• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أهمية ممارسة الهوايات عند الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: العلاقات العاطفية وأثرها على الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    نفحات.. وأشواق (خطبة)
    محمد موسى واصف حسين
  •  
    إذا ذكرت الله في ملأ ذكرك الله في ملأ خير منه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الأحاديث الطوال (23) وصول النبي صلى الله عليه ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الإسلام دعا إلى حماية أموال غير المسلمين
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    المسح على الخفين والجوربين ونحوهما
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    أسباب منع وجلب المطر من السماء (خطبة)
    مطيع الظفاري
  •  
    دعوة للإبداع والابتكار (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    ففروا إلى الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الذكاء الاصطناعي بين نعمة الشكر وخطر التزوير: ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    بيان نسبة القول أو الفعل إلى الله تعالى وهو قول ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    خطبة الملائكة
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تفسير: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحريم الحلف بغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تفسير قوله تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ ...
    سعيد مصطفى دياب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد
علامة باركود

أسباب منع وجلب المطر من السماء (خطبة)

أسباب منع وجلب المطر من السماء (خطبة)
مطيع الظفاري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/7/2025 ميلادي - 6/2/1447 هجري

الزيارات: 1457

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أسباب منع وجلب المطر من السماء

 

الحمد لله ربِّ العالمين، الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللهُ فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، هو الأول بلا ابتداء، والآخر بلا انتهاء، سبحانه وبحمده.

 

بكَ أستجيرُ ومَن يجيرُ سواكَ
فأجِرْ ضعيفًا يحتمي بحماكَ
إنِّي ضعيفٌ أستعينُ على
قِوَى ذنبي ومعصيتي ببعض قواكَ
أذنبتُ يا ربّ وآذتني ذنو
بٌ ما لها مِن غافر إلَّاكَ
دنيايَ غرّتني وعفوك غرّني
ما حيلتي في هذه أوْ ذاكَ

 

وأشهد أنَّ نبينا وحبيبنا وقائدنا وقدوتنا محمدًا رسولُ الله، خير من صلى وصام، وخير من عبَدَ اللهَ وقام، المنقذ العظيم، والمرشد الحكيم، وخير داعٍ إلى الصراط المستقيم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فاتقوا الله يا عباد الله، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أيها المؤمنون، إنَّ مِن حكمة الله تعالى وعِلْمهِ السابق، وخبرته على عباده؛ أنْ يَقْدرَ عليهم الرزق من السماء، أو يبسطه عليهم؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ [الشورى: 27].

 

فلحكمةٍ يعلمها هو سبحانه وتعالى، فإنَّ اللهَ يبسط الرزق لعباده، أو يمنعه عنهم، لماذا؟ لأنه بعباده خبيرٌ بصيرٌ.

 

ومن هذا الرزق الذي يبسطه الله على عباده أو يمنعه عنهم «رزق المطر أو نعمة إنزال القطر من السماء»، فينزِّل الله هذا الرزق وهذا المطر على قومٍ، ويمنعه عن قومٍ آخرين، لحكمةٍ يعلمها هو سبحانه جلَّ وعلا، فينزل الله هذا المطر على عباده فيكون لقوم نعمةً وخيرًا، ويكون لقوم آخرين نقمةً وشرًّا، فيُغرق اللهُ بهذا المطر أقوامًا ودُوَلًا، ويُحرق اللهُ بالجفاف وبالحرِّ الشديد قومًا آخرين «فيصيب به من يشاء، ويصرفه عمن يشاء، إنه حكيمٌ عليم». فما الحكمة؟ وما الغاية من ذلك؟ هي كما قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ﴾ [الفرقان: 50]، فإنَّ اللهَ يحجب هذا المطر عن قومٍ؛ لكفرهم أو لعصيانهم، كما قال الله عن قوم فرعون: ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 130].

 

لذلك الرسول صلى الله عليه وسلم ذات مرة دعا على قريش بسبب كفرهم وعنادهم، وعدم استجابتهم لدعوة التوحيد والإيمان، فقال عليه الصلاة والسلام داعيًا عليهم: «اللهمَّ أعِنِّي عليهم بسبْعٍ؛ كسبع يوسف»، يقصد السبع العجاف. قال الراوي: فأخذتهم السَّنة (أي: القحط) حتى أكلوا العظام والجلود والميتة، وجعلَ يخرج من الأرض كهيئة الدخان من شدة الحرِّ؛ رواه البخاري.

 

_ إنَّ حبس المطر عن الناس يا عباد الله مشكلةٌ فوق مشاكلهم، ومعاناة أخرى تزيد من معاناتهم، فيتضرر بذلك أهلُ الزرع، وأهل الضرع. فبسبب الجفاف عمَّت المصيبة في البوادي والحَضَر، وطغت البلوى في المدُن والقرى، ولقلَّة الأمطار فقد غارتْ ونقصت المياه، وجفَّت الآبار والعيون، ومات الزرع، وقلَّ الثمر، وجَدبت الأرض، وهزلت الماشية، كل هذه المشاكل، وهذه المعاناة وهذه المصائب، كلها بسبب فعل هذا الإنسان الحقير، وفساده وإجرامه في هذه الأرض؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾ [الشورى: 30]، وكما قال الله تعالى أيضًا: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41].

 

قال عكرمة رحمه الله: "ظهور الفساد في البرِّ هو: قحوط المطر، وإذا قلَّ المطرُ في البرِّ؛ قلَّ الغوْص في البحر".

 

عباد الله، كلُّ هذه الآيات ما هي إلا عبارة عن إنذارات من الله للناس، إنذارات من ربِّ العباد للعباد، تخويفًا منه لهم بالعذاب، كما قال ربُّ الأرباب: ﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء: 59].

 

أيها المسلمون، هناك أسباب تمنع وتحجز وتحجُب الأمطار عن النزول إلى الأرض، كما أنَّ هناك أسبابًا أخرى تُستَجْلب بها رحمةُ الله، فتَنزلُ الأمطار بها رحمةً من الله وفضلًا. وإليكم بعض هذه الأسباب:

أولًا: الأسباب المانعة والحاجبة لنزول الأمطار من السماء؛ ومنها:

1- أولها وأعظمها: الذنوب والمعاصي بجميعها، صغيرها وكبيرها، دقيقها وعظيمها، سواء كانت هذه الذنوب صادرة من المسلمين، أو من غير المسلمين، فكلها ذنوب ومعاصٍ، وأسباب وموانع لحَجْب رحمة الله من السماء، وغياب استخراج نِعمَ الله من الأرض.

 

فالذنوب والمعاصي كلها تمنع نزول الرحمة على العباد، وعلى البلاد، وعلى الشَّجَر، وعلى الدوابِّ، ولولا رحمة الله بالبهائم الرتّع، والطيور؛ ما نزلت قطرةٌ من السماء، بل لم يبقَ على ظهر هذه الأرض من دابةٍ تدُبُّ فيها؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ [النحل: 61].

 

وعن أبي قتادة (الحارث بن ربعي الأنصاري) أنه كان يحدِّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مُرَّ عليه بجنازة فقال: «مُستريح ومُستَراح منه»، قالوا: يا رسول الله، ما المستريح والمستراح منه؟ قال: «العبد المؤمن يستريح من نَصَب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد، والشَّجر والدواب»؛ [متفق عليه].

 

فإنَّ العبد المؤمن إذا مات انتقل من هذه الدار؛ دار التعب والمرض والفقر والأذى، إلى دار الراحة والصحة والسعادة، فيستريح من نَصَب هذه الدنيا، ومن متاعبها ومشاكلها ومن فتنها.

 

أما العبد الفاجر ولم يقل في الحديث «العبد الكافر» ليدخل فيها (العبد المسلم)، فإنَّ العبد الفاجر إذا مات، لا يستريح هو، بل يُستَرَاح منه، يستريح منه كلُّ العالَم، حتى الحيتان في البحار تستريح منه، فيستريح منه البرُّ والبحر، حتى الطير في جوِّ السماء تستريح منه، لماذا؟ لماذا يستريح منه كلُّ هذا العالَم؟ لأنه عبدٌ فاجر، عبدٌ صاحب فجور، صاحب ذنوب، ومعاصٍ ومنكرات؛ لأنَّ هذا العالَم بشؤم معصيته يتضرر منه.

 

فيتضرر منه (العباد): إمَّا بظلمه لهم، أو بالقتل، أو بالسَّلْب، أو بالسبِّ أو بغيرها، وبذلك تُحْجب الرحمات من السماء. وتتضرر منه كذلك (البلاد)؛ لأنه أفسدها بذنوبه ومعاصيه، فأهلكَ بذلك الحرثَ والنَّسْل.

 

أما (الشجر): تستريح منه؛ لأنه كان مانعًا لها من السُّقيا بالمطر بسبب فجوره وذنوبه، أو بسبب قطعه لهذه الأشجار، وحرقها بدون فائدة.

 

أما (الدوابُّ): فتستريح منه؛ لأنها تضررت منه أيضًا بسبب ذنوبه ومعاصيه، كما قال أبو هريرة- رضي الله عنه-: "إنَّ الحُبارَى- «وهو نوع من الطيور»- لتموت هَزَلًا في وكْرها من ظُلم الظالم". قال العلماء: إنما خصَّ الحُبارى بالذكر؛ لأنها أبعَدُ الطيور طلبًا للرزق، ومع ذلك لحِقها الضررُ من ظلم الظالم إلى وكْرهها وجُحْرها. وقال مجاهد رحمه الله: "إنَّ البهائمَ لتلعنُ العصاةَ من بني آدم إذا اشتدَّت السنون عليها، تقول: من شؤم معصية بني آدم مُنِعنا القطر من السماء". فهذا العبد الفاجر إذا مات يستريح منه العبادُ، والبلاد، والشجر، والدوابُّ.

 

عباد الله، إنَّ الذنوب والمعاصي كثيرة ومتعددة ومتنوعة، فأولها وأعظمها وأشدُّها هو الإشراك بالله عز وجل قولًا وعملًا، ثم يأتي بعد ذلك ترك الواجبات من صلاة وزكاة، وصوم رمضان وغيرها، ثم يأتي بعد ذلك فعل المحرَّمات والمهلكات، والكبائر والموبقات.

 

• فترك الصلاة، وعقوق الوالدين، والسحر والشعوذة، وأكْل حقوق الناس، وأكل أموال اليتامى ظلمًا، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات، وأكل ميراث البنات والأخوات؛ كلها ذنوب ومعاصٍ ومهلكات.

 

• قولُ وشهادة الزور، وكتم شهادة الحقِّ، وتزوير العقود، وتغيير منار الأرض، وإنكار أو إخفاء حقوق ووثائق الناس، وانتشار الرشوات، وظهور الغش في التجارات والمعاملات؛ كلها ذنوب ومعاصٍ ومُهلكات.

 

• الزنا، والسرقة، واللواط، وقتْل النفس المحرَّمة، وقطع الطريق، ونهب ممتلكات الناس، وأكل الربا، وعدم مراقبة الله في المعاملات المجتمعية؛ كلها ذنوب ومعاصٍ ومهلكات.

 

• الكذب والحسد، والكِبر والعُجب، والغرور، والإفساد في الأرض، وتضييع الأمانات، وظهور الخيانات الزوجية، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وشُرْب الخمور، وانتشار المحرَّمات في الفنادق والسواحل والمنتجعات، كلها ذنوب ومعاصٍ ومهلكات.

 

• إيذاء المسلمين، إيذاء الجار، وقطيعة الأرحام، ونهب الأموال العامة والخاصة، ومعاداة الصالحين، واحتقار المؤمنين، وموالاة أعداء الله، ومحاربة أولياء الله، وسبُّ صحابة رسول الله، والنيل من أعراض زوجات نبيِّ الله، وعدم نصرة حبيب الله؛ كلها تستوجب العذاب والعقاب من الله، فلا حولَ ولا قوةَ إلَّا بالله.

 

• ذنوب ومعاصٍ لا تُعَدُّ ولا تُحصى، فشبابٌ صائعٌ مائع، ونساء متبرجاتٌ في الشوارع، كلُّها أسبابٌ ومشاكلُ وموانعُ.

 

فهذا هو السبب الأول لمنع نزول القطر من السماء؛ إنها الذنوب والمعاصي والسيئات يا عباد الله.

 

2- أما السبب الثاني من موانع نزول الغيث من السماء: هو منع الزكاة، وعدم صرفها لمستحقيها.

 

وإنْ كان منع الزكاة داخلًا في السبب الأول، فهو معصية من المعاصي؛ لكنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أفرده بالذكر لأهميته، فمنع إخراج الزكاة، وعدم صرفها لمستحقيها سببٌ ومانع لنزول الغيث من السماء.

 

واسمعوا يا عباد الله لهذا الحديث العظيم؛ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: «أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ:

١- لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا.

 

٢- وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ.

 

٣- وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا.

 

٤- وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ.

 

٥- وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ».

 

فقد جاء في هذا الحديث سببان اثنان في منع القطر من السماء:

الأول: نقصان المكيال والميزان: «وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ»، وهي سنين الجدْب والقحط، ونقصان الميزان والمكيال هو التطفيف، إنْ كان له أخذه كاملًا مستوفيًا، وإنْ كان لغيره بخسَه حقَّه وأنقصه؛ كما قال الله عن هؤلاء متوعدًا لهم بالويل والعذاب الشديد: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴾ [المطففين: 1 - 3]، والنتيجة لهذا الفعل: الأخْذ بالسنين، وجوْر وظلم السلطان، وشدة المُؤونة، وشدة المؤونة تكون إمَّا بانعدامها بالكليَّة، أو بقلة وجودها، أو بارتفاع أسعارها، وكلها حاصلة في زماننا هذا، نسأل اللهَ العفوَ والعافية.

 

أما السبب الثاني المذكور في هذا الحديث: منع إخراج الزكاة، وعدم صرفها لمستحقيها الثمانية: «وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ». [فهذا مَنعٌ مقابل مَنع].

 

فهذا سبب واضح في منع أو تأخُّر نزول المطر من السماء، فإنَّ كثيرًا من الأغنياء، وممن أعطاهم اللهُ المالَ، لم يقابلوا هذا الإحسان من الله، بإحسانٍ آخر يُسْدُوه للفقراء والمحتاجين في أموالهم، بل يُكنزون الذهبَ والفضةَ ولا ينفقونها في سبيل الله، والمتضرر من ذلك ليس الفقراء فقط؛ بل جميع الناس؛ لهذه الأسباب ولغيرها مُنِع القطرُ من السماء، ولولا رحمةُ الله فوق رحمة هؤلاء الناس؛ لما نزلت قَطرةٌ من السماء، فقال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «ولولا البهائم لم يُمطروا!». فاللهمَّ لا تؤاخذنا بذنوبنا، ولا بما فعله السفهاء منَّا، وارحم اللهمَّ البهائمَ الرُّتع، والأطفال الرُّضَّع، والشيوخ الركَّع يا رب العالمين.

 

أيها المسلمون، إنَّ الذي يمنع نزول القطر من السماء ليست أحداثًا كونية، وليس قُرْب أو بُعْد دولةٍ ما عن خطِّ الاستواء، وليس عدم هبوب رياحٍ شماليةٍ، أو رياح جنوبية؛ كلا، إنما السبب الرئيس في منع المطر من السماء هو الكفر والذنوب والمعاصي. فلا تغيُّر المُناخ، ولا تضارُب الأحوال الجوية، ولا وجود أوراق سحر في الجبال تمنع الأمطار من النزول، لا؛ إنما المانع الحقيقي لذلك هو كفر وذنوب ومعاصي بني آدم على هذه الأرض.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ﴾ [فاطر: 45].

 

قلت ما سمعتم فاستغفروا اللهَ لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد الله وكفى، وصلاةً وسلامًا على النبي المصطفى، وعلى رسوله المجتبى، وعلى آله الكرام أعلام الهدى، وعلى زوجاته أهل الطُّهْر والنَّقى، وعلى أصحابه الهُداة أهل العلم والتُّقى، وسلِّم عليهم جميعًا تسليمًا كثيرًا في الآخرة والأولى، أما بعد:

ففي صباح ذات يومٍ مبتلٍّ بالماء صلى الرسول صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر على إثْر سماء، فلما انصرف أقبل على الصحابة قائلًا: «هل تدرون ماذا قال ربُّكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأمَّا من قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مُطِرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب»؛ رواه البخاري ومسلم.

 

أيها المسلمون، في هذا الصباح الباكر، وقبل أنْ تجفَّ أرض هذا اليوم؛ قام الرسول صلى الله عليه وسلم مخاطبًا ومحاضرًا ليُصحِّح المفهوم الخاطئ عند الناس، قام ليغرس العقيدةَ الصحيحةَ عند الصحابة خاصة، وعند المسلمين عامة، أنَّ الذي يُنزِّل المطر من السماء هو الله عزَّ وجلَّ وحده، لا شريك معه، فلا مَلَكٌ، ولا كوكب، ولا نجم، ولا أحد ينزِّل المطر من السماء، بل هذا خاصٌّ بالذات الإلهية، فلا أحدٌ له يدٌ أو قدرة في ذلك، كما قال الله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [الشورى: 28].

 

فإنَّ القادرَ الوحيد على إنزال أو منع المطر من السماء هو الله وحده لا شريك معه؛ بل إنَّ اللهَ تحدَّى عبادَه أنْ يُنزِّل أحدُهم الماءَ من السماء، فقال الله متحديًا عباده بهذه القدرة: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الواقعة: 68 - 70].

 

فمَنْ قال أنَّ هناك أحدًا يُنزِّل الغيثَ من السماء غيرَ الله؛ فهو كافر بالله، مؤمن بغير الله، فإنَّ قدرة إنزال المطر، أو معرفة وقت نزوله، من الأمور الغيبية الخمسة التي لا يعلمها إلا الله جلَّ وعلا، كما قال الله ذلك عن نفسه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ﴾ [لقمان: 34].

 

عباد الله، وكما أنَّ هناك أسبابًا لمنع نزول المطر من السماء كما سمعتم، فإنَّ هناك أسبابًا أخرى أيضًا تُسْتجلَب بها رحمةُ الله من السماء، ومنها:

1- التوبة من جميع الذنوب والمعاصي، والرجوع إلى الله، والتقرُّب إليه بجميع الطاعات.

 

فإنَّ التوبة من المعاصي سبب لنزول الرحمات، وسببٌ لرفع البلايا والعقوبات، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "ما نزل بلاءٌ إلا بذنب، ولا يُرفَع إلا بتوبة". واللهُ سبحانه وتعالى يأمر عبادَه بأنْ يتوبوا جميعًا من الذنوب، فقال جلَّ وعلا: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].

 

﴿ جَمِيعًا ﴾ بدون استثناء، فالخطاب بالتوبة ليس موجهًا للعصاة فقط، بل موجه للجميع، للعصاة ولغيرهم، لكل عاصٍ، ولكل مؤمن، ﴿ جَمِيعًا ﴾ للذكر والأنثى، للرئيس والمرؤوس، للراعي والرعيَّة، للغنيِّ وللفقير، للجميع ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].

 

فأولُ واجب علينا جميعًا، وأول سبب لنزول الرحمات من الله هو التوبة من جميع الذنوب والمعاصي، فإنَّ موسى (عليه السلام) لما خرج يستسقي ربَّه هو وقومُه، فلم ينزل المطر عليهم؛ لأنَّ في القوم رجلًا واحدًا عاصيًا، فلما تاب هذا الرجل العاصي، وأعلن توبته لله؛ أنزل الله عليهم المطر، وأغاثهم الله من رحمته. فواللهِ لو جاء نبيُّ الله موسى الآن بيننا، وقام وخطب وصاح فينا: (أيها العاصي اخرج من بيننا)، فواللهِ لخرجنا جميعًا، وما بقي منا واحدٌ في هذا المسجد. نسأل الله العفوَ والعافية. فيا عباد الله، توبوا إلى الله توبةً نصوحًا، ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].

 

2- السبب الثاني لنزول الرحمات من السماء: الاستقامة على الطريق الصحيح، والسير في خط الله المستقيم؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ [الجن: 16].

 

فواللهِ، لو استقام الناسُ على صراط الله المستقيم، ومشوْا في خط مستقيم في عبادتهم مع الله، وفي معاملاتهم مع عباد الله؛ لأسقاهم اللهُ من السماء ماءً غدقًا؛ أي: ماءً كثيرًا متتابعًا.

 

3- السبب الثالث: الإيمان والتقوى، وعدم التكذيب بآيات الله جلَّ وعلا، كما قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96]، فالاستقامة على منهج الله، وتحقيق الإيمان والتقوى، وعدم التكذيب بآيات الله؛ سببٌ لجلْب كلِّ نعمةٍ وكلِّ خير، وسبب لدفع كل نقمة، وكل بلاءٍ وشرٍّ.

 

4- السبب الرابع: الحُكْم بما أنزل الله، وتحكيم كتاب الله في كل مجالات الحياة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ ﴾ [أي: من السماء] ﴿ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾ [أي: من الأرض] ﴿ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 66].

 

5- السبب الخامس لجلب رحمة الله: إخراج الزكاة، وصرفها في مستحقاتها الثمانية، فكما أنَّ منع الزكاة سبب لمنع القطر من السماء؛ فكذلك إخراج الزكاة سبب لنزول الأمطار من السماء.

 

فقد جاء في الحديث الصحيح عند الإمام مسلم رحمه الله، عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينما رجل يمشي بفلاة من الأرض إذ سمع صوتًا في سحابة تقول: اسْقِ حديقة فلان، فتنحَّى ذلك السحابُ فأفرغ ماءه في حَرَّة، فإذا شَرْجة من تلك الشراج [أي: قطعة أرض] قد استوعبت ذلك الماء كله، فتَتبع الرجلُ الماءَ، فإذا رجل قائم في حديقته يحوِّل الماء بمِسحاته، فقال له: يا عبدَ الله، ما اسمك؟ قال: فلان بالاسم الذي سمعه في السحابة، فقال له: ولمَ تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتًا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسْقِ حديقة فلان باسمك، فما تصنع فيها؟ فقال: أما إذ قلتَ هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصَدَّق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثًا، وأردُّ فيها ثلثه؛ رواه مسلم.

 

فانظروا يا عباد الله كيف قطَع اللهُ سحابةً، وساقها إلى رجل واحد، وإلى حديقة واحدة، بسبب إعطائه حق هذه الأرض للفقراء، كما قال الله تعالى: ﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ [الأنعام: 141].

 

6- السبب السادس: كثرة الاستغفار، فالاستغفار موجِب لعطاء الله، ونيلِ رحماته، وزيادة في قوة الإنسان، وكذلك سبب لإنزال الغيث مدرارًا من السماء، وتحويل الأرض إلى جناتٍ وأنهار؛ كما قال الله تعالى على لسان نبيِّه هود عليه السلام: ﴿ وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 52].

 

وقال الله تعالى أيضًا على لسان نبيِّه نوحٍ عليه السلام: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10- 12] ومعنى ﴿ مِدْرَارًا ﴾؛ أي: مطرًا مُتَتابِعًا، يَروِي به الشِّعَاب والوِهاد، ويُحيي به البلاد، ويُسْقِي به العباد؛ كما قال المفسِّرون.

 

7- السبب السابع والأخير يا عباد الله لجلب رحمة الله من السماء: هو الدعاء وصلاة الاستسقاء:

وهذا هو هديُ وسُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، وسُنَّة صحابته الكرام من بعده، بل هذه سنة الأنبياء العِظام؛ كموسى وسليمان عليهما السلام، فلقد خرج نبيُ الله سليمان ذات مرةٍ يستسقي ربَّه هو وجنودُه، فرأى نملة مستلقيةً على ظهرها، رافعةً قوامها إلى السماء، تدعو اللهَ أنْ يسقيها ربُّها، فقال سليمان عليه السلام عندها لجيشه: (ارجعوا فقد سُقيتم بدعاء غيركم).

 

فالدعاء يا عباد الله سبب لرفع البلاء، وخاصةً إذا كان هذا الدعاء بإلحاحٍ وخضوعٍ وبكاءٍ، وكذلك إذا سبق صلاةَ الاستسقاء توبةٌ وندمٌ، وصيامٌ وصدقةٌ، وردُّ الحقوق إلى أهلها؛ فهو للإجابة أسمع، وللبلاء أرفع، ولنزول الغيث أرجَى وأنفع، وخاصةً إذا كان هذا الدعاء من الصالحين.

 

فقد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) أنه قال:

أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَبيْنَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخْطُبُ علَى المِنْبَرِ يَومَ الجُمُعَةِ قَامَ أعْرَابِيٌّ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، هَلَكَ المَالُ، وجَاعَ العِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا أنْ يَسْقِيَنَا، قالَ: فَرَفَعَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَيْهِ يدعو، وما في السَّمَاءِ قَزَعَةٌ، قالَ: فَثَارَ سَحَابٌ أمْثَالُ الجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ صلى الله عليه وسلم عن مِنْبَرِهِ حتَّى رَأَيْتُ المَطَرَ يَتَحَادَرُ علَى لِحْيَتِهِ، قالَ: فَمُطِرْنَا يَومَنَا ذلكَ، وفي الغَدِ، ومِنْ بَعْدِ الغَدِ، والذي يَلِيهِ إلى الجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَقَامَ ذلكَ الأعْرَابِيُّ - أوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ - فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَ البِنَاءُ وغَرِقَ المَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، (فضحك النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ثم رَفَعَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَيْهِ يدعو ويقولَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، ولَا عَلَيْنَا. قالَ: فَما جَعَلَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُشِيرُ بيَدِهِ إلى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إلَّا تَفَرَّجَتْ [أي: تفرَّق السحاب يَمْنةً ويَسْرةً]، حتَّى صَارَتِ المَدِينَةُ في مِثْلِ الجَوْبَةِ حتَّى سَالَ الوَادِي- وادِي قَنَاة- شَهْرًا، قالَ: فَلَمْ يَجِئْ أحَدٌ مِن نَاحِيَةٍ إلَّا حَدَّثَ بالجَوْدِ). فقال أنس (رضي الله عنه): ليُريهم اللهُ كرامةَ نبيِّه صلى الله عليه وسلم، وإجابة دعوته.

 

فالدعاء يا عباد الله، والتضرُّع إلى الله بهذا الدعاء، سبب من أسباب نزول الغيث من ربِّ السماء، فادعوا اللهَ وأنتم موقنون بالإجابة، وارفعوا أكُفَّ الضراعة إليه، واقرعوا أبواب السماء بالدعاء، فإنَّه سبحانه مَن يقرعْ بابَه بصدقٍ، يوشَك أنْ يُفتح له.

 

فاللهمَّ إنَّنا نقرع بابَك الآن بالدعاء، فافتح لنا أبواب السماء بالماء، واروِ الظمأ، واسقنا وأغثنا، ولا تردنا من بابك مطرودين، ولا من رحمتك يائسين، يا رب العالمين. اللهمَّ لا تحرمنا خيرَ ما عندك بسوء ما عندنا...يا رب العالمين.

 

ألا قومُوا فندعوا اليومَ ربًّا
رحيمًا محسنًا برًّا بفالِ
ونبدأ في الدعا بالحمد إنا
لنحمد بالغدو والآصالِ
إلهي إنَّ في الأمطار شُحًّا
ونزرًا لا يدانيهِ مقال
وإنَّ الأرض تشكو اليوم جَدْبًا
وتشكو غوْر ذا الماء الزُّلالِ
فأمستْ في رباع القوم قَفْرًا
وعَظْمًا بين أنياب السعالِ
وماتت من بهائمنا أُلُوفٌ
لأنَّ السعرَ في الأعلاف غالي
وأقبلت الديارُ على بلاءٍ
لعامٍ من صدى الأمطار خالي
إلهي ليس للأنعام عُشْبٌ
لترعى في حواشيه الجمال
ولا نبتٌ خضارٌ في ثراها
ولا كلأٌ يُرامُ على الجبالِ
وصار الطيرُ لا ينوي نزولًا
فلا ماءً يرى في كلِّ حالِ
أغثنا يا إلهَ الكون إنا
عبيدٌ نبتغي حُسْنَ النوالِ
وإنَّ بنا من اللَّأْواء جَهدًا
وإنك عالمٌ عن كل حال
فلا تمنع بذنب القوم قطرًا
ولا تمنع عبادك من سجالِ
ألا ربَّاه أرسلها رياحًا
تقلُّ بها من السُّحْب الثقالِ
وسقْها رحمةً في أرض قفْرٍ
تباكت طول أيامٍ عُضالِ
ألا غيثًا مغيثًا يا إلهي
وسَحًّا نافعًا يا ذا الجلالِ
هنيئًا في ثناياه مَريئًا
مُغيثًا أو مُريعًا في الكمالِ
وأغدقْه وأطبقْه وجلّلْ
مواقع قطره بين التلال
لتحيي بلدةً ميْتًا تعالت
بها أصوات من في القحط بالِ
وتَسقِيهِ أنَاسِيًّا كثيرًا
وأنعامًا غدتْ دون احتمال
فصُبَّ الماءَ في الآكام صبًّا
وأنبتْ زرعَنا فوق الرمالِ
وأَحي الأرضَ بالخيرات دومًا
لتلزم قطرنا مثل الظلال
وتبلغ فرحة الإمطار دُورًا
مزملةً بأنَّاتِ العيالِ
فيشهدُ كلُّ ملهوفٍ غياثًا
بزخَّاتٍ كحَبَّات اللآلي
ألا إنَّا دعوناك اضطرارًا
وأنتَ لدعوة المضطَّر والي
وإنَّا قد رفعناها أكُفًّا
فلا ترْدُدْ أكُفًّا من سؤالِ

 

اللهمَّ أغثنا غيثَ الإيمان في قلوبنا، وغيث‌َ الرحمة النازلة في أوطاننا، اللهمَّ أغثنا غيثًا هنيئًا مريئًا مريعًا، سحًّا عامًّا طبقًا مجلَلًا، نافعًا غير ضار، عاجلًا غير آجل، اللهمَّ سقيا رحمة لا سقيا عذابٍ ولا هدمٍ ولا غرق.

 

اللهمَّ ارحم الاطفالَ الرُّضَّع، والبهائم الرُّتَّع، والشيوخَ الركَّع، يا رب العالمين. اللهمَّ إنَّا نستغفرك إنَّك كنتَ بنا غفَّارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا. لا إله إلا أنت سبحانك، إنَّا كُنَّا من الظالمين.

 

اللهمَّ افتحْ لنا السماءَ بالماء، وارْوِ الظمأ، إنَّك على كل شيء قدير، اللهمَّ أنبتْ لنا الزرعَ، وأدرَّ لنا الضرع، اللهمَّ أنزل علينا من بركات السماء، وأخرِجْ لنا من بركات الأرض يا رب الأرض والسماء، يا سميع الدعاء. يا أرحم الراحمين.

آمين اللهمَّ آمين يا رب العالمين.

 

هذا وصلوا وسلِّموا على من أمركم اللهُ بالصلاة والسلام عليه؛ حيث قال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من علامات الساعة ندرة الماء وانقطاع المطر من السماء

مختارات من الشبكة

  • أسباب انقطاع المطر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكر الله سبب من أسباب مغفرة الله لك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب النجاة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • أسباب العذاب(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • التساهل في المنازل من أسباب المهازل(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ذكر الله سبب من أسباب صلاة الله عليك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذكر الله سبب من أسباب ذكر الله لك في الملأ الأعلى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أسباب المغفرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أسباب الرزق(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • من أسباب منع القطر من السماء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/2/1447هـ - الساعة: 12:6
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب