• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير: (قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن العين والحسد
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تذكرة النبلاء بحياء سيد الأتقياء صلى الله عليه ...
    السيد مراد سلامة
  •  
    تخريج حديث: «لا يبول في مستحمه، فإن عامة الوسواس ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    وقفات تربوية مع سورة الكافرون (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    وقفات ودروس من سورة آل عمران (5)
    ميسون عبدالرحمن النحلاوي
  •  
    خطبة: احتساب الثواب والتقرب لله عز وجل (باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    البحوث القرآنية في مجلة كلية الدراسات الإسلامية ...
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    الابتسامة (خطبة)
    د. خالد بن حسن المالكي
  •  
    کشف الغطاء عن حال عشرة أحادیث باطلة في ذم النساء ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    الأحكام الفقهية للممارسات الجنسية الممنوعة في ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اللغة من أدلة إثبات وجود الخالق جل وعلا
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    الفتور داء خطير (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    "المعوقين"
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    ثاني اثنين (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    الخلاف شر
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

رفقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة (خطبة)

رفقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة (خطبة)
د. عبد الرقيب الراشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/10/2025 ميلادي - 25/4/1447 هجري

الزيارات: 2909

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رفقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة


الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:

فقد روى الإمام مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة، فقال: ((السلام عليكم دارَ قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أني قد رأيت إخواننا، فقالوا: يا رسول الله، ألسنا بإخوانك؟ قال: بل أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعدُ، وأنا فرَطهم على الحوض، فقالوا: يا رسول الله، كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك؟ قال: أرأيت لو كان لرجلٍ خيلٌ غرٌّ محجَّلة في خيل دُهم بُهم، ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فإنهم يأتون يوم القيامة غرًّا محجلين من الوضوء، وأنا فرَطهم على الحوض، ألَا ليُذادَنَّ رجال عن حوضي كما يُذاد البعير الضال، أناديهم: ألَا هلمَّ، ألا هلم، ألا هلم، فيُقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا)).

 

أيها المؤمنون: أكرم الله تعالى أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم بصحبة نبيه، والعيش معه، وملازمته والتعلم منه، والتربية على يديه صلى الله عليه وسلم، وقد قدموا في سبيل الله الغالي والنفيس؛ فقد أنفقوا أموالهم في سبيل الله، وأُخرجوا من ديارهم ابتغاءَ رضوان الله تعالى، وشهِدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كل المعارك التي خاضها وهو يجاهد في سبيل الله تعالى، وتقديرًا لمواقفهم هذه؛ فقد أثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من أحاديثه؛ ففي الصحيحين عن عمران بن الحصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم))، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نترضَّى عنهم، ونهانا عن سبِّهم، وأخبر أن من جاؤوا بعدهم لن يصلوا إلى ما وصل إليه صحابته رضي الله عنهم، مهما أنفقوا ومهما قدموا؛ ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبُّوا أصحابي؛ فلو أن أحدكم أنفق مثل أحُدٍ ذهبًا، ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نَصيفه)).

 

أيها المؤمنون: ومع كل هذه المنزلة التي بلغها الصحابة رضي الله عنهم، فقد كانوا يشتاقون لمرافقته صلى الله عليه وسلم في الآخرة، كما صحبوه في الدنيا؛ روى الإمام أحمد في مسنده عن عبدالله بن مسعود: ((أن رسول الله دخل المسجد وهو بين أبي بكر وعمر وهو يصلي، وإذا هو يقرأ النساء، فانتهى إلى رأس المائة، فجعل ابن مسعود يدعو وهو قائم يصلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اسأل تُعطه، اسأل تعطه، ثم قال: من سره أن يقرأ القرآن غضًّا كما أُنزل، فليقرأه بقراءة ابن أمِّ عبد، فلما أصبح غدا إليه أبو بكر ليبشره وقال له: ما سألتَ الله البارحة؟ قال: قلت: اللهم إني أسألك إيمانًا لا يرتدُّ، ونعيمًا لا ينفَد، ومرافقة محمد في أعلى جنة الخلد)).

 

أيها المؤمنون: ومن لم يكرمه الله تعالى بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم في الدنيا، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم باشتياقه إلى رؤيتهم؛ كما في الحديث الذي ابتدأنا به خطبتنا هذه، وأخبر صلى الله عليه وسلم بأنه سيكون فرطهم على الحوض، وأنه من أشد أمته حبًّا له، وأن منهم من هو مستعد لأن يقدم أهله وماله من أجل أن يراه صلى الله عليه وسلم؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أشد أمتي لي حبًّا ناسٌ يكونون بعدي، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله)).

 

أيها المؤمنون: وتقديرًا منه صلى الله عليه وسلم لإيمان من جاء بعده من أمته ولم يرَه، ولشدة حبهم له ورغبتهم في مرافقته في الآخرة؛ فقد دلَّهم صلى الله عليه وسلم على جملة من الأعمال الصالحة، التي من عمل بها أو عمل ببعضها، فسوف يكرمه الله تعالى برفقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، وفي خطبتنا هذه سوف نذكر بعضَ هذه الأعمال التي ينال بها صاحبها رفقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة؛ علَّنا أن نتحقق بها وأن نكون من العاملين بها.

 

أيها المؤمنون: أول هذه الأعمال: طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه الطاعة ينبغي أن تظهر في سلوك المؤمن عملًا بما أوجبه الله تعالى عليه من أداء للعبادات والطاعات، وطاعة لرسوله تتمثل في التزام سنته، واتباع هديِه في سائر أقوالنا وأفعالنا؛ روى الإمام الطبري في معجمه الأوسط بسندٍ حسَّنه العلامة الألباني، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، والله إنك لأحب إليَّ من نفسي، وإنك لأحب إليَّ من أهلي، وأحب إليَّ من ولدي، وإني لأكون في البيت، فأذكرك، فما أصبر حتى آتيك، فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك، عرَفت أنك إذا دخلت الجنة، رُفعت مع النبيين، وإني إذا دخلت الجنة، خشيت ألَّا أراك، فلم يرُد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزل جبريل بهذه الآية: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69])).

 

أيها المؤمنون: ولأهمية طاعة رسول الله؛ فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن يدخل أحدٌ الجنة حتى يكون له مطيعًا، ولهديه متبعًا؛ فقد جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى))، فكن لله طائعًا، ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم متبعًا، تكن في الآخرة له رفيقًا ومصاحبًا.


أيها المؤمنون: ولما كانت الصلاة من أعظم أركان الإسلام، كان من حافظ على فرائضها، وأكثر من نوافلها، وأطال سجوده فيها؛ كان من رفقاء النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة؛ ففي صحيح مسلم عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال: ((كنت أبيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: سَلْ، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: أو غير ذلك؟ قلت: هو ذاك، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود))؛ قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث: "فيه الحث على كثرة السجود والترغيب، والمراد به السجود في الصلاة، وفيه دليل لمن يقول تكثير السجود أفضل من إطالة القيام، ولأن السجود غاية التواضع والعبودية لله تعالى، وفيه تمكين أعز أعضاء الإنسان وأعلاها - وهو وجهه - من التراب الذي يُداس ويُمتهن".

 

فإذا أردت مرافقة نبيك صلى الله عليه وسلم في الجنة، فعليك بأن تكثر من عبادة الصلاة، فرائضها ونوافلها، وأن تطيل سجودك فيها، ففي كل سجدة تسجدها لله تعالى، يرفعك الله بها درجة، ويحط عنك بها خطيئة؛ روى الإمام مسلم في صحيحه، عن ثوبان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((عليك بكثرة السجود، فإنك لن تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجة، ومحا عنك بها خطيئة))، وكلما أكثر العبد من الصلاة وأطال سجوده فيها، ازداد قربًا من الله تعالى؛ قال تعالى: ﴿ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾ [العلق: 19]، وكلما أطال العبد سجوده في صلاته ودعا ربه، استجاب الله له دعاءه، وحقق له رجاءه، كيف لا، والسجود من مواطن إجابة الدعاء؟ روى الإمام مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا فيه من الدعاء، فقَمِنٌ أن يُستجاب لكم)).

 

أيها المؤمنون: ومن الأعمال الجليلة التي ينال بها المؤمن مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة كفالةُ اليتيم؛ ففي صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرَّج بينهما شيئًا))؛ قال ابن بطال: "حق على كل مسلم يسمع هذا الحديث، أن يرغب في العمل به؛ ليكون في الجنة رفيقًا للنبي ولجماعة النبيين والمرسلين، ولا منزلة عند الله في الآخرة أفضل من مرافقة الأنبياء، وفي الحديث إشارة إلى أن بين درجة النبي صلى الله عليه وسلم وكافل اليتيم قدر تفاوت ما بين السبابة والوسطى"، وقال الذهبي: "كفالة اليتيم هي القيام بأموره والسعي في مصالحه؛ من طعامه وكسوته، وتنمية ماله إن كان له مال، وإن كان لا مال له، أنفق عليه وكساه ابتغاء وجه الله تعالى، وقوله في الحديث له أو لغيره؛ أي سواء كان اليتيم قرابةً أو أجنبيًّا منه، فالقرابة مثل أن يكفله جده أو أخوه، أو أمه أو عمه، أو زوج أمه أو خاله، أو غيره من أقاربه، والأجنبي من ليس بينه وبينه قرابة".

 

أسأل الله بمنِّه وكرمه أن يرزقنا حبه وحب نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يجعلنا من رفقائه في أعالي جنان الخلد؛ إنه سميع مجيب.

 

قلت ما قد سمعتم، فاستغفروا الله، يا فوز المستغفرين!

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد أيها المؤمنون:

فقد كان الناس في الجاهلية ينظرون إلى المرأة نظرة ازدراء واحتقار، وكانوا يرون أنها تجلب لأهلها الفقر والعار، وكان الواحد منهم يتضايق إذا رزقه الله بمولودة أنثى، وكان غالبية الناس في الجاهلية يدفنون بناتهم أحياء؛ وقد وصف الله هذه الحالة الجاهلية بقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النحل: 58، 59]، وأخبر سبحانه وتعالى بأنه في يوم القيامة سوف يسأل كل من عمل هذا العمل القبيح، وسينال جزاءه الذي يستحقه؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ [التكوير: 8، 9].

 

أيها المؤمنون: ولما بعث الله نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، أعطى للمرأة حقها، وأعلى من مكانتها، وجعل تربيتها قربة يتقرب بها أهلها إلى الله تعالى، وبيَّن صلى الله عليه وسلم أن من أحسن تربية بناته أو أخواته تربية إسلامية حسنة، كان عمله هذا من أسباب مرافقته للنبي صلى الله عليه وسلم في الجنة؛ روى الإمام أحمد في مسنده بسندٍ صححه الألباني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من عال ابنتين أو ثلاث بنات، أو أختين أو ثلاث أخوات حتى يمُتن أو يموت عنهن، كنت أنا وهو كهاتين، وأشار بأُصبعيه السبابة والوسطى))، وروى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو وضمَّ أصابعه))؛ قال ابن الأمير الصنعاني في شرحه لهذا الحديث: "معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (من أعال جاريتين): قام بكفايتهما وتربيتهما ومصالحهما، والمراد بنتان له، أو أعم من ذلك، (حتى يدركا) سن البلوغ، (دخلت أنا وهو الجنة كهاتين)، قارن دخوله الجنة، دخوله صلى الله عليه وسلم، وإن تفاوتت المنازل، وفيه فضيلة عظيمة لمن كان له ما ذكر، ولا بد من تقييده بالصبر والاحتساب كما في غيره، فلا يتضجر من تربيتهما، فيُحرم من كفالتهما كما يقع كثيرًا للأنام".

 

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان له ثلاث بنات، أو ثلاث أخوات، أو بنتان، أو أختان، فأحسن صحبتهن، واتقى الله فيهن، فله الجنة))؛ [رواه الترمذي وأبو داود، وفي لفظ لأبي داود: فأدَّبهن، وأحسن إليهن، وزوَّجهن، فله الجنة]؛ فأحسِنوا تربية بناتكم وأخواتكم، تنالوا مرافقة نبيكم في جنة ربكم.

 

أيها المؤمنون: ومن الأسباب المؤدِّية إلى مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة أن يكون المؤمن محافظًا على أركان الإسلام محافظة تامة، وألَّا يترك منها شيئًا، ويلقى الله تعالى وهو محافظ عليها؛ روى الإمام أحمد في مسنده بسند صححه الألباني، عن عمرو بن مرة الجهني قال: ((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليت الخمس، وأدَّيت زكاة مالي، وصُمت شهر رمضان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من مات على هذا، كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا، ونصب إصبعيه ما لم يعق والديه)).

 

أيها المؤمنون: ومن الأعمال الجليلة التي ينال بها المؤمن مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة الجهادُ في سبيل الله، والدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ففي صحيح مسلم عن أنس بن مالك: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش، فلما رهقوه، قال: من يردهم عنا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة؟ فتقدم رجل من الأنصار، فقاتل حتى قُتل، ثم رهقوه أيضًا، فقال: من يردهم عنا وله الجنة؟ أو هو رفيقي في الجنة، فتقدم رجل من الأنصار، فقاتل حتى قُتل، فلم يزل كذلك حتى قُتل السبعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبيه: ما أنصفنا أصحابنا))، ونحسب أن أهل الجهاد والرباط اليوم في أرض فلسطين عامة، وفي قطاع غزة خاصة، سيكون منهم رفقاء كُثرٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة؛ لجهادهم الصادق في سبيل الله، وتقديمهم أنفسَهم وأموالهم وأهليهم في سبيل الله، وابتغاء مرضاته، نسأل الله لهم النصر والتأييد، وأن يخزي أعداءهم، وأن يأخذهم أخذ عزيز مقتدر؛ إنه قوي عزيز.

 

أيها المؤمنون: إذا كانت قد فاتتكم صحبة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا، فاظفَروا بمرافقته في الجنة بعملكم في دنياكم بهذه الأعمال التي دلَّكم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكرمكم الله بمرافقة نبيه في أعالي جنان الخلد، أسأل الله تعالى أن يرزقنا حبه وحب نبيه صلى الله عليه وسلم، ومرافقته في جنة الخلد؛ إنه سميع مجيب.

الدعاء...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقفات مع شهر الله المحرم (خطبة)
  • علمتنا الهجرة (خطبة)
  • الاستبشار بنزول الأمطار (خطبة)
  • لا تظالموا.. (خطبة)
  • محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
  • صلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم (خطبة)
  • التعامل النبوي مع الفقراء والمساكين (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تخريج حديث: من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبول قائمًا فلا تصدقوه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النهي عن التسمي بسيد الناس أو بسيد ولد لآدم لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لو عرفوك لأحبوك وما سبوك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الطريق إلى معرفة ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث عائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكبر في الفطر والأضحى"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رفقاء الطاعة (بطاقة دعوية)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • رفقاء السوء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رفقاء السوء وأثرهم في الصد عن سبيل الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاستمرار في مجالسة رفقاء السوء غاية في الخطورة(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان
  • آلاف المسلمين يشاركون في إعادة افتتاح أقدم مسجد بمدينة جراداتشاتس
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/4/1447هـ - الساعة: 11:13
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب