• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأرض شاهدة فماذا ستقول عنك يوم القيامة؟! (خطبة)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    الإسلام يدعو إلى الرفق
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير: (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    حسن الظن بالله من أخلاق المؤمنين
    د. نبيل جلهوم
  •  
    روضة المسبحين لله رب العالمين (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (30) «إن الله ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    خطبة: شكر النعم
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    فضل ذكر الله تعالى بعد صلاة الصبح والمغرب
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطبة: فتنة الدجال... العبر والوقاية (2)
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    شروط الصلاة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    لا بد من اللازم!
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (29) «أخبرني ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    يا أهل بدر اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ما يستثنى من الآنية وثياب الكفار والميتة من كتاب ...
    مشعل بن عبدالرحمن الشارخ
  •  
    الحديث الخامس: خطورة الرياء
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    بناء الشخصية الإسلامية في زمن الفتن (خطبة)
    د. مراد باخريصة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الذكر والدعاء
علامة باركود

روضة المسبحين لله رب العالمين (خطبة)

روضة المسبحين لله رب العالمين (خطبة)
د. عبدالرزاق السيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/9/2025 ميلادي - 19/3/1447 هجري

الزيارات: 802

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

روضة المُسبِّحين لله رب العالمين

 

الحمد لله على إحسانه، تسبِّح له كل مخلوقاته في أرضه وسمائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ما وجد مؤمن نعمةً أعظم من ذكره وتسبيحه، وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله، أوسع الناس علمًا، وأكثرهم له تسبيحًا وذكرًا، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:

أهمية الحديث عن التسبيح:

أيها المسلمون: عبادة عظيمة، رُتِّبت عليها الأجور الكثيرة والحسنات الكبيرة، ترفع العبد عند الله الدرجات، وتحط عنه الخطايا والسيئات، إنها من العبادات التي تنشرح بها الصدور، وتطمئن لها القلوب، وتزول بها الكروب، هي روضة غنَّاء، وبلسم شافٍ، هي زاد الآخرة، وغِراس الجنة، وأفضل الكلام، وأحبُّه إلى الرحمن، وبها يثقل الميزان، عبادة يشارك فيها كل مخلوق، بل يشارك الكون كله فيها؛ إنها عبادة التسبيح، والتسبيح يعني تنزيه الله عن كل نقص، ففيه كمال التعظيم والتوقير له سبحانه؛ لذلك اختاره الله عز وجل ليكون وسيلةَ كلِّ المخلوقات لعبادته سبحانه، وهو من أيسر العبادات، ليس فيها مشقة، والأسرع فعالية وقوة لقيادة النفس بسلاسة تمكِّنها من امتصاص الصدمات المتعددة الاتجاهات، في هذه الحياة التي تورَّمت بالمادية والأنانية، وتمحور فيها الكائن البشري حول كومة من الذاتية المزعجة المثيرة للشفقة وللقلق معًا.

 

القرآن والسنة يحدثاننا عن التسبيح:

أيها المسلمون: لقد ورد التسبيح في القرآن الكريم في مواضعَ كثيرة، وفي سُنة النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء تسبيح الله تعالى في القرآن في إثبات خلقه سبحانه لكل شيء؛ قال الله تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يس: 36]، وجاء تسبيح الله تعالى في ذكر حكمة الله تعالى في أفعاله، وتنزيهه سبحانه عن العبث: ﴿ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ ﴾ [آل عمران: 191]، وجاء تسبيح الله تعالى في إثبات قدرة الله تعالى ونفي العجز عنه سبحانه: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67]، ﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [يس: 83]، وجاء التسبيح لذكر وحدانية الله تعالى، وتنزيهه عن افتراءات المشركين؛ فاقتضى الحال تنزيهه والثناء عليه: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ ﴾ [البقرة: 116]، ﴿ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ﴾ [النساء: 171]، ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الأنعام: 100]، وجاء التسبيح يذكرنا بتسبيح الكون كله، فما من شيء في الكون إلا وهو يسبِّح لله ويحمده مقرًّا بكماله، خاضعًا لسلطانه؛ قال سبحانه: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44]، وتسبيح الله تعالى في ابتداء اليوم والليلة؛ قال الله تعالى: ﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ﴾ [الروم: 17]، والملائكة عليهم السلام ﴿ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ﴾ [الأنبياء: 20]، وقال الله تعالى: ﴿ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ﴾ [فصلت: 38]، وفي السنة النبوية حثَّ النبي عليه الصلاة والسلام الأمة على التسبيح؛ فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيعجز أحدكم، أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟ يسبح الله مائة تسبيحة، فيكتب الله له بها ألف حسنة، ويحط عنه بها ألف خطيئة))؛ [صحيح الجامع].

 

التسبيح عبودية مشتركة:

أيها المسلمون: التسبيح هو عبادة من أجَلِّ العبادات، وقد كان صفوة الخلق من الأنبياء والمرسلين يلهجون به ويرددونه، لما أرسل الله تعالى موسى عليه السلام إلى فرعون، في أصعب وأشق مهمة دعوية، كان مما تسلح وتجهز به هو كثرة التسبيح؛ كما قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ﴾ [طه: 25 - 34]، وأمر الله تعالى به زكريا عليه السلام؛ فقال تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ﴾ [آل عمران: 41]، وهذا داود عليه السلام كانت الجبال والطيور تسمع تسبيحه، فتردد معه: ﴿ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 18، 19]، وهذا محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الذاكرين، وأفضل من تقرب إلى الله تعالى بالتنزيه والتسبيح، لما ضاق صدره من كيد مشركي قريش، كان الأمر بالتسبيح: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 97 - 99]، وقال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ﴾ [طه: 130]، وقال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ﴾ [غافر: 55]، فكان صلى الله عليه وسلم كثير التسبيح، ممتثلًا لأمر ربه سبحانه وتعالى، ففي صلاته كان يفتتحها بالتسبيح، وإذا ركع أو سجد سبح الله، وإذا فرغ سبح في دبر الصلوات، يعقِد التسبيح على أنامله.

 

ولعِظم التسبيح كان من أعظم عبادة للملائكة الأطهار الأبرار، قال تعالى: ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشورى: 5].

 

وذِكر أهل الجنة التسبيح، جعلنا الله وإياكم من أهلها؛ قال تعالى: ﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: 10]، والتسبيح أفضل الكلام وأحبه إلى الله تعالى، فعن أبي ذر رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل: أي الكلام أفضل؟ قال: ألَا أخبرك بأحب الكلام إلى الله؟ قلت: يا رسول الله، أخبرني بأحب الكلام إلى الله، فقال: إن أحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده))؛ [رواه مسلم]، وهو خير من الدنيا وكل متاعها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس))؛ [رواه مسلم]، وأهل التسبيح هم أهل الإيمان؛ قال الله تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور: 36، 37]، وما نزل كرب بإنسان إلا كان الفرج منه بالتسبيح؛ فقد قال الله تعالى في يونس عليه السلام: ﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [الصافات: 143، 144]، وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدعُ بها رجل مسلم في شيء قط، إلا استجاب الله له))؛ [صحيح الترمذي].

 

وإذا أردت ألَّا يسبقك أحد يوم القيامة بعمل أفضل منك، فعليك بكثرة التسبيح؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله العظيم وبحمده، مائة مرة، لم يأتِ أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به، إلا أحد قال مثل ذلك، وزاد عليه))؛ [مسلم]، إن التسبيح غراس الجنة، ووصية نبي الله إبراهيم عليه السلام لهذه الأمة المباركة؛ فعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقِيتُ إبراهيم ليلة أُسري بي فقال: يا محمدُ، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قِيعان، وأن غِراسها: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر))؛ [صحيح الترمذي].

 

الغفلة عن التسبيح:

أيها المسلمون: إن من أعظم الحسرات أن يعيش الإنسان في غفلة عن التسبيح والذكر، وقد حذر الله نبيه عليه الصلاة والسلام من طاعة أصحاب الغفلة؛ فقال الله تعالى: ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28]؛ لأن الغفلة سبب كبير لضياع المصالح الدينية والدنيوية، وقد قال أهل اللغة في معنى الغفلة: أنها فقد الشعور بما حقه أن يشعر به، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغفلة في مواضعَ؛ منها أثناء الدعاء؛ فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((القلوب أوعية وبعضها من بعض، فإذا سألتم الله عز وجل أيها الناس، فسَلُوه وأنتم موقنون بالإجابة؛ فإن الله لا يستجيب لعبدٍ دعاه عن ظهر قلبٍ غافل))؛ [أحمد، وحسَّنه الألباني].

 

وحذر النبي عليه الصلاة والسلام النساء في موعظة من الغفلة عن التسبيح؛ عن يسيرة رضي الله عنها قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس، واعقدن بالأنامل، فإنهن مسؤولات مستنطقات، ولا تغفُلن فتنسين الرحمة))؛ [رواه الترمذي، وحسنه الألباني].

 

والمؤمن الحق حين يتأمل مثل هذه المنزلة للتسبيح يدركه الألم على فوات كثير من لحظات العمر عبثًا دون استثمارها بالتسبيح، وأي شيء أجمل من قضاء دقائق الانتظار لتحصيل بعض مهامِّ الدنيا، واستغلال أوقات ازدحام السير في الطرقات، واستثمار لحظات الصمت، في تسبيح الله سبحانه.

 

وكم نحن مغبونون في أيامٍ وليالٍ وسنين ذهبت سدًى من غير أن نعمرها بالتسبيح، تلك الأوقات من أعمارنا أُعطيت لنا ليختبرنا الله، ماذا نحن عاملون فيها، وقد مضت الآن، ولن تعود أبدًا؟! إنها ذهبت مسرعة لاهثة لتعلن في كل دقيقة كمية من أعمارنا سُحبت منا، فهل سجلنا في تلك الأوقات التي انسلخت من أعمارنا تسبيحًا لله، أو كانت مستغرقة في عمل صالح، أم أمضيناها في الثرثرة وفضول الكلام، وفضول السماع، وفضول مشاهدة الفضائيات و(اليوتيوبات)، وفضول تصفح وسائل (التواصل) الاجتماعي؟ وهل سنضيع ما بقيَ من أعمارنا من غير أن نعمر تلك الأعمار بالتسبيح، وبالأعمال التي تقربنا إلى الله سبحانه، وتُدخل على صدورنا الرضا والسرور؟ فالله سبُّوح قدوس، حميد عظيم، يحب من يعظمه ويحمَده، ويسبحه ويقدِّسه، جمع المحامدَ والمحاسن كلها وهو أهلٌ لها، وأرى خلقه آياته، لينزِّهوه عن كل عيب ونقص، ويحمدوه على الكمال، ومن تنزيهه الإكثار من تسبيحه: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67].

 

كيف نعيش مع التسبيح؟

أيها المسلمون: إن عبادة التسبيح من أجَل العبادات عند الله تعالى، وقد خصَّ الله تعالى هذه العبادة بفضل عظيم، وثواب كبير، وثمرات وأجور عظيمة لمن حافظ وواظب عليها، ورغَّب في الخير العظيم:

1- فإذا أردت أن تُفتح لك كنوز من الحسنات، فعليك بكثرة التسبيح؛ عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خصلتان لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة، وهما يسير، ومن يعمل بهما قليل: يسبح الله في دبر كل صلاة عشرًا، ويكبِّر عشرًا، ويحمَد عشرًا، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده، فذلك خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان، وإذا أوى إلى فراشه، سبح وحمد وكبر مائةً، فتلك مائة باللسان، وألف في الميزان، فأيكم يعمل في اليوم ألفين وخمسمائة سيئة؟ قالوا: وكيف لا يحصيهما؟ قال: يأتي أحدكم الشيطانُ وهو في الصلاة فيقول: اذكر كذا وكذا، حتى ينفك العبد لا يعقل، ويأتيه وهو في مضجعه، فلا يزال ينوِّمه حتى ينام))؛ [صحيح ابن ماجه].

 

2- وإذا أردت أن تُغفر لك الذنوب والسيئات، فعليك بهذه الكلمات؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال: سبحان الله وبحمده، مائة مرة، غُفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زَبَدِ البحر))؛ [متفق عليه].

 

3- وإذا أردت أن تعوِّض النقص والعجز والتقصير في أبواب الخير، فعليك بكثرة التسبيح؛ فعن أبي ذر رضي الله عنه: ((أن ناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، قال: أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقةً، وكل تكبيرة صدقةً، وكل تحميدة صدقةً، وكل تهليلة صدقةً، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بُضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر))؛ [الطبراني، وصححه الألباني].

 

4- وأفضل أوقات التسبيح:

1- النهار وأطراف النهار.

 

2- الصبح.

 

3- الغدو.

 

4- البكرة.

 

5- قبل طلوع الشمس.

 

6- الإشراق.

 

7- الظهر.

 

8- العشي.

 

9- الأصيل.

 

10- قبل غروب الشمس.

 

11 -المساء.

 

12- الليل وآناء الليل.

 

13- إدبار النجوم.

 

14- حين القيام.

 

15- أدبار السجود.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كن من المسبحين

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير آية: (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرب جل جلاله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إظهار التفسير الصواب وتبرئة الحواريين من الشك في قدرة ربهم في قولهم: {هل يستطيع ربك....}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نعم الرب ربك يا إبراهيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم..}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفة رسول رب الأرباب عند أهل الكتاب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فإذا قيل لك: من ربك؟ فقل: ربي الله(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/3/1447هـ - الساعة: 11:52
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب