• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    البر بالوالدين وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان ...
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الأرض شاهدة فماذا ستقول عنك يوم القيامة؟! (خطبة)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    الإسلام يدعو إلى الرفق
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير: (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    حسن الظن بالله من أخلاق المؤمنين
    د. نبيل جلهوم
  •  
    روضة المسبحين لله رب العالمين (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (30) «إن الله ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    خطبة: شكر النعم
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    فضل ذكر الله تعالى بعد صلاة الصبح والمغرب
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطبة: فتنة الدجال... العبر والوقاية (2)
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    شروط الصلاة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    لا بد من اللازم!
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (29) «أخبرني ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    يا أهل بدر اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ما يستثنى من الآنية وثياب الكفار والميتة من كتاب ...
    مشعل بن عبدالرحمن الشارخ
  •  
    الحديث الخامس: خطورة الرياء
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خطبة: شكر النعم

خطبة: شكر النعم
د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/9/2025 ميلادي - 19/3/1447 هجري

الزيارات: 1093

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شكر النعم

 

الخطبة الأولى

الحمدُ لله، الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا كما يُحب ربنا ويرضى، والشكر له على ما أَولى مِن نعمٍ وأسدَى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة نَستجلب بها نِعمَه، ونستدفع بها نِقمَه، وندَّخرها عنده، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، صفيه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله   وأصحابه، نجوم الهدى، ومن سار على نهجهم واقتفى إلى يوم الدين؛ أما بعد:

فيا أيها الناس، اتقوا الله، وتذكَّروا نِعَمه عليكم، واشكروه عليها بالعمل الصالح، فإن من شكر زاده الله توفيقًا ونعمة، ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾[إبراهيم: 7].

 

عباد الله، نعمُ الله كثيرة لا تُحصى، فهو الذي خلَقنا وأوجَدنا في هذه الحياة من العدم، وهو الذي هدانا للإيمان، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، أنعم علينا بالصحة والأمن، ورزَقنا من الطيبات، وقد حُرِمَ منها كثيرٌ من الناس، وفضَّلنا على كثيرٍ مِن خلْقه تفضيلًا،﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾[الإسراء: 70].

 

أيها المسلمون، إن النعمَ إذا شُكِرَت زادت واستقرَّت، وإذا كُفِرَت وجُحِدَت زالت، ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112].

 

أيها المسلمون، لقد أجزلَ الله على عباده مِن نعمه العظيمة، وأغدَق عليهم من آلائه الجسيمة، يَمينُه تعالى مَلأَى لا تَغيضها نفقةٌ، سحَّاءُ الليل والنهار، يُقَسِّم الأرزاقَ ويُغدِق العطايا، ويرزق من يشاء بغير حساب، يبتلي عبادَه بالنعم كما يبتليهم بالمصائب، ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35].

 

والله منعمٌ بهذا كلِّه، وفتنةُ السَّرَّاء أعظمُ مِن فتنة الضراء، وصاحبها يحتاج إلى صبر   وشكر، والفقر والغنى مطيَّتا الابتلاء والافتتان، والصبرُ والشكرُ لازمان للعبد في أمر الربِّ ونَهيه وقضائهِ وقدرِه، والتقوى مبنيةٌ عليهما، وقد قرَن سبحانه الشكرَ بالإيمان به، فقال: ﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾ [النساء: 147]، وأخبر سبحانه أن الشكرَ هو الغايةُ من خلقِهِ وأمرِه ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 78]، وجعل سبحانه رضاهُ في شكرِه ﴿ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾ [الزمر: 7].

 

واللهُ عز وجل خلقَ الليلَ والنهارَ للتفكرِ والشكرِ ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾ [الفرقان: 62].

 

وانقسم عبادُه إلى شكور له وكفور به: ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 3]، وأخبر سبحانه أنه إنما يَعبُده من شكره، فمَن لم يشكُره لم يكن من أهل عبادته: ﴿ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [البقرة: 172].

 

وإن أولَ ما يجبُ على الإنسانِ فعلُهُ إذا رأى نعمة الله أن يَنسِبَها إلى ربه، فيعتقدَ موقنًا أن اللهَ هو المنعمُ المتفضلُ بها، وفي الصحيحين عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أنه قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرَف أقبل على الناس، فقال: ((هل تدرون ماذا قال ربكم؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((قال: أصبَح مِن عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ، فأما من قال: مُطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مُطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)).


وقد أثنى الله على أوَّل رسولٍ بعثه إلى أهل الأرض بالشكرِ، فقال: ﴿ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورً ﴾ [الإسراء: 3]، وأمر عبدَه موسى أن يتلقَّى ما آتاه من النبوةِ والرسالةِ والتكليمِ بالشكرِ، فقال عز وجل: ﴿ قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 144]، وأثنى على خليلهِِِ إبراهيمَ بشكرِ نِعَمِهِ: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [النحل: 120]، وأمر الله به داود فقال: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ﴾ [سبأ: 13].

 

ودعا سليمان عليه السلام ربَّه أن يكون من الشاكرين: ﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ ﴾ [النمل: 19]، وأمر الله رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم بالشكر، فقال: ﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الزمر: 66]، وأمر الله لقمانَ بالشكرِ، فقال: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ﴾ [لقمان: 12].

 

وأوَّلُ وصية وصَّى بها ربُّنا الإنسانَ [هي الوصية] بالشكر له وللوالدين، فقال: ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [لقمان: 14].

 

وبالشكر أمَرَ الأنبياءُ أقوامَهم، فقال إبراهيم عليه السلام لقومه: ﴿فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ﴾ [العنكبوت: 17]، والآيات والعبر والعظات لا يتَّعظ بها إلا الشاكر، قال سبحانه: ﴿كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ﴾ [الأعراف: 58]، وأغدق علينا النعمَ لنثني عليه بها؛ قال جل وعلا: ﴿وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [الأنفال: 26].


وهو وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، فقد قال: ((يا معاذ، أني أحبُّك، فلا تدعنَّ أن تقول دبرَ كلّ صلاة: اللهم أعنِّي على ذكرك وشُكرك، وحُسن عبادتك))؛رواه أحمد وأبو داود من حديث معاذ رضي الله عنه، وصححه الألباني.

 

ودعاءُ العبدِ ربَّه أن يوافيَ نعمَ الله بالشكر من أفضل الأدعية؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "تأمَّلتُ أفضلَ الدعاء فإذا هو: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك".

 

عباد الله، إن أهلَ الشكرِ هم المخصوصون بمنَّتِه من بين عباده، وهم الذين لا يَتزعزعون عند الفتن، ﴿وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 144].


ولَما عرَف عدوُّ الله إبليس قدرَ مقامِ الشكرِ، وأنه من أجلِّ العبادات وأعلاها، جعلَ غايتَه السعيَ في قطعِ الناسِ عنه، فقال: ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف: 17].


والشكر أمنةٌ من العذاب؛ قال عز وجل: ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾ [النساء: 147]، ونجَّى الله لوطًا عليه السلام من العذاب بالشكر: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ * نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ ﴾ [القمر: 34، 35].


ولما تنكَّر قومُ سبأ لنعمِ اللهِ وجحدوها وقابَلوها بالعصيان، سلبها الله منهم، وأذاقهم ألوانًا من العذاب، ﴿ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾ [سبأ: 16، 17].

 

يقول الفضيل بن عياض رحمه الله: "عليكم بملازمة الشكر على النعم، فقلَّ نعمةٌ زالت عن قوم فعادت إليهم"، والشاكرون لنعم الله قِلَّة في الخلق؛ قال تعالى: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].

 

وشُكر الله يكون بالقلب واللسان والجوارح، فيكون بالقلب بنسبة النعم إلى بارئها؛ قال جل وعلا: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [النحل: 53].


ويكون باللسان بالإكثارِ من الحمدِ لمُسديها؛ يقول عليه الصلاة والسلام: ((الحمد لله تملأ الميزان))؛ رواه مسلم عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ، فالحمد رأسُ الشكر وأوَّلُه، وهو أول آية في كتاب الله المجيد: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: 2]، وقد أمر الله نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يحدِّث بنعم الله، فقال سبحانه: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: 11].

 

والشكرُ بالجوارحِ يكون بالاستعانةِ بها على مرضاةِ الله، ومنع استخدامها في مساخطِه وعصيانِه، ولذا فشكرُ العين ألا يُبصرَ بها ما حرَّم الله، ولا يُطلق بصرَه على حرماتِ الله، وشكرُ اللسان ألا يتحدَّث به إلا حقًّا، ولا ينطقَ به إلا صدقًا، وشكرُ الأذنين ألا يستمع بهما إلى غيبة وبهتان ومحرَّم.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾[البقرة: 243].

 

اللهم اجعَلنا ممن إذا ابتُليَ صبر، وإذا أُعطِيَ شكر، وإذا ظُلِمَ غفر، وإذا ظَلَمَ ذكر فاستغفر، اللهم أعطيتنا نعمك ونحن بكل شرٍّ، وأصبحنا وأمسينا بكل خيرٍ، نسألك شكرَها لا خيرَ إلا خيرُك، ولا إله غيرك، إله الصالحين ورب العالمين، والحمد لله رب العالمين.

 

بارَك الله لي وَلكُم في القرآنِ العَظيم، ونفعني الله وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكر الحَكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفِر اللهَ لي ولَكم ولجميعِ المسلِمين من كلِّ ذنبٍ، فاستغفِروه، إنَّه هو الغفور الرَّحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربُّنا ويَرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

 

أيُّها المسلِمون، اعلموا أنكم لن تشكروا الله حقَّ شُكره، حتى تشكروا الناس على إحسانهم إليكم، فتُثيبوهم وتدعو لهم، وتُثنوا عليهم بما هم أهلُه، ففي الحديث: (لا يَشكُر الله مَن لا يَشكُر الناس))؛ رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وصحَّحه الألباني، وفي الحديث الآخر: (مَن صنَع إليكم معروفًا فكافِئوه، فإن لم تَجدوا فادْعوا له، ومن صُنع إليه معروف، فقال لصاحبه: جزاك الله خيرًا فقد أبلغ في الثناء))؛ أخرجه الترمذي عن أسامة رضي الله عنه، وصحَّحه الألباني.

 

ومن أسماءِ اللهِ سبحانَه الشكور، الذي يشكرُ عبادَهُ على أعمالهِِم الصالحة، فيُثيبهم عليها، ويثني عليهم بها، ويباهي بهم ملائكتَه، والذي يشكرُهُ عبادَهُ، فيعملون له صالحًا ويثنون عليه سبحانه بها.

 

واعلموا أن من أعظمِ ما يجلبُ الشكرَ وييسِّرَهُ أن ينظرَ الإنسانُ إلى من هو دونَهُ في الفضلِ والمالِ والصحةِ والخلقِ، فيعلمَ مقدارَ نعمةِ اللهِ عليه، ولهذا جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ((انظروا إلى مَن هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقَكم، فهو أجدرُ ألا تَزدروا نعمة الله عليكم))؛ متفق عليه.

 

أما في أمور الدين والعلم، فإن الإنسان ينظُر إلى مَن هو فوقه، ولهذا كان عمر ينظُر إلى أبي بكر ويسابقه في أعمال الخير ليَلحَق به.

 

ألا وصلُّوا عباد الله على رسول الهدَى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللّهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولك محمد، وارضَ اللهمَّ عن الخلفاءِ الأربعة الرَّاشدين...

 

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين.....

 

اللهم أرنا الحقَّ حقًّا، وارزُقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا، وارزُقنا اجتنابه.

 

اللهم ارحَم موتانا واشفِ مرضانا وتولَّى أمرنا.

 

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

 

اللهم اجعلنا نَشكُرك ونذكُرك حتى ترضى.

 

اللهم إنا نعوذ بك مِن جَحْد النعمة.

 

اللهم إنا نسألك شكرَها.

 

عباد الله، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النحل: 90، 91].

 

واذكروا الله العظيم الجليل يذكُركم، واشكُروه على نِعَمه يَزِدْكم، ولذكرُ الله أكبر، والله يعلم ما تصنَعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شكر النعم ( خطبة )
  • شكر النعم في رمضان (خطبة)
  • شكر النعم (خطبة)
  • شكر النعم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • آداب النعمة وواجبنا نحوها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللسان بين النعمة والنقمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البر بالوالدين وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأرض شاهدة فماذا ستقول عنك يوم القيامة؟! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • روضة المسبحين لله رب العالمين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة الدجال... العبر والوقاية (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بناء الشخصية الإسلامية في زمن الفتن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اكتشف أبناءك كما اكتشف رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه رضوان الله عليهم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضيلة الصف الأول والآثار السيئة لعدم إتمامه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: حقوق الجار وأنواعه(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/3/1447هـ - الساعة: 13:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب