاصطلاحي:

كلمة (سمع) السين والميم والعين أصل واحد، وهو إيناس الشيء بالأذن، من الناس وكل ذي أذن، تقول: سمعت الشيء سمعًا، والسمع: الذكر الجميل، يُقال: قد ذهب سمعه في الناس؛ أي: صيته، ويُقال: سماع بمعنى استمِع، ويُقال: سمَّعت بالشيء، إذا أشعته ليُتكلم به[1].


السمع حسُّ الأذن، وهي قوة فيها، بها تُدرك الأصوات؛ وفي التنزيل العزيز: ﴿ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37]؛ قال ثعلب: أي: خلا له فلم يشتغل بغيره، يعبر تارة بالسمع عن الأذن؛ نحو قوله تعالى: ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ﴾ [البقرة: 7]، كما في المفردات، السمع أيضًا: اسم ما وقر فيها من شيء تسمعه، كما في اللسان[2].

 

وهناك لفظ الاستماع؛ وهو: قصد السماع بُغية فهم المسموع أو الاستفادة منه، أما السمع فقد يكون مع ذلك القصد أو بدونه، فهو أعم من الاستماع[3].


ولا يختلف المعني الاصطلاحي للسمع عن المعني اللغوي.

 

والبصر يُقصد به: العين، إلا أنه مذكَّر، وقيل: البصر: حاسة الرؤية، قاله الليث، ومثله في الصحاح، وفي المصباح: البصر: النور الذي تُدرِك به الجارحةُ المبصَرات، وفي المُحكم: البصر: حس العين، والجمع أبصار[4].

 

ومن معاني البصر: القوة التي أودعها الله في العين، فتدرك بها الأضواء والألوان والأشكال، يُقال: أبصرته برؤية العين إبصارًا، وبصُرت بالشيء بالضم (والكسر لغة) بَصَرًا بفتحتين: رأيته.

 

قال سيبويه: بصُر صار مبصرًا، وأبصره: إذا أخبر بالذي وقعت عينه عليه، وحكاه اللحياني: بصِر به، بكسر الصاد، أي أبصره، وأبصرت الشيء: رأيته[5].

 

ولا يختلف المعني الاصطلاحي عن اللغوي.

 

ثانيًا: المعني العام:

إن السمع والبصر نعمتان عظيمتان منَّ الله بهما على عباده، إذ إن جميع المصالح في الدين والدنيا مبنية عليها؛ ولذلك يمتنُّ الله على عباده بهاتين النعمتين في كثير من الآيات القرآنية، مبينًا أنه سبحانه تعالى أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئًا، ثم رزقنا من عظيم فضله وسائلَ العلم المعتمد عليها؛ وهي السمع الذي نسمع به الأصوات، والبصر الذي نرى به المرئيات؛ فلذا يستحق الشكر دومًا على مثل هذه النعم، ولقد جاءت الآيات القرآنية وفيها ابتداء احتجاج على الكفار بأدلة قريبة حسية، تُثبت قدرة الله ووحدانيته، والله تعالى هو المحتج المبرهِن، والوسيط هو الرسول صلى الله عليه وسلم، وأسلوب ذلك: قل - أيها الرسول - لهؤلاء المشركين المكذبين المعاندين: أخبروني عما تفعلون، إن سلبكم الله نعمة السمع والبصر والفؤاد، فتصيرون صمًّا[6] عميًا بُلهًا، لا تسمعون قولًا، ولا تبصرون طريقًا، ولا تعقلون نفعًا ولا ضررًا، وتنغلق قلوبكم، فلا تنفذ إليها هداية الله، ولا تعقل الأمور[7].

 

والسمع من أهم حواس الإنسان وأشرفها، حتى من البصر، كما عليه أكثر الفقهاء؛ إذ هو المدرِك لخطاب الشرع الذي به التكليف، ولأنه يدرك به من سائر الجهات، وفي كل الأحوال، أما البصر فيتوقف الإدراك به على الجهة المقابِلة[8].


لهذا يُشترط فيمن يتصدى لأمر مهمٍّ من أمور المسلمين العامة كالإمامة والقضاء أن يكون سميعًا، فلا يجوز تنصيب إمام أصمَّ، ولا تعيين قاضٍ لا يسمع.

 

والقرآن الكريم قدَّم السمع على البصر وهذا إعجاز علمي، فلقد ذكر القرآن الكريم ترتيب هذه الحواس بصورة مطابقة لمواقعها التشريحية في الدماغ، وكذلك من ناحية بدء وظيفتها وعملها؛ فمن الناحية الوظيفية تبدأ حاسة السمع بالعمل في الجنين منذ الشهر الخامس من حياته؛ أي: قبل ولادته بنحو أربعة أشهر.

 

والإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يبدأ بسماع الأصوات وهو في رحِم أمِّه، فجميع الحيوانات لا تبدأ بسماع الأصوات إلا بعد ولادتها بفترة، أما حاسة البصر فتبدأ بالعمل منذ الشهر الثالث بعد الولادة؛ حيث إنها تكون ضعيفة جدًّا، أو معدومة عند الولادة، ويصعب على الوليد تمييز الضوء من الظلام، ولا يرى إلا صورًا مشوَّشة، وتتحرك عيناه دون أن يتمكن من تركيز بصره على الجسم المنظور، وفي الشهر السادس من عمره يتمكن من تفريق وجوه الأشخاص، إلا الوليد في هذه السن يكون بعيدَ البصر، ثم يستمر بصره في النمو والتطور حتى السنة العاشرة من عمره، فمن المعلوم فسيولوجيًّا أن المنبهات والمحفزات التي ترِد إلى أي طريق عصبي حسي، تحفِّزه على النمو والتطور والنضوج، وبهذه الطريقة يتحفز الجهاز العصبي السمعي على نضوجه وأداء وظيفته منذ الشهر الخامس الجنيني، ولا يحفز الجهار العصبي البصري إلا بعد ولادة الوليد؛ لكونه داخل رحم أمه يكون في ظلمات ثلاث كما جاء ذلك في القرآن الكريم[9].

 

وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن منطقة السمع في الدماغ تعد أوسع وأعقد من منطقة الإبصار، مما يبين عظم أثر السمع في تكوين المعرفة والإدراك، وهو ما يشير إليه القرآن في دقة التعبير حين يذكر السمع مفردًا غالبًا، والبصر جمعًا؛ كقوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 78].

 

فجاء السمع مفردًا للدلالة على وحدة مصدر التلقي، إذ يستمع الإنسان للكلمة الواحدة من مصدر واحد، بينما الأبصار تعددت لاختلاف زوايا الرؤية ومجالاتها، وهو إعجاز لغوي وعلمي بديع، يجمع بين عمق المعنى ودقَّة الخَلق.

 

كما يؤكد القرآن أن هذه الحواس نعمة ومسؤولية، فليست مجرد أجهزة مادية، بل أدوات للهداية أو الضلال؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الملك: 10].

 

فبيَّن سبحانه أن تعطيل السمع والبصر عن الحق سبب للهلاك، وأن شكر هذه النعم يكون بتسخيرها في طاعة الله، والتفكر في آياته الكونية والقرآنية.

 

ومن أوجه الإعجاز كذلك أن القرآن الكريم ربط بين السمع والبصر والقلب (الفؤاد) في مواضعَ متعددة، ليؤكِّد أن المعرفة الحقَّة لا تكتمل إلا بتكامل هذه الأدوات الثلاث: السمع لنقل المسموعات، والبصر لمشاهدة المخلوقات، والفؤاد للتفكر والتدبر؛ كما قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 78].

 

وقد أثبتت الأبحاث العصبية الحديثة أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين الحواس ومراكز الذاكرة والعاطفة في الدماغ، وأن الفهم والإدراك لا يتِمَّان إلا بتعاونها، وهو ما أشار إليه القرآن بدقَّة قبل قرون طويلة.

 

وهذا التكامل بين السمع والبصر والفؤاد يعكس وحدة النظام الإلهي في خلق الإنسان، وأن كل حاسة تؤدي وظيفتها ضمن منظومة دقيقة تُظهر عظمة الخالق في تصميم الإنسان وإعداده لتحمُّل الأمانة، ومَن تدبر هذه الحقائق أدرك أن القرآن كتابُ هدايةٍ وعلم ومعرفة، يجمع بين البيان الإلهي والإعجاز العلمي الدقيق.

 

ومن الناحية النفسية، أثبتت دراسات علم النفس العصبي أن الإنسان يتأثر سلوكه بدرجة وعيه بما يسمع ويرى، وأن ضبط السمع والبصر ينعكس على تهذيب النفس وتوجيه السلوك، وهو ما جاء به القرآن في أوضح صورة؛ حين قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 3]؛ إذ يبدأ صلاح السلوك من ضبط ما يسمع وما يرى.

 

فجمَع القرآن بين الإعجاز العلمي والبياني والتربوي في منظومة متكاملة، تهدف إلى تزكية الإنسان ظاهرًا وباطنًا، فسبحان الله العظيم!

 

ثالثًا: الآيات الإنسانية المتعلقة بالسمع والبصر في القرآن الكريم ودلالتها:

1- دلالة الألوهية والربوبية للخالق العظيم سبحانه، فهو الذي يملك السمع والأبصار؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 31].

 

قال ابن كثير رحمه الله: "يحتج تعالى على المشركين باعترافهم بوحدانيته وربوبيته على وحدانية الإله فقال: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [يونس: 31]؛ أي: من ذا الذي ينزل من السماء ماء المطر، فيشق الأرض شقًّا بقدرته ومشيئته، فيُخرج منها ﴿ حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ﴾ [عبس: 27 - 31]؟ أإله مع الله؟ فسيقولون: الله، ﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ﴾ [الملك: 21]، وكذلك قوله: ﴿ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ ﴾ [يونس: 31]؛ أي: الذي وهبكم هذه القوة السامعة، والقوة الباصرة، ولو شاء لذهب بها ولسلبكم إياها؛ أي: بقدرته العظيمة، ومنَّته العميمة"[10].

 

2- وهو الذي بقدرته يهب هاتين النعمتين تفضلًا منه على خلقه؛ كما قال عز وجل ليعبدوه ويشكروه: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 78].


قال ابن كثير: "ذكر تعالى منَّته على عباده، في إخراجه إياهم من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئًا، ثم بعد هذا يرزقهم تعالى السمع الذي به يدركون الأصوات، والأبصار اللاتي بها يُحسون المرئيات، والأفئدة - وهي العقول - التي مركزها القلب على الصحيح، وقيل: الدماغ، والعقل به يميز بين الأشياء ضارها ونافعها، وهذه القُوى والحواس تحصل للإنسان على التدريج قليلًا قليلًا، كلما كبِر، زِيد في سمعه وبصره وعقله حتى يبلغ أشده، وإنما جعل تعالى هذه في الإنسان، ليتمكن بها من عبادة ربه تعالى، فيستعين بكل جارحة وعضو وقوة على طاعة مولاه"[11].

 

وكذا قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 78].


وقوله تعالى: ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [السجدة: 7 - 9].


3- عن السمع والبصر يكون السؤال يوم القيامة لأهميتهما:

قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36].


قال ابن كثير: "وقوله: ﴿ كُلُّ أُولَئِكَ ﴾؛ أي: هذه الصفات من السمع والبصر والفؤاد، ﴿ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]؛ أي: سيُسأل العبد عنها يوم القيامة، وتُسأل عنه وعما عمِل فيها"[12].

 

4- وعلى قدر السمع الواعي تكون الطاعة والاتعاظ:

وقال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37].


5- وبالسمع الخاطئ يحصل الضلال والزيغ، كما ورد عن الشياطين؛ قال جل ذكره: ﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴾ [الشعراء: 221 - 223].

 

﴿ يُلْقُونَ السَّمْعَ ﴾؛ أي: يسترقون السمع من السماء، فيسمعون الكلمة من علم الغيب، فيزيدون معها مائة كذبة، ثم يلقونها إلى أوليائهم من الإنس فيتحدثون بها، فيصدقهم الناس في كل ما قالوه، بسبب صدقهم في تلك الكلمة التي سُمعت من السماء، كما صحَّ بذلك الحديث، كما رواه البخاري، من حديث الزهري: أخبرني يحيى بن عروة بن الزبير، أنه سمع عروة بن الزبير يقول: قالت عائشة رضي الله عنها: ((سأل ناسٌ النبي صلى الله عليه وسلم عن الكهَّان، فقال: إنهم ليسوا بشيء، قالوا: يا رسول الله، فإنهم يحدثون بالشيء يكون حقًّا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تلك الكلمة من الحق يخطَفها الجنيُّ، فيُقرقرها في أذن وليِّه كقرقرة الدجاجة، فيخلطون معها أكثر من مائة كذبة))[13].


6- دلالة الشهادة يوم القيامة على صاحبهما:

قال تعالى: ﴿ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [فصلت: 22].


يقول ابن كثير: "أي: تقول لهم الأعضاء والجلود حين يلومونها على الشهادة عليهم: ما كنتم تكتمون منا الذي كنتم تفعلونه، بل كنتم تجاهرون الله بالكفر والمعاصي، ولا تبالون منه في زعمكم؛ لأنكم كنتم لا تعتقدون أنه يعلم جميع أفعالكم"[14].

 

سبب النزول: عن ابن مسعود ﴿ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ ﴾ [فصلت: 22]؛ الآية: "كان رجلان من قريش وخَتَنٌ لهما من ثقيف - أو رجلان من ثقيف وختن لهما من قريش - في بيت، فقال بعضهم لبعض: أترَون أن الله يسمع حديثنا؟ قال بعضهم: يسمع بعضه، وقال بعضهم: لئن كان يسمع بعضه لقد يسمع كله؛ فأُنزلت: ﴿ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ ﴾ [فصلت: 22]؛ الآية"[15] [16].

 

إن السمع والبصر من أعظم النعم التي امتنَّ الله بها على عباده، ولأنهما طريقان للعلم والإيمان، فقد أمر الله بتزكيتهما وصيانتهما عن الحرام، لتبقيا وسيلتين للهداية لا للغواية.

 

أولًا: تزكية السمع:

تكون بحفظه عن سماع الباطل والفاحش واللهو، واستعماله في سماع الحق والقرآن والعلم النافع.

 

قال تعالى: ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ ﴾ [النساء: 140].

 

فالأذن الطاهرة تأنف من سماع الكفر والفحش.

 

وقال تعالى في وصف المؤمنين: ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ﴾ [الزمر: 18]؛ أي: إنهم يختارون من الكلام ما يُرضي الله.

 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت))؛ [رواه البخاري ومسلم]، والمعنى أن السمع لا يُترك إلا لِما فيه خير.

 

ثانيًا: تزكية البصر:

وتكون بغضِّه عن المحرَّمات، وحفظه عن التطلع لما لا يرضي الله، واستعماله في النظر في آيات الله الكونية والقرآنية؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾ [النور: 30]، والغضُّ هنا يشمل كلَّ نظرة محرمة أو فضولية.

 

وقال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ﴾ [الغاشية: 17]؛ أي: إن النظر إذا كان للتفكر والاعتبار، فهو عبادة.

 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: ((يا عليُّ، لا تُتبع النظرةَ النظرةَ، فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة))؛ [رواه أحمد وأبو داود].

 

فمن زكَّى سمعه وبصره طابت روحه، وازداد نور قلبه، وكان ممن قال الله فيهم: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37].

 

والله تعالى أعلى وأعلم.



[1] معجم مقاييس اللغة، لابن فارس (3/ 102).

[2] تاج العروس من جواهر القاموس لمحمد بن محمد بن عبدالرزاق الحسيني، أبي الفيض، الملقب بمرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205هـ)، المحقق: مجموعة من المحققين، الناشر: دار الهداية (21/ 223).

[3] الفروق، للعسكري (ص81).

[4] تاج العروس من جواهر القاموس، للزبيدي (10/ 196).

[5] لسان العرب لابن منظور مادة: "بصر" (4/ 64).

[6] (الصمم): فقدان السمع، ويأتي وصفًا للأذن وللشخص، فيُقال: رجل أصم، وامرأة صمَّاء، وأذن صمَّاء، والجمع صُم؛ [المصباح المنير مادة: صمم].

[7] التفسير الوسيط للزحيلي، لوهبة بن مصطفى الزحيلي، الناشر: دار الفكر – دمشق، الطبعة: الأولى - 1422هـ، عدد الأجزاء: 3 مجلدات في ترقيم مسلسل واحد (1/ 551).

[8] نهاية المحتاج للرملي (7/ 334).

[9] الإعجاز العلمي للقرآن الكريم في السمع والبصر والفؤاد للدكتور محمد بورباب (ص188).

[10] تفسير ابن كثير (4/ 336).

[11] تفسير ابن كثير (4/ 590).

[12] تفسير ابن كثير (5/ 75).

[13] تفسير ابن كثير (6/ 172).

[14] تفسير ابن كثير (7/ 172).

[15] الصحيح المسند من أسباب النزول، للهمداني (1/ 177).

[16]صحيح البخاري، كتاب: التفسير، باب: قوله تعالى: ﴿ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ ﴾ [فصلت: 22]، حديث رقم (4816).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الآيات الإنسانية في القرآن الكريم

مختارات من الشبكة

  • الفطرة الإنسانية في القرآن الكريم وأبعادها الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم الإنسانية الحقة، في ميزان الله والخلق(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حين تربت الآيات على القلوب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: سورة البقرة الآيات (1-5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الآيات البينات في مشروعية ختان البنات (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • رسول الرحمة والإنسانية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاتحاد والاعتصام من أخلاق الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحديث الثاني: عفاف السمع والبصر والقلب والفرج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الآيات القرآنية المتعلقة بالوجه وأبعادها الفقهية: دراسة موضوعية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سمعة سيئة في الجامعة(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/5/1447هـ - الساعة: 18:37
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب