• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    دعاء يجمع خيري الدنيا والآخرة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    عبرة اليقين في صدقة أبي الدحداح (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    البر بالوالدين دين ودين (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: أنه خرج ومعه درقة، ثم استتر بها، ثم ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    أهدافك أم الهدف منك؟!! أيهما أولى باهتمامك؟!
    نبيل بن عبدالمجيد النشمي
  •  
    { ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم }
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (32) «لا ضرر ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    خطبة: مصعب بن عمير باع دنياه لآخرته
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: الودود
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    أسباب البركة في الأولاد
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أنت الآن في الأمنية
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    معنى عالمية الدين
    عبدالعزيز بن محمد السلمان
  •  
    كن نافعا
    محمد أحمد عبدالباقي الخولي
  •  
    من مائدة الفقه: مخالفات شائعة في الوضوء
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خطبة: كيف يتحلى الشباب بالوقار؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

عبرة اليقين في صدقة أبي الدحداح (خطبة)

عبرة اليقين في صدقة أبي الدحداح (خطبة)
د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/8/2025 ميلادي - 23/2/1447 هجري

الزيارات: 129

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عبرةُ اليقينِ في صدقةِ أبي الدَّحْداحِ

 

الحمدُ للهِ ذي الكرمِ، جزيلِ النِّعمِ، ودافعِ النِّقمِ، وأشهدُ ألّا إلهَ إلا اللهُ الباسطُ الحَكَمُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آلِه وصحبِه ذويِ المناقبِ والشِّيَمِ.

 

أما بعدُ، فاتقوا اللهَ -عبادَ اللهِ-، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أيها المؤمنون!

أبو الدَّحْداحِ -رضيَ اللهُ عنه- صحابيٌّ لم تكن له هالةٌ من شهرةٍ، ولم يُحفظْ له نسبٌ سوى أنه كان حليفًا للأنصارِ. بيدَ أنَّ مجدَ يقينِه قد نُقِشَ في جبينِ المآثرِ الخالدةِ إلى يومِ الدينِ، حين سُطِّرَ به اسمُه في ديوانِ جنةِ الفردوسِ ولمّا يَزلْ حيًَّا بشهادةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم له؛ فما قصةُ تلك الشهادةِ النبويةِ؟ وما وَقْعُ ذلك اليقينِ؟ روى أَنَسُ بنُ مالكٍ -رضيَ اللهُ عنه-: أَنَّ رَجُلًا -وفي روايةٍ أنّه يتيمٌ- قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِفُلَانٍ نَخْلَةً، وَأَنَا أُقِيمُ حَائِطِي بِهَا، فَأْمُرْهُ أَنْ يُعْطِيَنِي حَتَّى أُقِيمَ حَائِطِي بِهَا. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَعْطِهَا إِيَّاهُ بِنَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ" فَأَبَى، فَأَتَاهُ أَبُو الدَّحْدَاحِ فَقَالَ: بِعْنِي نَخْلَتَكَ بِحَائِطِي -أي: مزرعتي كلِّها، وعددُ نخلِها ستُّمائةِ نخلةٍ -. فَفَعَلَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدِ ابْتَعْتُ النَّخْلَةَ بِحَائِطِي. قَالَ: فَاجْعَلْهَا لَهُ؛ فَقَدْ أَعْطَيْتُكَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كَمْ مِنْ عِذْقٍ رَدَاحٍ لِأَبِي الدَّحْدَاحِ فِي الْجَنَّةِ!" قَالَهَا مِرَارًا. قَالَ: فَأَتَى امْرَأَتَهُ فَقَالَ: يَا أُمَّ الدَّحْدَاحِ، اخْرُجِي مِنَ الْحَائِطِ؛ فَإِنِّي قَدْ بِعْتُهُ بِنَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ. فَقَالَتْ: رَبِحَ الْبَيْعُ! أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا (رواه أحمدُ وصحَّحَه ابنُ حبِّانَ). هكذا حرَّك اليقينُ أبا الدحداحِ حين تشرّبَ قلبُه صِدْقَ نبأِ اللهِ ورسولِه صلى الله عليه وسلم؛ فلم يَعُدْ ينظرُ لأمرِ الدنيا إلا بمنظارِ اليقينِ الجليِّ؛ فكانت رؤيتُه للوعدِ الإلهيِّ رؤيةَ المعايَِنةِ التي لا يعتريها تلكُّؤٌ أو استرابةٌ أو غَبَشٌ؛ وهكذا فِعلُ اليقينِ إنْ حلَّ في القلبِ؛ فكأنَّ أبا الدحداحِ يرى بيقينِه تلك النخلةَ على رَبْوةٍ عاليةٍ في الجنةِ بعذوقِها وبهائِها كأنما يَرى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أمامَه وهو يَعِدُ بها صاحبَ نخلةِ الدنيا، واليقينُ يأخذُ بمَجامعِ فكرِه في اهتبالِ فرصةِ الفوزِ بدخولِ الجنةِ بضمانِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم تلك النخلةَ فيها؛ إذ ضمانُها ضمانٌ لشاريها بدخولِ الجنةِ؛ وقد تلاشى أمام هذا اليقينِ كلُّ نعيمِ الدنيا ومُلْكِها بنخلةٍ في الجنةِ، كيف ومقدارُ القَوْسِ في الجنةِ خيرٌ من الدنيا وما حَوَتْه، كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَقَابُ قوْسِ ‌أحدِكم ‌في ‌الجنةِ ‌خيرٌ مما طلعتْ عليه الشمسُ أو تغربُ" رواه البخاريُّ. قد حرَّكَ ذلك الوعدُ النبويُّ في قلبِ أبي الدحداحِ ما قد حرَّكتْه آيةُ الاستقراضِ الربانيِّ من قبلُ؛ فكان اليقينُ في قلبِه مُضاعَفًا، ولم يُجْرِ حساباتِ الدنيا الماديةَ التي طالما كانت مانعًا من إدراكِ غنائمِ الوعودِ الربانيةِ التي لا يُتعاملُ معها إلا بمنظورِ اليقينِ الراسخِ والثقةِ المطلقةِ بصدقِ ما وَعَدَ اللهُ ورسولُه، كما هو حالُ المؤمنين الذي نوَّه اللهُ بهم في قولِه: ﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22]. قال عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ -رضيَ اللهُ عنه-: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ﴾ [البقرة: 245] قَالَ أَبُو ‌الدَّحْدَاحِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يُرِيدُ مِنَّا الْقَرْضَ؟ قَالَ: "نَعَمْ، يَا أَبَا ‌الدَّحْدَاحِ". قَالَ: أَرِنَا يَدَكَ، قَالَ: فَنَاوَلَهُ يَدَهُ، قَالَ: قَدْ أَقْرَضْتُ رَبِّي حَائِطِي - وَحَائِطُهُ فِيهِ سِتُّمِائَةِ نَخْلَةٍ -، فَجَاءَ يَمْشِي حَتَّى أَتَى الْحَائِطَ وَأُمُّ ‌الدَّحْدَاحِ فِيهِ وَعِيَالُهَا، فَنَادَى: يَا أُمَّ ‌الدَّحْدَاحِ! قَالَتْ: لَبَّيْكَ! قَالَ: اخْرُجِي؛ فَقَدْ أَقْرَضْتُهُ رَبِّي! رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمَا ثِقَاتٌ -كما قال الهيثميُّ-. اللهُ أكبرُ! هكذا يفعلُ اليقينُ! وهكذا تَطيبُ أنباءُ أهلِه ويروقُ سماعُها! لسانُ حالِ يقينِ أبي الدحداحِ أفصحَ عنه مقالُه؛ في رَجَزِه لزوجِه أمِّ الدحداحِ -رضيَ اللهُ عنهما- حين خاطبَها؛ يستنهضُ يقينَها، ويغريه؛ ليرتقيَ مع يقينِه إلى مصافِّه العليَّةِ وقتَ تممَّ بيعتَه مع اللهِ بشرائه نخلةً في الجنةِ بستِّمائةِ نخلةٍ في الدنيا مع أرضِها، فجاءها في البستانِ المُباعِ وهي مع صبيانِها تدورُ تحتَ النخلِ، يَطْعَمون ثمرَه، ويستظلون فَيْئَه، ويُمتِّعون النظرَ برؤيا جمالِه، وهم يستنشقون عَبَقَه، فأنشأَ يقولُ:

هَدَاكِ رَبِّي سُبُلَ الرَّشَادِ
إِلَى سَبِيلِ الْخَيْرِ وَالسَّدَادِ
بِينِي مِنَ الْحَائِطِ بِالْوِدَادِ
فَقَدْ مَضَى قَرْضًا إِلَى التَّنَادِّ
أَقْرَضْتُهُ اللهَ عَلَى اعْتِمَادِي
بِالطَّوْعِ لَا مَنٍّ وَلَا ارْتِدَادٍ
إِلَّا رَجَاءَ الضِّعْفِ فِي الْمَعَادِ
فَارْتَحِلِي بِالنَّفْسِ وَالْأَوْلَادِ
وَالْبِرُّ لَا شَكَّ فَخَيْرُ زَادِ
قَدَّمَهُ الْمَرْءُ إِلَى الْمَعَادِ

 

فجاءَ جوابُها من نَسْجِ ما كان من يقينِه الراسي رُسُوَّ الجبالِ الشامخاتِ؛ ليلتقيَ اليقينان في مِعراجِ السموِّ الإيمانيِّ، ويَصيرا نَجْميْنِ في عليا سمائه، يقتدي بها السائرون إلى غايةِ مرضاةِ ربِّهم الراغبون في عطائِه، فخاطبتْه راجزةً تقولُ:

بَشَّرَكَ اللهُ بِخَيْرٍ وَفَرَحْ
مِثْلُكَ أَدَّى مَا لَدَيْهِ وَنَصَحْ
إنَّ لك الحظَّ إذا الحظُّ وَضَح
قَدْ مَتَّعَ اللهُ عِيَالِي وَمَنَحْ
بِالْعَجْوَةِ السَّوْدَاءِ وَالزَّهْوِ الْبَلَحْ
وَالْعَبْدُ يَسْعَى وَلَهُ مَا قَدْ كَدَحْ
طُولَ الليالي وعليه ما اجترح

 

ثمَّ شَرَعَتْ أمُّ الدحداحِ في إتمامِ تنفيذِ صفقةِ البيعِ التي أبرمَها زوجُها أبو الدحداحِ مع ربِّه؛ فعَمَدَتْ إلى صبيانِها تُخرِجُ ما في أفواههِم من ثمرِ البستانِ، وتَنْفُضُ ما في أكمامِهم حتى أفضتْ إلى آخرِ الحائطِ؛ فالبيعُ مع اللهِ قد تمَّ، والوفاءُ من اللهِ كائنٌ يومَ الدِّينِ. خرجوا من مُلْكٍ فانٍ محدودٍ إلى مُلكٍ باقٍ ممدودٍ؛ جزاءً من عُذُوقِ الجنةِ التي لا تفنى، وعطاءً وافرًا من تلك العذوقِ بتكثيرِ الوعدِ النبويِّ وتكريرِه: "كَمْ ‌مِنْ ‌عِذْقٍ!"، وجاءت الرواياتُ بوصفِ تلك العذوقِ بقربِ التَّناولِ والتذلُّلِ: "كم من عذقٍ معلَّقٍ أو مُدلَّى" -كما في روايةِ مسلمٍ-، وبالكثرةِ والثِّقلِ والعظمةِ: "كم من عذقٍ رَدَاحٍ" -كما في روايةِ أحمدَ-، وبالرائحةِ الزاكيةِ " كم من عذقٍ راحٍ" -كما في روايةِ سعيد بن منصورٍ-، وبعلوِّ النخلةِ مع دنوِّ جَنْيِها: "كم من عذقٍ دوَّاحٍ" -كما في روايةِ ابنِ حبانَ-. فللهِ ما أبرَّ ذلك البيعَ! وما أربحَ تلك الصفقة!

بَذَلْتَ الحَديقَةَ لِلإلهِ تَقَرُّبًا
فَنِلْتَ نعيمًا في الأرائكِ باقيًا

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ.

أما بعدُ، فاعلموا أن أحسنَ الحديثِ كتابُ اللهِ...

 

أيها المؤمنون!

إنَّ المشهدَ الجميلَ الحاضرَ والحبلَ الناظمَ في تفاصيلِ نبأِ صدقةِ أبي الدحداحِ وزوجِه -رضيَ اللهُ عنهما-، هو ذلك اليقينُ الإيمانيُّ الجازمُ الذي كان به يتلقّى أبو الدحداحِ وزوجُه نصوصَ الوحيِ؛ تصديقًا بالأمرِ والوعدِ والجزاءِ؛ ويَنظران به إلى الغيبِ كالواقعِ المشاهدِ، فكان نورُ ذلك اليقينِ أعظمَ محرِّكٍ على مبادرِةِ الامتثالِ، وتخطِّي عقابيلِه ومثبِّطاتِه. قال أحمدُ بنُ عاصمٍ الأنطاكيُّ: "اليقينُ نورٌ، يجعلُه اللهُ في قلبِ العبدِ حتى يُشاهِدَ به أمورَ آخرتِه، ويَخْرِقَ بقوتِه كلَّ حِجابٍ بينه وبين ما في الآخرةِ، حتى يُطالِعَ أمورَ الآخرةِ كالمُشاهِدِ لها". وذلك اليقينُ من أخصِّ خصائصِ جيلِ الصحابةِ الفريدِ الذي حازوا به الفضائلَ، وفتحَ اللهُ لهم به الفتوحُ؛ إذ كانت قلوبُهم باليقينِ تَنْضَحُ، ونباُ أبي الدحداحِ شاهدُ ذلك. قال ابنُ القيِّمِ: "الصحابةُ أعلمُ الأمَّةِ على الإطلاقِ، وبينهم وبين مَن بعدهم في العلمِ واليقينِ كما بينهم وبينهم في الفضلِ والدِّينِ". كتب عمرُ لأبي عبيدةَ -رضيَ اللهُ عنهما-:"إنِّ النصرَ إنما يكونُ مع اليقينِ والثقةِ باللهِ". وليس للأمَّةِ مناصٌ من سلوكِ سبيلِهم إنْ رامتِ الظَّفَرَ بما ظَفِرَ به السابقون الأولون! وبتعلُّمِ ذلك اليقينِ وتحقيقِه كان أهلُ العلمِ يوصون ويَتواصون. قال خالدُ بن مِعْدانَ: "تعلَّموا اليقينَ كما تعلَّموا القرآنَ حتى تعرفوه؛ فإني أتعلَّمُه". وأوصى لُقْمَانُ الحكيمُ ابْنَه قائلًا: "يَا بُنَيَّ،‌‌ الْعَمَلُ لَا يُسْتَطَاعُ ‌إِلَّا ‌بِالْيَقِينِ، وَمَنْ يَضْعُفْ يَقِينُهُ يَضْعُفْ عَمَلُهُ". وقال الحسنُ البصريُّ: "ما طُلبتِ الجنةُ إلا باليقينِ، ولا هُرِبَ من النارِ إلا باليقينِ، ولا أُدِّيَتِ الفرائضُ إلا باليقينِ، ولا صُبِرَ على الحقِّ إلا باليقينِ". و"مَن أيقنَ الخَلَفَ ‌جادَ ‌بالعطيةِ". وقد أبانَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ سُبُلَ تحقيقِ اليقينِ بقولِه: "وأما كيف يحصلُ اليقينُ؟ فبثلاثةِ أشياءَ؛ أحدُها: تدبُّرُ القرآنِ، والثاني: تدبُّرُ الآياتِ التي يُحدِثُها اللهُ في الأنفسِ والآفاقِ التي تُبَيِّنُ أنَّه حقٌّ، والثالثُ: العملُ بموجَبِ العلمِ، قال -تعالى-: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [فصلت: 53]". وسؤالُ اللهِ اليقينَ سبيلٌ كريمٌ على اللهِ لا يُرَدُّ طالبُه؛ فتلك وصيةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لأمَّتِه إذ يقولُ: "سَلُوا اللهَ ‌الْيَقِينَ، ‌وَالْعَافِيَةَ؛ فَإِنَّمَا أُوتِيَ عَبْدٌ بَعْدَ يَقِينٍ خَيْرٌ مِنَ الْعَافِيَةِ" رواه الضياءُ في المختارةِ وأصله عند أحمدَ وصححَه الألبانيُّ. وكان من دعائه: "وارْزُقْنِي مِنَ ‌الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيَّ ‌مَصَائِبَ ‌الدُّنْيَا" رواه الحاكمُ وصحَّحَه.

ربَّاه هبْ للمؤمنين يقينَهم
حتى يَروا وَعْدَ العزيزِ عَيانا





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها (خطبة)
  • عبرة ابني آدم (خطبة)
  • تولوا وأعينهم تفيض من الدمع (خطبة)
  • { وأصلحنا له زوجه } (خطبة)
  • كرم التغافل (خطبة)
  • الاستشفاء بالصدقة (خطبة)
  • {فكأنما خر من السماء} (خطبة)
  • اللهم إني أسألك من رحمتك وفضلك (خطبة)
  • حكمة إدالة الكافرين (خطبة)
  • روح القميص (خطبة)
  • خشية الجبال (خطبة)
  • إجمال الطلب (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • قصة فيها عبرة (الأصمعي والبقال)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خطبة المسجد الحرام 1/2/1434 هـ - سلوا الله اليقين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم اليقين في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موعظة وذكرى(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • اليقين لا يحتاج إلى شك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هولندا: معرض اليقين الثاني للكتاب في لاهاي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • فقه اليقين بموعود رب العالمين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ترسيخ اليقين في قلوب المؤمنين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطبة اليقين من الإيمان… والشك من الشيطان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل اليقين (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/2/1447هـ - الساعة: 15:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب