• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأدلة العقلية على وجود الخالق جل وعلا
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    الإيمان بالرسل وثمراته (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    فتنة المال وأسباب الكسب الحرام (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    الحلال بركة والحرام هلكة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    استعجال العذاب
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    صلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    النكاح أركانه وشروطه (خطبة)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تحريم قول ما شاء الله وشئت أو ما شاء الله وشاء ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    بيع التلجئة
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    خلاف الفقهاء في حكم الاستنجاء وهل يصح فعله بعد ...
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    التزهيد في الاقتداء بأفعال النبي صلى الله عليه ...
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    الإعجاز العلمي في القرآن بين الإفراط والتفريط
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الأحكام الفقهية والقضائية للذكاء الصناعي (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    لطائف دلالات القرآن في خواتم سرد القصص
    بشير شعيب
  •  
    فضل التعوذ بكلمات الله التامات
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حقوق الوطن (1)
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / المعاملات / في البيوع واكتساب المال
علامة باركود

فتنة المال وأسباب الكسب الحرام (خطبة)

فتنة المال وأسباب الكسب الحرام (خطبة)
الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/10/2025 ميلادي - 10/4/1447 هجري

الزيارات: 300

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فتنة المال وأسباب الكسب الحرام

 

إن الحمد لله، نحمَده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضل له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين وقيُّوم السماوات والأرَضين، أرسل رسله حُجة على العالمين؛ ليحيا مَن حيَّ عن بينة، ويَهلك من هلك عن بيِّنة، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله البشير النذير والسراج المنير، ترك أُمته على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلوات ربي وسلامه عليه ما تعاقَب الليل والنهار، وصلوات ربي وسلامه عليه ما ذكره الذاكرون الأبرار، وصلوات ربي وسلامه عليه ما غفل عن ذكره الغافلون، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثرَه، واستنَّ بسنته إلى يوم الدين؛ أما بعد:

عباد الله، اتقوا الله وأطيعوه، وابتدروا أمره ولا تعصوه، واعلموا أن خير دنياكم وآخراكم بتقوى الله تبارك وتعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3]، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [الأنفال: 29]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

عباد الله، إن مِن سنن الله جل جلاله التي لا تتخلف امتحان عباده واختبارهم؛ ليَميز الله الخبيث من الطيب، والمؤمن من الكافر، والبَر من الفاجر؛ قال الله جل وعلا بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 1 - 3].

 

فيفوز ويُفلح مَن تغلب على شهوته، وامتثل أمر ربه، فعمِل بما علِم، وألْجَم نفسه بلجام التقوى التي هي طريق كل خير وفلاح للأفراد والجماعات، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

وأما فلاح المجتمعات، فيُخبرك ربُّك جل وعلا في كتابه: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].

 

والله جل جلاله يَختبر من شاء بما شاء، فقد يكون البلاء بالخير، وقد يكون بالشر، وقد يكون بالفقر والغنى، وقد يكون بالصحة أو المرض، وقد يكون البلاء بالولد والزوجة؛ قال ربي جل جلاله: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء:35].

 

ما أعظم هذه الآية! وما أشد الذكرى لمن كان له قلب! فالله يخبر عباده بالبلاء، ثم يذكرهم بالمرجع إليه ويوم القدوم عليه، كيف تصفو حياة مَن خالف أمر الله جل وعلا! فارتكَب النهي وهو يتلو قول الله: ﴿ وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة:281].

 

فاستعدوا للاختبار، واستمسكوا بهدي النبي المختار عليه الصلاة والسلام، تصفو حياتكم، وتستقيم أموركم، وتصلح أحوالكم، ويبارك لكم في أعمالكم وأموالكم.

 

عباد الله، إن فتنة المال من أعظم الفتن التي يُفتن بها الناس، فبالمال تذل أعناق الرجال، وتوطئ رقابهم، وربما صرفتهم عن مبادئهم وأخلاقهم، فالمال عزٌّ لأصحابه؛ تُشترى به المواقف، ويكثر به الأتباع، وتوطئ بها الأعقاب، وتنال به جميلات النساء، فبالمال تستقر أحوال الأفراد والأسر بل حتى الدول، ولذا كان أكثر سعي البشر وعملهم وجهدهم تحصيل المال، ففي جمع المال أنفقوا أكثرَ أوقاتهم وأعمالهم، وأكثر ما يشغل تفكيرهم، والله جل جلاله قال: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [التغابن:15].

 

عباد الله، لقد كان من سعة شريعتنا السمحة بفضل لله جل جلاله أن أباح أمورًا كثيرة من التكسب، بل الأصل في المعاملات المالية الإباحة، لا يُحرَّم منها إلا ما ورد الدليل بتحريمه، والله جل جلاله أمر بعمارة الأرض واستخلافها، بل مأجور من عمل بالتجارة، واستزاد لغرض صحيح؛ كإعفاف نفسه ومن تحته عن السؤال، وأداء حق الله عليه من الزكاة والتوسع في دائرة الإنفاق والاستثمار ليوم الدين، ورسولنا عليه الصلاة والسلام يقول لعمرو بن العاص رضي الله عنه "نعم المال الصالح للرجل الصالح".

 

فالتكسب لا يذم لأجل التكسب، ولكن يذم من أشغله التكسب عن طاعة الله وذكره، ألم ترَ ربك يثني على رجال قال في أوصافهم: ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [النور: 37، 38].

 

عبد الله، لزام على كل مسلم أن يتعلَّم أوجه الكسب الحلال من الحرام؛ ليحتاط لنفسه ويطهر مصدر رزقه، مستحضرًا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع"، وعد محقق لابد أن يكون "لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال؛ عن شبابه فيمَ أبلاه، وعن عمره فيم أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه".

 

واعلَم وفَّقني الله وإياك لكل خير أن أسباب الكسب الحرام تعود لثلاثة أسباب، وأخطرها وأعظمها الربا؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه"، وهو متوعد بحرب من الله ورسوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 278، 279].

 

والربا حكمه معلوم في الشريعة مجمع في الجملة على أحكامه، فلا يزينن لكم أكل الربا بمسميات براقة، فأهل الباطل إذا أرادوا تمرير الحق على الناس أسموه بغير اسمه، فتنبهوا.

 

ومن أسباب الكسب الحرام الغررُ، والغرر هو البيع المجهول العاقبة؛ كالجهالة في المبيع في وصفه أو مقداره، أو جنسه، أو الجهالة في الثمن؛ في مقداره أو وصفه، أو وقت حلول أجله، إن كان البيع بالآجل، أو اللعب بالقمار والميسر، واتخاذها مهنة وصنعة، ولربما أسْموها بغير اسمها تمريرًا للباطل على الناس، فتنبهوا؛ كما سموا اليانصيب الخيري أو المقامرات المسماة بالجوائز والتحفيزات، وكم من معاملات محرَّمة يلعب أولادنا بها في الجوالات، فتنبَّهوا.

 

والعاقل يرجع الشيء إلى أصله، ولا يتجرأ على أكل الحرام، فهو سبب لهلاكه، ولنسأل أهل العلم الثقات عما أشكَل، فهو أمر الله جل جلاله ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنبياء:7].

 

والسؤال يكون قبل الوقوع في العمل لا بعده، والأدلة على تحريم ما ذكرنا حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصاة وبيع الغرر، وقد حرِّمت أنواعُ المقامرات بقول الله جل جلاله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 90، 91].

 

ومن أسباب الكسب الحرام الظلم، وهو مُحرم؛ كما عند أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى قال: "يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم حرامًا؛ فلا تظالَموا".

 

وللظلم صورٌ كثيرة متشعبة؛ منها: الغش وكتم عيوب السلعة، والتدليس في البيع لإظهار السلعة بأفضل مما هي عليه، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن غشَّنا فليس منا".

 

ومن الظلم: بيعُ النجش والاحتكار، وسرقة الحقوق الفكرية والمعنوية، وما يندرج تحت ذلك، ومن الظلم العظيم التعدي على المال العام، فمن تعدَّى عليه وأنفقه في غير وجه حقٍّ، فقد سرق الأمة وخانها وظلمها، وأنت مسؤول عن تصرفاتك ومناصحة مَن تَعرِف، والله سائل كل أحد عن عمله.

 

عباد الله، لقد تعاضدت الأدلة على حُرمة المال العام وخطورة التعدي عليه، ومن ذلك ما روته خولة الأنصارية رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن رجال يتخوَّضون في مال الله بغير حقٍّ، فلهم النار يوم القيامة"؛ رواه البخاري.

 

يقول ابن حجر: "أي: يتصرفون في مال المسلمين بالباطل"، ورجل قال عليه الصلاة والسلام أنه في النار، فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة غلَّها".

 

ومن صور التعدي على المال العام: عدم تأدية الواجبات الوظيفية وخيانة الأمة، وكذلك التعدي والتحايل على نهب المال العام، والتعدي عليه، فهذا يستغل سلطات منصبه لمنفعته الشخصية، ويستخدم مرافق العمل من سيارات وأدوات لمصلحته الشخصية، ويعطِّل مصالح المسلمين حتى يأخذ منهم الرِّشوة، ويُسميها بغير اسمها؛ كقوله هدية أو عمولة، أو غيرها من المسميات، يعطل الناس والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم مَن وَلِيَ مِن أمر أمتي شيئًا فرَفق بهم، فاللهم ارفق به، ومَن وَلِيَ من أمر أمتي شيئًا فشقَّ عليهم، فاللهم اشقُق عليه".

 

فإياك أن تَحُلَّ عليك عقوبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوته، فيشق عليك، وأعظم منه أن تعطِّل مصالح الناس؛ حتى تأخذ مالًا حرامًا؛ لعن الله الراشي والمرتشي؛ ويسميها بغير اسمها؛ كقوله هدية أو عمولة، وإلى كل من يتعذر بأعذار واهية، مستهينًا بأمر الله جل وعلا، اسمع لهذا الحديث العظيم: "اسْتَعْمَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَجُلًا مِنَ الأسْدِ، يُقَالُ له: ابنُ اللُّتْبِيَّةِ، قالَ عَمْرٌو: وَابنُ أَبِي عُمَرَ، علَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قالَ: هذا لَكُمْ، وَهذا أُهْدِيَ لِي، قالَ: فَقَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عليه، وَقالَ: ما بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ، فيَقولُ: هذا لَكُمْ، وَهذا أُهْدِيَ لِي، أَفلا قَعَدَ في بَيْتِ أَبِيهِ، أَوْ في بَيْتِ أُمِّهِ، حتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لا يَنَالُ أَحَدٌ مِنكُم منها شيئًا إلَّا جَاءَ به يَومَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ علَى عُنُقِهِ بَعِيرٌ له رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إبْطَيْهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ، هلْ بَلَّغْتُ؟ مَرَّتَيْنِ.

 

"فاللهم أغننا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك، وأغننا بفضلك عمن أغنيته عنا".

 

وقال عليه الصلاة والسلام: "من استعملناه على عمل فرزَقناه رزقًا، فما أخذ بعد ذلك فهو غلول، وكما يجب تحري الحلال في المكسب، يجب تحري الحلال في الإنفاق؛ قال عليه الصلاة والسلام: "إن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه"، فكل شيء حرَّمته الشريعة فشراؤه وبيعه حرام بنص كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإياكم أن تخوضوا في الحرام كسبًا وإنفاقًا.

 

ومما يجب أن يغرس في نفوسنا جميعًا، وفي نفوس أبنائنا تعظيمُ أمر الله، فإذا أعطيت ولدك مالًا، فقل له: لا أسمح لك ولا أبيحك أن تُنفقه في غير مرضاة الله تبارك وتعالى، والله حسيبك ليتربى الناس على مراقبة الله جل وعلا.

 

وليعلم كلُّ واحد منا أننا أمام الله موقوفون، وعن أعمالنا وأرزاقنا مسؤولون، فأعدوا للسؤال جوابًا وللجواب صوابًا، ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

 

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه وتوبوا إليه.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومَن اقتفى أثره إلى يوم الدين؛ أما بعد:

نبوءة تنبأ بها النبي صلى الله عليه وسلم، ها نحن نراها بين أعيننا: يأتي على الناس زمان لا يبالون أمن الحرام أكلوا أم من الحلال.


إن أكل المال الحرام سببٌ لرد الدعاء، وهو مَجلبة للبلاء، وربما كان سببًا في العقوبة، فتعفَّفوا عن الحرام، واعلموا أن من طرائق أهل السوء تمريرَ الباطل على الناس، وتغيير المسميات والمصطلحات الشريعة إلى عبارات عصرية لتمريرها، ويجب على المسلم العاقل رد الأمور إلى أصلها؛ ليتبيَّن حكمها، فالرِّشوة حرام وإن سُميت هدية، وإن سُميت عمولة، والقمار حرام وإن سُمي يا نصيب خيري، وإن سمي جوائزَ، والخمرة حرام وإن سميت مشروبًا روحيًّا، والربا حرام وإن سُميت فائدةً.

 

اللهم أرنا الحق حقًّا، وارزقنا اتِّباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.

 

اللهم اجعلنا معظِّمين لأمرك مؤتمرين به، واجعلنا معظِّمين لِما نَهيت عنه منتهين عنه، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

 

اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تُعز الإسلام والمسلمين، وأن تُذل الشرك والمشركين، وأن تدمِّر أعداء الدين، وأن تنصُر من نصر الدين، وأن تَخذل من خذله، وأن توالي من والاه بقوتك يا جبار السماوات والأرض.

 

اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلِح آمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفِّق ولاة أمرنا لما تحب وترضى، وخُذ بنواصيهم للبر والتقوى.

 

اللهم مَن أرادنا وأراد ديننا وأمننا وشبابنا ونساءَنا بسوءٍ وفتنة، اللهم اجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره دماره يا سميع الدعاء، اللهم كن لإخواننا المرابطين على الحدود، وجازهم خيرَ الجزاء، اللهم اقبَل من مات منهم، واخلفهم في أهليهم يا رب العالمين.

 

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، واجمع كلمتهم على ما يُرضيك يا رب العالمين، اللهم بواسع رحمتك وجودك وإحسانك يا ذ الجلال والإكرام، اجعل اجتماعنا هذا اجتماعًا مرحومًا، وتفرقنا من بعده تفرقًا معصومًا.

 

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، وجازهم عنا خير الجزاء، اللهم من كان منهم حيًّا، فأطِل عمره وأصلح عمله، وارزقنا برَّه ورضاه، ومن سبق للآخرة فارحَمه رحمة من عندك تُغنيهم عن رحمة من سواك.

 

اللهم ارحم المسلمين والمسلمات، اللهم اغفر لأموات المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة، اللهم جازهم بالحسنات إحسانًا وبالسيئات عفوًا وغفرانًا يا رب العالمين.

 

اللهم احفَظنا بحفظك، واكلأنا برعايتك، ووفِّقنا لهداك، واجعَل عملنا في رضاك.

 

اللهم أصلحنا وأصلِح ذريتنا وأزواجنا وإخواننا وأخواتنا، ومَن لهم حق علينا يا رب العالمين.

 

اللهم ثبِّتنا على قولك الثابت في الحياة الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين، اللهم كنْ لإخواننا المسلمين في كل مكان، اللهم كنْ لهم بالشام وكل مكان يا رب العالمين.

 

اللهم إنا نسألك بأنك أنت الصمد، تَصمد إليك الخلائقُ في حوائجها، لكل واحد منا حاجة لا يعلمها إلا أنت، اللهم بواسع جودك ورحمتك وعظيم عطائك، اقضِ لكل واحد منا حاجته يا أرحم الراحمين.

 

اللهم اغفر لنا في جمعتنا هذه أجمعين يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، وجازهم عنا خيرَ ما جزيتَ والد عن والده، اللهم كان منهم حيًّا فأطِل عمره وأصلح عمله، وارزقنا برَّه ورضاه، ومن كان منهم ميتًا، فارحمه برحمتك التي وسعت كل شيء، وجميع أموات المسلمين يا أرحم الراحمين.

 

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182]، وصلِّ الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فتنة المال
  • فتنة المال تؤدي إلى الشرك
  • فتنة المال
  • فتنة المال وطلب الدنيا بعمل الآخرة
  • التحذير من فتنة المال (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • فتنة تطاول الزمن.. قوم نوح عليه السلام نموذج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اتقوا فتنة التبرج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النميمة مفتاح الفتن وباب للجريمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة الدجال... العبر والوقاية (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلاقات بين الابتلاء والصبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • أعمال يسيرة وراءها قلب سليم ونية صالحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بناء الشخصية الإسلامية في زمن الفتن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل زيارة المسجد الحرام والمسجد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/4/1447هـ - الساعة: 13:17
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب