• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نعمة البيوت والمساكن (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (39) «إن الله ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    حين تمطر السماء.. دروس من قطرات الماء! (خطبة)
    محمد الشقيري
  •  
    الفطرة السليمة من أدلة اثبات وجود الخالق جل وعلا
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    التسبيح والتحميد يملآن ما بين السماء والأرض
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    نصائح وعظات لطالب العلم
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    منهجية القاضي المسلم في التفكير: دروس من قصة نبي ...
    د. أحمد مصطفى نصير
  •  
    من يهد الله فهو المهتدي
    محمد شلبي محمد شلبي
  •  
    معادن الرجال في الأزمات (خطب)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    لهذا صدقناه! (خطبة)
    محمد موسى واصف حسين
  •  
    علة حديث: ((الحجر الأسود من الجنة))، وحديث: ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    خطبة عن فاحشة اللواط والشذوذ والمثلية
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    تحريم إنكار أسماء الله وصفاته جملة أو تفصيلا
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    فتنة نبي الله سليمان هبة الله لداود وعطاء الله له
    د. أحمد مصطفى نصير
  •  
    التذكير بالنعم المألوفة (7) الطعام والشراب
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    التاريخ من أدلة إثبات وجود الخالق جل وعلا
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

حين تمطر السماء.. دروس من قطرات الماء! (خطبة)

حين تمطر السماء.. دروس من قطرات الماء! (خطبة)
محمد الشقيري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/10/2025 ميلادي - 17/4/1447 هجري

الزيارات: 75

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حين تمطر السماء... دروس من قطرات الماء

 

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي يجيب المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء عمن رجاه، الحمد لله الذي ينزل الغيث من بعدما قنطوا، وينشر رحمته وهو الولي الحميد، نحمَده حمد الشاكرين، ونستغفره استغفار المذنبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة؛ فقال وقوله الحق: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60].

 

وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، كان إذا رأى الغيم والريح، عُرف ذلك في وجهه خوفًا ورجاءً، وإذا رأى المطر استبشر ودعا، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد عباد الله:

 

فاتقوا الله، واشكروه على نِعمه؛ فإنكم - والله - بين نعمة حاضرة تستوجب الشكر، ومحنة ماضية تستوجب الصبر.

 

أيها المؤمنون، أتذكرون؟ أتذكرون حالنا قبل أيام وليالٍ؟ أتذكرون يوم كانت الأرض قد اغبرَّت، والآبار قد غارت، والضروع قد جفت؟ أتذكرون يوم شخِصت الأبصار إلى السماء، ولهجت الألسن بالدعاء، وانكسرت القلوب بين يدي رب الأرض والسماء؟

 

كنا ندعو بقلوب وجِلة، وأكفٍّ ضارعة، وأصوات متضرعة: يا رب يا رب، أغِثنا أغثنا.

 

وفي لحظة، بين غمضة عين وانتباهتها، تغير الحال؛ تلبدت السماء بالغيوم، وهبت رياح الرحمة، ثم انهمر الماء من السماء صبًّا صبًّا، فاهتزت القلوب فرحًا، وتهلَّلت الوجوه بشرًا، وارتوت الأرض بعد عطش، ودبَّت الحياة في كل شيء بعد مَوَاتٍ:

 

هطل الغمام فأيقظت أنفاسه
أرضًا تصحر وجهها وتغيرا
وتفتحت بسَماته في روضها
حتى رأيت الجذع يزهر أخضرا

 

فسبحان من يجيب الدعاء، وسبحان من يكشف البلاء!

 

ولكن، يا عباد الله، هل نزل المطر لينتهي الدرس، أم ليبدأ درس جديد؟

 

هل كانت القصة قصةَ دعاء واستجابة فقط، أم أنها قصة ابتلاء بالقحط، ثم ابتلاء بالعطاء، ليرى الله ماذا نحن فاعلون؟

 

إنه درس ما بعد العطاء، درس الشكر والأخلاق تحت قطرات الماء، وأول درس نتعلمه، وأول واجب يلزمنا، هو أن ننسب الفضل لصاحب الفضل.

 

أن نعلم يقينًا أن هذا الماء لم ينزل بقوة سحاب، ولا بحركة نجم، ولا بطلوع كوكب، إنما نزل بأمر من إذا أراد شيئًا قال له: كن فيكون؛ نزل بأمر القائل: ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 18].

 

وإن من الشرك الخفيِّ، والجهل العظيم، أن يقول قائل بعد نزول المطر: مُطرنا بنوء كذا وكذا، هذه الكلمة التي تظنها هينةً، هي عند الله عظيمة.

 

ففي الحديث: ((لقد صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية، على إثر سماء كانت من الليلة، فلما انصرف، أقبل على الناس فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر؛ فأما من قال: مُطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مُطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب))؛ [متفق عليه].

 

فالواجب أن تلهج ألسنتنا بالشكر، فنقول: مطرنا بفضل الله ورحمته.

 

وأن تمتلئ قلوبنا بالحمد؛ اعترافًا بفضله وعطائه.

 

وأن تُترجم جوارحنا هذا الشكر، فلا نستخدم هذه النعمة في معصيته.

 

فإنكم إن شكرتم، وعدكم الكريم بالزيادة؛ فقال: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7].

 

يا عباد الله، كل قطرة ماء تنزل من السماء، هي رسالة من الله إلينا، هي آية صامتة، لكنها أبلغ من الكلام.

 

هي آية على قدرته الباهرة:

فمَن غير الله يرفع الماء من البحار، ثم يكوِّنه سحابًا، ثم يسوقه إلى أرض ميتة، ثم يُنزله قطرات لا تختلط؟

 

قال لنا متحديًا: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الواقعة: 68 - 70].

 

وهي آية على رحمته الواسعة:

يرانا وقد وصلنا إلى حالة اليأس والقنوط، فتأتي رحمته لتُبدِّد اليأس، وتزرع الأمل.

 

﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [الشورى: 28].

 

وهي آية تذكِّرنا بالبعث بعد الموت:

كما أحيا الله هذه الأرض الهامدة الميتة بهذا الماء، فكذلك سيحييكم بعد موتكم ليوم الحساب: ﴿ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الحج: 5، 6].

 

فلننظر إلى المطر بعين البصيرة، لا بعين البصر فقط.

 

تأمل في نبات الأرض وانظر
إلى آثار ما صنع المليكُ
عيون من لُجين شاخصاتٍ
بأحداق هي الذهب السبيكُ
على قضب الزبرجد شاهدات
بأن الله ليس له شريكُ

 

أيها المؤمنون:

ولأن المؤمن حياته كلها عبادة، فقد جعل لنا الإسلام أخلاقًا وآدابًا حتى في وقت نزول المطر.

 

فمن سنن الفرح والشكر:

أن تدعو فتقول كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم صيِّبًا نافعًا)).

 

وأن تكشف عن شيء من جسدك ليصيبه الماء؛ كما فعل أنس رضي الله عنه وقال: ((أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر، فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه، حتى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله، لمَ صنعت هذا؟ قال: لأنه حديث عهد بربه تعالى))؛ [رواه مسلم].

 

ومن أخلاق الصبر والحكمة:

إذا زاد المطر عن الحد، وخِيف منه الضرر، فلا يجوز سبه أو التسخط منه، بل نلجأ إلى الدعاء مرةً أخرى؛ فنقول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم حوالَينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظِّراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر)).

 

ومن أعظم الأخلاق، خُلُقُ التراحم:

فإن هذا المطر الذي هو نعمة عليك، قد يكون نقمةً على فقير تهدم سقف بيته، أو أرملة دخل السيل إلى فراشها.

فتفقدوا جيرانكم، وأعينوا إخوانكم، وليكن بعضكم رحمةً لبعضٍ، كما كان المطر رحمةً لكم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

بين فرحة السيل وفتنة الغفلة:

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، خير من شكر وذكر، وأقوى من أنذر وحذر، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان وعلى الأثر؛ أما بعد عباد الله:

 

فاتقوا الله، واعلموا أن النِّعم إذا لم تُشكر زالت، وإذا لم تُحفظ بطاعة الله، تحوَّلت إلى نقمٍ وآفات.

 

أيها المؤمنون، إن الفرح بنعمة الله أمر مشروع، والاستبشار برحمته عبادة وطاعة؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].

 

ولكن، يا عباد الله، كما أن المطر يحمل الخير، فإنه أيضًا يكشف القلوب ويُظهر الأخلاق؛ ففي ساعات الفرح بالسيل، تظهر فتن عظيمة، وتقع مخالفات أليمة، يجب أن نتناصح حولها، ونحذر منها، حتى لا نبدل نعمة الله كفرًا.

 

وأعظم هذه الفتن وأشدها خطرًا، فتنة الدماء على مجاري المياه، يا للعجب ويا للأسف، ينزل الماء من السماء رحمةً، فيحوله بعض الناس في الأرض إلى سبب للقتال والفرقة!

 

ترى الجار يقاتل جاره، والأخ يعادي أخاه، وابن العم يُشهر السلاح في وجه ابن عمه، كلٌّ يريد أن يستأثر بالسيل لمزرعته، ويحرم منه أخاه، وقد أُريقت عندنا دماء بسبب ذلك، وقُطعت أرحام، وزُرعت أحقاد ستبقى لأجيال، كل هذا من أجل ماء أنزله الله ليحيي الأرض، لا ليميت الأُخوة ويُهدر الدماء، فيا من تقاتل على السيل، اتَّقِ الله، تذكَّر أن حرمة دم أخيك المسلم أعظم عند الله من زوال الدنيا بأكملها؛ تذكر قول نبيك صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يُصِب دمًا حرامًا)).

 

فأي مزرعة هذه التي ترتوي بماء ممزوج بالدم والحرام؟ وأي ثمرة ستنبتها أرض سُقيت بالظلم والعدوان؟

 

وما من يدٍ إلا يد الله فوقها       ولا ظالمٍ إلا سيُبلى بأظلمِ

 

فالأرض أرض الله، والماء ماء الله، والرزق بيد الله، ولن تأخذ قطرةً لم تُكتب لك.

 

ومن أقبح العادات، وأعظم المنكرات، ما نراه من إطلاق للرصاص والأعيرة النارية؛ فرحًا بالمطر، فتتحول طلقة الفرح إلى رصاصة حزن، حين تعود فتقتل نفسًا بريئةً، أو تصيب طفلًا آمنًا، أو تتلف ممتلكاتٍ.

 

فأي فرح هذا الذي يُبنى على ترويع الآمنين؟ وأي شكر هذا الذي يؤذي المسلمين؟

 

وقد قال نبيكم صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لمسلم أن يروِّع مسلمًا))، فكيف بمن يقتله بطيشه وجهله؟

 

ومن المشاهد المؤلمة، أن ترى أقوامًا يجلسون الساعات الطوال على ضفاف الأودية، يتفرجون على السيل، ويُخزنون القات، يسمعون النداء: حي على الصلاة، حي على الفلاح، فلا تهتز لهم شعرة، ولا يتحرك لهم ساكن، بل والأدهى والأمَرُّ أن يقابلوا نعمة المطر بمعصية أكبر فيبالغون في شراء القات، بحجة أن الجو يحتاج تخزينةً.

 

فيا عبدَالله، أتشكر نعمة الماء بتضييع حقِّ من أنزل الماء؟ أتقابل عطاء الرحمن بعصيانه؟

تذكر قول الحق: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4، 5]، وتذكر أن أول ما تُسأل عنه يوم القيامة صلاتُك، فإن صلحت صلح سائر عملك.

 

ومن الفتن العظيمة، خروج العوائل والنساء إلى أماكن السيول، فيحصل الاختلاط المحرم، والتبرج الممقوت، وإطلاق الأبصار فيما حرم الله؛ فتتحول نزهة الشكر إلى مجلس للمعصية، ويبارَز الله بالذنوب في نفس المكان الذي تجلَّت فيه رحمته.

 

وأما الفتنة الأخرى، فهي التهور وإلقاء النفس في التهلكة؛ فترى الشباب يتسابقون للسباحة في مياه هائجة، لا يعلمون ما تحتها من حفر عميقة حفرتها الشيولات، أو جرفٍ قاتل، فيُعرضون أنفسهم للهلاك؛ وقد قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195].

 

فالفرح بالمطر لا يعني نسيان الحذر، وشكر النعمة لا يكون بتعريض الأنفس والأهل للخطر.

 

ومنها فتنة ترك الأخذ بالأسباب؛ فالإيمان بقدر الله لا ينافي الحذر والاحتياط، فمن الغفلة أن يبني الإنسان بيته في مجرى السيل ثم يشكو الغرق، ومن التفريط أن يرى الإنسان سيلًا جارفًا فيحاول عبوره بسيارته ثم يقول: هذا قدر الله، نعم، هو قدر الله، ولكن الله أمرك أن تأخذ بأسباب النجاة، فلا تُلقِ بيدك إلى التهلكة بحجة التوكل، فهذا تواكل وجهل.

 

فاحفظوا أنفسكم وممتلكاتكم، وخذوا بالأسباب، ثم توكلوا على رب الأرباب.

 

وأخيرًا يا عباد الله، يا أمة الإيمان، لا يغرنكم فرحكم بهذا الغيث القليل، فتنسوا حاجتكم وفقركم الأصيل، نعم، نحمَد الله على ما أنزل، ونشكره على ما تفضَّل، فالقليل منه خير وبركة، ولكن، والله إن بلادنا لا تزال تشكو العطش، وآبارَنا لا تزال تئن من الجفاف، ومزارعنا لا تزال تحتاج إلى المزيد، فلا يكن فرحنا بهذه القطرات سببًا في فتور الدعاء، ولا يكن استبشارنا بهذا السيل سببًا في توقف الرجاء، إن الله يحب من عبده أن يشكره على النعمة، وأن يسأله المزيد منها؛ فارفعوا أكف الضراعة من جديد، وألِحُّوا على ربكم في الدعاء، قولوا كما قال أهل الإيمان: يا رب، أغثتَنا مرةً، فأغثنا مرةً بعد مرة يا رب، أنزلت علينا غيثًا قليلًا، فنسألك غيثًا مغيثًا، هنيئًا مريئًا، سحًّا غدقًا، عامًّا طبقًا، مجللًا دائمًا إلى يوم الدين، لا تكفوا عن الدعاء، ولا تملوا من الطلب، فإنكم تسألون كريمًا، وتدعُون رحيمًا، خزائنه ملأى لا تغيضها نفقة، سحَّاء الليل والنهار.

 

الدعاء...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • محطات في رحلة البرازيل (31) - قطرات الندى أم قطرات العرق ؟
  • قطرات من "ماء الحياة"
  • عندما تمطر يزهر الورد

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون (تصميم)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أقنعة الزيف.. حين يصبح الخداع طبعا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نعمة الماء من السماء ضرورية للفقراء والأغنياء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب منع وجلب المطر من السماء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قول الإمام: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • قوس قزح ومملكة الألوان (قصة للأطفال)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الهجرة النبوية: دروس وعبر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دروس البر من قصة جريج (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/4/1447هـ - الساعة: 12:50
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب