• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ما يلفظ من قول... إلا لديه رقيب عتيد (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    نهاية الرحلة
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    من غشنا فليس منا (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    نواقض الوضوء
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    خطبة: وقفات مع اسم الله العدل
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تبرؤ المتبوعين من أتباعهم
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    المتشددون والمتساهلون والمعتدلون في الجرح
    د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ إذ تصعدون ولا تلوون على أحد ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    التوازن في حياة المسلم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ركيزة ...
    د. خالد طه المقطري
  •  
    بين الثناء على البخاري ورد أحاديثه: تناقض منهجي ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    أهمية الإخلاص والتقوى
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وقيامه به ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    خطبة: أولادنا وإدمان الألعاب الإلكترونية
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من مائدة التفسير: سورة الكوثر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الكتمان
    نورة سليمان عبدالله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد / في أسماء الله
علامة باركود

خطبة: وقفات مع اسم الله العدل

خطبة: وقفات مع اسم الله العدل
رمضان صالح العجرمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/8/2025 ميلادي - 12/2/1447 هجري

الزيارات: 117

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقفات مع اسم الله العَدْل


1- مقدمة.

2- مظاهر اسم الله تعالى العدل.

3- حظ المؤمن من هذا الاسم.

4- ثمرات إقامة العدل.

 

الهدف من الخطبة:

التذكير بهذه الآثار الإيمانية العظيمة المترتبة على مطالعة اسم الله تعالى العدل، وبيان حظ المؤمن من هذا الاسم، وصور ومجالات العدل في حياة المسلم.

 

مُقَدِّمَةٌ ومَدَخَلٌ للمُوْضُوعِ:

أيُّهَا المُسلِمُونَ عِبَادَ اللهِ، اسمٌ من أسماء الله الحسنى، وصفةٌ من صفات الله العُلى، أمرنا اللهُ تعالى أن نتَّصِفَ بها؛ إنها: [صفةُ العــدل].

 

العــدلُ: من أوصاف الله الحسنى وصفاته التي وصف بها نفسه؛ فقد ثبت أنه قد وصف نفسَهُ سبحانه وتعالى بالعــدل؛ كما في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه، في شأن الذي اعترض على قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: ((فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِل اللَّهُ وَرَسُولُهُ)).

 

وثبت أنه وصف كلامه بالعدل؛ كما قال تعالى: ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ﴾ [الأنعام: 115]، قال ابن القيم رحمه الله: "والعدْلُ من أوصافهِ في فعلهِ ومقالِهِ والحكم في الميزانِ". قال السعدي رحمه الله: "الحكم العدل: الذي يحكم بين عباده في الدنيا والآخرة بعدله وقسطه، فلا يظلم مثقال ذرة".

 

والعدل: هو وَضْعُ الشَّيء في موضعه الذي أمَر الله تعالى أن يُوضع. وقالوا: استعمالُ الأمورِ في مَواضعِها، وأوقاتِها، ووُجوهِها، ومَقاديرِها، مِن غيرِ سَرَفٍ، ولا تقْصيرٍ، ولا تقْديمٍ، ولا تأخيرٍ.

 

الوقفة الثانية: مظاهر اسم الله تعالى العدل:

1- فإن العدلَ: هو مِيزانُ اللهِ تعالى في الأرضِ، به يُؤخَذُ للمظلومِ مِن الظَّالمِ؛ ولذا أمر الله تعالى به؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]، وقال تعالى: ﴿ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 8]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ﴾ [النساء: 58].

 

2- وأرسل الله تعالى رسله وأنزل معهم ميزان العدل؛ ليقوم الناس بالقسط، وما ذلك إلا لأهميته؛ قال تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ﴾ [الحديد: 25].

 

3- وهو عدل في خلقه سبحانه وتعالى؛ كما قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾ [الانفطار: 6 - 8]، وقال تعالى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4].

 

فقد جعل كلَّ عضوٍ من أعضاء البدن في مكانه المناسب الذي يؤدي به وظيفته على خير ما يكون؛ ليس عضوٌ أكبرَ من الآخر؛ فمكان كل عضو مناسب للجسم، وفي موقع متوسط، وهكذا لو تمعَّنت في نفسك، وفي مخلوقات الله تعالى.

 

4- وهو عدل في تشريعه سبحانه وتعالى:

• أمرك أن تُصلي خمس مرات فقط؛ فلو كانت خمسين صلاة؛ لما أطقنا ذلك فالأمر معتدل!

 

• ولو أمرك أن تصوم ستة أشهر، لكان هذا شيئًا فوق طاقة البشر!

 

• ولا زكاة على من لا يملك نصابًا، وجعل الزكاة ربع العشر فقط، فالشريعة كلها عدل!

 

• ولا حجَّ على من لا يستطيعه ماديًّا أو صحيًّا، وجعله على المستطيع في العمر مرة واحدة؛ قال تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286]، وقال تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ﴾ [الطلاق: 7].

 

5- ومن مظاهر عدل الله تعالى: العدل عند حساب الناس يوم القيامة؛ قال تعالى: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 40]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ﴾ [طه: 112]؛ قال السعدي رحمه الله: "الحكم العدل: الذي يحكم بين عباده في الدنيا والآخرة بعدله وقسطه؛ فلا يظلم مثقال ذرة".

 

6- ومن تمام عدل الله تعالى: ألا يعذب قومًا حتى يقيم عليهم الحجة؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 15]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ﴾ [القصص: 59]، ولا يعذبهم ومنهم مصلحون: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود: 117]، ولا يعذبهم وهم يعتذرون ويستغفرون: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الأنفال: 33].

 

7- ومن تمام عدل الله تعالى: أن الله تعالى لا يؤاخِذُ أحدًا بجريرة غيره ولا يُحمِّلُ أحدًا وزرَ غيره؛ قال الله تعالى: ﴿ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ﴾ [النجم: 38 - 41]، وقال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [غافر: 17]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: 164].

 

وهذا من تمام عدله سبحانه تعالى؛ قال تعالى: ﴿ مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 15].

 

8- ومن تمام عدل الله تعالى: أنَّ حقوقَ النَّاسِ لا يعفو عنها اللهُ إلا أن يعفوَ عنها صاحبُها، وهذا من تمام كمال عدله سبحانه وتعالى، فإن المظالم بين الناس لا يكفرُها لا صلاةٌ ولا صومٌ ولاحجٌّ ولا قراءةُ قرآنٍ ولا استغفارٌ؛ إلَّا إذا تحلَّل منها قبل في الدنيا؛ ولذلك جاء الإرشاد النبوي بالتحلُّل من المظالم قبل الممات، وقبل ألا يكون درهمٌ ولا دينار! كما في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ كَانَتْ عِندَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ، مِنْ عِرْضِهِ أو مِنْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليومَ قَبْلَ أَلَّا يَكُونَ دِينَارٌ ولا دِرْهَمٌ؛ إِنْ كَانَ له عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِن لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أَخَذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ)).

 

نسأل الله العظيم أن يرزقنا العدلَ في أحكامنا، وفي قِسْمَتِنا، ومع أهلينا وجميع أعمالنا.

 

الخطبة الثانية

ما هو حظ المؤمن من هذا الاسم؟ كيف نتعبد لله بهذا الاسم؟


أيُّهَا المُسلِمُونَ عِبَادَ اللهِ، فقد ذكر العلماء في كيفية التعبُّد لله تعالى بأسمائه وصفاته: أن يعامل كل اسم بمقتضاه وذلك بالاتصاف والتحلِّي بها على ما يليق به؛ وفي بيان ذلك يقول ابن بطال رحمه الله: "طريق العمل بها أنَّ الذي يسوغ الاقتداء به فيها كالرحيم والكريم، فإن الله يحب أن يرى حالها على عبده؛ فليمرن العبد نفسه على أن يصح له الاتصاف بها".

 

فيُمرِّن العبدُ نفسه على التخلُّق والاتصاف بهذا الخلق العظيم، والخلق المهم من أخلاق الإسلام، فهو واجب على كل مسلم؛ لأن نقيضة كبيرة وموبقة؛ (الظلم، الحيف، الجور).

 

وقد يظنُّ البعضُ أن العدلَ واجبٌ على الحاكم أو القاضي؛ بل إن كلَّ مسلمٍ يجبُ عليه أن يقيمَ العدلَ في أقواله وأفعاله، وفي تعاملاته مع الآخرين؛ فما هي صور ومجالات العدل في حياتنا؟

 

1- العدل في الأقوال؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾ [الأنعام: 152] أنك دائمًا تقول الحق.

 

2- العدل في الشهادات؛ قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ﴾ [النساء: 135]؛ ولذلك كانت العدالة من شروط الشاهد؛ لأن هناك من القضايا لا يفصل فيها القاضي إلا بشهادة الشهود؛ فلو كان الشاهدُ ليس عدلًا سيترتب على ذلك ضياع حقوق الناس! وتأمَّل لخطورة الشهادة: لو شهد أربعةُ رجالٍ على رجلٍ وامرأةٍ بالزنا؛ يُقام عليهما حد الزنا؛ لأن الفقهاء يقولون: من وسائل إثبات جريمة الزنا: البينة؛ (وهي الشهود) بشروط ذكرها الفقهاء.

 

وهناك أحكامٌ فقهيةٌ كثيرةٌ في الحدود والجنايات، والنكاح والطلاق والرضاع، والبيوع وسائر المعاملات تتوقف أحكامها على شهادة الشهود؛ ولذلك اشتُرطت العدالة، وجاء الترهيب الشديد من شهادة الزور.

 

3- العَدلُ والقِسطُ فِي الكَيْلِ والمِيزَانِ؛ قال تعالى: ﴿ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ﴾ [الأنعام: 152]، وقال تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ﴾ [الرحمن: 9].

 

4- العَدلُ بين المُتَخَاصِمينِ، وفِي الحُكْمِ بين النَّاسِ؛ سواء كان قاضيًا، أو صاحب منصب، أو كان مصلحًا بين الناس، وذلك بإعطاء كلِّ ذي حقٍّ حقَّه؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].

 

قال الفقهاء في آداب القضاء: أنه يجب على القاضي أو الحاكم الشرعي العدل بين المتخاصمين حتى في قسمات الوجه؛ فلا يبتسم في وجه هذا، ويتجهَّم في وجه ذاك؛ فقد كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى رضي الله عنه: "واس بين الناس في وجهك، ومجلسك، وعدلك؛ حتى لا ييئس الضعيفُ من عدلك، ولا يطمع الشريفُ في حيفك".

 

ويحرم على القاضي: أن يُسارَّ أحدَ الخَصْمين، أو يحابي أحدَهما، أو يلقنه حجته، أو يعلمه كيف يدَّعي.

 

ويحرم على القاضي: قبول الهدايا من الخَصْمين أو من أحدهما.

 

ويحرم على القاضي: أن يقضي وهو غضبان غضبًا شديدًا؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا يقضي حاكم بين اثنين وهو غضبان)) هذا كله من أجل إقامة العدل بين الناس.

 

5- العدلُ مع الأولاد فِي العَطِيَّةِ؛ ففي صحيح مسلم عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي، فَقَالَ: ((أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ؟))، قَالَ: لا. قَالَ: ((فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي))، ثُمَّ قَالَ: ((أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟))، قَالَ: بَلَى، قَالَ: ((فَلا إِذًا))، وفي رواية قال: ((اتَّقوا اللهَ واعدِلوا في أولادِكم))، وفي لفظٍ: ((فلا تُشهِدْني إذَن؛ فإنِّي لا أشهَدُ على جَوْرٍ)).

 

بل إن العدل بين الأولاد مطلوب حتى في التقبيل ذكورًا وإناثًا؛ فعن أنس رضي الله عنه، قال: كان رجلٌ جالسًا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءه ابنٌ له فأخذه فقبَّله، ثم أجلسه في حجره، وجاءت ابنة له، فأخذها إلى جنبه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا عدلت بينهما))؛ يعني في تقبيلهما [رواه البزار، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة].

 

6- العدل بين الزوجات؛ قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ﴾ [النساء: 3]، ويكون العدل بين الزَّوجات: في المسكن، والمأكل، والملبس، والمبيت، بل في كل شيء ظاهر يمكنه العدل فيه.

 

فمن كان له امرأتان فمال إلى إحدَاهُما؛ يأتي يوم القيامة وشقه مائل؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ يَمِيلُ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ سَاقِطٌ))؛ [رواه أحمد، وأصحاب السنن] وفي رواية الدارمي: ((مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ)).

 

أما إذا كان له ميلٌ قلبيٌّ فقط إلى إحداهن، فهذا لا يدخل في عدم العدل؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 129].

 

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهنَّ خرج سهمُها؛ خرجت معه، وكان يُقسِمُ لكل امرأةٍ منهن يومها وليلتها.

 

وعلى ذلك كان حال السَّلف في العدل بين الزوجات؛ عن مجاهد رحمه الله قال: "كانوا يستحبُّون أن يَعدلوا بين النساء، حتى في الطِّيب؛ يتطيب لهذه كما يتطيب لهذه"، وكان محمد بن سيرين رحمه الله يقول فيمن له امرأتان: "يُكره أن يتوضَّأ في بيت إحداهما دون الأخرى".

 

7- العدل والإنصاف مع الأعداء والمخالفين، ومع غيرِ المسلمينَ، وهذا من رقي تعاليم الإسلام؛ كما قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8].

 

وتأمل: لما دلَّ الشيطان أبا هريرة رضي الله عنه إلى آية الكرسي؛ لتكون له حرزًا من الشيطان، وذلك مقابل فكِّه من الأَسْر، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((صدقك وهو كذوب))؛ [رواه البخاري]، فليس هناك أكذب من الشيطان، ومع ذلك، قبل منه النبيُّ صلى الله عليه وسلم كلامه هذا، وأخبر أنه صادقٌ فيه.

 

8- العدل في قسمة المواريث؛ فهو وصية الله تعالى لعباده؛ كما قال تعالى: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾ [النساء: 11]؛ وتأمل في ختام آيات المواريث؛ حيث إنها خُتمت جميعًا بالوصية، وبصفة العلم؛ قال تعالى: ﴿ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 11].

 

ولأهمية العدل في قسمة المواريث، فإن الله تعالى هُوَ الَّذِي تَوَلَّى قِسْمَتها بِنَفْسِهِ في كتابه مبينةً مفصلةً، وَلَمْ يَتْرُكْهُ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، (مهما كان عنده من الشهادات العلمية، أو كان ماهرًا في الحسابات) حتى لا يكون فيها مجال للآراء والأهواء، وسوَّاها بين الورثة على مقتضى العدل، والمصلحة، والمنفعة التي يعلمها؛ ولذلك تُسمى: الفرائض؛ لأن الله تعالى فرضها على عباده، وألزمهم بالحكم بها.

 

9- العدل حتى بين أعضاء الإنسان؛ فقد جاء النهيُ أن يمشيَ الرجلُ بنعل واحدة؛ فعنْ أبي هُريرةَ رضي الله عنه، أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لا يَمْشِ أحدُكُم فِي نَعْلٍ واحِدَةٍ، لِيَنْعَلْهُما جمِيعًا أوْ لِيَخْلَعْهُمَا جمِيعًا))، وفي روايةٍ: ((أوْ لِيُحْفِهِما جَمِيعًا))؛ [متفقٌ عليْهِ]، وعنه رضي الله عنه قَال: سمِعتُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ أحدِكُمْ فَلا يَمْشِ في الأُخْرى حتَّى يُصْلِحَهَا))؛ [رواهُ مسلم].

 

الوقفة الأخيرة: ثمرات إقامة العدل:

1- المساواة بين الناس وإعطاء كل ذي حقٍّ حقَّه؛ وذلك بالعدل في تطبيق أحكام الشريعة على الجميع؛ ففي الحديث الصحيح: "أنَّ امرأةً مخزوميَّةً شريفةً سرَقَتْ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنه أن يَشفَعَ فيها، فغَضِب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ((أتشفَعُ في حدٍّ من حدود الله! إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرَق فيهم الغنيُّ تركوه، وإذا سرق فيهم الوضيعُ أقاموا عليه الحدَّ، وايمُ اللهِ لو أن فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقت، لقطعت يدها))؛ [رواه البخاري].

 

2- إشاعة الأمن في المجتمع؛ كما في قصة رسول كسرى إلى عمر رضي الله عنه، فوجده نائمًا على الرمل في أطراف المدينة، ويتوسَّدُ (الدِّرَّةَ)؛ فقال مقالته الشهيرة: "حكمت، فعدلت، فأمِنتَ، فنِمتَ يا عمر".

 

3- ومَن قام بالعدْلِ نال محبَّةَ اللهِ تعالى؛ قال تعالى: ﴿ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9].

 

4- والعدل بين الناس من أنواع الصدقات؛ كما في الحديث الصحيح: ((كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطْلُعُ فيه الشَّمْسُ، قالَ: تَعْدِلُ بيْنَ الاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وتُعِينُ الرَّجُلَ في دابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عليها، أوْ تَرْفَعُ له عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ، قالَ: والْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وتُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ))؛ [متفق عليه]، والعَدْلُ بيْنَ الاثنَيْنِ إما صُلْحًا أو حُكمًا.

 

5- المقسطون العادلون يكرمون يوم القيامة؛ فهم في ظل العرش؛ كما في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ علَى مَنابِرَ مِن نُورٍ، عن يَمِينِ الرَّحْمَنِ عزَّ وجلَّ، وكِلْتا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وأَهْلِيهِمْ وما وَلوا)).

 

نسأل الله العظيم أن يرزقنا العدلَ في أحكامنا، وفي قِسْمَتِنا، وجميع أعمالنا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • { إن الله يأمر بالعدل }
  • وقفات مع القاعدة القرآنية: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان...)
  • العدل في الإسلام
  • تطبيقات العدل في حياتنا
  • ترتيب مقترح لقواعد مجلة الأحكام العدلية
  • من واجبات المربي والمعلم (4): العدل في العطاء بين الأبناء
  • من سنن العدل الإلهي في معاملة العباد

مختارات من الشبكة

  • خطبة: العدل ضمان والخير أمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع الذكاء الاصطناعي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: وقفة شرعية (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • خطبة: التعامل مع الشاب اليتيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: تجديد الحياة مع تجدد الأعوام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من غشنا فليس منا (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • التوازن في حياة المسلم (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: أولادنا وإدمان الألعاب الإلكترونية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: احفظ الله يحفظك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القوامة بين عدالة الإسلام وزيف التغريب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/2/1447هـ - الساعة: 17:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب