• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خير الناس أنفعهم للناس (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حين تغادر قبل أن تكتمل البركات
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    زيارة القبور بين المشروع والممنوع (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تفسير: (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن فضائل الصحابة رضي ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تخريج حديث: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الوجيز الـمنتقى من سيرة النبي المصطفى عليه الصلاة ...
    شوقي محمد البنا
  •  
    وقفات مع اسم الله الجبار (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    الصارم البتار من شجاعة النبي المختار صلى الله ...
    السيد مراد سلامة
  •  
    الحديث الثاني عشر: شهادة الزور جريمة كبرى
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    الترادف والفروق اللغوية في القرآن الكريم (نماذج ...
    د. ابتهال محمد علي البار
  •  
    تمويل المنشآت الوقفية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض
    سعيد بن محمد آل ثابت
  •  
    الخشوع (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    حال الأمة وسنن الله في التغيير (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

زيارة القبور بين المشروع والممنوع (خطبة)

زيارة القبور بين المشروع والممنوع (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/10/2025 ميلادي - 5/5/1447 هجري

الزيارات: 118

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

زيارة القبور بين المشروع والممنوع

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [الحشر: 18 - 20].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، الحَيَاةُ قَصِيرَةٌ، وَالبَقَاءُ في هَذِهِ الدُّنيَا قَلِيلٌ، وَالمَوتُ حَتمٌ لازِمٌ، وَمَا بَعدَ المَوتِ إِلاَّ الجَنَّةُ أُوِ النَّارُ، وَلِكُلٍّ مِنهُمَا أَهلٌ وَسُكَّانٌ، وَالقُلُوبُ تَغفَلُ وَالأَنفُسُ تَشرُدُ، وَالمُلهِيَاتُ جَمَّةٌ وَالشَّوَاغِلُ كَثِيرَةٌ. وَإِنَّ أَشَقَّ مَا عَلَى المَرءِ وَأَصعَبَ مَا يُوَاجِهُهُ، أَن يَفجَأَهُ هَاذِمُ اللَّذَّاتِ وَهُوَ عَلَى غَفلَتِهِ، وَأَن تُنتَزَعَ رُوحُهُ وَهُوَ لم يَتَهَيَّأَ بِعَمَلٍ صَالِحٍ يَكُونُ سَبَبًا لِنَجَاتِهِ، وَإِنَّهُ لَيسَ مِن شَاغِلٍ عَنِ العَمَلِ الصَّالِحِ وَلا صَارِفٍ عَنِ الآخِرَةِ، كَالتَّعَلُّقِ بِالدُّنيَا وَزَخَارِفِهَا، وَلا مُحْيٍ لِمَوَاتِ القُلُوبِ وَمُنَبِّهٍ لَهَا، كَتَذَكُّرِ المَوتِ وَسَكرَتِهِ، وَالقَبرِ وَضَمَّتِهِ وَظُلمَتِهِ، وَانفِرَادِ المَرءِ في اللَّحدِ وَوَحدَتِهِ وَوَحشَتِهِ، وَمِن ثَمَّ كَانَ مِنَ المَشرُوعِ لِلمُؤمِنِ أَن يَعُودَ المَرضَى وَيُشَيِّعَ المَوتَى، وَأَن يَزُورَ القُبُورَ وَيَتَأَمَّلَ في المَقَابِرِ، عَسَى بِذَلِكَ أَن يَعرِفَ قِيمَةَ الحَيَاةِ وَمَا تَؤُولُ إِلَيهِ، عَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَبرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبكَى مَن حَولَهَ، فَقَالَ: "استَأذَنتُ رَبِّي في أَن أَستَغْفِرَ لَهَا فَلم يُؤذَنْ لي، وَاستَأذَنتُهُ في أَن أَزُورَ قَبرَهَا فَأُذِنَ لي، فَزُورُوا القُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ المَوتَ"، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "كُنتُ نَهَيتُكُم عَن زِيَارَةِ القُبُورِ فَزُورُوهَا؛ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمُ المَوتَ"؛ رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ، وَفي لَفظٍ عِندَ التِّرمِذِيِّ: "فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ"، وَعِندَ الحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "كُنتُ نَهَيتُكُم عَن زِيَارَةِ القُبُورِ، أَلا فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُرِقُّ القَلبَ وَتُدمِعُ العَينَ وَتُذَكِّرُ الآخِرَةَ، وَلا تَقُولُوا هُجرًا".

 

أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ زِيَارَةَ القُبُورِ مَشرُوعَةٌ لِلاتِّعَاظِ بِهَا وَتَذَكُّرِ المَوتِ وَالآخِرَةِ، وَالتَّفَكُّرِ في مَآلِ أَهلِهَا الَّذِي إِمَّا أَن يَكُونَ إِلى جَنَّةٍ وَإِمَّا إِلى نَارٍ، لَكِنَّ تِلكُمُ الزِّيَارَةَ مَشرُوطَةٌ كَمَا سَمِعتُم بِأَلاَّ يَقُولَ الزَّائِرُ هُجرًا؛ أَي بِأَلاَّ يَقُولَ مَا يُغضِبُ الرَّبَّ سُبحَانَهُ، كَدُعَاءِ المَقبُورِ أَوِ الاستِغَاثَةِ بِهِ مِن دُونِ اللهِ تَعَالى، أَو تَزكِيَتِهِ وَالقَطعِ لَهُ بِالجَنَّةِ، أَو رَفعِ الصَّوتِ بِالنَّدبِ وَالنِّيَاحَةِ، أَوِ التَّمَسُّحِ بِهِ أَو الذَّبحِ عِندَهُ، أَوِ اختِلاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ حَولَهُ، أَو طَوَافِهِم بِهِ، ذَلِكُم أَنَّ كُلاًّ مِمَّا ذُكِرَ دَائِرٌ بَينَ أَن يَكُونَ شِركًا بِاللهِ، أَو بِدعَةً مُنكَرَةً لم يَكُنْ عَلَيهَا سَلَفُ الأُمَّةُ، أَو كَبِيرَةً مِن كَبَائِرِ الذُّنُوبِ الَّتي تَقسُو بِهَا القُلُوبُ، وَتُكتَسَبُ بِسَبَبِهَا الأَوزَارُ وَالذُّنُوبُ. وَلا بَأسَ عَلَى زَائِرِ مَقَابِرِ المُسلِمِينَ أَن يَدعُوَ لَهُم، بَل إِنَّ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ إِحسَانٌ إِلَيهِم، وَبِهِ تُرفَعُ دَرَجَاتٌ وَتُضَاعَفُ حَسَنَاتٌ، وَتُمحَى أَوزَارٌ وَتَكُفَّرُ سَيِّئَاتٌ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ القُرآنِ عِندَ القُبُورِ، فَلا أَصلَ لَهُ في السُّنَّةِ، وَلَو كَانَ مَشرُوعًا لَفَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَلَعَلَّمَهُ أَصحَابَهُ، بَل إِنَّهُ لَمَّا سَأَلَتهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنهَا عَمَّا تَقُولُ إِذَا زَارَتِ القُبُورُ، عَلَّمَهَا السَّلامَ وَالدُّعَاءَ، وَلم يُعَلِّمْهَا أَن تَقرَأَ الفَاتِحَةَ أَو غَيرَهَا مِنَ القُرآنِ، فَعَنهَا رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَت: كَيفَ أَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ تَعني في زِيَارَةِ القُبُورِ؟! قَالَ: "قُولِي: السَّلامُ عَلَى أَهلِ الدِّيَارِ مِنَ المُؤمِنِينَ وَالمُسلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ المُستَقدِمِينَ مِنَّا وَالمُستَأخِرِينَ، وَإِنَّا إِن شَاءَ اللهُ بِكُم لَلاحِقُونَ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لا تَجعَلُوا بُيُوتَكُم مَقَابِرَ، فَإِنَّ الشَّيطَانَ يَفِرُّ مِنَ البَيتِ الَّذِي يَقرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ"؛ أَخرَجَهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ.

 

وَطَالِبُ الحَقِّ المُتَّبِعُ لِلسُّنَّةِ، يَرَى أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَد أَشَارَ في هَذَا الحَدِيثِ إِلى أَنَّ القُبُورَ لَيسَت مَوضِعًا لِقِرَاءَةِ القُرآنِ شَرعًا، فَلِذَلِكَ حَضَّ عَلَى قِرَاءَةِ القُرآنِ في البُيُوتِ، وَنَهَى عَن جَعلِهَا كَالمَقَابِرِ الَّتي لا يُقرَأُ فِيهَا القُرآنُ.

 

وَإِذَا كَانَت قِرَاءَةُ القُرآنِ عِندَ القُبُورِ غَيرَ مَشرُوعَةٍ، فَإِنَّ المَنعَ مِنَ الصَّلاةِ عِندَهَا مِن بَابِ أَولى؛ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "صَلُّوا في بُيُوتِكُم وَلا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "لا تُصَلُّوا إِلى القُبُورِ وَلا تَجلِسُوا عَلَيهَا"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "الأَرضُ كُلُّهَا مَسجِدٌ إِلاَّ المَقبَرَةَ وَالحَمَّامَ"؛ أَخرَجَهُ أَصحَابُ السُّنَنِ إِلاَّ النَّسَائِيَّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَأَعظَمُ مِنَ الصَّلاةِ عِندَ القُبُورِ أَن تُبنى عَلَيهَا المَسَاجِدُ، فَعَن عَائِشَةَ وَعَبدِاللهِ بنِ عَبَّاسٍ قَالا: لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ طَفِقَ يَطرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجهِهِ، فَإِذَا اغتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا عَن وَجهِهِ فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: "لَعنَةُ اللهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنبِيَائِهِم مَسَاجِدَ، يُحَذِّرُ مِثلَ مَا صَنَعُوا؛ أَخرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.

 

وَعَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اللَّهُمَّ لا تَجعَلْ قَبرِي وَثَنًا، لَعَنَ اللهُ قَومًا اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنبِيَائِهِم مَسَاجِدَ"؛ أَخرَجَهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَعِندَ مُسلِمٍ في صَحِيحِهِ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "أَلا وَإِنَّ مَن كَانَ قَبلَكُم كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنبِيَائِهِم وَصَالِحِيهِم مَسَاجِدَ، أَلا فَلا تَتَّخِذُوا القُبُورَ مَسَاجِدَ، إِنِّي أَنهَاكُم عَن ذَلِكَ"، وَعَن عَائِشَةَ قَالَت: لَمَّا كَانَ مَرَضُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، تَذَاكَرَ بَعضُ نِسَائِهِ كَنِيسَةً بِأَرضِ الحَبَشَةِ يُقَالُ لهَا مَارِيَةُ، وَقَد كَانَت أُمُّ سَلَمَةَ وَأُمُّ حَبِيبَةَ قَد أَتَتَا أَرضَ الحَبَشَةِ، فَذَكَرنَ مِن حُسنِهَا وَتَصَاوِيرِهَا، قَالَت: فَقَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أُولِئَكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوا عَلَى قَبرِهِ مَسجِدًا، ثم صَوَّرُوا فِيهِ تِلَكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الخَلقِ عِندَ اللهِ يَومَ القِيَامَةِ"؛ أَخرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.

 

وَمِمَّا يَحرُمُ أَن تُتَّخَذَ القُبُورُ أَعيَادًا في أَوقَاتٍ مُعَيِّنَةٍ وَمَوَاسِمَ مَعرُوفَةٍ، تُقصَدُ فِيهَا لِزِيَارَتِهَا أَو لِلتَّعَبُّدِ عِندَهَا أَو لِغَيرِ ذَلِكَ؛ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لا تَتَّخِذُوا قَبرِي عِيدًا، وَلا تَجعَلُوا بُيُوتَكُم قُبُورًا، وَحَيثُمَا كُنتُم فَصَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّ صَلاتَكُم تَبلُغُني"؛ أَخرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

قَالَ ابنُ تَيمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ: وَوَجهُ الدَّلالَةِ أَنَّ قَبرَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَفضَلُ قَبرٍ عَلَى وَجهِ الأَرضِ، وَقَد نَهَى عَنِ اتِّخَاذِهِ عِيدًا، فَقَبرُ غَيرِهِ أَولى بِالنَّهيِ كَائِنًا مَن كَانَ، ثم قَرَنَ ذَلِكَ بِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "وَلا تَتَّخِذُوا بُيُوتَكُم قُبُورًا"؛ أَي: لا تُعَطِّلُوهَا عَنِ الصَّلاةِ فِيهَا وَالدُّعَاءِ وَالقِرَاءَةِ، فَتَكُونَ بِمَنزِلَةِ القُبُورِ، فَأَمَرَ بِتَحَرِّي العِبَادَةِ في البُيُوتِ، وَنَهَى عَن تَحَرِّيهَا عِندَ القُبُورِ، عَكسَ مَا يَفعَلُهُ المُشرِكُونَ مِنَ النَّصَارَى وَمَن تَشَبَّهَ بِهِم.

 

اللَّهُمَّ اجعَلْنَا مِن أَتبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّكَ، وَجَنِّبْنَا الشِّركَ وَالبِدَعَ وَالمُحدَثَاتِ...

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَتَحَرَّوُا السُّنَّةَ عِندَ زِيَارَةِ القُبُورِ وَاحذَرُوا البِدَعَ وَالمُحدَثَاتِ، وَمِنهَا استِقبَالُ القَبرِ في حَالِ الدُّعَاءِ، فَهَذَا غَيرُ مَشرُوعٍ، بَلِ المَشرُوعُ أَن يَستَقبِلَ الدَّاعِي القِبلَةَ، وَأَن يَدعُوَ لِلمَيِّتِ إِن كَانَ مُسلِمًا، وَأَمَّا لَو قُدِّرَ أَنَّهُ زَارَ قَبرَ كَافِرٍ، فَإِنَّهُ لا يُسَلِّمُ عَلَيهِ وَلا يَدعُو لَهُ، بَل يُبَشِّرُهُ بِالنَّارِ كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَفِي الحَدِيثِ عَن سَعدِ بنِ أَبي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: جَاءَ أَعرَابيٌّ إِلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أَبي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ وَكَانَ وَكَانَ، فَأَينَ هُوَ؟! قَالَ: "في النَّارِ"، فَكَأَنَّ الأَعرَابيَّ وَجَدَ مِن ذَلِكَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَينَ أَبُوكَ؟! قَالَ: "حَيثُمَا مَرَرتَ بِقَبرِ كَافِرٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ"، قَالَ: فَأَسلَمَ الأَعرَابيُّ بَعدُ فَقَالَ: لَقَد كَلَّفَني رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ تَعَبًا، مَا مَرَرتُ بِقَبرِ كَافِرٍ إِلاَّ بَشَّرتُهُ بِالنَّارِ؛ أَخرَجَهُ الطَّبرَانيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَمِمَّا يُكرَهُ عِندَ الزِّيَارَةِ أَن يَمشِيَ بَينَ قُبُورِ المُسلِمِينَ في نَعلَيهِ، لِحَدِيثِ بَشِيرِ بنِ الخَصَاصِيَةِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: بَينَمَا أُمَاشِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى قُبُورِ المُسلِمِينَ، فَبَينَمَا هُوَ يَمشِي إِذْ حَانَت مِنهُ نَظرَةٌ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ يَمشِي بَينَ القُبُورِ عَلَيهِ نَعلانِ، فَقَالَ: يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَينِ، أَلقِ سِبْتِيَّتَيكَ، فَنَظَرَ، فَلَمَّا عَرَفَ الرَّجُلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ خَلَعَ نَعلَيهِ فَرَمَى بِهِمَا؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَمِمَّا لا يُشرَعُ بَل هُوَ مِنَ البِدَعِ، وَضعُ الرَّيَاحِينِ أَوِ الوُرُودِ وَالزُّهُورِ عَلَى القُبُورِ؛ فَإِنَّهُ لم يَكُنْ مِن فِعلِ السَّلَفِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِمَّا نَقَلَهُ الجَهَلَةُ عَنِ النَّصَارَى وَغَيرِهِم، وَهَذَا مِمَّا يَزِيدُهُ حُرمَةً وَشَنَاعَةً، وَلا يُعَارِضُ هَذَا مَا في الصَّحِيحَينِ مِن حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ مَرَّ بِقَبرَينِ فَأَخبَرَ أَنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ ثم أَخَذَ جَرِيدَةً رَطبَةً فَشَقَّهَا نِصفَينِ ثُمَّ غَرَزَ في كُلِّ قَبرٍ وَاحِدَةً وَقَالَ: "لَعَلَّه يُخَفَّفُ عَنهُمَا مَا لم يَيبَسَا"، فَإِنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِهِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ؛ لأَنَّهُ مِنَ الغَيبِ الَّذِي لا يَعلَمُهُ إِلاَّ بِمَا عَلَّمَهُ اللهُ.

 

وَمِمَّا يَحرُمُ عِندَ القُبُورِ الذَّبحُ وَالنَّحرُ، لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لا عَقرَ في الإِسلامِ"، قَالَ عَبدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ في مُصَنَّفِهِ: كَانُوا يَعقِرُونَ عِندَ القَبرِ بَقَرَةً أَو شَاةً، وَأَخرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالبَيهَقِيُّ وَأَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَالقَولُ بِتَحرِيمِ الذَّبحِ وَالنَّحرِ عِندَ القُبُورِ، إِنَّمَا هُوَ فِيمَا لَو كَاَن الذَّبحُ وَالنَّحرُ للهِ تَعَالى، وَأَمَّا إِذَا كَانَ لِصَاحِبِ القَبرِ كَمَا يَفعَلُهُ بَعضُ الجُهَّالِ، فَهُوَ شِركٌ صَرِيحٌ، وَأَكلُهُ حَرَامٌ وَفِسقٌ؛ قَالَ تَعَالى: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾ [الأنعام: 121]، وَفي الحَدِيثِ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "لَعَنَ اللهُ... وَفي رِوَايَةٍ: مَلعُونٌ مَن ذَبَحَ لِغَيرِ اللهِ"؛ أَخرَجَهُ أَحمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَلْنَقتَصِرْ عَلَى مَا سُنَّت زِيَارَةُ القُبُورِ لَهُ مِنَ الاتِّعَاظِ وَالتَّذَكُّرِ، وَالسَّلامِ عَلَى الأَموَاتِ وَالدُّعَاءِ لَهُم...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أحكام زيارة القبور في الإسلام
  • زيارة القبور
  • من بدع زيارة القبور
  • دعاء زيارة القبور
  • زيارة القبور، ونعيمها وعذابها (س/ج)
  • آداب زيارة القبور والتعزية (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أختي تمنعني زيارة أمي(استشارة - الاستشارات)
  • فضل زيارة المسجد الحرام والمسجد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بين الاجتهاد الشخصي والتقليد المشروع: رد على شبهة «التعبد بما استقر في القلب»(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود(مقالة - المسلمون في العالم)
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الكسب المشروع والكسب غير المشروع وآثار كل منهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عاشوراء بين المشروع والممنوع (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • احتفالات الفرح بين المشروع والممنوع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأعراس بين المشروع والممنوع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/5/1447هـ - الساعة: 0:26
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب