• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خير الناس أنفعهم للناس (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حين تغادر قبل أن تكتمل البركات
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    زيارة القبور بين المشروع والممنوع (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تفسير: (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن فضائل الصحابة رضي ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تخريج حديث: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الوجيز الـمنتقى من سيرة النبي المصطفى عليه الصلاة ...
    شوقي محمد البنا
  •  
    وقفات مع اسم الله الجبار (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    الصارم البتار من شجاعة النبي المختار صلى الله ...
    السيد مراد سلامة
  •  
    الحديث الثاني عشر: شهادة الزور جريمة كبرى
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    الترادف والفروق اللغوية في القرآن الكريم (نماذج ...
    د. ابتهال محمد علي البار
  •  
    تمويل المنشآت الوقفية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض
    سعيد بن محمد آل ثابت
  •  
    الخشوع (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    حال الأمة وسنن الله في التغيير (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

الصارم البتار من شجاعة النبي المختار صلى الله عليه وسلم

الصارم البتار من شجاعة النبي المختار صلى الله عليه وسلم
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/10/2025 ميلادي - 5/5/1447 هجري

الزيارات: 269

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الصارم البتار من شجاعة النبي المختار صلى الله عليه وسلم

 

الخطبة الأولى

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ * يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ * وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [سبأ: 1 - 3].

 

الحمد لله، أصبحت له الوجوه ذليلة عَانِيَة، وحَذِرتَه النُّفوس مجدَّة ومتوانية، ذمَّ الدنيا إذ هي حقيرة فانية، وشوَّق لجنة قطوفها دانية، وخوَّف صرعى الهوى أن يُسقوا من عينٍ آنية.

 

أحمده على تقويم شانيه، وأستعينه وأستعيذه من شر كل شان وشانية، وأحصِّن بتحقيق التوحيد إيمانيه، أحمده وهو العليم العالم بالسِّر والعلانية، فالسر عنده علانية.

 

صلى الإله على النبي محمد وعلى جميع بناته ونسائه، وعلى جميع الصَّحب والإخوان، وعلى صحابته جميعًا والأُلَى تبِعوهم مِن بعدُ بالإحسان.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102]؛ أما بعد:

 

فيا معاشر الموحدين، إن الشجاعة خُلُق كريم ووصْف نبيل، يَحمل النفس على التحلِّي بالفضائل، ويَحرسها من الاتِّصاف بالرذائل، وهي يَنبوع الأخلاق الكريمة والخِصال الحميدة، وهي من أعزِّ أخلاق الإسلام، وأَفخر أخلاق العرب، وهي الإقدام على المكاره، وثَبات الجأش على المخاوف، والاستهانة بالموت، إنَّها سرُّ بقاء البشر واستمرار الحياة السليمة والعيشة الرضية على الأرض؛ لأنَّها تَجعل الإنسان يُدافِع عن حياته، فالشجاعة غريزة يَضعها الله فيمَن شاء من عباده؛ يقول عمر بن الخطاب: "إنَّ الشجاعة والجُبن غرائزُ في الرجال"[1].

 

لقد ربَّى القرآنُ الكريم المؤمنين على الشجاعة، فكانت آياته المنبع الذي شربت منه الأُمَّة معنى وقيمة الشجاعة، فقال الله سبحانه وتعالى مخاطبًا الأُمَّة ورسولَها صلى الله عليه وسلم: ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 74].

 

شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر:

عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: "رأيتني يوم بدر ونحن نَلوذ بالنبي وهو أقربنا إلى العدو، وكان -صلى الله عليه وسلم- من أشد الناس يومئذٍ بأسًا".

 

«وقيل: كان الشجاع هو الذي يقرب منه -صلى الله عليه وسلم- إذا دنا العدو لقُربه منه»[2].

 

فلننظر إلى شجاعة النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- وهو الذي يَملِك أن يَأمر، فيُطاع بلا تردُّد، إلا أنه يأبى إلا أن يكون أوَّل المسارعين لمواجهة الشدائد والصِّعاب، بل لمواجهة الأعداء، فصلَّى الله على مَن علَّم الدنيا كيف تكون شجاعة الرجال.

 

شجاعته صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد:

في أحلك لحظات المسلمين شدَّة وانهزامهم أمام عدوِّهم في غزوة أحد، نراه صلى الله عليه سلم متماسكًا شجاعًا، مقاتلًا زعماءَ الشرك، فقد أدركه أُبَي بن خلف وهو يقول: أي محمد، لا نجوتُ إن نجوتَ، فقال القوم: يا رسول الله، أيعطف عليه رجل منَّا؟ فقال رسول الله: "دَعُوهُ"، فلمَّا دنا، تناول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحربة من الحارث بن الصمة، فلمَّا أخَذها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منه انتفض بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعْراء[3] عن ظهر البعير إذا انتفض بها، ثم استقبله فطَعنه في عنقه طعنة تَدَأْدَأَ[4] منها عن فرسه مرارًا، فمات وهُمْ راجعون به إلى مكة[5].

 

ولذلك يقول المقداد بن عمرو رضي الله عنه عن ثبات رسول الله – صلى الله عليه وسلم -وشجاعته في غزوة أُحُد، قوله: "لا والذي بعثه بالحقِّ إن زال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شبرًا واحدًا، إنه لفي وجه العدوِّ، وتثوب إليه طائفة من أصحابه مرَّة، وتُصرف عنه مرَّة، فربما رأيته قائمًا يرمي على قوسيه، ويرمي بالحجر، حتى تحاجزوا، وثبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما هو في عصابة صبروا معه"[6].

 

شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين:

عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ: يَا أَبَا عُمَارَةَ، أَفَرَرْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لَا، وَاللَّهِ! مَا وَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلَكِنَّهُ خَرَجَ شُبَّانُ أَصْحَابِهِ وَأَخِفَّاؤُهُمْ حُسَّرًا لَيْسَ عَلَيْهِمْ سِلَاحٌ، أَوْ كَثِيرُ سِلَاحٍ، فَلَقُوا قَوْمًا رُمَاةً لَا يَكَادُ يَسْقُطُ لَهُمْ سَهْمٌ، جَمْعَ هَوَازِنَ وَبَنِي نَصْرٍ، فَرَشَقُوهُمْ رشقًا ما يكادون يُخطؤون، فقبِلوا هُنَاكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَقُودُ بِهِ، فَنَزَلَ فَاسْتَنْصَرَ، وَقَالَ: (أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ * أَنَا ابْنُ عبد المطلب). ثم صفَّهم [7].

 

كَثِيرُ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حُنَيْنًا، قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَا مَعَهُ إِلا أَنَا، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَزِمْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ نُفَارِقْهُ وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ - وَرُبَّمَا قَالَ مَعْمَرٌ: بَيْضَاءَ - أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ بْنُ نَعَامَةَ الْجُذَامِيُّ، فَلَمَّا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ، وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ، وَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ قِبَلَ الْكُفَّارِ، قَالَ الْعَبَّاسُ: أَنَا آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَكُفُّهَا، وَهُوَ لَا يَأْلُو مَا أَسْرَعَ نَحْوَ الْمُشْرِكِينَ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِغَرْزِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "يَا عَبَّاسُ، نَادِ يَا أَصْحَابَ السَّمُرَةِ"، قَالَ: وَكُنْتُ رَجُلًا صَيِّتًا فَقُلْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: أَيْنَ أَصْحَابُ السَّمُرَةِ؟ قَالَ: فَوَاللهِ، لَكَأَنَّ عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي عَطْفَةُ الْبَقَرِ عَلَى أَوْلادِهَا، فَقَالُوا: يَا لَبَّيْكَ يَا لَبَّيْكَ، يَا لَبَّيْكَ، وَأَقْبَلَ الْمُسْلِمُونَ، فَاقْتَتَلُوا هُمْ وَالْكُفَّارُ، فَنَادَتِ الْأَنْصَارُ يَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ قَصَّرَتِ الدَّاعُونَ عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَنَادَوْا: يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، قَالَ: فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ كَالْمُتَطَاوِلِ عَلَيْهَا إِلَى قِتَالِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "هَذَا حِينَ حَمِيَ الْوَطِيسُ"، قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَصَيَاتٍ، فَرَمَى بِهِنَّ وُجُوهَ الْكُفَّارِ، ثُمَّ قَالَ: "انْهَزَمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، انْهَزَمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ"، قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ، فَإِذَا الْقِتَالُ عَلَى هَيْئَتِهِ فِيمَا أَرَى، قَالَ: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَمَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَصَيَاتِهِ، فَمَا زِلْتُ أَرَى حَدَّهُمْ كَلِيلًا، وَأَمْرَهُمْ مُدْبِرًا حَتَّى هَزَمَهُمِ اللهُ، قَالَ: وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَرْكُضُ خَلْفَهُمْ عَلَى بَغْلَتِهِ"[8].

 

شجاعة النبي المختار صلى الله عليه وسلم: والحقيقة أن الشجاعة هي القائدة إلى الأمام، والمُوبَوِّءة منصبَ الهمام، والقاضية على الذلِّ والهوان، وهي سرُّ بقاء البشر واستمرار الحياة وعمران الأرض، وهي من صفات الكمال والجمال، وبها اتَّصف الأنبياء والمرسلون، وامتاز بها سيِّدهم وإمامهم محمد صلى الله عليه وسلم؛ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ، وَهُوَ يَقُولُ: لَنْ تُرَاعُوا، لَنْ تُرَاعُوا، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ، فِي عُنُقِهِ سَيْفٌ، فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْرًا، أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ»[9].

 

وشجاعته صلى الله عليه وسلم تتجلَّى في هذا الحديث في أنه من شِدة عجَلته في الخروج إلى العدو قبل الناس جميعًا، خرَج على هذا الفرس الذي انقلَب بفضل الله - عز وجل - إلى أسرع ما يكون بعد أن كان معروفًا بالبُطء، وخرج صلى الله عليه وسلم ما عليه سَرج، ولم يَخش من الخروج وحْده لكشْف الحال؛ لكي يُطَمئِن أصحابه.

 

دعوة النبي صلى الله عليه وسلم أمته للاتصاف بالشجاعة:

حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمَّته على الشجاعة، وجعَلها مَجلبة لحب الله ورضاه؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة يُحبُّهم الله - عز وجلَّ - وذَكَر منهم: ورجل كان في سريَّة، فَلقوا العدوَّ، فهُزِموا، فأقبَل بصدره حتى يُقتلَ، أو يَفتحَ الله له))[10].

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

أما بعد:

فالشجاعة لها فوائد تعود على الفرد والمجتمع فمنها:

1 - الشجاعة سبب لانشراح الصدر؛ قال ابن القيم: (فإن الشجاع منشرح الصدر، واسع البطان، متَّسع القلب، والجبان أضيق الناس صدرًا، وأحصرهم قلبًا لا فرحة له ولا سرور ولا لذة له، ولا نعيم إلا من جنس ما للحيوان البهيمي، وأما سرور الروح، ولذتها ونعيمُها وابتهاجها، فمحرَّم على كل جبان، كما هو محرَّم على كل بخيل، وعلى كل مُعرض عن الله سبحانه، غافل عن ذكره، جاهل به وبأسمائه تعالى وصفاته ودينه، متعلق القلب بغيره)[11].

 

2 - الشجاعة أصل الفضائل: فمن يتصف بالشجاعة يتحلى أيضًا بكِبَر النفس، والنجدة، وعظم الهمة، والثبات، والصبر، والحلم، وعدم الطيش، والشهامة، واحتمال الكد.

 

3 - الشجاعة تحمل صاحبها على عزة النفس، وإيثار معالي الأخلاق والشِّيم؛ قال ابن القيم: (والشجاعة تَحمِله على عزة النفس، وإيثار معالي الأخلاق والشِّيم، وعلى البذل والندى الذي هو شجاعة النفس وقوتها على إخراج المحبوب ومفارقته، وتَحمِله على كظم الغيظ والحلم، فإنه بقوة نفسه وشجاعتها يُمسك عنانها، ويَكبحها بلجامها عن النزغ والبطش؛ كما قال: ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يَملِك نفسه عند الغضب، وهو حقيقة الشجاعة، وهي ملكة يقتدر بها العبد على قهر خصمه)[12].

 

4 - الرجل الشجاع يُحسن الظن بالله؛ قال ابن القيم: (والجبن خُلق مذموم عند جميع الخلق، وأهل الجبن هم أهلُ سوء الظن بالله، وأهل الشجاعة والجود هم أهل حسن الظن بالله؛ كما قال بعض الحكماء في وصيته: عليكم بأهل السخاء والشجاعة، فإنهم أهل حُسن الظن بالله، والشجاعة جنة للرجل من المكاره، والجبن إعانة منه لعدوه على نفسه، فهو جند وسلاح يُعطيه عدوه ليُحاربه به، وقد قالت العرب: الشجاعة وقاية والجبن مَقتلة، وقد أكذب الله سبحانه أطماع الجبناء في ظنهم أن جُبنهم يُنجيهم من القتل والموت، فقال الله تعالى: ﴿ قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ ﴾ [الأحزاب: 16].

 

ولقد أحسن القائل وهو قطري بن الفجاءة الساري:

أقول لها وقد طارتْ شِعاعًا
من الأبطال وَيْحَكَ لن تُراعي
فإنك لو سألتَ بقاء يومٍ
على الأجل الذي لك لَن تُطاعي
فصبرًا في مجال الموت صبرًا
فما نَيْلُ الخلودِ بِمُستطاعِ
وما ثوبُ الحياة بثوبِ عزٍّ
فيُطوى عن أخي الخنع اليراع
سبيلُ الموت غايةُ كلِّ حيٍّ
وداعيه لأهل الأرض داعي
ومَن لم يَعتبط يَسأم ويَهرم
وتُسلمه المنونُ إلى انقطاعِ
وما للمرء خيرٌ في حياةٍ
إذا ما عُدَّ مِن سَقط المتاع[13]

 

5 - لا تتم مصلحة الإمارة والسياسة إلا بالشجاعة:

قال ابن تيمية: (لا يتم رعاية الخلق وسياستهم إلا بالجود الذي هو العطاء والنجدة التي هي الشجاعة، بل لا يصلح الدين والدنيا إلا بذلك، ولهذا كان من لا يقوم بهما سلبه الأمر ونقله إلى غيره؛ كما قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التوبة: 38 - 39]، وقال تعالى: ﴿ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38]، وقد قال الله تعالى: ﴿ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [الحديد:10]، فعلَّق الأمر بالإنفاق الذي هو السخاء، والقتال الذي هو الشجاعة، وكذلك قال الله تعالى في غير موضع: ﴿ وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 41][14].

 

وقال في موضع آخر: (كما أن عليهم - أي ولاة الأمور - من الشجاعة والسماحة ما ليس على غيرهم؛ لأن مصلحة الإمارة لا تتم إلا بذلك)[15].

 

اللهم استُرنا ولا تفضَحنا، وأَكرِمنا ولا تُهنا، وكُن لنا ولا تكُن علينا.

 

اللهم لا تدَع لأحدٍ منا في هذا المقام الكريم ذنبًا إلا غفَرتَه، ولا مريضًا إلا شفيتَه، ولا دَينًا إلا قضيته، ولا همًّا إلى فرَّجته، ولا ميتًا إلا رحمته، ولا عاصيًا إلا هديته، ولا طائعًا إلا سدَّدته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتَها يا رب العالمين.

 

اللهم اجعل جَمعنا هذا جمعًا مرحومًا، وتفرُّقنا من بعده تفرقًا معصومًا، ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقيًّا أو محرومًا.

 

اللهم اهدِنا واهدِ بنا واجعلنا سببًا لمن اهتدى.

 

اللهم إن أردتَ بالناس فتنةً، فاقبِضنا إليك غيرَ خزايا ولا مفتونين، ولا مغيِّرين ولا مبدِّلين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم احمِل المسلمين الحُفاة، واكسُ المسلمين العراة، وأطعِم المسلمين الجياع.

 

اللهم لا تَحرِم مصرَ من الأمن والأمان.

 

اللهم لا تَحرم مصر من التوحيد والموحدين برحمتك يا أرحم الراحمين.



[1] سنن الدار قطني، رقم (3807).

[2] الشفا بتعريف حقوق المصطفى، (1/ 116).

[3] الشَّعْراء: نوع من الذباب يكون على ظهر الإبل والخيل؛ انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة شعر، 4/410.

[4] تدأدأ: تدحرج وسقط؛ انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة دأدأ، 1/69.

[5] «السيرة النبوية - ت عبد الواحد - من البداية والنهاية»، (3/ 63).

[6] ابن هشام، السيرة النبوية، 2/83.

[7] رواه البخاري في الجهاد والسير (2930)، ومسلم في الجهاد والسير (78: 1776).

[8] «مسند أحمد» (3/ 297 ط الرسالة)، و«أخرجه مسلم (1775) (77)، وابن حبان (7049)».

[9] أخرجه البخاري (2820) (2908) (3040) (6033)، ومسلم (2307).

[10] النسائي، رقم (2570)؛ مسند أحمد، رقم (21355).

[11] ((زاد المعاد)) لابن القيم (2/ 22).

[12] ((الفروسية)) لابن القيم (ص 491).

[13] (الفروسية)) لابن القيم (ص 491).

[14] ((السياسة الشرعية)) لابن تيمية (ص 74).

[15] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (28/ 180).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شجاعة النبي (صلى الله عليه وسلم)

مختارات من الشبكة

  • الصارم البتار على مسجد ضرار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار (WORD)(كتاب - موقع الشيخ حمود بن عبد الله التويجري)
  • الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار (PDF)(كتاب - موقع الشيخ حمود بن عبد الله التويجري)
  • الصارم المسلول على الزنادقة شاتمي الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • بلاد الحرمين الشريفين والموقف الصارم من السحر والسحرة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مختصر الصارم المسلول على شاتم الرسول لشيخ الإسلام ابن تيمية (PDF)(كتاب - موقع الشيخ علي بن محمد العمران)
  • مخطوطة قطعة من الصارم المنكي في الرد على السبكي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الصارم الحديد (الجزء الثاني)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الصارم المنكي في الرد على السبكي(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/5/1447هـ - الساعة: 0:26
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب