• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أعط البلاء حجمه فقط
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    تحريم الخمر وعلاقته بالإيمان والتقوى
    حسين البيضاني
  •  
    توحيد الأسماء والصفات
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    حديث "خلقت المرأة من ضلع" بين نصوص الوحي وشبه ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: غرس الإيمان في قلوب الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: الخير فيما اختاره الله وقسمه لكل عبد
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    حديث: إن امرأتي لا ترد يد لامس
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    من مائدة السيرة: الهجرة الأولى إلى الحبشة
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    لا تذم الدنيا بإطلاق
    إبراهيم الدميجي
  •  
    "اذهب واحتطب"
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أثر الذنوب والمعاصي على الفرد والمجتمع (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    مواقيت الصلوات: الفرع الثاني: وقت صلاة العصر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    خطبة: غرس الإيمان في قلوب الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: سورة الفاتحة فضائل وهدايات
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    خطبة: الصمت حكمة وقليل فاعله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    هل يشرع قول: "ما شاء الله" عند رؤية نعمة غيرك أم ...
    الشيخ عايد التميمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

أثر الذنوب والمعاصي على الفرد والمجتمع (خطبة)

أثر الذنوب والمعاصي على الفرد والمجتمع (خطبة)
د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/9/2025 ميلادي - 14/3/1447 هجري

الزيارات: 320

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أثر الذنوب والمعاصي على الفرد والمجتمع


إن الحمد لله، نحمَده ونشكُره ونستعينه ونستغفره، ونؤمن به ونتوكَّل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، فمَن يَهده الله فلا مُضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً نعتز بها أن نكون من أوليائه وعباده الموحدين، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله شهادةً أنقَذ الله بها أحوالنا من الضلال إلى الهدى، ومن جميع أنواع الشرور إلى الخير والنور والحبور.

 

أيها المؤمنون، كلنا يتمنَّى أن يعيش حياة رغيدةً هانئةً يكسوها الحب والجمال، يستشعر فيها بالأمن والسكون والراحة والاطمئنان خاليةً من المكدرات والمنغصات، هذه الحياةُ أيها المؤمنون مسلوبةٌ من أهل الذنوب والمعاصي، ولا بدَّ جزمًا، والسبب بسيط، فحينما تكون موظفًا في أي دائرة، فتعمل بكل جدٍّ وإخلاص وتفانٍ وإتقان، فإن مدير هذه الدائرة سوف تجد منه إكرامًا وإشادةً، ولن يقصر على الأقل في حقوقك الأساسية، وماذا يرجو موظفٌ متسيبٌ مقصرٌ كثرت أخطاؤه المهنية؛ مما تسبب خللًا على مستوى المنظومة التي يعمل فيها؟ لن يرجو هذا الموظف إلا التوبيخ والعقوبات والزجر والردع.

 

ولله المثل الأعلى والله أكرم الأكرمين، وهو الغفور التواب الرحيم سبحانه وتعالى؛ لذا لا بد أن نعلم ونوقِن يا عباد الله أن للذنوب والمعاصي والخطايا والآثام عواقبَ على الفرد والمجتمع، فكل منا أيها المسلمون تؤثر أعماله في نفسه وعلى المجتمع كله، فما ارتفاعُ الأسعار وقلةُ الأمطار، وانتشارُ الأوباء - إلا مؤشرٌ لذلك يا عباد الله، وهل في الدنيا والآخرة شرٌّ وداءٌ إلا سببه الذنوب والمعاصي؟

 

فما الذي أخرج الأبوين من الجنَّة دار اللذة والنعيم والبهجة والسرور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب؟ وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء، وطرَدَه ولعَنَه، ومسَخَ ظاهره وباطنه؟

 

وما الذي أغرَق أهل الأرض كلَّهم حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال؟ وما الذي سلَّط الريح العقيم على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض، كأنهم أعجاز نخلٍ خاوية؟ وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحةَ حتى قطَّعت قلوبهم في أجوافهم، وماتوا عن آخرهم؟ وما الذي رفع قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نبيحَ كلابهم، ثم قَلَبها عليهم، فجعل عاليها سافلها، فأهلكهم جميعًا، ثم أتبعهم حجارةً من السماء أمطرها عليهم، فجمع عليهم من العقوبة ما لم يجمعه على أمَّةٍ غيرهم؟ وما الذي أرسل على قوم شعيب سحابَ العذاب كالظُّلل، فلمَّا صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم نارًا تلظَّى؟ وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر، ثم نُقلت أرواحُهم إلى جهنَّم، فالأجساد للغرق، والأرواح للحرق؟ وما الذي خسف بقارون وداره وماله وأهله؟ وما الذي أهلك القرون من بعد نوح بأنواع العقوبات ودمَّرها تدميرًا؟

 

أخرج الحاكم في مستدركه عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَأَتَاهُ فَتًى يَسْأَلُهُ عَنْ إِسْدَالِ الْعِمَامَةِ - يعني الذؤابة التي تخرج بعد لف العمامة - فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَأُخْبِرُكَ عَنْ ذَلِكَ بِعِلْمٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ: كُنْتُ عَاشِرَ عَشَرَةٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ، وَابْنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَجَاءَ فَتًى مِنَ الأَنْصَارِ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، قَالَ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ؟ - يعنى: أفطن وأذكى - قَالَ: أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا وَأَحْسَنُهُمْ لَهُ اسْتِعْدَادًا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ، أُولَئِكَ مِنَ الأَكْيَاسِ، ثُمَّ سَكَتَ الْفَتَى وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِنِ ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَنَزَلَ فِيكُمْ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يَعْمَلُوا بِهَا إِلاَّ ظَهَرَ فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمْ، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمُؤْنَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا الزَّكَاةَ إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ سُلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوُّهُمْ مَنْ غَيْرِهِمْ وَأَخَذُوا بَعْضَ مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ يَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ إِلاَّ أَلْقَى اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ ثُمَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ يَتَجَهَّزُ لِسَرِيَّةٍ بَعَثَهُ عَلَيْهَا، وَأَصْبَحَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدِ اعْتَمَّ بِعِمَامَةٍ مَنْ كَرَابِيسَ سَوْدَاءَ - يعني بعمامةٍ سوداء مصنوعة من القطن - فَأَدْنَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَقَضَهُ وَعَمَّمَهُ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ، وَأَرْسَلَ مِنْ خَلْفِهِ أَرْبَعَ أَصَابِعَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَقَالَ: هَكَذَا يَا ابْنَ عَوْفٍ اعْتَمَّ فَإِنَّهُ أَعْرَبُ وَأَحْسَنُ ثُمَّ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلاَلًا أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ اللِّوَاءَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: خُذِ ابْنَ عَوْفٍ فَاغْزُوا جَمِيعًا فِي سَبِيلِ اللهِ فَقَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، لاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا، وَلاَ تُمَثِّلُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا، فَهَذَا عَهْدُ اللهِ وَسِيرَةُ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

قال الله عز وجل: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].

 

ومن عقوبات الذنوب أنها تُزيل النعم وتُحِلُّ النِّقَم، فما زالت عن العبد نعمةٌ إلا بذنب، ولا حلَّت به نقمةٌ إلا بذنب؛ كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما نزل بلاءٌ إلا بذنب، ولا رُفِعَ بلاءٌ إلا بتوبة، وقد قال تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، وقال الله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأنفال: 53].

 

فأخبَر سبحانه تعالى أنه لا يغيِّر نِعَمَه التي أنعَم بها على أحدٍ، حتى يكون هو الذي يغيِّر ما بنفسه، فيغيِّر طاعةَ الله بمعصيته، وشكرَه بكفره، وأسبابَ رضاه بأسباب سخطه، فإذا غَيَّرَ غُيِّرَ عليه جزاءً وفاقًا، وما ربُّك بظلام للعبيد، فإنْ غيَّر المعصيةَ بالطاعة غيَّر الله عليه العقوبةَ بالعافية، والذلَّ بالعزِّ، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ [الرعد: 11].

 

فاستغفروا الله عباد الله، وتوبوا إليه، يُغدق عليكم من خيرات الدنيا والآخرة، ويبدِّل أحوالنا إلى أحسن الأحوال وأفضلها، ويكشِف عنا الضرَّ والبلاء والوباء، استغفروه عباد الله إنه غفور رحيم كريم منان.

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، الحمد لله حمدًا نرجو به رحمته، فيجعلنا من عباده المتقين، الحمد لله حمدًا يُطهِّرنا من الذنوب والمعاصي، فيغسِل قلوبَنا من التعلق بها، أو استمرائها أو استصغارها، الحمد لله حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على حبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، نشهد أنه قد بلَّغ الرسالة وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة وجاهد في الله حقَّ الجهاد حتى أتاه اليقين، فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين؛ أما بعد:

فيا عباد الله، إن للمعاصي آثارًا قبيحةً مذمومةً، ومن آثارها حرمانُ العلم، فإنَّ العلم نورٌ يَقذِفه الله في القلب، والمعصية تُطفئ ذلك النور، روي أنَّ الإمام الشافعيَّ رحمه الله ولَمَّا جلس بين يدي الإمام مالك رحمه الله وقرأَ عليه، أعجبه ما رأى مِن وُفور فِطنته، وتوقُّد ذكائه، وكمال فَهْمه، فقال: إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورًا، فلا تُطفئه بظلمة المعصية.

 

ومن آثار الخطايا أيها المؤمنون حرمانُ الرزق، ففي مسند الإمام أحمد عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ العبد لَيُحْرَم الرزقَ بالذنب يُصيبه)).

 

وكما أنَّ تقوى الله مَجلَبة للرزق، فتركُ التقوى مَجلبة للفقر، فما استُجْلِبَ رزقُ الله بمثل ترك المعاصي.

 

ومِن آثار الذنوب عباد الله وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله، لا يوازنها ولا يقارنها لذة أصلًا، ولو اجتمعت له لذَّاتُ الدنيا بأسْرها لم تَفِ بتلك الوحشة، وهذا أمرٌ لا يُحِسُّ به إلا من في قلبه حياة، و"ما لجرحٍ بميِّتٍ إيلامُه"، فلو لم يترك الذنوب إلا حذرًا من وقوع تلك الوحشة، لكان العاقل حريًّا بتركها.

 

ومن آثار الآثام أيضًا يا عباد الله الوحشة التي تحصُل له بينه وبين الناس، ولا سيما أهل الخير منهم، فإنه يجد وحشةً بينه وبينهم، وكلما قوِيت تلك الوحشة بَعُدَ منهم ومن مجالستهم، وحُرِمَ بركة الانتفاع بهم، وقرُبَ من حزب الشيطان بقدر ما بعُد من حزب الرحمن، وتَقْوى هذه الوحشة حتى تستحكمَ، فتقع بينه وبين امرأته وولده وأقاربه، وبينه وبين نفسه، فتراه مستوحشًا من نفسه!

 

وقال بعض السلف: إني لأعصي الله، فأرى ذلك في خُلُق دابَّتي وامرأتي.

 

ومن آثار المعاصي أيها المؤمنون تعسيرُ أموره عليه، فلا يتوجَّه لأمر إلا يجده مغلقًا دونه، أو متعسِّرًا عليه، وهذا كما أنَّ مَن اتَّقى الله جعل له من أمره يسرًا، فمن عطَّل التقوى جعل له من أمره عسرًا.

 

ومن آثار الذنوب يا عباد الله ظلمةٌ يجدها في قلبه حقيقةً، يُحسُّ بها كما يُحس بظلمة الليل البهيم إذا ادْلَهَمَّ، فتصير ظلمةُ المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره، فإنَّ الطاعة نور، والمعصية ظلمة، وكلَّما قوِيت الظلمةُ ازدادت حيرتُه، حتَّى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة، وهو لا يشعر؛ كأعمى خرج في ظلمة الليل يمشي وحده، وتقوى هذه الظلمة حتى تَظهَر في العين، ثم تَقْوى حتى تعلوَ الوجهَ، وتصير سوادًا فيه يراه كلُّ أحدٍ؛ قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ((إن للحسنة ضياءً في الوجه، ونورًا في القلب، وسَعةً في الرزق، وقوةً في البدن، ومحبةً في قلوب الخلق، وإن للسيئة سوادًا في الوجه، وظلمةً في القلب، ووهنًا في البدن، ونقصًا في الرزق، وبُغضًا في قلوب الخلق)).

رأيتُ الذنوبَ تميتُ القلوب
ويتبِعُها الذلَّ إدمانُها
وتركُ الذنوب حياةُ القلوبِ
وخيرٌ لنفسكَ عصيانُها

 

فاتقوا الله يا عباد الله، وسِيروا على نهج الحبيب صلى الله عليه وسلم، تَسْعدوا وتَهنَؤوا، ويُغدق الله عليكم من الخيرات والبركات فوق ما ترومون؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 28].

 

صلوا على الحبيب المصطفى.

صَلَّىَ عَلَيْكَ اللهُ يَا عَلَمَ الْهُدَى
مَاَ لَاحَ بَدْرٌ فِيِ السَّمَاءِ دَلِيِلٌ
صَلَّىَ عَلَيْكَ اللهُ يَا عَلَمَ الهُدَى
مَا حَنَّ مُشتَاقٌ وَسارَ جَمِيْلُ
هَذَا رَسَولُ اللهِ نِبْرَاسُ الهُدَى
هَذَا لكلِّ العالمينَ رَسُولُ




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة: عاشوراء وطلب العلم
  • خطبة: صيام يوم عاشوراء والصيام عن الحرام مع بداية العام
  • خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل
  • خطبة: ماذا بعد الحج
  • خطبة: تجديد الحياة مع تجدد الأعوام
  • خطبة: بداية العام الهجري وصيام يوم عاشوراء
  • استثمار الوقت في الإجازة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أسباب انقطاع الرزق - الذنوب الخفية (ذنوب الخلوات)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم الأثر عند المحدثين وبعض معاني الأثر في القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • كتاب تهذيب الآثار: أثر من آثار الطبري في خدمة السنة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • من هو السني؟ وهل يخرج المسلم من السنة بوقوعه في بدعة جاهلًا أو متأولا؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آثار الذنوب على الفرد والمجتمع (محاضرة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله السحيم)
  • آثار الذنوب والمعاصي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أثر الذنوب والمعاصي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آثار الذنوب والمعاصي (1) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ​ الذنوب والمعاصي وآثارها السيئة على الأمة موضوع ندوة بالجامع الكبير في الرياض(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/3/1447هـ - الساعة: 16:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب